تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٨

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٨

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٦

قرية بين قطربل والمزرفة تسمى القرن. سمع شعبة بن الحجّاج ، وحمّاد بن زيد ، وأبا شهاب الحناط ، وسلاما الطويل ، ومندل بن عليّ وعاصم بن هلال ، وإسماعيل بن عياش. روى عنه محمّد بن الحسين البرجلاني ، ومحمّد بن إسحاق الصاغاني ، وعبّاس الدوري ، وأحمد بن سعيد الجمال ، وجعفر بن محمّد بن شاكر الصائغ ، وبشر بن موسى ، والحسن بن عليّ بن المتوكل ، وغيرهم.

أنبأنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر حدّثني إسماعيل بن عليّ الخطبي أنبأنا أبو محمّد الحسن بن عليّ بن المتوكل ـ مولى بني هاشم ـ حدّثنا خالد بن بهبذان القرني ـ وكان فارسيا ، وهو خالد بن أبي يزيد ـ حدّثنا حمّاد بن زيد عن هشام عن محمّد عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه نهى عن ثمن الكلب ، وكسب الزمارة.

أنبأنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الجرشي حدّثنا أبو العبّاس محمّد ابن يعقوب الأصم حدّثنا العبّاس بن محمّد بن حاتم الدوري حدّثنا خالد بن البهبذان ابن يزيد بن البهبذان ـ كان ينزل في قرن قطربل ـ حدّثنا عاصم بن هلال البارقي عن أيّوب عن عكرمة عن ابن عبّاس قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب ، فإذا هو برجل قائم في الشمس فقال : «من هذا؟» فقالوا هذا أبو إسرائيل (١). فذكر الحديث.

أنبأنا أحمد بن محمّد الكاتب أنبأنا محمّد بن حميد حدّثنا ابن حبّان قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده قال أبو زكريّا : وقد كتب عن خالد المزرقي ولم يكن به بأس.

٤٤٠٥ ـ خالد بن خداش بن عجلان ، أبو الهيثم المهلّبي ، مولى آل المهلّب بن أبي صفرة الأزديّ :

من أهل البصرة سكن بغداد وحدّث بها عن مالك بن أنس ، والمغيرة بن عبد الرّحمن ، ومهديّ بن ميمون ، وحمّاد بن زيد ، وأبي عوانة ، وصالح المري ، وسكين بن عبد العزيز ، وعبد الله بن وهب. روى عنه أحمد بن حنبل ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وحاتم بن الليث الجوهريّ ، وسليمان بن توبة وعبّاس الدوري ، وحمدان

__________________

ـ ١٦٢٦ ، ١٦٣٤. والأنساب ، للسمعاني ١٠ / ١١٥ ، ومعجم البلدان ٤ / ٧٣. وتذهيب الذهبي ١ / الورقة ١٩٦. وإكمال مغلطاي ١ / الورقة ٣٢٤. ونهاية السئول ، الورقة ٨٥. وتهذيب ابن حجر ٣ / ١٣١. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ١٨٢١.

(١) سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

٤٤٠٥ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٨٦.

٣٠١

ابن عليّ الورّاق ، وزكريا بن يحيى الناقد ، وأبو بكر بن أبي الدّنيا ، وأحمد بن بشر المرثدي ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وغيرهم.

أنبأنا القاضي أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن إبراهيم الهاشميّ حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق حدّثنا أحمد بن بشر المرثدي حدّثنا خالد بن خداش حدّثنا المغيرة بن عبد الرّحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ، ثم يعرج الذين كانوا فيكم فيسألهم ـ وهو أعلم ـ فيقول كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون (١)».

أنبأنا البرقانيّ قال : قرأت على أبي القاسم بن النخاس أخبركم عمر بن محمّد بن شعيب حدّثنا ابن أبي خيثمة قال سمعت خالد بن خداش يقول : كنت ربما غبت عن حمّاد بن زيد ، فإذا جئت بعث إلى فأتيته ، وقد خبأ لي الشيء من الفاكهة والحلواء فيطعمني.

أنبأنا الحسن بن أبي بكر حدّثنا أبو عليّ عيسى بن محمّد بن أحمد الطوماري قال سمعت أبا صفوان ـ يعني السّمسار ـ يقول سمعت محمّد بن المثني يقول : انصرفت مع بشر بن الحارث في يوم أضحى من المصلى ، فلقى خالد بن خداش المحدث فسلم عليه ، فقصر بشر في السّلام ، فقال خالد : بيني وبينك مودة من أكثر من ستين سنة ، ما تغيرت عليك ، فما هذا التغير؟! قال فقال بشر : ما هاهنا تغير ولا تقصير ، ولكن هذا اليوم تستحب فيه الهدايا ، وما عندي من عرض الدّنيا شيء أهدى لك وقد روى في الحديث : «إن المسلمين إذا التقيا كان أكثرهما ثوابا ، أبشهما لصاحبه (٢)» فتركتك لتكون أكثر ثوابا.

أنبأنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي أنبأنا محمّد بن عدي البصريّ ـ في كتابه ـ حدّثنا أبو عبيد محمّد بن عليّ الآجري قال سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث يقول : روى خالد بن خداش عن حمّاد بن زيد عن أيّوب عن نافع عن ابن عمر حديث الغار ، ورأيت سليمان بن حرب ينكره عليه.

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ١٤٥ ، ٩ / ١٥٤ ، ١٧٤. وصحيح مسلم ، كتاب المساجد ٢١٠. وفتح الباري ٢ / ٣٣.

(٢) انظر الحديث في : مجمع الزوائد ٨ / ٣٧. وإتحاف السادة المتقين ٦ / ٢٠٨ ، ٢٨١. والترعيب والرهيب ٣ / ١٣٢ ، ٤٣٣.

٣٠٢

قال أبو داود : وحدّث عن حمّاد بن زيد عن أيّوب عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أنظر معسرا» ، وحدّث عن حمّاد بن زيد عن ثابت عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «صلى على قبر» ، يعني أن هذه تنكر عليه.

قلت : أما هذه الأحاديث فلها أصول عمن رواها عنه ، فحديث الغار : قد رواه صالح بن كيسان وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ، وحديث أبي قتادة : قد رواه جرير بن حازم عن أيّوب السختياني ، وحديث الصلاة على القبر : قد رواه حبيب بن الشهيد وأبو عامر الخزّاز عن ثابت عن أنس.

أخبرني عليّ بن محمّد المالكي أنبأنا عبد الله بن عثمان الصّفّار أنبأنا محمّد بن عمران الصّيرفيّ حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني قال : سمعت أبي يقول : خالد بن خداش ، ومحمّد بن معاوية النّيسابوري ضعيفان.

أخبرني البرقانيّ حدّثني محمّد بن أحمد الأدميّ حدّثنا محمّد بن عليّ الإيادي حدّثنا زكريّا بن يحيى الساجي. قال : خالد بن خداش المهلّبي فيه ضعف.

