التّفسير الكاشف - ج ١

محمّد جواد مغنية

التّفسير الكاشف - ج ١

المؤلف:

محمّد جواد مغنية


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الأنوار ، طباعة ـ نشر ـ توزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٦٧

(وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ). أي ان من ينتهك حرمات الله يقتص منه ، ويعامل بمثل فعله ، وهذا أصل عام يقطع كل عذر يتذرع به من ينتهك الحرمات ، فمن استباح دماء الناس وأموالهم وأعراضهم استبيح منه ما استباح هو منهم .. ان حرمة الإنسان من حرمة الله الا ان ينتهك حرمة غيره ، فعندها يأتي الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه. وبهذا نجد تفسير قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ). فشرط العقوبة أن تكون مماثلة لجناية المعتدي دون زيادة أو نقصان ، وهذا هو القصاص في حقيقته.

وتسأل : ان من يبتدئ بالعدوان فهو معتد بلا ريب ، أما من يقتص من المعتدي ويقابله بمثل فعله فلا يكون معتديا ، اذن ، فما هو الوجه لقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ)؟.

الجواب : ليس المراد بالاعتداء الاعتداء على حقيقته ، بل المراد به جزاء الاعتداء والمقابلة بالمثل كما وكيفا بلا حيف وظلم ، ومثله قوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها).

(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ). الإنفاق في سبيله تعالى يشمل المصالح العامة ، كالمدارس والمصحات ودور الأيتام ، والجهاد ، والصدقات على الفقراء والمساكين ، والإنفاق على الأهل والأولاد والعيال ، وأفضل موارد الإنفاق ما فيه إعزاز للدين وانتشاره ، واحقاق للحق ، وإبطال للباطل.

(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). عبّر سبحانه بالأيدي عن الأنفس .. ولو نظرنا الى هذه الجملة مستقلة عن السياق لكان المعنى ان الإنسان لا يجوز له أن يقدم على ما يعود عليه بالضرر المحض دون أن يترتب على اقدامه أية منفعة عامة ، أما إذا راعينا سياق الكلام ، ومجيء قوله تعالى : (لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) بعد قوله : (أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ـ أما إذا راعينا ذلك فيكون المعنى أنفقوا من أموالكم إنفاقا لا تقتير فيه ، ولا إسراف ، لأن كلا منهما يؤدي الى التهلكة ، فالآية على هذا تجري مجرى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) ـ الفرقان ٦٧.

وقيل : ان معنى لا تلقوا بأيديكم الى التهلكة بترك جهاد أعداء الدين ، وبذل

٣٠١

المال لتجهيز المجاهدين ، لأن ذلك يضعفكم ، ويمكن العدو منكم فتهلكون وتذلون ..

وهذا ما أثبتته التجارب التي مر بها المسلمون ، فلقد فقدوا حريتهم وكرامتهم منذ أن تركوا الجهاد والبذل في نصرة الحق والعدل ، وطمع فيهم كل غاصب وسالب ، حتى عصابة الصهاينة عميلة الاستعمار ، فإنها احتلت فلسطين سنة ١٩٤٨ ، وبعد سكوتهم عنها وعن جهادهم لها عشرين عاما أغارت على سيناء ، والضفة الغربية من الأردن ، واحتلتهما بمساعدة أمريكا وبريطانيا والمانيا الغربية ، وقتلت الرجال ، وشردت النساء والأطفال .. ولو ان المسلمين جاهدوها من قبل لكانوا في منجى من هذه التهلكة ، وهذا الذل المشين ، ولم يكن لدولة إسرائيل عين ولا أثر.

(وَأَحْسِنُوا). بالجهاد وبذل المال في سبيله ، وفي كل سبيل يرضي الله ، ويمدح المرء على فعله.

وأتموا الحج والعمرة الآة ١٩٦ ـ ٢٠٣ :

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ

٣٠٢

اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣))

المعنى :

تعرضت هذه الآيات من ١٩٦ الى ٢٠٣ لبعض أحكام الحج ، وقد وضع الفقهاء كتبا خاصة ، وألفت فيه كتابا ، اسمه الحج على المذاهب الخمسة ، ثم أدرجته في كتاب الفقه على المذاهب الخمسة عند ما أعيد طبع هذا الكتاب للمرة الثالثة ، كما تكلمت عن الحج مطولا في الجزء الثاني من كتاب فقه الإمام جعفر الصادق (ع) .. وقد كان الحج معروفا منذ عهد ابراهيم وإسماعيل (ع) ، واستمر عليه أهل الجاهلية ، وأقره الإسلام بعد أن خلّصه من المنكرات ، وطعّمه ببعض المناسك.

٣٠٣

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ). معنى الحج في اللغة القصد ، وفي الشرع عبادة خاصة في مكان مخصوص في زمن معين ، والعمرة في اللغة مطلق الزيارة ، وفي الشرع زيارة بيت الله الحرام على نحو خاص.

