تراثنا ـ العدد [ 25 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 25 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٥٤

ومسلم :

أخرج البخاري : «حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري يقول : أخبرني الحسن بن محمد بن علي وأخوه عبد الله عن أبيهما إن عليا رضي‌الله‌عنه قال لابن عباس : إن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر» (٥٩).

وأخرج مسلم : «حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.

وحدثناه عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي ، حدثنا جويرية ، عن مالك بهذا الإسناد وقال : سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان : إنك رجل تائه ، نهانا رسول الله. بمثل حديث يحيى عن مالك.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب جميعا ، عن ابن عيينة ، قال زهير : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن حسن وعبد الله ابني محمد ابن علي ، عن أبيهما ، عن علي : أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية.

وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله ، عن ابن شهاب ، عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي إنه سمع ابن عباس يلين في متعة النساء فقال : مهلا يا ابن عباس ، فإن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية.

وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى ، قالا : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي بن أبي طالب ، عن أبيهما

__________________

(٥٩) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ ٩ / ١٣٦.

٦١

أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس : نهى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم. عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية» (٦٠).

أقول :

وفي جميع أحاديث الباب نقود مشتركة ، توجب القول ببطلانها جميعا ، حتى لو صحت كلها سندا ...

فنذكر تلك النقود المشتركة بإيجاز ، ثم نتعرض لنقد حديث فتح مكة لكونه القول المشهور كما عرفت ، ولنقد حديث خيبر بالتفصيل لكونه المشهور عندهم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو من أحاديث الصحيحين!!.

وإنما تعرضنا ـ من بين الأحاديث الأخرى ـ لحديثي تبوك وحنين ... لأنهم رووهما عن أمير المؤمنين عليه‌السلام كذلك.

نقود مشتركة :

وأول ما في هذه الأحاديث تكاذب البعض منها مع البعض الآخر ، الأمر الذي حار القول واضطربوا وتضاربت كلماتهم في حله (٦١) ، فاضطر بعضهم إلى القول بأن المتعة أحلت ثم حرمت ثم أحلت ثم حرمت ... حتى عنون مسلم في صحيحه : «باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ ، واستقر حكمه إلى يوم القيامة».

لكن الأخبار لم تنته بذلك ، بل جاءت بالتحليل والتحريم حتى سبعة مواطن كما قال القرطبي (٦٢).

__________________

(٦٠) صحيح مسلم ـ بشرح النووي ـ هامش القسطلاني ٦ / ١٢٩ ـ ١٣٠.

(٦١) راجع إن شئت الوقوف على طرف منها : المنهاج للنووي ٦ / ١١٩ فما بعدها ، وفتح الباري ـ لابن حجر ـ ٩ / ١٣٨.

(٦٢) تفسير القرطبي ٥ / ١٣٠.

٦٢

إلا أن ابن القيم ينص على أن النسخ لا يقع في الشريعة مرتين ، فكيف بالأكثر؟! وهذه عبارته حيث اختار التحريم في عام الفتح : «ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرتين ، وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة ولا يقع مثله فيها» (٦٣).

ثم تكذيب قولة عمر : «متعتان كانتا على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنهما  ...» لجميعها : فإنه في هذا القول الثابت عنه ـ معترف بأنه هو الذي حرم ما كان حلالا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ثم قول الأصحاب ـ قبل عمر وفي زمانه وبعده ـ بحلية المتعة ، وأن عمر هو الذي حرمها ، وأنه لولا تحريمه لما زنى إلا شقي ...

نقد حديث عام الفتح :

أما حديث عام الفتح فقد عرفت من كلام ابن القيم عدم صحته ، قال : « فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، عن جده وقد تكلم فيه ابن معين ، ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه».

أقول : نكتفي هنا من ترجمة الرجل بما ذكره ابن حجر العسقلاني وأشار في كلامه إلى هذا الحديث ، وهذا نص عبارته : «قال أبو خيثمة : سئل يحيى بن معين عن أحاديث عبد الملك بن الربيع عن أبيه عن جده فقال : ضعاف. وحكى ابن الجوزي عن ابن معين أنه قال : عبد الملك ضعيف. وقال أبو الحسن ابن القطان : لم تثبت عدالته ، وإن كان مسلم أخرج له فغير محتج به. إنتهى.

ومسلم إنما أخرج له حديثا واحدا في المتعة متابعة. وقد نبه على ذلك المؤلف» (٦٤).

__________________

(٦٣) زاد المعاد في هدي خير العباد ٢ / ١٨٤.

