تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٨

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٨

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٦

الخروج إلى طرسوس ، فمن كانت له حاجة تحملتها ، وإلّا فانا أستودعكم الله ، قال : فأخرج هذا ألف درهم فأعطاه وقال اغز بها عني وأعطاه هذا مائة دينار ، وقال : أخرج بها غزاة من هناك ، وأعطاه هذا مالا ، وهذا مالا حتى اجتمع ألوف دنانير ودراهم ، فلحق بالحلاج فقاسمه عليها.

حدّثنا عليّ بن أبي علي ، حدّثني أبي قال : أخبرني أبو بكر محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الشّاهد الأهوازيّ قال : أخبرني فلان المنجم ، وأسماه ووصفه بالحذق والفراهة ـ قال : بلغني خبر الحلاج وما كان يفعله من إظهار تلك العجائب التي يدعى أنها معجزات. فقلت : أمضي وأنظر من أي جنس هي من المخاريق ، فجئته كأني مسترشد في الدين ، فخاطبني وخاطبته ثم قال لي : تشه الساعة ما شئت حتى أجيئك به ، وكنا في بعض بلدان الجبل التي لا يكون فيها الأنهار ، فقلت له : أريد سمكا طريا في الحياة الساعة ، فقال : افعل ، اجلس مكانك فجلست ، وقام فقال : أدخل البيت وأدعو الله أن يبعث لك به. قال : فدخل بيتا حيالي ، وغلق بابه وأبطأ ساعة طويلة ، ثم جاءني وقد خاض وحلا إلى ركبته وماء ، ومعه سمكة تضطرب كبيرة ، فقلت له : ما هذا؟ فقال : دعوت الله فأمرني أن أقصد البطائح وأجيئك بهذه ، فمضيت إلى البطائح فخضت الأهواز ، فهذا الطين منها حتى أخذت هذه ، فعلمت أن هذه حيلة ، فقلت له : تدعني أدخل البيت فإن لم ينكشف لي حيلة فيه آمنت بك. فقال : شأنك ، فدخلت البيت وغلقته على نفسي فلم أجد فيه طريقا ولا حيلة ، فندمت ، وقلت إن وجدت فيه حيلة فكشفتها ؛ لم آمن أن يقتلني في الدار ، وإن لم أجد طالبني بتصديقه ، كيف أعمل؟ قال : وفكرت في البيت فرفعت تأزيره ـ وكان مؤزرا بإزار ساج ـ فإذا بعض التأزير فارغا ، فحركت جسرية منه خمنت عليها فإذا هي قد انفلقت ، فدخلت فيها فإذا هي باب ممر ، فولجت فيه إلى دار كبيرة ، فيها بستان عظيم ، فيه صنوف الأشجار والثمار ، والريحان ، والأنوار التي هي وقتها وما ليس هو وقته مما قد غطى وعتق ، واحتيل في بقائه. وإذا الخزائن مفتوحة فيها أنواع الأطعمة المفروغ منها والحوائج لما يعمل في الحال إذا طلب ، وإذا بركة كبيرة في الدار فخضتها فإذا هي مملوءة سمكا كبارا وصغارا فاصطدت واحدة كبيرة وخرجت ، فإذا رجلي قد صارت بالوحل والماء إلى حد ما رأيت رجله ، فقلت : الآن إن خرجت ورأى هذا معي قتلني فقلت : احتال عليه في الخروج ، فلما رجعت إلى البيت أقبلت أقول : آمنت وصدقت ، فقال لي : ما لك؟ قلت : ما هاهنا حيلة ، وليس إلّا التصديق بك. قال : فاخرج فخرجت وقد بعد عن

١٢١

الباب ، وتموه عليه قولي. فحين خرجت أقبلت أعدو أطلب باب الدار ، ورأى السمكة معي ، فقصدني وعلم أني قد عرفت حيلته فأقبل يعدو خلفي فلحقني ، فضربت بالسمكة صدره ووجهه ، وقلت له : أتعبتني حتى مضيت إلى البحر ، فاستخرجت لك هذه منه! قال : واشتغل بصدره وبعينه وما لحقهما من السمكة وخرجت. فلما صرت خارج الدار طرحت نفسي مستلقيا لما لحقني من الجزع والفزع. فخرج إليّ وضاحكني وقال : ادخل. فقلت : هيهات والله لئن دخلت لا تركتني أخرج أبدا. فقال : اسمع ، والله لئن شئت قتلك على فراشك لأفعلن ، ولئن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنك ، ولو كنت في تخوم الأرض وما دام خبرها مستورا فأنت آمن على نفسك ، امض الآن حيث شئت. وتركني ودخل فعلمت أنه يقدر على ذلك بأن يدس أحد من يطيعه ، ويعتقد فيه ما يعتقده فيقتلني ، فما حكيت الحكاية إلى أن قتل.

أخبرنا عليّ بن أبي علي عن ابن الحسن أحمد بن يوسف الأزرق أن الحسين بن منصور الحلاج لما قدم بغداد يدعو ، استغوى كثيرا من الناس والرؤساء ، وكان طمعه في الرافضة أقوى لدخوله من طريقهم ، فراسل أبا سهل بن نوبخت يستغويه ، وكان أبو سهل من بينهم مثقفا فهما فطنا ، فقال أبو سهل لرسوله : هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل ، ولكن أنا رجل غزل ولا لذة لي أكبر من النساء وخلوتي بهن ، وأنا مبتلي بالصلع حتى إني أطول قحفي وآخذ به إلى جبيني وأشده بالعمامة واحتال فيه بحيل ، ومبتلي بالخضاب لستر المشيب ، فإن جعل لي شعرا ورد لحيتي سوداء بلا خضاب آمنت بما يدعوني إليه كائنا ما كان ، إن شاء قلت إنه باب الإمام ، وإن شاء الإمام ، وإن شاء قلت إنه النبي ، وإن شاء قلت إنه الله! قال : فلما سمع الحلاج جوابه أيس منه ، وكف عنه. قال أبو الحسن : وكان الحلاج يدعو كل قوم إلى شيء من هذه الأشياء التي ذكرها أبو سهل على حسب ما يستبله طائفة طائفة. وأخبرني جماعة من أصحابنا أنه لما افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلاج وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة في غير حينها ، والدراهم التي سماها دراهم القدرة حدّث أبو عليّ الجبائي بذلك ، فقال لهم : هذه الأشياء محفوظة في منازل يمكن الحيل فيها ، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله هو ، وكلفوه أن يخرج منه جرزتين شوكا فإن فعل فصدقوه ، فبلغ الحلاج قوله وأن قوما قد عملوا على ذلك فخرج عن الأهواز.

