التّفسير الكاشف - ج ١

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ١

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٦٧

ومن حكم الإمام علي (ع) : «الصدقة دواء منجح .. استنزلوا الرزق بالصدقة .. تاجروا الله بالصدقة».

ويوم كانت الروح الدينية مسيطرة على النفوس ، وموجهة التربية وسلوك الأفراد كان الأب يعطي بعض المال لولده الصغير ، ويأمره أن يتصدق به على الفقير معتقدا ان هذه الصدقة تمهد له سبيل التوفيق والنجاح.

الحكمة الآة ٢٦٩ :

(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٦٩))

المعنى :

تطلق الحكمة على معان : منها المصلحة ، كقولك : الحكمة من هذا الشيء كذا. ومنها الموعظة ، مثل الحكمة ضالة المؤمن ، ومنها العلم والفهم ، ومنه قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ). ومنها النبوة ، كقوله : وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب .. وتطلق الحكمة على الفلسفة. وقال قائل : الحكمة هي علم الفقه. وقال آخر : هي جميع العلوم الدينية. وقال ثالث : هي طاعة الله فقط.

ومهما قيل أو يقال فان الحكمة لا تخرج أبدا عن معنى السداد والصواب ، ووضع الشيء في موضعه قولا وعملا ، فالحكيم هو الذي يحكم الشيء ، ويأتي به على مقتضى العقل والواقع ، لا حسب الميول والرغبات ، ولا يستعجله قبل أوانه ، أو يمسك عنه في زمانه ، أو ينحرف به عن حدوده وقيوده.

وعلى هذا فالحكمة لا تختص بالأنبياء والأولياء ، ولا بالفلاسفة والعلماء ، فكل من اتقن عملا وأحكمه فهو حكيم فيه ، سواء أكان فلاحا ، أو صانعا ، أو تاجرا ، أو موظفا ، أو واعظا ، أو أديبا ، أو خطيبا ، أو حاكما ، أو جنديا ،

٤٢١

أو غيره .. فالشرط الأول والأخير للحكمة والحكيم أن يحقق العمل الغرض المطلوب منه عقلا وشرعا ، دنيا ودينا.

وليس من شك ان من كانت الحكمة رائده ومرشده كان سعيدا في الدارين ، قال الإمام جعفر الصادق (ع) : «ما أنعم الله على عبد بنعمة أعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة ، قال تعالى (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ). أي لا يعلم أحد ما أودع الله في الحكمة من الأسرار إلا من استخلصه لنفسه ، فالحكمة هي النجاة ، وصفة الثبات عند أوائل الأمور ، والوقوف عند عواقبها».

وتجمل الاشارة هنا الى الفرق بين العلم والحكمة .. فالعلم يقيس الكميات ، ويتعرف على العلاقات التي تربط هذه الكميات بعضها ببعض ، ويكتشف القوانين التي تجمعها في شمل واحد ، والأثر الذي يترتب عليها من خير أو شر. أما الحكمة فإنها تأمر باتباع العقل السليم ، والدين القويم ، واستعمال الشيء فيما وضع له ، وخلق من أجله ـ مثلا ـ العلم يفتت الذرة ، ويوجد السفن الفضائية ، ولكنه لا ينظر الى الهدف الذي يرمي اليه العالم خيرا كان أو شرا ، ولا ينهاه عن هذا ، ويأمره بذاك ، أما الحكمة فلا يعنيها من تفتيت الذرة ، واختراع السفن كثير ولا قليل ، وانما تنظر الى ما تستعمل فيه الذرة وسفن الفضاء ، وتوجه الإنسان الى أن يبتغي بهما خير الانسانية وهناءها ، لا شرها وشقاءها (١).

وما انفقتم من نفقة الآة ٢٧٠ ـ ٢٧١ :

(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ

__________________

(١) قرأت فيما قرأت ان لدى الدول الكبرى قنابل ، الواحدة منها في طاقة مائة مليون طن من المتفجرات ، وانها يمكن أن تقتل في لحظات مائة وعشرين مليون نسمة ، وان سفن الفضاء تزود الطائرات الحربية بصور دقيقة للأهداف والمنشئات التي يريد العدو تدميرها ، كما تصور ثروات الأرض التي يطمع بها أهل الاحتكار والاستغلال ، ويدلنا هذا على كذب الدعايات التي يذيعها أصحاب هذه المخترعات بأن الغاية منها السلم ورفاهية الإنسان وسعادته ، وحمله في رحلات ترفيهية إلى القمر ، والزهرة.

٤٢٢

مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١))

الإعراب :

نعم فعل ماض ، وفاعلها مستتر ، وما نكرة في محل نصب على التمييز ، أي نعم شيئا وهي أصلها ابداؤها ، ثم حذف المضاف ، وهو الإبداء ، لدلالة الكلام عليه ، وأقيم المضاف اليه ، وهو ضمير الصدقات مقامه ، والتقدير نعم شيئا هو إبداء الصدقات ، وهو مبتدأ ، والإبداء خبر.

المعنى :

ثم عاد سبحانه الى ذكر الإنفاق ، والترغيب فيه فقال : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ). لفظ النفقة يشمل كل ما يصدق عليه هذا الاسم ، واجبة كانت النفقة أو مستحبة ، كثيرة أو قليلة ، في طاعة أو معصية ، سرا كان الإنفاق أو جهرا.