قال يحيى بن معين : قد كتبت عنه ، تفرد عن حمّاد بن زيد بأحاديث.

قلت : لم يورد زكريّا في تضعيفه حجة سوى الحكاية عن يحيى بن معين أنه تفرد برواية أحاديث ، ومثل ذلك موجود في حديث مالك بن أنس ، والثوري وشعبة ، وغيرهم من الأئمة ، ومع هذا فإن يحيى بن معين وجماعة غيره قد وصفوا خالدا بالصدق ، وغير واحد من الأئمة قد احتج بحديثه.

أنبأنا عليّ بن الحسين ـ صاحب العبّاسي ـ أنبأنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسيّ حدّثنا بكر بن سهل حدّثنا عبد الخالق بن منصور قال : سئل يحيى بن معين عن خالد بن خداش فقال : صدوق.

أنبأنا الأزهري حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب حدّثنا جدي. قال : خالد بن خداش كان ثقة صدوقا.

أنبأنا محمّد بن أحمد بن يعقوب قال أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ أخبرني عليّ ابن محمّد الحبيبي قال وسألته ـ يعني صالح بن محمّد جزرة الحافظ ـ عن خالد بن خداش ، فقال : صدوق.

أنبأنا الجوهريّ حدّثنا محمّد بن العبّاس أنبأنا أحمد بن معروف الخشّاب حدّثنا الحسين بن فهم حدّثنا محمّد بن سعد قال : خالد بن خداش بن عجلان كان ثقة ، وتوفى في سنة ثلاث ـ أو أربع ـ وعشرين ومائتين.

٣٠٣

قرأت على البرقانيّ عن أبي إسحاق المزكي قال أنبأنا محمّد بن إسحاق الثقفي قال سمعت الجوهريّ ـ وهو حاتم بن الليث ـ يقول : مات خالد بن خداش بن عجلان مولى المهلّب بن أبي صفرة ـ ورأيته يخضب بالحناء أحمر الرأس واللحية ـ ببغداد في سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

أنبأنا ابن الفضل أنبأنا جعفر الخلدي حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي. قال : مات خالد بن خداش المهلّبي سنة ثلاث وعشرين ومائتين. قال غيره : في جمادى الآخرة.

٤٤٠٦ ـ خالد بن مرداس ، أبو الهيثم السّرّاج :

حدّث عن أيّوب بن جابر ، والحكم بن عمرو الرعيني ، ومعلى بن هلال ، وإسماعيل بن عياش ، ويزيد بن يوسف الشامي ، وعبد الله بن المبارك. روى عنه العبّاس بن أبي طالب ، وحمّاد بن المؤمل الكلبي وموسى بن هارون ، وإسحاق بن سنين الختلي ، ويعقوب بن موسى المطوعي وأبو عليّ المعمري ، وأبو يعلى الموصليّ ، وعبد الله بن محمّد البغويّ. وكان ثقة.

أنبأنا أحمد بن عليّ بن الحسن البادا أنبأنا عبد الباقي بن قانع حدّثنا المعمري حدّثنا خالد بن مرداس حدّثنا يزيد بن يوسف عن محمّد بن الوليد عن الزّهريّ قال حدّثني عطاء بن يزيد الليثي قال سمعت أبا أيّوب الأنصاريّ. قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «الوتر حق فمن شاء فليوتر بخمس فليفعل ، ومن شاء أن يوتر بثلاث فليفعل ، ومن شاء أن يوتر بواحدة فليفعل (١)».

أنبأنا أحمد بن أبي جعفر أنبأنا محمّد بن المظفر قال قال عبد الله بن محمّد البغويّ : مات خالد بن مرداس ببغداد سنة إحدى وثلاثين [ومائتين] (٢) ، وكان لا يخضب ، وقد كتبت عنه ، قال غيره : مات في شعبان.

٤٤٠٧ ـ خالد بن زياد ـ وقيل : خالد بن عبد الله ـ الزّيّات :

حدّث عن حمّاد بن خالد الخيّاط. روى عنه أبو بكر بن أبي الدّنيا ، ومحمّد بن الوليد بن أبان.

__________________

٤٤٠٦ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٧٠.

) انظر الحديث في : الكامل لابن عدي ٤ / ١٤٢٣. والسنن الكبرى ٣ / ٢٤. والمعجم الكبير ٤ / ١٧٥ ، ١٧٦. وفتح الباري ٢ / ٤٨١.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٣٠٤

أنبأنا العتيقي حدّثنا محمّد بن المظفر حدّثنا الحسن بن آدم بن عبد الله بن أبي أسامة حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا حدّثنا خالد بن زياد الزّيّات ـ وكان صالحا حدّثنا حمّاد بن خالد عن شعبة عن عليّ بن عاصم عن خالد الحذّاء عن عكرمة. قال : كان في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعابة. وأنبأناه القاضي أبو العلاء الواسطيّ حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد المفيد حدّثنا محمّد بن أحمد بن عيسى الورّاق حدّثنا محمّد بن الوليد بن أبان حدّثنا خالد بن عبد الله الزّيّات ـ بغدادي ـ حدّثنا حمّاد ابن خالد حدّثنا شعبة حدّثني عليّ بن عاصم عن خالد الحذّاء عن عكرمة عن ابن عبّاس. قال : كانت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعابة.

كذا قال عن ابن عبّاس ، والمحفوظ مرسل كما ذكرناه أولا.

٤٤٠٨ ـ خالد بن يزيد ، أبو الهيثم التّميميّ :

خراساني الأصل كان أحد كتاب الجيش ببغداد ، وله شعر مدون ، وشعره كله في الغزل ، وعاش دهرا طويلا ، واختلط في آخر عمره ، ويقال إنه عاش إلى خلافة المعتمد.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن جعفر بن علان الورّاق أنبأنا أبو الفرج أحمد بن محمّد ابن أحمد الصّامت حدّثني أحمد بن جعفر أبو الحسن البرمكي جحظة. قال : كنا جلوسا على باب عبد الصّمد بن عليّ ومعنا رجل ينشدنا أشعار عبد الصّمد بن المعدّل ، إذ أقبل أبو الهيثم خالد بن يزيد الكاتب فجلس إلينا فقال : فيم كنتم؟ فقلنا بجهلنا : هذا ينشدنا شيئا من أشعار عبد الصّمد ، فالتفت إليه خالد فقال : يا فتى من الذي يقول :

تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي

كأنك بعد الضر خال من النفع

ثم قال له : يا فتى هل أحسن عبد الصّمد أن يجعل للسمع سمعا؟ قال لا ، ثم أنشده:

لئن كان أضحى فوق خديه روضة

فإن على خدي غديرا من الدمع

ثم نهض فقال لنا المنشد : من هذا؟ فقلنا : خالد ، فعدا خلفه ، وانقطعت نعله ، وانقلبت محبرته ، حتى كتب البيتين!.

