الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته

الدكتور محمد حسين علي الصّغير

الامام علي عليه السلام سيرته وقيادته

المؤلف:

الدكتور محمد حسين علي الصّغير


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة العارف للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٠

(١٣)

تهذيب النفس الإنسانية لدى الإمام

في إدارة الحكم الإسلامي

ولم تكن تطلعات الإمام القيادية تنحصر في تدبير الجيوش ، وإعداد البعوث ، وإدارة دفة الحكم ، وتعاهد الولاة والعمال ، ولكنه كان إلى جنب ذلك معنيّاً عناية خاصة بتهذيب النفس الإنسانية ، وإصلاح الذات عند المسلمين ، باعتبارهما النواة في خلق جيل جديد يواكب النهج الإسلامي الجديد في صقل الطباع وتيقظ الضمائر.

تسلم عليٌّ عليه‌السلام الحكم فواجهته أحداث كبار جرّت إلى حروب كبار أيضاً ، فقد بُليَ بجبروت الناكثين ، وتهور المارقين ، وطغيان القاسطين ، فعالج ذلك بما رأيت وقرأت.

ودهمته الأثرة وحب الشهوات ، وتطاول الناس بما فيهم الصحابة أو بعض الصحابة وقسط من أبناء المهاجرين والأنصار إلى المناصب الرفيعة والولايات الفارهة ، فولّى من له أهلية الحكم ، وعزل من لا يستقيم معه أمر الدين ، وفجأه إنحراف السلوك الوظيفي للفرد فأراد تقويمه والعودة به إلى الحضيرة الإسلامية ، وهذا يعني بذل الجهد الإضافي الحثيث ليعادل التوازن ، ويعالج تدهور الأولاع والرغبات كما يقول علماء النفس.

٣٤١

فينتزع حب المال من النفوس ، وشهوة الحكم لدى الطالبين ، والتقوقع على الذات عند السواد. فقد بُلي الإمام بطبقة من الناس تستهويها شهرة الأسماء ـ مضافاً إلى ما تقدم ـ دون النظر في حقائق الأشياء ، وكان هذ الابتلاء يستوي به عليّة القوم ، وضعفة الرجال ، وأقرب الناس إليه ، وأبعدهم عنه.

فهذا محمد ابن الحنفية وهو ابنه ، وهو في الذروة من الورع والحيطة ، قد يستعظم منزلة الزبير ، وسابقة طلحة ، وأمومة عائشة ، فتمتلكه الحيرة حيناً ، ويذهب به التساؤل حيناً آخر ، فيجبهه الإمام ببديهة صارمة تصادر الحيرة ، وتجيب عن التساؤل ، ويقول له :

« يا بني إنك ملبوس عليك ، لا يعرف الحق بالرجال ، إعرف الحق تعرف أهله ».

وكتب إليه عامله على المدينة سهل بن حنيف يخبره أن طائفة من أبنائها يرغبون عنه ، ويتسللون إلى الشام سراً أو علناً ، فكتب إليه الإمام يعزيه عن هؤلاء ، وينهاه عن إرغامهم على الطاعة ، وترك الحرية لهم في التنقل حيث شاؤوا فهم أصحاب دنيا ، لا أصحاب دين.

ويخلص إليه أهل السواد ويقصدون الكوفة في شؤونهم ؛ فيخلو الإمام إلى رجل من أهل الرساتيق ويسأله عن حال قومه :

« أخبرني عن ملوك فارس كم كانوا؟ ».

فيجيبه الفارسي :

« كانت ملوكهم في هذه المملكة الآخرة اثنين وثلاثين ملكاً ».

ويريد الإمام أن يقول كلمته لهذا المجتمع الغارق بأحلامه العابرة ، فيسأله :

٣٤٢

« فكيف كانت سيرتهم؟ » فيقول الفارسي :

« ما زالت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة ، حتى ملكنا كسرى بن هرمز ، فأستأثر بالمال والأعمال ، وخالف أولينا ، وأخرب الذي للناس ، وعمّر الذي له ، واستخفّ بالناس ، فأوغر نفوس فارس ، وثاروا عليه فقتلوه ».

فقال الإمام عليه‌السلام ، وهو يعني ما يقول :

« إن الله عز وجل خلق الخلق بالحق ، ولا يرضى من أحد إلا بالحق ، وفي سلطان الله تذكرة مما خوّل الله ».

