العدالة الإجتماعية وضوابط توزيع الثّروة في الإسلام

الدكتور زهير الاعرجي

العدالة الإجتماعية وضوابط توزيع الثّروة في الإسلام

المؤلف:

الدكتور زهير الاعرجي


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٣

من الزكاة شيئاً : الاب ، والام ، والولد ، والمملوك ، والمرأة [ الزوجة ] ، وذلك انهم عياله ، لازمون له) (١).

رابعاً : ان لا يكون هاشمياً ، باعتبار ان زكاة غير الهاشميين محرمة على بني هاشم ، اولاً. وان نصف الخمس خصّص لفقراء الهاشميين ، ثانياً.

ولا يصح دفع الزكاة الا بنية التقرب الى الله سبحانه وتعالى ، كبقية العبادات التي يشترط فيها نية القربى. ويجوز الاعلان او الاسرار عند الدفع ، للنص المجيد : (اِن تُبدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هيَ وَاِن تُخفُوها وَتُؤتُوها الفُقَراءَ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُم ) (٢) ، وما ورد عن الامام الصادق (ع) : (كلما فرض الله عليك فاعلانه افضل من اسراره ، وكلما كان تطوعاً فاسراره افضل من اعلانه ، ولو ان رجلاً يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسناً جميلاً) (٣). وذهب المشهور « ولا سيما المتأخرين الى جواز تولي المالك ، او وكيله لتفريق الزكاة ، للاخبار المستفيضة عن اهل البيت (ع) في جملة من المواضع التي مرت ، والاخبار الدالة على الامر بايصال الزكاة الى المستحقين ، والاخبار الدالة على نقل الزكاة من بلد الى بلد ، مع عدم المستحق ، والاخبار الدالة على شراء العبيد منها ، الى غير ذلك من الأخبار الكثيرة المتكررة ... ويعضد ما قلناه ان رجلاً جاء الى الامام الباقر (ع) وقال : رحمك الله ، اقبض مني هذه الخمسمائة درهم ، فضعها في مواضعها ،

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ١٥٦.

(٢) البقرة : ٢٧١.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٣٧٨.

١٦١

فانها زكاة مالي. قال الامام : بل خذها انت ، وضعها في جيرانك والايتام والمساكين ، وفي اخوتك من المسلمين » (١).

ويصدق صاحب المال اذا ادعى اخراج الزكاة ، لان الاصل صحة فعل المسلم ، ما لم يثبت العكس. فاذا قال : دفعت زكاة اموالي قبل منه قوله بلا بينة ولا يمين ، ما لم يعلم انه كاذب. وكان امير المؤمنين (ع) اذا بعث الجابي يقول له : (اذا أتيت على رب المال ، فقل : تصدق رحمك الله مما اعطاك الله ، فان ولى عنك فلا تراجعه) (٢).

وقيل في مقدار المعطى من الزكاة ان « اقله للفقير الواحد ما يجب في النصاب الاول فان كان من الدنانير فنصف دينار وان كان من الدراهم فخمسة دراهم وكذا في الاصناف الباقية بدليل الاجماع وطريقة الاحتياط » (٣) ، ولما روي عن الامام الصادق (ع) قوله : (لا يعطى احد من الزكاة في اموال المسلمين ، فلا تعطوا احداً من الزكاة اقل من خمسة دراهم فصاعداً) (٤). ولا يجوز التحايل في دفع الزكاة ، لان في ذلك هتكاً لحرمة نية القربى اولاً ، وهدراً لحقوق الفقراء والمستضعفين ، ثانياً. فلا يجوز « للفقير ، ولا للحاكم الشرعي اخذ الزكاة من المالك ، ثم الرد عليه ، او المصالحة معه

__________________

(١) الحدائق الناضرة ـ باب الزكاة.

(٢) الكافي ج ١ ص ١٥٢.

(٣) الغنية لابن زهرة ص ٤٦.

(٤) المحاسن للبرقي ص ٣١٩.

١٦٢

بشيء يسير ، او قبول شيء منه بازيد من قيمته ، او نحو ذلك ، فان كل هذه حيل في تفويت حق الفقراء ، وكذا بالنسبة الى الخمس والمظالم ، ونحوهما » (١).

