التّفسير الكاشف - ج ٢

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ٢

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٥١٨

اللغة :

المسيح ، نقل صاحب تفسير البحر المحيط سبعة أقوال في سبب تسميته بالمسيح ، وهي المسح بالبركة ، والمسح بالدّين عند ولادته ، وبالتطهير من الذنوب ، ومسح جبريل له بجناحه ، ومسح باطن قدمه حيث كان يصيب الأرض به أجمع ، ومسح الجمال ، ومسح الأقذار ، لأن أمه كانت لا تحيض ، ولم تدنس بدم النفاس. والمهد مقر الصبي حين رضاعه ، والأكمه الذي يولد أعمى ، والأبرص الذي في جلده بياض.

الإعراب :

اسمه مبتدأ ، والمسيح خبر ، والضمير في اسمه عائد على المعنى المراد بالكلمة ، وهو عيسى ، وعيسى اسم أعجمي ممنوع من الصرف ، وهو بدل من المسيح ، وابن مريم عطف بيان ، ووجيها حال ، وكذلك خبر لمبتدأ محذوف ، أي الأمر كذلك ، وفيكون لا يجوز فيه غير الرفع ، لأن الجزم على الجواب يشترط فيه أن يصح دخول ان الشرطية ، مثل قم فأقم ، حيث يصح أن تقول : ان تقم أقم ، وهنا لا يصح أن تقول : ان كن فيكن ، ورسولا عطف على «وجيها» واني جئتكم المصدر من أن وما بعدها مجرور بباء محذوفة ، والمجرور متعلق «برسولا» واني أخلق المصدر المنسبك بدل من آية ، ومصدقا مفعول لفعل محذوف ، أي وجئتكم مصدقا ، والجملة عطف على جملة جئتكم.

الممتنع عقلا ، والممتنع عادة :

ممتنع الوجود هو الذي ليس موجودا بالفعل ، ولا يمكن وجوده في المستقبل ، وهو على نوعين :

الأول أن يمتنع وجوده ذاتا وعقلا ، لأنه يستحيل بحكم العقل أن يوجد بحال من الأحوال ، وصورة من الصور ، كاجتماع النقيضين أو الضدين ، مثل أن

٦١

يكون الإنسان مؤمنا وكافرا بشيء واحد في آن واحد ، وان يكون الأعمى بما هو أعمى مبصرا ؛ والأخرس بما هو أخرس متكلما .. ويتفق على امتناع هذا النوع العقل والعادة ، لأنه إذا امتنع ذاتا وعقلا فبالأولى أن يمتنع عادة.

النوع الثاني : أن لا يمتنع وجوده ذاتا وفي نظر العقل ، بل يمكن وجوده بصورة من الصور ، وطريق من الطرق ، ولكن العادة لم تجر بوقوعه ، والأمثلة على ذلك لا تحصيها كثرة. وقد ذكر القرآن الكريم العديد من الحوادث التي تدخل في هذا النوع ، منها جلوس ابراهيم الخليل في النار ، دون أن تناله بأذى ، وتحوّل عصا موسى الى ثعبان ، ووقوف مياه البحر كالجبال ، وإلانة الحديد كالشمع لداود ، ومعرفة منطق الطير والنمل لسليمان ، واحياء عزير بعد موته بمائة عام.

ومنها ولادة عيسى من غير أب ، وكلامه ساعة ولادته ، وإحياؤه الموتى ، وابراؤه الأعمى والأبرص من غير علاج ، وإخباره الناس بما يأكلون ويدخرون في بيوتهم ، دون أن يشاهد ذلك ، أو يخبره به انسان ، كل هذه الحوادث ، وما اليها جائزة الوقوع ، ولكن لم تجر العادة بوقوعها ، ولو كانت محالا في ذاتها لامتنع وقوعها على يد الأنبياء وغير الأنبياء. وإذا كانت هذه الحوادث ممكنة في ذاتها ، وأخبر الوحي بوقوعها صراحة فوجب على كل مؤمن الجزم بها ، دون تردد.

وذكر جماعة من الفلاسفة والمفسرين وجوها لخلق عيسى من غير نطفة الأب ، ولكن ما قالوه لا طائل تحته .. والحق ان الله تعالى قادر على كل شيء ، يوجده بكلمة (كن) من لا شيء ، وقد اقتضت حكمته وقوع ما أراد فتم الذي أراد.

ولسنا مكلفين بالبحث والعلم عن ماهية الحوادث التي أوجدها الله خرقا للعادة ، ولا كيف وقعت .. وربما كانت عقولنا عاجزة عن إدراكها ، تماما كما عجزت عن ادراك حقيقة الروح التي هي من أمر ربي .. أجل ، نحن ندركها بآثارها ونتائجها ، لا بكنهها وحقيقتها ، وكفى بها معرفة من هذه الجهة .. وعلى هذا الأساس سنفسر الآيات الواردة في حق المسيح (ع) وما شابهها من الآيات الواردة في غيره.

٦٢

المعنى :

(إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ). والمراد بالملائكة هنا جبريل ، لقوله تعالى في سورة مريم : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا). حيث المراد بالروح هو جبريل ، وذكره بلفظ الجمع ، لأنه رئيس الملائكة ، وكلمة منه اشارة الى قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ).

(وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ). أما وجاهته في الدنيا فهي تقديس الناس وتعظيمهم له الى يوم يبعثون ، أما في الآخرة فلعلو درجاته غدا عند الله.

(وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ). تكلم في المهد للدلالة على براءة أمه من قذف اليهود لها بيوسف النجار ، وهم قومها ، عليهم لعائن الله ، وزعم النصارى أنه لم يتكلم في المهد .. وقال ابن عباس : كان كلام عيسى لحظة قصيرة ، ولم يزد عما جاء في القرآن ، ثم لم يتكلم ، حتى بلغ أوان الكلام كغيره من الأولاد .. وهذا القول يساعد عليه الاعتبار ، لأن الغرض من كلامه أن يبرئ أمه من التهم والشبهات ، وقد حصل الغرض بما قاله أولا .. (وكهلا) أي يكلم الناس بالوحي ، وهو كهل ، وهذه معجزة أخرى تدل على نبوته ، لأنه إخبار بالغيب انه سيعيش الى سن الكهولة ، وقيل : عاش في الأرض ثلاثين سنة. وقيل : أتاه الوحي ابن ثلاثين ، وعاش بعده ثلاث سنين.

(قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ). هذا استعظام منها لقدرة الله تعالى ، لأنه خارج عن المعتاد ، ولا وجه لما جاء في بعض التفاسير من أنها سألت : هل يأتيها الولد بسبب الزواج؟ لا وجه لهذا السؤال لأن الجواب عنه بقوله تعالى : (قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). ان هذا الجواب يدل على انها كانت على علم بأنها ستلد من غير زواج.

(وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ). الكتاب مصدر بمعنى الخط ، كالقتال بمعنى الضرب ، ثم كثر استعماله في اسم المفعول ، أي المكتوب ، وبصورة أخص في هذا المعلوم الذي له طرفان ، وما بينهما أبواب ومسائل ،

٦٣

والمراد بالكتاب هنا المعنى المصدري ، أي الخط ، لأن ذكر التوراة والإنجيل بعد ذكر الكتاب يرجح حمله على الخط والكتابة .. وقيل : بل المراد به المعنى الظاهر ، وانما ذكر التوراة والإنجيل بعد الكتاب الشامل لهما للاهتمام بهما ، تماما كقوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى).

والحكمة هي وضع الشيء في موضعه ، وهذه الآية دليل قاطع على ان التوراة هي الركيزة الأولى لدين المسيح ، وان الإنجيل امتداد لها ، مع بعض التعديلات ، كتحليل بعض ما جاء فيها من المحرمات المشار اليه بقوله : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ).

(وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ). أرسل الله محمدا (ص) للناس كافة ، كما نصت الآية ٢٨ من سورة سبأ : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). أما عيسى (ع) ، وهو اسرائيلي ، فإنه أرسل الى قومه بمقتضى ظاهر هذه الآية .. وتعميم رسالته للناس كافة يحتاج الى دليل.

(أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ). هذا خطاب من عيسى لقومه الاسرائيليين ، محتجا على صدق نبوته بأن لديه معجزة تدل على انه مرسل اليهم من الله ، وهذه المعجزة هي قوله :

(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). هذه أربع معجزات : الأولى إنشاء الحياة في الطين ، وجعله طيرا. الثانية : إبراء الأكمه ، وهو الذي يخلق أعمى ، والأبرص ، وهو الذي في جلده بياض منفر .. وقيل : ان الطب كان متقدما في عهد عيسى ، ولكن برغم تقدمه فقد عجز أمهر الأطباء عن هذين الداءين : العمى والبرص ، فجعل الله الشفاء منهما على يد عيسى من غير علاج معجزة تدل على نبوته.

المعجزة الثالثة : رد الحياة إلى الميت. الرابعة الإخبار بالغيب عما يأكلون وما يدخرون .. وليس من شأننا البحث عن السر لهذه المعجزات وكيفية إنشاء الحياة ، أو ردها إلى الأموات ، ولا عن ازالة الأمراض المستعصية من غير علاج ، وإذا

٦٤

تصدينا للبحث عن شيء من ذلك فلا ننتهي إلا إلى الشبهات والظلمات ، فلم يبق لدينا إلا التسليم لحكمة الله وأمره الذي صرح به السيد المسيح (ع) مكررا أنه قد فعله بإذن الله ، ليسد الباب على كل مقتول ومتوهم الربوبية لعيسى أو الشعوذة ، أو غيرها .. وسبقت الإشارة عند تفسير الآية ٢٥٥ من سورة البقرة إلى أن نظام الكائنات يجريه الله سبحانه على السنن الطبيعية إلا إذا اقتصت حكمته أن يتدخل على عكسها بإرادته التكوينية التي هي عبارة عن كلمة «كن» .. وعندها فلا يبقى مجال لأية واسطة وسنة.

