تراثنا ـ العدد [ 22 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 22 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٠

فأي قانون هو هذا المجهول الهوية ، والكم ، والكيف؟!

وأما الشك في هذا الخبر ، والقدح في صحته ، فليس من شأن العلماء مع ثبوته في الكتب والمؤلفات المعتبرة بأسانيد عديدة ، وفيها الصحاح بحكم صيارفة الفن مثل الحاكم والذهبي واشتهار أمر ذلك بحيث تصدى كبار حملة الحديث وحماته لتوجيهه.

وليس لشخص مثل العجاج أن يشك في ذلك.

وإذا لم يتمكن من الاقتناع بهذا التوجيه ، فليس معناه جواز رد الخبر ، بل التحقيق يفرض على الشخص أن يبحث ليجد الحل المناسب.

لكن العجاج لما لم يجد إجابة صحيحة لأسئلته تلك ، لجأ إلى رد الحديث تارة بما ذكر ، وأخرى بقوله : «هناك خلاف في المحبوسين ، فهل تكرر الحبس من عمر؟

ولو تكرر لاشتهر!؟» ..

وقال أيضا :

«وقد كان غير هؤلاء أكثر منهم حديثا ، ولم يردنا خبر عن حبسهم ، فلا يعقل أن يحبس أمير المؤمنين بعضا دون بعض في قضية واحدة ، هم فيها سواء! وهي الاكثار من الحديث.

معاذ الله ، أن يفعل ذلك عمر ، فيحبس هؤلاء ، ويترك أبا هريرة ـ مثلا ـ وهو أكثر حديثا منهم؟!

وكذا البيان لا يرقى إلى الصحة خبر حبس عمر للصحابة! ".

وأضاف : العجاج قائلا :

«ومما يؤكد لنا أنه لم يحبس أحدا ما يرويه الرامهرمزي عن شيخه ابن البري ، قال ، يعني منعهم الحديث ، ولم يكن لعمر حبس.

فقد فسر ابن البري الخبر تفسيرا جيدا ، فهو يريد أنه منعهم كثرة الحديث ، خوفا أن لا يتدبر السامعون كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كثر عليهم " (٤٨).

__________________

(٤٨) السنة قبل التدوين : ١٠٦ ـ ١١٠.

٤١

وخلاصة ما ذكره العجاج أمور ثلاثة :

١ ـ الخلاف في المحبوسين ، وعدم اشتهار تكرر الحبس.

٢ ـ لماذا لم يحبس عمر أبا هريرة ـ مثلا ـ ، مع أنه أكثر حديثا من غيره؟!

٣ ـ إن عمر لم يكن له حبس ، والحبس بمعنى المنع.

أقول : وقد جعل هذه الأمور الثلاثة دليلا على بطلان الخبر ، ونفي صحة ما ورد في حبس عمر للصحابة لأنهم أكثروا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم.

وفي كل ذلك نظر :

أما الأول وهو الخلاف في المحبوسين ، وعدم اشتهار تكرر الحبس :

ففيه : أن خبر حبس عمر ، ورد في مختلف المصادر التاريخية والحديثية ، واشتهر بين المؤلفين ، بحيث لم ينكره أحد من القدماء ، وإنما يسعون لتوجيهه ، مع أنه قد ورد خبره بالأسانيد الصحيحة بتصديق علماء كبار من أهل الفن كالحاكم والذهبي ، فلا يمكن رده ، ونفي صحته ، بمجرد عدم فهم المراد منه.

وليس النزاع في حبس هذا أو ذاك ، حتى يثبت أو ينكر ، وإنما الحبس مسلم كواحد من أساليب عمر ، في التشديد على الصحابة من أجل الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أفهل ينكر ذلك؟!

مع أن في بعض النصوص : «أنه حبس الصحابة» وهذا يشمل مجموعة منهم ، والوارد في كل رواية بعض الأسماء ، فلا منافاة بين الروايات لأن كل واحد منها لا يدل على الحصر ، ولا يعارض أن يكون غير من فيها أيضا محبوسا ، ويكون ذكر من ذكر في كل رواية ، من باب المثال ، لا الحصر.

ومع وجود هذه الاحتمالات ، لم يبق مجال لرد الرواية ونفي صحتها لاختلاف الروايات في أسماء المحبوسين.

وأما الثاني وهو عدم حبس أبي هريرة :

٤٢

ففيه. أن الروايات وإن لم تذكر أبا هريرة في المحبوسين ، لكن شيئا من الروايات لم ينف حبس أبي هريرة.