ومعنى النذر لغة الوعد ، وشرعا الزام الإنسان نفسه بفعل شيء أو تركه لوجه الله ، وصيغته أن يقول الناذر : عليّ لله ، أو نذرت لله ، ولا يكفي مجرد القصد بلا صيغة ، ولا الصيغة بلا ذكر الله ، أو احد أسمائه الحسنى ، فلو قال : نذر عليّ لئن كان كذا ان أفعل كذا لم يكن هذا من النذر في شيء لخلوه عن ذكر الله ، وأيضا لا ينعقد النذر إطلاقا إذا تعلق بمحرم أو مكروه .. فقد نذر شخص في عهد رسول الله (ص) أن يقوم ولا يقعد ، ولا يستظل ولا يتكلم ، ويصوم .. فقال الرسول (ص) : مروه فليتكلم ، ويستظل ، ويقعد ، وليتم صومه.

والضمير في يعلمه يعود الى (ما) في قوله : (وَما أَنْفَقْتُمْ). أي ان الله

٤٢٣

يعلم النفقة بأي دافع تكون ، ويجازي عليها ان خيرا فخير ، وان شرا فشر.

(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ). المراد جميع الظالمين ، دون استثناء ، ومنهم الذين لا ينفقون إطلاقا ، أو ينفقون الرديء ، أو رياء ، أو يتبعون النفقة بالمنّ والأذى ، أو يضعونها في غير موضعها .. ومنهم أيضا الذين ينكثون العهد ، ولا يفون بالنذر ، كل هؤلاء ، ومن اليهم لا أعوان ولا شفعاء لهم يدفعون عنهم بأس الله وعقابه.

(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ). أي لا كراهية في اظهار الصدقة ، ما دام القصد منها وجه الله سبحانه .. سئل الإمام أبو جعفر الصادق (ع) عن الرجل يعمل الشيء من الخير ، فيراه انسان ، فيسره ذلك؟. قال : لا بأس ، ما من أحد الا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يصنع ذلك لذلك.

(وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). ليس من شك ان إخفاء الصدقة أفضل من ابدائها ، لبعدها عن شبهة الرياء ، واظهار حاجة الفقير أمام الناس ، وقد يكون في الإبداء مصلحة ، كما لو كان مدعاة للاسوة والاقتداء ، وعندها يكون الإبداء أفضل .. وقيل : ان إخفاء صدقة التطوع أفضل من ابدائها ، وبالعكس الصدقة المفروضة ، ولا نعرف حجة لهذا التفصيل ، وحديث : «صدقة السر تطفئ غضب الرب» يشمل الواجبة والمستحبة ، كما ان لفظ الفقراء في الآية يشمل الفقير المسلم ، وغير المسلم ، وقد أفتى الفقهاء بإعطاء الصدقة المستحبة لغير المسلم إذا كان محتاجا ، لقول الرسول الأعظم (ص) : «لكل كبد حرى أجر».

(وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ). من هنا للتبعيض ، أي بعض سيئاتكم ، وجيء بها ، لأن الصدقة لا تمحو جميع الذنوب ، وانما تمحو بعضها.

(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). وما دام الله سبحانه يعلم السر ، تماما كما يعلم الجهر ، فالأفضل السر ، لأنه أبعد عن الرياء الا إذا كان في العلانية مصلحة ، كالاسوة والاقتداء ، وان كثيرا من المخلصين يبالغون في إخفاء صدقاتهم ، فيتبرعون للمشاريع الخيرية باسم بعض المحسنين.

٤٢٤

ليس عليك هداهم الاة ٢٧٢ ـ ٢٧٤ :

(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤))

اللغة :

الحصر المنع والحبس ، والضرب في الأرض السير فيها ، والتعفف اظهار العفة ، والسيما العلامة التي يعرف بها الشيء ، والالحاف الإلحاح.

الاعراب :

لأنفسكم خبر لمبتدأ محذوف ، أي فهو لأنفسكم ، وأيضا للفقراء خبر لمبتدأ محذوف تقديره صدقاتكم للفقراء ، وإلحافا قائم مقام المفعول المطلق ، أي لا يسألون الناس سؤالا ملحفا ، ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر ، أي يلحفون إلحافا ، وسرا قائم مقام المفعول المطلق ، أي إنفاقا سرا ، مثل قمت طويلا ، أي قياما طويلا ، وعلانية عطف على سرا ، ويجوز نصبهما على الحال ، أي مسرين ومعلنين.

٤٢٥

المعنى :

(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ). سبق في الآية ٢٦ من هذه السورة ان الهدى يطلق على معان : منها الهدى بالبيان والإرشاد ، وهذا وظيفة النبي ، ومنها التوفيق من الله الى عمل الخير بتمهيد السبيل اليه ، ومنها الاهتداء ، أي تقبّل النصيحة والعمل بها ، وهذا يسند الى العبد ، ومنها الثواب ، ومنها الحكم على العبد بالهداية ..

ومعنى الهدى في قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) الاهتداء وقبول النصح أي ليس عليك أن يعملوا بالحق ، وانما عليك إبلاغ الحق ، وكفى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ـ الرعد ٤٠». ومعنى الهدى في قوله : (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) التوفيق الى طريق الخير.

