إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٢

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

مقام التقديس والتطهير وما يلقّيها إلّا ذو حظّ عظيم.

ومنهم العلامة اليافعي في «مرآة الجنان» (ج ١ ص ٣٩٤ ط حيدرآباد) السيّد أبو الحسن موسى الكاظم عليه‌السلام ولد جعفر الصادق عليه‌السلام كان صالحا عابدا جوادا حليما كبير القدر وهو أحد الأئمة الاثنا عشر المعصومين في اعتقاد الإماميّة وكان يدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده وكان سخيّا كريما إلخ.

ومنهم العلامة الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج ١٣ ص ٢٧ ط السعادة بمصر) قال :

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي ، حدّثنى جدّي قال : كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده ، روى أصحابنا أنّه دخل مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسجد سجدة في أوّل اللّيل وسمع وهو يقول في سجوده : عظم الذّنب عندي فليحسن العفو عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، فجعل يردّدها حتّى أصبح ، وكان سخيّا كريما.

قال : وكان يبلغه عن الرّجل أنّه يؤذيه فيبعث إليه بصرّة فيها ألف دينار ، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار ، وأربعمائة دينار ، ومائتي دينار ، ثمّ يقسّمها بالمدينة وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرّة فقد استغنى.

وقال : أخبرنا الحسن ، حدّثنى جدّى ، حدثنا إسماعيل بن يعقوب ، حدّثنى محمّد بن عبد الله البكري قال قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني فقلت لو ذهبت إلى أبى الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه ، فأتيته بنقمى في ضيعته فخرج إلىّ ومعه غلام له معه منسف فيه قديد فخرج ليس معه غيره فأكل وأكلت معه ثمّ سألنى عن حاجتي فذكرت له قصّتي ، فدخل فلم يقم إلّا يسيرا حتّى خرج إلىّ فقال لغلامه : اذهب ثمّ مدّ يده إلىّ فدفع إلىّ صرّة فيها ثلاثمائة دينار ثمّ قام فولّى

٣٠١

فقمت فركبت دابّتى وانصرفت.

وقال : قال جدّى يحيى بن الحسن ـ وذكر لي غير واحد من أصحابنا ـ إنّ رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليّا قال وكان قد قال له بعض حاشيته دعنا نقتله ، فنهاهم عن ذلك أشدّ النهى ، وزجرهم أشدّ الزجر وسأل عن العمري فذكر له أنّه يزرع بناحية من نواحي المدينة ، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها ، فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري لا تطأ زرعنا ، فوطئه بالحمار حتّى وصل إليه فنزل فجلس عنده وضاحكه وقال له : كم عزمت في زرعك هذا قال له مائة دينار قال : فكم ترجو أن يصيب؟ قال : أنا لا أعلم الغيب ، قال : إنّما قلت لك كم ترجو أن يجيئك فيه ، قال : أرجو أن يجيئني مائتا دينار ، قال فأعطاه ثلاثمائة دينار وقال : هذا زرعك على حاله قال فقام العمرى فقبّل رأسه وانصرف قال فراح إلى المسجد فوجد العمرى جالسا فلمّا نظر إليه ، قال : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).

قال : فوثب أصحابه فقالوا له : ما قصّتك؟ قد كنت تقول خلاف هذا قال : فخاصمهم فشاتمهم ، قال : وجعل يدعو لأبى الحسن موسى كلّما دخل وخرج.

قال : فقال أبو الحسن لحاشيته الّذين أرادوا قتل العمرى : أيّما كان خير؟ ما أردتم؟ أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار؟

وقال : أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، وعمر بن محمد بن عبيد الله المؤدّب قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدّثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ، حدّثنا عبد الله بن أبي سعد حدّثني محمّد بن الحسين بن محمّد بن عبد المجيد الكتاني الليثي قال : حدّثنى عيسى بن محمّد بن مغيث القرظي وبلغ تسعين سنة.

قال : زرعت بطّيخا وقثاء في موضع بالجوانية على بئر ، يقال لها ام عظام ، فلمّا قرب الخير واستوى الزّرع بغتني الجراد فأتى على الزّرع كلّه وكنت

٣٠٢

غرمت على الزّرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين دينارا فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر بن محمّد فسلّم ، ثمّ قال ايش حالك؟ فقلت : أصبحت كالصّريم بغتني الجراد فأكل زرعي.

قال : وكم غرمت فيه؟ قلت : مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملتين فقال : يا عرفة زن لأبى المغيث مائة وخمسين دينارا فربحك ثلاثين دينارا والجملين فقلت يا مبارك ادخل وادع لي فيها ، فدخل فدعا.