مع أنه ليس معنى عدم حبسه عدم منعه من رواية الحديث ، الذي هو الهدف من عملية الحبس.

وقد وردت آثار عديدة في منع عمر أبا هريرة عن رواية الحديث ، وتهديده بالإبعاد إلى أرض قومه ، ذكرنا بعضها (٤٩).

وقد أعلن أبو هريرة عن تخوفه من الحديث في عهد عمر ، وأن عمر لو كان حيا لما سمح له بنقل الحديث (٥٠).

بل قال : ما كنا نستطيع أن نقول «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» حتى قبض عمر (٥١).

وهذا النص مع أنه يدل على أن مطلق الحديث كان ممنوعا على الصحابة في عهد عمر. يدل على أن أبا هريرة كان ممن خضع للأوامر ، والتهديدات فلم يحتج إلى أن يحبس.

ولسنا نحن بصدد البحث عن خصوص حبس عمر للصحابة ، إلا باعتباره واحدا من أساليبه لمنع الحديث.

وأما الثالث فكلمة الحبس يراد بها ـ لغة ـ السجن ، والمنع والظاهر أن الأصل في معنى الحبس هو ضد التخلية (٥٢) وتخلية كل شئ بحسبه.

فلو منع عمر صحابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخروج من المدينة

__________________

(٤٩) أنظر : ص ٢٠ رقم (٢).

(٥٠) تذكرة الحفاظ ١ / ١٧ ، وجامع بيان العلم ٢ / ١٢١.

(٥١) البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ٨ / ١٠٧.

(٥٢) أنظر : صحاح اللغة ـ للجوهري ـ مادة : حبس.

٤٣

إلى الآفاق فقد حبسهم في المدينة ، كما جاء في بعض النصوص نفس هذا التعبير (٣) ويدل عليه قول عمر في بعض الروايات : «أقيموا عندي ... لا تفارقوني ... فما فارقوه حتى مات» (٥٤).

ومن المعلوم أن منعهم من الخروج عن المدينة ، إنما كان لأجل أن لا يحدثوا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ذلك الحديث الذي أثار عمر وألجأه إلى حبسهم.

وأما تفسير الحبس بالمنع من الحديث ، فهو صحيح لغة ، لكنه لا يختلف عن المعنى الأول في شئ حتى يعتبره العجاج «جيدا» وكأن المعنى الأول ليس بجيد.

فالمنع من الحديث هو مغزى الحديث ، ومغزى كل الآثار المذكورة عن عمر في معاملته مع الصحابة ، وهو الأمر الذي يتصدى العلماء لتوجيهه.

وأما قول العجاج ـ توضيحا لتفسير ابن البري ـ : يريد أنه منعهم كثرة الحديث خوفا أن لا يتدبر السامعون ... إذا كثر عليهم.

فهذا تصرف غير أمين ، لأن ابن البري يقول : «منعهم الحديث عن رسول الله» ، والعجاج يقو ل : «يريد منعهم كثرة الحديث».

فكلمة «كثرة» زادها العجاج موهما أن ابن البري يريدها ، وهو لا يريدها ، ولو أرادها لأضافها في كلامه.

بغض الحديث ومعارضة تدوينه ، خلق في آل عمر :

نقلت آثار تدل على أن معارضة الحديث وبغضه أمر أصبح خلقا في آل عمر.

قال الشعبي : «جالست ابن عمر سنة ، فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا» (٥٥).

__________________

(٥٣) أنظر : ص ٢١ رقم ٤ حديث (٢).

(٥٤) أنظر : ص ٢١ ، رقم ٤.

(٥٥) الحديث والمحدثون ـ لأبي زهو ـ : ٦٨.

٤٤

وروي عن حفصة بنت عمر أنها كانت تعارض تدوين الحديث (٥٦).

وقال سفيان بن عيينة : دخلت على العمري ـ يعني الرجل العابد من آل عمر ـ فقال : ما أحد من الناس ـ يدخل علي ـ أحب إلي منك ، إلا أن فيك عيبا!

قلت : وما هو؟!

قال : تحب الحديث (٥٧).

وقال سعيد بن المسيب : كتب إلي أهل الكوفة مسائل ألقى فيها ابن عمر ، فلقيته ، فسألته من الكتاب ، ولو علم أن معي كتابا لكانت الفيصل فيما بيني وبينه (٨).

