إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٩

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

ومنهم العلامة الطبري في «تفسيره جامع البيان» على ما في «فلك النجاة»

ومنهم العلامة الفاضل المعاصر عبد الكافي الحسنى في «السيف المسلول» (ص ٩ ط مصر)

ومنهم العلامة السيد علوي بن طاهر الحداد في «القول الفصل» (ص ٤٨٢ ط جاوا) (١).

__________________

(١) قال الحافظ عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي في «تفسيره» (المطبوع بهامش فتح البيان ج ٦ ص ٦٣ ط بولاق) وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا أبو يحيى التيمي ، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية ، عن أبى سعيد قال : لما نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاطمة فأعطاها فدك.

١٠١

ومنها :

قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ)

وروي على أقسام.

الاول

ما رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم الحافظ على بن محمد الخطيب الشهير بابن المغازلي في «مناقبه» (المخطوط) قال :

أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب إجازة ، أخبرنا محمّد بن عثمان قال : حدّثني محمّد بن سليمان بن الحرث قال : حدّثنا محمّد بن علىّ بن خلف العطّار ، قال : حدّثنا حسين الأشقر قال : حدّثنا عثمان بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس ، قال : سئل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه قال : سأله بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا ما تبت عليّ ، فتاب عليه.

ومنهم العلامة محمد بن محمد بن إسحاق الحموينى الخراساني في «مناهج الفاضلين» (ص ١٤٧ مخطوط)

روى الحديث عن ابن عبّاس بعين ما تقدّم عن «المناقب».

ومنهم العلامة الميرزا محمد خان البدخشي في «مفتاح النجا» (ص ١٦ المخطوط).

روى الحديث من طريق الدّار قطني ، وابن النّجار عن ابن عباس بعين ما تقدّم عن «المناقب».

١٠٢

ومنهم العلامة عبد الله الشافعي في «المناقب» (ص ٣٣ المخطوط)

روى الحديث عن ابن عبّاس بعين ما تقدّم عن «المناقب».

ومنهم العلامة الشيخ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في كتابه «ذيل اللئالى» (ص ٥٨ ط لكهنو) قال :

ابن النجار أنبأنا أبو السّيّد أبو حامد محمّد بن عبد الله بن عليّ بن زهرة العلويّ الحسيني ، أنبأنا خال والدي النّقيب أبو طالب أحمد بن محمّد بن جعفر الحسني ، حدّثني الشّريف أبو محمّد عبد الله بن عبد المطّلب بن الفضل الحسيني ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن أبي البيهقي ، حدّثنا ابن الدّاعي العلوي ، حدّثنى عبد الرحمن بن أحمد النّيسابوري ، حدّثني أبو سعيد محمّد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري ، أنبأنا أبو القاسم مسعود بن الحسن بن عليّ بن عبدوس البغدادي بقراءتي عليه ، حدّثنا أبو علي الحسن بن خلف الكرخي إملاء ، حدّثنا القاضي أبو علي الحسن بن عليّ الخزاعي ، حدّثنا أبو ذر أحمد بن محمّد بن أبي بكر العطّار ، حدّثنا محمّد بن عليّ بن خلف فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «مناقب الخوارزمي» سندا ومتنا.

ومنهم العلامة محمد بن أحمد الحنفي الشهير بابن حسنويه في «در بحر المناقب» (ص ٤٦ المخطوط)

روى الحديث عن أحمد بن عبد الله بن عبد الوهّاب بسند يرفعه إلى ابن عبّاس بعين ما تقدّم عن «مناقب ابن المغازلي».

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٢٣٨ ط اسلامبول) روى الحديث من طريق ابن المغازلي عن ابن عبّاس بعين ما تقدّم عنه في «المناقب» إلى قوله : تبت.

وقد تقدّم نقل الحديث منّا في (ج ٣ ص ٧٦ إلى ص ٧٩) عن جماعة :

منهم العلامة البيهقي في «دلائل النبوة».

