التّفسير الكاشف - ج ٣

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٣

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥٢٦

ان الكافرين يرفضون دليل الحق ، ويعرضون عنه ، دون أن ينظروا اليه .. ولو كانوا من طلاب الحقيقة لنظروا إلى الدليل وتدبروه بإمعان ، وعملوا بمؤداه ، أما الرفض والاعراض قبل النظر والدرس فعناد ومكابرة.

لا دكتاتورية في الأرض ولا في السماء :

اختلف المفسرون في تعيين المراد من الآية التي أعرض عنها ، واستهزأ بها المكذبون : هل هي القرآن ، أو غيره من معجزات رسول الله (ص) ، أو ان المراد بالآية جميع ما أتى به من المعجزات؟. وتنبهت ، وأنا أتابع هذا الاختلاف ، إلى أن الآية التي نفسرها ، وما جاء في القرآن من أمثالها تتضمن معنى أجل مما اهتم المفسرون بشرحه ، انها تتضمن الدلالة على ان الإسلام يقوم على حرية العقل والرأي ، وانه لا يحق لأحد ، كائنا من كان ، أن يطلب من غيره التسليم والإذعان لأقواله تسليما أعمى ومن غير دليل ، حتى خالق الكون جلت كلمته لا يفرض على عباده الإيمان به وبكتبه ورسله فرضا ومن غير دليل ، انه تعالى يقيم الحجة على ما يقوله ويدعو اليه ، ويطلب من كل عاقل أن ينظر فيها ويتدبرها بإمعان ، شأنه في ذلك ، تعالى الله علوا عظيما ، شأن كل عالم منصف وان بعد القياس والتشبيه بين الخالق والمخلوق.

قال تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) ـ ٨ الروم. وقال : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) ـ ٦ ق. وقال : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ـ ٢٤ يونس.

ان هذه الآيات وما اليها تدل دلالة قاطعة على انه تعالى يقيم الدلائل والبينات على دعوة الحق ، ويدعو الى تدبرها والنظر فيها ، فإذا أعرض من لا يؤمن إلا بما يريد فهو وحده المسئول عن جحوده وإنكاره.

(فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ). قد يتجاهل الإنسان الحق غير مكترث به ، لا يؤمن به ، ولكن لا يؤيده ولا يحاربه ، كما هو شأن اللامبالي ، وقد يقف منه موقف المكذب ، وهذا مكابر ،

١٦١

ان كذب عن علم بالحق ، وان كذب واستهزأ فهو محارب للحق ، والأول أخف جرما من الثاني ، لأنه أشبه بمن يمتنع عن الاقتراع ، والثاني أخف ذنبا من الثالث ، لأنه ضم صوته إلى صوت المكذبين ، أما الثالث فقد كذّب وأبدى نشاطا ضد الحق ، وهذا الثالث هو المقصود بالتهديد والوعيد ، وأنه سيلاقي جزاء عناده واستهزائه.

(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ). كان عرب الجاهلية يعرفون الكثير عن قوم عاد وثمود ولوط وغيرهم ، وكانوا يمرون في رحلاتهم بآثارهم ، فيشاهدونها ويتحدثون عنهم وعنها ، ويعرفون ان الله سبحانه أهلكهم ، لأنهم كذبوا بالحق الذي جاء به أنبياؤهم من عند الله.

وهذه الآية تحض الذين كذّبوا محمدا (ص) ان يعتبروا بهلاك الأجيال الغابرة ، وقد كان لهم من أسباب الملك والقوة والسلطان ما لم يكن للمخاطبين من عرب الجاهلية.

(وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً). أي المطر الغزير ينشئ الخصب في حياتهم ويفيض عليهم الأرزاق (وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ) كناية عن الرخاء وكثرة الانتاج (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) ولم يغن عنهم المال والسلطان (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) والعاقل من اتعظ بغيره قبل أن يتعظ الغير به.

ولو نزلنا عليك الآة ٧ ـ ١١ :

(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ

١٦٢

بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١))

اللغة :

القرطاس (مثلث القاف) الورق الذي يكتب فيه. واللبس الستر والتغطية. وحاق به ، أي أحاط به.

الاعراب :

لو لا أداة طلب بمعنى هلا. وما يلبسون ما بمعنى الذي وهي مفعول لبسنا. وكيف خبر مقدم لكان ، وعاقبة اسمها ، ولم تؤنث كان لأن تأنيث العاقبة غير حقيقي.

