التّفسير الكاشف - ج ٣

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٣

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

ورجلا تمييز. ولو شئت مفعول شئت محذوف أي لو شئت إهلاكنا. وأهلكتهم جواب لو ، وإياي معطوف على الضمير المنصوب في أهلكتهم. وان هي ان نافية بمعنى ما ، وهي ضمير عائد الى الرجفة. والذين يتبعون الرسول بدل من للذين يتقون.

المعنى :

(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا). لقد أطال المفسرون الكلام حول هذه الآية ، وتضاربت أقوالهم في تفسيرها. فاختلفوا في بيان الميقات هل هو ميقات نزول التوراة أو غيره؟ وأيضا اختلفوا لما ذا اختار موسى من قومه سبعين رجلا للخروج الى الميقات : هل لأنهم اتهموا موسى ، وقالوا له : لن نؤمن لك حتى نسمع كلام الله كما سمعته أنت ، فصحبهم معه ليسمعوا كما سمع ، أو لسبب آخر؟ وأيضا اختلف المفسرون في السبب الذي من أجله عاقبهم الله. وبالتالي اختلفوا : هل أدت الرجفة بهم الى الموت ، أو انها كادت أن تقصم ظهورهم ، وتقطع مفاصلهم ، ولم تبلغ بهم الى الموت.

وليس في الآية أية اشارة الى شيء مما اختاره جماعة من المفسرين ، وكل ما دلت عليه ان موسى (ع) اختار من قومه سبعين رجلا ، ليذهب بهم الى ميقات ربه ، وبطبيعة الحال كان هذا الاختيار بأمر من الله لأن موسى لا يفعل إلا بما يؤمر ، وان الله قد أنزل بالسبعين نوعا من العذاب لحكمة استدعت ذلك ، وليس لدينا ما يثبت تحديد الميقات ، ولا السبب الموجب للاختيار ، ولا للعذاب .. أجل ، ان قول موسى لله : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) يدل على انهم فعلوا ما يوجب الهلاك ، ولكنه لم يبين الشيء الذي فعلوه ، وليس لنا أن نقول ما لا نعلم.

(فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ). لقد اصطفى موسى من خيار قومه سبعين رجلا ، وذهب بهم إلى ميقات ربه ، حتى إذا بلغوه هلكوا جميعا ، وبقي فريدا .. انه لموقف حرج يضعف فيه الفؤاد ،

٤٠١

وتقل فيه الحيلة؟. فما يصنع؟. هل يرجع وحده إلى بني إسرائيل؟. وبماذا يجيبهم إذا سألوه عن رجالهم؟. لا ملجأ أبدا من الله إلا اليه ، فتضرع إلى الله أن يكشف عنه ما هو فيه ، وتمنى لو أهلكه معهم من قبل أن يأتي بهم إلى هذا المكان .. ثم قال مخاطبا العلي الأعلى : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) أي انك أجل وأعظم من أن تفعل ذلك ، لأنك حليم كريم.

(إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ). للفتنة معان ، منها الإضلال والإفساد ، ومنه (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) ـ ٢٦ الأعراف. ويقال : هذا مفتن أي مفسد. ومن معاني الفتنة القتال ، يقال : افتتن القوم أي تحاربوا وتقاتلوا. ومنها الابتلاء والاختبار (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ). وتستعمل الفتنة كثيرا في العذاب ، ومنه الآية ٢٥ من الأنفال : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).

وهذا المعنى أي العذاب هو المراد من الفتنة في قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) وضمير هي يعود الى الرجفة التي تقدم ذكرها صراحة ، ومعنى (تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) ان الله يصيب بالرجفة التي هي العذاب من يشاء من عباده ، ومعنى (وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) انه تعالى يصرف الرجفة عمن يشاء. والمعنى الجملي ان الله سبحانه ينزل العذاب بمن يشاء ممن يستحقه ، ويصرفه عمن يشاء ممن لا يستحقه .. وبهذا يتبين معنا ان قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) يرتبط معناه بما تقدم عليه ، وتأخر عنه من السياق ، وانه لا يجوز الاستدلال به على ان الإضلال من الله ، وكيف يضل الله الإنسان ، ثم يعاقبه على الضلال؟. وما الله يريد ظلما للعباد .. ان الشيطان هو العدو المضل ، وكفى بربك هاديا ونصيرا (١).

(أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ). ولا ترجمان لهذه المناجاة أفضل من قول سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (ع) حين أحاط به الألوف من كل جانب ، وهو وحيد فريد فلاذ إلى ربه ، وعاذ به من أعدائه قائلا :

__________________

(١). راجع فصل الهدى والضلال ج ١ ص ٧٠ من هذا التفسير الآية ٢٦ سورة البقرة.

٤٠٢

اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، وأنت رجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من كرب يضعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو أنزلته بي ، وشكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك ، ففرجته عني وكشفته ، فأنت ولي كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة.

(قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) ممن يستحق العذاب ، لأن مشيئة الله لا تجري إلا بالحق والعدل ، ولا عبث ولا ظلم عند الله ، قال الرازي : قرأ الحسن أصيب به من أساء بالسين لا بالشين ، واختار الشافعي هذه القراءة.

رحمة الله تسع إبليس :

يطلق القرآن رحمة الله على عنايته ، وعلى ثوابه ، ومعنى العناية منه جل ثناؤه ان الموجودات بكاملها ، حتى إبليس تفتقر اليه سبحانه في بقائها واستمرارها ، كما تفتقر اليه في أصل وجودها ، وانه هو الذي يمدها بالبقاء في كل لحظة من لحظات استمرارها في الوجود ، بحيث لو تخلى عنها طرفة عين فما دونها لم تكن شيئا مذكورا ، وأوضح تفسير لهذه الرحمة والعناية الآية ٤٥ من سورة فاطر : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ).

وهذه الرحمة هي المراد من قوله تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) حتى إبليس اللعين. أما الرحمة بمعنى الثواب فان الله سبحانه يمنحها لمن آمن واتقى ، وإليها أشار بقوله : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) المعاصي ، ويمتثلون أمر الله ونهيه (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) وذكر الزكاة دون الصلاة ، لأن الإنسان يطغى ان رآه استغنى. (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ). أي ان رحمة الله التي هي بمعنى الثواب لا ينالها إلا من اتقى الله ، وآتى المال على حبه ، وآمن بنبوة محمد (ص) إذا بلغت اليه رسالته .. وخص المال بالذكر لما أشرنا اليه ، ولأن الحديث عن اليهود ، والمال ربهم الذي لا إله سواه عندهم وقد وصف الله محمدا (ص) في هذه الآية بالصفات التالية :

٤٠٣

١ ـ (الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ) والأمية وصف خاص به ، دون الأنبياء إشعارا بأنه على أميته أخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وأثر في حياة الأمم في كل عصر ومصر.

٢ ـ (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ). راجع تفسير الآية ١٤٦ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٣٣. وفقرة هل الأنبياء كلهم شرقيون؟ ج ٢ ص ٤٩٢ الآية ١٦٣ من سورة النساء.

٣ ـ (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ). راجع ج ٢ ص ١٢٣ و ١٣٢ الآية ١٠٤ و ١١٠ من آل عمران.

٤ ـ (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ).

٥ ـ (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ). الإصر الثقل الذي يمنع من الحركة ، والمراد بالأغلال المشقة .. لقد حرم الله على بني إسرائيل بعض الطيبات التي أشار اليها في الآية ١٤٦ من سورة الأنعام ، كما ان شريعة موسى كانت شديدة وشاقة ، حتى ان التائب من بني إسرائيل لا تقبل توبته الا إذا قتل نفسه : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ـ ٥٤ البقرة. ويقول الله لبني إسرائيل الذين أدركوا محمدا (ص) : انهم إذا أسلموا تحل لهم طيبات ما حرم عليهم ، وترتفع عنهم المشقة في التكليف ، لأن محمدا قد بعث بالشريعة السهلة السمحة.

(فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ) المراد من آمن بمحمد (ص) من اليهود وغيرهم (وَعَزَّرُوهُ) أعانوه في دعوته ، ووقروه لعظمته (وَنَصَرُوهُ) على عدوه (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) أي عملوا بالقرآن (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) في الدنيا والآخرة.

رسول الله اليكم جميعاً الآية ١٥٨ ـ ١٥٩ :

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

٤٠٤

الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨) وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩))

الاعراب :

جميعا حال من الرسول. والذي له خبر لمبتدأ محذوف ، أي هو الذي له ملك الخ. قال أبو البقاء في كتاب الاملاء : لا يجوز أن يكون الذي بدلا ولا صفة من رسول الله لوجود فاصلين هما إليكم وجميعا. لا إله خبر لا محذوف تقديره موجود إلا هو وهو بدل من الضمير المستتر في موجود.

المعنى :

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً). هذه الآية مكية في سورة مكية ، وهي تكذب الذين قالوا : ان محمدا حين كان ضعيفا قال : أنا رسول الله لأهل مكة ومن حولها ، وبعد أن صار قويا قال : أنا رسول الله للناس أجمعين. وأجبنا هؤلاء بردود قاطعة عند تفسير الآية ٩٢ من سورة الأنعام.