وقال : أخبرنا القاضي أبو العلا محمّد بن على الواسطي حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدّثنا الحسين بن القاسم ، حدّثني أحمد بن وهب ، أخبرنا عبد الرحمن ابن صالح الأزدى قال : حجّ هارون الرّشيد فأتى قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم زائرا له وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى بن جعفر فلمّا انتهى إلى القبر ، قال : السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن عمّى افتخارا على من حوله.

فدنا موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبه فتغيّر وجه هارون وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن حقّا.

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢١٣ ط الغرى) قال :

قال بعض أهل العلم : الكاظم هو الإمام الكبير القدر والأوحد الحجّة الحبر الساهر ليله قائما القاطع نهاره صائما المسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظما وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين.

(وقال في ص ٢١٩) :

وكان موسى الكاظم عليه‌السلام أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم كفّا وأكرمهم نفسا وكان يتفقّد فقراء المدينة ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم

٣٠٣

والنفقات ولا يعلمون من أىّ جهة وصلهم ذلك ولم يعلموا بذلك إلّا بعد موته عليه‌السلام وكان كثيرا ما يدعو : اللهمّ إنّى أسألك الرّاحة عند الموت والعفو عند الحساب.

ومنهم العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢١ ط البابى بحلب) قال : موسى الكاظم : وهو وارثه (اى جعفر بن محمّد عليه‌السلام) علما ومعرفة وكمالا وفضلا ، سمّي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه ، وكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله ، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ٢٠٣ ط العثمانية بمصر) ذكر هو أيضا ما تقدّم عن «الفصول المهمّة» بعينه وزاد بعد قوله إلى بيوتهم : ليلا.

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٥٧ ط الغرى) قال :

يلقّب بالكاظم والمأمون والطيّب والسيّد وكنيته أبو الحسن ويدعى بالعبد الصّالح لعبادته واجتهاده وقيامه باللّيل ، وامّه امّ ولد اندلسيّة وقيل بربريّة اسمها حميدة ، وكان موسى جوادا حليما.

ومنهم العلّامة المذكور في «صفة الصفوة» (ج ٢ ص ١٨٤ ط حلب) قال :

كان عليه‌السلام يدعى العبد الصّالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل ، وكان كريما حليما

إذا بلغه عن رجل أنّه يؤذيه بعث إليه بمال.

ومنهم العلامة محمد خواجه پارساى البخاري في «فصل الخطاب» (على ما في ينابيع المودة ص ٣٨٢ ط اسلامبول) قال :

ومن أئمّة أهل البيت أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق رضي‌الله‌عنهما أمّه جارية اسمها حميدة وكان رضي‌الله‌عنه صالحا عابدا جوادا كريما حليما (احقاق الحق مجلد ١٢ ج ١٩)

٣٠٤

كبير القدر كثير العلم كان يدعى بالعبد الصالح وفي كلّ يوم يسجد لله سجدة طويلة بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال.

ومنهم العلامة الزمخشرىّ في «ربيع الأبرار» (ص ٢٢٥ مخطوط) قال : سمع موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول في سجوده آخر اللّيل : يا ربّ عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك.

ومنهم العلامة محمد مبين السهالوي في «وسيلة النجاة» (ص ٣٦٥ ط لكهنو).

نقل عن فصل الخطاب بعين ما تقدّم عنه بلا واسطة.

ومنهم العلامة الشيخ مصطفى رشدي ابن الشيخ إسماعيل الدمشقي المتوفى بعد سنة (١٣٠٩) في كتابه «الروضة الندية» (ص ١١ طبع الخيرية بمصر) قال :

الإمام موسى الكاظم أبو إبراهيم كان يبيت الليل ساجدا وقائما ويقطع النهار متصدّقا وصائما حليما يتجاوز عن المعتدين عليه كريما يقابل المسيء بالإحسان إليه ولذا لقب بالكاظم ، ولكثرة عبادته سمّي بالعبد الصالح ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله تعالى لنجح المتوسّلين به إليه سبحانه ، عباداته مشهورة تقضي بأنّ له قدم صدق عند الله لا يزول ، وكراماته مشهورة تحار منها العقول.

ومنهم العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري في «المختار في مناقب الأخيار» (ص ٣٣ نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق).

روي عن محمّد بن عبد الله البكري بعين ما روى عنه في «حلية الأولياء».

وروي عن محمد بن موسى خرجت مع أبي إلى ضياعه فأصبحنا في غداة باردة وقد دنونا منها وأصبحنا عند عين من العيون فخرج علينا من تلك الضياع

٣٠٥

عبد زنجي مستذفر بخرقة على رأسه قدر فخّار يفور فوقف على الغلمان ، فقال : أين سيّدكم؟ قالوا : هو ذاك.