(٦٤) تهذيب التهذيب ٦ / ٣٤٩.

٦٣

نقد حديث حنين :

وأما حديث التحريم يوم حنين الذي رواه النسائي عن أمير المؤمنين عليه السلام فسنتكلم عليه عندما نتعرض لما رووه عنه عليه‌السلام.

قلت : هذا مضافا إلى أنهم رووا عن الربيع بن سبرة نفسه أن التحريم كان في حجة الوداع :

أخرج أبو داود : «حدثنا مسدد بن مسهر ، حدثنا عبد الوارث ، عن إسماعيل ابن أمية ، عن الزهري ، قال : كنا عند عمر بن عبد العزيز ، فتذاكرنا متعة النساء. فقال له رجل يقال له ربيع بن سبرة : اشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله نهى عنها في حجة الوداع» (٦٥).

نقد حديث غزوة تبوك :

وأما حديث غزوة تبوك ... فالذي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام سنذكره كذلك.

وأما الذي عن جابر بن عبد الله فقد نص ابن حجر العسقلاني على أنه «لا يصح ، فإنه من طريق عباد بن كثير ، وهو متروك» (٦٦).

أقول : ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب : «عباد بن كثير الثقفي البصري» و «عباد بن كثير الرملي الفلسطيني» وكلاهما «متروك» «يروي أحاديث موضوعة» ، «كذاب». وعن أبي حاتم بترجمة الثاني ـ : «ظننت أنه أحسن حالا من عباد بن كثير البصري فإذا هو قريب منه ، ضعيف الحديث» (٦٧).

__________________

(٦٥) سنن أبي داود ١ / ٣٢٤.

(٦٦) فتح الباري ٩ / ١٣٩.

(٦٧) تهذيب التهذيب ٥ / ٨٧ ـ ٨٩.

٦٤

هذا ، وكأن واضعه وضعه ليقابل به الحديث الصحيح الثابت عنه الدال على بقائه على الإباحة حتى آخر لحظة من حياته.

كما وضعوا الأحاديث العديدة في رجوع ابن عباس ... كما سنشير.

وكما وضعوا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ... كما ستعلم!.

والذي عن أبي هريرة قال ابن حجر : «إن في حديث أبي هريرة مقالا ، فإنه من رواية مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار ، وفي كل منهما مقال» (٦٨).

أقول : فإن شئت تفصيل ذلك فراجع ترجمتهما (٦٩).

نقد حديث يوم خيبر :

وأهم أحاديث المسألة ... ما وضع على لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام ... لأن أمير المؤمنين أهم المعارضين ... فلتبذل الهمم من الذين أشربوا في قلوبهم ... حسبة ... وتزلفا إلى الحكام والولاة المتسلطين.

لكن الأحاديث الموضوعة على لسانه متكاذبة متهافتة لتكثر القالة عليه وتعدد الأيدي المختلقة ... وهذه آية من آيات علو الحق ...

لقد وضعوا الحديث على لسان أحفاده عن ابنه محمد بن الحنفية ... ولم يضعوه على لسان أولاد الحسنين ... عنهما .. عن أمير المؤمنين ... لأنهم يعلمون أن مثل هذه التهمة لا تلتصق بهم ...

وضعوه ... على لسانه عليه‌السلام. يخاطب ابن عمه عبد الله بن العباس ... وقد بلغه أنه يقول بالمتعة ... يخاطبه بلهجة حادة ...

ولقد كان بالامكان أن تنطلي الحقيقة على خواص الناس فضلا عن عوامهم  ... لولا اختلاف الاختلاق!.

__________________

(٦٨) فتح الباري ٩ / ١٣٩.

(٦٩) تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٣٩ و ٧ / ٢٣٢.

٦٥

فلنشرع في شرح القضية ببعض التفصيل في فصول :

١ ـ تعارض الحديث عن علي في وقت التحريم :

لقد روي هذا الحديث عن الزهري ، عن الحسن بن محمد بن علي وأخيه عبد الله بن محمد بن علي ، عن أبيهما ، عن علي عليه‌السلام أنه قال لابن عباس :

«إنك رجل تائه ، إن رسول الله نهى عنها يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية» (٧٠).

وعن الزهري ، عنهما ، عن أبيهما ، عن علي ... «يوم حنين» (٧١).

وعن الزهري ، عن عبد الله بن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن علي :

«إن النبي نهى عنها في غزوة تبوك» (٧٢).

وعن ... محمد بن الحنفية أنه قال عليه‌السلام لابن عباس :

«إنك رجل تائه ، إن رسول الله نهى عن متعة النساء في حجة الوداع» (٧٣).