(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ). تؤكد هذه الآية وكثير غيرها من الآيات انه لا واسطة بين الله وعباده ، وان الملك والأمر لله وحده .. فمحمد ، وان كان مرسلا لجميع الناس في كل زمان ومكان وأشرف الخلق وخاتم النبيين وسيدهم ، ولكنه لا يملك لنفسه شيئا فضلا أن يملك لغيره : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) ـ ٤٩ يونس. وقد تكرر هذا المعنى في العديد من الآيات ، والقصد هو تعريف المسلمين بحقيقة محمد (ص) وانه بشر مثلهم ، كيلا يغالوا فيه ، كما غالى النصارى بالسيد المسيح (ع). وكفى بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله التي يكررها المسلم ليل نهار ، كفى بها دليلا على تنزيه المسلمين من الغلو ، وايمانهم بأن محمدا لا

٤٠٥

يملك من الأمر إلا الرسالة والتبليغ.

(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). ان قوله : فاتبعوه بعد قوله : فآمنوا بالله ورسوله ، دليل على ان مجرد الإيمان لا يجدي شيئا ما لم يكن معه عمل بكتاب الله وسنة رسوله. راجع فقرة لا ايمان بلا تقوى ج ١ ص ٣١٤ الآية ٢١٢ من سورة البقرة.

بين الصهيونية واليهودية :

(وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ). قال الرازي : اختلفوا في ان هذه الأمة متى حصلت؟. وفي أي زمان كانت؟. فقيل : هم اليهود الذين آمنوا بمحمد (ص) كعبد الله بن سلام ، وابن صوريا .. وقيل : انهم قوم ثبتوا على دين موسى ، ولم يحرفوه كما فعل غيرهم من بني إسرائيل الذين أحدثوا البدع.

ونحن نميل إلى أن هؤلاء كانوا في عهد موسى ، ثم انقرضوا كما يومئ قوله تعالى : (مِنْ قَوْمِ مُوسى) أما ابن سلام وابن صوريا فلا يقال لهما ولا لعشرة مثلهما أمة وطائفة .. وعلى أية حال ، فإن القرآن قد نعت اليهود بكل قبيح ، وألصق بهم وبتاريخهم العار والشنار في العديد من آياته .. وان دل قوله : (مِنْ قَوْمِ مُوسى) على شيء فإنما يدل على ان لكل قاعدة شواذ ، وبديهة ان الشاذ النادر لا ينقض القاعدة ، بل يؤكدها؟.

وبصرف النظر عن الذكر الحكيم وآياته فهل الفساد والضلال بعيد عن طبيعة اليهود وسيرتهم؟. وهل اليهود منزهون عن الضلال والافتعال؟. بل هل في تاريخ اليهود بادرة واحدة فقط لا غير تعشر بالخير :.

ورب قائل : ان الفساد والضلال وصف لازم للصهيونية لأنها حركة عنصرية فاشيّة سياسية تهدف إلى خدمة الاستعمار وانتشاره ، أما اليهودية فإنها ديانة كغيرها من الديانات! ..

ونجيب أولا : ما يدرينا ان المصدر الذي أوحى بهذا الفارق هم اليهود أنفسهم

٤٠٦

ليدفعوا عنهم ما لصق بهم وبتاريخهم القديم والحديث من العار والشنار على وجه العموم .. راجع فقرة الصهاينة تواطئوا مع النازية في تفسير الآية ٦٤ من المائدة.

ثانيا : على فرض وجود الفارق بين اليهود والصهيونية ـ وهو فرض محل نظر ـ فهل اليهود بوجه العموم راضون أو ناقمون على الصهيونية التي أوجدت عصابة مسلحة باسم إسرائيل لا تهدف إلى شيء إلا الى حماية مصالح الاستعمار ، وضرب القوى التحررية؟ .. ولما ذا ناصر اليهود هذه العصابة الصهيونية ، ومدوها بالأموال والأرواح ، وتطوعوا بالألوف ذكورا وإناثا في حرب ٥ حزيران سنة ١٩٦٧ بعد أن تدربوا وتمرنوا على استعمال الأسلحة الجهنمية؟. ثم الا يؤمن اليهود دينا وعقيدة بأنهم شعب الله المختار ، وان الله متحيز معهم ضد جميع الناس ، وانه قد حرم دماءهم ، وأحل لهم دماء البشرية جمعاء ، وانهم وضعوا قوانينهم ونظمهم على هذا الأساس ، والقوة المنفذة عصابة إسرائيل؟.

وبعد ، فإن اليهودية كديانة نزلت من السماء على موسى (ع) قد ذهبت وباد أهلها ، ولم تبق منهم باقية ، كما باد غيرها من الديانات ، وان يهود اليوم صهاينة إلا من شذ ، والشاذ ـ كما قدمنا ـ لا يقاس عليه.

وقطعناهم اثنتي عشر اسباطاً الآية ١٦٠ ـ ١٦٢ :

(وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ

٤٠٧

سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢))

اللغة :

السبط ولد الولد ذكرا كان أو أنثى ، ويغلب على ولد البنت مقابل الحفيد لولد الابن. وقطعناهم صيرناهم قطعا وفرقا. والاستسقاء طلب الماء للسقيا. والانبجاس الانفجار. والمن مادة بيضاء تنزل من السماء. والسلوى طير يشبه السمان.