١٠٣

ومنهم العلامة ابن عساكر في «مسنديه».

ومنهم العلامة النطنزي في «الخصائص العلوية».

والعلامة السيوطي في «الدر المنثور» وفي «جمع الجوامع».

والعلامة المولى معين الكاشفى في «معارج النبوة».

القسم الثاني

ما رواه القوم :

منهم العلامة الشهير بابن المغازلي الشافعي في «المناقب» (المخطوط) قال :

ومن كتاب السّفينة للحاكم «ره» وقد أخبرنا به الفقيه الأجلّ تاج الدّين أحمد ابن الحسين البيهقي مناولة عن السّيد الإمام فخر الدّين يحيى بن إسماعيل بن عليّ ابن أحمد بن عليّ بن عليّ بن محمّد بن يحيى بن محمّد بن أحمد بن محمّد زبارة بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن الحسن الأفطس ابن عليّ بن عليّ زين العابدين ابن الحسين الشّهيد ابن عليّ الوصيّ أمير المؤمنين عليه‌السلام يرفعه إلى الحاكم «ره» ، وأخبرنا به أيضا شهاب الدّين خطيب الزّيديّة بنيشابور عبد العزيز بن الحسن الزّنقي الزّيدي إجازة على لسان الفقيه العالم جمال الدّين بن الحسن بن ناصر أدام الله عزّه يرفعه إلى الحاكم «ره» قال : روى السّيد أبو طالب «ره» بإسناده عن جويبر عن الضّحاك ، عن ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لمّا أمر الله آدم بالخروج من الجنّة رفع طرفه نحو السّماء فرأى خمسة أشباح على يمين العرش فقال : إلهى خلقت خلقا من قبلي؟ فأوحى الله إليه أما تنظر إلى هذه الأشباح؟ قال : بلى قال : هؤلاء

١٠٤

الصّفوة من نوري ، اشتققت أسماءهم من اسمي فأنا الله المحمود وهذا محمّد وأنا العالي وهذا عليّ وأنا الفاطر وهذه فاطمة وأنا المحسن وهذا الحسن ولي الأسماء الحسنى وهذا الحسين ، فقال آدم : فبحقّهم اغفر لي ، فأوحى الله إليه قد غفرت وهي الكلمات الّتي قال الله تعالى: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ).

ومنهم العلامة أبو الفتح محمد بن على بن ابراهيم النطنزي في «الخصائص العلوية» على ما في «أرجح المطالب» (ص ٣٢٠ ط لاهور) قال :

عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : لمّا خلق الله عزوجل آدم ، ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله ، الحمد لله ربّ العالمين ، قال له : ليرحمك الله فلمّا سجد له الملائكة أخلّه العجب ، فقال : يا ربّ أخلقت خلقا هو أحبّ إليك منّي ، فلم يجب ، ثمّ قال الثانية ، فلم يجب ، ثمّ قال الثالثة ، فلم يجب ، ثمّ قال الرّابعة ، فقال الله عزوجل له : نعم ، ولو لا هم ما خلقتك ، فقال : يا ربّ أراهم فأوحى الله عزوجل إلى ملائكة الحجب : ارفعوا الحجب ، فلمّا رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدّام العرش ، فقال : يا ربّ من هؤلاء ، قال : يا آدم ، هذا محمّد نبيّي وهذا عليّ أمير المؤمنين ، وهذه فاطمة بنت نبيّي ، وهذان الحسن والحسين ابنا عليّ وولد نبيّ ، ثمّ قال : هم الأوّل ، ففرح بذلك ، فلمّا اقترف الخطيئة ، قال : يا ربّ أسألك بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، لمّا غفرت لي فغفر الله له ، فهذا ما قال الله تبارك وتعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) فلمّا اهبط إلى الأرض ، صاغ خاتما فنقش عليه : محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويكنّى آدم بأبي محمّد.