قال : أبو من يكنّى؟ قالوا له : أبو الحسن ، فوقف عليه فقال : يا سيّدى يا أبا الحسن هذه عصيدة أهديتها لك ، قال ضعها عند الغلمان فأكلوا منها ثمّ ذهب فلم نقل بلغ حتّى خرج على رأسه حرمة حطب.

فقال : يا سيّدي هذا حطب اهديته لك ، قال ضعه عند الغلمان وهب لنا نارا فذهب فجاء بنار ، قال فكتب أبو الحسن اسمه واسم مولاه فدفعه إلىّ وقال يا بنيّ احتفظ بهذه الرقعة حتّى أسألك عنها قال فوردنا إلى ضياعه وأقام بها ما طاب له ثمّ قال : امضوا بنا إلى زيارة البيت فخرجنا حتّى وردنا مكّة فلمّا قضى أبو الحسن عمرته دعا صاعدا فقال اذهب فاطلب لي هذا الرجل فإذا علمت بموضعه فاعلمني حتّى أمشى إليه فانّى أكره أن أدعوه والحاجة لي ، قال صاعد : فذهبت حتى وقفت على الرجل فلمّا رآني عرفني فسلّم عليّ.

وقال : أبو الحسن قدم؟ قلت : لا.

قال فأىّ شيء أقدمك؟ قلت : حوائج وكان قد علم بشأنه فتتبعني وجعلت أتعصى منه ويلحقني بنفسه فلمّا رأيت اني لا انفك منه مضيت إلى مولاي ومضى معى حتّى أتيته فقال ألم أقل لك لا تعلمه فقلت جعلت فداك لم اعلمه فسلّم عليه فقال له أبو الحسن : غلامك فلان تبيعه؟ قال له جعلت فداك لم اعلمه فسلّم عليه فقال له أبو الحسن : غلامك فلان تبيعه؟ قال له جعلت فداك الغلام لك والضيعة وجميع ما لك قال أمّا الضيعة فلا أحب ان اسلبكها وقد حدّثني أبي عن جدّي ان بايع الضيعة ممحوق ومشتريها مرزوق فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار وأعتق العبد ووهب له الضيعة.

قال : قال الحسن بن محمّد العلوي : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عند السندي فسألته أخته أن يتولّى حبسه ففعل فحكى لنا إنّها قالت : كان إذا صلّى العتمة

٣٠٦

حمد الله ومجّده ودعاه فلم يزل كذلك حتّى يزول الليل فإذا زال الليل قام فصلّى حتّى يصلّى الصبح ثمّ يذكر قليلا حتّى مطلع الشمس ثمّ يقعد إلى ارتفاع الضحى ثمّ يتهيّأ ويستاك ويأكل ثمّ يرقد إلى قبل الزوال ثمّ يتوضأ ويصلّى حتى يصلّى العصر ثمّ يذكر في القبلة حتى يصلّى المغرب ثمّ يصلّى ما بين المغرب والعتمة فكان هذا دأبه ، فكانت اخت السندي إذا نظرت إليه قالت خاب قوم تعرّضوا لهذا الرجل.

ومنهم الشيخ عبد الرءوف المناوى في «الكواكب الدرية» (ج ١ ص ١٧٢ ط الازهرية بمصر) قال :

وكان أعبد أهل زمانه ومن أكابر العلماء الأسخياء.

ومنهم العلامة محمد بن طولون في «الشذورات الذهبية» (ص ٨٩ ط بيروت) قال :

قال الخطيب : كان موسى الكاظم يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده وكان سخيّا كريما.

ومنهم العلامة ابن الصبان المالكي في «اسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ص ٢٤٧ ط العثمانية بمصر) قال :

وأمّا موسى الكاظم فكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله وكان من أعبد أهل زمانه ومن أكابر العلماء الأسخياء. إلى ان قال : ولقب بالكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه.

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ٤٦) ذكر كلام الخطيب بعين ما تقدّم عن «الشذورات».

ومنهم العلامة زين الدين الشهير بابن الوردي في «ذيل تاريخ أبى الفداء» (ج ١ ص ٢٨١ ط الغرى)

إنّ الكاظم كان إذا صلّى العتمة حمد الله ومجّده ودعاه إلى أن يزول اللّيل

٣٠٧

ثمّ يقوم يصلّي حتّى يطلع الصبح ، فيصلّى الصّبح ، ثمّ يذكر الله حتّى تطلع الشمس ثمّ يقعد إلى ارتفاع الضحى ثمّ يرقد ويستيقظ قبل الزوال ثمّ يتوضأ ويصلّى حتّى يصلّى العصر ثمّ يذكر الله حتّى يصلّى المغرب ثمّ يصلّى ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه إلى أن مات رحمة الله عليه.