المعنى :

(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ). أقام النبي (ص) بمكة ثلاث عشرة سنة منذ نزول الوحي عليه إلى أن هاجر إلى المدينة ، وكان يدعو أهلها طوال هذه المدة إلى التوحيد والعدل ، وينهاهم عن الشرك والجور ، وكان أسلوبه في الدعوة الحكمة والموعظة الحسنة ، فاستجاب له أقلهم ، وامتنع أكثرهم ، ولم يكتفوا بالامتناع ، بل تألبوا عليه ، وجعلوا يؤذونه بأيديهم تارة ، وبألسنتهم أخرى ، وكان يصبر على أذاهم ، ويحرص على إيمانهم ، ولكن الله سبحانه قال له : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) ـ ١٠٣ يوسف. وقال : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ). أي لو نزلنا عليك يا محمد الكتاب جملة واحدة في

١٦٣

صحيفة واحدة ، فرأوه ولمسوه وشاهدوه عيانا لطعنوا فيه ، وقالوا : انه سحر. وهذا النموذج من الناس موجود في كل جيل ، بل في عصرنا الذي نعيش فيه فئة كبيرة لا تكتفي بإنكار الملموس المحسوس ، حتى تسمي هذه الأشياء بأضدادها فتعبر عن الذئب بالحمل ، وعن الأفعى بحمامة السلام ، فهذه الولايات المتحدة تقوم بعملية حرب الابادة في فيتنام ، وتقول: أنا أبني وأعمل للحياة .. وتلك إسرائيل تعتدي ، وتقول : أنا المعتدى عليه ..

(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ). لو لا بمعنى هلا ، والضمير في عليه يعود إلى محمد (ص) وفي قالوا إلى مشركي قريش ، فقد سألوا النبي (ص) أن يبعث الله معه ملكا يشهد بما يدعيه ، ويكون له عونا على تنفيذ رسالته ، ونظير هذه الآية قوله تعالى : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) ـ ٧ الفرقان.

(وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ). أي لو أن الله أنزل اليهم ملكا لماتوا ، ولا يؤخرون طرفة عين. وتسأل : وأية ملازمة بين إنزال الملك اليهم ، وبين هلاكهم عاجلا؟.

وأجاب بعض المفسرين بأن الناس إذا شاهدوا الملك تزهق أرواحهم من هول ما يشهدون .. ولا يعتمد هذا القول على أساس.

وقال آخرون : لقد سبق في حكمة الله أن يهلك كل من يخالف الملك .. وهذا أسوأ من سابقه ، لأن الله سبحانه لم يهلك الذين يخالفونه في هذه الحياة ، وليس الملك بأعظم شأنا منه تعالى علوا كبيرا.

والصحيح في الجواب ان وجه الملازمة سر لم يظهره الله لعباده ، ولا يدرّك هذا السر بالعقل ، فيجب السكوت عما سكت الله عنه.

(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً). لو أرسل الله إلى الناس ملكا فلا يخلو : اما أن يبقى على صورته ، واما أن يتمثل في صورة البشر .. ومحال أن يبقى على صورته ، وفي الوقت نفسه يكون رسولا إلى الناس ، لأن طبيعة الملائكة غير طبيعة الإنسان ، وتبليغ الرسالة يستدعي المعاشرة والمؤانسة ، وهي لا تحصل مع تباين الخلق والطباع .. هذا ، إلى أن الملائكة لم يخلقوا للحياة على هذا الكوكب.

١٦٤

ولو تمثل الملك على صورة البشر لقالوا له نريد ملكا رسولا ، ولا نريده بشرا .. إذن ، فالملك بصورته لا يمكن أن يبلغ الرسالة ، وبصورة البشر لا يؤمن به مشركو مكة ، فتبقى مشكلتهم من غير حل .. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآية صريحة الدلالة على ان الله سبحانه قد جادل المكذبين بالأسلوب والمنطق الذي يستعمله أهل المعقول لافحام خصومهم.

(وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ). أي لو جعل الله الملك في صورة البشر لظن الناس أنه بشر في حقيقته ، وعليه يكون الله جل ثناؤه قد موّه في أفعاله ، تماما كما يموّه الناس بعضهم على بعض ..

(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ). أي هوّن عليك يا محمد ما تلقى من استخفاف قومك ، فإن الاستخفاف بالأنبياء والمصلحين ليس وليد الساعة ، بل كان موجودا منذ القديم ، والله سبحانه قد عاقب المستهزئين بأنبيائهم ، وسيحل بمن استهزأ بك ما حل بمن كان قبلهم ، وفعل فعلهم .. وهكذا كان ، فإن الله سبحانه قد أهلك من سخر بمحمد (ص) ، وامتنّ الله عليه بهلاكهم ، حيث خاطبه بقوله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) ـ ٩٥ الحجر.