منع الحديث سنة للحكام :

لقد أصبح منع الحديث سنة اتبعها الحكام.

قال الشيخ محمد أبو زهو :

وقد تتابع الخلفاء على سنة عمر «فلم يشأ أحدهم أن يدون السنة ، ولا أن يأمر الناس بذلك حتى جاء عمر بن عبد العزيز» (٥٩).

أقول : وكذلك لم يشأ أحد منهم أن ينقل الحديث وينشر إلا ما كان على عهد عمر.

فكانوا يعلنون أن منهجهم في ذلك منهج عمر ، وقاموا بما قام به عمر من تهديد الصحابة.

والآثار المنقولة كثيرة جدا نكتفي بما يلي :

__________________

(٥٦) ذم الكلام ـ للهروي ـ :

(٥٧) أنظر ترجمة سفيان.

(٥٨) تقييد العلم : ٤٤.

(٥٩) الحديث والمحدثون : ١٢٦.

٤٥

١ ـ عثمان يمنع رواية الحديث :

قال محمود بن لبيد : «سمعت عثمان على المنبر يقول : لا يحل لأحد يروي حديثا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم أسمع به في عهد أبي بكر ، ولا عهد عمر» (٦٠).

وهذا النص يدل على أن الممنوع في عهد عثمان ، هو الممنوع في عهد أبي بكر وعمر ، وقد أثبتنا أن الممنوع في ما سبق عهد عثمان إنما هو الحديث ، لا مجرد الاقلال منه ، فالممنوع في عهد عثمان ـ أيضا ـ كذلك.

لكن محمد عجاج الخطيب يحاول التمويه في هذا أيضا فيقول : «روي عن عثمان أنه اتبع منهج عمر في الإكثار من الرواية (٦١) ثم أورد رواية محمود بن لبيد ، مع أن الرواية لا تحتوي على كلمة «الإكثار» فلاحظ.

وقد فعل عثمان بأبي هريرة ما فعله عمر ، من تهديده بالإبعاد ، فقال له : «ما هذا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد أكثرت ، لتنتهين أو لألحقنك بجبال دوس» (٦٢).

٢ ـ معاوية يعارض الحديث :

١ ـ قال رجاء بن حياة : «كان معاوية ينهى عن الحديث ، ويقول : لا تحدثوا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٦٣).

٢ ـ روى ابن عدي ، عن إسماعيل بن عبيد الله : أن معاوية نهى أن يحدث

__________________

(٦٠) الطبقات لابن سعد ٢ / ٢ / ١٠٠ ، مسند أحمد ١ / ٢ ـ ٣٦٣.

(٦١) السنة قبل التدوين : ٩٧.

(٦٢) المحدث الفاضل ، والسنة قبل التدوين : ٤٥٩ ـ ٤٦٠ ، وانظر أضواء على السنة المحمدية ـ لأبي رية ـ : ٥٤.

(٦٣) الفقيه والمتفقه ـ للخطيب ـ ١ / ٧.

٤٦

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحديث ، إلا حديث ذكر على عهد عمر ، فأقره. عمر.

إن عمر كان قد أخاف الناس في الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم (٦٤).

٣ ـ وروى ابن عساكر : «كان معاوية يقول على منبر دمشق : إياكم والأحاديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلا حديثا ذكر على عهد عمر (٦٥).

وفي صحيح مسلم ، عن اليحصبي ، قال : سمعت معاوية يقول : إياكم وأحاديث ، إلا حديثا كان في عهد عمر ، فإن عمر كان يخيف الناس في الله عزوجل (٦٦).

وقال معاوية : «ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث ، قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه».

فقام عبادة بن الصامت ، وعارضه (٦٧).

٣ ـ الحجاج يمنع الصحابة من الحديث :

ذكر ابن الأثير : «كان الحجاج الثقفي قد ختم في يد جابر بن عبد الله ، وفي عنق سهل بن سعد الساعدي ، وأنس بن مالك ، يريد إذلالهم ، وأن يجتنبهم الناس ولا يسمعوا منهم» (٦٨).

ومن قرأ التاريخ وتابع أحداثه ، وتدبر مجرياته ، لا يخفى عليه أن الذي فسح للحجاج أن يقوم ـ بهذه الجرأة ـ بإذلال الصحابة الكرام هكذا ويمنع الناس من سماع حديثهم ، إنما هي تلك الإجراءات المعادية التي اتخذت ضد الحديث والسنة النبوية إلى حد الحبس والتبعيد والتهديد لمن نقل حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(٦٤) الكامل ـ لابن عدي ـ ١ / ٣٣ ، ومسند أحمد ٤ / ٩٩.