أما إخبار عيسى بالغيب فقد كان بواسطة الوحي من الله تعالى ، ولا يختص وحده بذلك فقد أخبر جميع الأنبياء بالغيب ، فنوح صنع السفينة قبل أن يقع الطوفان ، وشعيب أخبر عن مصير قومه في هذه الحياة ، وكذلك غيره من الأنبياء ، ومحمد (ص) أخبر عن انتصار الروم على الفرس ، وانتصار قومه عليهما معا .. والإمام علي أخبر عن ثورة الزنج وغيرها ، حتى قال له قائل : لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب. فقال له الإمام : ليس هو بعلم غيب ، وانما هو تعلّم من ذي علم. يشير إلى أن النبي (ص) أخبره به ، والنبي أخذه من الوحي.

من أنصاري الى الله الآة ٥٢ ـ ٥٤ :

(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤))

٦٥

الحق وأرباب المنافع :

ما من عاقل تام الإدراك ينكر الحق ، ويؤثر الباطل عليه إلا لهوى في نفسه ، أو شبهة في ذهنه ، أو لجهله بالدليل ، أو لخلل في عرض الدليل .. وبديهة ان أدلة الأنبياء كافية وافية على نبوتهم من جميع الجهات ، حتى دفع الأوهام والشبهات ، بحيث لا تبقي أدلتهم أية وسيلة لإنكار الحق إلا بالعناد والمكابرة .. والا لم يكن لله ولا لأنبيائه على الناس الحجة.

ومن بحث عن السبب الموجب لكيد من كاد للأنبياء ، وانكار من أنكر رسالتهم بعد أن رأوا ما رأوا من الآيات والمعجزات فلا يجد أي سبب لهذا الكيد والإنكار الا المنافع الشخصية ، والحرص على الجاه والمال .. والشواهد على هذه الحقيقة من الكتب السماوية والأحاديث النبوية لا تحصيها كثرة ، منها ان الطغاة المترفين من قوم هود النبي قاوموه لا لشيء الا لأنه قال لهم : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) ـ ١٢٧ الشعراء».

وهدد شعيبا الأغنياء من قومه ، وقالوا له : (يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا .. وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) ٨٧ ـ ٩١ هود». أما ذنبه الأول والأخير فهو قوله : (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ، وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ـ ٨٥ هود». وكان قارون من أغنى قوم موسى ، وأقرب الناس اليه رحما ، ومع ذلك نصب العداء له ، حيث وعظه بقوله : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ .. وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ـ ٧٩ القصص».

وكان عبد الله بن أبيّ من زعماء المدينة وأثريائها ، ولما هاجر الرسول اليها من مكة ثارت الغيرة في نفس ابن أبي ، وأسمع الرسول كلاما نابيا ، فقال سعد بن عبادة : يا رسول الله لا يعرض في قلبك من قول هذا شيء ، فقد كنّا أجمعنا على أن نملّكه علينا ، وهو يرى الآن انك قد سلبته أمرا كان قد

٦٦

أشرف عليه (١).

وكفى دليلا على هذه الحقيقة قوله تعالى : (كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ـ المائدة ٧٠». وقد كذّبوا السيد المسيح ، وحاولوا قتله ؛ لأنه دعاهم الى المحبة والعدالة والمساواة ، وان لا يكنزوا الذهب وحولهم الجياع والمعوزون ، ومن تعاليمه : «لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض .. غني يدخل باب السماء كحبل غليظ يدخل سم الخياط».

المعنى :

(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ). كان اليهود قبل ميلاد عيسى يؤمنون بالمسيح المنتظر ، فلما جاءهم بالبينات والمعجزات اختلفوا فيه ، فآمن به المساكين والمستضعفون الذين لا يخافون على مال ولا جاه ، وكفر به أكثر أهل الجاه والمال خوفا على مناصبهم ومكاسبهم ، كما هو شأنهم مع كل مصلح ، نبيا كان أو غير نبي ، مع علمهم بأنه الصادق المحق.

وقال بعض المفسرين : ان اليهود رفضوا الايمان بمحمد ، لأنه عربي من نسل إسماعيل ، ولو كان يهوديا من نسل اسحق لآمنوا به ، وهذا خطأ ، لأن عيسى (ع) من اليهود ، ومع هذا حاربوه ، وحاولوا قتله وصلبه .. وكذلك محمد (ص) حاربه صناديد قريش ، والسر هنا وهناك واحد ، وهو الحرص على الدنيا والمنافع ، لا العصبية القومية.

ومهما يكن ، فقد أحس عيسى من قومه الإصرار على الكفر والعناد ، ولاقى منهم الشدائد ، تماما كما لاقى محمد (ص) من قومه ، وعندها قال عيسى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ). أي من هم؟ وأين هم؟ المؤمنون الذين يناصرون دين الله ، ويحامون عنه ، ويبلّغونه بعدي الى الناس .. إذ لا بد لكل صاحب رسالة من أنصار ينهضون بها ، ويذبون عنها ، وينشرونها بين الناس.

__________________

(١) يأتي في تفسير الآية ٦١ من هذه السورة أن وفد نجران اعتقد نبوة محمد ، ومع ذلك رفض الاعتراف بها للأموال التي يقبضها من الملوك.