كلام أبيه جعفر بن محمد عليهم‌السلام في حقه

رواه القوم :

منهم العلامة محمد خواجه پارساى البخاري في «فصل الخطاب» (على ما في ينابيع المودة ص ٣٨٣ ط اسلامبول) قال :

وقال جعفر الصادق رضي‌الله‌عنه : هؤلاء أولادي وهذا سيّدهم وأشار إلى ابنه الكاظم.

وقال أيضا : هو باب من أبواب الله تعالى يخرج الله تبارك وتعالى منه غوث هذه الأمّة ونور الملّة وخير مولود وخير ناشي (١).

ثمّ قال : وروي المأمون عن أبيه الرشيد ، أنه قال لبنيه في حقّ موسى الكاظم : هذا إمام الناس وحجّة الله على خلقه وخليفته على عباده أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر وأنّه والله أحقّ بمقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منّى ومن

__________________

(١) قال العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراويّ الشافعي المصري في كتابه «الإتحاف بحب الاشراف» (ص ٥٤ ط مصر) :

السابع من الأئمة موسى الكاظم كان من العظماء الأسخياء وكان والده جعفر يحبه حبا شديدا قيل له : ما بلغ من حبك لموسى؟ قال : وددت أن ليس لي ولد غيره لئلا يشركه في حبى أحد.

٣٠٨

الخلق جميعا والله لو نازعني في هذا الأمر لاخذنّ بالّذي فيه عيناه فان الملك عقيم وقال الرشيد للمأمون : يا بنىّ هذا وارث علم النبيّين هذا موسى بن جعفر إن أردت العلم الصحيح تجد عند هذا ، قال المأمون : من حينئذ انغرس في قلبي حبّه.

ملاقاة هارون إياه في مسجد الحرام

رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ شعيب أبو مدين بن سعد بن عبد الفاني المصري العمراوى الحريفيش المتوفى سنة ٨٠١ في «الروض الفائق في المواعظ والرقائق» (ص ٦٥ ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة) قال :

حكى انّه لمّا دخل هارون الرّشيد حرم مكّة ابتدأ بالطواف ومنع الناس من الطواف ، فسبقه أعرابي وجعل يطوف معه ، فشقّ ذلك على أمير المؤمنين والتفت إلى حاجبه كالمنكر عليه.

فقال الحاجب : يا أعرابي خلّ الطّواف ليطوف أمير المؤمنين ، فقال الأعرابي : إنّ الله ساوي بين الأنام في هذا المقام والبيت الحرام ، فقال تعالى : سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم.

فلمّا سمع الرّشيد ذلك من الأعرابي أمر حاجبه بالكفّ عنه ، ثمّ جاء الرّشيد إلى الحجر الأسود ليستلمه ، فسبقه الأعرابى ، فاستلمه ، ثم أتى إلى المقام ليصلّى فيه ، فسبقه فصلّى فيه.

فلمّا فرغ الرّشيد من صلواته وطوافه ، قال للحاجب ائتني بالأعرابي ، فأتى الحاجب الأعرابي وقال له : أجب أمير المؤمنين.

فقال : ما لي إليه حاجة إن كانت له حاجة ، فهو أحقّ بالقيام إليها ، فانصرف الحاجب مغضبا ثمّ قصّ على أمير المؤمنين حديثه ، فقال : صدق نحن أحقّ بالقيام

٣٠٩

والسعي إليه ثمّ نهض أمير المؤمنين والحاجب بين يديه حتّى وقف بإزاء الأعرابى وسلّم عليه ، فردّ عليه‌السلام.

فقال له الرّشيد : يا أخا العرب ، أجلس هاهنا بأمرك؟ فقال له الأعرابي : ليس البيت بيتي ، ولا الحرم حرمي البيت بيت الله والحرم حرم الله وكلّنا فيه سواء إن شئت تجلس وإن شئت تنصرف.

قال : فعظم ذلك على الرّشيد حيث سمع ما لم يخطر في أذنه وما ظنّ أحدا يواجهه بمثل ذلك ، فجلس إلى جانبه وقال له : يا أعرابى أريد أن أسئلك عن فرضك ، فان قمت به فأنت بغيره أقوم ، وإن عجزت عنه ، فأنت عن غيره أعجز.

فقال له الأعرابي : سؤالك هذا سؤال متعلّم أو سؤال متعنّت؟ قال : فعجب الرّشيد من سرعة جوابه وقال : بل سؤال متعلّم.

فقال الأعرابي : قم واجلس مقام السائل من المسئول قال : فقام الرّشيد وجثا على ركبتيه بين يدي الأعرابي ، فقال له : قد جلست سل عمّا بدا لك ، فقال : أخبرنى عمّا فرضه الله عليك ، فقال له : تسئلني عن أيّ فرض ، واحد أم عن خمسة فروض أم عن سبعة عشر فرضا أم عن أربعة وثلاثين فرضا أم عن أربعة وتسعين فرضا أم عن واحدة من أربعين ، أم عن واحدة في طول العمر ، أم عن خمسة من مأتين ، قال : فضحك الرّشيد مستهزئا ثمّ قال : سألتك عن فرض ، فأتيتني بحساب الدهر.