١٠٥

القسم الثالث

ما رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ على بن برهان الدين الحلبي الشافعي في كتابه «انسان العيون» الشهير بالسيرة الحلبية (ج ١ ص ٢١٩ ط مصر) قال :

وعن عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا غفرت لي قال : وكيف عرفت محمّدا ـ وفي لفظ كما في «الوفاء» ومن محمّد وما محمّد ـ قال : لأنّك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك ، رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، فعلمت أنّك لم تضف إلى اسمك إلّا أحبّ الخلق إليك قال : صدقت يا آدم ولو لا محمّد لمّا خلقتك إلخ.

١٠٦

ومنها :

قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ

يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الثعلبي في «الكشف والبيان» (المخطوط).

قال : أخبرني الحسين بن محمّد بن الحسين الدّينوري قال : حدّثنا موسى بن محمّد بن عليّ بن عبد الله قال : قرأ أبي على أبي محمّد الحسن بن علويّة القطّان من كتابه وأنا أسمع ، حدّثنا بعض أصحابنا ، حدّثني رجل من أهل مصر ، يقال له : طسم حدّثنا أبو حذيفة ، عن أبيه ، عن سفيان الثّوري في قول الله عزوجل : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ، بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) قال : فاطمة وعليّ (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) قال : الحسن والحسين.

وروى هذا القول أيضا عن سعيد بن جبير قال : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) محمّد.

ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عبد السلام الصفورى الشافعي البغدادي المتوفى سنة ٨٨٤ في «نزهة المجالس» (ج ٢ ص ٢٢٩ ط القاهرة) قال :

قال بعض المفسّرين في قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) أى بحر النبوّة من فاطمة رضى الله عنها وبحر الفتوّة من عليّ رضي‌الله‌عنه بينهما حاجز من التقوى فلا تبغي فاطمة على عليّ ولا يبغي عليّ على فاطمة (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) هو الحسن والحسين رضي‌الله‌عنهما.

١٠٧

ومنهم العلامة المذكور في «المحاسن المجتمعة» (ص ٢٠٢ نسخة جامعة طهران).

نقل فيه أيضا عن بعض المفسّرين ما تقدّم نقله عنه في «نزهة المجالس».

ومنهم العلامة الشيخ عبد الله الشافعي في «مناقبه» (ص ٢١٢ مخطوط) روى الحديث عن سفيان الثّوري ، وسعيد بن جبير بعين ما تقدّم عن «الكشف والبيان».

ومنهم العلامة القاضي المير حسين الميبدى اليزدي في «شرح ديوان أمير المؤمنين» (مخطوط)

روى عن أنس وابن عبّاس بعين ما تقدّم عن «الكشف والبيان».

ومنهم العلامة البدخشي في «مفتاح النجا» (ص ١٣ مخطوط)

روى من طريق ابن مردويه عن ابن عبّاس وأنس بعين ما تقدّم عن «الكشف والبيان».

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٤٠٨ ط اسلامبول) روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الكشف والبيان».

ومنهم العلامة الأمر تسرى في «أرجح المطالب» (ص ٧١ وص ٣٠٩ ط لاهور).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الكشف والبيان».

وقد تقدّم منّا نقل الحديث في (ج ٣ ص ٢٧٤ إلى ٢٧٦) عن جماعة.

منهم العلامة سبط بن الجوزي في «التذكرة» (ص ٢٤٥ ط النجف).

ومنهم العلامة الخوارزمي في «المقتل» (ص ١١٢ ط النجف).

ومنهم الحافظ السيوطي في «الدر المنثور» (ج ٦ ص ١٤٢ ط مصر).

١٠٨

ومنهم العلامة الآلوسى في تفسيره «روح المعاني» ج ٢٧ (ص ٩٣ ط مصر).

ومنهم العلامة المير محمد صالح الكشفى الحنفي في «المناقب المرتضوية» (ص ٧٠ ط بمبئى)

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ١١٨ ط اسلامبول).