والحج واجب كتابا وسنة واجماعا ، بل ثبت وجوبه بالبديهة الدينية ، ومن أنكره فليس بمسلم ، تماما كمن أنكر وجوب الصوم والصلاة ، أما العمرة فقد أوجبها الامامية والشافعية ، وقال باستحبابها الحنفية والمالكية .. وقوله تعالى : لله أي حجوا واعتمروا لوجه الله وحده ، لا لمقاصد دنيوية ، فقد كانت العرب تقصد الحج للاجتماع والتفاخر والتنافر ، وقضاء الحوائج ، وحضور الأسواق ، فأمر الله بالقصد اليه للعبادة الخالصة من كل شائبة.

(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ). الإحصار هو الحبس والمنع ، والهدي ما يضحي به الحاج أيام حجه ، والمعنى إذا أحرمتم للحج أو العمرة ، ثم منعكم مانع من إكمال العبادة على وجهها الشرعي من مرض أو عدو ، وما اليه من العوائق ـ إذا كان الأمر كذلك فعليكم أن تذبحوا ما تيسر ، وأقله شاة ، وأوسطه بقرة ، وأعلاه ناقة.

(وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ). الخطاب للمحصورين الذين منعوا من إتمام الحج أو العمرة ، وعليهم أن لا يحلوا من إحرامهم ، حتى يعلموا ان الهدي الذي بعثوه قد بلغ المكان الذي يجب فيه الذبح ، ومكان الذبح منى ان كان الإحرام للحج ، ومكة ان كان للعمرة .. هذا ، إذا كان المرض هو المانع ، أما إذا كان المانع العدو فان محل الذبح هو المكان الذي حصل فيه المنع ، لأن النبي (ص) ذبح هديه في الحديبية حين صده المشركون عن زيارة بيت الله الحرام.

(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ). أي ان المحرم إذا حلق رأسه لضرورة فعليه كفارة مخيرا بين صيام ثلاثة ايام ، أو اطعام ستة مساكين ، أو التضحية ، وأقلها شاة.

(فَإِذا أَمِنْتُمْ). أي لم يمنعكم مانع من إكمال الحج. (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ). أي ان من أتى بالعمرة ، ثم حج بعدها في نفس السنة فعليه الهدي ، وهذا النوع من الحج هو المعروف بحج التمتع الذي

٣٠٤

يجب على غير أهل مكة ، وانما سمي حج التمتع لأن الحاج بعد أن ينتهي من العمرة يحل له أن يتمتع بكل ما حرم عليه ، حين كان محرما للعمرة الى أن يحرم للحج.

(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ). قال الإمام الصادق (ع) إذا لم يجد المتمتع الهدي صام ثلاثة ايام في الحج : السابع والثامن والتاسع من ذي الحجة ـ ولا يشترط فيها الاقامة ـ وسبعة ايام إذا رجع الى أهله ، تلك عشرة كاملة لجزاء الهدي.

(ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). قال صاحب مجمع البيان : «أي ما تقدم ذكره من التمتع بالعمرة الى الحج ليس لأهل مكة ، ومن يجري مجراها ، وانما هو لمن لم يكن من حاضري مكة ، وهو من يكون بينه وبينها أكثر من اثني عشر ميلا من كل جانب». وقال فقهاء الإمامية : ان حج التمتع فرض للبعيد عن مكة ، ولا يجوز له ان يحج حج القران والإفراد ، والقران والإفراد فرض لأهل مكة وضواحيها ، ولا يجوز أن يحجوا حج التمتع ، والتفصيل في كتب الفقه.

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ). هي شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة ، فمن أحرم قبلها لم يصح منه الحج ، ومن أحرم فيها صح ، وأتى ببقية الأعمال.

(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ). أي ألزم نفسه بالحج في هذه الأيام (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ). الرفث الجماع ، فإذا جامع الرجل زوجته ، وهو محرم فسد حجه ، تماما كما لو جامع أو أكل وهو صائم ، وعليه المضي في إكمال حجه ، ثم القضاء في العام المقبل ، كما هو الحكم فيمن أفسد صومه برمضان ، والفسوق الكذب والسباب ، أما الجدال فجاء تفسيره في روايات أهل البيت (ع) بقول الرجل : لا والله ، وبلى والله.

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ). كانوا في الجاهلية يتاجرون ويكتسبون ايام الحج ، فتوهم البعض ان هذا محرم ، فأزال الله سبحانه هذا الوهم ، وبيّن ان الاكتساب لا يتنافى مع الإخلاص في أعمال الحج.

(فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ). عرفات موقف معلوم ، والافاضة من عرفات الخروج منها ، والمشعر الحرام المكان المعروف

٣٠٥

بالمزدلفة ، والوقوف فيها واجب ، تماما كالوقوف في عرفات.