وعن الشافعي عن مالك بإسناد عن علي :

«إن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية» ولم يزد على ذلك ، وسكت عن قصة المتعة» (٧٤).

فهذه أخبارهم بالسند الواحد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حول أمر واحد ...!!.

فإن قلت : ليس كلها بصحيح عندهم.

قلت : أما الأول فقد اتفقوا على صحته واستندوا إليه في بحوثهم.

__________________

(٧٠) صحيح مسلم بشرح النووي ـ هامش القسطلاني ـ ٦ / ١٢٩.

(٧١) سنن النسائي ٦ / ١٢٦.

(٧٢) المنهاج في شرح مسلم ـ هامش القسطلاني ـ ٦ / ١٣٠.

(٧٣) مجمع الزوائد ٤ / ٢٦٥.

(٧٤) عمدة القاري ـ شرح البخاري.

٦٦

وأما الثاني فهو عند النسائي وكتابه من صحاحهم.

وأما الرابع الذي رواه الطبراني فقد أورده الهيثمي وقال له : «رجاله رجال الصحيح» (٧٥).

نعم ، الثالث ذكره النووي ثم قال نقلا عن القاضي عياض : «لم يتابعه أحد على هذا وهو غلط» (٧٦).

ـ وقال ابن حجر : «وأغرب من ذلك رواية إسحاق بن راشد عن الزهري عنه بلفظ : نهي في غزوة تبوك عن نكاح المتعة وهو خطأ أيضا» (٧٧).

أما الخامس فتتعلق به نقاط :

إنه لو كان قد ثبت عنده نهي عن المتعة يوم خيبر لما سكت عن القصة ، لأنه تدليس قبيح كما لا يخفى.

لكن الشافعي نفسه ممن يرى أن التحريم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي يوم خيبر (٧٨).

مضافا إلى أن الحديث عن مالك ، وهو يروي في الموطأ : عن الزهري ، عن عبد الله والحسن ، عن أبيهما محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي أنه قال : «نادى منادي رسول الله ، نادى يوم خيبر : ألا إن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه [وآله] وسلم ينهاكم عن المتعة» (٧٩).

٢ ـ تلاعب القوم في لفظ حديث خيبر :

وإذ عرفت أن الصحيح عندهم مما رووا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في هذا

__________________

(٧٥) مجمع الزوائد ٤ / ٢٦٥.

(٧٦) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم ـ ٦ / ١٣١.

(٧٧) فتح الباري / ١٣٧.

(٧٨) زاد المعاد في هدي خير العباد.

(٧٩) الموطأ ٢ / ٧٤ بشرح السيوطي.

٦٧

الباب حديث التحريم يوم خيبر وعمدته حديث الزهري عن ابني محمد بن الحنفية عنه عليه‌السلام ... فلا بأس بأن تعلم بأن القوم رووه بألفاظ مختلفة :

قال ابن تيمية : «رواه الثقات في الصحيحين وغيرهما عن الزهري ، عن عبد الله ، والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد بن الحنفية ، عن علي بن أبي طالب أنه قال لابن عباس لما أباح المتعة : إنك امرؤ تائه! إن رسول الله حرم المتعة ولحوم الحمر الأهلية عام خيبر. رواه عن الزهري أعلم أهل زمانه بالسنة وأحفظهم لها ، أئمة الإسلام في زمنهم ، مثل : مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وغيرهما ممن اتفق على علمهم وعدالتهم وحفظهم ، ولم يختلف أهل العلم بالحديث في أن هذا حديث صحيح يتلقى بالقبول ، ليس في أهل العلم من طعن فيه» (٨٠).

وفي البخاري ومسلم والترمذي وأحمد عن الزهري : «أخبرني الحسن بن محمد ابن علي وأخوه عبد الله ، عن أبيهما أن عليا قال لابن عباس : إن النبي نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر».

وفي مسلم : «سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان : إنك رجل تائه».

وفيه : «سمع ابن عباس يلين في المتعة فقال : مهلا يا ابن عباس».

وفي النسائي : «عن أبيهما أن عليا بلغه أن رجلا لا يرى بالمتعة بأسا فقال : إنك تائه ، إنه نهاني رسول الله عنها وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر».

وفي الموطأ رواه عن علي بلفظ : «نادى منادي رسول الله يوم خيبر ...»

أما الشافعي فروى حديث خيبر ، لكن سكت عن قصة المتعة لما علم فيها من الاختلاف!.