(٦٥) تاريخ دمشق ـ لابن عساكر ـ ٣ / ٢٦٠.

(٦٦) صحيح مسلم ٢ / ٧١٨ كتاب الزكاة ، باب النهي عن المسألة.

(٦٧) صحيح مسلم ٣ / ١٢١٠ باب الصرف وبيع الذهب.

(٦٨) أسد الغابة ـ لابن الأثير ـ ١ / ٤٧١ ، الطبعة الحديثة.

٤٧

آثار تلك الإجراءات :

ولقد أثرت تلك الإجراءات ما أريد منها ، من منع تدوين الحديث ، ونكتفي نحن بما سجلناه في كتاب «التدوين» من تلك الآثار عن إعادته هنا.

ومما قلناه هناك ما نصه :

ومهما كانت الأسباب التي دعت إلى منع تدوين الحديث ، إلى جانب منع روايته ونقله ، فإن الأمر الذي ليس لأحد إنكاره هو أن الحديث قد منع ـ فعلا ـ كتابة وتدوينا ، ورواية وتحديثا لفترة طويلة ، وقد أثر ذلك آثارا سيئة ، سواء أراد المانعون أم لم يريدوا! وسواء رضي المدافعون عنهم ، أم غضبوا! وقد عبر البيهقي عن هذه الآثار  ـ في دلائل النبوة ـ لما عنون لأحاديث " الأريكة " بقوله : «باب ما جاء في إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بشبعان على أريكته ، يحتال في رد سنته ، بالحوالة على ما في القرآن من الحلال والحرام ، دون السنة ، فكان كما أخبر ، وبه ابتدع من ابتدع ، وظهر الضرر (٦٩).

وأهم تلك الآثار اختفاء جملة كبيرة من السنة النبوية :

وقد فصلنا الكلام عن ذلك ، إلا أنا نذكر بعض الحقائق الواردة هناك :

فقرظة بن كعب الذي روى خبر منع عمر لوفد الكوفة عن الحديث ، يقول  ـ بعد نقله لذلك الخبر ـ : «فما حدثت بشئ ، وقد سمعت كما سمع أصحابي» (٧٠).

وأبو هريرة يخفي حديثا كثيرا خوفا من تهديدات عمر ، فقد روى عنه المقبري أنه قال : «حفظت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته في الناس ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم؟!» (٧١).

فأي شئ أوجب أن يصير نقل السنة الشريفة سببا لقطع بلعوم شخص مثل

__________________

(٦٩) دلائل النبوة ٦ / ٥٤٩.

(٧٠) سنن الدارمي ١ / ٧٢ ح ٢٨٥ و ٢٨٦.

(٧١) تذكرة الحفاظ ١ / ٣٥ ، صحيح البخاري ١ / ٤١ كتاب العلم ، باب حفظ العلم.

٤٨

أبي هريرة راوية الإسلام!؟

وماذا يعوض عن الوعاء الثاني الذي لم يبثه هذا الراوي؟!

وماذا يعوض عن الصحف التي أبيدت والكتب التي أحرقت؟!

وقال الشيح محمد أبو زهو : «كاد القرن الأول ينتهي ، ولم يصدر أحد من الخلفاء أمره إلى العلماء بجمع الحديث ، بل تركوه موكولا إلى حفظهم ، ومرور هذا الزمن الطويل كفيل بأن يذهب بكثير من حملة الحديث من الصحابة والتابعين (٧٢).

أقول : بالرغم من اعترافه بذهاب الكثير من حملة الحديث الذي يستلزم بالطبع ذهاب جملة كبيرة كذلك من الحديث الشريف نفسه ، فإنه صور أن سبب ذلك عدم إصدار الخلفاء أو عدم أمرهم بالجمع لها ، ولكنه أغفل منعهم عن الجمع والتدوين.

فلو أنهم لم يعارضوا تدوين الحديث ، وتركوا علماء الأمة على طبيعة حالهم لكان العلماء أحرص الناس على تدوين الحديث وكتابته.

بل ، ليت الخلفاء لم يحرقوا ما كتبه العلماء وجمعوه من الحديث.

وكذلك قوله : «بل تركوه موكولا إلى حفظهم».