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ). تقدم تفسيره في الآية ١٣٧ من آل عمران.

کتب ربکم عل نفسه الرحمة الآة ١٢ ـ ١٦ :

(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣)

١٦٥

قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦))

اللغة :

كتب على نفسه ، أي أوجب عليها إيجابا. وفاطر السموات مبدعها على غير مثال سابق.

الإعراب :

(لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ لِمَنْ) متعلق بمحذوف خبر مقدم و (ما) مبتدأ مؤخر ، والجملة مفعول ل (قُلْ). و (لِلَّهِ) متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف ، أي قل هو كائن لله. (الَّذِينَ خَسِرُوا) مبتدأ ، و (فَهُمْ) مبتدأ ثان ، و (لا يُؤْمِنُونَ) خبر للمبتدإ ، وهو وخبره خبر المبتدأ الأول. (أَغَيْرَ اللهِ غَيْرَ) مفعول أول لاتخذ ، و (وَلِيًّا) مفعول ثان. وفاطر صفة لله.

المعنى :

(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ). أمر الله نبيه الأكرم أن يسأل مشركي العرب : من يملك السموات والأرض؟. ثم أمره أن يجيب عنهم بأن الله وحده هو مالك الملك ، وجاز أن يكون هو السائل والمجيب لأن كلا من المسئول والسائل متفقان على الجواب .. فان مشركي العرب كانوا يؤمنون بأن

١٦٦

الله خالق الكون ومالكه : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ـ ٦١ العنكبوت.

وتسأل : ما دام الأمر كذلك فأي جدوى من السؤال؟.

الجواب : ان القصد من السؤال وجوابه استدراج الخصم إلى الاعتراف بإمكان النشر والحشر ، واقامة الحجة عليه ، لأن الله سبحانه إذا كان هو خالق الكون ومالكه فهو ـ إذن ـ قادر على التصرف فيه فناء وإعادة.

(كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ). وأعاد سبحانه هذه الجملة في الآية ٥٤ من هذه السورة. قال المفسرون : أوجب الله على نفسه الرحمة إيجاب فضل وكرم .. ونحن نؤمن بأن الله ذو فضل وكرم ، وفي الوقت نفسه نؤمن بأن رحمته نتيجة حتمية لغناه في ذاته عن كل شيء ، وافتقار كل شيء اليه تعالى ، لأن المخلوق مفتقر بطبعه الى عناية الخالق ورحمته افتقار المعلول الى علته ، والمسبب الى سببه .. فرحمة الله بعباده لا تنفك عن ذاته وكماله ، وعلى هذا يكون معنى (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ان رحمته حتم لذاته القدسية ، تماما كالقدرة والعلم.

(لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ). وهذا الجمع حتم أيضا ، ولذا وصفه جل ثناؤه بقوله : (لا رَيْبَ فِيهِ). لأن فيه يقتص للمظلوم من الظالم ، ويجازى المسيء على السيئة بمثلها ، والمحسن على الحسنة بأضعاف مضاعفة من أمثالها ، ولو لا هذا اليوم لذهب الحق هدرا ، وكان الأقدر هو صاحب الأمر والنهي ، وليس خالق الكون ومالكه.

(الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). قال الزمخشري : لقد اختار الكافرون الخسران ، فهم لذلك غير مؤمنين. والزمخشري من أهل الاعتزال القائلين : الإنسان مخير ، لا مسير. وقال الرازي : إن الله هو الذي قضى بخسرانهم ، ولهذا امتنعوا عن الايمان. والرازي من الأشاعرة القائلين : الإنسان مسير ، لا مخير. وقال آخرون : امتنع الكفار عن الايمان تقليدا لآبائهم.

وفي تصورنا ان الآية تشير إلى حقيقة الإنسان ، وانها تتكون من نفسه وجسمه ، وان كلا منهما جزء متمم للآخر ، وان الإنسان لا يحيا حياة صحيحة إلا إذا عمل لهما معا ، وان من عمل للروح دون المادة ، أو للمادة دون الروح فقد خسر

١٦٧

كيانه من الأساس ، ومن خسر كيانه لا يكون من الايمان في شيء.

(وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). أي انه تعالى هو المالك لكل شيء. وتسأل : لقد دل على هذا المعنى قوله تعالى في الآية المتقدمة : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) فما هو الوجه لهذا التكرار؟

وأجاب المفسرون بأن الآية الأولى استقصت الخلق من حيث الزمان ، والثانية من حيث المكان ، وهما ظرفان لكل موجود ماديا كان ، أو معنويا ، فحصل العموم والشمول بالآيتين جميعا ، وعقّب سبحانه بصفتي السمع والعلم تأكيدا لهذه الاحاطة.