وأما الطبراني فروى الحديث بلفظ : «تكلم علي وابن عباس في متعة النساء فقال له علي : إنك رجل تائه ، إن رسول الله نهى عن متعة النساء في حجة الوداع» فروى الحديث لكن جعل زمن التحريم حجة الوداع!.

__________________

(٨٠) منهاج السنة ٢ / ١٥٦.

٦٨

٣ ـ نظرات في دلالة حديث خيبر :

ثم إن هذا الحديث في متنه ودلالته صريح في الأمور التالية :

أولا : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يرى حرمة نكاح المتعة ، حتى أنه خاطب ابن عباس القائل بالحلية بقوله : «إنك رجل تائه».

وهذا كذب ، فالكل يعلم أن الإمام عليه‌السلام كان على رأس المنكرين لتحريم نكاح المتعة ، كما كان على رأس المنكرين لتحريم متعة الحج ، ولكن لا غرابة في وضع القوم الحديث على لسانه في باب نكاح المتعة كما وضعوه في باب متعة الحج ... وهو أيضا عن لسان ولدي محمد عن أبيهما عنه ... فقد روى البيهقي : «عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما : أن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، قال : يا بني أفرد بالحج فإنه أفضل» (٨١).

وثانيا : إن تحريم متعة النساء كان يوم خيبر ... وهذا ما غلطه وكذبه كبار الحفاظ ، ثم حاروا في توجيهه : قال ابن حجر بشرحه عن السهيلي : «ويتصل بهذا الحديث تنبيه على إشكال ، لأن فيه النهي عن نكاح المتعة يوم خيبر ، وهذا شئ لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر» (٨٢).

وقال العيني بشرحه : «قال ابن عبد البر : وذكر النهي عن المتعة يوم خيبر غلط» (٨٣).

وقال القسطلاني بشرحه : «قال البيهقي : لا يعرفه أحد من أهل السير» (٨٤).

وقال ابن القيم : «قصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديات ، ولا

__________________

(٨١) سنن البيهقي ٥ / ٥.

(٨٢) فتح الباري ـ شرح البخاري ٩ / ١٣٨.

(٨٣) عمدة القاري ـ شرح البخاري ١٧ / ٢٤٦.

(٨٤) إرشاد الساري ـ شرح البخاري ٦ / ٥٣٦ و ٨ / ٤١ ..

٦٩

استأذنوا في ذلك رسول الله ، ولا نقله أحد قط في هذه الغزوة ، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة لا فعلا ولا تحريما " (٨٥).

وقال ابن كثير : «قد حاول بعض العلماء أن يجيب عن حديث علي بأنه وقع فيه تقديم وتأخير. وإلى هذا التقرير كان ميل شيخنا أبي الحجاج المزي. ومع هذا ما رجع ابن عباس عما كان يذهب إليه من إباحتها» (٨٦).

وثالثا : إن ابن عباس كان على خلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام في مثل هذه المسألة.

وهذا مما لا نصدقه ، فابن عباس كان تبعا لأمير المؤمنين عليه‌السلام لا سيما في مثل هذه المسألة التي تعد من ضروريات الدين الحنيف.

ولو تنزلنا عن ذلك ، فهل يصدق بقاؤه على رأيه بعد أن بلغه الإمام عليه السلام حكم الله ورسوله في المسألة؟!.

كلا والله ، ولذا اضطر الكذابون إلى وضع حديث يحكي رجوعه ... قال ابن تيمية : «وروي عن ابن عباس أنه رجع عن ذلك لما بلغه حديث النهي» (٨٧).

لكنه خبر مكذوب عليه ، قال ابن حجر العسقلاني عن ابن بطال : «وروي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة» (٨٨). ولذا قال ابن كثير : «... ومع هذا ما رجع ابن عباس عما كان يذهب إليه من إباحتها».

نعم ، لم يرجع ابن عباس حتى آخر لحظة من حياته :

أخرج مسلم عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال : «إن أناسا أعمى الله قلوبهم ـ كما أعمى أبصارهم ـ يفتون بالمتعة ، يعرض برجل. فناداه فقال : إنك لجلف جاف ، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين ـ يريد

__________________

(٨٥) زاد المعاد في هدي خير العباد ٢ / ١٨٤.

(٨٦) تاريخ ابن كثير ٤ / ١٩٣.

(٨٧) منهاج السنة ٢ / ١٥٦.

(٨٨) فتح الباري ٩ / ١٣٩.

٧٠

رسول الله ـ. فقال له ابن الزبير : فجرب بنفسك (٨٩) ، فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك» (٩٠).