٢ ـ زكاة الفطر

وهي زكاة الابدان والقلوب ، كما ورد في الروايات ووجوبها ثابت بالفطر من شهر رمضان. فلا تتكامل عبادة الصوم الاّ باخراجها ، للروايات المستفيضة عن اهل البيت (ع) كما في قول الامام الصادق (ع) : (ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة يعني الفطرة ... لانه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له اذا تركها متعمدا) (٢) ، وقوله : (تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة ، وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة) (٣) ، وقوله : (من حلت له لم تحل عليه ، ومن حلت عليه لم تحل له) (٤). بمعنى ان على المكلف الغني دفع زكاة فطرته للفقراء من غير الذين يعيلهم ، بينما يعفى الفقير ، صائماً كان او مفطراً لسبب شرعي ، عن دفع هذه الضريبة.

وتفصيل ذلك ، انه يجب دفع هذا اللون من الزكاة على من غربت عليه الشمس ليلة العيد ، شرط ان يكون بالغاً ، عاقلاً ، غنياً. فتجب عن الصغير والكبير ، والحر والعبد ، بصاع من حنطة او تمر او زبيب عن كل فرد منهم.

__________________

(١) العروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي ج ٢ ص ١٦٣.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٣٧٩.

(٣) المقنعة للشيخ المفيد ص ٤٠.

(٤) الاستبصار ج ٢ ص ٤١.

١٦٣

اي ان على المكلف دفع زكاة الفطر عن نفسه وعن كل من يعول وجوباً كالولد والزوجة ، او استحباباً كالضيف.

والصاع ، وهو الواجب في صدقة الفطر ، يساوي حوالي ثلاثة كيلو غرامات ، من الحنطة او الشعير او التمر او الزبيب. والظاهر ان هذه الاصناف الاربعة كانت قوت زمان رسول الله (ص) والائمة (ع). ولذلك فقد ورد عنه (ع) : (الفطرة على كل من اقتات قوتاً فعليه ان يؤدي من ذلك القوت) (١). فيظهر من هذا النص ان التفضيل منصب على صرف الفطرة على القوت الغالب في العصر الذي يعيش فيه الفرد المكلف.

وتعتبر صدقة الفطر من جملة الصدقات التي تشملها الآية الكريمة : ( اِنَّما الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفي الرَّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللهِ وابنِ السبيلِ فَريضَة مِنَ اللهِ ) (٢) ، فيكون مصرفها نفس مصرف الزكاة المالية في الاصناف الثمانية باستثناء المؤلفة قلوبهم والعاملين عليها. ويستحب اختصاص ذوي القرابة والجيران ، واهل الفضل في الدين والعلم ، كما مر بنا سابقاً في الزكاة المالية.

ولا شك ان الصدقة « عقد يفتقر الى ايجابٍ وقبول واقباض. ولكن لو قبضها المعطى له من غير رضا المالك ، لم تنتقل اليه. ومن شرطها نية القربة ، ولا يجوز الرجوع فيها بعد القبض على الاصح ، لان المقصود بها الاجر وقد

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٢١١.

(٢) التوبة : ٦٠.

١٦٤

حصل ، فهي كالمعوض عنها » (١).

٣ ـ الخمس

ويدل على وجوبه منطوق الآية الشريفة : ( وَاعلَمُوا انما غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَاَنَّ للهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ ) (٢) ، وما ورد عن الامام موسى الكاظم (ع) في تفسيرها : (ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا ، والله لقد يسر الله على المؤمنين ارزاقهم بخمسة دراهم ، جعلوا لربهم واحداً ، واكلوا اربعة احلاء) (٣).

ولا شك ان اخراج الخمس محدد وجوباً في سبعة موارد ، محصورة حصراً استقرائياً من الادلة الشرعية ، وهي : غنائم دار الحرب ، والمعادن ، والكنوز ، والغوص ، والمكاسب ، والحلال المختلط بالحرام ، والارض التي اشتراها الذمي من المسلم. ويقع التفصيل في كل مورد من هذه الموارد بالشكل التالي :

اولاً ـ غنائم دار الحرب : وهي الغنائم التي يملكها المسلمون عن طريق الجهاد من اجل رفع راية الاسلام ، ويعضد ذلك ما ورد عن الامام محمد الباقر (ع) : (كل شيء قوتل عليه على شهادة ان لا إله الا الله ، وان محمداً رسول الله (ص) فان لنا خمسه ، ولا يحل لاحد أن يشتري من الخمس شيئاً ، حتى يصل الينا حقنا) (٤). وتشمل كل ما أُخذ من دار الحرب ، منقولاً

__________________

(١) شرائع الاسلام ج ٢ ص ٢٢٢.

(٢) الانفال : ٤١.

