إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٢

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

ومن كلامه عليه‌السلام

أدّوا الأمانة ولو إلى قتلة أولاد الأنبياء.

رواه في «البرهان في وجوه البيان» (ص ٤٠٣ ط بغداد).

ومن كلامه له عليه‌السلام

لما قيل له : من أشدّ الناس زهدا؟

من لا يبالي الدّنيا في يد من كانت.

رواه في «البيان والتبيين» (ص ١٥٩ ط القاهرة).

ومن كلام له عليه‌السلام

لمّا قيل له : من أخسر النّاس صفقة؟

من باع الباقي بالفاني.

رواه في «البيان والتبيين» (ص ١٥٩ ط القاهرة).

ومن كلام له عليه‌السلام

لمّا قيل له : من أعظم النّاس قدرا؟

من لا يرى الدّنيا لنفسه قدرا.

رواه في «البيان والتبيين» (ص ١٥٩ ط القاهرة).

٢٠١

ومن كلام له عليه‌السلام

اللهمّ أعنّى على الدّنيا بالغنى ، وعلى الآخرة بالتقّوى.

رواه في «البيان والتبيين» (ص ٢٥٠ ط القاهرة).

ومن كلام له عليه‌السلام

ما يعبأ من يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاث : ورع يحجره عن محارم الله تعالى ، وحلم يكفّ به غضبه ، وحسن الصحبة لمن يصحبه من المسلمين.

رواه في «العقد الثمين في فضائل البلد الأمين» (ص ٧٨ ط القاهرة).

ومن كلامه عليه‌السلام

في معنى قوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ).

قوم وصفوا الحقّ والعدل بألسنتهم وخالفوه إلى غيره.

ومن كلامه عليه‌السلام

الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن ، ولا تصيب الذاكر. رواه في «حلية الأولياء» (ج ٣ ص ١٨١ ط السعادة بمصر) قال :

حدثنا محمّد بن عليّ بن حبيش ، ثنا ميمون بن محمّد بن سليمان ، ثنا محمّد بن عبّاد ، ثنا عبد السلام بن حرب ، عن زياد بن خثيمة ، عن أبي جعفر قاله. ورواه في «مطالب السئول» (ص ٨٠ ط طهران) ، ورواه في «إسعاف الراغبين» (ص ٢٥٣ ط العثمانية بمصر) المطبوع بهامش «نور الأبصار» ، ورواه الخازن في «تفسيره» (ج ٤ ص ٩ ط مصطفى بمصر) ، ورواه في «معالم التنزيل» (ج ٤ ص ٩ الطبع

٢٠٢

المذكور) ونقله عن «الحلية» في «تذكرة الخواص» (ص ٣٤٧ ط الغرى) بعين ما تقدّم عنه سندا ومتنا ، ورواه في «المختار في مناقب الأخيار» (ص ٣٠).

ورواه في «الحدائق الورديّة» (ص ٣٦) لكنّه ذكر بدل كلمة الذاكر : ذاكر الله عزوجل.

ومن وصيته لابنه عليهما‌السلام حين حضرته الوفاة

هذا ما أوصى به يعقوب بنيه : يا بنيّ إنّ الله اصطفى لكم الدّين فلا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون ، وأوصى محمّد بن عليّ ابنه جعفر وأمره أن يكفّنه في بردته الّتي كان فيها يصلّي الجمعة وقميصه وأن يعمّمه بعمامته وأن يرفع قبره مقدار أربع أصابع وأن يحلّ أطماره عند دفنه ، ثمّ قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله فقلت : يا أبت ما كان في هذا حتّى يشهد عليه قال : يا بنيّ كرهت أن تغلب وأن يقال لم يوص فأردت أن يكون ذلك الحجّة.

رواه العلّامة ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» (ص ٢٠٤ ط الغرى) قال : عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه‌السلام قال : إنّ أبي استودعني ما هناك وذلك أنّه لمّا حضرته الوفاة قال : ادع لي شهودا فدعوت له أربعة منهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال : اكتب ، فذكره.

٢٠٣

ومن كلامه عليه‌السلام

لن نعيش بعقل أحد حتّى نعيش بظنّه. رواه العلّامة أبو سعيد بن أوس في «النوادر في اللغة» (ص ٤٢ ط الآباء اليسوعيين في بيروت).