٦٧

(قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ). المراد بالحواريين خاصة الرجل ، مأخوذ من الحور ، وهو شدة النقاء والبياض. وقولهم : (آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) دليل على ان دين الله واحد منذ وجد الى ما لا نهاية ، وهو الإسلام ، وقد جاء به جميع الأنبياء ، دون استثناء ، والاختلاف انما هو في بعض الأحكام وصور العبادة ، وعلى هذا ، فكل من آمن بالله وكتبه ورسله فهو مسلم ، وان أسمى نفسه نصرانيا أو يهوديا .. وسبق الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ـ الآية ١٩ من هذه السورة».

وقول الحواريين : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) دعاء منهم لله سبحانه أن يجعلهم في زمرة المؤمنين الذين شهدوا لله بالوحدانية ، ولأنبيائه بالصدق والأمانة ، ليفوزوا بما فاز به المخلصون المرضيون ، وينالوا ما نالوه من الكرامة عند الله سبحانه.

وجاء في الكثير من التفاسير ان عدد الحواريين كان اثني عشر ، وبعض المفسرين ذكر أسماءهم ومهنهم ، ونحن نسكت عن ذلك لحديث : اسكتوا عما سكت الله عنه.

الله خير الماكرين :

(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ). لهذه الآية نظائر كثيرة ، منها الآية ٣٠ من سورة الأنفال : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ). والآية ٥٠ من سورة النمل : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). والآية ٢١ يونس : (قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ). والآية ٩٩ الاعراف : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).

والمراد بمكر الكافرين والمنافقين الحيلة والخداع والغدر وتبييت الشر ، أما مكر الله تعالى فالمراد به إبطال مكر الماكرين وتدبيرهم ، كما نطقت الآية ٤٣ من سورة فاطر : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) .. وفي القرآن صفات كثيرة أطلقت عليه سبحانه ، وظاهرها يوهم عدم جواز نسبتها اليه تعالى ، مثل الشاكر والمؤمن والتواب والمتكبر ، ومع التأمل والإمعان يجدها في محلها ، فان

٦٨

معنى الشاكر انه سبحانه يجزي الشاكرين والمطيعين بالثواب ، والمؤمن انه مصدر الأمان والسلام ، والتواب انه يتقبل التوبة من التائبين ، والمتكبر ان كل ما في الكون حقير بالنسبة اليه تعالى .. وبهذا يتبين معنا ان المكر حرام إذا قصدت به الإضرار بالغير ، وحلال إذا قصدت به دفع الضرر عن نفسك أو غيرك.

ونذكر فيما يلي مثالين على إبطال الله لمكر الكافرين وكيدهم :

١ ـ ان اليهود مكروا بتواطئهم على قتل عيسى ، ولكن الله سبحانه أبطل مكرهم ، حيث ألقى شبه عيسى على يهوذا الذي حرض على قتله ، ورفع عيسى إلى السماء.

٢ ـ ان قريشا أجمعوا أمرهم أن يتخلصوا من محمد ، وذلك أن يختاروا شابا من كل بطن ، ويضربوه بسيوفهم ، وهو نائم في فراشه ، فيتفرق دمه بين الجميع .. فأبطل الله مكرهم ، حيث أمر نبيه بالخروج من مكة ، وأن ينام علي في فراشه ، يوهم القوم ان محمدا لم يسافر ، خوفا من اللحاق به ، واستلقى عليّ في فراش ابن عمه ، وجر عليه بردته .. ولما اقتحم المتآمرون الدار وجدوا عليا هو الذي يرقد في الفراش .. وذهب الله بكيدهم ، وما كيد الكافرين إلا في ضلال.

متوفيك ورافعك الآة ٥٥ ـ ٥٨ :

(إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦)

٦٩

وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨))

الإعراب :

عيسى محله الضم ، لأنه منادى مفرد ، والذين اتبعوك مفعول أول لجاعل ، وفوق ظرف متعلق بمحذوف مفعول ثان ، وإلى يوم القيامة متعلق بهذا المحذوف ، والتقدير كائنين فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.

الاختلاف في عيسى :

اختلف الناس في أمر عيسى اختلافا شديدا .. اختلفوا في أصل وجوده ، واختلفوا في طبيعته ، واختلفوا في موته .. فمن قائل : لا وجود له إطلاقا ، وانما هو بطل اسطوري ، ظهر هذا القول في المانيا وفرنسا وانكلترا في القرن التاسع عشر ، وهو أسخف من السخف ، لأنه تماما كقول من ينفي الطوائف المسيحية والاسلامية التي تؤمن بالمسيح .. ومن قائل : انه إله ، وقائل : بل هو انسان ، وقائل : هو إله وانسان في وقت واحد ، وقالت اليهود فيه وفي أمه ما يهتز له العرش.

واختلف المسلمون فيما بينهم ، فقال أكثرهم : ان المسيح لم يمت ، وانه حي في السماء ، أو في مكان ما بجسمه وروحه ، وانه يخرج في آخر الزمان الى الأرض ، ثم يتوفاه الله بعد ذلك الوفاة الحقيقية .. وقال كثير من المسلمين : انه مات حقيقة ، وان الذي ارتفع الى السماء روحه ، لا جسمه.