قال : يا هارون لو لا أنّ الدّين حساب لما أخذ الله الخلائق بالحساب يوم القيامة قال تعالى : (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ).

قال : فظهر الغضب في وجه أمير المؤمنين وتغيّر من حال إلى حال حين قال له : يا هارون ولم يقل له : يا أمير المؤمنين وبلغ منه ذلك مبلغا شديدا غير أنّ الله عصمه من ذلك الغضب ورجع إلى عقله لما علم أنّ الله هو الذي أنطقه بذلك.

٣١٠

ثمّ قال له الرّشيد : وتربة آبائي وأجدادي إن لم تفسّر لي ما قلت أمرت بضرب عنقك بين الصّفا والمروة.

فقال له الحاجب : يا أمير المؤمنين اعف عنه وهبه لله تعالى لأجل هذا المقام الشريف ، قال : فضحك الأعرابي من قولهما حتّى استلقى على قفاه ، فقال له الرّشيد : ممّ تضحك؟ قال : عجبا منكما ، فانّ أحدكما يستوهب أجلا قد حضر ، والآخر يستعجل أجلا لم يحضر.

فلمّا سمع الرّشيد ما سمع منه هانت عليه الدنيا ثمّ قال : سألتك بالله إلّا ما فسّرت لي ما قلت فقد تشوّقت نفسي إلى شرحه.

فقال الأعرابي : أمّا سؤالك عمّا فرض الله عليّ ، فقد فرض الله عليّ فروضا كثيرة ، فقولي لك عن فرض واحد ، هو دين الإسلام ، وأمّا قولي لك عن خمسة فروض فهي الصلوات الخمس ، وأمّا قولي لك عن سبعة عشر فهي سبع عشر ركعة في اليوم واللّيلة ، وأمّا قولي لك عن أربع وثلاثين فهي السجدات ، وأمّا قولي عن أربع وتسعين فهي التكبيرات ، وأمّا قولي لك عن واحدة من أربعين فهي الزكاة دينار من أربعين دينارا ، وأمّا قولي لك عن واحدة في طول العمر فهي حجّة في طول العمر على الإنسان ، وأمّا قولي لك عن خمسة ومأتين فهي زكاة الورق.

فامتلأ الرّشيد فرحا وسرورا من تفسير هذه المسائل ، ومن حسن كلام الأعرابي وعظم فطنته ، واستعظمه في عينه.

ثمّ إنّ الأعرابي قال للرّشيد : سألتنى فأجبتك ، فإذا سألتك أنا تجيبني؟ فقال الرّشيد : سل ، فقال له الأعرابي : ما يقول أمير المؤمنين في رجل نظر إلى امرأة وقت الصباح ، فكانت عليه حراما ، فلمّا كان الظهر حلّت له ، فلمّا كان العصر حرمت عليه ، فإذا كان المغرب حلّت له ، فإذا كان العشاء حرمت عليه ، فإذا كان الفجر حلّت له ، فإذا كان الظهر حرمت عليه ، فلمّا كان العصر حلّت له ،

٣١١

فلمّا كان المغرب حرمت عليه ، فلمّا كان العشاء حلّت له.

فقال الرّشيد : فقد أوقعتني في بحر لا يخلصني منه غيرك.

فقال الأعرابي : أنت أمير المؤمنين وليس أحد فوقك ولا ينبغي أن تعجز عن شيء ، فكيف تعجز عن مسألتي ، فقال الرّشيد : لقد عظم قدرك العلم ورفع ذكرك ، فأريد أن تفسّر إليّ ما ذكرت إكراما لي ولهذا البيت الشريف. فقال الأعرابي : حبّا وكرامة.

أمّا قولي لك في رجل : نظر إلى امرأة وقت الصبح ، فكانت عليه حراما ، فهذا رجل نظر إلى أمة غيره فهي حرام ، فلمّا كان الظهر اشتراها فحلّت له ، فلمّا كان العصر أعتقها فحرمت عليه ، فلمّا كان المغرب تزوّجها فحلّت له ، فلمّا كان العشاء طلّقها فحرمت عليه ، فلّما كان الفجر راجعها فحلّت له ، فلمّا كان الظهر ارتدّ عن الإسلام فحرمت عليه ، فلمّا كان العصر استتيب فرجع فحلّت له ، فلمّا كان المغرب ارتدّت هي فحرمت عليه ، فلمّا كان العشاء استتيب فرجعت فحلّت له.