وعناية الإمام في هذا الجانب تدعوه أن يذكّر الناس بالآخرة ، وطالما فعل ذلك ، وتدعوه أيضاً إلى تزهيدهم بالدنيا ، وطالما فعل ذلك أيضاً ، فهو يخطب بالناس في أكثر من موضع وموضع مؤكداً هذا الملحظ للعودة بالناس إلى الدين ، فقد قال في جملة ما قال من خطبة له :

« أخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل ان تخرج منها أبدانكم ، ففيها أختبرتم ، ولغيرها خلقتم ، إن المرء إذا هلك قال الناس ما ترك؟ وقالت الملائكة ما قدّم ».

ولكن القوم قد تمكنت منهم الدنيا ، فعليّ عليه‌السلام يريد أن يدّبر أمر الدين ، وهم يريدون أن يدبروا أمر الدنيا ، فهما مختلفان. جاءه عبد الله بن زمعة يستميحه عطاءً إضافياً من بيت المال ، فنهره بقوله :

« هذا المال ليس لي ، ولا لك ، إنما هو فيء المسلمين ، وجلب أسيافهم ، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم ، وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم ».

٣٤٣

وكان عليّ عليه‌السلام يطبق هنا التوجيه بسيرة عملية صارمة ، عزف فيها عن السرف ، وجنح فيها إلى الزهد حتى توجه إلى من أراد أن يلتزم سيرته هذه ، فقال له : « إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره ».

ويلحظه أحدهم وهو يرتعد برداً في قطيفة سملة ويقول للإمام : « يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهلك في هذا المال نصيباً ، ثم أنت تفعل هذا بنفسك؟ ».

فيقول الإمام :

« ما أرزأكم شيئاً. وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من المدينة ».

وهذا أخوه عقيل بن أبي طالب ، يستميحه شيئاً فوق نصيبه من بيت المال ، فيقول له الإمام : « إذا خرج عطائي فهو لك ». فقال عقيل : « وما يبلغ مني عطاؤك ».

فأسرَّها الإمام في نفسه ، ولقنه درساً بليغاً ، ليتعظ غيره بذلك ، فأحمى حديدة قربها منه فضجّ عقيل منها ، فقال الإمام :

« ثكلتك الثواكل يا عقيل ، أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، وتجرني إلى نار سجّرها جبارها لغضبه ، أتئن من أذى ، ولا أئن من لظى ».

وبلغه أن قاضيه شريح بن الحارث قد اشترى لنفسه داراً ، فأراد استيقان الخبر ، حتى إذا صدق استدعى شريحاً ووعظه قائلا : « بلغني أنك ابتعت داراً بثمانين ديناراً ، وكتبت كتاباً وأشهدت فيه شهوداً ». فقال شريح : « لقد كان ذلك يا أمير المؤمنين ».

٣٤٤

فنظر إليه الإمام نظرة اقتلعته من مكانه ، وقال له :

يا شريح : أما أنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك ، ولا يسألك عن بينتك حتى يخرجك منها شاخصاً ، ويسلمك إلى قبرك خالصاً ، فانظر يا شريح لا تكون ابتعت هذه الدار من غير مالك ، أو نقدت الثمن من غير حلالك ، فإذا أنت قد خسرت دار الدنيا ودار الآخرة ».

وكان منهج الإمام هذا حرياً بأن يصلح شيئاً من النفوس ، أو يخفف من غلوائها في الأقل من التهافت على الدنيا ، والانغماس بمباهجها ، ولكن هذا النهج أيضاً قد يرضي قوماً ، وقد يسخط آخرين ، قد يجمع حوله القليل ، وقد ينفضّ عنه الكثير ، وقد أدرك الإمام هذا الملحظ إدراكاً عميقاً ، فقال : « لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة ، ولا تفرقهم عني وحشة ، ولو أسلمني الناس جميعاً لم أكن متضرعاً ».

ولم يكن الإمام لتعجزه الحيلة في تحقيق المأرب وإدارة الحكم كما يديره غيره من الساسة ، ولكنه يعرض عن ذلك صفحاً ، وينأى عنه جانباً إذ التمس كل ذلك من الطريق المستقيم الذي استنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وهذه الإستقامة عند الإمام هي التي ذهبت به كل مذهب في الصرامة ، غير متهاود فيها ، ولا متهاون عنها ، حتى قال : « الضعيف الذليل عندي قويٌ حتى آخذ الحق له ، والقوي العزيز عندي ضعيف ذليل حتى آخذ الحق منه ».