حدّثني مسعود بن ناصر ، أنبأنا أبو عبد الله بن باكوا الشّيرازيّ قال : سمعت أبا عبد الله بن حفيف ـ وقد سأله أبو الحسن بن أبي توبة عن الحسين بن منصور ـ فقال :

١٢٢

سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول : دخل الحسين بن منصور مكة ومعه أربعمائة رجل ، فأخذ كل شيخ من شيوخ الصّوفيّة جماعة ، قال : وكان في سفرته الأولى كنت آمر من يخدمه. قال : ففي هذه الكرة أمرت المشايخ وتشفعت إليهم ليحملوا عنه الجمع العظيم ، قال : فلما كان وقت المغرب جئت إليه وقلت له : قد أمسينا فقم بنا حتى نفطر ، فقال : نأكل على أبي قبيس ، فأخذنا ما أردنا من الطعام وصعدنا إلى أبي قبيس ، وقعدنا للأكل ، فلما فرغنا من الأكل قال الحسين بن منصور : لم نأكل شيئا حلوا. فقلت : أليس قد أكلنا التمر؟ فقال : أريد شيئا قد مسته النار ، فقام وأخذ ركوته وغاب عنا ساعة ثم رجع ومعه جام حلواء فوضعه بين أيدينا وقال : بسم الله ، فأخذ القوم يأكلون وأنا أقول مع نفسي قد أخذ في الصنعة التي نسبها إليه عمرو بن عثمان. قال : فأخذت منه قطعة ونزلت الوادي ، ودرت على الحلاويين أريهم ذلك الحلواء وأسألهم هل يعرفون من يتخذ هذا بمكة؟ فما عرفوه حتى حمل إلى جارية طباخة فعرفته ، وقالت : لا يعمل هذا إلا بزبيد ، فذهبت إلى حاج زبيد ـ وكان لي فيه صديق ـ وأريته الحلواء فعرفه وقال : يعمل هذا عندنا إلّا أنه لا يمكن حمله فلا أدري كيف حمل. وأمرت حتى حمل إليه الجام وتشفعت إليه ليتعرف الخبر بزبيد هل ضاع لأحد من الحلاويين جام علامته كذا وكذا ، فرجع الزبيدي إلى زبيد ، وإذا أنه حمل من دكان إنسان حلاوي ، فصح عندي أن الرجل مخدوم.

وقال ابن باكوا : حدّثنا أبو عبد الله بن مفلح ، حدّثنا طاهر بن أحمد التستري. قال : تعجبت من أمر الحلاج فلم أزل أتتبع وأطلب الحيل ، وأتعلم النيرنجات لأقف على ما هو عليه ، فدخلت عليه يوما من الأيام ، وسلمت وجلست ساعة ثم قال لي : يا طاهر لا تتعن ، فإن الذي تراه وتسمعه من فعل الأشخاص لا من فعلي ، لا تظن أنه كرامة أو شعوذة ، فصح عندي أنه كما يقول.

حدّثني أبو سعيد السجزي ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن عبيد الله الصّوفيّ الشّيرازيّ قال : سمعت عليّ بن الحسن الفارسيّ بالموصل يقول : سمعت أبا بكر بن سعدان يقول : قال لي الحسين بن منصور : تؤمن بي حتى أبعث إليك بعصفورة تطرح من ذرقها وزن حبة على كذا منا من نحاس فيصير ذهبا؟! قال : فقلت له : بل أنت تؤمن بي حتى أبعث إليك بفيل يستلقي فتصير قوائمه في السماء ، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في إحدى عينيك؟ قال : فبهت وسكت.

١٢٣

أنبأنا إبراهيم بن مخلد ، أنبأنا إسماعيل بن عليّ الخطبي ـ في تاريخه ـ قال : وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال له : الحسين بن منصور ، وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت به في وزارة عليّ بن عيسى الأولى ، وذكر عنه ضروب من الزندقة ، ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر ، وادعاء النبوّة ، فكشفه عليّ بن عيسى عند قبضه عليه ، وأنهى خبره إلى السلطان ـ يعني المقتدر بالله ـ فلم يقر بما رمى به من ذلك ، وعاقبه وصلبه حيّا أياما متوالية في رحبة الجسر في كل يوم غدوة ، وينادي عليه بما ذكر عنه ، ثم ينزل به ثم يحبس ، فأقام في الحبس سنين كثيرة ، ينقل من حبس إلى حبس حتى حبس بأخرة في دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه ، ويدفعون عنه ، ويرفهونه ، ثم راسل جماعة من الكتاب وغيرهم ببغداد وغيرها ، فاستجابوا له ، وتراقى به الأمر حتى ذكر أنه ادعى الربوبية ، وسعى بجماعة من أصحابه إلى السلطان فقبض عليهم ووجد عند بعضهم كتبا له تدل على تصديق ما ذكر عنه ، وأقر بعضهم بلسانه بذلك ، وانتشر خبره ، وتكلم الناس في قتله ، فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إلى حامد بن العبّاس ، وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة ، ويجمع بينه وبين أصحابه ، فجرى في ذلك خطوب طوال ثم استيقن السلطان أمره ، ووقف على ما ذكر له عنه ، فأمر بقتله وإحراقه بالنار. فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة ، فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط ، وقطعت يداه ورجلاه ، وضربت عنقه ، وحرقت جثته بالنار ، ونصب رأسه للناس على سور السجن الجديد ، وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه.

حدّثني محمّد بن أبي الحسن الساحلي عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد النسوي قال : سمعت محمّد بن الحسين الحافظ يقول : سمعت إبراهيم بن محمّد الواعظ يقول : قال أبو القاسم الرّازيّ : قال أبو بكر بن حمشاذ : حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة فما كان يفارقها بالليل ولا بالنهار ، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه : من الرّحمن الرّحيم إلى فلان بن فلان ، فوجه إلى بغداد قال : فأحضر وعرض عليه فقال : هذا خطي وأنا كتبته ، فقالوا : كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الربوبية؟ فقال : ما أدعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع عندنا ، هل الكاتب إلّا الله ، وأنا واليد فيه آلة. فقيل : هل معك أحد؟ فقال : نعم ، ابن عطاء ، وأبو محمّد الحريريّ ، وأبو بكر الشبلي. وأبو محمّد الحريريّ يستتر ، والشبلي يستتر ، فإن كان

١٢٤

فابن عطاء. فأحضر الحريريّ فسئل فقال : هذا كافر يقتل ، ومن يقول هذا؟ وسئل الشبلي فقال : من يقول هذا يمنع. ثم سئل ابن عطاء عن مقالة الحلاج فقال بمقالته ، فكان سبب قتله.

أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن الشبلي قال : سمعت محمّد بن عبد الله الرّازيّ يقول : كان الوزير حين أحضر الحسين بن منصور للقتل ، حامد بن العبّاس فأمره أن يكتب اعتقاده ، فكتب اعتقاده ، فعرضه الوزير على الفقهاء ببغداد فأنكروا ذلك ، فقيل للوزير : إن أبا العبّاس بن عطاء يصوب قوله ، فأمر أن يعرض ذلك على أبي العبّاس بن عطاء ، فعرض عليه فقال : هذا اعتقاد صحيح ، وأنا أعتقد هذا الاعتقاد ، ومن لا يعتقد هذا فهو بلا اعتقاد. فأمر الوزير بإحضاره فأحضر ، وأدخل عليه فجلس في صدر المجلس فغاظ الوزير ذلك ، ثم أخرج ذلك الخط فقال : هذا خطك؟ فقال : نعم ، فقال : تصوب مثل هذا الاعتقاد؟ فقال : ما لك ولهذا ، عليك بما نصبت له من أخذ أموال الناس ، وظلمهم ، وقتلهم ، مالك ولكلام هؤلاء السادة. فقال الوزير : فكيه ، فضرب فكاه ، فقال أبو العبّاس اللهم إنك سلطت هذا عليّ عقوبة لدخولي عليه. فقال الوزير : خفّه يا غلام ، فنزع خفه فقال : دماغه ، فما زال يضرب رأسه حتى سال الدم من منخريه ، ثم قال : الحبس ، فقيل أيها الوزير يتشوش العامة لذلك ، فحمل إلى منزله. فقال أبو العبّاس : اللهم اقتله أخبث قتلة ، واقطع يديه ورجليه. فمات أبو العبّاس بعد ذلك بسبعة أيام ، وقتل حامد بن العبّاس أفظع قتلة وأوحشها ، بعد أن قطعت يداه ورجلاه ، وأحرق داره ، وكانوا يقولون : أدركته دعوة أبي العبّاس بن عطاء.