يريد أن يوهم من طرف خفي إلى أن الحلفاء كانوا يوعزون إلى حفظه ، وكأنهم يريدون ذلك.

لكنه تغافل عما أوردناه في هذا البحث من الحقائق الكاشفة عن أنهم كانوا يريدون إخفائه وإبادته ، حيث منعوا حتى تداوله ونقله ونشره وإذاعته.

ولو ذكر منع التدوين ، ومنع النقل ، لكان أوصل إلى النتيجة التي ذكرها عن ذهاب جملة كبيرة من الحديث.

* * *

__________________

(٧٢) الحديث والمحدثون. ١٢٧.

٤٩

موقف أهل البيت عليهم‌السلام وأتباعهم من هذه الإجراءات :

وبالرغم من كل تلك الإجراءات ، فإنا نعتقد أن السنة النبوية بقيت مصونة من أن يطالها أولئك بسوء.

ودليلنا على ذلك أن الحديث الشريف هو واحد من أعمدة هذا الدين الذي وعد الله ببقائه ، واعتلائه ، ونصره على الدين كله ولو كره المشركون.

فكيف يمكن أن يتطاول على واحد من أعمدته؟!

مع أن المخلصين لهذا الدين ، والمبلغين للإسلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تصدوا لتلك الإجراءات بكل ما لديهم من حول وطول ، وأحاطوا الحديث الشريف بكل ما يملكون من أدوات الحفظ والصيانة والضبط.

فمن المجموعة الكبيرة التي حفظوها بالكتابة والتقييد بأيد أمينة ، إلى المجموعة الأخرى التي تناقلتها الألسنة الصادقة بعد الحفظ في قلوب واعية ذكية وأفئدة تحترق لهذا الدين ، وتختلج في سبيله ، وتنبض بحياته.

أولئك المخلصون من الصحابة الذين استرشدوا بهدي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم.

وأساس ذلك ما قام به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عصره ، ببث الحديث ، والحث على نشره ، وحفظه ، وإبلاغه وقد اشتهر قوله : «نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وأداها إلى من لم يسمعها».

وقوله : «بلغوا عني ، ولو آية».

وقوله : «اكتبوا ، ولا حرج» في حديث رافع بن خديج الذي استأذنه في كتابة ما يسمع من حديثه.

وذلك الحديث يدل على أن الصحابة ـ في عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ـ وبمرأى منه ومسمع ، كانوا يعقدون الحلقات يتذاكرون فيها ما يسمعون من

٥٠

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧٣).

فقام أولئك المخلصون من الصحابة الكرام بتدوين الحديث في عصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعده ، من دون توان أو انقطاع ، ومن دون انصياع لأوامر الحكام بالمنع عن التدوين ، وخلفوا لنا الحديث الشريف مصونا في صحفهم الكريمة.

وكذلك عارضوا إجراءات منع نقل الحديث وروايته ، وقاموا بنشره ، حتى لجأ الحكام إلى جلب بعضهم إلى المدينة وحبسهم ، لكن ذلك لم يمنعهم عن الاستمرار على أداء ذلك الواجب المقدس تبعا لأئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، الذين كانوا يحثون الأمة على سماع الحديث والمذاكرة به ونقله وحمله وأدائه ونشره.

فهذا أمير المؤمنين علي عليه‌السلام يقول :

«تذاكروا الحديث ، وتزاوروا ، فإنكم إن لم تفعلوا يدرس» (٧٤).

وهذا صد لأهم آثار المنع ، وهو اندراس الحديث وذهابه واختفاؤه.

وأبو ذر الغفاري :

ذلك الصحابي الصادق الذي قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة ، أصدق من أبي ذر» (٧٥). وقف من إجراءات منع الحديث موقفا شديدا صارما ، بصراحة :

قال الراوي : «أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى ، وقد اجتمع الناس عليه ، يستفتونه.

فأتاه رجل ، فوقف عليه ، ثم قال : ألم تنه عن الفتيا؟! فرفع رأسه إليه ، فقال : أرقيب أنت علي؟! لو وضعتم الصمصامة على هذه ـ وأشار إلى قفاه ـ ثم ظننت أني

__________________

(٧٣) لاحظ فيما سبق حديث رافع ، وانظر : السنة قبل التدوين : ١٣٥.

(٧٤) سنن الدارمي ١/ ١٢٢ ح ٦٣٢. ومعرفة علوم الحديث ـ للحاكم ـ: ٦٠ و ١٤٦ ، وشرف أصحاب الحديث: ٦٩.