(٣) بصائر الدرجات ص ٩.

(٤) الوسائل ج ٤ ص ٣٣٩.

١٦٥

كان كالعتاد والاموال او غير منقول كالاراضي والابنية والاشجار ، شريطة أن لا يكون مغتصباً ، وان يكون مما يصح تملكه. فلا يجوز تملك الخمر والخنزير. والاصل في فكرة جواز اخذ الغنيمة ، ان غير المسلم اذا كان حرباً على الله ورسوله ، فان دمه وماله يحلان للمسلم المجاهد. بمعنى ان الفرد اذا كان عائقاً امام نشر نظام العدالة الالهية بين افراد الانسانية في الارض ، استبيح ماله ودمه حتى يذعن الى امر الله.

ثانياً ـ المعادن : وهي كل ما يخرج من الارض ، شريطة ان تكون له قيمة سوقية ، وان لا يكون جزءاً من الارض. كالذهب ، والفضة ، والنفط ، والكبريت ، والحديد ، والنحاس ، ونحوها ، للروايات المتضافرة عن اهل البيت (ع). ولا بد في اخراج الخمس من بلوغ النصاب وهو عشرون ديناراً فما فوق. وتستثنى نفقات الاخراج والتصفية ، ثم يخرج خمس المتبقي. والارض المملوكة ، معدنها لصاحبها ، وعليه الخمس ايضاً. ولا شك ان الدولة اليوم ، تتحمل مسؤولية استثمار الموارد المعدنية ، حفاظاً على المصلحة العليا للنظام الاجتماعي الاسلامي والمؤسسات التابعة له.

ثالثاً ـ الكنز : وهو المال المدفون في الارض ، في اي مكان او زمان وجد. وهو لواجده اذا كان مالكاً للارض ، الا ان عليه خمسه اذا بلغ النصاب وهو عشرون ديناراً ، كما ورد في رواية ضعيفة عن الامام الرضا (ع) عندما سئل عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس : (ما تجب فيه الزكاة من ذلك بعينه

١٦٦

ففيه الخمس ، وما لم يبلغ حد ما تجب فيه الزكاة فلا خمس فيه) (١). ولكن عمل المشهور بين الفقهاء اجبر ضعف سند هذه الرواية.

اما اذا كان لا يملك الارض التي وجد فيها الكنز ، فلا يحق له التصرف بملك الغير ، الا باذنه ورضاه ، لقوله (ع) عندما سئل عن الورق [ الدراهم ] يوجد في دار؟ قال : (ان كانت معمورة [ مملوكة ] فهي لاهلها ، وان كانت خربة [ غير مملوكة ] فانت احق بها).

رابعاً ـ الغوص : وهو ما يخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والجواهر النفيسة ، ويجب فيه الخمس ، اذا بلغت قيمته ديناراً فما فوق. اما عند غرق سفينة ما ، فهي لمن يخرجها مع ما فيها ، وليس في الاخراج خمس ، فقد سئل ابو عبدالله (ع) عن سفينة انكسرت في البحر ، فاُخرج بعضها بالغوص واخرج البحر بعض ما غرق فيه. فقال : (اما ما اخرجه البحر ، فهو لاهله ، الله اخرجه. واما ما اُخرج بالغوص ، فهو لهم ، وهم احق به) (٢). وهذا الحكم كان قد ذكره الشيخ الطوسي في النهاية مفتياً به (٣).

خامساً ـ المكاسب : ويجب الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة للمكلف وعياله ، فيما يكتسبه من الارباح التجارية ، بل ارباح مطلق الاعمال ، « وهو الذي استقر عليه المذهب والعمل في زماننا هذا ، بل وغيره من الازمنة السابقة التي يمكن دعوى اتصالها بزمان اهل العصمة (ع) » (٤). ودليل ذلك

__________________

(١) المقنعة للشيخ المفيد ص ٤٦.

(٢) التهذيب ج ٦ ص ٢٩٥.

(٣) النهاية ص ٣٥١.

(٤) الجواهر ج ١٦ ص ٤٥.

١٦٧

روايات عديدة عن اهل البيت (ع) ، منها ما كتبه الامام (ع) بخطه جواباً على سؤال وجه له : (الخمس بعد المؤونة) (١). ويرجع تحديد المؤونة السنوية للعرف ، لان الشريعة لم تحدد معنى خاصاً لتلك النفقة المستثناة.