وسبب هذا الاختلاف بين المسلمين هو اختلاف ظاهر النص ، فالآية ١٥٨ من سورة النساء تقول : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ

٧٠

رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً). وهذه الآية ظاهرة في انه حي ، بالاضافة الى أحاديث نبوية في معناها. ولكن الآية ١١٧ من سورة المائدة تقول : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) .. وقريب منها الآية التي نحن بصددها ، وهي : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ). فإن المتبادر من الوفاة هو الموت ، وان المعنى الظاهر أني مميتك وجاعلك بعد الموت في مكان رفيع ، كما قال في إدريس : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) ـ ٥٦ مريم». وكما قال في الشهداء : (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) ـ ١٦٨ آل عمران.

والذين قالوا : ان عيسى حي بجسمه وروحه أولوا (توفيتني ، ومتوفيك) بوجوه أرجحها ـ نسبيا ـ ان القصد هو التشبيه بالوفاة ، لا الوفاة الحقيقية ، لأنه إذا رفع إلى السماء فقد انقطعت علاقته بالأرض ، وصار كالميت.

أما الذين قالوا : انه مات حقيقة فقد أولوا (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) بأن اليهود لم يقتلوا مبادئ عيسى وتعاليمه بقتله وصلبه .. ولكن خيل اليهم انهم قد قضوا على تعاليمه بذلك ، مع انها ما زالت قائمة ، وستبقى الى يوم يبعثون.

ونحن نميل الى القول الأول ، وان عيسى حي رفعه الله اليه بعد أن توفاه بنحو من الأنحاء ـ غير الموت ـ نميل الى هذا بالنظر الى ظاهر الآية ، والى ما روي عن الرسول الأعظم (ص) من طريق السنة والشيعة انه ما زال حيا .. ومع هذا فلا نرى أية فائدة من التحقيق والتدقيق في هذا الموضوع ، لأن الايمان بكيفية وفاته ، ورفعه ليس من أصول الدين ، ولا المذهب ، ولا من فروعه في شيء وانما هو موضوع من الموضوعات الخارجية لا تتصل بحياتنا من قريب أو بعيد .. والله سبحانه لا يسأل الناس غدا ، ويقول لهم : بيّنوا كيف توفيت عيسى؟ وكيف رفعته؟ .. ان ما يجب علينا الايمان به هو ان عيسى نبي مرسل من الله ، وانه خلق بكلمة من الله ، وان أمه قديسة .. هذا ، الى ان البحث في هذا الموضوع لا ينتهي بالباحث الى الجزم واليقين بكيفية وفاته ، ولا بكيفية رفعه .. فالأولى إيكال ذلك إلى الله سبحانه (١).

__________________

(١) انظر ما قلنا في تفسير الآية ١٥٨ من سورة النساء.

٧١

(إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ). بعد أن صمم اليهود على قتل عيسى ، ودبروا الأمر لذلك بشّره الله بنجاته منهم ، وإبطال مكرهم وكيدهم ، وانه لن يقتل ، ولن يصلب ، بل يتوفاه الله حين انتهاء أجله وفاة طبيعية ، وانه تعالى سينقله الى عالم لا يناله أحد فيه بأذى ، ولا سلطان فيه لأحد عليه سوى الله. وهذا هو معنى قوله تعالى : (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا). أي أبعدك عن ارجاسهم ، ودنس معاشرتهم ، وعما يريدونه بك من الشر.

(وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ). المراد بالتفوق هنا التفوق نفسا وكمالا ، لا التفوق سلطانا ومالا .. وليس من شك ان الذين آمنوا بعيسى أفضل وأكمل من الذين كذبوه.

(ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ). لا يحتاج هذا الى تفسير ، لأن المعنى الظاهر هو المراد .. أجل ، ان ضمير الخطاب هنا يشمل الغائبين في كل زمان ومكان من الذين اختلفوا في السيد المسيح ، أو في صفة من صفاته.

(فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ). أما عذاب الكافر في الآخرة فمعلوم ، واما عذابه في الدنيا فلأنه دون المسلم في المرتبة في كثير من أحكام الشريعة الاسلامية ، منها ان الكافر تجوز غيبته دون المسلم ، ومنها ان الكافر يقتل بالمسلم ، والمسلم لا يقتل بالكافر ، بل لا دية له عند كثير من الفقهاء إلا إذا كان ذميا .. على ان دية الذمي دون دية المسلم بكثير.

(وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ). في الحديث ان الظالم والراضي بالظلم سواء ، وقال الإمام الباقر (ع) : الظلم ثلاثة : ظلم يغفره الله ، وظلم لا يغفره الله ، وظلم لا يدعه الله ، أما الظلم الذي لا يغفره الله فهو الشرك بالله ، وأما الظلم الذي لا يغفره الله فظلم الرجل نفسه بينه وبين ربه ، وأما الظلم الذي لا يدعه الله فالاعتداء على العباد .. وقال الإمام علي (ع) : ظلم الضعيف أفحش الظلم.

(ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ). ذلك إشارة الى ما أخبر الله به نبيّه من أنباء أم مريم ، ومريم ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، والحواريين ،

٧٢

واليهود الجاحدين ، والمعنى : تلونا عليك يا محمد هذه الأنباء لتكون حجة ودليلا لك على من يجادلك في عيسى من وفد نجران وغيرهم .. أما كون هذه الأنباء حجة في يد محمد فلأنه أميّ لا يقرأ ، ولا يصحب من يخبره بذلك ، فلم يبق من مصدر لعلمه بهذه الأنباء إلا الوحي من الله تعالى .. والمراد بالذكر الحكيم القرآن.

مثل عيسى كمثل آدم الآة ٥٩ ـ ٦٣ :

(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١) إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣))

اللغة :

الامتراء الشك ، والبهلة بالضم والفتح ، ومعناها اللعنة ، يقال : بهله الله ، أي لعنه ، ثم شاع استعماله في مطلق الدعاء ، والقصص تتبّع الأثر ، ومنه قوله تعالى : (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ) ، أي تتبعي أثره.

٧٣

الاعراب :

قد يتوهم ان جملة خلقه من تراب صفة لآدم ، وهذا لا يستقيم لأنها جملة مستأنفة ، وجواب على سؤال مقدر ، كأنّ سائلا يسأل : بأي شيء أشبه عيسى آدم؟ فأجيب بأن كلا منهما خلق من غير أب ، بل وجود آدم أغرب ، لأنه بلا أم أيضا .. فجملة خلقه من تراب ترتبط بآدم معنى لا لفظا ، وقوله : لهو يجوز أن يكون ضمير فصل لا محل له من الإعراب ، ويجوز أن يكون مبتدأ والقصص خبر ، والجملة خبر ان.

المعنى :

(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). قال المفسرون : ان وفد نجران اليمن قالوا لرسول الله (ص) : مالك تشتم صاحبنا؟ ـ أي عيسى ـ قال : وكيف؟ قالوا : تقول : انه عبد. قال : أجل ، هو عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء. قالوا : وهل رأيت إنسانا من غير أب؟ فنزل قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ).

وسواء أصحت هذه الرواية ؛ أم لم تصح فإن هذا هو موضوعها بالذات .. فلقد كان النصارى ، وما زالوا يحتجون لعقيدتهم بربوبية عيسى انه نشأ من غير أب .. وقد قطع الله حجتهم هذه ، وأبطلها بآدم ، فإن كان عيسى إلها أو ابن إله لأنه من غير أب فبالأولى أن يكون آدم كذلك ؛ لأنه من غير أب وام .. وما أجابوا عن هذا النقض ، ولن يجيبوا عنه الى آخر يوم.

وتسأل : ان الظاهر من قوله تعالى : (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) ان الله قد أنشأ آدم وأوجده ، وانتهى كل شيء ، وعليه يكون الخلق متقدما على قول : (كُنْ فَيَكُونُ) ولم يبق أي وجه لهذا القول ، لأنه إيجاد للموجود ، وخلق للمخلوق .. وبديهة ان كلام الله يجب أن يحمل على أحسن المحامل.

الجواب : ان الله خلق آدم على مراحل ، منها انه خلقه من طين بلا روح ،

٧٤

ثم جعل فيه الروح ، وعليه يكون المعنى : أيها الطين كن إنسانا من لحم ودم ، وعاطفة وادراك.

الأنبياء والمعصية :

(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ). أي ان هذا الذي أنزلناه عليك ، وأخبرناك به عن عيسى هو الحق من ربك (فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).

وتسأل : ان النبي محال أن يشك فيما أخبر الله به .. لأن الشك يتنافى مع الايمان فضلا عن العصمة. فما هو المبرر لهذا النهي؟.

وأجاب المفسرون بجوابين : الأول ان ظاهر الخطاب موجه الى النبي ، والمقصود في الواقع غيره. الجواب الثاني : ان المراد استمرار النبي على اليقين.

وفي كلا الوجهين نظر ، لأنهما مبنيان على ان الله تعالى ليس له أن ينهى أنبياءه عن المعصية .. والصحيح ان لله أن ينهى الأنبياء عن المعصية .. أولا لأنه أمر من الأعلى الى من هو دونه في الرتبة والعلو. ثانيا : ان العصمة ليست طبيعة وغريزة في الأنبياء بحيث تستحيل المعصية عليهم بحسب الذات والإمكان ، والا لم يكن لهم من فضل ، وانما يستحيل صدور المعصية منهم بحسب الواقع ، لا بحسب الإمكان ، فيصح ، والحال هذه ، أن يوجه النهي اليهم بهذا الاعتبار ، ولكن من الله لا من غيره ، إذ لا أحد فوق الأنبياء الا الله جلّت عظمته.

وعلى هذا الوجه تحمل النواهي الكثيرة الواردة في القرآن الكريم في هذا الباب ، مثل قوله تعالى لحبيبه محمد (ص) : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) .. ثم ما يدرينا ان الأنبياء كانوا يحبون هذه النواهي من الله سبحانه ، بل ويطلبونها ، كما يطلب المؤمن الصالح من الأعلم الأكمل ان يعظه ، ويذكّره بالله.