أنبأنا محمّد بن عليّ بن أبي الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين النّيسابوري قال : سمعت أبا بكر بن غالب يقول : سمعت بعض أصحابنا يقول : لما أرادوا قتل الحسين ابن منصور أحضر لذلك الفقهاء ، والعلماء ، وأخرجوه ، وقدموه بحضرة السلطان ، فسألوه فقالوا مسألة ، فقال هاتوا ، فقالوا له : ما البرهان؟ فقال : البرهان شواهد يلبسها الحق أهل الإخلاص يجذب النفوس إليها جاذب القبول. فقالوا بأجمعهم : هذا كلام أهل الزندقة!! وأشاروا على السلطان بقتله.

قلت : قد أحال هذا الحاكي عن الفقهاء بأن هذا كلام أهل الزندقة ، وهو رجل مجهول ، وقوله غير مقبول ، وإنما أوجب الفقهاء قتله بأمر آخر. حدّثني مسعود بن

١٢٥

ناصر ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن باكوا الشّيرازي. قال : سمعت ابن بزول القزوينيّ ـ وقد سأل أبا عبد الله بن حفيف عن معنى هذه الأبيات ـ :

سبحان من أظهر ناسوته

سر سنا لاهوته الثاقب

ثم بدا في خلقه ظاهرا

في صورة الآكل والشارب

حتى لقد عاينه خلقه

كلحظة الحاجب بالحاجب

فقال الشيخ : على قائلها لعنة الله. فقال عيسى بن بزول : هذا الحسين بن منصور. فقال : إن كان هذا اعتقاده فهو كافر. إلّا أنه لم يصح أنه له ، ربما يكون مقولا عليه. قال ابن باكوا : سمعت أبا القاسم يوسف بن يعقوب النّعماني يقول : سمعت والدي يقول : سمعت أبا بكر محمّد بن داود الفقيه الأصبهاني يقول : إن كان ما أنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حقّا ، وما جاء به حقّا ، فما يقول الحلاج باطل. وكان شديدا عليه.

أنبأنا ابن الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين قال : سمعت أبا بكر الشاشي يقول : قال أبو الجديد ـ يعني المصري ـ لما كان الليلة التي قتل في صبيحتها الحسين بن منصور قام من الليل فصلى ما شاء الله ، فلما كان آخر الليل قام قائما فتغطى بكسائه ، ومد يديه نحو القبلة فتكلم بكلام جائز الحفظ ، وكان مما حفظت أن قال : نحن شواهدك فلو دلتنا عزتك لتبدي ما شئت من شأنك ومشيئتك ، وأنت الذي في السماء إليه وفي الأرض إله. تتجلى لما تشاء مثل تجليك في مشيئتك كأحسن الصورة ، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة ثم أوعزت إليّ شاهدك ، لأني في ذاتك الهوى ، كيف أنت إذا مثلت بذاتي عند عقيب كراتي ، ودعوت إلى ذاتي بذاتي ، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي ، صاعدا في معارجي إلى عروش أزلياتي ، عند القول من برياتي ، إني احتضرت وقتلت ، وصلبت ، وأحرقت ، واحتملت سافياتي الذاريات ، ونجحت في الجاريات ، وأن ذرة من ينجوج مكان هاكول متجلياتي ، لأعظم من الراسيات. ثم أنشأ يقول :

أنعي إليك نفوسا طاح شاهدها

فيما ورا الحيث أو في شاهد القدم

أنعي إليك قلوبا طالما هطلت

سحائب الوحي فيها أبحر الحكم

أنعي إليك لسان الحق منك ومن

أودى وتذكاره في الوهم كالعدم

أنعي إليك بيانا يستكين له

أقوال كل فصيح مقول فهم

أنعي إليك إشارات العقول معا

لم يبق منهن إلّا دارس العدم

١٢٦

أنعي ـ وحبك ـ أخلاقا لطائفة

كانت مطاياهم من مكمد الكظم

مضى الجميع فلا عين ولا أثر

مضى عاد وفقدان الألي إرم

وخلفوا معشرا يحذون لبستهم

أعمى من البهم بل أعمى من النعم

حدّثني محمّد بن علي الصوري قال : سمعت إبراهيم بن جعفر بن أبي الكرام البزّاز ـ بمصر ـ يقول : سمعت أبا محمّد الياقوتي يقول : رأيت الحلاج عند الجسر وهو على بقرة ووجهه إلى عجزها ، فسمعته يقول : ما أنا بالحلاج ، ألقى على شبهه وغاب ، فلما أدنى إلى الخشبة ليصلب عليها سمعته يقول : يا معين الفنا عليّ ، أعني عليّ الفنا. أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ قال : لما أخرج الحسين بن منصور ليقتل أنشد :

طلبت المستقر بكل أرض

فلم أر لي بأرض مستقرا

أطعت مطامعي فاستعبدتني

ولو أني قنعت لكنت حرّا

أنبأنا إسماعيل الحيرى ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت محمّد بن أحمد بن الحسن الورّاق يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمّد القلانسي الرّازيّ يقول : لما صلب الحسين بن منصور ، وقفت عليه وهو مصلوب فقال : إلهي إلهي أصبحت في دار الرغائب أنظر إلى العجائب ، إلهي إنك تتودد إلى من يؤذيك ، فكيف لا تتودد إلى من يؤذي فيك.

وقال السلمي : سمعت عبد الواحد بن عليّ يقول : سمعت فارسا البغداديّ يقول : لما حبس الحلاج قيد من كعبه إلى ركبته بثلاثة عشر قيدا ، وكان يصلي مع ذلك في كل يوم وليلة ألف ركعة! قال : وسمعت فارسا يقول : قطعت أعضاؤه يوم قتل عضوا عضوا وما تغير لونه.

وقال السلمي : سمعت أبا عبد الله الرّازيّ يقول : سمعت أبا بكر العطوفي يقول : كنت أقرب الناس من الحلاج ، فضرب كذا وكذا سوطا ، وقطعت يداه ورجلاه فما نطق!

أنبأنا أبو الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين قال : سمعت الحسين بن أحمد ـ يعني الرّازيّ ـ يقول : سمعت أبا العبّاس بن عبد العزيز يقول : كنت أقرب الناس من الحلاج حين ضرب وكان يقول مع كل صوت : أحد ، أحد.

١٢٧

حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصّيرفيّ قال : قال لنا أبو عمر بن حيويه : لما أخرج حسين الحلاج ليقتل مضيت في جملة الناس ولم أزل أزاحم حتى رأيته فقال لأصحابه : لا يهولنكم هذا ، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما ثم قتل.

أنبأنا محمّد بن أحمد بن عبد الله الأردستاني ـ بمكة ـ أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا العبّاس الرّزّاز يقول : كان أخي خادما للحسين بن منصور ، فسمعته يقول : لما كانت الليلة التي وعد من الغد قتله ، قلت له : يا سيدي أوصني ، فقال لي : عليك نفسك إن لم تشغلها شغلتك قال : فلما كان من الغد فأخرج للقتل قال : حسب الواحد إفراد الواحد له. ثم خرج يتبختر في قيده ويقول :

نديمي غير منسوب

إلى شيء من الحيف

سقاني مثل ما يشر

ب فعل الضيف بالضيف

فلما دارت الكأس

دعا بالنطع والسيف

كذا من يشرب الراح

مع التنين في الصيف

ثم قال : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) [الشورى ١٨] ثم ما نطق بعد ذلك حتى فعل به ما فعل.