وقيل في سبب نزول قوله : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) : ان المسلمين كانوا لا يتصدقون إلا على أهل دينهم ، فخاطب الله نبيه بهذه الآية ، وأراد بها جميع المسلمين مبينا لهم ان الكافر لا يعاقب على كفره في هذه الحياة بمنع الرزق عنه ، والتضييق عليه كي يضطر الى الايمان .. وليس لأحد أن يعامله بذلك ، حتى ولو كان رسولا من عند الله : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ـ يونس ٩٩».

وتدل الآية ان الصدقة على غير المسلم جائزة ، فرضا كانت أو ندبا ، ولكن قول النبي (ص) : «أمرت ان آخذ الصدقة من أغنيائكم ، وأردها على فقرائكم». ان هذا الحديث يخصص الآية بصدقة الندب ، دون الفرض.

(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ). ربما توهم متوهم ان في الإنفاق خسارة له ، وحرمانا لأهله وعياله ، فدفع الله هذا الوهم بأنه يعود على المنفق بالخير والنفع دنيا وآخرة ، أما في الآخرة فالأجر والثواب ، وأما في الدنيا فقال الشيخ محمد عبده : «ان الإنفاق يكف شر الفقراء عن الأغنياء ، لأن الفقراء إذا ضاق بهم الأمر يندفعون على أهل الثروة بالسرقة والإيذاء والنهب ، ثم يسري شرهم الى غيرهم ، وربما صار فسادا عاما يذهب بالأمن والراحة».

ولا أدري هل استوحى الشيخ محمد عبده قوله هذا من النقابات العمالية التي

٤٢٦

خلقت المعضلات والمشكلات لأرباب العمل ، وأرغمتهم على الاعتراف بالكثير من حقوق العمال؟ ..

(وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ). أي ما دمتم تقصدون بالنفقة وجه الله الكريم فهو يقبلها منكم ، سواء أعطيتموها لمسلم أو غير مسلم ، شريطة أن تكون من المال الجيد دون الرديء ، وان لا تكون مع المن والأذى .. وقيل : ان هذا نهي بصيغة الإخبار ، أي لا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله.

(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ). حتى ولو كان الإنفاق على غير المسلم ، فإنكم لا تنقصون من الجزاء شيئا إذا كان الذي أنفقتم عليه محتاجا.

أهل الصّفة :

هاجر جماعة بدينهم الى مدينة الرسول (ص) في عهده تاركين بلادهم وأموالهم وأهليهم ، ولم يكن لهم في المدينة مسكن ولا عشيرة ، ولم يجدوا فيها وسيلة للعيش ، ولا يستطيعون السفر طلبا للرزق ، ويبلغ عددهم ٣٠٠ وقيل ٤٠٠ فلازموا المسجد يتعبدون فيه ، ويحرسون بيوت الرسول ، ويتعلمون القرآن ، وكان حفظه وتعلمه من أفضل الطاعات ، لأنه حفظ للدين ، وفي الوقت نفسه كانوا يخرجون مع الرسول في كل غزوة .. وكانوا يقيمون في صفّة المسجد ، وهي موضع مظلل منه ، ومن هنا جاءت التسمية بأهل الصفة.

وكان النبي (ص) يطيّب قلوبهم ، ويقول لهم : «ابشروا يا أصحاب الصفة ، فمن لقيني من أمتي على النعت الذي أنتم عليه راضيا بما فيه فانه من رفاقي». وهم أولى الناس بالصدقة ، لهذه الآية التي نزلت بهم ، وهي :

(لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً). وقد وصفت هذه الآية أهل الصفّة بصفات خمس :

١ ـ التفرغ للجهاد وطلب العلم ، وهذا معنى قوله : (أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ). لأن البطال لا يصدق عليه انه حبس نفسه في سبيل الله.

٤٢٧

٢ ـ العجز عن الكسب ، وهو المقصود بقوله : (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ).

٣ ـ التعفف : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ).

٤ ـ ظهور علامة الفقر من وضعهم وحالهم ، لا من الحاحهم في السؤال ، وهذا ما عناه سبحانه بقوله : (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ).

٥ ـ عدم السؤال مما في أيدي الناس سؤال إلحاح ، واليه أشار سبحانه : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً).

وذكرنا في تفسير الآية ١٧٧ من هذه السورة ان السؤال محرم لغير ضرورة.

(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). ذكر سبحانه ١٤ آية متوالية في أحكام الإنفاق آخرها هذه الآية ، وهي خلاصة ما تقدم ، وتأكيد لفضيلة الإنفاق في جميع الأوقات ليلا ونهارا ، وفي سائر الأحوال سرا وجهرا .. وذكر الرازي في سبب نزول هذه الآية أقوالا ، منها ما روي عن ابن عباس ان علي بن أبي طالب (ع) كان يملك أربعة دراهم فقط ، فتصدق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهارا ، وبدرهم سرا ، وبدرهم علانية ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

الزكاة :

الزكاة غير صدقة التطوع ، لأن هذه الصدقة يدفعها المسلم ، وهو مخير بين فعلها وتركها ، ولا تخضع لشرط النصاب ، ولا لغيره سوى قصد التقرب بها الى الله وحده ، ويبدأ أجرها من عشرة أضعافها الى سبعمائة ضعف ، الى ما لا نهاية حسب دوافعها وأهدافها.