المباهلة :

(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ

٧٥

وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). هذه هي الآية المعروفة بآية المباهلة ، وهي من أمهات الكتاب.

والقصد الأول من هذه الآية الكريمة العظيمة هو تدعيم الدين الحنيف ، واثبات الرسالة المحمدية الانسانية بطريق لا عهد به للعلم والعلماء ، ولا يقدر عليه أحد على الإطلاق سوى خالق الأرض والسماء ، ومع ذلك يفهمه بسهولة ويسر الجاهل والعالم .. وفيما يلي حكاية هذه الآية من أولها ، ولكن بإيجاز :

ترتبط هذه الآية بالسنة التاسعة لهجرة الرسول الأعظم (ص) الى المدينة ، وهي السنة المعروفة بعام الوفود ، لأن الناس توافدت فيه على رسول الله (ص) من شتى بقاع الجزيرة العربية ، يخطبون وده بعد ان أعلى الله كلمة الإسلام ، ونصر المسلمين على أعداء الدين ، وقد وفد على الرسول فيمن وفد ستون رجلا من نصارى نجران اليمن ، وقيل : أربعة عشر من أشرافهم .. منهم كبيرهم وأميرهم ، واسمه عبد المسيح ، والثاني مشيرهم وصاحب رأيهم ، واسمه الأيهب ، ويلقب بالسيد ، والثالث حبرهم واستفهم ، وكان في شرف كبير ، وخطر عظيم ، وقد بنى له ملك الروم الكنائس والمدارس ، وخصه بالأموال والمراتب.

ورحب رسول الله (ص) بهم ، وأكرم وفادتهم ، وحين حانت صلاتهم ضربوا بالناقوس ، وصلوا في مسجد الرسول إلى المشرق ، فأراد الأصحاب منعهم ، فقال النبي : دعوهم .. وسبقت الإشارة الى ذلك في تفسير الآية ٨ من هذه السورة.

وبعد أن استقر المقام بوفد نجران أخذوا يجادلون رسول الله في عيسى زاعمين تارة انه الله ، ومرة انه ابن الله ، وأخرى انه ثالث ثلاثة ، وأوردوا أدلة سبق ذكرها وتفسيرها وإبطالها.

والذي أبطل أدلة النصارى هو الله بالذات ، ولكن على لسان محمد (ص) ، وكان في الوفد علماء لا تخفى الحقيقة على أمثالهم ، منهم أبو حارثة الرئيس الديني للوفد ، وكان معه أخ له ، اسمه كرز .. وبعد أن سمع أبو حارثة ما سمع من آيات الله البينات أسرّ إلى أخيه كرز ان محمدا هو النبي الذي كنا ننتظره .. فقال له أخوه هذا : ما يمنعك منه ما دمت على يقين من صدقه؟ قال أبو حارثة : ان الملوك أعطونا أموالا كثيرة ، وأكرمونا ، فلو آمنا بمحمد لأخذوا منا كل

٧٦

شيء .. فوقع ذلك في قلب كرز ، وأضمره في نفسه أمدا ، ثم أعلن إسلامه ، وحدّث عما جرى من أخيه.

وصدق هذه الرواية لا يحتاج إلى دليل ، لأنها بنفسها تدل على صدقها ، وتحمل قياسها معها ، كما يقول أهل المنطق .. ان أكثر الذين أنكروا الحق وعاندوه كان الدافع إلى موقفهم المصالح الخاصة ، والمنافع الشخصية ، كما شرحنا ذلك مفصلا عند الآية ٥٤ من هذه السورة ، فقرة «الحق وأرباب المنافع».

ناظر الرسول وفد نجران في صفات عيسى ، وجادلهم بالحجة الدامغة ، والمنطق السليم بما لا يقبل المزيد ، ولما أصروا على العناد قطع الكلام معهم ، وأنهى المناظرة ، ودعاهم إلى ما لا يشبه شيئا ، ولا يشبهه شيء من الحجاج والنقاش ، ولكنه يحسم الموقف بسرعة ، ويستأصل النزاع من الجذور ، دعاهم إلى التفوه بكلمة واحدة فقط لا يقدم عليها في تلك اللحظة إلا من كان على يقين من صدقه ، ولا يحجم عنها إلا من كان عالما بكذبه .. وهذه الكلمة هي لعنة الله على الكاذبين ، ولكنها تقترن بمعجزة خارقة ، دونها معجزات المسيح مجتمعة ، حيث تنهال على رأس الكاذب صاعقة من السماء تملأ الأرض عليه نارا.

وقد تواترت الروايات في كتب الحديث والتفسير ، ومنها صحيح مسلم والترمذي ، وتفسير الطبري والرازي والبحر المحيط وغرائب القرآن وروح البيان والمنار والمراغي ، وغيرها كثير ، تواترت الروايات ان محمدا (ص) خرج ، وعليه مرط ـ أي كساء غير مخيط ـ أسود ، وقد احتضن الحسين ، وأخذ بيد الحسن ، وفاطمة وعلي يمشيان خلفه ، وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا ، فقال الرئيس الديني للوفد : يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو دعت الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ثم قال : يا أبا القاسم رأينا ان لا نباهلك. فقال لهم : أسلموا. فأبوا ، ثم صالحهم على أن يؤدوا الجزية.