ومن كلامه عليه‌السلام

في جواب خضر

بدء خلق هذا البيت إنّ الله تعالى قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ، فردّوا عليه (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) الآية ، وغضب عليهم ، فعاذوا بالعرش فطافوا حوله سبعة أطواف يسترضون بهم ، فرضي عنهم وقال لهم : ابنوا لي في الأرض بيتا فيعوذ به من سخطت عليه من بني آدم ويطوفون حوله كما فعلتم بعرشي فأرضي عنهم ، فبنوا له هذا البيت فهذا بدء خلق هذا البيت. رواه العلامة القاضي الدّيار بكرى المتوفي سنة ٩٦٦ وقيل ٩٨٢ في «تاريخ الخميس» (ج ١ ص ٨٨ ط المطبعة الوهبية بمصر سنة ١٢٨٣) قال : وذكر الزّبير بن بكّار بإسناده إلى جعفر الصّادق أنّ رجلا سأل أبي محمّد الباقر بمكّة في ليالي العشر قبل التروية في الحجر ، وكان السائل الخضر ، فقال له : أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان؟ فقاله.

٢٠٤

نقش خاتمه عليه‌السلام

قال علّامة التاريخ والحديث أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي المتوفّى سنة ٤٢٧ في «تاريخ جرجان» قال : حدّثنا أحمد بن أبي عمران الجرجاني ، حدّثنا عمران بن موسى ، حدّثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني محمّد ابن جعفر ، حدّثني أبي جعفر بن محمّد قال : كان نقش خاتم أبي محمّد بن عليّ : القوّة لله جميعا.

وقال العلّامة الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي الشامي المتوفّى سنة ٦٥٢ في «مطالب السئول في مناقب آل الرسول» (ص ٨١ ط تهران):

نقل الثعلبي في تفسيره أنّ الباقر كان نقش خاتمه هذه ظني بالله حسن وبالنبي المؤتمن وبالوصيّ ذي المنن وبالحسين والحسن.

رواها بسنده في تفسيره متّصلا إلى ابنه الصّادق.

٢٠٥
٢٠٦

الامام الصادق

جعفر بن محمد بن على بن

الحسين بن على عليهم‌السلام

٢٠٧

تاريخ مولده ووفاته

ذكره جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الخطيب التبريزي العمرى في «إكمال الرجال» (ص ٦٢٣ ط دمشق) قال :

جعفر الصادق : هو جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، الصّادق ، كنيته أبو عبد الله ، كان من سادات أهل البيت (١). روى عن أبيه وغيره سمع منه الأئمّة الأعلام نحو يحيى بن سعيد وابن جريح ومالك بن أنس والثوري

__________________

(١) وقال العلامة محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السئول» (ص ٨١ ط طهران).

وهو (أى جعفر بن محمد الصادق) من عظماء أهل البيت وساداتهم ذو علم جمة وعبادة موفرة وأوراد متواصلة وزهادة بينة وتلاوة كثيرة يتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجائبه ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه ، رؤيته تذكر الآخرة واستماع كلامه يزهد في الدنيا والاقتداء بهداه يورث الجنة ، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة وطهارة أفعاله تصدع بأنه من ذرية الرسالة إلى ان قال : وله القاب أشهرها الصادق ومنها الصابر والفاضل والطاهر وأما مناقبه وصفاته فتكاد تفوت عدد الحاصر ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر حتى أن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الاحكام التي لا تدرك عللها والعلوم التي تقصر الافهام عن الإحاطة بحكمها ، تضاف إليه وتروى عنه ، وقد قيل : ان كتاب الجفر الذي بالمغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه وان في هذه لمنقبة سنية ودرجة في مقام الفضائل عليه ، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه.

(احقاق الحق مجلد ١٢ ج ١٣)

٢٠٨

وابن عيينة وأبو حنيفة (١) ، ولد سنة ثمانين ومات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو

__________________

(١) وقد ذكر القوم عن أبى حنيفة كلمات في شأنه ننقلها عن عدة.