وابن عباس هو الرجل المعرض به ، وقد كان قد كف بصره ، فلذا قال : أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم». وقد وقع التصريح باسمه في حديث أبي نضرة الذي أخرجه مسلم أيضا وأحمد.

فهذا حال ابن عباس وحكمه في زمن ابن الزبير بمكة. فابن عباس كان مستمر القول على جواز المتعة ، وتبعه فقهاء مكة كما عرفت ، ومن الواضح عدم جواز نسبة القول بما يخالف الله ورسوله والوصي إلى ابن عباس ، لو كان النبي قد حرم المتعة وأبلغه الإمام به حقا؟.

٤ ـ نظرات في سند ما روي عن علي عليه‌السلام :

هذا ، وقد رأيت أن الأحاديث المتعارضة المروية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في تحريم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نكاح المتعة مروية كلها بسند واحد  ... فكلها عن الزهري عن ابني محمد عن أبيه ...

وبغض النظر عما ذكروا بترجمة عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية ...

وعما جاء في خبر الحسن بن محمد عن سلمة بن الأكوع وجابر بن عبد الله من «أن رسول الله أتانا فأذن لنا في المتعة» (٩١) من الدلالة على عدم قولهما بالحرمة ، إذ لا يعقل أن يروي الرجل عن هذين الصحابيين حكم التحليل ولا يروي عنهما ـ أو لم يخبراه ـ النسخ بالتحريم لو كان : بغض النظر عن ذلك ...

__________________

(٨٩) رواه بعضهم بلفظ : «فجرت نفسك».

(٩٠) صحيح مسلم. كتاب النكاح باب المتعة. بشرح النووي ٦ / ١٣٣.

(٩١) أخرجه البخاري ومسلم في باب المتعة. وأحمد في المسند ٤ / ٥١.

٧١

وبغض النظر عن التكاذب والتعارض الموجود فيما بينهما ...

فإن مدار هذه الأحاديث على «الزهري».

موجز ترجمة الزهري :

وهذا موجز من ترجمة «الزهري» الذي وضع الأحاديث المختلفة المتعارضة على مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام :

١ ـ كان من أشهر المنحرفين عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان يجالس عروة بن الزبير فينالان منه.

٢ ـ كان يرى الرواية عن عمر بن سعد بن أبي وقاص ، قاتل الإمام الحسين ابن علي عليهما‌السلام.

٣ ـ كان من عمال الحكومة الأموية ومشيدي أركانها ، حتى أنكر عليه كبار العلماء ذلك.

٤ ـ قدح فيه الإمام يحيى بن معين حين قارن بينه وبين الأعمش.

٥ ـ كتب إليه الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام يوبخه ويؤنبه على كونه في قصور الظلمة ... ولكن لم ينفعه ذلك!!.

وإن شئت التفصيل فراجع الحلقة السابقة من سلسلتنا.

نتيجة البحث في نكاح المتعة :

ويتلخص البحث في خصوص نكاح المتعة في خطوط :

١ ـ إنه من أحكام الإسلام الضرورية بالكتاب والسنة والإجماع ، وكان على ذلك المسلمون قولا وفعلا.

٢ ـ وإن عمر بن الخطاب حرمه بعد شطر من خلافته.

٣ ـ واختلف القوم ـ بعد الإقرار بالأمرين المذكورين ـ واضطربوا في توجيه تحريم عمر :

٧٢

فمنهم من قال بأن النسخ كان من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يعلم به غير عمر ، وهذا من البطلان بمكان.

ومنهم من قال بأن التحريم كان من عمر نفسه لكن يجب اتباعه ، لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين». ولكن هذا الحديث من أحاديث سلسلتنا!!.

ومنهم من قال بأن المحرم هو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ... ثم اختلفوا في وقت هذا التحريم على أقوال ، واستندوا إلى أحاديث ... لكنها أحاديث موضوعة ...

٤ ـ وإذا كانت حلية المتعة من أحكام الإسلام ، والأحاديث في تحريم النبي موضوعة ، وإن عمر هو الذي حرم ، وأن الحديث المستدل به لوجوب اتباعه يشكل الحلقة القادمة من سلسلتنا ...

فما هو إلا «حدث» وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «إياكم ومحدثات الأمور ...».

أقول :

هذا ما توصلت إليه في هذا البحث الوجيز الذي وضعته في حدود الأحاديث والأقوال الواردة فيه ، من غير تعرض للأبعاد المختلفة والجوانب المتعددة التي طرحها الباحثون من فقهاء ومتكلمين في كتبهم المفصلة المطولة ...