١٠٩

ومنها :

قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ

مِنَ الدَّهْرِ)، إلخ

وقد نقلنا الأحاديث الواردة في نزوله في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام في (ج ٣ ص ١٥٨ ، إلى ص ١٦٩) عن كثير من كتب العامّة ونكتفي هاهنا باستدراك ما فاتنا هناك ممّا وقفنا عليه بعد ذلك.

فممن وقفنا على تعرضه له العلامة ابن الأثير الجزري في «اسد الغابة» (ج ٥ ص ٥٣٠ ط مصر سنة ١٢٨٥) قال :

قال أبو عثمان : أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد الحافظ ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن عليّ بنسأ ، أخبرنا أبي ، أخبرنا عبد الله بن عبد الوهّاب الخوارزمي حدّثنا أحمد بن حمّاد المروزي ، أخبرنا محبوب بن حميد البصري ، وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة ، أخبرنا القاسم بن بهرام عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس قال : في قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) قال : مرض الحسن والحسين فعادهما جدّهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعادهما عامة العرب فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك نذرا ، فقال عليّ : إن برئا ممّا بهما صمت لله عزوجل ثلاثة أيّام شكرا ، وقالت فاطمة كذلك ، وقالت جارية يقال لها فضّة نوبية : إن برأ سيّداي صمت لله عزوجل شكرا ، فالبس الغلامان العافية وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير ، فانطلق عليّ إلى شمعون الخيبري ، فاستقرض منه ثلاثة أصوع ، من شعير

١١٠

فجاء بها فوضعها ، فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته ، وصلّى عليّ مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمّ أتى المنزل فوضع الطّعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال : السّلام عليكم أهل بيت محمّد مسكين من أولاد المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله عزوجل على موائد الجنّة فسمعه عليّ فأمرهم فأعطوه الطّعام ، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلّا الماء ، فلمّا كان اليوم الثاني قامت فاطمة إلى صاع وخبزته وصلّى عليّ مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووضع الطّعام بين يديه ، إذا أتاهم يتيم فوقف بالباب وقال : السّلام عليكم أهل بيت محمّد ، يتيم بالباب من أولاد المهاجرين استشهد والدي ، أطعموني فأعطوه الطّعام ، فمكثوا يومين لم يذوقوا إلّا الماء ، فلمّا كان اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصّاع الباقي فطحنته واختبزته فصلّى عليّ مع النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووضع الطّعام بين يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب ، وقال : السّلام عليكم أهل بيت النبوّة تأسروننا وتشدّوننا ، ولا تطعموننا أطعموني فإنّي أسير ، فأعطوه الطّعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا إلّا الماء فأتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرأى ما بهم من الجوع فأنزل الله تعالى : «(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) ـ إلى قوله ـ (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً)» أخرجها أبو موسى.

ومنهم العلامة جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرىّ الحنفي المتوفى في سنة (٥٣٨) في كتابه «ربيع الأبرار» (ص ٢٠٩ مخطوط) قال : عبد الله بن عبّاس : مرض الحسن والحسين عليهما‌السلام وهما صبيّان ، فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه أبو بكر وعمر ، فقال عمر : يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما فقال : أصوم ثلاثة أيّام شكرا لله ، وكذلك قالت فاطمة ، وقال الصّبيان : نحن أيضا نصوم ثلاثة أيّام ، وقالت جاريتهم فضّة فألبسهما الله عافيته فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام فانطلق عليّ إلى جار له يهوديّ اسمه شمعون فأخذ منه جزّة صوف فغزلها له فاطمة صلوات الله عليها بثلاثة أصوع شعير ، فكلّما

١١١

قدّموا فطورهم جاء مسكين فآثروه به ، فبقوا جياعا ليالي صومهم حتّى نزلت : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (١).

ومنهم الحافظ أبو محمد الفراء البغوي الشافعي في تفسيره «معالم التنزيل» (ج ٧ ص ١٥٩ ط القاهرة)

روى عن مجاهد وعطا عن ابن عبّاس. نزول الآية في عليّ وأهل بيته.

