إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٢

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

أرى فيئهم في غيرهم متقسّما

وأيديهم من فيئهم صفرات

إذا وتروا مدّوا إلى أهل وترهم

أكفّا عن الأوتار منقبضات

وآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نحف جسومهم

وآل زياد غلظوا الفقرات

سأبكيهم ما ذرّ في الأفق شارق

ونادى منادي الخير بالصلوات

وما طلعت شمس وحان غروبها

وبالليل أبكيهم وبالغدوات

ديار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصبحن بلقعا

وآل زياد تسكن الحجرات

وآل زياد في القصور مصونة

وآل رسول الله في الفلوات

فلو لا الّذي أرجوه في اليوم أوغد

تقطع نفسي أثرهم حسرات

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله بالبركات

يميّز فينا كلّ حقّ وباطل

ويجزى على النعماء والنقمات

فيا نفس طيبي ثمّ يا نفس فاصبرى

فغير بعيد كلّما هو آت

وهي قصيدة طويلة عدد أبياتها مائة وعشرون اقتصرت منها على هذا القدر.

ولمّا فرغ دعبل (ره) من إنشادها نهض أبو الحسن الرّضا عليه‌السلام وقال لا تبرح فأنفذ إليه صرّة فيها مائة دينار واعتذر اليه فردّها دعبل وقال والله ما لهذا جئت وإنّما جئت للسلام عليه والتبرك بالنظر إلى وجهه الميمون وانّى لفي غنى فإن رأى أن يعطيني شيئا من ثيابه للتبرك فهو أحبّ إلىّ ، فأعطاه الرّضا جبّة خزّ وردّ عليه الصرّة وقال للغلام قل له خذها ولا تردّها فانّك ستصرفها أحوج ما تكون إليها فأخذها وأخذ الجبّة.

ثمّ أقام بمرو مدّة فتجهّزت قافلة تريد العراق فتجهّز صحبتها فخرج عليهم اللصوص في أثناء الطريق ونهبوا القافلة عن آخرها ولزموا جماعة من أهلها فكتفوهم وأخذوا ما معهم ومن جملتهم دعبل فساروا بهم غير بعيد ثمّ جلسوا يقتسمون أموالهم فتمثّل مقدم اللصوص وكبيرهم يقول :

٤٠١

أرى فيئهم في غيرهم متقسمّا

وأيديهم من فيئهم صفرات

ودعبل يسمعه فقال أتعرف هذا البيت لمن؟ قال وكيف لا أعرفه وهو لرجل من خزاعة يقال له دعبل شاعر أهل البيت عليهم‌السلام قاله في قصيدة مدحهم بها فقال دعبل فأنا والله صاحب القصيدة وقائلها فيهم فقال ويلك أنظر ما ذا تقول قال والله الأمر أشهر من ذلك واسأل أهل القافلة وهؤلاء الممسوكين معكم يخبروكم بذلك فسألهم فقالوا بأسرهم هذا دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت المعروف الموصوف ثمّ إنّ دعبل أنشدهم القصيدة من أوّلها إلى آخرها عن ظهر قلب فقالوا قد وجب حقّك علينا وقد أطلقنا القافلة ورددنا جميع ما أخذنا منها إكراما لك يا شاعر أهل البيت ثمّ إنّهم أخذوا دعبل وتوجّهوا به إلى قم ووصلوه بمال وسئلوه في بيع الجبّة الّتى أعطاها له أبو الحسن الرّضا ودفعوا له فيها ألف دينار فقال لا أبيعها وإنّما أخذتها للتبرك معى من أثره ، ثمّ إنّه رحل من عندهم من قم بعد ثلاثة أيّام فلمّا صار خارج البلد على نحو ثلاثة أميال وقيل ثلاثة أيّام خرج عليه قوم من أحداثهم أخذوا الجبّة منه فرجع إلى قم وأخبر كبارهم بذلك فأخذوا الجبّة منهم وردّوها عليه ثمّ قالوا نخشى أن تؤخذ هذه الجبّة منك يأخذها غيرنا ثمّ لا ترجع إليك ، فبالله إلّا ما أخذت الألف وتركتها فأخذ الألف منهم وأعطاهم الجبّة ثمّ سافر عنهم.