والله أسأل أن يوفقنا لتحقيق الحق واتباعه ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يحشرنا في زمرة محمد وآله وأشياعه ، إنه هو البر الرحيم.

٧٣

أهل البيت (ع)

في المكتبة العربية

(١٦)

السيد عبد العزيز الطباطبائي

٥٢٩ ـ مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام.

للخوارزمي ، ضياء الدين صدر الأئمة شمس الإسلام ، أبي المؤيد الموفق بن أحمد الحنفي المكي ، ثم الخوارزمي أخطب خطباء خوارزم ، المشتهر بأخطب خوارزم ، الخطيب الخوارزمي (٤٨٤ ـ ٥٦٨ ه).

وقد تقدم له في العدد السابق كتاب «مقتل الحسين عليه‌السلام» وترجمنا له هناك ترجمة مطولة مع عد بعض مصادر ترجمته.

وأما كتاب المناقب فقد ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ١ / ٥١٧ و ٣ / ٤٦٧.

فأقدم من نقل عنه هو قطب الدين الكيدري ـ معاصر المؤلف ـ في كتابه «أنوار العقول في أشعار وصي الرسول».

وينقل الكنجي ـ المتوفى سنة ٦٥٨ ه ـ في «كفاية الطالب» عن هذا الكتاب.

وكان عند السيد ابن طاووس ـ المتوفى سنة ٦٦٤ ه ـ وينقل عنه كثيرا في كتبه ، وخاصة في كتابه «اليقين» وهو مدرج في فهرس مكتبته برقم ٤٤٥ (٢٠).

وينقل عنه الصاحب بهاء الدين علي بن عيسى الإربلي البغدادي ـ المتوفى

__________________

(٢٠) المنشور في المجلد الثاني عشر من مجلة المجمع العلمي العراقي ، سنة ١٣٨٤ ه = ١٩٦٥ م.

٧٤

سنة ٦٩٢ ه ـ في كتابه «كشف الغمة» كثيرا بل ، ربما نشره كله فيه.

وذكره جلبي في كشف الظنون ٢ / ١٨٤٤.

مخطوطاته :

١ ـ مخطوطة من القرن الثامن في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، رقم ١٨٤٢ ، ذكرت في فهرسها العام ص ٥٥٤ ، وفي فهرسها القديم ٣ / ٩٠.

وعنها مصورة في مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف الأشرف.

٢ ـ مخطوطة كتبها عز الدين بن أحمد بن علي بن أبي المنصور الجيلاني لخزانة عماد الدين يحيى بن محمد بن عبد الله العمراني ، في حجر ظفار في جامع حي الإمام المنصور بالله ، وفرغ منه في ٢٥ رجب سنة ٧٨٧ ه ، ومعه كتاب " خلاصة سيرة سيد البشر للمحب الطبري ، بخطه هذا الكاتب ، وهي في مكتبة الوزيري العامة في مدينة يزد ، رقم ١٣٧٦ ، ذكرت في فهرسها ٢ / ٥٨١ ، وذكرت في فهرسها للمخطوطات العربية ، ص ٢٧٠.

وعنها فيلم في جامعة طهران ، رقم ٢٤٥٤ ، ذكر في فهرس مصوراتها ١ / ٦٩٥.

٣ ـ مخطوطة سنة ٩٨٦ ه كتبها صدر الإسلام بن أبي المعالي ، فرغ منها في محرم ، ومعه «الفصول المهمة» لابن الصباغ ، وهي المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ٦٦٦٥ ، كما في فهرسها ١٦ / ٣٢٩.

٤ ـ نسخة خزائنية فيها أيضا ، رقم ٦٢١ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ١٥٦٢ ـ ١٥٧٢.

٥ ـ مخطوطة القرن الثاني عشر ، والموجود منها إلى أواسط الفصل التاسع عشر ، في مكتبة مدرسة سبهسالار (مطهري) في طهران ، رقم ٧٣٣٤ ، ذكرت في فهرسها ٥ / ٦٥٤.

٦ ـ مخطوطة كانت في مكتبة مدرسة السيد البروجردي في النجف الأشرف ، برقم ٢٠٣٩.

٧٥

٧ ـ مخطوطة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام العامة في النجف الأشرف ، رقم ١٨١٨ كتبت سنة ١٢٦٩ ه ، بخط نسخي جميل.