وتقدم أكثر من مرة ان التكرار في القرآن غير عزيز ، ولكن المفسرين يحاولون أن يأتوا بشيء ، وإن لم تدع الحاجة اليه.

(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا)؟ وكيف استعين بغيره ، وهو (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ). ومن دونه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ). لأن محمدا (ص) هو الداعي الأول إلى الإسلام ، فيكون هو المسلم الأول من أمته ، والا كان من الذين يأمرون ولا يأتمرون .. حاشا من اصطفاه الله لرسالته. (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). ومحال أن يكون منهم ، وإنما صح هذا النهي لأنه موجه من الأعلى إلى من هو دونه ، كما قلنا أكثر من مرة.

(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). المعصية من النبي محال لمكان العصمة ، ولكن فرض المحال ليس بمحال .. والغرض تقرير أو تأكيد مبدأ المساواة بين الناس جميعا أمام الله ، وانه خلق تعالى الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا ، والنار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا .. ويأتي الخوف من الله سبحانه على قدر العلم بعظمته : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ـ ٢٨ فاطر وبالأولى الأنبياء.

(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ). كل من يخاف الهول الأكبر يرى النجاة منه رحمة كبرى ، وفوزا لا شيء أعظم منه.

١٦٨

لا كاشف الا الله الآة ١٧ ـ ١٩ :

(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩))

الإعراب :

فلا كاشف (كاشِفَ) اسم لا ، وله خبر ، والتقدير لا كاشف موجود له ، (وَهُوَ) بدل من الضمير في موجود. و (فَوْقَ عِبادِهِ) متعلق بمحذوف حالا من (الْقاهِرُ) ، أي هو القاهر مستعليا فوق عباده ، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا. و (شَهادَةً) تمييز.(وَمَنْ بَلَغَ) في محل نصب عطفا على مفعول (لِأُنْذِرَكُمْ). و (إِنَّما) ان كفوفة عن العمل بما ، وهو مبتدأ ، وإله خبر ، وواحد صفة لإله.

المعنى :

(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ). تدل هذه الآية على ان الضر كالفقر والمرض ونحوهما من صنع الله ، لا من صنع الناس ، وكذا كشفهما والخلاص منهما ، اذن ، لما ذا السعي والعمل؟.

الجواب : أولا ان السعي واجب عقلا ونقلا ، أما العقل فلأن الحياة لا تتم

١٦٩

إلا بالعمل ، واما النقل فقد تجاوز حد التواتر ، من ذلك قوله تعالى : (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) ـ ١٠ الجمعة. وقوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ـ ١٥ الملك. وفي الحديث : سافروا تغنموا .. تداووا فان الذي أنزل الداء أنزل الدواء. وعليه ، فمن قصر في السعي ، ومسه الضر فهو المسئول ، ومن سعى من غير تقصير ومسه الضر تقع المسئولية على مجتمعه الفاسد في أوضاعه وأحكامه ، وإن كان المجتمع الذي يعيش فيه صالحا فقد تضرر بقضاء الله وقدره.

ثانيا : إن الله سبحانه لا يريد الضرر لأحد من عباده ، كيف؟ وهو القائل : (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ٢٩ ق. والقائل : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ـ ٢٠٧ البقرة. وفي الحديث : إن الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها. وعلى هذا يكون المراد بالضر في الآية ما يجازى به العبد على عمله ، أو امتحانا لمصلحته وما إلى ذلك مما لا يتنافى مع عدل الله ورحمته. وتكلمنا عن الرزق مفصلا عند تفسير الآية ١٠٠ من سورة المائدة ، فقرة هل الرزق صدفة أو قدر؟

(وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). أي لا رادّ لخيره وفضله ، قال الرازي : ذكر الله في الخير انه على كل شيء قدير ، وفي الضر انه لا كاشف له إلا هو ، ذكر ذلك للدلالة على ان إرادة الله لإيصال الخيرات غالبة على إرادته لإيصال المضار.

(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ). والقاهر يشير إلى قدرة الله والخبير إلى علمه. وقهر الله عباده بإيجادهم دون إرادة منهم ، وقهرهم أيضا بالموت والفناء ، قال ابن العربي في الفتوحات المكية : إن الله سبحانه قهر عباده لأنهم نازعوه وخاصموه في مخالفتهم لأحكامه ، ومن خاصم الله فهو مقهور ومغلوب لا محالة.