أنبأنا ابن الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين قال : سمعت عبد الله بن عليّ يقول : سمعت عيسى القصار يقول : آخر كلمة تكلم بها الحسين بن منصور عند قتله وصلبه أن قال : حسب الواحد إفراد الواحد له. فما سمع بهذه الكلمة أحد من المشايخ إلّا رق له واستحسن هذا الكلام منه.

أنبأنا إسماعيل الحيرى ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت أبا بكر البجليّ يقول : سمعت أبا الفاتك البغداديّ ـ وكان صاحب الحلاج ـ قال : رأيت في النوم بعد ثلاث من قتل الحلاج ، كأني واقف بين يدي ربي تعالى فأقول يا رب ما فعل الحسين بن منصور؟ فقال : كاشفته بمعنى فدعا الخلق إلى نفسه ، فأنزلت به ما رأيت.

ذكر أخبار الحلاج بعد حصوله في يد حامد بن العبّاس وشرحها على التفصيل إلى حين مقتله :

قد ذكرنا ما انتهى إلينا من أخبار الحلاج المنثورة وأنا أسوق هاهنا قصته ببغداد مفصلة ، وسبب القبض عليه ، وشرح ما بعد ذلك إلى أن قتل :

١٢٨

فبلغنا أنه أقام ببغداد في أيام المقتدر بالله زمانا يصحب الصّوفيّة وينتسب إليهم ، والوزير إذ ذاك حامد بن العبّاس فانتهى إليه أن الحلاج قد موّه على جماعة من الحشم والحجاب في دار السلطان ، وعلى غلمان نصر القشوري الحاجب وأسبابه ، بأنه يحيي الموتى ، وأن الجن يخدمونه ويحضرون ما يختاره ويشتهيه ، وأظهر أنه قد أحيا عدة من الطير. وأظهر أبو عليّ الأوارجي لعليّ بن عيسى أن محمّد بن عليّ القنائي ـ وكان أحد الكتاب ـ يعبد الحلاج ، ويدعو الناس إلى طاعته ، فوجه عليّ بن عيسى إلى محمّد ابن عليّ القنائي من كبس منزله وقبض عليه ، وقرره عليّ بن عيسى فأقر أنه من أصحاب الحلاج ، وحمل من داره إلى عليّ بن عيسى دفاتر ورقاعا بخط الحلاج ، فالتمس حامد بن العبّاس من المقتدر بالله أن يسلم إليه الحلاج ومن وجد من دعاته ، فدفع عنه نصر الحاجب ، وكان يذكر عنه الميل إلى الحلاج ، فجرد حامد في المسألة ، فأمر المقتدر بالله أن يدفع إليه ، فقبضه واحتفظ به ، وكان يخرجه كل يوم إلى مجلسه ويتسقطه ليتعلق عليه بشيء يكون سبيلا له إلى قتله ، فكان الحلاج لا يزيد على إظهار الشهادتين والتوحيد ، وشرائع الإسلام ، وكان حامد قد سعى إليه بقوم أنهم يعتقدون في الحلاج الإلهية ، فقبض حامد عليهم وناظرهم فاعترفوا أنهم من أصحاب الحلاج ودعاته ، وذكروا لحامد أنهم قد صح عندهم أنه إله ، وأنه يحيي الموتى ، وكاشفوا الحلاج بذلك فجحده وكذبهم ، وقال : أعوذ بالله أن أدعي الربوبية ، أو النبوّة ، وإنما أنا رجل أعبد الله ، وأكثر الصوم ، والصلاة ، وفعل الخير ، ولا أعرف غير ذلك (٢).

حدّثنا عليّ بن المحسن القاضي ، عن أبي القاسم إسماعيل بن محمّد بن زنجي الكاتب عن أبيه ـ وهو المعروف بزنجي ـ بما أسوقه من أخبار الحلاج إلى حين مقتله ، وكان زنجي يلازم مجلس حامد بن العبّاس ويرى الحلاج ، ويسمع مناظرات أصحابه.

قال زنجي : أول ما انكشف من أمره في أيام وزارة حامد بن العبّاس ، أن رجلا شيخا حسن السمت يعرف بالدباس ، تنصح فيه ، وذكر انتشار أصحابه ، وتفرق دعاته في النواحي ، وأنه كان ممن استجاب له ثم تبين له مخرقته ، ففارقه وخرج عن جملته ، وتقرب إلى الله بكشف أمره ، واجتمع معه على هذه الحال أبو عليّ هارون بن عبد العزيز الأوارجي الكاتب الأنباريّ وكان قد عمل كتابا ذكر فيه مخاريق الحلاج ،

__________________

(٢) الى هنا آخر المجلد الخامس من النسخة الصميصاطية. وقد وافق الفراغ من نسخه من أصل نسخة بخط الزعفراني ، وقف الصميصاطى ، تاسع ذى الحجة سنة ٦٣٤ ، ويتلوه الجزء السادس.

١٢٩

والحيلة فيها ، والحلاج حينئذ مقيم عند نصر القشوري ، في بعض حجره ، موسع عليه ، مأذون لمن يدخل إليه ، وللحلاج اسمان أحدهما الحسين بن منصور ، والآخر محمّد ابن أحمد الفارسيّ. وكان قد استغوى نصرا وجاز تمويهه عليه ، حتى كان يسميه العبد الصّالح ، ويحدّث الناس أن علة عرضت للمقتدر بالله في جوفه ، وقف نصر على خبرها ، فوصفه له واستأذنه في إدخاله إليه فأذن له ، ووضع يده على الموضع الذي كانت العلة فيه وقرأ عليه ، فاتفق أن زالت العلة ، ولحق والدة المقتدر بالله مثل تلك العلة ، وفعل بها مثل ذلك فزال ما وجدته ، فقام للحلاج بذلك سوق في الدار ، وعند والدة المقتدر والخدم والحاشية وأسباب نصر خاصة ، ولما انتشر كلام الدباس وأبي علي الأوارجي في الحلاج بعث به المقتدر بالله إلى أبي الحسن عليّ بن عيسى ليناظره فأحضره مجلسه وخاطبه خطابا فيه غلظة ، فحكى في ذلك الوقت أنه تقدم إليه وقال له فيما بينه [وبينه] (٣) : قف حيث انتهيت ولا تزد عليه شيئا ، وإلّا قلبت الأرض عليك ، أو كلاما في هذا المعنى فتهيب عليّ بن عبيس مناظرته واستعفى منه ، ونقل حينئذ إلى حامد ، وكانت بنت السمري صاحب الحلاج قد أدخلت إليه ، وأقامت عنده في دار السلطان مدة ، وبعث بها إلى حامد ليسألها عما وقفت عليه ، وشاهدته من أحواله ، فدخلت إلى حامد في يوم شات بارد ، وهذه المرأة بحضرته ـ وكانت حسنة العبارة ، عذبة الألفاظ ، مقبولة الصورة ، فسألها عن أمره فذكرت أن أباها السمري حملها إليه ، وأنها لما دخلت عليه وهب لها أشياء كثيرة ، عدّدت أصنافها منها ريطة خضراء وقال لها : قد زوجتك من ابني سليمان ، وهو أعز ولدي عليّ ، وهو مقيم بنيسابور في موضع قد ذكرته وأنسيته ، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف ، أو تنكر منه حالا من الأحوال ، وقد أوصيته بك ، فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته فصومي يومك ، واصعدي آخر النهار إلى السطح وقومي على الرماد واجعلي فطرك عليه وعلى ملح جريش ، واستقبليني بوجهك ، واذكري لي ما أنكرتيه منه فإني أسمع وأرى. قالت : وكنت ليلة نائمة في السطح وابنة الحلاج معي في دار السلطان ، وهو معنا ، فلما كان في الليل أحسست به وقد غشيني فانتبهت مذعورة منكرة لما كان منه. فقال : إنما جئتك لأوقظك للصلاة ولما أصبحنا نزلت إلى الدار ومعي بنته ونزل هو ، فلما صار على الدرجة بحيث يرانا ونراه قالت بنته : اسجدي له ، فقلت لها : أو يسجد أحد لغير الله؟! وسمع كلامي لها فقال : نعم ، إله في السماء