(٧٥) مسند أحمد ٥ / ١٩٧. سنن الترمذي ٥ / ٦٦٩ ح ٣٨٠١ و ٣٨٠٢ باب مناقب أبي ذر رضي‌الله‌عنه.

٥١

انفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن تجيزوه علي ، لأنفذتها!» (٧٦).

وبهذه الصراحة ، والصلابة ، والقوة ، وقف أبو ذر من إجراء المنع وأعلن رفضه له

ويلاحظ في هذا النص وجود الرقابة على أبي ذر كي لا يحدث الناس بما سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ويدل اختيار أبي ذر للزمان والمكان على عنايته الفائقة بأمر معارضته.

أما الزمان ، فهو الموسم ، وفي منى حين يجتمع أكبر عدد من المسلمين الوافدين للحج.

وأما المكان ، فعند الجمرة الوسطى ، حيث يجتمع الناس عندها ، الصاعد منهم إلى العقبة ، والهابط إلى الجمرة الصغرى.

وفي قول الرقيب لأبي ذر «ألم تنه» دلالة واضحة على كون أبي ذر قد بلغ بالنهي عن الحديث ، ولكنه لم يأبه به.

ووجود الرقابة على أبي ذر ، وكلامه مع الرقيب ، يدلان على وجود معارضة قوية لإجراءات الحكومة ، لمنع الحديث.

وعبد الله بن عباس :

حبر الأمة وعالمها ، يقف من إجراء منع الحديث موقفا صلبا ، ـ بعد أن عارض منع تدوينه ، فكتب الصحف وأمر بكتابتها ـ ، فقال : «تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم ، فإنه ليس مثل هذا القرآن مجموع محفوظ.

وإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث ينفلت منكم.

ولا يقولن أحدكم : حدثت أمس ، فلا أحدث اليوم.

__________________

(٧٦) سنن الدارمي ١ / ١١٢ ، والبخاري في صحيحه ١ / ٢٧ من قوله : «لو وضعتم» ، وحجية السنة : ٣ ـ ٤٦٤.

٥٢

بل ، حدثت أمس ، ولتحدث اليوم ، ولتحدث غدا " (٧٧).

وفي هذا منتهى التشديد في معارضة المانعين لنقل الحديث.

ولا غرو من مثل ابن عباس ، فإنه تلميذ أمير المؤمنين عليه‌السلام وربيبه.

وهكذا وقف المخلصون لهذا الدين موقف الرفض والمعارضة لكل إجراءات الخلفاء والحكام لمنع الحديث.

ووقفنا نحن شيعة أهل البيت عليهم‌السلام مع أولئك المخلصين فنرفض كل أشكال التعدي على السنة المطهرة ، ونلتزم بوجوب كتابتها وضبطها بدقة تامة ، ثم نقلها وتبليغها ونشرها بأوسع مدى ، كي تستبين للمسلمين السبل العادلة ، الموصلة إلى الحق المبين.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

* * *

__________________

(٧٧) سنن الدارمي ١ / ١١٩ رقم ٦٠٦.

٥٣

مصادر البحث :

١ ـ إحكام الأحكام ، لابن حزم.

حققه لجنة من العلماء ، الطبعة الثانية ـ دار الجيل ـ بيروت ١٤٠٧ ه.

٢ ـ أخبار المدينة المنورة ، لابن شبة.

تحقيق شلتوت ، طبع جدة.

٣ ـ أسد الغابة إلى معرفة الصحابة ، لابن الأثير.

الطبعة الحديثة ، تحقيق محمد أحمد عاشور ـ دار الشعب ـ القاهرة.

٤ ـ أضواء على السنة المحمدية ، لأبي رية.

دار المعارف ـ مصر.

٥ ـ الالماع ، للقاضي عياض.

تحقيق السيد أحمد صقر ـ مصر.

٦ ـ البداية وا لنهاية ، تاريخ ابن كثير.

دار الفكر ـ بيروت.

٧ ـ تاريخ دمشق لابن عساكر.

طبع دمشق ، ج ٣ وج ٣٩.

٨ ـ تأويل مختلف الحديث ، لابن قتيبة.

صححه محمد زهري النجار ـ دار الجيل ـ بيروت ١٣٨٦ ه.

٩ ـ التدوين ، للسيد محمد رضا الحسيني الجلالي.

تحت الطبع.

١٠ ـ تذكرة الحفاظ ، للذهبي.