ومنهم العلامة كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول» (ص ٣١ ط تهران).

روى نزول قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ) ، إلخ في عليّ وفاطمة والحسنين.

ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الاصابة» (ج ٤ ص ٣٧٦ ط دار الكتب المصرية).

روى الحديث من طريق الثعلبي عن عبد الله بن عبد الوهّاب بعين ما تقدّم عن «اسد الغابة» إلى قوله : فضّة النوبيّة ، واكتفى في ذكر الباقي بقوله : الحديث.

ومنهم العلامة الشهير سبط بن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٢٢ ط الغرى) قال:

قال علماء التأويل : فيهم نزل قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) الآيات.

__________________

(١) واليه أشار العلامة الثبت الشيخ عز الدين عبد الحميد بن أبى الحديد المعتزلي البغدادي المتوفى سنة ٦٥٥ في «شرح نهج البلاغة» (ج ٢ ص ٤٧٠ ط القاهرة) حيث قال :

وجاء في الاخبار الصحيحة ان فاطمة وبعلها وبنيها كانوا يأكلون خبز الشعير وانهم آثروا سائلا بأربعة أقراص منه كانوا أعدوها لفطورهم وباتوا جياعا.

١١٢

أخبرنا أبو المجد محمّد بن أبي المكارم القزويني بدمشق سنة اثنتين وعشرين وستمائة قال : أخبرنا أبو منصور محمّد بن أسعد بن محمّد العطّاري ، أخبرنا الحسين بن مسعود البغوي ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الخوارزمي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثّعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو محمّد أحمد بن عبد الله المزني ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن سهيل الباهلي ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن فهر بن هلال ، حدّثني القاسم بن يحيى ، عن أبي عليّ المقري ، عن محمّد بن السّائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس ورواه أيضا مجاهد ، عن ابن عبّاس فذكر ما تقدّم عن «اسد الغابة» إلّا أنّه زاد : سمعت عليّا يقول في اللّيلة الاولى :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير النّاس أجمعين

أما ترين بآيس المسكين؟

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

يشكو إلينا جائع حزين

كلّ امرئ بكسبه رهين

وفاعل الخيرات يستبين

موعده جنّة عليّين

حرّمها الله على الضّنين

وللبخيل موقف مهين

تهوى بد النّار إلى سجّين

شرابه الحميم والغسلين

فقالت فاطمة عليها‌السلام :

أطعمه ولا أبالي السّاعة

أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة

وأسكن الخلد ولي شفاعة

وفي الليلة الثانية :

فاطم بنت السّيد الكريم

بنت نبيّ ليس بالذّميم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

قد حرّم الخلد على اللئيم

يحمل في الحشر إلى الجحيم

شرابه الصّديد والحميم

١١٣

ومن يجود اليوم في النعيم

شرابه الرّحيق والتّسنيم

فقالت فاطمة عليها‌السلام :

إنّي لاعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالى

وفي اللّيلة الثالثة :

فاطم يا بنت النّبيّ أحمد

بنت نبيّ سيّد مؤسد

منّي على أسيرنا المقيّد

من يطعم اليوم يجده في الغد

عند العليّ الماجد الممجّد

من يزرع الخير سوف يحصد

فقالت فاطمة عليها‌السلام :

لم يبق عندي اليوم غير صاع

قد مجلت كفّي مع الذّراع

ابناي والله من الجياع

أبوهما للخير ذو اصطناع

وذكر في آخر الحديث : ثمّ رفعوا الطّعام وأعطوه للأسير فلمّا كان اليوم الرّابع دخل عليّ عليه‌السلام على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحمل ابنيه كالفرخين فلمّا رآهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : وأين ابنتي؟ قال : في محرابها ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدخل عليها ولقد لصق (بطنها) بظهرها وغارت عيناها من شدّة الجوع فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وا غوثاه بالله آل محمّد يموتون جوعا فهبط جبرئيل وهو يقرأ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) الآية.