__________________

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

١٣٠

وإله في الأرض ، قالت : ودعاني إليه وأدخل يده في كمه وأخرجها مملوءة مسكا فدفعه إليّ وفعل هذا مرات ، ثم قال : اجعلي هذا في طيبك فإن المرأة إذا حصلت عند الرجل احتاجت إلى الطّيب ، قالت : ثم دعاني وهو جالس في بيت البواري فقال : ارفعي جانب البارية وخذي من تحته ما تريدين ، وأومأ إلى زاوية البيت فجئت إليها ورفعت البارية فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت فبهرني ما رأيت من ذلك. قال زنجي : وأقامت هذه المرأة معتقلة في دار حامد إلى أن قتل الحلاج. ولما حصل الحلاج في يد حامد جد في طلب أصحابه ، وأذكى العيون عليهم ، وحصل في يده منهم ، حيدرة ، والسمري ، ومحمّد بن عليّ القنائي ، والمعروف بأبي المغيث الهاشميّ ، واستتر المعروف بابن حمّاد وكبس منزله وأخذت منه دفاتر كثيرة ، وكذلك من منزل محمّد بن عليّ القنائي ، في ورق صيني ، وبعضها مكتوب بماء الذهب ، مبطنة بالديباج والحرير ، مجلدة بالأديم الجيد ، وكان فيما خاطبه به حامد ـ أول ما حمل إليه : ألست تعلم أنى قبضت عليك بدور الراسبي وأحضرتك إلى واسط ، فذكرت في دفعة أنك المهديّ ، وذكرت في دفعة أخرى أنك رجل صالح ، تدعو إلى عبادة الله والأمر بالمعروف ، فكيف ادعيت بعد الإلهية؟! وكان في الكتب الموجودة عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إلى النواحي وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه وما يأمرهم به من نقلهم من حال إلى أخرى ، ومرتبة إلى مرتبة ، حتى يبلغوا الغاية القصوى ، وأن يخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم وأفهامهم ، وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم ، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة لا يعرفها إلّا من كتبها ومن كتبت إليه ، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى ، وفي بعضها صورة فيها اسم الله تعالى مكتوب على تعويج ، وفي داخل ذلك التعويج مكتوب عليّ عليه‌السلام! كتابة لا يقف عليها إلّا من تأملها. وحضرت مجلس حامد ـ وقد أحضر السمري صاحب الحلاج وسأله عن أشياء من أمر الحلاج ـ وقال له : حدثني بما شاهدته منه ، فقال له : إن رأى الوزير أن يعفيني فعل ، فأعلمه أنه لا يعفيه ، وعاود مسألته عما شاهده ، فعاود استعفاءه وألح عليه في السؤال فلما تردد القول بينهما قال : اعلم أني إن حدثتك كذبتني ولم آمن مكروها يحلقني ، فوعده أن لا يلحقه مكروه. فقال : كنت معه بفارس فخرجنا نريد إصطخر في زمان شات ، فلما صرنا في بعض الطريق أعلمته بأني قد اشتهيت خيارا ، فقال لي : في هذا المكان ، وفي مثل هذا الوقت من الزمان؟ فقلت : هو شيء عرض لي ، ولما كان بعد ساعات قال لي : أنت على تلك الشهوة؟ فقلت : نعم. قال : وسرنا

١٣١

إلى سفح جبل ثلج فأدخل يده فيه وأخرج إليّ منه خيارة خضراء ودفعها إليّ. فقال له حامد : فأكلتها؟ قال : نعم ، فقال له : كذبت يا ابن مائة ألف زانية في مائة ألف زانية ، أوجعوا فكه ، فأسرع الغلمان إليه فامتثلوا ما أمرهم به وهو يصيح : أليس من هذا خفنا؟ ثم أمر به فأقيم من المجلس ، وأقبل حامد يتحدّث عن قوم من أصحاب النيرنجات كانوا يعدون بإخراج التين ، وما يجري مجراه من الفواكه ، فإذا حصل ذلك في يد الإنسان وأراد أن يأكله صار بعرا. وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط خيازر لطيف حمل من دار محمّد بن عليّ القنائي ـ أكبر ظني ـ فتقدم بفتحه ففتح فإذا فيه قدر جافة خضر ، وقوارير فيها شيء لون الزئبق ، وكسر خبز جافة ، وكان السمري حاضرا جالسا بالقرب من أبي ، فعجب من تلك القدر وتصييرها في سفط مختوم ، ومن تلك القوارير ـ وعندنا أنها أدهان ـ ومن كسر الخبز ، وسأل حامد السمري عن ذلك فدافعه عن الجواب واستعفاه منه ، وألح عليه في السؤال ، فعرفه أن تلك القدر رجيع الحلاج ، وأنه يستشفى به ، وأن الذي في القوارير بوله! فعرف حامد ما قاله فعجب منه من كان في المجلس ، واتصل القول في الطعن على الحلاج ، وأقبل أبي يعيد ذكر تلك الكسر ويتعجب منها وفي احتفاظهم بها حتى غاظ السمري ذلك فقال له : هو ذا أسمع ما تقول ، وأرى تعجبك من هذه الكسر وهي بين يديك فكل منها ما شئت ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج بعد أكلك ما تأكله منها فتهيب أبي أن يأكلها ، وتخوف أن يكون فيها سم ، وأحضر حامد الحلاج وسأله عما كان في السفط ، وعن احتفاظ أصحابه برجيعه وبوله؟ فذكر أنه شيء ما علم به ولا عرفه ، وكان يتفق في كثير من الأيام جلوس الحلاج في مجلس حامد إلى جنبي فأسمعه يقول دائما : سبحانك لا إله الّا أنت ، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ، وكانت عليه مدرعة سوداء من صوف ، وكنت يوما وأبي بين يدي حامد ، ثم نهض عن مجلسه وخرجنا إلى دار العامة وجلسنا في رواقها ، وحضر هارون بن عمران الجهبذ فجلس بين يدي أبي ولم يحادثه فهو في ذاك إذ جاء غلام حامد الذي كان موكلا بالحلاج ، وأومأ إلى هارون بن عمران أن يخرج إليه ، فنهض عن المجلس مسرعا ونحن لا ندري ما السبب ، فغاب عنا قليلا ثم عاد وهو متغير اللون جدّا ، فأنكر أبي ما رآه منه وسأله عنه فقال : دعاني الغلام الموكل بالحلاج فخرجت إليه فأعلمني أنه دخل إليه ومعه الطبق الذي رسم أن يقدمه إليه في كل يوم ، فوجده ملأ البيت من سقفه إلى أرضه ، وملأ جوانبه فهاله ما رأى من ذلك ورمى بالطبق من