منهم العلامة الخوارزمي في «جامع مسانيد أبى حنيفة» (ج ١ ص ٢٢٢ ط حيدرآباد) قال :

أبو حنيفة قال : جعفر بن محمد أفقه من رأيته ولقد بعث الى أبو جعفر المنصور ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له مسائل شدادا فلخصت أربعين مسألة وبعثت بها إلى المنصور بالحيرة ، ثم أبرد إلى فوافيته على سريره وجعفر بن محمد عن يمينه فتداخلني من جعفر هيبة لم أجدها من المنصور فأجلسني ثم التفت إلى جعفر قائلا يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة فقال : نعم أعرفه ، ثم قال المنصور : سله ما بدا لك يا أبا حنيفة ، فجعلت أسأله ويجيب الاجابة الحسنة ويفحم حتى أجاب عن أربعين مسألة ، فرأيته أعلم الناس باختلاف الفقهاء ، فلذلك أحكم أنه أفقه من رأيت.

أخرجه الحافظ طلحة بن محمد في مسنده عن أبى العباس أحمد بن محمد بن سعيد عن جعفر بن محمد بن الحسين الحازمي ، عن أبى نجيح إبراهيم بن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن زياد ، عن أبى حنيفة رض.

ومنهم الحافظ أبو المؤيد الموفق الخطيب الخوارزمي في كتابه «مناقب أبى حنيفة» (ج ١ ص ١٧٣ ط حيدرآباد).

روى عن الحسن بن زياد اللؤلؤي عن أبى حنيفة بمعنى ما تقدم عن «جامع المسانيد».

ومنهم العلامة الشيخ محيي الدين عبد القادر بن أبى الوفاء في «الجواهر المضيئة» (ج ٢ ص ٤٨٦ ط حيدرآباد).

روى عن الحسن بن زياد عن أبى حنيفة بعين ما تقدم عن «جامع المسانيد» مع تلخيص في مقدمات الخبر.

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين الهندي في «وسيلة النجاة»

٢٠٩

ابن ثمان وستّين سنة ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه عليّ زين العابدين

__________________

(ص ٣٥٤ ط مطبعة گلشن في لكهنو).

روى عن أبى حنيفة بعين ما تقدّم عن «جامع المسانيد».

ومنهم المعاصر المحقق المؤرخ البهلول بهجت افندى في «تاريخ آل محمد ص» (ص ط مطبعة آفتاب).

نقل عن الدميري في «حياة الحيوان» بما ملخصه قال أبو حنيفة : دخلت مع الربيع على أبى عبد الله عليه‌السلام فقال : أتعمل بالقياس؟ فقلت : نعم ، فقال : لا تقس فان أول من قاس إبليس قال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ـ قال أبو حنيفة : ثم سألنى عن مسائل لم نقدر على جوابها. ثم ذكر جوابها ثم ذكر من حكمة الله في خلق الإنسان بما تعجبت من علمه.

ومنهم العلامة القاضي وكيع محمد بن خلف بن حيان الأندلسي في «أخبار القضاة» (ص ٧٧ ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة) قال :

حدثني عبد الله بن سعيد الزهري ، قال : حدثنا أبو الوليد الدمشقي قال : حدثني عمى محمد بن عبد الله بن بكار ، قال :

حدثني سليمان بن جعفر بن إبراهيم بن على بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب ، وام على بن عبد الله بن جعفر زينب بنت على بن أبى طالب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الزهري ، فقال : حدثنا ابن شبرمة ، قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد ، فسلمت عليه ، وكنت له صديقا ثم أقبلت على جعفر ، فقلت : أمتع الله بك هذا رجل من أهل العراق له فقه وعقل ، فقال جعفر : لعله الذي يقيس الدين برأيه ، ثم أقبل على ، فقال النعمان بن ثابت؟ فقال أبو حنيفة : نعم ، أصلحك الله ، فقال : اتق الله ولا تقس الدين برأيك فان أول من قاس إبليس إذ أمره الله بالسجود لادم ، فقال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ، ثم قال له جعفر : هل تحسن أن تقيس رأسك من جسدك ، فقال : لا ،