وعن أبى الصّلت (ره) قال قال دعبل رضى الله عنه لمّا أنشدت مولاي الرّضا هذه القصيدة وانتهيت إلى قولي :

خروج امام لا محالة قائم

يقوم على اسم الله والبركات

يميّز فينا كلّ حقّ وباطل

ويجزى على النعماء والنقمات

بكى الرّضا ثمّ رفع رأسه وقال يا خزاعى نطق روح القدس على لسانك بهذا البيت أتدري من هذا الإمام الّذى تقول؟ قلت : لا أدرى إلّا أنّى سمعت يا مولاي

٤٠٢

بخروج إمام منكم يملأ الأرض عدلا فقال : يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني وبعده عليّ ابنه وبعد عليّ ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ولو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

ومنهم العلامة الحموينى في «فرائد السمطين» (مخطوط)

روى الحديث بإسناده الطويل عن أبى الصّلت بعين ما نقله عنه في «الفصول المهمّة» مع زيادة.

ومنهم القاضي ابو على الحسن بن على بن داود التنوخي المتوفى سنة ٣٨٤ في «الفرج بعد الشدة» (ص ٣٢٩ ط القاهرة)

روى عن دعبل بن عليّ الخزاعي الشاعر قال : لمّا قلت قصيدة «مدارس آيات خلت من تلاوة» قصدت بها أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا رضوان الله عليهم أجمعين وهو بخراسان ولىّ عهد المأمون ، فوصلت إليه ، فأنشدته فاستحسنها ، وقال : لا تنشدها لأحد حتّى آمرك واتّصل خبري بالمأمون ، فأحضرنى وسألني عن خبري ثمّ قال لي : يا دعبل أنشدنى «مدارس آيات خلت من تلاوة».

فقلت : لا أعرفها يا أمير المؤمنين ، فقال : يا غلام أحضر أبا الحسن عليّ بن موسى قال : فلم يكن بأسرع من أن احضر ، فقال له يا أبا الحسن سألت دعبلا عن «مدارس آيات» فذكر أنّه لا يعرفها ، فالتفت إلىّ أبو الحسن فقال : أنشده يا دعبل فأنشدت القصيدة ولم ينكر ذلك المأمون الى أن بلغت إلى بيت فيها وهو هذا.

قال رسول الله هب لي رقابهم

وآل زياد غلظ الرّقاب

ثمّ تممتها إلى آخرها ، فاستحسنها وأمر لي بخمسين ألف درهم وأمر لي عليّ بن موسى بقريب منها ، فقلت له : يا سيّدى أريد أن تهب لي ثوبا يلي بدنك أتبرّك به وأجعله كفنا ، فوهب لي قميصا قد ابتذله ومنشفة وأظنّه قال : وسراويل قال : ووصلني ذو الرياستين

٤٠٣

وحملني علي برذون أصغر خراساني ، فكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خزّ وبرنس ومنشفة ، فأمر لي به ودعى بغيره جديدا ، فلبسه ، وقال إنّما آثرتك باللبس لأنّه خزّ الممطرين.

قال : فأعطيت به ثمانين دينارا ، فلم تطب نفسي ببيعه وقضيت حاجتي وكررت راجعا إلى العراق فلمّا صرت بعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالسرنجان فسلبوني وسلبوا القافلة ، وكان ذلك في يوم مطير ، فاعتزلت في قميص خلق قد بقي عليّ وأنا متأسّف من دون ما كان معى على القميص والمنشفة اللذين وهبهما لي عليّ بن موسى الرّضا رضي‌الله‌عنهما إذ مرّبى واحد من الأكراد تحته الأصفر الّذى حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر الخزّ ثمّ وقف بالقرب منى وابتدأ ينشد : «مدارس آيات» ويبكى ، فلمّا رأيت ذلك عجبت من لصّ يتشيّع ، ثمّ طمعت في القميص والمنشفة.

فقلت : يا سيّدي لمن هذه القصيدة؟ فقال : وما أنت وذلك ويلك.