سادساً ـ المال الحلال المختلط بالحرام : فاذا لم يستطع الفرد تمييز او معرفة مقدار الحرام منه ، اخرج خمسه وحل الباقي ، « لأن منعه من التصرف ينافي مالية المالك ، ويستدعي ضرراً عظيماً بترك الانتفاع بالمال وقت الحاجة ، وتسويغ التصرف بالجميع اباحة للحرام ، وكلاهما منفيان ، ولا مخلص الا اخراج الخمس ، حيث ورد ان رجلا اتى علياً امير المؤمنين (ع) ، فقال : يا أمير المؤمنين اني اصبت مالاً ، لا اعرف حلاله من حرامه. فقال له : اخرج الخمس من ذلك المال ، فان الله تعالى قد رضي من المال الخمس » (٢). واذا علم مقدار الحرام وجب اخراجه حتماً مهما كان قدره ، دون الرجوع الى قاعدة اخراج الخمس.

سابعاً : الارض التي يشتريها الذمي من المسلم ، يجب فيها الخمس على الذمي ، كما ورد في الرواية عنه (ع) : (ايما ذمي اشترى من مسلم ارضاً فان عليه الخمس) (٣).

ولا بد من التأكيد على ان النصاب في الخمس معتبر في المعدن ، والكنز ، والغوص فقط. ففي المعدن والكنز عشرون ديناراً ، وفي الغوص دينار واحد. ولا يشترط النصاب في الغنائم الحربية ، وما يفضل من مؤونة السنة ،

__________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٣٨٤.

(٢) التذكرة للعلامة الحلي ـ باب الخمس.

(٣) من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ١٤.

١٦٨

والمال المختلط بالحرام ، والارض التي يشتريها الذمي من المسلم.

اما المؤونة المستثناة من الارباح ، اي التي لا يجب فيها الخمس ، فهي :

١ ـ مؤونة تحصيل الارباح : وهي كل مال يصرفه الفرد في سبيل الحصول على الربح كأجرة المكان ، والكتابة والنقل ونحوها. فتخرج جميع هذه المصاريف من الربح اولاً ، ثم يخمس الباقي.

٢ ـ مؤونة السنة : وهو كل ما يصرفه الفرد في سنته من المعاش اللائق بحاله له ولعياله ، كما ذكرنا ذلك سابقاً.

ويقسم الخمس الى ستة اسهم ، وهي التي نطقت بها الآية الشريفة : (وَاعلَموا اَنَّما غَنِمتُم مَّن شَيءٍ فَاَنَّ للهِ خُمسَه وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ ) (١) ، وهي : سهم الله ، وسهم الرسول ، وسهم الامام وهو المراد من ذي القربى. وسهم اليتامى ، وسهم المساكين ، وسهم ابن السبيل من قرابة رسول الله (ص) خاصة الذين حرمت عليهم الصدقة ، وقال الله فيهم : ( وَانذِر عَشيرَتكَ الاَقرَبينَ ) (٢) ، وهم بنو عبد المطلب خصوصاً ابناء علي (ع) ، وعقيل ، والحارث ، ونحوهم. فمن « قال ان القرابة هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب فانه احتج بحديث جبير بن مطعم ، قال : قسم رسول الله (ص) سهم ذوي القربى لبني هاشم وبني عبد المطلب من الخمس. وانما بنو هاشم وبنو عبد المطلب صنف واحد. ومن قال بنو هاشم صنف فلأنّهم الذين لا يحل لهم الصدقة » (٣). وعليه ، فيكون للامام

__________________

(١) الانفال : ٤١.

(٢) الشعراء : ٢١٤.

(٣) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد ج ١ ص ٤٠٢.

١٦٩

ثلاثة اسهم ، وليتامى آل الرسول ومساكينهم وابناء سبيلهم الثلاثة الاخرى. ولذلك سمي الاول بسهم الامام ، والثاني بسهم السادة.

وفي زمن حضور الامام يعطى له الخمس جميعاً دون استثناء. وفي زمن الغيبة ، يعطى سهم القرابة لهم ابتداء دون توسط الحاكم الشرعي ، بشرط ان يكون اليتيم والمسكين من اهل الحاجة الذي لا يملك مؤونة سنته ، وابن السبيل في طاعة الله ، المنقطع في غير بلده ، فقيراً في غربته ، وان كان غنياً في بلده.

ويصرف سهم الامام في تأييد الدين ودعمه ومؤونة اهل العلم. والمشهور وجوب الرجوع الى الحاكم الشرعي في صرفه.