__________________

٤٤٠٨ ـ انظر : النجوم الزاهرة ٣ / ٣٦. وفوات الوفيات ١ / ١٤٩. وإرشاد الأريب ٤ / ١٧١. وسمط اللئالئ ٣١١. والأغانى ٢١ / ٣١. والأعلام ٢ / ٣٠١. والمنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ١٧٦ ـ ١٨٠.

٣٠٥

أخبرني عليّ بن أيّوب القمي أنبأنا محمّد بن عمران الكاتب قال أنشدني المظفر ابن يحيى لخالد الكاتب :

هبك الخليفة حين ير

كب في مواكبه وجنده

أو هبك كنت وزيره

أو هبك كنت ولي عهده

هل كنت تقدر أن تز

يد المبتلي بك فوق جهده؟

أنبأنا الحسن بن أبي بكر أنبأنا أحمد بن كامل القاضي ـ فيما أجاز لنا روايته عنه ـ أخبرني أبو الحسين عليّ بن الحسن بن أحمد القرشيّ ـ من أهل حران ـ قال سمعت هلال بن العلاء يقول : رأيت خالدا الكاتب الشّاعر بمدينة السّلام ، والناس يصيحون به يا بارد ، يا بارد ، ويرمونه بالحجارة ، فتساند إلى حائط وقال : ويلكم كيف أكون باردا وأنا الذي أقول :

ولامسه قلبي فآلم كفه

فمن لمس قلبي في أنامله عقر

ومر بفكري خاطرا فجرحته

ولم أر خلقا قط يجرحه الفكر!

أنبأنا عليّ بن طلحة المقرئ أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا صالح بن محمّد حدّثنا القاسم بن سهل. قال : مر خالد الكاتب يوما بصبيان فجعلوا يرجمونه ويزنونه ويقولون له : يا خالد يا بارد فقال لهم : ويلكم أنا بارد ، وأنا الذي أقول :

سيدي أنت لم أقل سيدي أن

ت لخلق سواك والصب عبد

خذ فؤادي فقد أتاك بود

وهو بكر ما افتضه قط وجد

كبد رطبة يفتتها الوج

د وخد فيه من الدمع خد

أنبأنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني أنبأنا المعافى بن زكريّا الجريري حدّثنا إبراهيم بن الفضل بن حيّان الحلواني حدّثني أبو بكر بن ضباب قال سمعت بعض أصحابنا بالرقة يقول : كبر خالد الكاتب حتى دق عظمه ، ورق جلده ، فوسوس ، فرأيته ببغداد والصبيان يتبعونه ويصيحون به ، يا بارد ، يا بارد ، فأسند ظهره إلى قصر المعتصم فقال لهم : كيف أكون باردا وأنا الذي أقول :

بكى عاذلي من رحمتي فرحمته

وكم مسعد من مثله ومعين

ورقت دموع العين حتى كأنها

دموع دموعي لا دموع جفوني

أنبأنا عليّ بن أبي علي قال أنشدنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنشدنا محمّد بن القاسم الأنباريّ لخالد الكاتب :

٣٠٦

قد القضيب حكى رشاقة قده

والورد يحسد ورده في خده

والشمس جوهر نورها من نوره

والبدر أسعد سعده من سعده

خشف أرق من البهاء بهاؤه

ومن الفرند المحض في إفرنده

لو مكنت عيناك من وجناته

لرأيت وجهك في صفيحة خده

قال وله أيضا :

الله جارك يا سمعي ويا بصري

من العيون التي ترميك بالنظر

ومن نفاسة خديك اللذين لك الم

نى وقد وسما بالشمس والقمر

فحاسناك فما فازا بحسنهما

وخاطراك فما فاتاك بالخطر

من كان فيك إلى العذال معتذرا

من الآثام فإني غير معتذر

أنبأنا أبو عليّ محمّد بن الحسن الجازي حدّثنا المعافى بن زكريّا حدّثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي ـ جحظة ـ حدّثني خالد الكاتب قال : قال لي عليّ بن الجهم : هب لي بيتك :

ليت ما أصبح من رق

ة خديك بقلبك

قال فقلت له : أرأيت أحدا يهب ولده؟.

أنبأنا العبّاس بن محمّد الكلوذاني فيما أذن أن نرويه عنه ـ أنبأنا أبو عمر محمّد ابن عبد الواحد الزاهد أنبأنا ثعلب قال : ما أحد من الشعراء تكلم في الليل الأقارب ، إلا خالد الكاتب فإنه أبدع في قوله :

وليل المحب بلا آخر

فإنه لم يجعل لليل آخرا! وأنشدنا :

رقدت فلم ترث للساهر

وليل المحب بلا آخر

ولم تدر بعد ذهاب الرقا

د صنع الدمع بالناظر

أيا من تعبد في طرفه

أجرني من طرفك الجائر

وجد للفؤاد فداك الفؤا

د من طرفك الفاتن الفاتر

فمضيت إلى خالد في سنة إحدى وستين وأنشدني هذا الشعر.

أنبأنا الحسن بن أبي بكر. قال قال أحمد بن كامل القاضي : حدثت عن خالد الكاتب. قال قيل له من أين قلت في قصيدتك : وليل المحب بلا آخر؟ فقال وقفت

٣٠٧

على باب وسائل عليه مكفوف وهو يقول : الليل والنهار علي سواء ، فأخذت هذا منه.

أنبأنا القاضي أبو حامد أحمد بن محمّد بن أبي عمرو الدلوي حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب النّيسابوري قال سمعت أبا القاسم عبد الرّحمن بن المظفر الأنباريّ يقول سمعت أبا القاسم بن أبي حية يقول سمعت خالد بن يزيد الكاتب يقول : بينا أنا مار بباب الطاق ، إذا براكب خلفي على بغلة ، فلما لحقني نخسني بسوطه فقال : أنت القائل يا خويلد ، وليل المحب بلا آخر؟ قلت نعم! قال لله أبوك ، وصف امرؤ القيس الليل الطويل في ثلاثة أبيات ، ووصفه النابغة في ثلاثة أبيات ، ووصفه بشّار بن برد في ثلاثة أبيات ، وبرزت عليهم بشطر كلمة؟! فلله أبوك. قلت وبم وصفه امرؤ القيس؟ فقال بقوله :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

علي بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لما تمطى بصلبه

وأردف أعجازا وناء بكلكل

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي

بصبح وما الإصباح منك بأمثل

قلت : وبم وصفه النابغة؟ فقال : بقوله :

كليني لهم يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

وصدر أزاح الليل عازب همه

فضاعف فيه الهم من كل جانب

تقاعس حتى قلت ليس بمنقض

وليس الذي يهدي النجوم بآئب

قلت له : وبم وصفه بشّار؟ فقال : بقوله :

خليلي ما بال الدجى لا تزحزح

وما بال ضوء الصبح لا يتوضح

أظن الدجى طالت وما طالت الدجى

ولكن أطال الليل سقم مبرح

أضل النهار المستنير طريقه

أم الدهر ليل كله ليس يبرح؟

قلت له : يا مولاي هل لك في شعر قلته لم أسبق إليه؟ قال نعم! فقلت :

كلما اشتد خضوعي

لجوى بين ضلوعي

ركضت في حلبتي خد

ي خيل من دموعي

قال : فثنى رجله عن بغلته وقال : هاكها فاركبها فأنت أحق بها مني. فلما مضى سألت عنه فقيل : هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائي.