قال : فتعجّب الرّشيد وفرح به واشتدّ عجبه ثمّ أمر بعشرة آلاف درهم ، فلمّا حضرت قال : لا حاجة لي بها ردّها إلى أصحابها قال : فهل تريد أن أجري لك جراية تكفيك مدّة حياتك قال : الّذي أجرى عليك يجرى عليّ قال : فإن كان عليك دين قضيناه ، فلم يقبل منه شيئا ثمّ أنشأ يقول :

هب الدنيا تؤاتينا سنينا

فتكدر تارة وتلذّ حينا

فما أرضي بشيء ليس يبقى

وأتركه غدا للوارثينا

كأنّي بالتّراب عليّ يحثى

وبالإخوان حولي نائحينا

ويوم تزفر النيران فيه

وتقسم جهرة للسّامعينا

وعزّة خالقي وجلال ربّي

لأنتقمنّ منكم أجمعينا

فلمّا فرغ من إنشاده تأوّه الرّشيد وسأل عنه وعن أهله وبلاده ، فأخبروه

٣١٢

أنّه موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم أجمعين وكان تزيّا بزيّ الأعراب زهدا في الدنيا وتورّعا عنها ، فقام وقبّله بين عينيه ثمّ قرء : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).

احتجاجه مع هارون حين اعترض عليه

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد الشبراويّ المصري في «الإتحاف بحب الاشراف» (ص ٥٤ ط مصر) قال :

دخل موسى الكاظم على الرشيد فقال له : لم زعمتم انّكم أقرب إلى رسول الله منّا؟ فقال : لو أنّ رسول الله حىّ فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ قال سبحان الله وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم فقال لكنّه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه لأنّه ولدنا ولم يلدكم. وسأله أيضا لم قلتم إنّا ذريّة رسول الله وجوّزتم للناس أن ينسبوكم إليه وأنتم بنو على وإنّما ينسب الرجل لأبيه.

فقال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ) وليس لعيسى أب وإنّما الحق بذرّية الأنبياء من قبل امّه ولذلك الحقنا بذريّة النبيّ من قبل امّنا فاطمة قال تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) ولم يدع عليه‌السلام عند مباهلة النصارى غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء.

ومنهم العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢١ ط البابى بحلب)

روي الحديث بعين ما تقدّم عن «الإتحاف بحبّ الأشراف» من قوله : وسأله

٣١٣

أيضا ولم قتلتم إلخ.

ومنهم العلامة القرماني في «أخبار الدول» (ص ١٢٣ ط بغداد) روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الإتحاف» إلى قوله : وسأله وزاد : ثمّ قال وهل كان يجوز له أن يدخل على حرمك وهنّ منكشفات؟ فقال لا (فقال ظ) لكنّه كان له أن يدخل على حرمي ويجوز له ذلك فلذلك نحن أقرب إليه منكم.

ومنهم العلامة المحدث الحافظ الميرزا محمد خان البدخشي في «مفتاح النجا» (ص ١٧٤ مخطوط):

روي الحديث بمعنى ما تقدّم عن «الإتحاف بحبّ الأشراف» ملخّصا.

ومنهم العلامة المناوى في «الكواكب الدرية» (ج ١ ص ١٧٢ ط الازهرية بمصر).

روي الحديث ملخّصا (١).

نبذة من كراماته عليه‌السلام

تكلمه على سر شقيق مرتين ، وارتفاع ماء البئر ليأخذ ركوته

وصيرورة كثيب الرمل سويقا لذيذا لدعائه

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن اسعد اليافعي في «روض الرياحين» (ص ٥٨

__________________

(١) قال علامة الأدب الراغب الاصبهانى في «محاضرات الأدباء» (ج ٤ ص ٦٣٤ ط مكتبة الحيوة في بيروت).

لقى الرشيد موسى بن جعفر على بغلة فاستنكر ذلك وقال : أتركب دابة ان طلبت عليها لم تلحق وان طلبت لم تسبق ، فقال : لست بحيث أحتاج أن أطلب او اطلب ، فإنها دابة تنحط عن خيلاء الخيل وترتفع عن ذلة الحمير وخير الأمور أوساطها.

٣١٤

ط القاهرة) قال :

عن شقيق البلخي قال : خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسيّة فبينما أنا أنظر إلى الناس وزينتهم وكثرتهم نظرت فتى حسن الوجه فوق ثيابه ثوب صوف مشتملا بشملة وفي رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصّوفية يريد أن يكون كلّا على الناس في طريقهم والله لأمضينّ إليه ولأوبخنّه ، فدنوت منه فلمّا رآني مقبلا قال : يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظنّ إنّ بعض الظنّ إثم.

وتركني ومضى فقلت في نفسي : إنّ هذا الأمر عظيم قد تكلّم على ما في نفسي ونطق باسمي ما هذا إلّا عبد صالح لالحقنّه ولأسألنه أن يحلّلني ، فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عن عيني فلما أنزلنا واقصة إذا به يصلّى وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجرى فقلت هذا صاحبي أمضى إليه وأستحلّه فصبرت حتّى جلس وأقبلت نحوه ، فلما رآني مقبلا.