فقلت له : فيه سبب أخبرك به ، فقال : هي أشهر بصاحبها من أن يجهل ، فقلت : ومن هو؟

قال : دعبل بن عليّ الخزاعي شاعر آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت : يا سيّدى أنا والله دعبل وهذه قصيدتي ، فقال : ويلك ما تقول؟

قلت : الأمر أشهر من ذلك ، فاسأل أهل القافلة بصحّة ما أخبرتك به ، فقال لا جرم والله ولا يذهب من القافلة خلالة فما فوقها ، ثمّ نادي في الناس من أخذ شيئا يردّه على صاحبه ، فردّوا على الناس أمتعتهم وعلىّ جميع ما كان معى ما فقد أحد عقالا ثمّ انصرفنا إلى شأننا.

فقال راوي هذا الخبر عن دعبل : فحدثت بهذا الحديث على بن بهزا الكردي فقال لي : ذلك والله أبى الّذي فعل هذا.

٤٠٤

ومنهم العلامة الشهير سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٢٣٨ ط الغرى)

ذكر من قصيدة دعبل البيت البيت : ٣ و ٤ و ٥ و ١٠ و ١١ و ١٢ و ١٣ و ١٨ و ١٩ و ٢١ و ٢٥ و ٢٦ و ٢٧ و ٢٨ و ٢٩.

لكنّه ذكر بدل كلمة مقفر ، موحش ، وبدل قوله : غلّظوا الفقرات غلظة وبدل قوله : وأهجر فيهم أسرتي وثقاتي ، وأهجر فيكم زوجتي وبناتي ، وبدل قوله فأمسين في الأقطار ، أفانين بالأطواف وذكر جملة أخرى من أبياتها وهي :

واكتم حبّكم مخافة كاشح

عنيف لأهل الحقّ غير موات

قبور بكوفان وأخرى بطيبة

وأخرى بفخّ نالها صلواتي

وأخرى بأرض الجوزجان محلّها

وقبر بباخمرى لدي الغربات

وقبر ببغداد لنفس زكيّة

تضمّنها الرحمن في الغرفات

فأمّا الممضّات الّتي ليس بالغا

مبالغها منّى بكنه صفات

نفوس لدى النهرين من أرض كربلا

معرّسهم فيها بشطّ فرات

تقسّمهم نهب المنون فما ترى

لهم عفرة مغشيّة الحجرات

وقد كان منهم بالحجون وأهلها

ميامين نحّارون في السنوات

إذا فخروا يوما أتوا بمحمّد

وجبريل والقرآن ذي السورات

ملامك في أهل النبيّ فإنّهم

أودّ اى ما عاشوا وأهل ثقاتي

تخيّرتهم رشدا لأمرى لأنّهم

على كلّ حال خيرة الخيرات

فيا ربّ زدني في يقيني بصيرة

وزد حبّهم يا ربّ في حسناتي

بنفسي أنتم من كهول وفتية

لفكّ عناة أو لحمل ديات

لقد خفت في الدنيا وأيّام عيشها

وإنّى لأرجو الأمن بعد وفاتي

٤٠٥

ومنهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراويّ الشافعي المصري في «الإتحاف بحب الاشراف» (ص ٦٠ ط مصطفى الحلبي بمصر) قال :

ونقل الطوسي في كتابه عن أبى الصّلت الهروي قال : دخل دعبل الخزاعي على عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام بمرو فساق الحديث بعين ما تقدّم نقله عن «الفصول المهمة» ومنهم العلامة الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي الشامي المتوفى سنة ٦٥٤ في «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول» (ص ٨٥ ط طهران) قال :

ومنها حديث دعبل بن على الخزاعي الشاعر قال دعبل : لما قلت (مدارس آيات خلت إلخ) قصدت بها أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام وهو بخراسان وليّ عهد المأمون فأحضرنى وسألنى عن خبري.