٣٠٨

أخبرني أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار أنبأنا عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ قال أنشدنا أحمد بن نصر بن سندويه البصلاني قال أنشدنا أبو الهيثم خالد ابن يزيد:

حرق الشوق واتقاد الغليل

واتصال الهوى بقلب عليل

وكلا بالجفون إذ نفد الدم

ع دما واكفا قريح المسيل

تركاني أنوح في غسق اللي

ل على جسمي السقيم النحيل

تب إلى الله واشك هذا إليه

يا قتيل الهوى بغير قتيل

وأخبرني هلال الحفّار أنبأنا عمر بن أحمد قال أنشدنا أحمد بن نصر بن سندويه قال أنشدنا خالد بن يزيد أبو الهيثم :

كيف احتيالي وأنت لا تصل

قل اصطباري وضاقت الحيل

منعت عيني بالصد رقدتها

فجفنها بالسهاد مكتحل

يا حسن الوجه إن تكن مثلا

فإن بي فيك يضرب المثل

إن كان جسمي هواك أنحله

فإن قلبي عليك يتكل

أخبرني محمّد بن محمّد بن عليّ الشروطي حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن عليّ المروزي الكاتب حدّثنا أحمد بن سهل. قال : سأل خالد الكاتب رجلا حاجة فكان مما استفتح به كلامه أن قال له : فقد الصديق ألجأني إلى كلامك.

أنبأنا عليّ بن أبي علي حدّثنا الحسين بن محمّد بن سليمان الكاتب حدّثني أبو محمّد عبد الله بن محمّد المعروف بابن السقاء الواسطيّ ـ بها ـ قال حدّثني جحظة. قال قال لي خالد الكاتب : أضقت حتى عدمت القوت أياما ، فلما كان في بعض الأيام بين المغرب وعشاء الآخرة ، فإذا بابي يدق ، فقلت : من هذا؟ فقال : من إذا خرجت إليه رأيته ، فخرجت فرأيت رجلا راكبا على حمار ، عليه طيلسان أسود ، وعلى رأسه قلنسوة طويلة ومعه خادم ، فقال لي أنت الذي تقول :

أقول للسقم عد إلي بدني

حبّا لشيء يكون من سببك؟

قال : قلت : نعم! قال : أحب أن تنزل لي عنه ، فقلت وهل ينزل الرجل عن ولده؟ فتبسم ثم قال : يا غلام أعطه ما معك ، فأومأ إلي بصرة في ديباجة سوداء مختومة ، فقلت : إني لا أقبل عطاء من لا أعرفه فمن أنت؟ فقال : أنا إبراهيم بن المهديّ.

٣٠٩

أخبرني عليّ بن أيّوب القمي أنبأنا محمّد بن عمران المرزبانيّ أخبرني محمّد بن يحيى حدّثني الحسين بن إسحاق حدّثني أبو الهيثم خالد بن يزيد الكاتب قال : لما بويع إبراهيم بن المهديّ بالخلافة ، طلبني وقد كان يعرفني ، وكنت متصلا ببعض أسبابه ، فأدخلت عليه فقال : يا خالد أنشدني من شعرك ، فقلت يا أمير المؤمنين ليس شعري من الشعر الذي قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن من الشعر حكما (١)». وإنما أمزح وأهزل ، وليس مما ينشده أمير المؤمنين ، فقال لي : لا تقل هذا يا خالد ، فإن جد الأدب وهزله جد ، أنشدني فأنشدته :

عش فحبيك سريعا قاتلي

والضنى إن لم تصلني واصلي

ظفر الشوق بقلب كمد

فيك والسقم بجسم ناحل

فهما بين اكتئاب وبلى

تركاني كالقضيب الذابل

وبكى العاذل لي من رحمة

فبكائي لبكاء العاذل

فاستملح ذلك ووصلني.

٤٤٠٩ ـ خالد بن أحمد بن خالد بن حمّاد بن عمرو بن مجالد بن مالك ـ وهو الخمخام ـ ابن الحارث بن حكمة بن أبي الأسود ـ واسمه : عبد الله بن حمران بن عمرو بن الحارث بن سدوس بن ذهل بن شيبان ، أبو الهيثم الذّهليّ الأمير :

ولى إمارة مرو ، وهراة ، وغيرهما من بلاد خراسان ، ثم ولى إمارة بخاري وسكنها وله بها آثار مشهورة وأمور محمودة ، وكان قد سمع من إسحاق بن راهويه ، وعليّ ابن حجر وإسحاق بن منصور الكوسج ، وأبي داود السنجي ، وعبيد الله بن عمر القواريري وبشر بن الحاكم النّيسابوري ، وحامد بن عمر البكراوي ، والحسن بن عليّ الحلواني وهارون بن إسحاق الهمداني ، وعمرو بن عبد الله الأودي ، ومحمّد بن عليّ الشقيقي ، روى عنه نصر بن أحمد الكندي الحافظ ، وأحمد بن محمّد بن عمر المنكدري ، وعبد الرّحمن بن أبي حاتم الرّازيّ.

وقال ابن أبي حاتم : كتبت عنه مع أبي بالري وهو صدوق ثقة.

ولما استوطن بخاري أقدم إلى حضرته حفاظ الحديث ، مثل محمّد بن نصر

__________________

(١) الحديث سبق تخريجه.

٤٤٠٩ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٢٢٥. واللباب ١ / ٤٤٧. والأعلام ٢ / ٢٩٤.

٣١٠

المروزي ، وصالح بن محمّد جزرة ، ونصر بن أحمد بن أحمد البغداديّين وغيرهم. فصنف له نصر مسندا ، وكان خالد يختلف مع هؤلاء المسمين إلى أبواب المحدثين ليسمع منهم ، وكان يمشى برداء ونعل يتواضع بذلك وبسط يده بالإحسان إلى أهل العلم فغشوه ، وقدموا عليه من الآفاق ، وأراد من محمّد بن إسماعيل البخاريّ المصير إلى حضرته ، فامتنع من ذلك ، فأخرجه من بخاري إلى ناحية سمرقند فلم يزل محمّد هناك حتى مات.

فأخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ حدّثني خلف ابن محمّد الكرابيسيّ ـ ببخارى ـ قال سمعت أبا بكر محمّد بن حريث البخاريّ الأنصاريّ يقول : كان نصرك البغداديّ يفيد خالد بن أحمد الأمير ببخارى عن ستمائة محدث ، غير أن محمّد بن إسماعيل جلس عنه ببخارى وأظهر الاستخفاف به ، فاعتل عليه خالد باللفظ فنفاه من بخاري ، حتى مات في بعض قرى سمرقند.

قلت : وقد قال بعض أهل العلم : إن ما فعله بمحمّد بن إسماعيل البخاريّ كان سبب زوال ملكه.

أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان الحافظ ـ ببخارى ـ قال سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد بن هارون الملاحمي يقول سمعت أبا بكر محمّد بن محمّد بن صابر بن كاتب يقول سمعت أبا الهيثم خالد ابن أحمد الأمير يقول : أنفقت في طلب العلم أكثر من ألف ألف درهم.

قلت : وورد خالد بن أحمد بغداد في آخر أيامه وحدّث بها ، فسمع منه محمّد ابن خلف المعروف بوكيع القاضي ، وأبو طالب أحمد بن نصر الحافظ ، وأبو العبّاس ابن عقدة ، واعتقل السلطان خالدا وأودعه الحبس ببغداد فلم يزل فيه حتى مات.

أخبرني الأزهري حدّثنا محمّد بن المظفر حدّثنا محمّد بن خلف وكيع حدّثني خالد بن أحمد الذهلي أمير مرو ـ ببغداد ـ حدّثنا بشر بن الحكم العبدي حدّثنا عمر ابن شبيب المسلي عن عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى عن يونس العبدي عن ثابت عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من عال ثلاث بنات حتى يبنيهن كن له حجابا من النار (١)».

__________________

(١) انظر الحديث في : سنن أبى داود ٥١٤٧. ومسند أحمد ٣ / ٩٧. وكنز العمال ٤٥٣٨٥.

٣١١

أخبرني محمّد بن عليّ بن أحمد المعدّل أنبأنا محمّد بن عبد الله الحافظ النّيسابوري أخبرني أبو علي الحسين بن محمّد الصاغاني ـ بمرو ـ قال سمعت أبا رجاء السندي يقول : كان خالد بن أحمد اشتد على الطّاهرية في آخر أمورهم ومال إلى يعقوب ابن الليث القائم بسجستان ، فلما حمل محمّد بن طاهر إلى سجستان ، كان خالد بهراة فتكلم في وجهه بما ساءه ، ثم اجتاز خالد ببغداد حاجّا سنة تسع وستين فحبس ببغداد ومات في الحبس ببغداد سنة تسع وستين ومائتين.

أنبأنا أحمد بن عليّ المحتسب قال قرأنا على أحمد بن الفرج بن الحجّاج الورّاق عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد قال : توفي خالد بن أحمد الذهلي سنة سبعين ومائتين.

٤٤١٠ ـ خالد بن إبراهيم بن عبد الله بن حمّاد بن عبد الله بن مغفل ، المزني :

حدّث عن محمّد بن يحيى بن أبي عمر العدني. روى محمّد بن مخلد الدوري.

٤٤١١ ـ خالد بن يزيد بن وهب بن جرير بن حازم ، أبو الهيثم الأزديّ :

حدّث عن أبيه. روى عنه أحمد بن أبي طاهر ، ومحمّد بن خلف بن المرزبان ، وعبد الصّمد بن عليّ الطستيّ. وذكر ابن المرزبان أنه كان ينزل في دور الصحابة من مدينة المنصور.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا عبد الصّمد بن عليّ الطستيّ حدّثنا خالد بن يزيد بن وهب بن جرير حدّثني أبي يزيد بن وهب حدّثني أبي وهب بن جرير بن حازم عن أبيه جرير بن حازم عن محمّد بن سيرين عن أبي هريرة. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما خلا يهودي قط بمسلم إلا حدّث نفسه بقتله (١)».

هذا غريب جدا من حديث محمّد بن سيرين عن أبي هريرة. ومن حديث جرير ابن حازم عن ابن سيرين ، لم أكتبه إلا من حديث خالد بن يزيد عن وهب بن جرير.

أخبرنا السّمسار أخبرنا الصّفّار حدّثنا ابن قانع : ان ابن وهب بن جرير مات بالبصرة سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

__________________

٤٤١١ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٣٥٠.

) انظر الحديث في : المجروحين ٣ / ١٢٢. وكشف الخفا ٢ / ٢٦٦. والدر المنثور ٢ / ٣٠٢.

٣١٢

٤٤١٢ ـ خالد بن عمرو بن خزيمة ، أبو سعيد العامري :

أحد الغرباء ، حدّث أحمد بن نصر بن عبد الله الذراع عنه عن الفضل بن سهل الأعرج ، وذكر الذراع أنه قدم عليهم بغداد حاجّا ، وكان الذراع غير ثقة.

أنبأنا الحسن بن الحسين النعالي أنبأنا أحمد بن نصر الذراع حدّثنا أبو سعيد خالد ابن عمرو بن خزيمة العامري ورد علينا حاجّا ـ حدّثنا الفضل بن سهل حدّثنا محمّد ابن عبد الله الأنصاري حدّثني أبو المعلى قال سمعت أبا عثمان النهدي يقول سمعت سلمان الفارسيّ يقول. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله حي كريم يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفرا ، حتى يضع فيهما خيرا (١)».

٤٤١٣ ـ خالد بن محمّد بن خالد بن كولخش ، أبو محمّد الصّفّار يعرف بالختلي:

حدّث عن أبي إبراهيم الترجماني ، وبشر بن الوليد الكندي ، ويحيى بن معين ، وعبد الرّحمن بن صالح ، وعبد الصّمد بن يزيد مردويه ، وعبد الله بن عمر بن أبان. روى عنه حمزة بن أحمد بن مخلد العطّار ، وطاهر بن عبد الله الورّاق ن وأبو الحسن ابن لؤلؤ ، وعليّ بن عمر بن محمّد السكري.

أخبرنا البرقانيّ أخبرنا أبو الحسين حمزة بن أحمد بن مخلد العطّار ـ في جامع المدينة بقراءتي عليه ـ حدّثنا أبو محمّد خالد بن محمّد بن خالد الصّفّار الختلي حدّثنا أبو إبراهيم الترجماني حدّثنا محمّد بن مروان عن الوضين ـ يعني ابن عطاء ـ عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصّامت قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من تاب قبل أن يموت بسنة ـ تاب الله عليه ، ثم قال إن السنة لكثير ، ومن تاب قبل أن يموت بشهر تاب الله عليه ـ ثم قال ـ وإن الشهر لكثير ، ومن تاب قبل أن يموت بجمعة تاب الله عليه ـ ثم قال ـ إن جمعة لكثير ، من تاب قبل أن يموت بيوم تاب الله عليه ـ ثم قال ـ إن يوما لكثير ، من تاب قبل أن يغرغر تاب الله عليه (١)».

حدّثني عليّ بن محمّد بن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول سألت أبا الحسن الدّارقطنيّ عن خالد بن محمّد أبي محمّد الختلي ببغداد فقال : صالح.

__________________

(١) ٤٤١٢ ـ انظر الحديث في : سنن الترمذي ٤٣٨. والمستدرك ١ / ٤٩٧. والترغيب والترهيب ٢ / ٤٨٠. وكشف الخفا ٢ / ٢٨٩.

٤٤١٣ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٣ / ٢١٢. وسؤالات السهمي للدارقطني ٢٨٨.