قال : يا شقيق اقرأ : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) ، ثمّ تركني ومضى فقلت إنّ هذا الفتى لمن الأبدال قد تكلّم على سرّى مرتين فلمّا نزلنا إلى مني إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقى فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول :

أنت ربّى إذا ظمئت إلى الماء

وقوتي إذا أردت الطعاما

أللهمّ أنت تعلم يا إلهى وسيّدي ما لي سواها فلا تعدمني إيّاها قال شقيق رضى الله تعالى عنه : فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع مائها فمدّ يده وأخذ الركوة وملأها ماءّ وتوضأ وصلى أربع ركعات ثمّ مال إلى كثيب من رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحرّكه ويشرب فأقبلت إليه وسلّمت عليه فردّ عليّ السّلام فقلت : أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك ، فقال : يا شقيق لم تزل نعمة الله تعالى علينا

٣١٥

ظاهرة وباطنة فأحسن ظنّك بربّك ثمّ ناولني الركوة فشربت منها فإذا سويق وسكر فو الله ما شربت قط ألذّ منه ولا أطيب منه ريحا فشبعت ورويت وأقمت أياما لا أشتهى طعاما ولا شرابا ثمّ لم أره حتّى دخلنا مكّة فرأيته ليلة في جنب قبة الشراب في نصف اللّيل يصلّى بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتّى ذهب اللّيل فلمّا رأى الفجر جلس في مصلاه يسبّح ثمّ قام فصلّى فلمّا سلّم من صلاة الصبح طاف بالبيت سبعا وخرج فتبعته فإذا له حاشية وموال وهو على خلاف ما رأيته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلّمون عليه فقلت لبعض من رأيته بالقرب منه : من هذا الفتى؟ فقال هذا موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين فقلت قد عجبت بكون هذه العجائب والشواهد إلّا لمثل هذا السيّد.

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٥٧ ط الغرى) قال :

أخبرنا أبو محمّد البزاز أخبرنا أبو الفضل بن ناصر أخبرنا محمّد بن عبد الملك والمبارك بن عبد الجبار الصرفى قالا : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عثمان أخبرنا محمّد بن عبد الرحمن الشيباني أنّ علي بن محمّد بن الزبير البجلي حدثهم قال حدثنا هشام بن حاتم الأصم عن أبيه قال : حدّثنى شقيق البلخي فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «روض الرياحين» لكنّه ذكر بدل كلمة منى : زبالا.

ومنهم العلامة المذكور في «صفة الصفوة» (ج ٢ ص ١٨٥ ط حلب) روي الحديث فيه أيضا بعين ما تقدّم عنه في «التذكرة».

ومنهم العلامة مجد الدين بن الأثير الجزري في «المختار في مناقب الأخيار» (ص ٣٤ نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق).

روي الحديث عن شقيق بعين ما تقدّم عن «التذكرة».

٣١٦

ومنهم العلامة الشيخ عبد المجيد بن محمد الخاني الشافعي النقشبندى المتوفى سنة ١٢٧٥ في «الحدائق الوردية» (ص ٤٠ ط المطبعة الدرويشية في دمشق).

روي الحديث من طريق ابن الجوزي والرامهرمزي عن شقيق البلخي بعين ما تقدّم عن «التذكرة».

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين الهندي الفرنجى المتوفى سنة ١٢٢٥ في كتابه «وسيلة النجاة» (ص ٣٦٧ ط گلشن فيض في لكهنو)

روي الحديث من طريق ابن الجوزي عن شقيق البلخي بعين ما تقدّم عن «التذكرة» ومنهم العلامة الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول» (ص ٨٣ ط طهران):

روى الحديث عن هشام بن حاتم الأصمّ قال : قال لي عن شقيق بعين ما تقدّم عن «روض الرياحين» (١).

__________________

(١) وقال بعد ذكر الواقعة :

ولقد نظم بعض المتقدمين هذه الواقعة في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال :

قال لما حججت عاينت شخصا

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر

سائرا وحده وليس له زاد

فما زلت دائما أتفكر

وتوهمت أنه يسئل الناس

ولم أدر انه الحج الأكبر

ثم عاينته ونحن نزول

دون فيد على الكثيب الأحمر

يضع الرمل في الإناء ويشربه

فناديته وعقلي محير

اسقني شربة فناولني منه

فعاينته سويقا وسكر

فسألت الحجيج من يك هذا؟

قيل هذا الامام موسى بن جعفر

٣١٧

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢١٥ ط الغرى).