(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً). جاء في بعض الروايات : ان مشركي مكة قالوا للنبي (ص) : إن اليهود والنصارى لا يشهدون لك بالنبوة ، فأرنا من يشهد لك بها ، فأنزل سبحانه (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً). أي سلهم يا محمد من

١٧٠

هو الذي تعلو شهادته كل شهادة ، ثم أمره تعالى بالجواب عنهم (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). ولا جواب في الواقع غير هذا الجواب باعتراف الخصوم ، وهو ان الشاهد بيننا هو الله.

(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ). القرآن هو الشهادة من الله على نبوة محمد ، وهو يتحداهم جميعا أن يأتوا بسورة من مثله ويدعوا من شاءوا ، وقد حاولوا وعجزوا ، وهذا العجز أكبر شهادة على صدق النبي في رسالته. وقوله : (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) معناه ان الله سبحانه أوحى إليّ القرآن لأنذركم به يا أهل مكة ، وأنذر به كل من بلغه إلى يوم يبعثون .. قال بعض الصحابة : من بلغه القرآن فكأنه رأى رسول الله (ص) ، وتدل هذه الآية على أن من لم تبلغه دعوة محمد (ص) فهو معذور في ترك الإسلام. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ١١٥ من آل عمران ، فقرة حكم تارك الإسلام.

(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى). الاستفهام هنا للإنكار والاستبعاد والمعنى كيف تجعلون مع الله إلها آخر بعد وضوح الأدلة على وحدانيته جل وعز ، ثم أمر الله نبيه أن يجيب بأنه لا يشهد كما يشهدون : (قُلْ لا أَشْهَدُ). ثم أمره بأمر آخر : (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) بعبادة الأصنام وغيرها.

يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الآية ٢٠ ـ ٢٤ :

(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ

١٧١

فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤))

الإعراب :

و (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ) مفعول به لفعل محذوف ، أي اذكر يوم نحشرهم. و (جَمِيعاً) حال من ضمير (نَحْشُرُهُمْ). و (أَيْنَ) خبر مقدم ، و (شُرَكاؤُكُمُ) مبتدأ مؤخر. و (الَّذِينَ) بدل من (شُرَكاؤُكُمُ). وتزعمون تحتاج إلى مفعولين ، وهما محذوفان ، أي تزعمونهم شركاء ، ودل على الحذف سياق الكلام. والمصدر المنسبك من (أَنْ قالُوا) خبر (لَمْ تَكُنْ). و (كَيْفَ) مفعول (كَذَبُوا). وجملة (كَذَبُوا) مفعول انظر.

المعنى :

(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ). الذين آتاهم الله الكتاب هم اليهود والنصارى ، وضمير يعرفونه عائد إلى محمد (ص) ، والآية تجابه علماء أهل الكتاب بأنهم يعرفون خاتم الأنبياء حق المعرفة ، تماما كما يعرفون أبناءهم ، ولكنهم يكتمون ما يعرفون وقد تكرر هذا المعنى في العديد من الآيات ، منها قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ـ ١٤٦ البقرة. وقوله : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) ـ ١٥٧ الاعراف.(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ١٩٧ الشعراء. ومر الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ١٤٦ من سورة البقرة ، و ١٦٤ من النساء. فقرة هل الأنبياء كلهم شرقيون؟.

وليس من الضروري ليعرف أهل الكتاب صدق محمد (ص) أن يجدوا اسمه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .. فكل من درس الإسلام دراسة جادة

١٧٢

وفاحصة يؤمن ايمانا لا يشوبه ريب بأنه الحق والصدق ، وانهما جوهر الإسلام ور كيزته وهدفه من كلمة (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) التي تعني المساواة بين الناس الى تقييم الإنسان على أساس العمل والإخلاص ، لا على أساس المال والجاه والنسب ، ومن التكافل الاجتماعي ومسؤولية كل راع عن رعيته الى دعوة الأمن والسلام ، والتقدم والرخاء ، الى ما لا نهاية.

(الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) مر تفسيره قريبا في الآية ١٢ من هذه السورة. (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً). المراد بالظلم هنا الكفر ، لأن كل من افترى الكذب على الله فهو كافر .. لا فرق إطلاقا بين من جعل له شريكا ، ومن حرف حكما من أحكامه عن عمد وعلم ، ومن ادعى النيابة عن المعصوم ، أو الشفاعة للخلق عند الحق ، وهو يعلم انه مفتر كذاب ـ كل هؤلاء كفرة فجرة اجماعا وكتابا وسنة. (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).أشارت الجملة الأولى من الآية الى من يختلق ما لا وجود له ، كمن جعل لله شريكا أو ولدا. وتشير هذه الجملة الى من ينكر الموجود ، كمن يجحده من الأساس ، وحكم الاثنين واحد ، كل منهما ظالم ، وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.