ومنهم العلامة الخطيب الخوارزمي في «المناقب» (ص ١٧٩ الى ص ١٨٠ ط تبريز) قال :

وأخبرنى الشّيخ الإمام أبو محمّد العبّاس بن محمّد بن أبي منصور الفضاري الطّوسي فيما كتب إليّ من نيسابور ، أخبرني القاضي أبو سعيد محمّد بن سعيد بن محمّد ابن الفرج ، أخبرني الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثّعلبي ، أخبرني الشّيخ أبو محمّد الحسن بن أحمد بن محمّد الشّيباني العدل ، أخبرني أبو حامد أحمد بن محمّد

١١٤

ابن الحسين المشرقي ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الوهّاب الخوارزمي ابن عمّ الأحنف بن قيس ، حدّثني أحمد بن حمّاد المروزي ، حدّثنا محمود بن حميد البصري وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة ، حدّثني القاسم بن بهرام ، عن ليث عن مجاهد عن ابن عبّاس.

وقال الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثّعلبي :

وأخبرنا أيضا عبد الله بن حامد ، أخبرني أحمد بن عبد الله المزني ، حدّثني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن سهيل بن عليّ بن مهران الباهلي بالبصرة ، حدّثني أبو مسعود عبد الرّحمن بن فهر بن هلال ، حدّثني القاسم بن يحيى عن أبي عليّ المقري ، عن محمّد بن السّايب ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس فذكر ما تقدّم عن «التذكرة» لكنّه ذكر بدل ما ذكر من الأبيات لفاطمة في اللّيلة الاولى :

أمرك يا ابن عمّ سمع طاعة

ما بي من لؤم ولا ضراعة

غذيت من خبز له صناعة

أطعمه ولا أبالي السّاعة

أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة

وأدخل الخلد ولي شفاعة

وذكر أبياته في اللّيلة الثانية هكذا :

فاطم بنت السّيّد الكريم

بنت نبيّ ليس بالزّنيم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنّة النّعيم

قد حرّم الخلد على اللّئيم

ينزل في النّار إلى الجحيم

شرابه الصّديد والحميم

وذكر أبياتها في اللّيلة الثانية هكذا

إنّي لأعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي

أصغرهما يقتل في القتال

١١٥

بكربلا يقتل باغتيال

للقاتل الويل مع الوبال

تهوى به النّار إلى سقال

مصفّد اليدين بالأغلال

كبوله زادت على الأكبال

وذكر أبياته في اللّيلة الثالثة هكذا :

فاطم يا بنت النّبي أحمد

بنت نبيّ سيّد مسدّد

هذا الأسير للنّبيّ المهتدي

مكبّل في غلّه مقيّد

يشكو إلينا الجوع شكوى مكمد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّد

ما يزرع الزّراع سوف يحصد

فأطعمى من غير منّ أنكد

حتّى تجازي بالّذي لا ينفد

وزاد في أبياته في اللّيلة الثّالثة :

يصطنع المعروف بابتداع

عبل الذّراعين طويل الباع

وما على رأسي من قناع

إلّا قناع نسجته بشاع

وقال : أخبرنى الشّيخ الامام الحافظ سيّد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيروية بن شهردار الدّيلمي فيما كتب إليّ من همدان ، أخبرني الشّيخ الإمام عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني إجازة ، أخبرني الشّيخ الشّريف أبو طالب الفضيل بن محمّد بن طاهر الجعفري في داره بإصبهان في سكة الخوز ، أخبرني الشّيخ الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الأصبهاني ، حدّثني محمّد بن أحمد بن سالم ، حدّثني إبراهيم بن أبي طالب النيشابوري ، حدّثني محمّد بن النعمان ابن شبل ، حدّثني يحيى بن أبي روق الهمداني ، عن أبيه ، عن الضّحاك ، عن ابن عبّاس فذكر الحديث بنحو آخر وفيه نزول الآية في عليّ عليه‌السلام وفاطمة حيث باتا جائعين وأطعما طعامهما للمسكين واليتيم والأسير.