أما الزكاة فهي فرض عين ، وحق لازم ومعلوم في أموال المقتدر يدفعها لمستحقها ، وهي ثالث أركان الإسلام الخمسة : الشهادتين ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج.

ويرى بعض الغيورين على الإسلام ان الزكاة نظام اقتصادي ، أو من النظام الاقتصادي للإسلام ، واعتبرها آخرون ضريبة في أموال الأغنياء.

٤٢٨

والصحيح ان الزكاة أبعد ما تكون عن الضريبة والنظام الاقتصادي ، لأن الشرط الأساسي لصحة الزكاة وقبولها هي نية التقرب بها الى الله ، وبدونها لا تقبل إطلاقا .. ولا شيء من الضرائب والأنظمة الاقتصادية يعتبر فيه هذا الشرط.

هذا ، الى ان النظام الاقتصادي بمعناه الحديث ينظر أول ما ينظر الى وسائل الانتاج ، كالأرض والمعدن والمصنع ويعتبرها ملكا شخصيا للأفراد يسيطرون عليها ، ويتحكمون بها ، كما هي الحال في النظام الرأسمالي ، أو يعتبرها ملكا للجماعة تديرها وتتحكم بها الدولة ، كالنظام الاشتراكي ، والزكاة لا تنظر الى هذه الجهة إطلاقا ..

ثم ان الضريبة تتولى السلطة الحاكمة أمر تحصيلها وإنفاقها ، ولا تجيز بحال أن يمتنع المالك عن اعطائها للسلطة : ويتولى هو بنفسه صرفها في مواردها.

وقد أجمع فقهاء المسلمين كافة على ان للمالك أن ينفق الزكاة بنفسه دون اذن الحاكم ، وانه يصدّق بلا بينة ويمين إذا قال : أنفقتها في وجهها ، وأين هذا من الضريبة؟!. بل أجاز الفقهاء للجابي أن يصرف الزكاة الى الفقراء بنفسه ، ولا يردها الى بيت المال .. قال الإمام علي (ع) لأحد عماله : اصرف ما عندك من المال الى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة مصيبا به مواضع الفاقة والخلات. وبديهة ان هذا التصرف محظور على جابي الضرائب.

وقد يقول قائل : ان فريضة الزكاة معناها الاعتراف بأن الفقر محتوم لا مفر منه ، وان الإسلام يعالجه بالصدقات والتبرعات ، وانه يقيم الحياة على البذل والعطاء ، وبالنتيجة يقسم الناس الى طبقات على أساس الغنى والفقر.

الجواب أولا : ان مصرف الزكاة لا ينحصر بالفقراء والمساكين فقط ، فان من جملة مصرفها المصالح العامة التي عبّر الله عنها بسبيل الله في العديد من الآيات ، فإذا لم يوجد الفقير صرفت الزكاة في هذا السبيل .. اذن ، فريضة الزكاة لا تحتم وجود الفقر على كل حال ، كي يقال : انها اعتراف واقرار بأن الفقر ضربة لازم لا مفر منها.

ثانيا : ان الضمان الاجتماعي يكفل للمعوزين ما يصونهم عن التسول والتشرد ، وهذا الضمان موجود في البلاد الاشتراكية التي لا تعترف بالفوارق المادية والطبقات.

٤٢٩

ثالثا : ما ذا نصنع بالمريض الذي لا يملك ثمن الدواء ، وبالجائع الذي لا يجد وسيلة للغذاء في مجتمع يسوده فساد الأوضاع : هل نتركهما ، حتى تصلح الأوضاع ، ويمحى من الوجود أثر الفاقة والبؤس : أو نشرّع قانونا يضمن لهما الحياة وسد الخلة؟ ثم هل يمكن تغيير الأوضاع ، ومحو الفقر بجرة قلم ، ودون أن يمر المجتمع بأكثر من مرحلة؟.

ان الإسلام حرب على الضعف بشتى مظاهره ، بخاصة الفقر ، وقد تعوذ النبي (ص) منه ، وعنه في بعض الروايات : «كاد الفقر يكون كفرا .. المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف».

ان رسالة السماء تستهدف كرامة الإنسان وسعادته ، والفقر منقصة ومذلة ، وشقاء وبلاء .. فمحال ان يقره الإسلام .. ان الإسلام لا يأبى ان يكون في المجتمع غني وأغنى ، وقوي وأقوى ، ولكنه يأبى أن يكون فيه فقير وضعيف. ان الإسلام لم يشرع الزكاة من أجل الفقراء فقط ـ كما يظن ـ وانما شرعها حلا للعديد من المشاكل ، منها مشكلة الفقر ، حيث يوجد ، ومنها مشكلة الرق ، حيث تفك رقاب العبيد بأموال الزكاة ، ومنها مشكلة الإنفاق على الجند المجاهد ، وما الى ذلك من المصالح العامة ، كإنشاء المدارس والمصحات ودور الأيتام ، وشق الطرق والري .. ويأتي الكلام ان شاء الله عن مصرف الزكاة في الآية ٦٠ من سورة التوبة. ولو افترض ان مر على الانسانية زمان لا فقير فيه ، وجميع المصالح العامة متحققة متوافرة بحيث لا يوجد إطلاقا مصرف للزكاة فإنها تلغى من غير شك ، وهذا الزمان آت لا محالة ، فقد جاء في الجزء التاسع من صحيح البخاري ، باب الفتن ، عن النبي (ص) انه قال : «تصدقوا ، فسيأتي على الناس زمان ، يمشي الرجل بصدقته ، فلا يجد من يقبلها».