روي الحديث بعين ما تقدّم عن «روض الرّياحين» لكنّه ذكر بدل منى زبالة ثمّ قال:

رواها جماعة من أهل التأليف والمحدّثين.

رواها ابن الجوزي في كتابه «مسير العزم الساكن إلى شرف الأماكن».

ورواها الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي في كتابه «معالم العترة النبويّة»

ورواها الرامهرمزي قاضي القضاة في كتابه «كرامات الأولياء» وغيرهم.

ومنهم العلّامة البدخشي في «مفتاح النجا» (ص ١٧٢ المخطوط).

روي الحديث من طريق ابن الجوزي في «الصفوة» وابن طلحة بعين ما تقدّم عن «روض الرياحين» لكنّه ذكر بدل كلمة منى : زبالة.

ومنهم العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢١ ط البابى بحلب)

روي الحديث من طريق الرّامهرمزى وابن الجوزي بتلخيص يسير.

ومنهم العلامة ابن الصبان المالكي في «اسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ص ٢٤٧ ط العثمانية بمصر)

روي الحديث هو أيضا من طريق الرّامهرمزى وابن الجوزي بتلخيص يسير.

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ٢١١ نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق).

روي الحديث نقلا عن ابن الجوزي في مثير العزام والحافظ عبد العزيز بن الأخضر في معالم العترة عن حاتم الأصمّ عن شقيق البلخي بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمة».

٣١٨

أمره لعلى بن يقطين بحفظ دراعة أعطاها هارون

واخباره عن ظهر الغيب انه سيكون له بها

شأن فسار سببا لحقن دمه

رواه القوم :

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢١٨ ط الغرى) قال:

وعن عبد الله بن إدريس عن ابن سنان قال : حمل الرّشيد في بعض الأيّام إلى عليّ بن يقطين ثيابا فاخرة أكرمه بها ومن جملتها دراعة منسوجة بالذهب سوداء من لباس الخلفاء فأنفذ بها عليّ بن يقطين إلى موسى الكاظم عليه‌السلام فردّها الإمام إليه ، وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن ، تحتاج معه إليها فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه ، ولم يدر ما سبب كلامه ذلك ثمّ احتفظ بالدراعة وجعلها في سفط وختم عليها.

فلمّا كان بعد ذلك بمدّة يسيرة تغيّر عليّ بن يقطين على بعض غلمانه ممّن كان يختصّ بأموره ويطلع عليها فصرفه عن خدمته وطرده لأمر أوجب ذلك منه.

فسعى الغلام بعلىّ بن يقطين إلى الرّشيد وقال له : إنّ عليّ بن يقطين يقول بامامة موسى الكاظم ، وأنّه يحمل إليه في كلّ سنة زكاة ماله ، والهدايا ، والتحف وقد حمل إليه في هذه السنة ذلك ، وصحبته الدراعة السوداء الّتي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا.

فاستشاط الرّشيد لذلك غضبا شديدا وقال لأكشفنّ عن ذلك ، فان كان الأمر

٣١٩

على ما ذكرت أزهقت روحه ، وذلك من بعض جزائه.

فأنفذ في الوقت والحين ، أن يحضر عليّ بن يقطين فلمّا مثّل بين يديه ، قال ما فعلت بالدراعة السوداء الّتي كسوتكها واختصصتك بها من مدّة من بين سائر خواصى قال : هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط في طيب مختوم عليها.

فقال : أحضرها الساعة ، فقال نعم يا أمير المؤمنين السمع والطاعة ، فاستدعى بعض خدمه فقال : امض وخذ مفتاح البيت الفلاني من دارى ، وافتح الصندوق الفلاني وائتني بالسفط الّذي فيه على حالته بختمه ، فلم يلبث الخادم إلّا قليلا حتّى عاد وفي صحبته السفط مختوما على حالته بختمه فوضع بين يدي الرّشيد فأمر بفكّ ختمه ففك ، وفتح السفط فإذا بالدّراعة فيه مطويّة ، ومدفونة بالطيب على حالها لم تلبس ولم تدنس ولم يصبها شيء من الأشياء ، فقال لعليّ بن يقطين : ردّها إلى مكانها ، وخذها وانصرف راشدا ، فلن نصدّق بعدها عليك ساعيا ، وأمر أن يتبع بجائزة سنيّة وأمر أن يضرب الساعي ألف سوط ، فضرب فلمّا بلغوا إلى خمسمائة سوط مات تحت الضرب قبل الألف.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ٢٠١ ط العثمانية بمصر).

روي الحديث عن عبد الله بن إدريس عن ابن سنان بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمّة».

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين الهندي في «وسيلة النجاة» (ص ٣٦٨ ط گلشن في لكهنو).

روي الحديث بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمّة» بتلخيص فيه.

(احقاق الحق مجلد ١٢ ج ٢٠)

٣٢٠