ثمّ قال لي يا دعبل انشدنى (مدارس آيات خلت من تلاوة) فقلت ما أعرفها يا أمير المؤمنين فقال يا غلام احضر أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا فلم يكن إلّا ساعة حتّى حضر فقال له يا أبا الحسن سألت دعبلا (مدارس آيات خلت من تلاوة) فذكر أنّه لا يعرفها

فقال لي أبو الحسن يا دعبل أنشد أمير المؤمنين فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها فأمرني بخمسين ألف درهم وأمر لي أبو الحسن الرّضا بقريب من ذلك فقلت يا سيّدى إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني فقال نعم ، ثمّ دفع لي قميصا قد ابتذله ومنشفة لطيفة وقال لي احفظ هذا تحرس به ـ إلى أن قال :

ثمّ كررت راجعا إلى العراق فلمّا صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا وكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق وضرّ شديد متأسف من جميع ما كان معى على القميص والمنشفة ومفكّر في قول سيّدى الرّضا ، إذ مرّ بى من الأكراد الحرامية ـ إلى أن قال : ووقف بالقرب منّى ليجتمع اليه أصحابه وهو ينشد :

٤٠٦

(مدارس آيات خلت من تلاوة) ويبكى فلمّا رأيت ذلك عجبت من لصّ من الأكراد يتشيّع ثمّ طمعت في القميص والمنشفة.

فقلت يا سيّدى لمن هذه القصيدة؟ فقال وما أنت وذلك ويلك فقلت لي فيه سبب أخبرك به فقال هي أشهر بصاحبها من أن تجهل فقلت من؟

فقال : دعبل بن على الخزاعي شاعر آل محمّد جزاه الله خيرا قلت له يا سيّدى فأنا والله دعبل وهذه قصيدتي قال ويلك ما تقول قلت الأمر أشهر في ذلك فاسأل أهل القافلة فاستحضر منهم جماعة وسألهم عنّى فقالوا بأسرهم هذا دعبل بن علي الخزاعي فقال قد أطلقت كلما أخذ من القافلة خلالة فما فوقها كرامة لك ثمّ نادى في أصحابه من أخذ شيئا فليردّه فرجع على الناس جميع ما أخذ منهم ورجع إلىّ جميع ما كان معى ثمّ بدرقنا إلى الماء فحرست أنا والقافلة ببركة ذلك القميص والمنشفة.

وأورد بعد ذكر الواقعة بعض أبيات القصيدة وهي من أوّل القصيدة إلى البيت التاسع على الترتيب المتقدم عن «الفصول المهمّة» ثمّ ذكر الحاديعشر ، لكنّه ذكر بدل كلمة فأمسين : أفانين والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والتاسع عشر والرابع والعشرين ، لكنه ذكر بدل قوله تسكن الحجرات : أصبحت غمرات ، والخامس والعشرين وزاد في أثنائها وآخرها أبياتا أخرى وهي :

ديار عفاها جور كلّ منابذ

ولم تعف بالأيّام والسنوات

منازل وحي الله ينزل حولها

على أحمد الروحات والغدوات

إذا لم نناج الله في صلواتنا

بذكرهم لم تقبل الصلوات

وآل رسول الله غلّت رقابهم

وآل زياد غلّظ القصرات

وآل رسول الله تدمي نحورهم

وآل زياد زيّنوا الحجلات

وآل رسول الله تسبي حريمهم

وآل زياد آمنوا السربات

فيا وارثي علم النبيّ وآله

عليكم سلام دائم النفحات

٤٠٧

لقد آمنت نفسي بكم في حياتها

وإنّي لأرجو الأمن بعد مماتي

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ٢٠٦ ط العثمانية بمصر) ذكر ما تقدّم عن «الفصول المهمّة» بعينه من أوّله إلى قوله في الآخر : أتدري من هذا الإمام ، وزاد في أبيات القصيدة قوله :

وفلّ عرى صبري وهاجت صبابتي

رسوم ديار اقفرت وعرات

أشعار أبى نواس في مدحه عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة البدخشي في «مفتاح النجا» (ص ١٧٩ مخطوط) قال : وذكر العلامة شمس الدين أحمد بن محمّد بن إبراهيم الإربلي المعروف بابن خلّكان في تاريخه أنّ بعض أصحاب أبى نواس الحسن بن هاني الحكم الشاعر المشهور قال له : ما رأيت أوقح منك ما تركت شيئا إلّا قلت فيه شعرا وهذا عليّ بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا فقال والله ما تركت ذلك إلّا إعظاما له وليس قدر مثلي أن يقول في مثله ثمّ أنشد بعد ساعة هذا الأبيات :