(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ). قيل : ان قريشا كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات ترفعا وتكبرا ، فأمر الله نبيه أن يقف بها ويخرج منها مع الناس ، ليبطل ما كانت عليه قريش.

(فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً). جاء عن الإمام الباقر أبي الإمام الصادق (ع) : انهم كانوا إذا فرغوا من الحج يجتمعون هناك ، ويذكرون مفاخر آبائهم ومآثرهم ، فأمرهم الله سبحانه أن يتركوا ذلك ، ويذكروا الله ونعمه عليهم ، لأنه هو المنعم الأول عليهم وعلى آبائهم.

(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ. أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ). الناس في حجهم نوعان : نوع لا يطلب إلا متاع الدنيا ، ولا همّ له إلا همها ، وإذا عبد الله فإنما يعبده من أجلها. وهذا النوع محروم من نعيم الآخرة ، ونوع يطلب خير الدارين ، ويعمل لدنياه وآخرته ، ولهذا حظ وافر عند الله غدا جزاء على صالح أعماله. ونقل صاحب تفسير روح البيان عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) ان الحسنة في الدنيا هي المرأة الصالحة ، وفي الآخرة الحوراء ، أما عذاب النار فالمراد به المرأة السوء .. وسواء أصح هذا النقل عن الإمام ، أم لم يصح فاني أعرف إنسانا يشعر من أعماق نفسه انه لو كان في جهنم ، ثم خيّر بين الخروج منها على أن يعود الى زوجته التي عاشرها في الدنيا ، وبين البقاء في جهنم لاختار البقاء في جهنم على معاشرة تلك الزوجة التي أبدله الله بخير منها ..

(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ). المراد بها أيام التشريق ، وهي اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من ذي الحجة ، ولا يجب على الحاج المبيت بمنى ليلة الثالث عشر ، على شريطة أن يخرج من منى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال ، وقبل المغيب ، وأن يكون قد اتقى الصيد والنساء ، وهو محرم ، وفي هذا تجد تفسير قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى). أي اتقى الصيد والنساء في إحرامه ..

٣٠٦

وإذا كان قد أتى النساء أو الصيد ، أو غابت الشمس في اليوم الثاني عشر ، وهو في منى ، وجب عليه المبيت فيها حتما ليلة الثالث عشر ، ورمي الجمار الثلاث في صبيحته.

من يعجبك قوله الآة ٢٠٤ ـ ٢٠٧ :

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧))

اللغة :

اللدد شدة الخصومة ، والخصام جمع خصم ، كضخام جمع ضخم ، وتولى أدبر وانصرف ، أو تولى الحكم والسلطان ، والحرث الزرع ، والنسل ما تناسل من الحيوان ، والمهاد الفراش.

الاعراب :

ليفسد منصوب بأن مضمرة ، وحسبه مبتدأ بمعنى كافيه ، وجهنم خبر.

المعنى :

ملأ بعض المفسرين الجدد الصفحات بكلام رائع من الوجهة الفنية في تفسير

٣٠٧

هذه الآيات ، ولكنه لم يزد شيئا على تقسيم الناس الى طيب وخبيث ، وبديهة ان هذا معلوم للجميع لا يحتاج الى بيان فضلا عن التفسير والتطويل.

وتسأل : إذا كان تقسيم الناس معلوما للجميع يكون بيانه تحصيلا للحاصل ، وتوضيحا للواضح ، مع ان كلام الله سبحانه يجب أن يحمل على أحسن المحامل؟ الجواب : من الجائز أن يكون القصد هو الإرشاد والتوجيه الى أن العاقل ينبغي له أن لا يخدع بالظواهر ، ولا يثق بمن يتقن صناعة الكلام ، فان المفسدين المأجورين متخصصون بهذه الصناعة وعملية الرياء ، فعلينا أن لا نعتمد على أحد الا بعد التجربة ، وقيام الدليل على صدقه ونزاهته.

وهذا أصل عام يتفرع عليه كثير من الأحكام الدينية والدنيوية ، كاختيار الحاكم والنائب والقاضي والمفتي ، وكل من يتولى مصلحة من المصالح العامة .. وغريبة الغرائب ان تطلب الشهادات العلمية من المرشح للوظائف الحساسة التي تناط بها مقدرات البلاد وحياة العباد ، ولا يسأل عن أمانته وكفاءته الخلقية ، مع انها الأساس .. ان الكثير من حملة الشهادات يستعملونها أداة للصوصية.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ). أي يظهر الحب والخير ، وهو من أشد الناس عداوة للخير وأهله.

(وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها). اختلف المفسرون : هل المراد بالتولي هنا الانصراف والاعراض ، ويكون المعنى ان هذا الذي يدعي الإصلاح إذا انصرف عن مخاطبه سعى في الأرض بالفساد ، او ان المراد بالتولي الولاية والسلطان ، ويكون المعنى إذا صار واليا فعل ما يفعله ولاة السوء من إهلاك الحرث والنسل؟.

ونقل صاحب تفسير المنار عن استاذه الشيخ محمد عبده انه رجح المعنى الثاني بقرينة قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) لأن الحاكم المستبد يكبر عليه أن يرشد الى مصلحة ، أو يحذر من مفسدة ، فهو يرى ان هذا المقام الذي ركبه يجعله أعلى الناس رأيا ، وأرجحهم عقلا ، بل يرى نفسه فوق الحق ، كما انه فوق أهله في السلطة .. فكيف يجوز لأحد أن يقول له : اتق الله.

٣٠٨

(وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ). الحرث الزرع ، والنسل ما تناسل من الحيوان ، والمراد بهما جميع المصالح الاقتصادية من زرع وصناعة وماشية ، ومواد أولية ، وما اليها مما يتصل بحياة الناس ومعيشتهم ، وانما خص الزرع والماشية بالذكر ، حيث لم يكن للصناعة وتوابعها أهميتها وخطرها آنذاك كما لها اليوم.

وحرمة هذه المقدرات في نظر الإسلام ، تماما كحرمة الدماء ، ومن اعتدى على شيء منها فقد اعتدى على الانسانية نفسها ، حتى ولو كان ذلك ملكا للعدو المحارب ، فلقد نهى رسول الله (ص) عن قطع الأشجار ، والتعرض للزرع والعمار ، وعن إلقاء السموم في بلاد المشركين ايام الحرب وغيرها .. ولو قارنّا بين شريعة الإسلام ، وبين ما تفعله الدول الاستعمارية «المتحضرة!» اليوم ، وما تشنه من الحروب الكيماوية على ما تنبته الأرض من زرع وأشجار ، ويدب عليها من انسان وحيوان ، ومن تسميم الجو بالقنابل الذرية ، والقائها على النساء والأطفال ، لو قارنّا بينهما لعرفنا انسانية الإسلام وعدالته ورحمته ، وتوحش الغرب ، وافراطه في الظلم والاغتصاب.

(وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ). ولا شيء أعظم فسادا من اثارة الحروب ، واستعمال الأسلحة المدمرة ضد الشعوب للسيطرة عليها ، ونهب أقواتها ، وحرمان أهلها من ثمار كدحهم وعرقهم.

(وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ). ان الطيب المخلص يتقبل النقد والنصح ، بل يطلبه ويرحب به ، لأنه لا يهدف الا الى الحق والواقع ، ولا يطلب المديح والاطراء ، لأن عمله لله ، لا للسمعة والشهرة ، قال الإمام أمير المؤمنين علي (ع) في كلام يصف به المتقين : «لا يرضون من أعمالهم القليل ، ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون». وقال في خطبة له ايام خلافته : «ليس امرؤ وان عظمت في الحق منزلته ، وتقدمت في الدين فضيلته بفوق أن يعاون على ما حمله الله من حقه ، ولا امرؤ وان صغّرته النفوس واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه .. ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ، ولا التماس إعظام لنفسي ، فانه من استثقل الحق ان يقال له ، أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه».

هذا هو شأن العالم المخلص حقا ، أما المنافق الخائن فيصعب عليه قول الحق ،

٣٠٩

لأنه يفضحه ويظهر مخازيه ، ويشتري المديح الكاذب بأغلى الأثمان ، ليستر نقائصه وأسواءه.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ). أي ان بعض المؤمنين يقبلون على الجهاد ، ويحبون الموت في سبيل الله ، تماما كما يحب غيرهم الحياة .. ولا دافع لهم إلا مرضاة الله وثوابه. قال الرازي في تفسير هذه الآية : جاء في سبب نزولها ثلاث روايات : منها انها نزلت في علي بن أبي طالب (ع) حين بات على فراش رسول الله (ص) ليلة الهجرة ، وانه لما نام على فراشه قام جبريل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي : بخ بخ من مثلك يا علي ، يباهي الله بك الملائكة (١).

ادخلوا في السلم الآة ٢٠٨ ـ ٢١٠ :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠))

اللغة :

أصل السلم التسليم ، ويطلق على الصلح والسلام ، والزلل عثرة القدم ، والمراد به هنا الانحراف عن الحق ، والظلل جمع ظلة ، وهي كل ما أظلك.

__________________

(١) قال الشيخ المظفر في الجزء الثاني من كتاب دلائل الصدق : ان الذين نقلوا نزول هذه الاية بعلي هم الرازي والثعلبي ، وصاحب ينابيع المودة ، وابو السعادات في فضائل العترة الطاهرة ، والغزالي في الأحياء ، والحاكم في المستدرك ، وأحمد بن حنبل في مسنده ... هذا ما عدا الروايات الكثيرة الأخرى من طرق الشيعة.