١٣٢

يده وخرج من البيت مسرعا ، وأن الغلام ارتعد وانتفض وحم! ، وبقي هارون يتعجب من ذلك. وبلغ حامدا عن بعض أصحاب الحلاج أنه ذكر أنه دخل إليه إلى الموضع الذي هو فيه وخاطبه بما أراده ، فأنكر ذلك كل الإنكار ، وتقدم بمسألة الحجاب والبوابين عنه وقد كان رسم أن لا يدخل إليه أحد ، وضرب بعض البوابين فحلفوا بالأيمان المغلظة أنهم ما أدخلوا أحدا من أصحاب الحلاج إليه ولا اجتاز بهم ، وتقدم بافتقاد السطوح وجوانب الحيطان فافتقدوا ذلك أجمع ، ولم يوجد له أثر ولا خلل ، فسأل الحلاج عن دخول من دخل إليه فقال : من القدرة نزل ، ومن الموضع الذي وصل إلى منه خرج. وكان يخرج إلى حامد في كل يوم دفاتر مما حمل من دور أصحاب الحلاج ، ويجعل بين يديه فيدفعها إلى أبي ويتقدم إليه بأن يقرأها عليه ، فكان يفعل ذلك دائما ، فقرأ عليه في بعض الأيام من كتب الحلاج والقاضي أبو عمر حاضر والقاضي أبو الحسين بن الأشناني ـ كتابا حكى فيه أن الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد في داره بيتا لا يلحقه شيء من النجاسة ، ولا يدخله أحد ، ومنع من تطرقه فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله طوافه حول البيت الحرام فإذا انقضى ذلك ، وقضى من المناسك ما يقضى بمكة مثله ، جمع ثلاثين يتيما وعمل لهم أمرا ما يمكنه من الطعام وأحضرهم إلى ذلك البيت ، وقدم إليهم ذلك الطعام وتولى خدمتهم بنفسه ، فإذا فرغوا من أكلهم وغسل أيديهم كسا كل واحد منهم قميصا ودفع إليه سبعة دراهم ، أو ثلاثة ـ الشك مني ـ فإذا فعل ذلك قام له مقام الحج. فلما قرأ أبي هذا الفصل التفت أبو عمر القاضي إلى الحلاج وقال له : من أين لك هذا؟ قال : من كتاب الإخلاص للحسن البصريّ ، فقال له أبو عمر : كذبت يا حلال الدم ، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن البصريّ بمكة وليس فيه شيء مما ذكرته ، فلما قال أبو عمر كذبت يا حلال الدم ، قال له حامد : أكتب بهذا ، فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلاج ، فأقبل حامد يطالبه بالكتاب بما قاله ، وهو يدافع ويتشاغل إلى أن مد حامد الدواة من بين يديه إلى أبي عمر ، ودعا بدرج فدفعه إليه وألح عليه حامد بالمطالبة بالكتاب إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة ، فكتب بإحلال دمه ، وكتب بعده من حضر المجلس ، ولما تبين الحلاج الصورة قال : ظهري حمى ودمي حرام ، وما يحل لكلم أن تتأولوا عليّ بما يبيحه ، واعتقادي الإسلام ، ومذهبي السنّة وتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرّحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجرّاح ، ولي كتب في السنّة موجودة في الورّاقين ، فالله الله في دمي ، ولم يزل يردد هذا القول

١٣٣

والقوم يكتبون خطوطهم إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه ، ونهضوا عن المجلس. ورد الحلاج إلى موضعه الذي كان فيه ، ودفع حامد ذلك المحضر إلى والدي وتقدم إليه أن يكتب إلى المقتدر بالله بخبر المجلس وما جرى فيه ، وينفذ الجواب عنها ، فكتب الرقعتين وأنفذ الفتوى درج الرقعة إلى المقتدر بالله ، وأبطأ الجواب يومين ، فغلظ ذلك على حامد ولحقه ندم على ما كتب به ، وتخوف أن يكون قد وقع غير موقعه ، ولم يجد بدّا من نصرة ما عمله فكتب بخط والدي رقعة إلى المقتدر بالله في اليوم الثالث يقتضي فيها ما تضمنته الأولى ويقول : إن ما جرى في المجلس قد شاع وانتشر ، ومتى لم يتبعه قتل الحلاج افتتن الناس به ، ولم يختلف عليه اثنان ، ويستأذن في ذلك ، وأنفذ الرقعة إلى مفلح ، وسأله إيصالها وتنجيز الجواب عنها وإنفاذه إليه ، فعاد الجواب من المقتدر بالله من غد ذلك اليوم من جهة مفلح ؛ بأن القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله ، وأباحوا دمه ، فلتحضر محمّد بن عبد الصّمد صاحب الشرطة ، وليتقدم إليه بتسلمه وضربه ألف سوط ، فإن تلف تحت الضرب وإلّا ضرب عنقه فسر حامد بهذا الجواب ، وزال ما كان عليه من الاضطراب ، وأحضر محمّد بن عبد الصّمد وأقرأه إياه ، وتقدم إليه بتسلم الحلاج ، فامتنع من ذلك وذكر أنه يتخوف أن ينتزع ، فأعلمه حامد أنه يبعث معه غلمانه حتى يصيروا به إلى مجلس الشرطة في الجانب الغربي ، ووقع الاتفاق على أن يحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من أصحابه ، وقوم على بغال موكفة يجرون مجرى الساسة ، ليجعل على واحد منها ويدخل في غمار القوم ، وأوصاه بأن يضربه ألف سوط فإن تلف حز رأسه واحتفظ به ، وأحرق جثته ، وقال له حامد : إن قال لك أجري لك الفرات ذهبا وفضة فلا تقبل منه! ولا ترفع الضرب عنه ، فلما كان بعد عشاء الآخرة وافى محمّد بن عبد الصّمد إلى حامد ومعه رجاله والبغال المؤكفة ، فتقدم إلى غلمانه بالركوب معه حتى يصل إلى مجلس الشرطة ، وتقدم إلى الغلام الموكل به بإخراجه من الموضع الذي هو فيه ، وتسليمه إلى أصحاب محمّد ابن عبد الصّمد ، فحكى الغلام أنه لما فتح الباب عنه وأمره بالخروج ، وهو وقت لم يكن يفتح عنه في مثله ، قال له : من عند الوزير؟ فقال محمّد بن عبد الصّمد ، فقال : ذهبنا والله. وأخرج وأركب بعض تلك البغال الموكفة واختلط بجملة الساسة ، وركب غلمان حامد معه حتى أوصلوه إلى الجسر ثم انصرفوا ، وبات هناك محمّد بن عبد الصّمد ، ورجاله مجتمعون حول المجلس فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة أخرج الحلاج إلى رحبة المجلس ، وأمر الجلاد بضربه بالسوط ، واجتمع من

١٣٤

العامة خلق كثير لا يحصى عددهم ، فضرب إلى تمام الألف السوط وما استعفى ولا تأوه ، بل لما بلغ ستمائة سوط. قال لمحمّد بن عبد الصّمد : ادع بي إليك فإن عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية ، فقال له محمّد : قد قيل لي إنك ستقول هذا وما هو أكثر منه! وليس إلى رفع الضرب عنك سبيل. ولما بلغ ألف سوط قطعت يده ، ثم رجله ، ثم يده ، ثم رجله ، وحز رأسه ، وأحرقت جثته ، وحضرت في هذا الوقت وكنت واقفا على ظهر دابتي خارج المجلس ، والجثة تقلب على الجمر ، والنيران تتوقد ، ولما صارت رمادا ألقيت في دجلة ، ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر ثم حمل إلى خراسان وطيف به في النواحي ، وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما ، واتفق أن زادت دجلة في تلك السنة زيادة فيها فضل ، فادعى أصحابه أن ذلك بسببه ، ولأن الرماد خالط الماء ، وزعم بعض أصحاب الحلاج أن المضروب عدو الحلاج ألقى شبهه عليه ، وادعى بعضهم أنهم رأوه في ذلك اليوم بعد الذي عاينوه من أمره ، والحال الذي جرت عليه ، وهو راكب حمارا في طريق النهروان ففرحوا به ، وقال : لعلكم مثل هؤلاء البقر الذي ظنوا أني أنا المضروب والمقتول. وزعم بعضهم أن دابة حولت في صورته ، وكان نصر الحاجب بعد ذلك يظهر الترثي له ويقول : إنه مظلوم ، وإنه رجل من العباد. وأحضر جماعة من الوراقين وأحلفوا على أن لا يبيعوا شيئا من كتب الحلاج ولا يشتروها.