١٧٠

ملحق : اخلاقية الدولة في استلام الزكاة

عن الامام الصادق (ع) قال : (بعث امير المؤمنين مصدقاً من الكوفة الى باديتها فقال له : يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تؤثرن دنياك على آخرتك ، وكن حافظاً لما ائتمنتك عليه راعياً لحق الله فيه حتى تأتي نادي بني فلان ، فاذا قدمت فانزل بمائهم من غير ان تخالط ابياتهم ثم امض اليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم ، ثم قل لهم : يا عباد الله ارسلني اليكم ولي الله لآخذ منكم حق الله في اموالكم ، فهل لله في اموالكم من حق فتؤدوه الى وليه ، فان قال لك قائل : لا. فلا تراجعه وان انعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير ان تخيفه او تعده الا خيراً ، فاذا اتيت ماله فلا تدخله الا باذنه فان اكثره له ، فقل : يا عبد الله اتأذن لي في دخول مالك؟ فان اذن لك فلا تدخله دخول متسلط عليه فيه ولا عنف به ، فاصدع المال صدعين ثم خيره اي الصدعين شاء ، فايهما اختار فلا تعرض له ، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فايهما اختار فلا تعرض له ، ولا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله ، فاذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه ، وان استقالك فاقله ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت اولاً حتى تأخذ حق الله في ماله ، فاذا قبضته فلا توكل به الا ناصحاً شفيقاً اميناً حفيظاً غير معنف بشيء منها ، ثم احدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد الينا نصيره حيث امر الله عز وجل ، فاذا انحدر بها رسولك فاوعز اليه ، الا يحول بين ناقة وبين فصيلها ، ولا يفرق بينهما ولا يمصرن

١٧١

لبنها فيضر ذلك بفصيلها ، ولا يجهدنها ركوباً ، وليعدل بينهن في ذلك وليوردهن كل ماء يمر به ، ولا يعدل بهن عن نبت الارض الى جواد الطرق في الساعة التي تربح فيها وتعبق وليرفق بهن جهده حتى تأتينا بأذن الله سبحانه سحاحاً سماناً غير متعبات ولامجهدات فيقسمن باذن الله على كتاب الله وسنة نبيه على اولياء الله ، فان ذلك اعظم لاجرك وأقرب لرشدك ينظر الله اليها واليك والى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته ، فان رسول الله (ص) قال : ما ينظر الله الى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة له ولامامه الا كان معنا في الرفيق الأعلى) (١).

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ١٥١.

١٧٢

٤ ـ الانفال

ولمّا كان رسول الله (ص) يتحمل مسؤولية قيادة الدولة الاسلامية ، فان الشريعة وضعت كل الموارد الطبيعية تحت تصرفه لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية بين الافراد. فالدولة لا تستطيع القيام بواجباتها الاجتماعية ما لم يتوفر لها رصيد من الموارد الطبيعية تستثمره لتشغيل الافراد واعالتهم. وهذا هو دور الانفال في النظام الاجتماعي. فالانفال هي كل ما يختص برسول الله (ص) من الموارد الطبيعية ، كما ورد في النص المجيد : ( يَسألُونَكَ عَن الاَنفالِ قُل الاَنفال للهِ وَالرَسُولِ فَاتَقُوا اللهَ وَاَصلِحُوا ذاتَ بَينِكَم ) (١) ، وما ورد عن الامام (ع) : (الانفال كل ارض خربة باد اهلها ، وكل ارض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ولكن صالحوا صلحاً ، واعطوا بايديهم على غير قتال ، وله رؤوس الجبال ، وبطون الاودية ، والآجام (٢) ، وكل ارض ميتة لا رب لها ، وله صوافي الملوك ، ما كان في ايديهم من غير وجه الغصب ، لان الغصب كله مردود. وهو وارث من لا وارث له يعول من لاحيلة له) (٣) ، وفي رواية اخرى : (كل قرية يهلك اهلها او يجلون عنها فهي نفل لله عز وجل ، نصفها يقسم بين الناس ونصفها لرسول الله (ص)) (٤).

واتفق الفقهاء على ان الانفال ، بكافة انواعها ، للامام (ع) منتقلة اليه من

__________________

(١) الانفال : ١.

(٢) الاجام : ارض برية غير منزرعة تتكاثف فيها الاشجار.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٣٨٦.

(٤) التهذيب ج ١ ص ٣٨٧.