(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ). المؤمنون بالله على نوعين : منهم من يؤمن بألوهيته وتوحيده ، ويسمون الموحدين ، ومنهم من يؤمن بألوهيته وألوهية غيره ، وهؤلاء أفسدوا ايمانهم بهذه الضميمة ، وصاروا والجاحدين سواء ، لأن جعل المثيل لله معناه في الواقع انكار الله من رأس ، إذ المفروض ان الله سبحانه لا شبيه له ولا مثيل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ـ ١١ الشورى.

وسيواجه الله المشركين بهذا السؤال : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ، وتستعينون بهم كما تستعينون بالله ، سيواجههم بهذا السؤال على سبيل التوبيخ والتقريع ، لا على سبيل الحقيقة.

وتسأل : لما ذا قال تعالى : أين شركاؤكم ، ولم يقل أين شركائي ، مع العلم بأن الكافرين أضافوا الشركاء اليه ، لا اليهم؟.

١٧٣

الجواب : إن الاضافة تصح لأدنى مناسبة ، والمشركون هم الذين ابتدعوا الشرك الذي لا عين له ولا أثر في حقيقة الأمر والواقع.

(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). المراد بالفتنة هنا شركهم وافتتانهم بالأوثان ، والمعنى كانت عاقبة الشرك الذي ابتدعوه هي يمينهم الفاجرة انهم ما كانوا مشركين.

وتسأل : إن قوله تعالى حكاية عنهم : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يتنافى مع قوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ـ ٤٢ النساء. هذا ، إلى أن المعروف ان الإنسان لا يستطيع الكذب يوم القيامة.

الجواب : إن في القيامة العديد من المواقف ، يستطيع الإنسان في بعضها الإنكار ، حيث لم يشهد عليه في هذا الموقف يداه ورجلاه بما كان يعمل ، وعلى هذا الموقف يحمل قوله تعالى : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). وفي بعض المواقف يعترف بما كان منه ، حيث لا مجال للإنكار ، وعليه يحمل قوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً).

أما القول : إن الإنسان يعجز عن الكذب إطلاقا يوم القيامة فتكذبه الآية ١٨ من سورة المجادلة : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ).

سؤال ثان يتفرع من الجواب عن السؤال الأول ، وهو إذا قدر الإنسان غدا على الكذب ، بل والقسم عليه بالله أيضا ، تماما كما هو شأنه في هذه الحياة ، إذا كان الأمر كذلك فما هو الوجه لتسمية الآخرة بدار الصدق ، وتسمية دارنا هذه بدار الكذب؟.

الجواب : المراد بهذه التفرقة بين الدارين ان الكذب في هذه الدار قد يدفع عن صاحبه ضرا ، أو يجلب له نفعا ، أما في الدار الآخرة فلا يغنيه عن الصدق شيء .. وبكلمة ان العجز عن الكذب شيء ، والقدرة عليه مع عدم جدواه شيء آخر.

(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ). الخطاب موجه للنبي (ص) ، والمراد به العموم ، وهو تعجب من انكارهم الشرك ، وقد ماتوا عليه .. وكل من

١٧٤

أنكر ما هو فيه ، أو ادعى ما ليس فيه عامدا متعمدا فقد كذب على نفسه وعلى الله والناس. (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ). وضل عنهم عطف على كذبوا ، والمعنى انظر يا محمد كيف غاب عن المشركين ما كانوا يرجون نصرته وشفاعته.

على قلوبهم أكنة الآة ٢٥ ـ ٢٦ :

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦))

اللغة :

الأكنة جمع واحدها كنان ، وهو الغطاء. والوقر بفتح الواو ثقل السمع. والأساطير جمع واحدها اسطارة واسطورة ، أي الشيء المسطور في الكتب ولا دليل على صحته ، ونأى عنه بعد وأعرض.

الاعراب :

المصدر المنسبك من أن يفقهوه مفعول لأجله لجعلنا ، أي كراهية ان يفقهوه. وإذا شرط متضمن معنى الظرف ، وهو متعلق بيقول. وجملة يجادلونك حال من الواو في جاءوك. وان هذا ان نافية بمعنى ما ، ومثلها ان يهلكون.