قيل لي أنت أحسن الناس طرّا

في فنون من المقال النبيه

لك من جيّد المديح قريض

يثمر الدرّ في يدي مجتنيه

فعلى ما تركت مدح ابن موسى

والخصال الّتي تجمّعن فيه

قلت لا أستطيع مدح امام

كان جبريل خادما لأبيه

ومنهم علامة علم المسالك والممالك الشيخ مطهر بن طاهر المقدسي في «البدء والتاريخ» (ج ١ ص ١٨١ ط مطبعة الخانجى بمصر) قال :

واحتجّ بعض المتأخرين بقول شاعر يمدح ابن موسى الرّضا ويقال : ه

٤٠٨

لأبي نواس «خفيف» :

«قيل لي أنت أوحد الناس في ك

لّ مقال من الكلام النبيه»

«لك من جيّد الكلام نظام

يجتنى الّدرّ من يدي مجتنيه»

«فلما ذا تركت مدح ابن موسى

والخصال الّتي تجمعن فيه»

«قلت : لا أهتدي لمدح امام

كان جبريل خادما لأبيه»

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ١ ص ٢٦٦) ذكر أبيات أبي نواس هكذا :

«قيل لي أنت أفصح الناس طرّا

في المعاني وفي الكلام النبيه»

«لك من جيّد القريض مديح

ينثر الدّر من يدي مجتنيه»

«فلما ذا لم تمتدح نجل موسى

والصفات الّتي تحكّمن فيه»

«قلت لا أستطيع مدح إمام

كان جبريل خادما لأبيه»

ثمّ قال : لا شكّ أنّ ناظم هذا العقد الجوهر ، يغفر الله ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.

ومنهم العلامة اليافعي الشافعي المتوفى سنة ٧٦٨ في «مرآة الجنان» (ج ٢ ص ١٢ ط حيدرآباد)

ذكر قول أبي نواس وأبياته بعين ما تقدّم عن «مفتاح النجا».

ومنهم العلامة الذهبي في «تذهيب التهذيب» (فصل المسمين بعلى) ذكر أبيات أبي نواس بعين ما تقدّم عن «مفتاح النجا»

ومنهم العلامة ابن طولون الدمشقي في «الشذرات الذهبية» (ص ٩٧ طبع بيروت)

ذكر قول أبي نواس وأبياته بعين ما تقدّم عن «مفتاح النجا».

٤٠٩

أشعار أخرى له ايضا في مدحه عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام القوم

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٢٩ ط الغرى) قال:

وعن محمّد بن يحيى الفارسي قال نظر أبو نواس الى عليّ الرّضا بن موسى ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلة له فارهة ، فدنا منه وسلّم عليه وقال يا ابن رسول الله قلت فيك أبياتا أحبّ أن تسمعها منّى فقال له قل فأنشأ أبو نواس يقول :

مطهّرون نقيّات ثيابهم

تجرى الصلاة عليهم كلّما ذكروا

من لم يكن علويّا حين تنسبه

فما له في قديم الدهر مفتخر

أولئك القوم أهل البيت عندهم

علم الكتاب وما جاءت به السور

قال : قد جئنا بأبيات ما سبقك بها أحد ما معك يا غلام عن فاضل نفقتنا؟ قال ثلاثمائة دينار قال ادفعها اليه ثمّ بعد أن ذهب إلى بيته قال لعلّه استقلّها سق يا غلام اليه بغلة.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ٢٠٦ ط العثمانية بمصر) روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمّة»

ومنهم العلامة الشبراويّ في «الإتحاف بحب الاشراف» (ص ٦٠ ط مصر).