١٧٣

النبي (ص) تماماً كما تنتقل الولاية الشرعية منه (ص) بعد وفاته الى الامام (ع). ودليل ذلك قوله (ع) : (الانفال لله وللرسول ، فما كان لله فهو للرسول ، يضعه حيث يحب) (١) ، و(ما كان لرسول الله (ص) فهو للامام) (٢). وهي على انواع ، منها :

١ ـ الارض التي يتملكها المسلمون من غير المسلمين ، دون قتال ، سواء انجلى عنها اهلها وتركوها ، او مكنوا المسلمين منها مع بقائهم فيها.

٢ ـ الارض الموات ، المملوكة اصلاً ثم باد اهلها ، او غير المملوكة بالاصل ، كسواحل البحار ونحوها.

٣ ـ رؤوس الجبال ، وبطون الاودية ، والاجام.

٤ ـ ميراث من لا ميراث له.

٥ ـ ما اختص به سلطان الحرب ، منقولاً كان او غير منقول.

٦ ـ اصطفاء النبي (ص) ، او الامام (ع) لنفسه من غنائم الحرب قبل القسمة ، يعتبر من الانفال ايضاً.

وفي زمن الحضور ، تكون الانفال كلها بيد النبي (ص) او الامام (ع). اما في زمن الغيبة ، فـ « المصرح به في كلام الشهيدين وغيرهم : تحليل الانفال للشيعة ، وربما نسب ذلك الى المشهور ... ويدل على التحليل خبر الحرث بن المغيرة النضري : (دخلت على ابي جعفر (ع) فجلست عنده ، فاذا نجية قد استأذن عليه فأذن له ، فدخل فجثا على ركبتيه ، ثم قال : جعلت فداك ، اني اريد ان اسألك عن مسألة ، والله ما اُريد فيها الا فكاك رقبتي من النار.

__________________

(١) و (٢) التهذيب ج ١ ص ٣٨٧.

١٧٤

فكأنه رق له فاستوى جالساً ، فقال : يا نجية سلني ، فلا تسألني عن شيء الا اخبرتك به. قال : جعلت فداك ، ما تقول في فلان وفلان؟ قال : يا نجية ، ان لنا الخمس في كتاب الله ، ولنا الانفال ، ولنا صفو المال. وهما والله اول من ظلمنا حقنا في كتاب الله تعالى .... الى ان قال : اللهم انا قد احللنا ذلك لشيعتنا) وما في خبر ابي سيار : (يا ابا سيار ، الارض كلها لنا ، فما اخرج الله تعالى منها من شيء فهو لنا ... الى ان قال (ع) : وكل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون ، ومحلل لهم ذلك الى ان يقوم قائمنا » (١). و « ظاهر جملة من متأخري المتأخرين القول بالتحليل مطلقاً ، وهو الظاهر من اخبار اهل البيت (ع) ، ويدل عليه جملة من الروايات ، كرواية يونس بن ظبيان ، ومعلى بن خنيس ، وصحيحة ابي خالد الكابلي ، وصحيحة عمر بن يزيد ، ومنها الاخبار الكثيرة الواردة في احياء الموات ، وميراث من لا وارث له ، ونحو ذلك » (٢).

٥ ـ الكفارات

وهي ضرائب تفرضها الشريعة في حالات مخالفة الافراد للاحكام الشرعية ، وتأمرهم بصرفها لصالح الفقراء ، كالاطعام والكسوة ، او حل المشاكل الاجتماعية كعتق الرقيق ، او تهذيب النفس كالصيام. حيث تنقسم ، بحسب اسبابها ، الى الاقسام التالية :

__________________

(١) مستمسك العروة الوثقى للسيد الحكيم ج ٩ ص ٦٠٤.

(٢) الحدائق الناظرة ـ آخر باب الخمس.

١٧٥

اولاً : كفارات الصوم

أ ـ كفارة الافطار في شهر رمضان : ويوجب الكفارة انتهاك الفرد المكلف حرمة النظام الشرعي للصيام كتناوله شيئاً من المفطرات او نحوها ، في شهر رمضان عالماً مختاراً دون اذن او مبرر شرعي. اما اذا كان المفطر جاهلاً بحرمة الافطار ، فقد اختلف الفقهاء في وجوبها ، ولكن المشهور بينهم ان عليه الكفارة ايضا ً.