١٧٥

المعنى :

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً). خاطب الله نبيه بهذه الآية بعد ما أمره أن يقول للمعاندين ما تقوم به الحجة عليهم ، وبعد أن تحدث عن أحوالهم يوم القيامة ، والمعنى ان فريقا من هؤلاء الجاحدين يستمعون إلى النبي ، وهو يتلو القرآن ، ولكنهم لا ينتفعون به ولا بغيره من الدلائل والبينات ، لأنهم صمموا منذ البداية على العناد والمكابرة ، حتى أعمى هذا التصميم عقولهم عن رؤية الحق ، وأصم آذانهم عن سماعه.

وتسأل : ان الآية بظاهرها ان الله هو الذي أعمى قلوبهم ، وأصم آذانهم ، وعليه فلا يستحقون ذما ولا عقابا ، لأنهم مسيرون غير مخيرين؟.

الجواب : بما ان قلوب المعاندين لم تفقه القرآن ، وتنتفع به ، وآذانهم لم تستمع اليه سماع فهم وتدبر صح القول مجازا : ان على قلوبهم أغلفة ، وفي آذانهم صمم ، وبما ان الله سبحانه هو الذي خلق القلوب والآذان صحت نسبة الصمم والأغلفة اليه مجازا أيضا ، أما بحسب الأمر والواقع فالمشركون هم المسئولون ، لأنهم عاندوا الحق عن تصميم وارادة .. وتقدم الكلام عن ذلك عند تفسير الآية ٧ من سورة البقرة ج ١ ص ٥٣.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآية تدل بوضوح على ان الإسلام لا يقيس الشيء بما هو في ذاته ، بل بما هو في نتائجه وآثاره ، فالسمع والبصر منفذان للعقل ، والعقل مخطط للعمل ، فإذا لم يتحقق العمل يكون وجود الحواس وعدمها سواء ظاهرة كانت أو غير ظاهرة. وبكلمة ليس في الإسلام داخلي وخارجي ، ولا براني وجوّاني ، فالكل وسيلة إلى منفعة الناس في تدبير معاشهم ، وحل مشاكلهم. قال الإمام علي (ع) : يدعي بزعمه انه يرجو الله ، كذب والعظيم ، ما باله لا يتبين رجاؤه في عمله ، فكل من رجا عرف رجاؤه في عمله.

(وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها). كشف محمد (ص) عن حقيقة المزيفين من أصحاب الجاه والمال ، فاضطربوا وأحسوا بالخطر على مصالحهم ، فلجئوا إلى الأكذوبة الكبرى ، وقالوا عن آيات الله : أساطير الأولين ، وهم على يقين ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ، ولكنهم كانوا يلتمسون أوجه الشبهات والمغالطات ،

١٧٦

ليصرفوا الناس عن أضاليلهم وأباطيلهم ، تماما كما يفعل اليوم أرباب الأنظمة الفاسدة ، والقوانين الجائرة.

(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ). ضميرهم يعود إلى الذين عاندوا الحق حرصا على مصالحهم ، وضمير عنه يعود إلى النبي (ص) .. نهى المزيفون عن اتباع محمد (ص) وأعرضوا عنه ، بل حاولوا إثارة النقمة عليه ، وجمعوا الجيوش لحربه ، لا لشيء إلا لأنه كشف عن أسوائهم ووبائهم. (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ). أرادوا الكيد للإسلام ونبيه ، فدارت دائرة السوء على رؤوسهم ، حيث هلك بعضهم يوم بدر ، واستسلم آخرون أذلاء صاغرين يوم الفتح .. وهذا مصير كل من لج وتمادى في الغي والعناد.

وقفوا على النار الآة ٢٧ ـ ٣٢ :

(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢))

١٧٧

اللغة :

وقفوا على النار الفعل مبني للمجهول ، والمراد به هنا العرض ، أي عرضوا على النار ، وقيل : يجوز أوقف ، ولكنه نادر. والساعة الزمن القصير ، والمراد بها هنا يوم القيامة لسرعة الحساب فيه. وبغتة فجأة. والحسرة الندامة. والتفريط التقصير. والوزر لغة الحمل الثقيل : ودينا الإثم والذنب.

الاعراب :

ولو ترى جواب لو محذوف ، تقديره لشاهدت أمرا عظيما. ولا نكذب منصوب بأن مضمرة بعد الواو ، ومثله ونكون ، والمصدر المنسبك معطوف على مصدر متصيد من نرد ، والتقدير يا ليت لنا الرد وعدم التكذيب وكوننا من المؤمنين. ان هي إلا حياتنا الدنيا ان نافية ، وهي مبتدأ ، وحياتنا خبر ، والدنيا صفة للحياة ، لأنها بمعنى الأولى أو الدنيّة أو القريبة. وبغتة مصدر في موضع الحال من الساعة ، أي باغتة. وساء فعل ذم والفاعل مستتر ، وما تمييز بمعنى شيء ، والمخصوص بالذم محذوف ، والتقدير ساء الشيء شيئا وزرهم.