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ٦٥)

ذكر البيتين الأوّلين لكنّه ذكر بدل كلمة ثيابهم : جيوبهم وبدل كلمة كلّما : أينما ، ثمّ ذكر البيتين الآخرين هكذا :

الله لمّا برى خلقا وأتقنهم

صفاكم واصطفاكم أيّها البشر

فأنتم الملأ الأعلى وعندكم

علم الكتاب وما جاءت به السور

٤١٠

أشعار ابراهيم بن اسماعيل في مدحه عليه‌السلام

رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد النويرى في «نهاية الارب» (ج ٥ ص ١٦٧ ط القاهرة) قال :

قال إبراهيم بن إسماعيل في عليّ بن موسى الرّضا :

إنّ الرزيّة يا ابن موسى لم تدع

في العين بعدك للمصائب مدمعا

والصبر يحمد في المواطن كلّها

والصبر أن نبكي عليك ونجزعا (١)

__________________

(١) قال العلامة النسابة الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويرى المصري في كتابه «نهاية الارب» (ج ٥ ص ١٦٦ طبع القاهرة) :

ودخل البلاذري على على بن موسى الرضا يعزيه بابنه فقال : أنت تجل عن وصفنا ، ونحن نقصر عن عظتك ، وفي علمك ما كفاك ، وفي ثواب الله ما عزاك.

٤١١
٤١٢

الامام التاسع

محمد بن على الجواد عليه‌السلام

٤١٣

تاريخ ولادته ووفاته عليه‌السلام

نذكر في ذلك كلام جماعة :

منهم العلامة الكنجي في «كفاية الطالب» (ص ٣١٠ ط الغرى) قال :

الامام بعد الرضا الجواد محمّد المرتضى كان مولده في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة وقبض ببغداد في ذى القعدة سنة عشرين ومأتين وله يومئذ خمس وعشرون سنة ودفن مع جدّه موسى عليه‌السلام وخلّف من الولد الهادي عليّا عليه‌السلام.

ومنهم العلامة الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج ٣ ص ٥٥ ط مصر) قال :

أخبرني علي بن أبى على ، حدّثنا الحسن بن الحسين الثعالبي ، أخبرنا أحمد ابن عبد الله الذارع ، حدّثنا حرب بن محمّد المؤدب ، حدّثنا الحسن بن محمّد العمى البصري حدثني أبى ، حدّثنا محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان قال : مضى أبو جعفر محمّد بن عليّ وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثنى عشر يوما ، وكان مولده سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة ، وقبض في يوم الثلاثاء لستّ ليال خلون من ذي الحجّة سنة مأتين وعشرين.

أنبأنا إبراهيم بن مخلد أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا الحارث ابن محمّد ، حدّثنا محمّد بن سعد قال : سنة عشرين ومأتين فيها توفّى محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ ببغداد.

ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول» (ص ٨٧ ط طهران) قال :

أمّا ولادته ففي ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان سنة مائة وخمس وتسعين وقيل

٤١٤

عاشر رجب منها ـ أما نسبه فأبوه أبو الحسن عليّ الرّضا بن موسى الكاظم (إلى أن قال) وأمّا عمره فانّه مات في ذى الحجّة من سنة مأتين وعشرين فيكون عمره خمسا وعشرين سنة(١).

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٦٨ ط الغرى) قال :

ولد (اى محمّد الجواد) سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة وتوفى سنة مائتين وعشرين وهو ابن خمس وعشرين سنة وكان على منهاج أبيه في العلم والنقي والزهد والجود.

وكان يلقّب بالمرتضى والقانع وكانت وفاته ببغداد خامس ذي الحجّة ودفن إلى جانب جدّه موسى بن جعفر عليه‌السلام بمقابر قريش وقبره ظاهر يزار ، وامه سكينة وكان له أولاد المشهور منهم علىّ الامام أبو الحسن العسكري.

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٤٨ ط الغرى) قال :

ولد أبو جعفر محمّد الجواد بالمدينة تاسع عشر شهر رمضان المعظم سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة ، وأمّا نسبه أبا وأمّا فهو محمّد الجواد بن عليّ بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام.