هذا ، إلى أن الإسلام أوجب على صاحب الزكاة حين يؤديها الى المحتاج أن لا يؤذي كرامته ، ولا يخدش شعوره ، وان يعتقد انه يؤدي واجبا عليه ، ودينا لا بد من وفائه ، وليؤكد القرآن هذا المعنى قال : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ـ المعارج ٢٤ ـ ٢٥» .. وتقدم تفسير الآية ٢٦٢ ـ ٢٦٣ : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً).

٤٣٠

وبالرغم من أن الإسلام سبق الشرائع كلها السماوية والوضعية الى تشريع الزكاة ، هذا التشريع الانساني الذي لم يهتد اليه أرباب الأنظمة إلا بعد الإسلام بمئات السنين ، وأسموه بالضمان الاجتماعي ـ على الرغم من ذلك فان أفضل شيء يقدم للمحتاجين في نظر الإسلام ان تهيأ لهم الأعمال المناسبة لقدراتهم ، حتى يشعروا بقيمتهم في الحياة : والله تعالى يحب عبده المؤمن المحترف.

وخير ما نختم به هذه الفقرة قول الإمام جعفر الصادق (ع) : على كل جزء من أجزائك زكاة لله ، فزكاة العين الاعتبار ، والغض عن المحرمات ، وزكاة الأذن الاستماع الى العلم والحكمة ، وزكاة اللسان الحمد والشكر لله ، والنصيحة للمسلمين ، وزكاة اليد البذل ، وزكاة الرجل السعي للجهاد والإصلاح بين الناس.

الربا الآية ٢٧٥ ـ ٢٨١ :

(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا

٤٣١

تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨١))

اللغة :

الربا الزيادة ، والخبط الضرب على غير هدى ، ومنه يخبط خبط عشواء ـ العشواء الناقة الضعيفة البصر ـ والمس الجنون ، والمحق النقص ، وفأذنوا ، أي فاعلموا ، والنظرة الانتظار.

الاعراب :

كما يقوم الكاف اسم بمعنى مثل قائمة مقام المفعول المطلق ، أي لا يقومون الا قياما مثل قيام الذي يتخبطه الشيطان ، وان كان ذو عسرة كان تامة ، وذو فاعل ، وفنظرة خبر لمبتدأ محذوف ، أي فالواجب نظرة ، وان تصدقوا ، أي تتصدقوا وان وصلتها في موضع رفع على الابتداء ، والخبر خير لكم ، والتقدير الصدقة خير لكم.

وجه المناسبة :

موضوع كل من الصدقة والربا هو المال ، مع وجود الفارق ، لأن الصدقة بذل بلا عوض ، وطهارة وزكاة ، وتكافل وتضامن ، والربا استرداد للمال مع الزيادة ، وطمع وجشع ، ودنس وقذارة ، وسلب واستغلال ، فالمقابلة بينهما من حيث الموضوع مقابلة النظير للنظير ، ومن حيث الحكم والغاية مقابلة الضد للضد .. وإذا كانت الأشياء تذكر بنظائرها فإنها تذكر أيضا بأضدادها ، ولذا

٤٣٢

جاء حكم الربا عقب حكم الصدقات مباشرة ، وقبل أن نتعرض لتفسير الآيات نمهد بالاشارة الى تحديد الربا في الشريعة ، ودليل تحريمه ، والسبب الموجب له.

تحديد الربا :

الربا في اللغة الزيادة ، ومنه قوله تعالى : (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ). أي زادت ، وفي الشريعة ينقسم الى ربا النسيئة ، أي القرض ، وربا الفضل ، أي الزيادة بسبب المعاوضة بين متجانسين على التفصيل التالي :

ومعنى ربا النسيئة أو القرض أن يقرض الإنسان شيئا لغيره ، أي شيء كان ، ويشترط على المستقرض المنفعة من وراء القرض ، سواء أكانت المنفعة من جنس المال ، كمن أقرض عشرة دراهم بشرط أن يردها أحد عشر ، أو من غير جنس المال الذي أقرضه ، كما لو اشترط صاحب المال على المستقرض أن يعمل له عملا ، أو يعيره كتابا ، أو أي شيء ، قال رسول الله (ص) : «كل قرض جر نفعا فهو حرام» .. فلم يفرق بين أنواع النفع .. أجل ، إذا رد المستقرض المال ، مع الزيادة تبرعا منه ، ودون شرط كان له ذلك ، وجاز للمقرض أن يأخذه ، فقد كان النبي (ص) يرد القرض مع الزيادة ، ويقول : ان خير الناس أحسنهم قرضا.