ومنهم الحافظ الگنجى الشافعي في «كفاية الطالب» (ص ٢٠١ ط الغرى)

١١٦

قال :

أخبرنا أبو طالب عبد اللّطيف بن محمّد بن القبيطي البغدادي بها ، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن عبد الباقي بن سليمان ، أخبرنا الحافظ محمّد بن أبي نصر الحميدي ، أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرّحمن المعروف بالشافعي بمكّة ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله ابن محمّد السقطي ، أخبرنا أبو عمر بن أحمد بن عبد الله الدّقاق المعروف بابن السّماك ، أخبرنا عبيد الله بن ثابت ، حدّثنا أبي ، عن هذيل بن حبيب ، عن أبي عبد الله السّمرقندي ، عن محمّد بن كثير الكوفي ، عن الأصبغ بن نباته قال : مرض الحسن والحسين فذكر ما تقدّم عن «التذكرة» إلّا أنّه قال : فقال لليهودي عليّ عليه‌السلام : أسلفنى ثلاثة أصوع من شعير وأعطني جزّة من الصّوف تغزلها لك بنت محمّد. وزاد فيما ذكر عليّ من الأبيات في اللّيلة الاولى :

يا بنت خير النّاس أجمعين

يشكو إلينا جائع حزين

وأسقط البيت الثّاني من أبيات فاطمة عليها‌السلام وزاد في أبياته في اللّيلة الثانية

من يرحم اليوم فهو رحيم

ويدخل النّار وهو مقيم

وصاحب البخل يرى ذميم.

وزاد في أبياتها :

أرجو به الفوز وحسن الحال

أن يرحم الله سينمي مالي

وكان لي عونا على أطفالي

أخصّهم عندي في التغالي

بكربلا يقتل في اغتيال

للقاتل الويل مع الوبال

وفي اللّيلة الثالثة :

فاطم بنت المصطفى محمّد

نبيّ صدق سيّد مسوّد

من يطعم اليوم يجده في غد

فاطعمي لا تجعليه أنكد

١١٧

وفي أبياتها :

قد يصنع الخير بلا ابتداع

عبل الذّراعين شديد الباع

وزاد فيه ما نقلناه في (ج ٣ ص ١٦٤)

ومنهم العلامة العارف الشيخ محيي الدين محمد الطائي الأندلسي المالكي المعروف بابن العربي المتوفى سنة ٦٣٨ في «محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار» (ج ١ ص ١٠٣ ط مصر بمطبعة الشعراوي) قال :

حدثنا محمّد بن قاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم قال : قرأت على عمر بن عبد الحميد بمكّة انّ عبد الله بن العبّاس قال في قوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) قال : مرض الحسن والحسين عليهما‌السلام وهما صبيّان فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعه أبو بكر وعمر فقال عمر لعليّ : يا أبا الحسن لو نذرت عن ابنيك نذرا إن الله عافاهما قال : أصوم ثلاثة أيّام شكر الله قالت فاطمة : وأنا أيضا أصوم ثلاثة أيّام شكرا لله ، وقال الصّبيان ونحن نصوم ثلاثة أيّام ، وقالت جاريتهما فضّة : وأنا أصوم ثلاثة أيّام فألبسهما الله العافية فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام فانطلق عليّ إلى جار له من اليهود يقال له : شمعون يعالج الصّوف فقال له : هل لك أن تعطيني جزّة من صوف تغز لها لك بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثلاثة أصوع من شعير؟ قال : نعم فأعطاه فجاء بالصّوف والشّعير فأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت ثمّ غزلت ثلث الصّوف وأخذت صاعا من الشّعير فطحنته وعجنته وخبزته خمسة أقراص لكلّ واحد قرصا وصلّى عليّ رضي‌الله‌عنه مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم المغرب ثمّ أتى منزله فوضع الخوان فجلسوا فأوّل لقمة كسرها عليّ رضي‌الله‌عنه إذا مسكين واقف على الباب فقال : السّلام عليكم يا أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنّة فوضع عليّ اللّقمة من يده ثمّ قال :