٢١٠

__________________

قال : فأخبرنى عن الملوحة في العينين ، وعن المرارة في الأذنين ، وعن الماء في المنخرين وعن العذوبة في الشفتين ، لأي شيء جعل ذلك؟ قال : لا أدرى ، قال جعفر : الله عزوجل خلق العينين ، فجعلهما شحمتين ، وجعل الملوحة فيها ضنا منه على ابن آدم ولو لا ذلك لذابتا ، فذهبتا ، وجعل المرارة في الأذنين ضنا منه عليه ، ولو لا ذلك لهجمت الدواب ، فأكلت دماغه ، وجعل الماء في المنخرين ليصعد التنفس ، وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الردية ، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم طعم لذة مطعمه ومشربه ، ثم قال له جعفر : أخبرنى عن كلمة أولها شرك ، وآخرها ايمان ، قال : لا أدرى ، قال : لا إله إلا الله ، ثم قال له : أيما أعظم عند الله قتل النفس أو الزنا؟ قال : قتل النفس ، قال له جعفر. ان الله عزوجل قد رضى في قتل النفس بشاهدين ولم يقبل في الزنا إلا بأربعة ، ثم قال : فما بال المرأة إذا حاضت ، تقضى الصيام ، ولا تقضى الصلاة ، اتق الله يا عبد الله انا نقف نحن وأنت غدا ومن خالفنا بين يدي الله جل وعز ، فنقول : قال رسول الله عليه‌السلام ، ويقول : أنت وأصحابك قال : سمعنا ورأينا ، ففعل بنا وبكم ما يشاء.

ومنهم العلامة الحافظ أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج ٣ ص ١٩٦ ط السعادة بمصر) قال :

حدثنا عبد الله بن محمّد ، ثنا الحسن بن محمد ، ثنا سعيد بن عنبسة ، ثنا عمرو بن جميع قال : دخلت على جعفر بن محمد أنا وابن أبى ليلى وأبو حنيفة.

وحدثنا محمد بن على بن حبيش ، حدثنا أحمد بن زنجويه ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا محمد بن عبد الله القرشي بمصر ، ثنا عبد الله بن شبرمة قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد فقال لابن أبى ليلى من هذا معك؟ قال : هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين ، قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه قال : نعم ، قال : فقال جعفر لأبي حنيفة : ما اسمك؟ قال : نعمان ، قال : يا نعمان هل قست رأسك بعد ، قال : كيف أقيس رأسى.

فذكر بعين ما تقدم عن «أخبار القضاة».

٢١١

ومنهم العلامة الابيارى في «العرائس الواضحة» (ص ٢٠٥ ط القاهرة) قال : الصادق هو جعفر أبو عبد الله ابن محمّد الباقر ، قال ابن الوردي : سمّي لصدقه وينسب إليه كلام في صفة الكيمياء والزجر والفال ، ولد سنة ثمانين بالمدينة وتوفى ثمان وأربعين ومائة.

ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشامي الشافعي في «مطالب السئول» (ص ٨١ ط طهران) قال : وأمّا ولادته (أي الصادق عليه‌السلام) فبالمدينة سنة ثمانين من الهجرة وقيل :

سنة ثلاث وثمانين والأوّل أصحّ ، إلى أن قال : وأمّا عمره فانّه مات في ثمان وأربعين ومائة.

ومنهم العلامة أبو الخير محمد شمس الدين السخاوي في «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» (ج ١ ص ٤١٠ ط اسعد درابزوئي) قال : جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. الإمام العلم ، أبو عبد الله ، الهاشمي العلوي ، الحسيني المدني ، سبط القاسم بن محمّد ابن أبي بكر ، أمّه امّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر. وامّها أسماء بنت عبد الرّحمن بن أبي بكر ، ولهذا كان جعفر يقول : ولّدني الصّديق مرّتين ، يقال : ولد سنة ثمانين ، سنة سيل الجحاف ، الّذي ذهب بالحاجّ من مكّة إلى أن قال وكان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا وجودا يصلح للخلافة بسودده وفضله وعلمه وشرفه ، ومناقبه كثيرة تحتمل كراريس ، مات سنة ثمان وأربعين ومائة عن ثمان وستين ودفن بالبقيع مع أبيه وجدّه وعمّه.

ومنهم الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج ١ ص ١٦٦ ط حيدرآباد الدكن) قال :

٢١٢

جعفر بن محمّد بن عليّ بن الشهيد الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ الإمام أبو عبد الله العلويّ المدني الصّادق أحد السادة الأعلام إلى أن قال : وعنه مالك والسّفيانان وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وأبو عاصم النّبيل وخلق كثير. قيل : مولده سنة ثمانين ، فالظّاهر أنّه رأى سهل بن سعد السّاعدي قال : وعن أبي حنيفة قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد.