وينبغي أن نتنبه الى أن الربا يثبت في القرض بشرط الزيادة والمنفعة إطلاقا ، سواء أكانت العين من نوع المكيل أو الموزون أو المعدود أو المذروع ، وسواء أكانت من نوع المال المقترض ، أو من غيره .. وبكلمة ان ربا القرض لا فرق فيه بين عين وعين ، ولا بين منفعة ومنفعة.

أما ربا الفضل ، وهو الزيادة في المعاوضة ، فيشترط فيه أمران : الأول أن يصدق على كل من العوضين اسم الحقيقة النوعية التي توجد فيهما بجميع مقوماتهما ، كبيع الحنطة بالحنطة ، أو بيع الحنطة بالدقيق ، لأن الثاني متفرع عن الأول ، أو بيع النشاء بالدقيق ، لأن الاثنين متفرعان عن أصل واحد ، وهو الحنطة ، والدليل على هذا الشرط قول النبي (ص) : «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم». وأجمع الفقهاء الا من شذ على ان الحنطة والشعير من جنس واحد.

٤٣٣

الشرط الثاني : أن يكون العوضان مما يكال أو يوزن ، فلا ربا فيما يباع عدا كالبيض ، ولا مشاهدة كالثوب والحيوان ، فيجوز بيع بيضة ببيضتين ، وثوب بثوبين نقدا ونسيئة.

والخلاصة ان الربا محرم في الدين إطلاقا ، وفي المعاوضة في خصوص ما يكال أو يوزن معدنا كان كالذهب والفضة ، أو حبا كالحنطة والشعير ، أو فاكهة أو نباتا مع كون الاثنين من جنس واحد. وتكلمنا عن ذلك مفصلا في الجزء الثالث من كتاب فقه الإمام جعفر الصادق (ع) ، فصل «الربا».

التحريم :

يحرم الربا بنص الكتاب والسنة المتواترة ، واجماع المسلمين كافة من يوم الرسول (ص) الى اليوم ، بل لا يحتاج التحريم الى دليل ، لأنه من الواضحات البديهية ، تماما كوجوب الصلاة ، وتحريم الزنا ، ومن هنا حكم الفقهاء بكفر من أنكر تحريم الربا ، لأنه ينكر ما ثبت بضرورة الدين .. وكما يحرم أخذ الربا يحرم إعطاؤه ، فقد جاء في الحديث : «لعن الله الربا وآكله وبائعه ومشتريه وكاتبه والشاهد عليه».

سبب التحريم :

ان من يؤمن بالله ، وأنه المشرع الأول للحرام والحلال لا يطلب أكثر من وجود الوحي على تحريم الربا ، وإذا سأل عن السبب الموجب فلا يسأل ليقتنع ، بل لمجرد حب الاطلاع ، أو ليقنع الذين أشارت اليهم هذه الآية : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ـ الزمر ٤٥» وكيف كان ، فقد ذكروا لتحريم الربا أسبابا : «منها» : انه يتنافى مع أسمى المبادئ الانسانية ، كالبر والتعاون والتعاطف.

و «منها» : انه أكل للمال بالباطل ، لأن المرابي يأخذه بلا عوض .. وإذا قال قائل : ان العوض موجود ، وهو ان صاحب المال قد سلط المستقرض

٤٣٤

على ماله ، ومكنه من استغلاله والانتفاع به ، فيكون حال الربا ، تماما كحال ايجار الأرض والدار والحيوان.

قلنا في جوابه : فرق بعيد بين الايجار والربا ، ذلك ان المستأجر غير مسؤول عن العين المستأجرة إذا تلفت ، أو اعيبت إلا إذا تسبب هو في ذلك ، تماما كالأجنبي ، اما إذا تلف الشيء المقترض ـ بفتح الراء ـ فانه يتلف من مال المستقرض.

و «منها» ان المرابي يربح دائما ، والمستقرض معرّض للخسارة ، وفي النهاية يحتكر المرابي الثروة بكاملها ، وقد تنبه لهذا العيب بعض أساتذة الاقتصاد الغربيين الذين نشأوا في ظل النظام الربوي ، ومن هؤلاء الدكتور شاخت الألماني مدير بنك الرايخ سابقا ، قال من محاضرة ألقاها بدمشق عام ١٩٥٣ :

«يمكننا بعملية رياضية ان نعلم ان جميع المال في الأرض سوف ينتهي الى عدد قليل جدا من المرابين ، وذلك ان الدائن المرابي يربح دائما في كل عملية ، بينما المدين معرض للربح والخسارة ، ومن ثم فان المال كله في النهاية لا بد أن يصير الى الذي يربح دائما ، وهذه النظرية في طريقها الى التحقيق الكامل ، فان معظم ملاك المال يملكه بضعة آلاف. أما جميع الملاك ، وأصحاب المصانع الذين يستدينون من البنوك والعمال وغيرهم فليسوا سوى أجراء ، يعملون لحساب أصحاب المال ، ويجني ثمرة كدهم أولئك الآلاف».