أفاطم المجد واليقين

يا بنت خير النّاس أجمعين

١١٨

أما ترى ذا البائس المسكين

جاء إلى الباب له حنين

كلّ امرئ بكسبه رهين

فقالت فاطمة رضي‌الله‌عنها من حينها :

أمرك سمع يا ابن عم وطاعة

مالي من لوم ولا ضراعة

غديت باللّب وبالبراعة

أرجو إذا أنفقت من مجاعة

أن الحق الأبرار والجماعة

وأدخل الجنّة في الشّفاعة

قال : فعمدت إلى ما في الخوان فدفعته إلى المسكين وباتوا جياعا وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلّا الماء القراح ، ثمّ عمدت إلى الثلث الثاني من الصّوف فغزلته ثمّ أخذت صاعا فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكلّ واحد قرصا وصلّى عليّ المغرب مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمّ أتى منزله فلمّا وضعت الخوان وجلس فأوّل لقمة كسرها عليّ رضي‌الله‌عنه إذا بيتيم من يتامى المسلمين قد وقف على الباب وقال : السّلام عليكم أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعمونى ممّا تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنّة فوضع عليّ اللّقمة من يده وقال :

فاطم بنت السّيّد الكريم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يطلب اليوم رضى الرّحيم

موعده في الجنّة النّعيم

فأقبلت السّيّده فاطمة رضي‌الله‌عنها وقالت :

فسوف أعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

امسوا جياعا وهم أمثالي

أصغرهم يقتل في القتال

ثمّ عمدت إلى جميع ما كان في الخوان فأعطته اليتيم وباتوا جياعا لم يذوقوا إلّا الماء القراح وأصبحوا صياما ، وعمدت فاطمة إلى باقي الصّوف فغزلته وطحنت الصّاع الباقي وعجنته وخبزته خمسة أقراص لكلّ واحد قرصا وصلّى عليّ المغرب مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمّ أتى منزله فقرّبت إليه الخوان ثمّ جلس فأوّل

١١٩

اللّقمة كسرها إذا أسير من أسارى المسلمين بالباب فقال : السّلام عليكم أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّ الكفّار أسرونا وقيّدونا وشدّونا فلم يطعمونا فوضع عليّ اللّقمة من يده وقال :

يا فاطمة بنت النّبيّ أحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم

بنت نبيّ سيّد مسوّد

هذا أسير جاء ليس يهتدى

مكبّل في قيده المقيّد

يشكو إلينا الجوع والتّشدّد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّد

ما يزرع الزّراع يوما يحصد

فأقبلت فاطمة رضي‌الله‌عنها تقول :

لم يبق ممّا جاء غير صاع

قد دبرت كفّي مع الذّراع

وابناي والله لقد أجاعا

يا ربّ لا تهلكهما ضياعا

ثمّ عمدت إلى ما كان في الخوان فأعطته إيّاه فأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء ، وأقبل عليّ والحسن والحسين نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهما يرتعشان كالفرخين من شدّة الجوع فلمّا أبصرهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : يا أبا الحسن أشدّ ما يسوؤني ما أدرككم انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة فانطلقوا إليها وهي في محرابها وقد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها فلمّا رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضمّها إليه وقال وا غوثاه فهبط جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا محمّد خذ هنيئا في أهل بيتك قال : وما آخذ يا جبرئيل قال : «(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ـ إلى قوله ـ (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً).

ومنهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٠٢ ط مصر).

روى عن ابن عبّاس نزول قوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ) إلخ في عليّ وأهل بيته.

١٢٠