الاعراب :

اثنتي عشرة مفعول ثان لقطعنا ، لأنها بمعنى صيرنا ، والمميز محذوف أي اثنتي عشرة فرقة ، ولهذا أنث العشرة. وأسباطا بدل من اثنتي عشرة ، لا تمييز لأنه جمع ، وتمييز العدد المركب مفرد. وأمما صفة لاسباط. وان اضرب بمعنى أي لأن ما بعد ان وهو اضرب تفسير لأوحينا. وحطّة خبر لمبتدأ محذوف أي أمرنا حطة. ونغفر على الجزم جوابا للأمر ، وهو قولوا وادخلوا.

المعنى :

(وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً). أي فرقنا بني إسرائيل اثنتي عشرة فرقة ، وكل فرقة تنتمي إلى سبط من الأسباط الاثني عشر ليعقوب بن اسحق ابن ابراهيم ، فقد كان له ١٢ ولدا ، ولكل واحد نسل.

(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) تقدم نظيره في الآية ٦٠ من سورة البقرة ج ١ ص ١١١.

٤٠٨

(وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). سبق مثله في الآية ٥٧ من سورة البقرة ج ١ ص ١٠٦.

وقوله : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ) الى قوله : (يَظْلِمُونَ) مذكور مع التفسير في ج ١ ص ١٠٨ الآية ٥٨ ـ ٥٩ من سورة البقرة.

وأسالهم عن القرية الآية ١٦٤ ـ ١٦٦ :

(وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (١٦٦))

اللغة :

حاضرة البحر أي على شاطئه. ويعدون أي يتجاوزون حكم الله. وشرعا ظاهرة على وجه الماء. والمعذرة والعذر بمعنى واحد. والبئيس الشديد. والعتو العصيان. وخاسئين صاغرين.

٤٠٩

الاعراب :

شرعا حال من الحيتان. ومعذرة خبر لمبتدأ محذوف أي موعظتنا معذرة. وبئيس صفة لعذاب.

المعنى :

(وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ). الخطاب موجه لمحمد (ص) ، والقرية على حذف مضاف أي أهل القرية ، وضمير هم في واسألهم يعود إلى يهود المدينة الذين عاصروا رسول الله (ص) ، لأن هذه الآية نزلت في المدينة لمواجهة اليهود بها ، وضمت الى السورة المكية تكملة للحديث عن اليهود ، ولم يذكر الله سبحانه اسم القرية ، وقيل : انها كانت على شاطئ البحر الأحمر .. وعلى أية حال فهي معروفة عند اليهود الذين سألهم النبي عنها ، أما الباعث على هذا السؤال فأمران : الأول أن يجابه النبي يهود المدينة بأنهم أنكروا نبوته ، وهم على يقين منها في أنفسهم ، لأنه قد أخبرهم عن الكثير من تاريخ أسلافهم ، ومنها قصة أهل القرية التي كانت حاضرة البحر ، مع العلم أنه لم يقرأها في كتاب ، ولم يسمعها من أحد ، فما هي ـ اذن ـ إلا وحي من الله .. الأمر الثاني : أن ينبههم النبي الى أنهم مكابرون معاندون للحق ، وان عنادهم هذا ليس غريبا عن طبيعة اليهود وسيرتهم ، وانما هو دأبهم وديدنهم منذ القديم.

والدليل قصة أهل تلك القرية التي أشار اليها بقوله : (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). وتتلخص هذه القصة بأن الله حرم على اليهود العمل يوم السبت ، ومنه صيد الأسماك ، ولأجل أن يعاملهم الله معاملة المختبر لحالهم ، ويظهرهم للملإ على حقيقتهم كان يرسل الحيتان اليهم بكثرة ظاهرة على وجه الماء يوم السبت ، ويمنعها عنهم في سائر الأيام ، فتوصل جماعة منهم إلى حيلة يحللون بها ما حرم الله ، فحفروا أخاديد ، ومسارب تتصل بالماء تنفذ الحيتان منها إلى الأخاديد ، ولا تستطيع الخروج ، فكانوا يأخذونها يوم الأحد ويقولون ،

٤١٠

نحن نصطاد يوم الأحد ، لا يوم السبت ، فأنكر عليهم جماعة منهم ، وزجروهم عن هذا الاحتيال والتلاعب بالدين ، وحذروهم من بأس الله وعذابه فلم يتعظوا.

(وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً). أي قالت جماعة من بني إسرائيل أيضا للجماعة الناهية عن المنكر ، قالت لهم : ما الفائدة من نهيكم العصاة ، وتحذيركم إياهم ، ما داموا لا ينتهون ولا يحذرون؟! دعوهم .. فان الله سيستأصلهم عن آخرهم من هذه الأرض ، أو يبقيهم مع العذاب الأليم. فقالت جماعة الأمر بالمعروف : (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). أي نهيناهم عن المنكر ليعلم الله انّا لهم مخالفون ، ولأعمالهم كارهون ، وفي الوقت نفسه نرجو أن ينتفعوا بنهينا ومواعظنا.

(فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). الضمير في نسوا وذكروا وظلموا ويفسقون عائد إلى العصاة ، وضمير ينهون عائد إلى جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووصف الله العصاة بالفاسقين لأنهم فسقوا عن أمر ربهم ، وبالظالمين لأن كل من فسق عن أمر ربه فهو ظالم لنفسه ، والمعنى ان الله سبحانه أخذ المذنبين بذنبهم ، وأنجى المطيعين لطاعتهم.

(فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ). عاقب سبحانه أولئك العصاة بمسخهم على هيئة القرود ، وفي رواية انهم بقوا كذلك ثلاثة أيام ، ثم هلكوا ، لأن الممسوخ لا يعيش أكثر من هذه المدة ، ولا يولد له شيء من جنسه.

وتسأل : لقد جرت سنة الله أن لا يأخذ المذنب بذنبه في الدنيا بشهادة الوجدان والعيان بالاضافة إلى قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) ـ ٤٥ فاطر. فكيف عاقب أولئك الذين خرجوا عن طاعته في صيد الحيتان ، وترك الذين أجروا من دماء الأبرياء أنهرا في فلسطين وفيتنام ، ومن قبلهما الكونغو واليابان ، وغيرها كثير مما لا يبلغه الإحصاء؟.

الجواب : أجل ، لقد جرت سنته تعالى بأن لا يأخذ المذنب بذنبه في هذه الحياة ، مهما عظم .. ولو فعل لما تميز الخبيث من الطيب ، ولما كان لتارك

٤١١

الشر من فضل ، لأن الترك كان بدافع الخوف ، لا حبا بالخير ، وكرها للشر .. ولكن حكمة الله سبحانه قد اقتضت أن يستثني من هذه السنة معجزات الأنبياء ، واستجابة دعائهم في أهل المعصية والفساد لكرامتهم عند الله ، ولاثبات نبوتهم.

وقال أهل التفاسير في تفسير الآية ٧٨ من المائدة : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ). قالوا : ان داود (ع) لعن أهل ايلة من بني إسرائيل لما اعتدوا واصطادوا في في سبتهم ، وقال : اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء ، فمسخهم الله قردة خاسئين. اذن ، فسبب مسخ الصيادين المحتالين هو دعاء النبي داود ، ولا نبي في هذا العصر يدعو على سفاكي الدماء ، وناهبي مقدرات الشعوب .. ومهما يكن ، فنحن نؤمن بعدل الله ، وبأن الحق لا يذهب عنده هدرا ، وان الإنسان مجزي بأعماله ، مهما طال الزمن ، وانما يعجل من يخاف الفوت.

اليهود وسوء العذاب الآة ١٦٧ :

(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧))

اللغة :

تأذن من الأذان ، وهو الاعلام. ويسومهم أي يذيقهم.

المعنى :

لقد تحدث القرآن طويلا عن بني إسرائيل ، تحدث عن كفرهم وافسادهم في الأرض ، وتمردهم على الحق ، وتكلمنا نحن كثيرا عنهم تبعا لآي الذكر

٤١٢

الحكيم ، وذكرنا عشرات الأمثلة من سيرتهم كشرح وتطبيق للنص القرآني في شأنهم ، ولكن هنا سؤال قد يرتفع إلى مستوى الحيرة والشك حول هذه الآية : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ).

وحول الآية ١١٢ من سورة آل عمران : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا). وأجبنا عن هذا السؤال في المجلد الثاني صفحة ١٣٤ عند تفسير الآية ١١٢ من سورة المائدة ، وأيضا أجبنا عنه بأسلوب آخر قريبا عند تفسير الآية ١٥٣ من السورة التي ما زلنا في تفسيرها ، ونشير هنا الى الجواب بإيجاز .. لقد سلط الله من قبل علي بني إسرائيل الفراعنة ، ثم البابليين ، ثم الفرس ، ثم خلفاء الإسكندر ، ثم النصارى.

ومن الطريف ما جاء في تفسير البحر المحيط ان طائفة من النصارى أملقت ، فباعت اليهود الذين في بلدهم لبلد مجاور .. وأخيرا فر اليهود من الذل والنكال لاجئين الى بلاد العرب ، فعاشوا بها آمنين ، ولكنهم نكثوا العهد الذي أعطوه لرسول الله (ص) ، فقتل بعضا ، وأجلى عمر بن الخطاب البقية الباقية ، فتشتتوا في شرق الأرض وغربها موزعين مع الأقليات تابعين غير مستقلين يسمعون الأوامر فيطيعون صاغرين.