__________________

(١) قال في «مطالب السئول» (ص ٨٧ ط طهران) :

أما مناقبه فما اتسعت حلبات مجالها ولا امتدت اوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الالهية بقلة بقائه في الدنيا بحكمها واستجالها ، فقل في الدنيا مقامه وعجل القدوم عليه لزيارة حمامه فلم تطل بها مدته ، ولا امتدت فيها أيامه غير ان الله عزوجل خصه بمنقبة متأنفة في مطالع التعظيم بارقة أنوارها مرتفعة في معارج التفصيل قيمة أقدارها بادية لعقول أهل المعرفة آثارها.

٤١٥

وفي (ص ٢٥٧ ـ الطبع المذكور).

قبض أبو جعفر محمّد الجواد بن عليّ الرّضا عليه‌السلام ببغداد وكان سبب وصوله إليها إشخاص المعتصم له من المدينة فقدم بغداد مع زوجته امّ الفضل بنت المأمون لليلتين بقيتا من المحرّم سنة عشرين ومائتين وتوفّى بها في آخر ذى القعدة الحرام وقيل توفّى بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذى الحجّة من السنة المذكورة ودفن في مقابر قريش في ظهر جدّه أبى الحسن موسى الكاظم ، ودخلت امرأته امّ الفضل الى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم وكان له من العمر خمس وعشرون سنة وأشهر وكانت مدة إمامته سبعة عشر سنة (إلى أن قال) ويقال انّه مات مسموما ، وخلّف من الولد عليّا الامام وموسى وفاطمة وأمامة ابنين وابنتين.

ومنهم العلامة ابن تيمية في «منهاج السنة» (ص ١٢٧) قال :

محمّد بن عليّ الجواد كان من اعيان بنى هاشم وهو معروف بالسخاء والسودد ولهذا سمّى الجواد ومات وهو شاب ابن خمس وعشرين سنة ولد سنة خمس وتسعين بعد المائة ومات سنة عشرين أو سنة تسع عشرة بعد المائتين.

ومنهم العلامة السيد عباس بن على المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ٦٩) قال :

وكانت ولادته يوم الثلاثاء خامس شهر رمضان وقيل منتصفه سنة خمس وسبعين ومائة وتوفّى يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي قعدة سنة عشرين ومأتين وقيل تسع عشرة ومائتين ببغداد ، وقيل إنّه مات مسموما سمّته زوجته ودفن عند جدّه موسى الكاظم.

(احقاق الحق مجلد ١٢ ج ٢٦)

٤١٦

ومنهم العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢٣ ط القاهرة) قال :

ثمّ قدم بها يطلب من المعتصم لليلتين بقيتا من المحرّم سنة عشرين ومأتين وتوفّي فيها في آخر ذي القعدة ودفن في مقابر قريش في ظهر جدّه الكاظم وعمره خمس وعشرون سنة ويقال : انّه سمّ أيضا عن ذكرين وبنتين أجلّهم.

ومنهم العلامة المعاصر السيد محمد عبد الغفار الهاشمي الأفغاني في كتابه «أئمة الهدى» (ص ١٣٥ ط القاهرة بمصر) قال :

خاف الملك المعتصم على ذهاب ملكه إلى الإمام محمّد الجواد له قدر عظيم علما وعملا ، فطلبه من المدينة المنورّة مع زوجته امّ الفضل بنت المأمون بن الرّشيد الى بغداد في ٢٨ من المحرّم سنة ٢٢٠ ه‍ ـ ثمّ أوعز المعتصم إلى امّ الفضل أخته زوجة الإمام فسقته سمّا وتوفّى منه في آخر ذى القعدة سنة ٢٢٠ ه‍ ودفن بمقابر قريش عند قبر جدّه الإمام موسى الكاظم وقد كان عمره ٢٥ وأشهرا رضي‌الله‌عنه وعليه‌السلام.

ومنهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى في «ينابيع المودة» (ج ٣ ص ١٣ ط العرفان) :

ذكر ما تقدّم عن «الصواعق» بعينه.