٣١٠

الإعراب :

كافة منصوب على الحال من الواو في ادخلوا ، ومن الغمام متعلق بمحذوف صفة لظلل.

المعنى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً). قيل : المراد بالسلم هنا الإسلام ، وان الخطاب موجه للمنافقين الذين أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام ، وقيل : هو موجه لمن آمن بالله من أهل الكتاب ، ولم يسلم ، وقيل : بل موجه لجميع المسلمين ، وعليه يكون السلم طاعة الله والانقياد له في جميع أحكامه ، لا في بعضها دون بعض ، وقيل : معنى السلم الصلح ، والمعنى ادخلوا في الصلح جميعا.

والذي نراه ان الله سبحانه أمر من يؤمن به ايمانا صحيحا أن يدخل فيما فيه سلامته في الدنيا والآخرة .. وطريق السلامة معلوم لدى الجميع ، وهو التعاون والتآلف ، وترك الحروب والخصام ، والتغلب على الشهوات والأهواء ، والإخلاص لله في الأقوال والأفعال.

ويؤيد ارادة هذا المعنى قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ). بعد قوله بلا فاصل : ادخلوا في السلم كافة ، حيث اعتبر الله سبحانه خطوات الشيطان الطرف المضاد للسلم ، ووضع الإنسان أمام أمرين لا ثالث لهما : إما الدخول في السلم ، واما اتباع خطوات الشيطان التي هي عين الشقاق والنزاع ، والشر والفساد.

(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). بعد أن أمر سبحانه بالدخول في السلم ، ونهى عن اتباع خطوات الشيطان هدد وحذر من يخالف أمره ونهيه ، هدده بقوله : ان الله عزيز حكيم. عزيز لا يغلب على أمره ، ولا يمنعه مانع عن قصده ، وحكيم يثيب المطيع ، ويعاقب العاصي ، قال الرازي : هذا نهاية في الوعيد ، لأنه يجمع من ضروب الخوف ما لا يجمعه

٣١١

الوعيد بذكر العقاب ، وربما قال الوالد لولده : ان عصيتني فأنت عارف بي ، وتعلم قدرتي عليك ، وشدة سطوتي ، فيكون هذا الكلام في الزجر أبلغ من ذكر الضرب وغيره.

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ). المراد من ينظرون ينتظرون ، ومن إتيان الله إتيان عذابه على حذف المضاف ، ومعنى الآية بمجموعها ان المكذبين والعاصين يأتيهم العذاب بغتة ، ولا ينجيهم منه شيء .. فالآية تجري مجرى قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) ـ محمد ١٧».

(وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ). إذا جاء الموت الذي لا بد منه ، وقامت الساعة ينتهي كل شيء ، ولا يبقى أمام المجرمين إلا الحساب والعقاب.

المخبآت والمفاجئات :

لا أحد يعلم ما يحدث له في المستقبل ، وما يخبئ له الدهر من خير وشر بالغا ما بلغ من العلم والايمان : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) ـ لقمان ٣٤». وكثيرا ما يفاجأ الإنسان بالخير من حيث يتوقع الشر ، ويباغت بالشر من حيث يتوقع الخير ، ولا شيء آلم للنفس من هذه المباغتة ، كما ان الخير إذا جاءه من حيث لا يحتسب يكون أحلى وأعذب من المترقّب.

والعاقل لا يغتر بما لديه ، بل يدخل في حسابه دوران الدهر وضرباته ، كما انه لا ييأس ان نزلت به نازلة ، فان الدنيا في تحول دائم ، ولذا قيل : دوام الحال من المحال ، والفرج يأتي من قلب الضيق ، قال الإمام علي (ع) : عند تناهي الشدة تكون الفرجة ، وعند حلق البلاء يكون الرخاء ، وقال : ان موسى ابن عمران خرج يقتبس لأهله نارا ، فكلمه الله ، ورجع نبيا .. وقال تعالى : لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وقال جل جلاله : ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون.

وجاء في كتب التاريخ والسير ان ابن الزيات عمل وزيرا للمعتصم والواثق ، وكان من أقسى الطغاة وأظلمهم ، فلقد اتخذ تنورا من حديد ، ملأ جوانبه بمسامير

٣١٢

لها مثل رؤوس الابر ، فإذا غضب على انسان ألقاه فيه ، فكيف تحرك دخلت المسامير في جسده ، ولما تولى المتوكل الخلافة اعتقل ابن الزيات ، ووضع الحديد في يديه ورجليه ، وألقاه في هذا التنور ، ولم يخرج منه الا ميتا ، وسمعه الموكل به قبل موته ينشد ويردد :

لا تجزعن رويدا انها دول

دنيا تنقّل من قوم الى قوم

سل بني اسرائيل الآة ٢١١ ـ ٢١٢ :

(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢))

الإعراب :

سل في الأصل اسأل ، فحذفت ألف الوصل من الأول ، والهمزة من الوسط للتخفيف ، وكم في موضع نصب مفعول ثان مقدم لآتيناهم ، والدنيا صفة للحياة ، وبغير حساب متعلق بمحذوف حال.