ومنهم العلامة أبو الحجاج يوسف بن محمّد البلوى في «ألف باء» (ج ٢ ص ٣٠٥ ط مصر) قال :

يروى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال حججت في السّنة الّتي حجّ فيها أبو حنيفة رض إلى مكّة فكنّا في الطريق حتّى أتينا المدينة فلمّا صرت إلى المدينة قال لي أبو حنيفة : أحبّ أن أدخل إلى هذا الرجل فاسلّم عليه ، يريد جعفر ابن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه وأسأله وأخاف أن لا يأذن لي قال عبد الرحمن بن أبي ليلى فقلت له : أخلق به إن علم بمكانك أن لا يأذن لك ولكن كن معي فإن أذن لي دخلت معي ، قال : قضينا إلى بابه فقلت لغلامه : أقرئه السلام وقل له : عبد الرّحمن بن أبي ليلى ورجل من أهل الكوفة ، قال : فرجع إلينا بالإذن فدخلنا عليه فرحب بنا وقرب حتّى إذا اطمأننّا أقبل عليّ فقال : من هذا الرّجل؟ فقلت : بأبي أنت وأمّي هذا أبو حنيفة فقيه أهل الكوفة قال : فأقبل عليه فقال : أنت النّعمان بن ثابت؟ قال : نعم ، بأبي أنت وأمّي ، قال : أنت الّذي تقيس الدّين برأيك؟ قال : بأبي أنت وامّي إنّما أقول ذلك في النّازلة أو الحادثة تحدث ليس لها في كتاب الله خبر ولا في سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا في إجماع عليه. قال : فتبسّم ثمّ قال : ويحك يا نعمان ما لم يكن له في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله ولا في إجماع المسلمين ولا في خبر المتّصل حجّة فقد زال عنك حكمه ووضع عنك فرضه فلم تتكلف لم تؤمر ، ويحك يا نعمان إيّاك والقياس فإنّ أهل القياس

٢١٣

لا يزالون في التباس إلخ.

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ٣٥ ط القاهرة) قال :

الإمام جعفر الصّادق بن محمّد الباقر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام أحد الأئمّة الاثني عشر ، كان من سادات أهل البيت ولقّب بالصّادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر من نار على علم ، كيف لا وهو ابن سيّد الأمم ، وله كلام في صنعة الكيمياء والجفر والفال ، وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيّان الصوفي الطرسوسيّ قد ألّف كتابا يشتمل على ألف ورقة يتضّمن رسائل الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وهي خمسمائة رسالة ، وكانت ولادته سنة ثمانين من الهجرة وهي سنة سيل الجحاف ، وقيل : بل ولد يوم الثلاثاء قبل طلوع الفجر ثامن شهر رمضان سنة ثمان وثمانين ، وتوفّي في شوّال سنة ثمان وأربعين ومائة بالمدينة المنورّة ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه زين العابدين وعمّ جدّه الحسن بن عليّ عليهم‌السلام ، فلله درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه ، وامّه فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصّديق ، قال ابن خلّكان في «تاريخه».

وفي (ج ١ ص ٥٠ ، الطبع المذكور).

توفّي الإمام جعفر الصّادق بن محمّد الباقر رضي‌الله‌عنهما سنة ثمان وأربعين ومائة وصنّف الخافية في علم الحروف ، وقد ازدحم على بابه العلماء ، واقتبس من مشكاة أنوار الأصفياء وكان يتكلّم بغوامض الأسرار والعلوم الحقيقية وهو ابن سبع سنين وقد جعل في خافيته الباب الكبير «ا ب ت ث» إلى آخرها والباب الصغير (أبجد هوّز) إلى (قرشت) وهو مصوّب ومقلوب ، من كلامهم : الوفاء شميمة الأخيار وصفة الأبرار.

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين محب الله السهالوي في «وسيلة النجاة»

٢١٤

(ص ٣٦٢ ط گلشن فيض بلكهنو) قال :

في فصل الخطاب قال عمر بن المقدام : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمت أنّه من سلالة النبيين ، ولد سنة ثمانين بالمدينة وتوفّى بها في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن ثمان وستين سنة ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه وما أكرم ذلك القبر بأن أجمع من الأشراف الكرام.