٨ ـ مخطوطة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم ، كتبها يحيى بن حسين بن إسماعيل اليمني في اليمن ، وفرغ منها ١٣ شعبان ١٣٨١ ه ، بآخر المجموعة رقم ٢٩٩٧ ، ذكرت في فهرسها ٨ / ١٦٩.

٩ ـ مخطوطة أخرى فيها ، كتبت سنة ١٢٨٨ ه ، رقم ٥١٨٨ ، ذكرت في فهرسها ١٣ / ٣٩٣.

١٠ ـ مخطوطة في مكتبة كلية الإلهيات في جامعة الفردوسي في مشهد ، برقم ٦٢٨ ، ذكرت في فهرسها ١ / ٥٧٩.

١١ ـ مخطوطة في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء ، فرغ منها الكاتب في ١ شوال سنة ١٠٠٤ ه رقم ٢١٧٤ ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٧٩٤ باسم «الفصول السبعة والعشرين».

١٢ ـ مخطوطة أخرى فيها ، رقم ٢١٦٥ فرغ منها الكاتب في محرم سنة ١١٠٧ هجرية ، ذكرت في فهرسها ٤ / ١٧٩٥.

١٣ ـ مصورة في المكتبة المركزية بجامعة طهران ، رقم الفيلم ٣٨٢٥ ، مذكورة في فهرس مصوراتها ٢ / ٢٥٤ دون وصف مخطوطتها والتعريف بها!

طبعاته :

١ ـ طبع على الحجر في تبريز سنة ١٣١٣ ه ، مع مقدمة للعلامة الشيخ محمد باقر البهاري الهمداني رحمه‌الله.

٢ ـ طبع في النجف الأشرف طبعة حروفية بالمطبعة الحيدرية سنة ١٣٨٥ ه ، مع مقدمة للعلامة السيد محمد رضا الخرسان النجفي ، حفظه الله ورعاه.

٣ ـ طبع في طهران من منشورات مكتبة نينوى ، بالتصوير على الطبعة النجفية.

٧٦

٤ ـ طبع في قم سنة ١٤١١ ه ، من منشورات جماعة المدرسين بتحقيق الشيخ مالك المحمودي البهبهاني ومقابلته على المخطوطتين رقم ١ و ٢ ، ومقدمة للعلامة الشيخ جعفر السبحاني التبريزي حفظه الله ورعاه.

٥ ـ وهو في سبيله إلى الطبع في بيروت من منشورات مؤسسة البلاغ.

مصادر ترجمته :

رسائل الرشيد الوطواط ٢ / ٣٣ ـ ٤٠ تجد فيها نماذج من نظمه ونثره.

١ ـ خريدة القصر ، في شعراء خوارزم ، وعنه في عبقات الأنوار.

٢ ـ الجواهر المضيئة ٢ / ١٨٨.

٣ ـ إنباه الرواة ٢ / ٣٣٢.

٤ ـ ذيل تاريخ بغداد ، لابن الدبيثي.

٥ ـ المختصر المحتاج إليه : ٣٦٠ رقم ١٣٤١.

٦ ـ تاريخ الإسلام ، وعنه في العقد الثمين.

٧ ـ الوافي بالوفيات ، وعنه في بغية الوعاة.

٨ ـ العقد الثمين ٧ / ٣١٠ رقم ٢٥٥٧.

٩ ـ بغية الوعاة ٢ / ٣٠٨.

١٠ ـ عبقات الأنوار ، مجلد حديث التشبيه : ٢٧٨ ـ ٣١٢.

١١ ـ الفوائد البهية : ٤١٠.

١٢ ـ هدية العارفين ٢ / ٤٨٢.

١٣ ـ الكنى والألقاب للمحدث القمي ٢ / ١٥ في حرف الألف من الألقاب (أخطب خوارزم).

١٤ ـ الغدير ٣٩٧ ـ ٤٠٧.

١٥ ـ أعلام الزركلي ٧ / ٣٣٣.

١٦ ـ معجم المؤلفين ١٣ / ٥٢.

٧٧

١٧ ـ الأدب العربي في إقليم خوارزم ، لهند حسين طه ، ص ٣٢٩.

أضف إليها مقدمات كتبه المطبوعة كمناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام بطبعاته الثلاث ومقتل الحسين عليه‌السلام ، ومناقب أبي حنيفة!