ولو قدر للإمام أن يطبق سياسته هذه بتفاصيلها ، ويمثل منهجه بمفرداته كافة ، لانتقل بالإسلام والمسلمين إلى عالم رحيب أوسع ، رأيت فيه من الخير العميم ما يذهل العقول ، ولكن الإمام غلب على

٣٤٥

أمره بالفتن والمحن ، كما غلب على رأيه بالمعارضة الجافة ، حتى قيل أن علياً لا علم له بالحرب ، ولا صبر له على القتال ، وشواهد العيان تأبى ذلك ، ودلائل الحدثان تنفي هذا الزعم المتهافت.

وهو بأزاء هذا السبيل ينادي أؤلئك :

« ويلكم أتتوقعون اماماً غيري يطأ بكم الطريق »؟

وحتى صرح غير مرة :

« لقد ملئتم قلبي قيحاً ، وشحنتم صدري غيظاً ».

وحتى التفت إلى أهل الكوفة قائلاً : « وددت أن معاوية صارفني فيكم صرف الدينار بالدرهم ، فأعطاني واحداً وأخذ مني عشرة ، أمير أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه ، وأميركم يطيع الله وأنتم تعصونه ».

لقد أفسدوا على الإمام رأيه بالعصيان ، حتى فقدوا مصداقية الإمتثال له ، وحتى طمع فيهم معاوية وجردّهم عن كل شيء ، وقادهم بل ساقهم بين يديه سوق الأماء ، حتى قيل أن معاوية أدهى من علي ، وبلغه ذلك فقال :

« والله ما معاوية بأدهى مني ، ولكنه يغدر ويفجر ، وكل غدرة فجرة ، وكل فجرة كفرة ، وكل كفرة في النار ».

وكان الإمام عليه‌السلام عازماً على تنقية الطباع وترويض الغرائز ، وكانت الأطماع تمتلك النفوس ، وكان التآمر المتتابع يحبك الدسائس لإفشال الإمام بمسيرته ، وإسقاط النظام في تطلعاته الإنسانية المتألقة ، فعليٌ عليه‌السلام كان يدبر أمر الدين بقوة وعزيمة ، وأعداؤه يدبرون أمر الدنيا بنهم وجشع ، وكان أمر الدين قد تضاءل ، وأمر الدنيا قد أقبل ، وكانت القلّة من المؤمنين أنصاراً للإمام في إقام الدين ، وكانت الكثرة

٣٤٦

من أعوان معاوية عضده في بناء الدنيا ، والناس بعامة أبناء الدنيا ، ولا يلام المرء في حب أمه ، فتطاول الباطل على الحق حقبة قيادة الإمام للأمة ، وكان ظل الحق يكاد ينحسر ، وكان شبح الباطل قد أظل ، فشرق الإمام بغصته لهذه الظاهرة الشاذة ، فالباطل لا يدوم ولو دام دمّر ، وقد استدام معاكساً لمسيرة الإمام ، ومضاداً لثورة الإمام ، فأورث ذلك المسلمين ندماً مريراً ، وأورث الإسلام تعثراً مريعاً ، حتى ظن بالإمام الجزع حين قال : « متى ينطلق أشقاها فيخضب هذه من هذا ».

مشيراً إلى كريمته ورأسه ...

وظاهرة أخرى كانت تقلق الإمام وتزيد من آلامه ، فهو يرى البعوث قد تعثرت ، والفتوح قد توقفت ، ومسلمة الفتوح بعد كمسلمة الفتح من ذي قبل ، لا يعرفون من الإسلام إلا إسمه ، ولا يعون من الفرائض إلا طقوسها ، ولا يدركون من القرآن إلا قداسته ، كثرة كاثرة بلا جدوى ، وأمم دخلت في الإسلام على غرّة ، وتزايد نظري في أعداد المسلمين ، دون تطبيق عملي لمبادئ الإسلام ، ومتى استطاع الإمام أن يفرغ من إصلاح الداخل ، حتى يتفرغ لإصلاح الخارج ، وهو يرى جمهرة من المسلمين ، قد استهوتهم حياة الترف عند الفرس ، وحياة الإستهتار عند الروم ، فتزودوا ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً ، واستلذوا بالقصور الشامخة والمراكب الفارهة ، وغضوا طرفاً عن المصلحة العليا ، وتأقلموا بحياة لم يألفوها من ذي قبل ، وتطلعوا إلى أجواء ما عرفوها في تأريخهم القريب ، فانتقلت نفوس العرب من الحمية والنضال إلى الدعة والعيش الرغيد ، وبدأ عليها التغيير إلى الأسوأ شيئاً فشيئاً ، فضعف سلطان الدين ، وقوي سلطان الدنيا ، وعاد علي عليه‌السلام في الميدان بثلة من الأولين وقليل من الآخرين يحاولون ولا يستطيعون ،

٣٤٧

ويناضلون فلا يبلغون ، وقد تجاوز السيل الزبى.