ومن المتخصصين بعلم الاقتصاد من أثبت ان فكرة الربا أساسها ومصدرها الأول اليهود ، وان غيرهم أخذها عنهم .. وليس ذلك ببعيد ، فان تاريخ اليهود القديم والحديث يثبت بأن إلههم ودينهم وشرفهم وسياستهم هو المال وحده لا شريك له ، وان أية وسيلة تؤدي اليه فهي شريفة ونبيلة ، حتى ولو كانت دعارة ، أو تدييثا ، أو قتلا أو سرقة ، أو نفاقا ورياء ، أو أية جريمة ورذيلة.

المعنى :

(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ).

٤٣٥

ان الشيطان لا يمس أحدا ، ولا سلطان له على أحد في الخبل والصرع ، وانما القصد مجرد التشبيه والتقريب لأذهان العرب الذين يقولون عمن يصاب بالصرع : مسه الشيطان .. ومعنى الآية ان حال الذين يتعاملون بالربا ، تماما كحال المجنون والمصروع الذي يخبط في تصرفاته خبط عشواء ، وروي عن ابن عباس : ان المرابين يقومون من قبورهم غدا كالمصروعين ، ويكون ذلك امارة لأهل الموقف على انهم اكلة الربا.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا). ذلك اشارة الى استحلالهم للربا ، وقد فلسفوه بأن البيع والربا متماثلان من جميع الوجوه ، فكيف يكون البيع حلالا دون الربا؟!. أليس للإنسان أن يبيع ما يساوي خمسة دراهم بستة ، وان يبيع ما يساوي درهما معجلا بدرهمين مؤجلين؟ .. اذن ، ينبغي أن يسمح له بإعطاء عشرة دراهم بأحد عشر الى شهر ، والفرق تحكم في نظر العقل.

ورد الله سبحانه هذا الزعم بقوله : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا). ووجه الرد ان مجرد تماثلهما في الظاهر لا يستدعي أن يكونا كذلك في الواقع ، فان البيع عملية تجارية نافعة ، والبائع يقوم بدور الوسيط بين المنتج والمستهلك ، فيكون ربحه عوضا عن أتعابه ، وليس أكلا للمال بالباطل ، أما الربا فهو استغلال محض ، وأخذ للزيادة من غير مقابل ، فيكون أكلا للمال بالباطل .. ومن أجل هذا أحل الله البيع ، وحرم الربا .. فاختلافهما حكما عند الله دليل على اختلافهما واقعا ، وكذلك العكس.

(فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ). أي من كان قد أخذ الربا قبل أن ينزل به التحريم ، ثم تركه بعد التحريم لا يكلّف رده الى من أخذه منه ، وكذلك من يسلم الآن ، فان كان قد أخذ الربا قبل إسلامه لا يجب عليه الرد بعد ان يسلم ، فهذه الآية ، تماما كقوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ).

ومبدأ عدم المفعول الرجعي للقانون أخذ به التشريع الجديد في موارد كثيرة ، بخاصة في الأمور المالية ، وعللوه بأنه يحدث هزة اقتصادية يصعب تلافيها.

(وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ). ذكروا في تفسير العبارة وجوها لم تركن النفس اليها. والذي فهمناه نحن ان من أخذ الربا جهلا بحكمه ، وتركه بعد أن علم نهي الله عنه

٤٣٦

طاعة له فان الله سبحانه يشمله بعنايته ، ويغنيه بحلاله عن حرامه ، لأنه ترك الحرام توكلا على الله ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.

(وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). معناه ان الذين لا يأتمرون بأمر الله ، ولا ينتهون بنهيه ، يستمرون على أكل الربا عنادا واستخفافا فهم مخلدون في النار ، لأن مثل هذا العناد والإصرار لا يصدر إلا عن كافر جاحد.

(يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ). المحق هو النقصان ، والربا الزيادة ، والمعنى ان المرابي طلب المزيد في ماله ، ولكن الربا في الحقيقة نقصان للمال ، حيث يصبح رجسا محرما ، والحرام يخرج المال عن المالك ، ويجعل تصرف المرابي فيه كتصرف الغاصب في المال المغصوب ، هذا بالاضافة الى الإثم والعذاب ، وبديهة ان كل ما كان سببا لغضب الله وعذابه فهو رجس ونقصان ، وعمل من وحي الشيطان.

أما الصدقة فإنها تطهر المال وتزكيه ، وتثبته على ملك المتصدق والمزكي ، وتستدعي مرضاة الله وثوابه ، وهذا هو عين الكمال والزيادة .. وبكلمة ان كثير المال الحرام قليل ، وقليل المال الحلال كثير .. (والكفار الأثيم) هو الذي يتمادى في أكل الربا ، لا يرتدع عنه ، وكذا من يتمادى في ترك الزكاة ، ولا يكترث بتهديد الله ووعيده.

واستنادا الى هذه الآية يصح القول : ان أكثر المنتمين الى الإسلام في هذا العصر كفار آثمون ، لتماديهم في أكل الربا ، وترك الخمس والزكاة.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). هذه الآية ظاهرة المعنى لا تحتاج الى تفسير ، ومع هذا فقد مر تفسيرها في الآية ٢٥ و ٨٢ .. وانما أعاد الله سبحانه هذا الوعد اطرادا في ذكر الوعد بعد الوعيد ، وبالعكس ، ولما بالغ هنا في وعيد المرابين اتبعه بوعد الصالحين .. وتجمل الاشارة إلى أن ظاهر الآية يدل على ان الايمان النظري مجردا عن العمل ليس بشيء.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بألسنتهم (اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) حقا في قلوبكم. وقوله : ذروا ما بقي من الربا يشعر بأن التحريم ليس له مفعول رجعي ، كما أشرنا.