وأخيرا أدرك اليهود انه لن يكون لهم اسم يذكر إلا إذا أخلصوا للاستعمار ، ومن أجل هذا باعوا أنفسهم لكل مستعمر قوي ينفذون مؤامراته ودسائسه .. وفي أيامنا هذه ـ نحن الآن في صيف سنة ١٩٦٨ ـ اكتشفت بعض الدول ان المستعمرين أوعزوا إلى يهود أوروبا الشرقية أن يقوموا بمحاولات تهدف إلى سير هذه البلاد في ركاب المستعمرين ، وباشر اليهود بتنفيذ الخطة ، ولكنهم افتضحوا قبل إتمامها وكادوا يجرون العالم إلى حرب ثالثة. وعلى هذا المخطط ، مخطط سير الشعوب في ركاب الاستعمار أوجد المستعمرون عصابة مسلحة من اليهود على أرض فلسطين ، وأطلقوا عليها اسم دولة إسرائيل.

وكل عاقل يتساءل : هل يصح أن تسمى إسرائيل دولة بالمعنى الصحيح ، مع العلم بأنه لو تخلى الاستعمار عنها يوما واحدا لزالت من الوجود؟. وهل من دولة في العالم كله لا تعترف بها دولة واحدة من الدول المجاورة لها؟. وإذا

٤١٣

كانت إسرائيل دولة بالمعنى الصحيح فلما ذا تقيم علاقاتها مع الدول والشعوب المجاورة لها على أساس الغدر والاعتداء والتوسع؟.

ان الدولة حقا ليست غدرا وسلاحا ، وإنما هي قبل كل شيء كيان يقوم على أساس السلم ، ونظام يرتكز على أساس الحق ، وقيم تبتعد بها عن العنصرية والتعصب ، وكيان إسرائيل عسكري يقوم على أساس الحرب ، ونظامها عدم التوقف عن العدوان ، وقيمها الصهيونية العنصرية ، والحقد والمكر والغدر ، قال الكاتب الانكليزي كرستوفر مارلو في مسرحية اليهودي المالطي : ان تخيل إمكانية معايشة اليهود ضرب من الجنون ، ولا دواء لنفوسهم إلا السيف البتار. أبعد هذا يقال للعرب عيشوا مع اليهود بسلام ، أو يقال : ان اليهود أعزاء لأن منهم عصابة مسلحة تسمى باسم دولة إسرائيل تقتل وتشرد مئات الألوف بمساندة الاستعمار؟. أجل ، إذا كانت القرصنة عزا ، والرذيلة مجدا فان اليهود في أوج المجد والعز.

وبالتالي ، فان الله وحده هو الذي يعلم الخطوة التالية ، والعاقل لا يخدع بالظواهر ، ولا يستبق الأحداث.

(إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ) للذين حقت عليهم كلمة العذاب (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن أقلع عن ذنبه وأناب.

وبلوناهم بالحسنات واليسئات الآية ١٦٨ ـ ١٧١ :

(وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ

٤١٤

يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠) وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))

اللغة :

وقطعناهم أمما أي فرقناهم جماعات. والخلف بسكون اللام قوم لاحقون أشرار ، وبفتحها أخيار. وعرض بفتح الراء الشيء الزائل الذي لا ثبات له. والمراد بالأدنى هنا الدنيا. ودرسوا ما فيه قرأوا ما فيه. ويمسّكون بالكتاب يعملون به. والنتق قلع الشيء ، والمراد هنا رفع الجبل فوقهم بعد قلعه. والظلة مفرد وجمعها ظلل وظلال ، وكل شيء يظلك من سقف ونحوه فهو ظلة بضم الظاء.

الاعراب :

يجوز أن تعرب أمما مفعولا ثانيا على أن تكون قطعناهم بمعنى صيرناهم ، ولك أن تعربها حالا على أن تكون قطعناهم بمعنى فرقناهم. ومنهم الصالحون مبتدأ وخبر ، ومثله ومنهم دون ذلك على أن يكون المبتدأ محذوفا ودون صفة له أي قوم دون ذلك ، ولفظ ذلك مفرد ومعناها هنا الجمع أي دون أولئك لأنها تستعمل للمفرد والمثنى والجمع. والذين يمسكون مبتدأ وجملة إنا لا نضيع خبر.

المعنى :

(وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً). فرّق الله بني إسرائيل في الأرض فرقا وجماعات شتى لا وطن يجمعهم ولا دولة تحفظهم ، وحاولت الصهيونية أن تقيم

٤١٥

لهم دولة من النيل الى الفرات بالقرصنة والاغتيال ، وخيل اليها ان العدوان الاسرائيلي يحقق لها ما تريد ذاهلة ان إسرائيل تقوم على الألغام ، وان الأمر يحدث بعده الأمر ، وان مصائر الخلق بيد الله وحده لا بيد الصهيونية والاستعمار.

(مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ). الطاهر ان المراد بالصلاح هنا الايمان. وان المراد بدون ذلك غير المؤمنين ، وتقدم نظيره الآية ١٥٩ من هذه السورة (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) المراد بالحسنات الصحة والرخاء ، والسيئات ضدهما ، والغرض من تقلبهم بين النعماء والضراء أن يثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى بارئهم.

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ). المراد بعرض هذا الأدنى المال الحرام كالربا والرشا. بعد أن ذكر سبحانه انه كان على عهد موسى (ع) جماعة من بني إسرائيل صالحون ، ومنهم دون هؤلاء قال : لقد ترك هؤلاء وأولئك نسلا عرفوا حلال التوراة وحرامها ، ولكنهم كانوا يحرمون ما أحل الله ، ويحللون ما حرم ، ويقولون : سيغفر الله لنا ، ولا يؤاخذنا على شيء ، لأننا أبناؤه وأحباؤه وشعبه المختار.

وتسأل : لما ذا قال سبحانه : (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) بعد أن قال : (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) مع ان القولين في معنى واحد؟ فما هو الغرض من هذا التكرار في آية واحدة؟.

الجواب : الغرض الرد عليهم بأنهم يصرون على كبائر الذنوب ، ويعودون اليها مرات ومرات غير مكترثين ولا مستغفرين ، ومع هذا يقولون : (سَيُغْفَرُ لَنا)؟ .. ان الإصرار على الصغائر معصية كبرى ، فكيف بالإصرار على الكبائر؟.

(أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ). هذا رد ثان عليهم ، ووجه الرد انهم يزعمون الإيمان بالله وبالتوراة ، وقد درسوها وفهمّوا كل ما فيها ، ومما جاء في التوراة ان الله يغفر لمن تاب وأقلع عن المعصية ، أما من أصر عليها فهو من الهالكين ، وأيضا قد أخذت التوراة عهدا وميثاقا على كل من آمن بالله وبها أن لا يفتري على الله الكذب ، والعصاة

٤١٦

على علم من هذه الحقيقة ، ومع هذا يصرون على كبائر الذنوب قائلين : سيغفر الله لنا .. وهذا نقض للعهد والميثاق ، وكذب على الله وافتراء : وقد خاب من افترى (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) ولا يتهافتون على عرض هذا الأدنى ، ولا يقولون كذبا وافتراء : سيغفر الله لنا (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وكيف يعقل من أعشت الشهوات عقله ، وأمرضت الأهواء قلبه؟

(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ). الذين يمسّكون بالكتاب هم الذين يعملون به ، ويمسّك أبلغ من يعمل لأنه يشعر بالجد والعزم الثابت على العمل ، وعطف أقاموا الصلاة على يمسكون من باب عطف الخاص على العام ، لسر في الخاص أوجب النص عليه بالذات ، والآية تعريض باليهود الذين آمنوا بالتوراة ، ولم يعملوا بأحكامها ، وأيضا هي تعريض بكل من انتسب إلى دين وتهاون في أحكامه ، بخاصة الصلاة التي هي عمود الدين .. ولكنها عند أبناء هذا الجيل تأتي على الهامش لأن الدين كذلك عندهم.

(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). رفع الله الطور فوق بني إسرائيل كأنه سقف أو غمامة تظللهم ، وأمرهم في ظل هذه المعجزة ، وهذا التخويف ان يتقوا الله .. ولكن إسرائيل هي إسرائيل .. وتقدم نظيره في سورة البقرة الآية ٦٣ ج ١ ص ١١٩.

ألست بربكم الآية ١٧٢ ـ ١٧٤ :

(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤))

٤١٧

اللغة :

الظهور جمع ظهور ، وهو معروف. والذرية سلالة الإنسان من ذكور وأناث.

الإعراب :

من ظهورهم بدل اشتمال من بني آدم مع إعادة حرف الجر ، والمعنى أخذ ربك من ظهور بني آدم ذريتهم. وبلى حرف جواب تبطل النفي ، فإذا قال لك قائل : ليس لي عندك درهم ، وأجبته بلى كان إقرارا منك بالدرهم ، وان أجبت نعم لا يلزمك شيء ، ولذا قيل : لو قالوا : نعم في جواب ألست بربكم لكفروا. والمصدر المنسبك من ان تقولوا مجرور بإضافة مفعول من أجله محذوف أي مخافة قولكم.