ومما زاد في حراجة موقف الإمام أن أسلس معاوية القياد للهوى ، وجدد لنفسه حياة تتلائم ومتطلبات النفوس الحالمة بالترف والمجون وأطايب النعم ، فتأنق بالمأكل والمشرب وصف الألوان بما لا عهد للعرب فيه ، وتزين بالحلل الثمينة متشبهاً بالروم والقياصرة ، ونهب من مال الله ومال المسلمين ما أرضى به جشع أهل الدنيا ، فصفت له الحياة ، وخضعت له الأعناق. وكان علي عليه‌السلام يدير حكماً إسلامياً خالصاً ، وكان معاوية يدير ملكاً هرقلياً ، يتألف الرجال بالمال ، ويبذر الفيء كما يشاء ، ويزيد من الشهوات كما تتطلب النفوس ، وعلي عليه‌السلام يقسم المال بالسوية ، ويتحرج من أدنى شيء ورعاً ، ويأخذ نفسه بشطف العيش ، ونشأ جيل متمرد من أبناء المسلمين ، فرأو الحياة بمباهجها مع معاوية ، واستفاق البداة فطلبوا الرفاهية عند معاوية ، فمال هؤلاء وهؤلاء إلى معاوية ، فاستقبلهم بالأحضان ، يغري الأشراف ، ويعتضد بالسواد ، وعاد مغرب الدولة الإسلامية عند معاوية بهذه الصورة ، وكان مشرق الدولة الإسلامية بيد علي عليه‌السلام لا يلين ولا يستلين ، فأتسق لمعاوية ما أراد ، وبُلي الإمام بتواكل أصحابه ، وخذلان أهل العراق حتى ملهّم وملّوه ، وحتى دعا ربّه تعالى أن يبدله خيراً منهم ، وأن يبدلهم شراً منه ، فأبدله الله خيراً ، وأبدلهم شراً ، وكانت المؤامرة الكبرى التي أطاحت بالإمام ونظام الإسلام معاً. تلك المؤامرة التي ساعد عليها الزمان والمكان ، وتولى تنفيذها المخططون من وراء الحدود العراقية ، وداخل الأراضي العراقية ، حتى فجعت الأمة بأمثل قائد جسد سيرة النبي وقيادته.

٣٤٨

(١٤)

عليٌّ ومناوئوه ... حتى استشهاد الإمام

كانت المؤشرات السياسية بعد النهروان تومي إلى تكتل ثلاث جبهات منظمّة معادية لأمير المؤمنين عليه‌السلام.

الأولى تتمثل في معاوية بن أبي سفيان وأنصاره من الشاميين والأمويين ومن سار بركبهم من الحاقدين على الإمام والموترين منه.

وتتمثل الثانية في الخوارج الذين فجعهم الإمام بقتلاهم جانب النهر ، فهم يثيرون القلق ، ويقاطعون الإمام ، ويتجرؤون دون مسوغ شرعي أو قانوني ، فيجبهون الإمام بشعارهم « لا حكم إلا لله » أو « الحكم لله لا لك يا علي ».

وكان زعيم الخوارج صلفاً حينما يخاطب الإمام ، وقد رأى من سياسته عدم الإكراه واللجاج ، فيقول : « يا علي تب من خطيئتك ، وارجع عن قضيتك ، واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا ».

والإمام يجيب « قد أردتكم على هذا فعصيتموني ».

ويتمادى حرقوص بن زهير مشيراً إلى التحكيم : « ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه ». ويحاججه الإمام في هذا المنطق ، ويردّ عليه بلغة الدين ، ويعود باللائمة على سواه ، فيقول : « ما هو ذنب ، ولكنه عجزٌ من الرأي ، وضعفٌ من الفعل ، وقد تقدمت إليكم فيما كان منه ، ونهيتكم عنه ».

٣٤٩

هذا نموذج من لجاج زعيم الخوارج المقتول بالنهروان ، وأمثاله وأمثال ذلك كثير.

والجبهة الثالثة جبهة المنافقين والمتربصين الدائرين بالإمام عليه‌السلام ممن اعتضدوا بعشائرهم ، واهتبلوا الفرص مع معاوية فكاتبهم سراً ، وأغدق عليهم بالمال وأغرقهم بالطرف ، فشايعوه خفية ، وعملوا لحسابه بإمعان ، ويمثلهم الأشعث بن قيس الكندي ، ويلتفّ حوله رعيل من المتمردين والوصوليين ممن لا ذمام لهم ، ولا أمل في صلاحهم ، فقد جبلوا على الإنتهازية ، ومردوا على النفاق ، وحليت الدنيا بأعينهم ، وراقهم زبرجها ، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله العظيم.