المطبعة العثمانية ـ حيدر آباد ، أوفسيت دار إحياء التراث ـ العربي ـ بيروت.

١١ ـ تقييد العلم ، للخطيب البغدادي.

٥٤

تحقيق وتقديم ، يوسف العث ، الطبعة الأولى ، سنة ١٩٤٩ م.

الطبعة الثانية ـ دار إحياء السنة النبوية ـ ١٣٩٥ ه.

١٢ ـ تلخيص الذهبي ، للمستدرك على الصحيحين.

طبع بذيل المستدرك.

١٣ ـ تهذيب التهذيب ، لابن حجر العسقلاني.

المطبعة العثمانية ـ حيدر آباد ـ الهند ١٣٢٥ ه.

١٤ ـ جامع بيان العلم وفضله ، لابن عبد البر القرطبي.

إدارة الطباعة المنيرية ـ مصر ـ ودار الكتب العلمية ـ بيروت.

١٥ ـ الجامع لأخلاق الراوي والسامع.

١٦ ـ حجية السنة ، للدكتور الشيخ عبد الغني عبد الخالق.

المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، واشنطن ـ دار القرآن ا لكريم ، بيروت ١٤٠٧ ه.

١٧ ـ الحديث والمحدثون ، لمحمد محمد أبو زهو.

١٨ ـ دلائل ا لنبوة ، للبيهقي.

١٩ ـ ذم الكلام ، للهروي.

نقلنا عنه بواسطة بعض المصادر.

٢٠ ـ السنة قبل التدوين ، لمحمد عجاج الخطيب.

٢١ ـ سنن الدارمي.

تحقيق السيد عبد الله هاشم يماني ، المدينة المنورة ١٣٨٦ ه.

٢٢ ـ سنن ابن ماجة.

٢٣ ـ شرف أصحاب الحديث ، للخطيب البغدادي.

تحقيق محمد سعيد الخطيب اوغلي ـ جامعة أنقرة ١٩٧١ م.

٢٤ ـ الصحاح في اللغة ، للجوهري.

٢٥ ـ صحيح البخاري.

الطبعة اليونينية ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٥٥

٢٦ ـ صحيح مسلم.

طبعة محمد فؤاد عبد الباقي.

٢٧ ـ طبقات ابن سعد.

طبعة ليدن ، ودار صادر ـ بيروت.

٢٨ ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني.

طبع مصر ـ بولاق ١٣ ه.

٢٩ ـ الفقيه والمتفقه ، للخطيب البغدادي.

تحقيق علي السيد.

٣٠ ـ الكامل في الضعفاء ، لابن عدي.

الطبعة الأولى ـ بيروت.

٣١ ـ الكنى والأسماء للدولابي.

المطبعة العثمانية ـ حيدرآباد ـ الهند.

٣٢ ـ كنز العمال ، للمتقي الهندي.

الطبعة الأولى ـ المطبعة العثمانية ـ حيدر آباد ـ الهند.

والثانية ...

٣٣ ـ محاسن الاصطلاح ، للحافظ البلقيني.

طبع مع مقدمة ابن الصلاح تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن.

دار الكتب المصرية ١٩٧٤.

٣٤ ـ ا لمحدث الفاصل ، للرامهرمزي.

٣٥ ـ المستدرك على الصحيحين ، للحاكم النيسابوري.

المطبعة العثمانية ـ حيدر آباد ـ الهند.

طبعه بالأوفسيت ـ دار الفكر ـ بيروت ١٣٩٨ ه.

٣٦ ـ مسند أحمد بن حنبل.

الطبعة الأولى ـ مصر في ستة مجلدات.

٥٦

الطبعة الثانية ، تحقيق أحمد محمد شاكر ـ مصر.

٣٧ ـ المصنف ، لعبد الرزاق الصنعاني.

تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ـ المكتب الإسلامي ـ بيروت ١٣٩٢ ه.

٣٨ ـ معرفة علوم الحديث ، للحاكم النيسابوري.

تحقيق معظم حسين.

٣٩ ـ الملل والنحل ، للشهرستاني.

تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل ـ مؤسسة الحلبي ـ مصر ١٣٨٧ ه.

٤٠ ـ منهج النقد في علوم الحديث ، للدكتور نور الدين عتر.