المعنى :

(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ). عاد سبحانه إلى الحديث عن أحوال المكذبين يوم القيامة ، وانهم حين يرون ما أعد لهم من العذاب ، وما أعد للمؤمنين من الثواب يقولون: (يا لَيْتَنا نُرَدُّ) إلى الدنيا (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). أي نتوب ونعمل صالحا .. ولكن الحسرات والعبرات لا تغني شيئا إلا إذا كانت خوفا من الله وعذابه قبل أن يقع ، أما بعد الوقوع فهي بكاء على الأموات ولهفة على ما فات.

(بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ). لا ينجو غدا من عذاب الله إلا من كان واضحا صريحا في هذه الحياة ، تنسجم أقواله مع أفعاله ، وهما معا

١٧٨

انعكاس عن ذاته وواقعه ، حتى كأن الجميع شيء واحد عند الله والناس ، أما الغامض المبهم الذي يعرف الخالق منه ما لا يعرفه المخلوق من الرياء والنفاق ، أما هذا فسوف يبدو له جزاء ريائه ونفاقه ، وتذهب نفسه حسرات على إساءته ، ويتمنى الخلاص بالرد إلى الدنيا ، ولكن هيهات. (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في قولهم : يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين .. ولقد قرأنا عن عشرات المجرمين انهم تابوا وهم في غياهب السجن ، حتى إذا خرجوا عادوا إلى اجرامهم. وآثامهم ، (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) ـ ٦٦ الإسراء.

(وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ). أي لو ردوا الى حياتهم الأولى لقالوا ما قالوه من قبل : لا بعث ولا حساب ولا جزاء.

وتسأل : كيف ينكرون ، وقد شاهدوا الهول الأكبر ، وعرضوا عليه ، وتوسلوا للخلاص منه ، وقطعوا عهدا على أنفسهم ان لا يعودوا الى ما كانوا عليه.

الجواب : انهم يعرفون جيدا ان الحساب والعذاب واقع لا محالة ، ولكنهم يعرفون أيضا أنهم لو أعلنوا الحق وخضعوا له لفاتتهم المغانم والمكاسب ، قال تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) ـ ١٤ النمل.

(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) بعد أن كذبوا بلقائه (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ)؟. قلنا في تفسير الآية الرابعة من هذه السورة : ان الله يدعو الى الايمان بالحق ، مع إقامة الدليل عليه ، فإن جحده جاحد لزمته الحجة ، وهذه الآية تؤكد ذلك ، وتذكر بالدلائل والبينات التي أنكروها وكذبوا بها (قالُوا بَلى وَرَبِّنا). الآن ، وقد فات ما فات ، ولم يبق إلا الجزاء العادل ، والعذاب لمن كفر وأنكر (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ). هذا جزاء كل من آثر العاجلة على الآجلة ، وكتم الحق لهوى في نفسه.

وتسأل : ان قوله تعالى للكافرين : أليس هذا بالحق ، وقوله : ذوقوا العذاب لا يتفق مع الآية ١٧٤ من سورة البقرة : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)؟. الجواب : المراد ان الله لا يكلمهم بما يسرهم ، بل بما يسوءهم ، كما في

١٧٩

هذه الآية ، وكما في الآية ١٠٩ من المؤمنين : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ).

(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) وفاز من آمن به (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها). قال الإمام (ع) : ثمرة التفريط الندامة ، وثمرة الحزم السلامة (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ). الأوزار الذنوب والآثام ، وحملها على الظهر كناية عن ملازمتها لأصحابها ، يقال ركبه الشيطان ، أي لا يفارقه ، والمعنى ان المكذبين بالحق هم أسوأ الناس حالا في الآخرة ، قال بعض المفسرين الجدد :

بل الدواب أحسن حالا ، فهي تحمل أوزارا من الأثقال ، ولكن هؤلاء يحملون أوزارا من الآثام ، والدواب تحط عنها أوزارها ، فتذهب وتستريح ، وهؤلاء يذهبون بأوزارهم الى جهنم مشيعين بالتأثيم.

(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ). تقدم نظيره في الآية ١٨٥ من آل عمران ج ٢ ص ٢٢٤.

قد نعلم انه ليحزنك الآة ٣٣ ـ ٣٧ :

(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥) إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ

١٨٠