٤٢٣٣ ـ الحسين بن مهديّة الفحّام :

حدّث عن الحسن بن أبي زكريّا الأنصاريّ ، عن عبد العزيز بن أبي روّاد. روى عنه محمّد بن مخلد الدوري.

٤٢٣٤ ـ الحسين بن معاذ بن حرب أبو عبد الله الأخفش الحجبيّ :

ابن عم عبد الله بن عبد الوهّاب ، من أهل البصرة. قدم بغداد وحدّث بها وبسر من رأى عن الرّبيع بن يحيى الأشناني ، وشاذ بن فياض ، وعبيد الله بن محمّد بن عائشة ، وكثير بن يحيى ، وعبيد بن عبيدة التّمّار ، وأحمد بن عبدة الضّبّيّ ، وسلمة بن شبيب. روى عنه أبو مزاحم الخاقاني ، وأحمد بن سلمان النّجّاد ، وعبد الله بن إسحاق بن الخراساني ، والحسين بن القاسم الكوكبي.

__________________

٤٢٣٤ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ٢٨٣.

١٣٥

أنبأنا أبو الفرج محمّد بن أحمد بن الحسن القاضي الشّافعيّ ، حدّثنا أحمد بن سلمان ، حدّثنا حسين بن معاذ بن أخي عبد الله بن عبد الوهّاب الحجبي ، حدّثنا شاذ ابن فياض عن حمّاد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا معشر الخلائق طأطئوا رءوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١)».

أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، أنبأنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغويّ ، حدّثنا أبو عبد الله الأخفش المستملي ، حدّثنا الرّبيع بن يحيى الأشناني قال : حدّثني جار لحمّاد ابن سلمة قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ينادي مناد يوم القيامة غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢)».

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن عليّ الواسطيّ ، أنبأنا الحسين بن بدر بن هلال ، حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، حدّثنا الأخفش أبو عبد الله الحسين بن معاذ المستملي ـ بسرمن رأى ـ أنبأنا محمّد بن عبد الواحد ، حدّثنا محمّد بن العبّاس قال : قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع. قال : وجاءنا الخبر بموت الحسين بن معاذ الأخفش ـ قرابة عبد الله بن عبد الوهّاب الحجبي من البصرة ـ في شهر ذهب عنا اسمه سنة سبع وسبعين ـ يعني ومائتين ـ.

٤٢٣٥ ـ الحسين بن محمود بن أحمد ، أبو علي الدّقّاق :

حدّث عن عبد الله بن أحمد بن حنبل. وروى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطّبريّ ، وذكر أنه كان شيخا ثقة ينزل سكة الخرقيّ من باب البصرة ، وأنه سمع منه في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.

٤٢٣٦ ـ الحسين بن المظفر بن أحمد بن عبد الله بن كنداج ، أبو عبد الله :

سمع إسماعيل بن محمّد الصّفّار ، وعبد الله بن جعفر بن درستويه ، وجعفر

__________________

(١) انظر الحديث في : اللآلئ المصنوعة ١ / ٢٠٩. وميزان الاعتدال ٢٠٥٨. ولسان الميزان ٤ / ١٢٨٥.

(٢) انظر الحديث في : المستدرك ٣ / ١٦١. والمعجم الكبير ١ / ٦٦. ومجمع الزوائد ٩ / ٢١٢. ولسان الميزان ٣ / ١٠٥٣ ، ١٥٦٧.

٤٢٣٦ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٨٠.

١٣٦

الخلدي ، وأحمد بن كامل القاضي. حدّثنا عنه أبو بكر البرقانيّ ، وعبد العزيز بن عليّ الأزجي ، وأحمد بن عليّ بن التوزي.

وسألت عنه البرقانيّ فقال : ليس به بأس. قال : وكان من أولاد المحدثين ، وكان يعرف.

حدّثني الأزهري قال : توفي الحسين بن مظفر بن كنداج في ذي الحجة سنة إحدى وأربعمائة.

* * *

حرف النّون من آباء الحسينين

٤٢٣٧ ـ الحسين بن نصر البغداديّ :

حدّث عن يزيد بن هارون. روى عنه أحمد بن حمّاد بن سفيان الكوفيّ.

أنبأنا أبو الحسين أحمد بن عليّ الجحواني ، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن يحيى الطلحي ، حدّثنا أحمد بن حمّاد بن سفيان البزّاز ، حدّثنا الحسين بن نصر البغداديّ قال : سمعت يزيد بن هارون قال : أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي داود الأعمى عن بريدة الخزاعيّ قال : قلنا يا رسول الله : قد علمنا كيف السّلام عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ قال : «قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على محمّد وآل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (١)».

٣٢٣٨ ـ الحسين بن نصر بن المعارك ، أبو عليّ :

سكن مصر وحدّث بها عن عبد الرّحمن بن زياد الرصاصي ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ، ونعيم بن حمّاد. روى عنه أبو جعفر الطحاوي ، ومحمّد بن محمّد بن الأشعث ، وغيرهما من المصريين.

أنبأنا البرقانيّ قال : قرأنا على محمّد بن المظفر حدّثكم أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي ـ من أصل كتابه ـ حدّثنا الحسين بن نصر بن معارك ، حدّثنا عبد الرّحمن ابن زياد ، حدّثنا شعبة عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عمر يخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه نهى عن الورس والزعفران. قلت : للمحرم؟ قال : نعم. قال ابن المظفر : المحفوظ عبد الله بن دينار.

__________________

(١) ٤٢٣٧ ـ انظر الحديث في : مسند أحمد ٥ / ٣٥٣. ومجمع الزوائد ٢ / ١٤٤ ، ١٠ / ١٦٣. وفتح الباري ١١ / ١٥٩. والمطالب العالية ٣٣٢٣.

١٣٧

أنبأنا محمّد بن عليّ الصوري ، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن الأزديّ ، حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن مسرور ، حدّثنا أبو سعيد بن يونس قال : الحسين بن نصر بن المعارك ، يكنى أبا علي بغدادي قدم إلى مصر وحدّث بها ، توفي بمصر يوم الجمعة لأربع وعشرين يوما خلون من شعبان سنة إحدى وستين ومائتين ، وكان ثقة ثبتا.

٤٢٣٩ ـ الحسين بن نصر المؤدّب ، يعرف بالخرسي :

حدّث عن سلّام بن سليمان المدائني وغيره. روى عنه العبّاس بن عليّ النّسائي ، وأحمد بن محمّد بن إسماعيل الأدميّ.