٤٣٧

(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ). ولا موجب لاعلان الحرب من الله ورسوله على من أصر على أكل الربا الا انه كافر ، أو بحكم الكافر ، حتى ولو أكله تهاونا لا جحودا .. ولكن الروايات عن المعصوم قسمت أكل الربا الى نوعين : الأول من يأكله مستحلا له ، وهذا كافر من غير شك ، لأنه قد أنكر ما ثبت بضرورة الدين. قبل للإمام جعفر الصادق (ع) : ان فلانا يأكل الربا ويسميه اللبأ. قال : لئن أمكنني الله منه لأضربن عنقه. النوع الثاني : ان يأكله تهاونا بحكم الله ، مع الايمان بتحريمه ، وهذا يستتاب أولا وثانيا فان أصر يقتل. فعن الإمام الصادق (ع) : «آكل الربا يؤدب بعد البينة ، فان عاد أدب ، فان عاد قتل». وقيل : يقتل في الرابعة.

(وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ). أي لا تظلمون الغريم بطلب الزيادة على رأس المال ، ولا تظلمون أنتم بنقصان رأس المال.

(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ). كل مدين سواء استدان بالربا ، أو بدونه لا تجوز مضايقته ، إذا كان معسرا ، كما لا يجوز للمدين الموسر أن يماطل بالوفاء ، قال رسول الله (ص) : «كما لا يحل لغريمك أن يمطلك ، وهو موسر كذلك لا يحل لك أن تعسره ـ أي تضايقه ـ إذا كان معسرا».

وحدّ المعسر الذي لا تجوز مضايقته في الشريعة الاسلامية هو الذي لا يملك الا دار سكناه ، وما تدعو اليه الضرورة كثيابه وكتبه وأثاث بيته اللازمة لحياته ، وأدوات الصناعة التي يكتسب منها قوته ، ومؤنة يوم واحد له ولعياله ، كل هذه لا يجب بيعها لقضاء الدين. وذكرنا مستثنيات الدين مفصلا في الجزء الخامس من فقه الإمام جعفر الصادق (ع) ، فصل المفلس.

(وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). ليس من شك ان إبراء المعسر من الدين فضيلة ، بل ومن أعظم الطاعات ، لأن فيه تنفيسا لكربته ، وقضاء لحاجته ، وقد جاء في الحديث : «من انظر معسرا ، أو وضع عنه أظلّه الله تحت ظله يوم لا ظل الا ظله».

واتفق الفقهاء كلمة واحدة على ان من استدان في غير معصية ، ثم عجز عن الوفاء تسدد ديونه من بيت المال ، قال الإمام جعفر الصادق (ع) : «من طلب هذا الرزق من حله ، ليعود به على نفسه ، وعلى عياله كان كالمجاهد

٤٣٨

في سبيل الله ، فان غلب عليه ، فليستدن على الله ، وعلى رسوله ما يقوت به عياله». ومعنى فليستدن على الله ورسوله ان دينه يسدد من بيت المال الذي يجب صرفه في سبيل الله.

وقد نص القرآن الكريم على ذلك في الآية ٦٠ من سورة التوبة : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). والغارمون قوم وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله.

وقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ترغيب في العمل بالعلم ، أي ما دمتم تعلمون ان إبراء المعسر من الدين خير فعليكم أن تعملوا بعلمكم هذا ، وقيل : ان المراد ب «تعلمون» هنا تعملون ، أي ان كنتم عاملين بالخير فتصدقوا بالدين على المعسر .. وليس هذا ببعيد .. قال الإمام علي (ع) : العلم مقرون بالعمل ، فمن علم عمل ، والعلم يهتف بالعمل ، فان أجابه والا ارتحل عنه .. وكثير من علماء هذا العصر لا يسمون النظرية ، أية نظرية ، علما الا بعد أن يلمسوا صدقها بالتطبيق والتجربة.

(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). بعد أن نهى سبحانه عن الربا ، وتشدد فيه وأمر بالصبر على المدين المعسر ، أو ابرائه من الدين في سبع آيات ، بعد هذا عقب سبحانه بهذه الآية التي خوف فيها العصاة من يوم الحساب والجزاء ، وهوله وعذابه.

وفي مجمع البيان ان هذه الآية آخر آية نزلت على رسول الله (ص) ، وانه عاش بعدها واحدا وعشرين يوما.

الدين الآة ٢٨٢ ـ ٢٨٣ :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ

٤٣٩

اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢) وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣))

اللغة :

الإملال والاملاء بمعنى واحد ، وهو الإلقاء ، والبخس النقص ، والشهيد مبالغة الشاهد ، وهو من شهد الشيء وحضره ، والضلال عدم الاهتداء ، والمراد به هنا الخطأ ، والسأم الملل والضجر ، وأقسط ، أي أعدل ، وأقوم ، أي أبلغ في الاستقامة ، وأدنى ، أي أقرب ، والفسوق هو الفسق ، أي الخروج

٤٤٠