نماذج من نظمه :

كان الخوارزمي أديبا شاعرا ، قوي النظم ، جيد النضد ، وهو من شعراء الخريدة ، ترجم له العماد الأصفهاني في قسم شعراء خوارزم من «خريد القصر» وأورد له نماذج من شعره ، ونحن نذكر له هنا أيضا نماذج من شعره ، فمنها قوله :

إلى التقى فانتسب إن كنت منتسبا

فليس يجديك يوما خالص النسب

بلال الحبشي العبد فاق تقى

أحرار جيد قريش صفوة العرب

غدا أبو لهب يرمى إلى لهب

فيه غدت حطبا حمالة الحطب

وله في أمير المؤمنين عليه‌السلام روائع عصماء لا يسعها المجال ، وإنما ننتقي منها أبياتا كنماذج قوله من قصيدة :

إن عليا سيد الأوصياء

مولى أبي بكر ومولى عمر

أقصر عن أسيافه قيصر

وإن كسرى عن قناه انكسر

انحجرت آساد يوم الوغى

لما اكتسى للحرب جلد النمر

لم يتقلد سيفه في الوغى

إلا ونادى الدين جاء الظفر

وهل أتى مدح فتى هل أتى

لغيره في هل أتى إذ نذر

فيا لها من سير في العلى

تتلى على الناس كمثل السور

٧٨

وله فيه عليه‌السلام من قصيدة :

هل أبصرت عيناك في المحراب

كأبي تراب من فتى محراب

لله در أبي تراب إنه

أسد الحراب وزينة المحراب

هو ضارب وسيوفه كثواقب

هو مطعم وجفانه كجوابي

هو قاصم الأصلاب غير مدافع

يوم الهياج وقاسم الأسلاب

إن النبي مدينة لعلومه

وعلي الهادي لها كالباب

لولا علي ما أهتدى في مشكل عمر

ولا أبدى جواب صواب

قد نازع الطير النبي ورده

من رده فاصدق بغير كذاب

فتح المبشر باب مسجده له

إذ سد فيه سائر الأبواب

أسد الإله وسيفه وقناته

كالظفر يوم صياله والناب

جاء النداء من السماء وسيفه

بدم الكماة يلج في التسكاب

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى

إلا علي هازم الأحزاب

وجلت خطابته عرائس خردا

للخاطبين كثيرة الخطاب

ولقد أتى هذا الفتى ما قد أتى

في (هل أتى) فإلى متى إرهابي

وله فيه عليه‌السلام من قصيدة :

محمد النبي كمصر علم

أمير المؤمنين له كباب

هو البكاء في المحراب لكن

هو الضحاك في يوم الحراب

علي كاسر الأصنام لما

علا كتف النبي بلا احتجاب

علي إن أتوه بمعضلات

معقدة له فصل الخطاب

حديث براءة وغدير خم

وراية خيبر فصل الخطاب

هما مثلا كهارون وموسى

بتمثيل النبي بلا ارتياب

بنى في المسجد المخصوص بابا

له إذ سد أبواب الصحاب

كأن الناس كلهم قشور

ومولانا علي كاللباب

٧٩

ولايته بلا ريب كطوق

على رغم المعاطس في الرقاب

إذا عمر تخبط في جواب

ونبهه علي للصواب

علي تارك عمرا كجذع

لقي بين الدكادك والروابي

ففضله النبي بصدق ضرب

على من صدقوه في الثواب

مؤد في الركوع زكاة مال

حوته حرابه يوم الحراب

فنازع صهره الطير المهادي

وكان يرد منه بالكذاب

وقوله فيه عليه‌السلام من أخرى :

لقد تجمع في الهادي أبي حسن

ما قد تفرق في الأصحاب من حسن

هل فيهم من تولى يوم خندقهم

قتال عمرو وعمرو خر للذقن

هل فيهم يوم بدر من لقى قدما

قتل الوليد الهزبر الباسل الحرن

هل فيهم من رمى في حين سطوته

بباب خيبر لم يضعف ولم يهن

وهل أتى هل أتى إلا إلى أسد

فتى الكتائب طود الحلم في المحن

الناس في سفح علم الشرع كلهم

لكن علي أبو السبطين في الفنن

٥٣٠ ـ مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام.

للحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد العطار الهمداني المقرئ ، صدر الحفاظ ، شيخ همدان وإمام العراقين (٤٨٨ ـ ٥٦٩ ه).

ترجم له كل من ابن الدبيثي وابن النجار والسمعاني في ذيولهم على تاريخ بغداد.

قال عنه ابن النجار : «إمام في علوم القراءات والحديث». والأدب والزهد ، وحسن الطريقة.

ثم حكى عن السمعاني أنه قال عنه حافظ متقن ، ومقرئ فاضل ، حسن السيرة ، جميل الأمر ، مرضي الطريقة ، غزير الفضل سخي بما يملكه ، مكرم

٨٠