) انظر الحديث في : المستدرك ٤ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.

٣١٣

أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد أخبرنا عليّ بن عمر الحربيّ قال وجدت في كتاب أخي : مات خالد الصّفّار سنة عشر وثلاثمائة.

ذكر من اسمه خلف

٤٤١٤ ـ خلف بن خليفة بن صاعد بن برام ، أبو أحمد الأشجعيّ مولاهم :

يقال إنه رأى عمرو بن حريث ، وسمع محارب بن دثار. والوليد بن سريع ، وسيّارا أبا الحكم ، ومنصور بن زاذان ، وأبا هاشم الرماني ، وجعفر بن أبي وحشية أبا بشر ، وأبا مالك الأشجعي ، والعلاء بن المسيّب. روى عنه هشيم ، وسريج بن النّعمان ، وإبراهيم بن أبي العبّاس السامري ، والحسين بن محمّد المروذي ، وإسحاق بن سليمان الرّازيّ ، وأبو سلمة التبوذكي ، وإبراهيم بن موسى الفراء وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور ، ومحمّد بن الصباح الدولابي ، وأبو معمر الهذلي ، ومحمّد بن بكار بن الرّيّان ، والحسن بن عرفة. وكان خلف بالكوفة ثم انتقل إلى واسط فسكنها مدة ، ثم تحول إلى بغداد فأقام بها إلى حين وفاته.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ أخبرنا محمّد بن مخلد العطّار حدّثنا الحسن بن عرفة حدّثنا خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيّب عن

__________________

٤٤١٤ ـ انظر : تهذيب الكمال ١٧١٧ (٨ / ٢٨٤). والمنتظم ، لابن الجوزي ٩ / ٥٨. وطبقات ابن سعد ٧ / ٣١٣. وتاريخ ابن معين ٢ / ١٤٩. ورواية ابن طهمان ١٨٩. وتاريخ خليفة ٤٥٦ ، وطبقاته ١٧٠ ، ٣٢٦. والتاريخ الكبير ٣ / ت ٦٥٨. والصغير ٢ / ٢٢٥. والكنى لمسلم ، الورقة ٥. وتاريخ واسط لبحشل ١٥٤. والقضاة لوكيع ١ / ١٤ ، ٥٣. والكنى للدولابي ١ / ١١. وضعفاء العقيلي ، الورقة ١٦٢. والجرح والتعديل ٣ / ت ١٦٨١. وثقات ابن حبان ١ / الورقة ١١٩. ومشاهير الأمصار ، الترجمة ١٣٨٧. والكامل لابن عدي ٢ / الورقة ٣٢٢. ووفيات ابن زبر ، الورقة ٥٧. وثقات ابن شاهين ، الترجمة ٣٢٧. ورجال صحيح مسلم ، لابن منجويه ، الورقة ٤٥. والجمع ١ / ١٢٥. وضعفاء ابن الجوزي ، الورقة ٤٩. وتاريخ الإسلام ، الورقة ٧١ (أيا صوفيا ٣٠٠٦). وسير النبلاء ٨ / ٣٠٢ ـ ٣٠٣. والعبر ١ / ٢٨٠. والكاشف ١ / ٢٨١. وميزان الاعتدال ١ / ت ٢٥٣٧. وتذهيب التهذيب ١ / الورقة ١٩٩. والمغني ١ / ت ١٩٣٣. وديوان الضعفاء ، الترجمة ١٢٧٧. ومن تكلم فيه وهو موثق ، الورقة ١١. والمقتنى في سرد الكنى ، الورقة ٦. وإكمال مغلطاي ١ / الورقة ٣٣٠ ـ ٣٣١. ونهاية السئول ، الورقة ٨٧. وتهذيب ابن حجر ٣ / ١٥٠ ـ ١٥٢. خلاصة الخزرجي ١ / ت ١٨٥٣. وشذرات الذهب ١ / ٢٩٥.

٣١٤

أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله تعالى يقول إن عبدا أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشته ، يمضى عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم (١)».

خالفه محمّد بن فضيل بن غزوان عن العلاء بن المسيّب فقال : ما أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن حمّاد الواعظ حدّثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الكاتب ـ إملاء ـ قال حدّثني جدي حدّثنا ابن نفيل عن العلاء ابن المسيّب عن يونس بن حباب عن أبي سعيد. قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يعني يقول الله تعالى ، إن عبدا أصححت جسمه ، وأوسعت عليه في الزرق ، يأتى عليه خمس سنين. لا يفد إلي لمحروم».

وقد رواه سفيان الثوري عن العلاء مثل رواية خلف بن خليفة.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق أخبرنا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي حدّثنا أبو معمر القطيعي حدّثنا خلف بن خليفة. قال : تزوجت والحسن بن أبي الحسن حي.

أخبرني ابن الفضل القطّان أخبرنا دعلج بن أحمد أخبرنا أحمد بن عليّ الأبّار حدّثنا محمّد بن بكار.

وأخبرنا محمّد بن عبد الواحد الأكبر أخبرنا عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد القرشيّ أخبرنا محمّد بن هارون بن حميد حدّثنا محمّد بن بكار بن الرّيّان حدّثنا خلف بن خليفة. قال رأيت عمرو بن حريث وأنا ابن سبع سنين وقال ابن حميد : ابن خمس سنين ـ خرج من داره ودخل دار العلاكين ـ وقال ابن حميد العلّافين بالكوفة.

أخبرنا محمّد بن الحسين الأزرق أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق حدّثنا محمّد بن هشام المستملي قال سمعت عبد الرّحيم بن عمر البزّاز يقول : إنما كتب الناس عن خلف بن خليفة ، لأن هشيما كان يحدث فحدّث فقال : حدّثني شيخ من أشجع ، قالوا من هو يا أبا معاوية؟ قال خلف بن خليفة ، فذهبوا إليه.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد أخبرنا محمّد بن العبّاس أخبرنا أحمد بن سعيد السوسي حدّثنا عبّاس بن محمّد قال سئل يحيى بن معين عن خلف بن خليفة فقال : ليس به بأس.

__________________

(١) انظر الحديث في : الدر المنثور ١ / ٢١٢. والأحاديث الصحيحة ١٦٦٢. والمطالب العالية ١٠٦٥ ، ١٠٦٦. والعلل المتناهية ٢ / ٧٥.

٣١٥

أخبرنا عليّ بن الحسين أخبرنا عبد الرّحمن بن عمر الخلّال حدّثنا محمّد بن إسماعيل الفارسيّ حدّثنا بكر بن سهل حدّثنا عبد الخالق بن منصور. قال : سئل يحيى ابن معين عن خلف بن خليفة فقال : ليس به بأس صدوق.

أخبرنا البرقانيّ أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه أخبرنا الحسين بن إدريس قال وسألته ـ يعني محمّد بن عبد الله بن عمّار ـ عن خلف بن خليفة فقال : لا بأس به ولم يكن صاحب حديث.