هذه الجبهات الثلاث فيما أحسب ، قد التقت أهدافها في إرادة التخلص من أمير المؤمنين ، وأجمعت أمرها لتدبير قتله أو اغتياله ، وقد حدث هذا بالفعل ، وتم لهم ما أرادوا فرادى ومجتمعين ، وأمير المؤمنين بسبيل العودة إلى صفين ، يعدّ لها العدة ، ويهيئ لها ما استطاع من قوة.

ولم يكن أمير المؤمنين بمنأى عن أبعاد هذه المؤامرة ، ولا ببعيد عن إبرامها ، فقد لاحت أشراطها في الأفق القريب ، وهو موعود بالقتل اغتيالاً على يد شقيق عاقر ناقة صالح بما أخبره به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطالما قال اثناء وضوئه مراراً : لتخضبن هذه من هذا ، مشيراً إلى كريمته ورأسه الشريف.

وقد ذهب إلى أبعد من هذا ، فكان ينشد في رمضان الذي قتل فيه هذه الأبيات :

٣٥٠

أشدد حَيازيمكَ للمَوتِ

فإنَّ الموتَ لاقِيكَا

ولا تَجزَع من المَوتِ

إذا حلّ بواديِكَا

كَمَا أضحَكَكَ الدَهرُ

كَذَاكَ الدَهرُ يَبكِيكَا

وكان رعيل من الخوارج يشهدون الموسم في الحج ، فتذاكروا ـ بزعمهم ـ شؤون المسلمين ، وذكروا أمير المؤمنين ، ومعاوية ، وعمرو بن العاص ، وائتمروا فيما بينهم ، أن يريحوا الناس من هؤلاء الثلاثة ، وأن يثأروا من عليّ بخاصة لإخوانهم من الخوارج في النهروان.

وانتدب عبد الرحمن بن ملجم المرادي لقتل أمير المؤمنين ، وانتدب الحجاج بن عبد الله الصريمي لقتل معاوية ، وانتدب عمرو بن بكير لقتل عمرو بن العاص ، وإتعدوّا لذلك وقتاً معيناً لتنفيذ الاغتيال في اليوم التاسع عشر من رمضان فجراً عند خروجهم لصلاة الفجر من شهر رمضان لعام أربعين من الهجرة.

وأقام هؤلاء بمكة يتذاكرون الموعد ، ويحبكون الخطة ، مصممين على التنفيذ ، حتى إعتمروا في رجب وتفرقوا لأداء المهمّة.

أما صاحب معاوية ، فأقدم عليه ولم يبلغ منه شيئاً ، ولا أصاب منه مقتلاً ، فقبض عليه وقتل.

وأما صاحب ابن العاص ، فأقدم عليه ولم يصبه ، وكان قد مرض أو تمارض ، فأناب صاحب شرطته خارجة بن حذافة العدوي ، فقتل واجتمع عمرو بن العاص بالقاتل ، فقال : إنما أردت عمراً ، فقال عمرو : ولكن الله أراد خارجة. وقتله.

وأما عبد الرحمن بن ملجم ، فذهب إلى الكوفة ، وأقام بها يوثق

٣٥١

الصلات بأعداء أمير المؤمنين ، فكان يجتمع بالأشعث بن قيس تارة ، ويتعد مع اثنين من الخوارج هما شبيب بن بحران ووردان بن مجالد تارة أخرى ، وكان الأشعث متحمساً للفتك بأمير المؤمنين ، وعبد الرحمن بن ملجم في ضيافته ، يتعهده بالألطاف ، ويبرّه في المأكل والمشرب.

ويروي أبو الفرج الأصبهاني أن الأشعث كلم الإمام في أمر ، فأغلظ له الإمام وانتهره ، فعرض له الأشعث أنه سيفتك به ، وفهم الإمام تعريضه فقال :

« أبالموت تخوفني وتهددني ، فوالله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت عليّ ». وكان الإمام يستصغر قدر الأشعث ، ويحتقر ذكره.

وحانت ساعة الإغتيال ، فالتفت الأشعث إلى ابن ملجم وقال : النجاء النجاء بحاجتك فقد فضحك الصبح. مما يعني أن الأشعث كان ظالعاً بالمؤامرة مع الخوارج وسواهم دون شك ، في إيوائه لابن ملجم ، وفي تهديده للإمام ، وفي علمه بالتوقيت ، وفي إعجاله لابن ملجم على تنفيذ الاغتيال.