وعاد الوفد مخذولا مرذولا ، يجر وراءه ثوب الفشل ، والخزي .. وآمن بعد هذه المباهلة كثير من الذين لم يكونوا قد آمنوا بعد ، كما ازداد المؤمنون إيمانا وتسليما.

٧٧

لقد أقدم محمد (ص) ، ومعه أهل بيته وأعز الناس على قلبه ، أقدم على المباهلة ، وهو يضمن النصر سلفا ، حتى كأنه بيده .. ولا شيء أوضح وأصدق في الدلالة على نبوته من هذا الاقدام .. انه أوضح من دلالة نور الشمس على وجود الشمس .. وما عرفت هذه المعجزة لواحد من الأنبياء ، وانما كانوا يدعون على الكافرين ، فيستجيب الله دعوتهم.

وتسأل : ان النبي دعا بعض الكفار الى الإيمان ، فقالوا : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) ـ ٣٢ الأنفال». ومع هذا لم يقع العذاب بهم؟

الجواب : ان الكلام فيما نحن فيه يدور حول المباهلة ، وهي لا تتحقق إلا في معرض الاحتجاج والادعاء ، وأيضا لا تجوز إلا بإذن من الله ، أو رسوله خشية ان لا يظهر صدق الصادق .. وقول الكافرين : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) ليس من المباهلة في شيء .. ولذا أخر الله عقابهم الى يوم يبعثون.

أهل البيت :

ومما قاله الرازي في تفسير آية المباهلة : «روي أن محمد (ص) لما خرج في المرط الأسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله ، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله ، ثم فاطمة ، ثم علي رضي الله عنهما ، ثم قال النبي (ص) : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) واعلم ان هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث ـ ثم قال الرازي ـ : ان هذه الآية دالة على ان الحسن والحسين عليهما السلام كانا ابني رسول الله (ص) ، وعد أن يدعو أبناءه فدعا الحسن والحسين ، فوجب أن يكونا ابنيه ، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الانعام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) إلى قوله : (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى) ومعلوم ان عيسى (ع) انما انتسب الى ابراهيم (ع) بالأم لا بالأب».

وقد بحثت هذا الموضوع بحثا مطولا في كتاب «فضائل الإمام علي» وعقدت له فصلا مستقلا بعنوان «أبناء رسول الله».

٧٨

(إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ). هذا اشارة إلى ما تقدم من شأن عيسى ، وانه نبي مرسل ، لا ابن زنا كما يزعم اليهود ، ولا هو إله أو ابن إله كما تدعي النصارى ، ومن يصدق ويؤمن بهذه الحقيقة فدعه يا محمد وشأنه ، فان الله سبحانه أعلم بفساده وضلاله ، وقادر على عقابه بما يستحق.

تعالوا الى كلمة سواء الآة ٦٤ ـ ٦٨ :

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨))

اللغة :

سواء العدل والانصاف ، والحنيف المائل عن العقائد الزائفة.

٧٩

الإعراب :

المصدر من ان لا نعبد محل جر بدل من كلمة ، وشيئا مفعول به ، لأن المراد به كل شيء من انسان وغيره ، وها أنتم الهاء للتنبيه ، كالهاء في هذا ، وأنتم مبتدأ ، وهؤلاء عطف بيان أو بدل ، وجملة حاججتم خبر لأنتم ، واللام في للذين للتوكيد ، والذين خبر إن ، وهذا النبي عطف على الخبر.

المعنى :

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ). يؤمن اليهود بالتوراة ، ويؤمن النصارى بالتوراة والإنجيل ، ويؤمن المسلمون بالتوراة والإنجيل والقرآن ، وقد أجمعت هذه الكتب الثلاثة على ان وراء الكون مدبرا حكيما .. ولكن النصارى بالغوا في الغلو ، فجعلوا لله شركاء ، ونسبوا له ولدا ، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، يحللون لهم ، ويحرّمون ، ويغفرون الخطايا والذنوب ، ويبيعون أذرعا في السماء .. روي ان عدي بن حاتم قال لرسول الله : ان الله يقول في كتابه العزيز : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ). مع ان النصارى لا يعبدون الأحبار والرهبان .. فقال له الرسول (ص) : أما كانوا يحللون لكم ويحرّمون ، فتأخذون بأقوالهم؟. قال عدي : نعم. قال (ص) : هو ذاك.

وما زلنا ، ونحن في القرن العشرين ، نقرأ في الصحف ؛ ونسمع من الاذاعات ان فلانا تشرّف بمقابلة البابا ، ومنحه البابا البركة ، وكذا يمنح البركة الكردينال والبطريرك .. أما المسلمون فإنهم يعتقدون ان البركة لا تكون ولن تكون الا من الله : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ) ـ ٧٣ هود».

أما اليهود فقد أنكروا عيسى (ع) ، وحاولوا صلبه ، وكفروا بمحمد (ص) ، وهم على علم من صدقه ، قال تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).

٨٠