حدّثني محمّد بن يوسف النّيسابوري حدّثنا الخصيب بن عبد الله القاضي ـ بمصر ـ أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن النّسائيّ أخبرني أبي قال : أبو أحمد خلف ابن خليفة بغدادي كوفي الأصل ، ليس به بأس.

أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خلف الدّقّاق حدّثنا عمر بن محمّد الجوهريّ حدّثنا أبو برك الأثرم قال وسمعت أبا عبد الله يسأل عن خلف بن خليفة فقال : قد أتيته فلم أفهم عنه. قال أبو عبد الله : خلف بن أحمد ، قلت له في أى سنة مات؟ قال أظنه في سنة ثمانين ، أو في آخر سنة تسع [يعني وسبعين] (٢).

قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال قال محمّد بن العبّاس الكاملي سمعت إبراهيم بن موسى ـ يعني الرّازيّ ـ قال : مات خلف بن خليفة سنة ثمانين ومائة ببغداد.

أنبأنا أبو سعيد بن حسنويه أنبأنا عبد الله بن محمّد بن جعفر حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازيّ حدّثنا خليفة بن خياط قال : مات خلف بن خليفة الأشجعي سنة إحدى وثمانين ومائة.

أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهريّ حدّثنا محمّد بن العبّاس أخبرنا أحمد بن معروف الخشّاب حدّثنا الحسين بن فهم حدّثنا محمّد بن سعد قال : خلف بن خليفة ويكنى أبا أحمد مولى الأشجع كان من أهل واسط ، فتحول إلى بغداد ، وكان ثقة أصابه الفالج قبل أن يموت ، حتى ضعف وتغير واختلط ، ومات ببغداد قبل هشيم في سنة إحدى وثمانين ومائة ، وهو يومئذ ابن تسعين سنة ، أو نحوها.

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٣١٦

أخبرنا ابن الفضل أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي حدّثنا أبو أحمد بن فارس حدّثنا البخاريّ. قال : خلف بن خليفة أبو أحمد الواسطي يقال مات ببغداد سنة إحدى وثمانين ومائة ، وهو ابن مائة سنة وسنة ، وكان أول أمره بالكوفة ، ثم تحول إلى واسط ، ثم إلى بغداد.

٤٤١٥ ـ خلف بن الوليد ، أبو جعفر ويقال : أبو الوليد ـ الجوهريّ :

سمع ابن أبي ذئب ، وأبا جعفر الرّازيّ ، وشعبة بن الحجّاج ، وإسرائيل بن يونس ، ومبارك بن فضلة ، وأيّوب بن عتبة ، وشريكا ، وهشيما ، وشهاب بن خراش ، وعباد بن عبّاد المهلّبي ، وعبيد الله الأشجعي ، ومروان بن معاوية الفزاري. روى عنه أحمد بن حنبل ، وإبراهيم بن سعيد الجوهريّ ، ويعقوب الدورقي ، وإبراهيم بن هاني النّيسابوري. ومحمّد بن إسحاق الصاغاني ، وعبّاس الدوري ، وأحمد بن ملاعب المخرّميّ ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وبشر بن موسى ، والحارث بن أسامة التّميميّ وغيرهم. وكان خلف قد انتقل إلى مكة فنزلها ، وأحسبه مات بها.

أخبرنا أبو عمر بن مهديّ أخبرنا محمّد بن مخلد العطّار حدّثنا إبراهيم بن هانئ حدّثنا يحيى بن عبد الله وخلف بن الوليد قالا : حدّثنا أبو جعفر الرّازيّ عن قتادة عن أنس. قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تسحروا فإن في السحور بركة (١)».

أخبرنا ابن الفضل أخبرنا عليّ بن إبراهيم حدّثنا أبو أحمد بن فارس حدّثنا البخاريّ. قال : خلف بن الوليد أبو الوليد بغدادي.

أخبرنا الصّيمريّ حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازيّ حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني حدّثنا أحمد بن زهير قال : سمعت يحيى بن معين يقول : خلف بن الوليد ثقة.

أخبرني الأزهري حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب ابن شيبة حدّثنا جدي. قال : خلف بن الوليد أبو الوليد اللؤلؤي ، ثقة ثقة.

أخبرنا ابن الفضل أخبرنا جعفر بن محمّد الخلدي حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي. قال : ومات خلف بن الوليد سنة اثنتي عشرة ومائتين.

٤٤١٦ ـ خلف بن عبد الحميد بن عبد الرّحمن بن أبي الحسناء ، السرخسي :

سكن بغداد وحدّث بها عن عبد الغفار بن سعيد الواسطيّ. روى عنه الحسن بن عليّ بن الوليد الفارسيّ ، وعمر بن حفص السّدوسيّ.

__________________

٤٤١٥ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ٢٥٠.

(١) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.

٣١٧

أخبرني أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أحمد بن الفلو الكاتب أخبرنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّقّاق حدّثنا الحسن بن عليّ بن الوليد الفارسيّ حدّثنا خلف بن عبد الحميد بن عبد الرّحمن بن أبي الحسناء حدّثنا أبو الصباح عبد الغفور عن أبي هاشم عمن سمع عليا يقول : إن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتاه جبريل فقال : «يا محمّد إن الأمة مفتونة بعدك. فقال له : فما المخرج يا جبريل؟ قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم وهو حبل الله المتين ، وهو الصراط المستقيم ، وهو قول فصل ليس بالهزل ، إن هذا القرآن لا يليه من جبار فيعمل بغيره إلا قسمه الله ، ولا يبتغى علما سواه إلا أضله الله ، ولا يخلق عن رد ، وهو الذي لا تفنى عجائبه ، من يقل به يصدق ، ومن يحكم به يعدل ، ومن يعمل به يؤجر ، ومن يقسم به يقسط.

حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال أخبرني الحسن بن يوسف الصّيرفيّ أخبرنا أحمد بن محمّد بن هارون الخلّال أخبرني محمّد بن عليّ حدّثنا مهني قال سألت أحمد عن خلف بن عبد الحميد يكون في الحربيّة فقال : لا أعرفه.

٤٤١٧ ـ خلف بن هشام بن ثعلب ـ ويقال : خلف بن هشام بن طالب ـ بن غراب ، أبو محمّد البزّار المقرئ :

سمع مالك بن أنس ، وحمّاد بن زيد ، وأبا معاوية ، وخالد بن عبد الله ، وشريك ابن عبد الله ، وحبّان بن عليّ ، وأبا الأحوص سلّام بن سليم ، وأبا شهاب الحناط ، وهشيما. روى عنه عبّاس الدوري ، ومحمّد بن الجهم السمري ، وأحمد بن أبي خيثمة ، ومحمّد بن أحمد بن البراء ، وإبراهيم الحربيّ ، وإدريس بن عبد الكريم الحدّاد ، وموسى بن هارون ، والحسين بن فهم ، وأبو بكر بن أبي الدّنيا ، والحسن بن سلّام ، وأبو القاسم البغويّ.