وأحسب أن الأشعث هذا ، وأمثال الأشعث ممن لم يذكر التأريخ أسماءهم ، كانوا يدبرون لهذا الاغتيال ، بالاتفاق مع معاوية ، ومعاوية يبذل لهم الأموال الطائلة يشتري بذلك دينهم وولاءهم وضمائرهم إن كانت لهم ضمائر ، حتى أن قلهاوزن يذهب : أن قتل الإمام علي قد تم على عدة بين ابن ملجم ومعاوية ونسبه إلى الطبري. ولا مانع لدى معاوية أن يستعين بابن ملجم والأشعث وسواهما لقتل الإمام.

وهناك نص أدبي يرويه أغلب المؤرخين ، وهو عبارة عن أبيات

٣٥٢

لأبي الأسود الدؤلي صاحب الإمام ، قد وجهها إلى معاوية ، ينسب فيها قتل الإمام لمعاوية وأنصاره ، يقول :

ألا أبلغ معاوية بن حـرب

فلا قرّت عيون الشامتينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طراً أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا

وذللها ، ومن ركب السفينا

ومن لبس النعال ومن حذاها

ومن قرأ المثاني والمئينا

ومما يتقدم يبدو أن المؤامرة قد أشرف على تنفيذها هذا الثلاثي الذي شكّل الجبهات الثلاث المعادية لأمير المؤمنين ، وأن الخوارج لم يستقلّوا بذلك وحدهم ، وإن كان لهم أمر التنفيذ.

ومهما يكن من أمر ، فقد خرج الإمام لصلاة الصبح وهو ينادي بالمسلمين : الصلاة الصلاة ، بما رواه أبو الفرج عن أبي مخنف عن عبد الله بن محمد الأزدي ، قال : إني لأصلي في تلك الليلة بالمسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصّلون في ذلك الشهر من أول الليل إلى آخره ، إذ نظرتُ إلى رجال يصّلون قريباً من السدّة ، قياماً وركوعاً لا يسأمون إذ خرج عليهم : علي بن أبي طالب عند الفجر ، فأقبل ينادي : الصلاة الصلاة ، وبعدها رأيت بريق السيف ، وسمعت قائلاً يقول : الحكم لله لا لك ياعلي. ثم رأيت بريق سيف آخر ، وسمعت قائلاً يقول : لا يفوتنكم الرجل ، وكان الأشعث بن قيس قال لابن ملجم : النجاء لحاجتك قبل أن يفضحك الفجر.

هذه رواية شاهد عيان للحادثة ، وغير هذه الرواية يتفق معها.

وقد عقب أبو الفرج على الرواية بقوله : « فأما بريق السيف الأول فإنه كان سيف شبيب بن بحران ، وقد ضرب الإمام فأخطأه ، ووقعت ضربته في الطاق ، وأما بريق السيف الثاني فإنه ابن ملجم ضربه على

٣٥٣

رأسه ، فأثبت الضربة في وسط رأسه ».

وكان ابن ملجم قد أمهل الإمام في صلاته الركعة الأولى ، وقام الإمام الى الثانية ، وأهوى الإمام إلى السجود ، وحينما رفع جبهته من السجدة الثانية ، أهوى عليه بالسيف ، فعممه على رأسه ، وبلغت ضربته الدماغ ، وهو يقول : « الحكم لله يا علي لا لك » والإمام فيما يروي المؤرخون يقول : « فزت ورب الكعبة ».

وكذلك يروون أن آخر كلام سمع منه قبل أن يموت هو تلاوته لقوله تعالى : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (١).

واضطرب الناس في مسجد الكوفة عند سماع أمير المؤمنين يقول : لا يفوتنكم الرجل ، فشدوا على ابن ملجم من كل مكان فقبض عليه المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وصرعه وأخذ السيف منه ، وأدخل على أمير المؤمنين فقال : « النفس بالنفس » إن أنا متُ فاقتلوه ، وإن سلمت رأيت فيه رأيي ».

فقال ابن ملجم : لقد اشتريت سيفي بألف ، وسممته بألف ، فإن خانني فأبعده الله ، وأحدق الناس بابن ملجم يريدون قتله ، وهم يقولون : يا عدو الله ماذا صنعت ، لقد أهلكت أمة محمد ، وقتلت خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ساكت لا يتكلم.

واستدعى أهل الكوفة الأطباء للنظر في جرح الإمام ، وفي طليعتهم الجراح العربي المعروف أثير بن عمرو بن هاني ، وكان يداوي الجراحات الصعبة ، فلما نظر في جرح الإمام بكى وقال :

__________________

(١) الزلزلة : ٧ ، ٨.