٤١٧

النص على إمامته عن أبيه الرضا عليهما‌السلام

ونذكر في ذلك أحاديث

الاول

ما رواه القوم :

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٤٧ ط الغرى)

روي عن صفوان بن يحيى قال قلت للرّضا قد كنّا نسئلك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر من القائم بعدك؟ فتقول يهب الله لي غلاما وقد وهبك الله وأقرّ عيوننا به فإن كان كون ولا أرانا الله لك يوما فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه وعمره إذ ذاك ثلاث سنين فقلت وهو ابن ثلاث قال وما يضرّ من ذلك فقد قام عيسى بالحجّة وهو ابن أقلّ من ثلاث سنين.

الثاني

ما رواه القوم

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٤٧ ط الغرى) قال:

وعن معمّر بن خلاد قال سمعت الرضا عليه‌السلام يقول وذكر شيئا فقال ما حاجتكم إلى ذلك هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني وقال : إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذّة.

٤١٨

الثالث

ما رواه القوم

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٤٧ ط الغرى) قال:

روي عن الجيراني عن أبيه قال كنت واقفا بين يدي أبى الحسن الرّضا بخراسان فقال قائل يا سيّدى إن كان كون إلى من؟

فقال : إلى ابني أبى جعفر فكأنّ السائل استصغر من أبى جعفر فقال الرّضا إنّ الله بعث عيسى بن مريم نبيّا صاحب شريعة مبتدئة في أصغر من السنّ الّذي فيه أبو جعفر.

الرابع

ما رواه القوم

منهم العلامة خواجه بارسا البخاري في «فصل الخطاب» (على ما في «ينابيع المودة» (ص ٣٨٦ ط اسلامبول) قال :

وروي أنّ محمّد الجواد دخل على عمّ أبيه علي بن جعفر الصادق فقام واحترمه وعظمّه فقالوا : إنّك عمّ أبيه وأنت تعظمه فأخذ بيده لحيته وقال إذا لم ير الله هذه الشيبة للامامة أراها أهلا للنّار إذا لم أقرّ بإمامته.

٤١٩

اختبار المأمون له فوجده يخبر عن المغيبات

نقله القوم

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٤٨ ط الغرى). قال :

اتفق أنّ المأمون خرج يوما يتصيّد فاجتاز بطرف البلد وثمّ صبيان يلعبون ومحمّد الجواد واقف عندهم فلمّا أقبل المأمون فرّ الصبيان ووقف محمّد الجواد وعمره إذ ذاك تسع سنين فلمّا قرب منه الخليفة نظر إليه وكان الله تعالى ألقى في قلبه مسحة قبول ، فقال له يا غلام ما منعك أن لا تفرّ كما فرّ أصحابك فقال له محمّد الجواد مسرعا يا أمير المؤمنين فرّ أصحابي خوفا والظنّ بك حسن إنّه لا يفرّ منك من لا ذنب له ولم يكن بالطريق ضيق فانتهى عن أمير المؤمنين ، فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته.

فقال ما اسمك يا غلام؟ فقال : محمّد بن عليّ الرّضا فترحّم الخليفة على أبيه وساق جواده الى نحوه وجهته وكان معه بزاة الصّيد فلمّا بعد عن العمارة أخذ الخليفة بازيا منها وأرسل على دراجة فغاب البازي عنه قليلا ثمّ عاد وفي منقاره سمكة صغيرة وبها بقاء من الحياة فتعجب المأمون من ذاك غاية العجب ثمّ انّه أخذ السمكة في يده وكرّ راجعا الى داره وترك الصيد في ذلك اليوم وهو متفكّر فيما صاده البازي من الجوّ فلمّا وصل موضع الصبيان وجدهم على حالهم ووجد محمّدا معهم فتفرقوا على جارى عادتهم إلّا محمّد فلمّا دنى منه الخليفة ، قال يا محمّد قال لبّيك يا امير المؤمنين قال ما في يدي فأنطقه الله تعالى بأن قال إنّ الله تعالى خلق في بحر قدرته المستمسك في الجوّ ببديع حكمته سمكا صغارا فصاد منها بزاة الخلفاء كى يختبر بها سلالة بيت المصطفى فلمّا سمع المأمون كلامه تعجّب منه وأكثر وجعل يطيل النظر فيه

٤٢٠