أخبرنا الحسن بن عليّ التّميميّ أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدّثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدّثنا خلف بن هشام حدّثنا شريك عن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجم يهوديّا ويهودية.

وقال عبد الله : حدّثنا خلف أيضا قال : حدّثنا سليمان بن محمّد المباركي حدّثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجم يهوديا ويهودية.

رواه خلف عن شريك نفسه مقطوعا ، وعن المباركي عن شريك موصولا.

__________________

٤٤١٧ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٤٥.

٣١٨

أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ قال : سمعت أبا العبّاس أحمد بن إبراهيم وراق خلف بن هشام قال سمعت خلفا يقول : قدمت الكوفة فصرت إلى سليم بن عيسى فقال لي ما أقدمك؟ قال : قلت أقرأ علي أبي بكر بن عياش بحرف عاصم ، فقال لي : لا تزيد؟ قال قلت بلى ، قال فدعا ابنه وكتب معه رقعة إلى أبي بكر ابن عياش ولم أدر ما كتب فيها ، قال فأتينا منزل أبي بكر فاستأذن عليه ابن سليم ، فدخل فأعطاه الرقعة ، قال أبو يعقوب ـ يعني ابن أبي حسّان ـ وكان لخلف سبع عشرة سنة ، قال فلما قرأها قال : أدخل الرجل قال فدخلت فسلمت عليه ، قال فصعد في النظر ثم قال لي : أنت خلف؟ قال قلت نعم أنا خلف ، قال أنت لم تخلف ببغداد أحدا أقرأ منك؟ قال فسكت ، قال فقال لي اقعد هات اقرأ؟ قال قلت : عليك؟ قال نعم! قال قلت لا والله لا أقرأ على رجل يستصغر رجلا من حملة القرآن ، قال ثم تركته وخرجت ، قال فوجه إلي سليم يسألني أن يردني إليه قال فلم أرجع قال فندمت واحتجت فكتبت قراءة عاصم عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش.

أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي حدّثنا سعد بن محمّد بن إسحاق الصّيرفيّ حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن جعفر الرّازيّ. وأخبرنا الحسن بن أبي طالب حدّثني عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقرئ حدّثنا أبو عليّ بن الرّازيّ ـ صاحب الحسين ابن فهم ـ قال حدّثنا حسين بن محمّد بن فهم حدّثني خلف بن هشام. قال : أتيت سليم بن عيسى لأقرأ عليه ، قال وكان بين يديه قوم فأظنهم سبقوني ، فلما جلست قال لي من أنت؟ قلت خلف ، فقال لي بلغني أنك تريد الترفع في القراءة ، فلست آخذ عليك شيئا. قال فكنت أحضر المجلس ولا يأخذ علي شيئا ، قال فبكرت يوما في الغلس وخرج ، فقال من هاهنا يتقدم يقرأ؟ فتقدمت فجلست بين يديه. قال : فاستفتحت سورة يوسف وهي من أشد القرآن إعرابا ، فقال لي من أنت؟ فما سمعت أقرأ منك! فقلت أنا خلف. فقال لي فعلتها ما يحل لي أن أمنعك ، اقرأ قال فكنت أقرأ عليه حتى قرأت يوما حم المؤمن فلما بلغت إلى قوله تعالى : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [غافر ٧] بكى بكاء شديدا ، ثم قال لي : يا خلف أما ترى ما أعظم حق المؤمن ، تراه نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له.

حدّثني حمزة الزّيّات عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله خلق مائة رحمة ، فأنزل منها رحمة على عبادة يتراحمون بها. وخبأ تسعا

٣١٩

وتسعين عنده ، فإذا كان يوم القيامة جمع تيك الرحمة إلى التسعة والتسعين وفرقها على عباده (١)» فمن رحمة واحدة جعلني مسلما ، وعلمني القرآن ، وعرفني نبيه ، وفعل بي وفعل ، إني أرجو من تسع وتسعين الجنة. دخل كل واحد من اللفظين في الآخر والمعنى متقارب.

أخبرني أحمد بن محمّد العتيقي حدّثنا محمّد بن العبّاس حدّثنا جعفر بن محمّد الصندلي أخبرنا أبو بكر بن حمّاد قال سألت خلف بن هشام قلت : يا أبا محمّد بن سعدان الضّرير قرأ عليك؟ قال لم تسأل عن هذا؟ فقلت أحببت أن أعلم. فقال كان ابن سعدان يختلف إلى البصرة في قبض أرزاقه مع المكافيف ، فكان يجلس إلى أيّوب بن المتوكل فقال له أيّوب يوما يا ضرير ألك حظ في القرآن؟ قال فقال ابن سعدان : قد رزق الله منه خيرا بحمد الله ونعمته ، قال فقال : على من قرأت؟ قال فذكرني ، قال فقال له اقرأ حتى أسمع قراءتك ، قال فقرأت قراءة لينة ، قال فقال لا ، اقرأ كما تقرأ على أستاذك ، قال فأضجعت رجلي اليسرى ، ونصبت اليمنى ، وحللت أزراري وحسرت عن ذراعي ، ثم ابتدأت فقرأت خمس آيات بالتحقيق ، قال فقال لي حسبك ، ثم التفت إلى أصحابه فقال : من لم يدخل الكوفة ، ويشرب من ماء الفرات ، لم يقرأ القرآن. قال ثم قدمت البصرة فأتيت أيّوب بن المتوكل ، فقام من مجلسه فأجلسني فيه ، وجلس بين يدي ، فكبر ذلك على أصحابه ، فالتفت إليهم فقال إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأن قد دخل هذه القرية أمير المؤمنين ، قال خلف : ثم قدم أيّوب علينا هاهنا فكان يسألني عن دقائق قراءة حمزة.

أخبرني عبد العزيز بن عليّ الورّاق حدّثنا عمر بن محمّد بن إبراهيم البجليّ حدّثنا أحمد بن عبيد الله بن عمّار الثقفي حدّثني أبو عبد الله محمّد بن أحمد المعروف بابن أبي قرية قال قلت لخلف : يا أبا محمّد قرأت في كتابك ـ كتاب حروف القراءات ـ حدّثني سليم بن عيسى قال قرأت القرآن على حمزة بن حبيب عشر مرات ، وقرأت أنا القرآن على سليم بن عيسى مرارا فلم لم تبين ذلك كما بينه سليم؟ فقيل قد ظننت أنه لا يسألني عن ذاك إلا مثلك وسأخبرك ، إني لما أكثرت من القراءة على سليم وأقمت أقرئ ببغداد ، قدمت عليه بالكوفة بعد ذلك ، فقال : ما جاء بك يا خلف فقد

__________________

(١) انظر الحديث في : مسند أحمد ٤ / ٣١٢ ، ٥ / ٤٣٩. والمستدرك ١ / ٥٦ ، ٤ / ٢٤٨. والمعجم الكبير ٦ / ٣٠٧ ، ١١ / ٣٧٤ ، ١٩ / ٤١٦. وفتح الباري ١٠ / ٤٣٢.

٣٢٠