دار الفكر ـ دمشق ـ

* * *

٥٧

من التراث الأدبي المنسي في الأحساء

حسن العيثان

الشيخ جعفر الهلالي

بعد هذه الفترة من الانقطاع عن متابعة حديثنا حول الشعراء المنسيين من أدباء الأحساء ، ولأسباب خارجة عن إرادتنا ، معتذرين في ذلك للقارئ العزيز ، نتابع ما توقف من ذلك الحديث ، مستعرضين في هذا العدد حياة أحد هؤلاء الشعراء وهو الشاعر حسن العيثان.

حسن العيثان

هو الشيخ حسن بن الشيخ عبد الله بن الشيخ علي بن أحمد آل عيثان الأحسائي القاري.

وآل عيثان من الأسر المعروفة في الأحساء ، اشتهر كثير من أفرادها بالعلم والأدب.

ولادته :

ولد المترجم الشيخ حسن في قرية (القارة) من قرى الأحساء عام ١٢٧٦ ه ، وبها نشأ وترعرع ، فدخل الكتاتيب وقرأ القرآن ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة.

٥٨

دراسته العلمية :

أخذ هو وأخوه الشيخ علي ـ وكان يكبره سنا ـ على يد ابن عمهما الشيخ علي ابن أحمد آل عيثان ، فقرأ عنده مبادئ العلوم من نحو وصرف وغيرهما ، ثم وبعد عودة أخيهما الأكبر الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله ـ وكان من أهل الفضل ـ حضرا عنده في الفقه والأصول.

عرف المترجم بعد ذلك بفضيلته العلمية والأدبية ، وكان بالإضافة إلى ذلك يزاول الخطابة الحسينية.

شعره وأدبه :

كان المترجم أديبا شاعرا نظم الشعر في أكثر من مناسبة ، إلا أن أغلب شعره قد افتقد ، ولم يبق منه إلا النزر اليسير كما سترى.

وفاته :

توفي المترجم في الأحساء عام ١٢٤٨ ه ، كما جاء ذلك عن ولده الخطيب الحاج ملا عبد الحسين آل عيثان.

نماذج من شعره :

عثرنا للمترجم على مجموعة يسيرة من قصائده وتخاميسه ، فمنها هذه القصيدة التي رثى بها الإمام الحسين عليه‌السلام حيث قال :

تذكرت المعابد والربوعا

ففارقت المسرة والهجوعا

منازل أقفرت من ساكنيها

فما ترجو لساكنها رجوعا

وصفت بها فما وقفت دموعي

أسائلها كأن بها سميعا

وماذا تنكر العرصات مني

وقد رويت ساحتها دموعا

٥٩

سقى الله الديار ملث وبل

سحابا مغدقا خضلا هموعا

وما برحت بروق المزن تهمي

إلى الأطلال بارقة لموعا

وركب من سراة بني علي

عن الأوطان قد رحلوا جميعا

يؤمهم فتى العليا حسين

قد اتخذ الحسام له ضجيعا

وأسمر ناظر مهج الأعادي

بعين تنفث السم النقيعا

بدور أشرقت والنقع ليل

وقد جعلوا القلوب لهم دروعا

تخالهم على الجرد العوادي

كواكب حلت الفلك الرفيعا

متى أنقضت لرجم بني زياد

تكاد تطير أنفسهم نزوعا

ولاكهم وقد بدت المنايا

لأعينهم فما أبدوا خضوعا

ومما أثكل الدنيا وأجرى

مدامعها دما قان نجيعا

تساهمهم سجال الحرب حتى

تهاووا في ثرى الرمضا وقوعا

وعاد بياضي شكلهم برمل

نقي الخد نكسيا صريعا

وفيها يذكر وحدة الحسين عليه‌السلام ومصرعه فيقول :

وعن حرم الإله غدا يحامي

عديم النصر خشية أن يضيعا

ولما أنشبت فيه المنايا

مخالبها وقد ساءت صنيعا

أراش له القضا سهما فأومى

فؤاد الدين بل حطم الضلوعا

دعاه مليكه لجوار قدس

وجنات فلباه مطيعا

هوى بهويه عمد المعالي

وحبل الدين قد أمسى قطيعا

ورب مروعة برزت ولما

تجد غير السياط حمى منيعا

وتهتف بالسراة بني نزار

فما وجدت لدعوتها سميعا

عناها ما تعاني من أيامى

وأيتام كسرب قطا أريعا (١)

__________________

(١) استللنا هذه القصيدة من مجموعة شعرية كانت لدى الأديب جواد الرمضان في الأحساء.

٦٠