عالم الذر :

(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ). في المسلمين فئة تؤمن بعالم الذر مستندة الى هذه الآية ، وإلى بعض الروايات ، ومعنى عالم الذر عند هذه الفئة ان الله بعد أن خلق آدم أخرج من صلبه كل ذكر وأنثى يوجدان ـ فيما بعد ـ منذ آدم الأول الى نهاية الكون ، وجمعهم دفعة واحدة على هيئة الذر ، ثم قال لهم : ألست بربكم؟. قالوا : بلى أنت ربنا ، وبعد هذا الاعتراف ردهم إلى صلب آدم .. ونحن مع الذين يؤمنون بعالم الذر ان أجابوا عن التساؤلات التالية :

أين جمع الله هذه الذرية؟. هل جمعها في هذه الأرض أو في غيرها؟. وهل تتسع هذه الأرض لهم جميعا؟. ولنفترض انها اتسعت ، لأنهم على هيئة الذر ، فهل كان آدم من الضخامة بحيث يستوعب كل من خرج منه مباشرة وبالواسطة إلى يوم يبعثون؟. ثم هل يتذكر واحد من الجم الذي يفوق عدد

٤١٨

الرمال ، هل يتذكر واحد فقط هذا الخطاب والعهد الذي أعطاه لله مشافهة؟. وان كان قد أنساه طول العهد ، فكيف يحتج الله عليه بشيء لا يتذكره .. هذا من جهة العقل ، أي بعض ما يدور في ذهن العاقل.

أما من جهة نص الآية فانه يدل على عكس عالم الذر الذي أخذ من صلب آدم الأول ، لأن الله سبحانه قال : (أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) ولم يقل من آدم ، مع العلم ان ابن آدم يقال له : آدم ، ولا يقال لآدم الأول : ابن آدم .. وأيضا قال تعالى : (مِنْ ظُهُورِهِمْ) ولم يقل من ظهره. وقال : (ذُرِّيَّتَهُمْ) ولم يقل : ذريته .. هذا ، الى ان الله قال في الآية الثانية : انه فعل ذلك لئلا يحتج عليه أحد بشرك الآباء ، مع ان أول من أشرك لا مبرر لاحتجاجه بشرك أبيه ، لأن المفروض ان أباه لم يشرك .. وان دل هذا على شيء فانه يدل على ان العهد قد أخذ من كل واحد واحد مستقلا بعد وجوده حتما ، بل وبعد رشده وإدراكه.

ونحن لا نفهم معنى لهذا العهد المأخوذ من الإنسان لله تعالى الا الفطرة ، وغريزة الاستعداد التي أودعها الله في كل عاقل ، والتي بها ـ لو قصد التفهم والتدبر ـ يميز بين الهدى والضلال ، وبين الحق والباطل ، وبها يهتدي الى الإيمان بالله ودينه الحق .. وبكلمة ان على كل امرئ ان يتفكر في آيات الله ودلائله. واتفق المسلمون قولا واحدا على ان السنة النبوية تفسير وبيان للآيات القرآنية ، وقد ثبت بالتواتر قوله (ص) : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. وقوله : يقول الله اني خلقت عبادي حنفاء ، فجاءتهم الشياطين فاجتاحتهم عن دينهم.

(وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا). كل من السؤال والجواب قائم الى اليوم ، وإلى آخر يوم ، لأنهما بلسان الحال والواقع ، تماما كقوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) ـ ١١ فصلت. (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي مخافة أن تقولوا أو لئلا تقولوا : (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ). هذا اشارة إلى التوحيد الذي دل عليه قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى). لا تعليل ولا معذرة أبدا ، لا في هذه الحياة ولا

٤١٩

في الآخرة لمن منحه الله الاستعداد الكامل لتفهم الدلائل والبينات على وحدانية الله وعظمته ، ثم كفر وأشرك.

(أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ). يقلد الإنسان في الأشياء التي تحتاج إلى التخصص ، وتستغرق سنوات من الدراسة كالطب والهندسة ، وما اليهما ، أما الإدراكات الفطرية التي لا تكلف الإنسان أكثر من اليقظة والتنبه كوجود الله ووحدانيته ، أما هذه فالكل فيها سواء .. وقد أقام الله سبحانه البراهين الوافية الكافية على وحدانيته ، ومنح كل عاقل الاستعداد لتفهمها بيسر ، ولم يبق عذرا لمعتذر بأنه جحد أو أشرك تقليدا لغيره من المبطلين .. ولا فرق أبدا في نظر العقل بين من يعمل بغير علمه متعمدا وبين من يتبع الباطل جهلا به ومن غير قصد مع قدرته على معرفته وتمييزه عن غيره.

(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى عقولهم التي تؤدي بهم حتما بمعونة الدلائل إلى عقيدة التوحيد. أنظر تفسير الآية ٤١ من سورة الأنعام ، فقرة الله والفطرة ص ١٨٨.

آتناه آاتنا فانسلخ منها الآة ١٧٥ ـ ١٧٧ :

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧))

٤٢٠