٣٥٤

اعهد عهدك يا أمير المؤمنين فإن ضربة اللعين قد وصلت أم رأسك.

فأستقبل الإمام النبأ باليقين والصبر الجميل ، وكان الإمام في هذه اللحظات الحرجة متيقظاً تماماً فلم ينسَ النصح لأمة محمد ، والتفت إلى أبنائه قائلاً من وصيته عند الموت :

« الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم ، الله الله فيما ملكت أيمانكم فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر ما أوصى به قال : أوصيكم بالضعيفين مما ملكت أيمانكم ».

ومضى عليه‌السلام يقول : قولوا للناس حسناً كما أمركم الله ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيتولى ذلك غيركم ، وتدعون فلا يستجاب لكم ، وعليكم بالتواضع والتباذل ، وإياكم والتقاطع والتفرق ، وتهاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان ».

وأوصاهم بأداء الصلاة وتلاوة القرآن.

وجمع إليه بنيه وأوصاهم بإطاعة الحسن والحسين لأنهما إمامان قاما أو قعدا ، ونصّ على إمامة ولده الحسن عليه‌السلام.

وظل الإمام يعاني من ضربته تلك حتى قضى نحبه صابراً شهيداً محتسباً ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان عام أربعين من الهجرة.

ومضى علي عليه‌السلام شهيد عظمته ، وقتيل مبادئه الصارمة ، لم يخلف بيضاء ولا صفراء (١).

__________________

(١) ظ : في نصوص الفصل الثاني ووقائعه كلاً من :

ابن الأثير / الكامل في التأريخ + الأمين العاملي / أعيان الشيعة + البلاذري / فتوح البلدان + ابن حجر / الصواعق + ابن أبي الحديد / شرح النهج + هاشم

٣٥٥

وجلل الحزن الجزيرة العربية والأقاليم الإسلامية ، وتجاوب صدى الفاجعة في آفاق الدنيا ، فبكاه القريب والبعيد ، وحمل نعشه ليلاً الحسن والحسين وخلص أصحابه إلى النجف الأشرف من ظهر الكوفة ، ودفن بين الذكوات البيض حيث مرقده الشريف وحيث ضريحه المقدس اليوم.

وبلغت وفاته عائشة فقالت :

فَألقَت عَصاها وإستقرَّ بها النَوى

كَمَا قرّ عَينَاً بالأيابِ المُسافِرُ

ولست أعلم أكانت أم المؤمنين شامتة أم مؤبنّة.

__________________

معروف / سيرة الأئمة الاثني عشر + الجاحظ / البيان والتبيان + الخطيب البغدادي / تأريخ بغداد + ابن خلدون / المقدمة + الصدوق / الخصال والأمالي + الطبرسي / الاحتجاج + الطبري / التأريخ + طه حسين / الفتنة الكبرى + عبد الفتاح عبد المقصود / الإمام علي بن أبي طالب + جورج جرداق / صوت العدالة الانسانية + العقاد / عبقرية الإمام + الأصبهاني / مقاتل الطالبيين + توفيق الفكيكي / الراعي والرعية + توماس كارليل / الأبطال + المسعودي / مروج الذهب + المفيد / الأرشاد + ابن النديم / الفهرست + نصر بن مزاحم / وقعة صفيّن + نوري جعفر / علي ومناوؤه + ابن هشام / السيرة النبوية.

٣٥٦

قصيدة الشيخ علي الصغير

في أمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام

جرت العادة في هذه الموسوعة أن تختم كل كتاب بإحدى قصائد المؤلف. وآثرنا نشر قصيدة والد المؤلف سماحة العلامة الشاعر الشيخ علي الصغير رحمه‌الله ، وقد ألقيت في مهرجان الغدير الخالد في جامع الخضراء في النجف الأشرف في ١٨ / ١٢ / ١٣٧٠ هـ بحضور الإمام محمد الحسين كاشف الغطاء وبقية المراجع العظام والعلماء الأعلام ، والشباب العراقي المتحفز ، فكان لها صدى كبير في ظروف اجتماعية معينّة ونشرت في شعراء الغري للأستاذ علي الخاقاني ٦ / ٤٩٧ / عام ١٩٥٣ م.