المعنى :

(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ). ليس المقصود من قوله : سل بني إسرائيل السؤال على الحقيقة ، لأن النبي (ص) يعلم أحوالهم ، ولا المقصود الحكاية عما كانوا عليه ، كما هو الشأن في الآيات السابقة ٤٩ وما بعدها ، وانما القصد أن يعتبر المسلمون ويتعظوا بحال بني إسرائيل ، ووجه العظة ان بني

٣١٣

إسرائيل قد جاءتهم الرسل بالمعجزات والبينات ، واليد البيضاء ، وقلب العصا حية ، وفلق البحر وتظليل الغمام وانزال المنّ والسلوى ونتق الجبل ، ومع ذلك عصوا وخالفوا ، فعاقبهم الله بالمذلة والهوان في الدنيا ، والعذاب الأليم في الآخرة.

والمسلمون قد جاءهم محمد (ص) بالمعجزات والبينات الدالة على صدقه في نبوته ، وصحة شريعته ، وبلغهم عن الله سبحانه أن يدخلوا في السلم كافة لأن فيه خيرهم وصلاحهم ، فان أعرضوا وعصوا كما أعرض وعصى بنو إسرائيل يصبهم ما أصاب الاسرائيليين من قبل.

(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ). المراد بنعمة الله هنا الدلائل على الحق ، فإنها من أعظم النعم ، لأن فيها الهداية والرشاد ، والنجاة من الهلاك والضلالة ، والمراد بتبديلها تحريفها وعصيانها .. فقوله تعالى : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) ، تماما كقوله : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ). وقوله : (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، كقوله : فان الله عزيز حكيم ، فالمعنى واحد ، والغرض واحد.

لا ايمان الا بالتقوى :

(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا). لا فرق إطلاقا بين من يكفر بوجود الله ، وبين من يؤمن به نظريا ، ويؤثر دنياه على آخرته عمليا ، لا فرق أبدا بين الاثنين من حيث ان كلا منهما قد فتن بالدنيا وزخرفها ، وآثر العاجلة على الآجلة ، وقاس الخير والفضيلة بمقياس منفعته الشخصية ، ولم يقم وزنا لحرمات الله ، ولا للقيم الانسانية .. واني كلما تقدمت وتوغلت في تفسير القرآن ، وتعمقت في تدبّر آياته ازددت يقينا بأن الايمان بالله بلا تقوى ليس بشيء ، وان من جعل الدنيا كل همه ينصرف كلية عن شريعة الحق والدين من حيث يريد ، أو لا يريد ، والنتيجة الختمية لهاتين المقدمتين ان من كفر بالله ، وآمن به سواء ما دام هذا «المؤمن» يؤثر دنياه على دينه ، ولا يقيم له وزنا في شيء من أقواله وأفعاله. وقد تواتر عن الرسول الأعظم (ص) : «الدنيا والآخرة

٣١٤

ضرتان» أي ان الاهتمام بإحداهما يصرف الإنسان عن الأخرى قهرا (١). وقال الإمام علي (ع) : ان الدنيا والآخرة عدوتان متفاوتتان وسبيلان مختلفتان ، فمن أحب الدنيا وتولاها ابغض الآخرة وعاداها ، وهما بمنزلة المشرق والمغرب ، وماش بينهما ؛ كلما اقترب من واحدة ابتعد عن الأخرى.

(وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا). طبيعي أن يسخر الذين يتخذون آيات الله وأحكامه هزوا ، ويستحلون الدم الحرام ، والمال الحرام ـ طبيعي أن يسخر هؤلاء ممن يكف عن محارم الله ، ويتحمل المشاق من أجل مرضاته ، طبيعي أن يسخر من لا يعمل الا لهذه الحياة ممن يعمل لها ولما بعد الموت.

(وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ). قال : والذين اتقوا ، ولم يقل : والذين آمنوا ، لأن الإيمان بلا تقوى ليس بشيء كما بينّا ، والمعنى واضح ، وهو ان الكافرين إذا سخروا من المؤمنين الآن ، فستنعكس الآية غدا ، ويسخر هؤلاء من أولئك .. قال جل جلاله : ان الخزي اليوم والسوء على الكافرين .. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون.

(وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ). الرزق رزقان : رزق الدنيا ، ورزق الآخرة ، ورزق الدنيا معلوم ، ورزق الآخرة هو النعيم الذي لا انقطاع له ، ولا تشوبه شائبة من حزن او خوف ولا يناله أحد إلا بالايمان والعمل الصالح : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). أما رزق الدنيا فيناله الكافر والمؤمن والبر والفاجر بسعي وغير سعي ، كالارث والهبة والوصية ، وما اليها ، وأيضا يناله عن طريق جائز ، وغير جائز ، كالسلب والنهب ، والغش والاحتيال.

ونقل صاحب تفسير المنار عن استاذه الشيخ محمد عبده انه قال عند تفسير هذه الآية ما يتلخص بأن الرزق بغير سعي قد يحصل لبعض الأفراد ، أما الأمة فمحال أن تكون غنية عزيزة إلا بالسعي والعمل .. وهذا حق ثابت بالعيان والبديهة.

__________________

(١) في الحديث : ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة ، ولا الاخرة للدنيا ، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه ، المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف.

٣١٥

كان الناس أمة واحدة الآة ٢١٣ :

(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣))

اللغة :

أطلق الله في كتابه الكريم لفظ الأمة على معان : منها الملة كما في قوله تعالى في سورة الأنبياء الآية ٩٢ : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً). ومنها الجماعة كما في سورة الأعراف ١٨١ : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ). ومنها السنون ، كقوله في سورة هود الآية ٨ : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) ، ومنها الإمام الذي يقتدى به ، كقوله في سورة النحل ١٢٠ : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) .. والمراد بلفظ الأمة هنا الملة.

الاعراب :

مبشرين ومنذرين حال من النبيين ، وبالحق متعلق بمحذوف حال من الكتاب ، وبغيا مفعول لأجله.

المعنى :

تضاربت أقوال المفسرين في معنى هذه الآية ، وشرحها الرازي بحوالي سبع

٣١٦

صفحات بالقطع الكبير ، أما صاحب المنار فشرحها باثنتين وعشرين صفحة ، وترك القارئ العادي في متاهة لا يهتدي الى شيء .. ونحن على منهجنا من الرفق بالقراء مهتمين بأضعفهم ما أمكن واقفين معه عند مداليل الألفاظ ، نشرحها بأوضح واخصر بيان ، كي يتدبر آيات الله بسهولة ، وتؤثر أثرها في نفسه ، فان كان هناك موضوع هام أشرنا اليه بفقرة مستقلة.

(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً). أي كانوا على الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، والتي أشار اليها النبي (ص) بقوله : كل مولود يولد على الفطرة. قال صاحب مجمع البيان : «روى أصحابنا عن الإمام أبي جعفر الباقر : انهم كانوا قبل نوح (١) أمة واحدة على فطرة الله لا مهتدين ولا ضالين ، فبعث الله النبيين. وعلى هذا فالمعنى انهم كانوا متعبدين بما في عقولهم غير مهتدين الى نبوة ، ولا شريعة».

ثم عرض على فطرتهم التخيلات والأوهام ، وجرتهم هذه الأوهام الى الاختلاف في العقيدة والرأي ، وبالتالي الى اعتداء بعضهم على بعض ، فتفرقوا شيعا بعد أن كانوا أمة واحدة ، فأرسل الله الأنبياء ، ومعهم الكتاب ينطق بالحق ، ويحكم بالعدل ، ليحتكموا اليه في خلافاتهم ومنازعاتهم .. وهذا هو المعنى الظاهر من قوله تعالى :

(فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) .. وبهذا يتبين ان في الكلام جملة محذوفة ، والتقدير كان الناس أمة واحدة فاختلفوا ، بدليل قوله تعالى (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) ، وتؤكد ذلك الآية ١٩ من سورة يونس : (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا).

(وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ). أي ان الناس الذين كانوا أمة واحدة ثم اختلفوا فأرسل الله اليهم الأنبياء ، ان أولئك الناس أيضا اختلفوا فيما أرسل به الأنبياء ، فمنهم من آمن وصدق ، ومنهم من كفر وكذّب بعد أن قامت الأدلة والبراهين ، والحجة القاطعة على

__________________

(١) جاء في تفسير روح البيان عن الأكثر ان بين آدم ومبعث نوح ثماني مائة سنة.

٣١٧

الكافرين والمكذبين للأنبياء ورسالتهم ، ولا سبب لهذا التكذيب الا البغي والخوف على منافعهم ومصالحهم الشخصية ، ومكاسبهم العدوانية.

(فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ). أي ان الله سبحانه وفق أرباب النوايا الصالحة الى الايمان بالحق الذي جاء به الأنبياء ، وهذا الايمان كان بأمره تعالى .. فالمراد بالاذن الأمر.

(وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). في تفسير الآية ٢٦ من هذه السورة «فقرة الهدى والضلال» ذكرنا معاني الهداية ، ومنها أن يتقبل الإنسان النصيحة ويعمل بها ، وهذا المعنى هو المراد بها هنا ، وان الله سبحانه يوفق الطيبين الى تقبل النصح والعمل بالحق والخير.

الاختلاف بين الناس :

وجد الاختلاف بين الناس منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل ، واستمر حتى اليوم ، وسيبقى الى آخر يوم .. ولا يختص الاختلاف بأهل الأديان ، كما يحلو للمستهترين ان ينتقدوا ، أو يتحذلقوا .. فان اختلاف غيرهم قد بلغ النهاية ، وتجاوز الكلام الى الحروب الطاحنة ، فالتناقضات بين الدول الرأسمالية أدت الى حرب نووية ، فقنبلة هيروشيما ألقتها على النساء والأطفال دولة رأسمالية ضد دولة مثلها .. وانقسام الجبهة الاشتراكية لم يخف على أحد ، كما مهد السبيل للسياسة العدوانية على الشعوب المستضعفة ، وشتات كل من الدول الافريقية والاسيوية ضمن النجاح لكل من أراد استغلالها والسيطرة على مقدراتها ، أما اختلاف الدول العربية فكان من نتائجه وجود إسرائيل في قلب بلادهم ، وبالتالي نكسة ٥ حزيران ١٩٦٧.

ومهما يكن ، فان للاختلاف أسبابا كثيرة ، منها التباين في الثقافة والتربية ، ومنها التغاير في الاستعداد والموهبة ، ومنها الاختلاف في الطبع والمزاج ، ومنها التصادم بين المصالح والمنفعة الخاصة. والاختلاف الناشئ من تباين الثقافة ، أو الموهبة ، أو المزاج يمكن علاجه بالاحتكام الى مبادئ أثبتها العلم والتجربة ، أما الاختلاف الناشئ من تصادم المنافع الشخصية فلا علاج له إلا ردع المعتدي بالقوة ، وكلامنا

٣١٨

في هذه الفقرة متمم لما قلناه في فقرة «كل يعزز دينه» عند تفسير الآية ١١٣.

دخول الجنة الآة ٢١٤ :

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤))

اللغة :

زلزلوا أصلها زل الشيء ، ثم كرر اللفظ ، فصار زلزل ، والمراد به هنا ان المتقين حركوا بأنواع البلايا والرزايا ، ومثل بفتح الثاء ، وجمعه أمثال ، والمراد به هنا الوصف الذي كان عليه من سبق ، حيث بلغ درجة من الشدة حتى صار مضرب الأمثال.

المعنى :

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ). ان هذه الآية الكريمة تخاطب كل من آمن بالحق ، وعمل به ودعا اليه ، وتقول له بصراحة : ان سنة الله قد جرت في أنصار الحق أن يدفعوا ثمنه من أنفسهم وأهلهم وأموالهم ، وأن يتحملوا في سبيله الأذى والمكاره ويصبروا على المصائب والشدائد .. وقد لاقى من كان قبلكم من أجل الحق ألوانا من الأذى ، فصبروا .. فهل تصبرون أنتم كما صبروا : أم انكم تريدون أن تدخلوا الجنة بلا ثمن ، وقد أبى صاحبها ومالكها إلا أن يكون ثمنها الإيمان والإخلاص والصبر على الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس! وجاء في

٣١٩

خطبة من خطب النهج : «ان رسول الله (ص) كان يقول : ان الجنة حفت بالمكاره ، وان النار حفت بالشهوات. واعلموا انه ما من طاعة الله شيء إلا يأتي في كره ، وما من معصية الله شيء الا يأتي في شهوة» .. ومن المفيد ان يراجع القارئ مع هذه الفقرة ما ذكرنا عند تفسير الآية ١٥٥ فقرة «ثمن الجنة».

(وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ). متى نصر الله سؤال من الرسول والمؤمنين ، يصور المحنة والشدة التي لاقوها من أعداء الحق وحزب الباطل ، ومحصل المعنى ان السابقين من أنصار الحق أصابهم البؤس والضر ، ووقعوا في الاضطراب من شدة الهول ، حتى ظنوا ان النصر قد أبطأ عنهم ، فاستعجلوه بقولهم : متى نصر الله؟.

فأجابهم الله بقوله : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ). فهذه الآية تجري مجرى الآية ١١٠ من سورة يوسف : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).

ماذا ينفقون؟ الآة ٢١٥ :

(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥))

الإعراب :

ما ذا ما مبتدأ ، وذا خبر بمعنى الذي ، وقيل ان ما ذا بمنزلة الكلمة الواحدة في محل نصب بينفقون.

المعنى :

(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ). الخطاب موجه للرسول الأعظم (ص).

٣٢٠