والمعنى العملي لكفارة الافطار في شهر رمضان ، هو التخيير بين صيام شهرين متتابعين ، او عتق نسمة ، او اطعام ستين مسكيناً. ويطلق على هذه الكفارة شرعاً كفارة التخيير الكبرى. واضافة الى كفارة التخيير هذه ، ثمة كفارة اخرى تسمى كفارة الجمع. فاذا افطر الفرد على محرم ، تكون كفارته الجمع بين الخصال الثلاث.

والحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن ، تفطران وتكفران بمد لكل يوم وعليهما القضاء ، والدليل ما روي عن الامام الباقر (ع) : (الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما ان تفطرا في شهر رمضان ، لانهما لا تطيقان الصوم ، وعليهما ان تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد ، وعليهما قضاء كل يوم افطرتا فيه تقضيانه بعد) (١).

ب ـ كفارة قضاء شهر رمضان : وهو الافطار عمداً بعد الزوال ، فكفارته اطعام عشرة مساكين ، ومع العجز عن الاطعام صيام ثلاثة ايام ، لنص الامام (ع) عن رجل اتى اهله في يوم يقضيه من شهر رمضان : ( ان كان اتى

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ١ ص ٤٦.

١٧٦

اهله قبل زوال الشمس فلا شيء عليه الا يوماً مكان يوم ، وان كان اتى اهله بعد زوال الشمس فان عليه ان يتصدق على عشرة مساكين ، فان لم يقدر صام يوماً مكان يوم ، وصام ثلاثة ايام كفارة لما صنع) (١).

ج ـ كفارة النذر بالصوم المعين : وهو اذا نذر بصوم يوم معين بالذات فافطر ، ولم يف بالنذر فعليه كفارة التخيير الكبرى ، وهو المشهور ، بل عن الانتصار الاجماع عليه ، « لقول الامام الصادق (ع) في رجل جعل لله عليه ان لا يفعل محرماً سماه فركبه ، فليعتق رقبة ، او يصوم شهرين متتابعين ، او يطعم ستين مسكيناً » (٢).

د ـ كفارة صوم الاعتكاف : ومثالها ان من جامع ايام صوم الاعتكاف ، ليلاً او نهاراً ، فعليه كفارة كبرى ، لانه بمنزلة من افطر يوماً من شهر رمضان.

هـ ـ كفارة افطار الشيخ او الشيخة الطاعنين في السن : وهي اطعام مسكين عن كل يوم ، لقوله تعالى : ( وعلى الَذين يُطيقونَهُ فِدية طَعام مسكين فَمن تَطوّع خَيراً فَهو خَير له وأَن تَصوموا خَيرٌ له وأن تَصُوموا خَيرٌ لكُم إن كَنتم تَعلمُون ) (٣) ، وفي الرواية عن الامام محمد الباقر (ع) : (الشيخ الكبير ، والذي به العطاش لا حرج عليهما ان يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدق كل منهما عن كل يوم بمد من طعام ، ولا قضاء عليهما ، وان لم يقدرا فلا شيء

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ١٩٦.

(٢) الجواهر ج ٣٥ ص ٣٦٦.

(٣) البقرة : ١٨٤.

١٧٧

عليهما ) (١).

و ـ كفارة المريض الذي يستمر مرضه من شهر رمضان الى شهر رمضان القادم ، وهي مد طعام عن كل يوم يعجز عن صيامه.

ثانياً : كفارات الحج

أ ـ كفارة صيد المحرم ، لقوله تعالى : (يا اَيُّها الَّذين اَمنُوا لا تَقتلوا الصَيد وَانتُم حُرُم وَمن قَتله منكُم متعمداً فَجزاء مثلُ ما قَتل منَ النَّعم يَحكم بهِ ذَوا عَدل مِنكم هَدياً بالغَ الكعبةِ او كَفارة طعامُ مَساكينَ اَو عَدلُ ذلِكَ صياماً ) (٢). والمراد بالصيد « هو كل الوحش اكل او لم يؤكل وهو قول اهل العراق واستدلوا بقول علي (ع) :

صيد الملوك ارانب وثعالب

فاذا ركبتُ فصيدي الابطال

وهو مذهب اصحابنا رضي الله عنهم. وقوله ( وانتم حرم ) اي وانتم مُحْرِمون بحج او عمرة. وقوله : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) فالذي عليه معظم اهل العلم ان المماثلة معتبرة في الخلقة ، ففي النعامة بدنة وفي حمار الوحش وشبهه بقرة وفي الظبي والارنب شاة ، وهو المروي عن اهل البيت (ع) وقوله : ( يحكم به ذوا عدل منكم ) يحكم في الصيد بالجزاء ، رجلان صالحان منكم اي من اهل ملتكم ودينكم فقيهان عدلان فينظران الى اشبه الاشياء به من النعم فيحكمان به. وقوله : ( هدياً بالغ الكعبة ) اي

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ١٩٤.