ولاك من الله إيمانها

ونهجك للحق قرآنها

وحبك فرضٌ بهذى الرقاب

وإن يأب ذلك طغيانها

وآي المودة تنزيلها

بحبك صرّح تبيانها

وأنت من الذكر أمُّ الكتاب

ومن ( سورة الدهر ) إنسانها

فإن جهلتك نفوس الطغام

فإنك في النفس عرفانها

وإنك من أنفس المؤمنين

هداها اليقين وإيمانها

وإنك ميزان أعمالها

إذا خف في الحشر ميزانها

فدع أمة حزبها الظالمون

لنا شأننا ولها شانُها

فأنت بحق وصيُّ النبيّ

وصرّح في ذاك فرقانها

* * *

٣٥٧

علمت بأن ولاك السفين

وحبُّك في الحشر ربانها

وقلت هو البحر طامي العباب

إذا فاض في البعث طوفانها

فقلت لنفسي هنا مرفأٌ

وهذي النجاة وشطآنها

وهذي السفينة آل النبي

ستنجيك إن هاج طغيانها

فسرت على أسمك نحو الرشاد

إذا ضل في الغي حيرانها

وهللت باسمك حيث الصلاة

ولاكَ ... وإنك أركانها

وبالرغم أنت فصول الأذان

وإن أرغمت فيك آذانها

ووجهك قبلة أهل الولاءِ

وإن يأب ذلك عدوانها

فإن كفرت أمة في ولاك

فقدما تمركز كفرانها

فقد عبدوا الشركَ طاغوتهم

إلها ومن قبل أوثانها

وقد نسبوا الهجر للمصطفى

وذاك على الله بهتانها

* * *

هدى المتقين وللعاطفات

خضوع ببابك أوزانها

وهل يستطيع بأن يرتقي

لمعناك في الشعر شيطانها

ولكنها ثورةٌ في الفؤاد

وزمجرةٌ ثار بركانها

حببتك في المهد عند الرضاع

فتغذو ولاءَك ألبانها

وغنيت باسمك عند الشباب

فمن لحن قدسك ألحانها

ونظمت حبي اغرودةً

فهذا فؤادي ديوانها

وناجيت حبك من فرحتي

فزالت من النفس أحزانها

وناديت صحبي هنا السلسبيل

هنا العاطفات وميدانها

هنا كوثر الخلد فلتستقي

ليروِ بذلك ظمآنها

فجاءتك باسم شباب الولاء (١)

تحييك في الحب شبانها

فنظمت قلبي في باقةٍ

من الحب تهتز أغصانها

وقلت هو العيد (عيد الغدير)

وخير الهدية اثمانها

__________________

(١) يشير إلى الحفل الذي القيت فيه القصيدة وقد أقامه شباب شعراء الإمام الحسين العرب في مسجد الخضراء في النجف الأشرف.

٣٥٨

فقدمت قلبي قربانه

وحبك للنفس قربانها

* * *

على قدس مجدك تهفو السنين

وتعشق ذكرك أزمانها

وفي الذر والكون في ظلمة

تجليت فازدان كيوانها

ولحت على العين فاستبشرت

بك العين إذ أنت إنسانها

وطفت على الروح فاستنشقت

ولاك وإنك سلطانها

فمن لطف معناك أشواقها

ومن قدس ذاتك إيمانها

فلولاك حاربها كفرها

عن الحق غياً وطغيانها

فأنت إلى الله عنوانها

وأنت على الحق برهانها

* * *

ومذ لحت في الكون فاستبشرت

سهول البطاح وكثبانها

فقد كنت في العرش نوراً لها

وأمناً به سار ركبانها

تدرجت من عالم مشرق

ذكا لم تدنسك أدرانها

ولولا وجودك في آدم

فطينته ساء جثمانها

فقد كنت من روحه توبة

فأنت من الله غفرانها

ولدت بمكة في بيته

فخرت لذلك أوثانها

ونلت الشهادة في مسجد

وخانك في ذاك شيطانها

ومت وفي شفتيك الصلاة

ليرضى بذلك ديانها

ولم تك تشغل عن فرضها

إذا أسعر الحرب فرسانها

وكم لك في الحرب تكبيرة

كأن المحاريب ميدانها

نديمك فيها إله السماء

إذا اشغل القوم ندمانها

كلا مسجديك وسوح الجهاد

لصدق العبادة برهانها

* * *

حياتك سفر إلى العارفين

يخلد بالنور عنوانها

وذاتك في كتب المرسلين

يضيق عن العقل تبيانها

٣٥٩

عن وصفها ضل أحبارها

وفي فهمها حار رهبانها

فخبر إنجيلها عن علاك

وبشر في ذاك فرقانها

فهل أنت معجزة المرسلين

وهل أنت في الأمر ثعبانها

وهل أنت من سرهم آية

إذا اتضحت زاد كتمانها

النجف الأشرف

علي الصغير

٣٦٠