ومنهم العلامة ابن الصبان المالكي في «اسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ص ٢٥٣ ، ط العثمانية بمصر) قال :

مات (أي جعفر الصادق) مسموما سنة ثمان وأربعين ومائة.

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٠٤ ط الغرى).

ذكر في ولادته بالعبارة الّتي تقدمت عن «مطالب السئول».

وفي (ص ٢١٢ ، الطبع المذكور).

مات الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام سنة ثمان وأربعين ومائة في شوال وله من العمر ثمان وستّون سنة أقام فيها مع جدّه عليّ بن الحسين اثنى عشر سنة وأيّاما ومع أبيه محمّد بن عليّ بعد وفاة جدّه ثلاثة عشر سنة وبقي بعد موت أبيه أربعا وثلاثين سنة وهي مدّة إمامته عليه‌السلام يقال : إنّه مات بالسمّ في أيّام المنصور وقبره بالبقيع دفن في القبر الّذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه فلله درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٩٦ ط العثمانية بمصر).

ذكر في ولادته ما تقدّم عن «الفصول المهمّة».

وفي (ص ١٩٩ ، الطبع المذكور).

٢١٥

ذكر في وفاته أيضا ما تقدّم عنه بعينه مع تلخيص بإسقاط قوله : وهي مدّة إمامته.

ومنهم العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢١ ط البابى بحلب) قال : توفى سنة أربع وثمانين ومائة مسموما أيضا على ما حكى وعمره ثمان وستون سنة ودفن بالقبة السابقة عند أهله عن ستّة ذكور وبنت منهم.

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٥٥ ط الغرى) قال :

قال الواقدي : توفّي في خلافة أبي جعفر المنصور بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة.

وفي (ص ٣٥٦ ، الطبع المذكور).

اختلفوا في مبلغ سنّة على أقوال ، أحدها خمس وستّون ، والثاني خمس وخمسون ، وقال الواقدي : إحدى وسبعون.

ومنهم العلامة ابن الأثير في «المختار» (ص ٢٢ نسخة الظاهرية بدمشق) قال :

قال سفيان بن عيينة : قال لي جعفر بن محمّد : توفّى عليّ بن أبي طالب وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وقتل الحسين بن عليّ وهو ابن ثمان وخمسين ، وتوفّى عليّ بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وتوفّى محمّد بن عليّ بن حسين ، وهو ابن ثمان وخمسين سنة قال جعفر : وأنا بهذه السنة في ثمان وخمسين سنة فتوفى فيها. رحمة الله عليهم أجمعين.

٢١٦

نقش خاتمه عليه‌السلام

رواه القوم :

قال العلامة أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي المتوفى سنة ٤٢٧ في «تاريخ جرجان» (ص ٣٢٩ ط حيدرآباد الدكن) قال :

حدّثنا أحمد بن أبي عمران ، حدّثنا عمران بن موسى ، حدّثنا إبراهيم ابن المنذر ، حدّثني محمّد بن جعفر قال : كان نقش خاتم أبي : اللهمّ أنت ثقتي فاعصمني من خلقك.

اعلام الفقه أخذوا عنه عليه‌السلام

قال الحافظ أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج ٣ ص ١٩٨ ط السعادة بمصر).

روى عن جعفر عدّة من التابعين منهم يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيّوب السختياني ، وأبان بن تغلب ، وأبو عمرو بن العلاء ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد.

وحدث عنه من الأئمّة والأعلام : مالك بن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وابن جريح ، وعبد الله بن عمر ، وروح بن القاسم ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن بلال ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم بن إسماعيل ، وعبد العزيز ابن المختار ، ووهب بن خالد ، وإبراهيم بن طهمان في آخرين ، وأخرج عنه مسلم ابن الحجاج في صحيحه محتجّا بحديثه.

وقال العلامة محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول» (ص ٨١ ط طهران).

استفاد منه (أي جعفر بن محمّد) جماعة من الأئمّة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريح ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وشعبة وأيّوب

٢١٧

السختياني وغيرهم ، وعدّوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها.

وقال العلامة المعاصر السيد محمد عبد الغفار الهاشمي الافغاني في كتابه «أئمة الهدى» (ص ١١٧ ط القاهرة بمصر) :

لقد كان الإمام جعفر الصّادق بحرا زاخرا في العلم حيث أخذ عنه أربعة آلاف شيخ فرووا عنه الحديث الشريف ومنهم أعلام العلم كالإمام الأعظم أبي حنيفة والإمام مالك بن أنس ، والإمام سفيان الثّوري وغيرهم من أجلّة العلماء. وقد كان الإمام جعفر الصّادق زاهدا ورعا تقيّا ومستجاب الدّعوة وله كرامات ظاهرة مذكورة في مطوّلات الكتب.