* * *

حرف الواو من آباء الحسينين

٤٢٤٠ ـ الحسين بن الوليد ، أبو عبد الله القرشيّ النّيسابوري :

سمع ابن جريج ، وابن أبي ذئب ، ومالك بن أنس ، وعبد العزيز بن أبي روّاد ، وعكرمة بن عمّار ، وهشام بن سعد ، وعبد الله بن لهيعة ، ومسعر بن كدام ، وسفيان الثوري ، وإبراهيم بن سعد ، وإسرائيل بن يونس ، وزائدة بن قدامة ، وزهير بن معاوية ، وشعبة ، والحمّادين ، وإبراهيم بن طهمان ، وجرير بن حازم ، وإسماعيل بن عياش ، وخارجة بن مصعب ، وعبد الله بن المؤمل المخزوميّ. روى عنه يحيى بن يحيى ، وإسحاق بن راهويه ، ومحمّد بن يحيى الذهلي.

وقدم بغداد وحدّث بها. فروى عنه من أهلها أحمد بن حنبل ، وأحمد بن نصر الخزاعيّ الشهيد ، ومحمّد بن حاتم بن ميمون ، وكان ثقة فقيها ، قارئا للقرآن. قرأ على عليّ بن حمزة الكسائي ، وكان سخيّا جوادا. وكان يغزو الترك في كل ثلاث سنين ، ويحج في كل خمس سنين.

أنبأنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي ـ بنيسابور ـ أنبأنا أبو عبد الله

__________________

٤٢٤٠ ـ انظر : تهذيب الكمال ١٣٤٧ (٦ / ٤٩٥) والمنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ١١٨. وطبقات ابن سعد ٧ / ٣٧٧. وطبقات خليفة ٣٢٤. والعلل لأحمد ١ / ٢٩ ، ٣٥٦. والتاريخ الكبير ٢ / ت ٢٨٨٥. والصغير ٢ / ٣٠٠. والكنى لمسلم ، الورقة ٦٣. والجرح والتعديل ٣ / ت ٣٠٣ وثقات ابن حبان ، الورقة ٩٤. وتاريخ دمشق ٤ / ٣٦٨. ومعجم البلدان ٢ / ١٤٨. والعبر ١ / ٣٣٩. وسير النبلاء ٩ / ٥٢٠. وتذهيب التهذيب ١ / ورقة ١٦٠. والكاشف ١ / ٢٣٥. وبغية الأريب ، الورقة ١٠١. ونهاية السئول ٧٠. وتهذيب ابن حجر ٢ / ٣٧٤. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ١٤٦٠. وشذرات الذهب ٢ / ٦.

١٣٨

ابن عبد الله البوزجاني ، أنبأنا محمّد بن نصر بن سليمان الهرويّ ، حدّثنا محمّد بن يزيد ، حدّثنا الحسين بن الوليد النّيسابوري ـ وروى له أحمد بن حنبل. قال : وهو أوثق من بخراسان في زمانه ، وكان يجزل العطيّة للناس ، وكان صاحب مال. ويقول : من تعشى عندي فقد أكرمني. ثم إذا تعشوا أخرج إليهم الصرة. قال : حدّثنا إبراهيم ابن سعد عن بشر الحنفي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسبوا أصحابي فإنه يجيء في آخر الزمان قوم يسبون أصحابي فإن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم ، ولا تناكحوهم ، ولا توارثوهم ، ولا تسلموا عليهم ولا تصلوا عليهم (١)».

. وأنبأنا أبو حازم ، أنبأنا محمّد بن يزيد العدل قال : سمعت إبراهيم بن محمّد بن سفيان يقول : سمعت محمّد بن يحيى يقول : أول ما دخلت على عبد الرّحمن بن مهديّ سألني عن الحسين بن الوليد ، ثم بعد ذلك عن يحيى بن يحيى وعن هؤلاء.

أنبأنا أبو سعيد محمّد بن موسى بن الفضل الصّيرفيّ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي قال : حدّثني حسين ابن الوليد النّيسابوري. قال أبي : ثقة.

أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد الطبراني ـ إملاء ـ قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : سمعت أبي يقول : الحسين بن الوليد النّيسابوري ثقة.

أنبأنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الكاتب ، أنبأنا محمّد بن حميد المخرّميّ قال : حدّثنا عليّ بن الحسين بن حيّان قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده. قال : أبو زكريّا حسين بن الوليد النّيسابوري شيخ كان بقطيعة الرّبيع ، كان يقال له أخو السطيح ، وكان ثقة لم أكتب عنه شيئا.

أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال : قرأت بخط أبي عمرو المستملي ، سمعت محمّد بن عبد الوهّاب يقول : مات أبو عبد الله الحسين ابن الوليد في سنة اثنتين ومائتين.

أنبأنا ابن الفضل القطّان ، أنبأنا عليّ بن إبراهيم المستملي ، حدّثنا أبو أحمد بن

__________________

(١) انظر الحديث في : كنز العمال ٣٢٥٤٢.

١٣٩

فارس ، حدّثنا البخاريّ قال : حسين بن الوليد أبو عليّ النّيسابوري القرشيّ مات سنة ثلاث ومائتين.

* * *

حرف الهاء من آباء الحسينين

٤٢٤١ ـ الحسين بن الهيثم بن ماهان ، أبو الرّبيع الكسائيّ الرّازيّ :

سكن بغداد وحدّث بها عن محمّد بن الصباح الجرجرائي ، وهشام بن عمّار الدمشقي ، وحرملة بن يحيى وخالد بن عبد السّلام المصريين. روى عنه عبد الصّمد ابن عليّ الطّستيّ ، وأحمد بن الفضل بن خزيمة ، وأحمد بن سلمان النّجّاد ، وأبو سهل ابن زياد القطّان.

وذكره الدّارقطنيّ فقال : لا بأس به.

أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق ، حدّثنا أبو الحسين عبد الصّمد بن عليّ بن محمّد ، حدّثنا أبو الرّبيع الحسين بن الهيثم بن ماهان الكسائي الرّازيّ ، حدّثنا خالد ـ يعني ابن عبد السّلام الصدفي ـ حدّثنا رشدين عن ابن الهاد عن محمّد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أنها قالت : كانت إحدانا تفطر شهر رمضان من الحيضة فما تقدر أن تقضيه مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى يأتي شعبان ، قالت : ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصوم في شهر أكثر مما يصوم في شعبان ، كان يصومه كله إلّا قليلا ، بل كان يصومه كله.

٤٢٤٢ ـ الحسين بن هارون بن خزيمة ، أبو عبد الله المراغيّ :

نزيل نسا ، ذكر أبو القاسم ابن الثلاج أنه قدم بغداد للحج سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. وحدّثهم عن الحسن بن سفيان النسوي.

٤٢٤٣ ـ الحسين بن هارون بن محمّد ، أبو عبد الله الضّبّيّ :

ولى القضاء بربع الكرخ من مدينة السّلام ، ثم أضيف إليه القضاء بمدينة المنصور ، وقضاء الكوفة ، وسقى الفرات بأسره.

وحدّث عن أحمد بن محمّد بن إسماعيل الأدميّ ، والحسين بن إسماعيل

__________________

٤٢٤١ الكسائي : هذه النسبة لجماعة من المشاهير ببيع الكساء ، أو نسجه ، أو الاشتمال به ولبسه (الأنساب ١٠ / ٤١٩)

٤٢٤٣ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٦٢.

١٤٠