(٢) المائدة : ٩٥.

١٧٨

يهديه هدياً يبلغ الكعبة قال ابن عباس : يريد اذا اتى مكة ذبحه وتصدق به. وقال اصحابنا ان كان اصاب الصيد وهو محرم بالعمرة ذبح جزاءه او نحره بمكة قبالة الكعبة ، وان كان محرماً بالحج ذبحه او نحره بمنى. وقوله : ( او كفارة طعام مساكين ) ان يقوّم عدله من النعم ثم يجعل قيمته طعاماً ويتصدق به. وقوله : ( او عدل ذلك صياماً ) ان يصوم عن كل مُدَّيْنِ يوماً ، وهو المروي عن ائمتنا (ع) » (١).

ب ـ كفارة الجماع والاستمتاع وقت الاحرام ، وهي بدنة ، ويفسد حجه ، ولكن عليه المضي في حجه الى أن يتمه ، ثم القضاء في العام القادم ، وعندها يجب التفريق بين الزوجين في حج القضاء.

ج ـ كفارة تطيب المحرم عمداً ؛ شاة.

د ـ كفارة تقليم اظافره ؛ شاة.

و ـ كفارة ازالة شعره متعمداً ؛ شاة.

ر ـ كفارة قلع الشجرة النابتة بشكل طبيعي ودون توسط فرد ؛ في الكبيرة منها : بقرة ؛ وفي الصغيرة : شاة ؛ وفي ابعاضها : قيمته.

ز ـ كفارة الاستظلال حال السير : شاة. ونحوها من الكفارات.

ثالثاً : كفارة الظهار

وهي قول الرجل لزوجته : انت عليّ كظهر امي ، بحضور رجلين عدلين ، وهي في طهر لم يواقعها فيه ، فَتَحْرُمَ عليه ، ولا تحل له حتى يكفّر.

__________________

(١) مجمع البيان ج ٦ ص ١٩٩.

١٧٩

وكفارتها ترتيبية كبرى ، وهي عتق رقبة ، فان عجز فصيام شهرين متتابعين ، فان عجز فاطعام ستين مسكيناً ، لقوله تعالى : ( وَالذين يُظاهرون مِن نِسائهم ثُم يَعودون لِما قالوا فَتحرير رَقبة مِن قَبل اَن يَّتماسّا ، ذلِكم تُوعظون به وَالله بما تَعملون خَبير ، فَمن لَم يَجد فَصيام شهرينِ مُتتابعين مِن قَبل اَن يَتماسّا فَمن لم يستَطع فَاطعام ستينَ مِسكيناً ) (١).

وقد ورد عن الامام علي (ع) نقلاً عن كتاب تفسير النعماني قوله : (واما المظاهرة في كتاب الله فان العرب كانت اذا ظاهر رجل منهم من امرأته حرمت عليه الى آخر الابد فلما هاجر رسول الله (ص) كان بالمدينة رجل من الانصار يقال له : اوس بن الصامت ، وكان اول رجل ظاهر في الاسلام فجرى بينه وبين امرأته كلام فقال لها : انت علي كظهر امي ثم انه ندم على ما كان منه ، فقال : ويحك انا كنا في الجاهلية تحرم علينا الازواج في مثل هذا قبل الاسلام ، فلو اتيت رسول الله (ص)تسأليه عن ذلك ، فجاءت المرأة الى رسول الله (ص) فاخبرته فقال لها : ما اظنك الا وقد حرمت عليه الى آخر الابد ، فجزعت وبكت وقالت : اشكو الى الله فراق زوجي ، فانزل الله عز وجل : ( قَد سَمع الله قَول التي تُجادلك في زَوجِها ) الى قوله : ( وَالَّذينَ يُظاهرُون مِن نِسائِهم ) الآية ، فقال رسول الله (ص) : قولي لاوس زوجك : يعتق نسمة ، فقالت : وأنّى له نسمة ، والله ما له خادم غيري ، قال : فيصوم شهرين متتابعين ، قالت : انه شيخ كبير لا يقدر على الصيام ، قال : فمريه فليتصدق على ستين مسكيناً ، فقالت : وانى له الصدقة؟ فوالله ما بين

__________________

(١) المجادلة : ٣ ـ ٤.

١٨٠