وقال العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراويّ الشافعي المصري في كتابه «الإتحاف بحب الاشراف» (ص ٥٤ ط مصر) :

السادس من الأئمّة جعفر الصادق ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة روى عنه الحديث أئمّة كثيرون مثل مالك بن أنس وأبي حنيفة ويحيى بن سعيد وابن جريح والثّوري وابن عيينة وشعبة وغيرهم.

وقال العلامة الشيخ مصطفى رشدي بن الشيخ إسماعيل الدمشقي المتوفى بعد سنة ١٣٠٩ في كتابه «الروضة الندية» (ص ١٢ ط الخيرية بمصر) :

الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام كان فارس ميدان العلوم ، غواص بحري المنطوق والمفهوم نقل عنه أكثر النّاس على اختلاف مذاهبهم من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في سائر الأقطار والبلدان ، وقد جمع أسماء من يروى عنه فكانوا أربعة آلاف رجل.

وقال العلامة المعاصر الشيخ محمد بن محمد المخلوف المالكي المصري في كتابه «طبقات المالكية» (ص ٥٢ ط مطبعة السلفية بالقاهرة) :

أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الاصبحي

٢١٨

جدّه أبو عامر إلى أن قال في ص ٥٤ :

وصحب جعفر الصّادق وروى عنه وهو عن أبيه وهو عن أبيه زين العابدين وهو عن أبيه الحسين ، وهو عن أبيه وجدّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليهم أجمعين.

وقال الأستاذ الفاضل المعاصر الشيخ أبو محمد زهره المصري المالكي في «مالك» (حياته وعصره آراؤه وفقهه ص ١٠٤ ط مطبعة مخيم بمصر) :

إن مالك ليروي أنّه أخذ عن جعفر الصّادق بن محمّد الباقر مع ما علمت من أنّه لم يكن في منهجه يرضى العلويّين ، بل يكاد يناقض طريقهم ولكن ذلك لم يمنعه من أن يأخذ عن جعفر وأن يتأثر طريقه وأن يذكره بأحسن ما يذكر طالب شيخه المقتدى به إلى أن قال : وكان مالك متّصلا بجعفر الصّادق وروى عنه.

وقال العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢٠ ط مصر) :

جعفر الصّادق نقل النّاس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمّة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيّوب السختياني ، وامّه فروة بنت القاسم ابن محمّد بن أبي بكر كما مرّ.

٢١٩

نبذة مما ورد عنه في التوحيد

الاول

ما رواه القوم :

منهم الحافظ أبو حاتم أحمد بن حمدان الرازي المتوفى سنة ٣٢٢ في «الزينة في الكلمات الإسلامية العربية» (ص ١٢٩ ط دار الكتاب العربي بمصر) قال :

قال عليه‌السلام : أوّل ما خلق الله عزوجل اسم بالحروف غير مبثوث ، وباللفظ غير منطق ، وبالشخص غير مجسّد ، وبالتسمية غير موصوف ، وباللّون غير مصبوغ ، منفيّ مبعد منه الحدود ، محجوب عنه حسّ كلّ متوّهم ، مستتر غير مستور ، فجعله كلمة تامّة على أربعة أجزاء معا. ليس منها واحد قبل الآخر. فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها ، وحجب واحدا منها ، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة الّتي أظهرت ، فالظاهر هو الله عزوجل وتبارك وسبحان ، لكلّ اسم من هذه أربعة أركان ، فذلك اثنى عشر ركنا. ثمّ خلق لكلّ ركن ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها : فهو الرّحمن ، الرّحيم ، الملك ، القدّوس ، الخالق.

الثاني

ما رواه القوم :

منهم علامة الأدب الراغب الاصبهانى في «محاضرات الأدباء» (ج ٤ ص ٣٩٨ ط بيروت) قال :

سئل جعفر بن محمّد عن كيفيّة الله تعالى فقال : نور لا ظلمة فيه ، وحياة لا موت منها.

٢٢٠