تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٨

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٨

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٦

وذكر محمّد بن أبي الفوارس أنه مات في سنة ست وسبعين وثلاثمائة.

٤٢٠٧ ـ الحسين بن محمّد بن الحسين ، أبو بكر المعروف بابن المحامليّ :

سمع أباه ، ومحمّد بن حمدويه المروزي ، والقاضي المحامليّ ، وابن عياش القطّان ، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي ، وعبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري ، وأبا العبّاس ابن عقدة. حدّثني عنه الجوهريّ أحاديث مستقيمة.

أخبرني الحسن بن عليّ الجوهريّ ، حدّثنا أبو بكر الحسين بن محمّد بن الحسين بن المحامليّ ، حدّثنا أبو نصر محمّد بن حمدويه بن سهل بن يزداذ المروزي ـ قدم علينا ـ حدّثنا محمود بن آدم المروزي ـ سنة ثمان وخمسين ومائتين ـ حدّثنا سفيان بن عيينة الزّهريّ عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة ، فابدءوا بالعشاء(١)».

قال لي الجوهريّ : مات أبو بكر بن المحامليّ في ليلة الاثنين ، ودفن يوم الاثنين الرابع من شعبان سنة ثمانين وثلاثمائة.

٤٢٠٨ ـ الحسين بن محمّد بن سليمان ، أبو عبد الله الكاتب :

حدّث عن أبي القاسم البغويّ ، ويحيى بن محمّد بن صاعد ، وأبي بكر النّيسابوري ، وأبي بكر بن الأنباريّ ، وأحمد بن عبد الله صاحب أبي صخرة ، ويعقوب بن محمّد بن عبد الوهّاب الدوري ، حدّثنا عنه الأزهري ، والقاضي أبو عبد الله الصّيمريّ ، وأبو الفرج الطّناجيريّ ، وأحمد بن محمّد العتيقي ، وأبو القاسم التّنوخيّ ، ومحمّد بن عليّ بن الفتح الحربيّ. وكان صدوقا.

حدّثنا الصّيمريّ ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن سليمان الكاتب ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغويّ ، حدّثنا هدبة بن خالد ، حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن يوسف بن مهران ، عن ابن عبّاس. أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قال لي جبريل : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر (١) أحثو به في فيه ـ يعني فرعون ـ مخافة أن تدركه الرحمة(٢)».

__________________

٤٢٠٧ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ٣٤٥.

(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب المساجد ٦٤.

٤٢٠٨ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ٣٨٩.

(١) حال البحر : الحال الطين الأسود كالحمأة. (النهاية).

(٢) انظر الحديث في : الدر المنثور ٣ / ٣١٦. وتفسير ابن كثير ٤ / ٢٢٨. وتخريج الإحياء ٤ / ٣٦٣.

١٠١

أخبرني الأزهري قال : أبو عبد الله بن سليمان الكاتب شيخ ثقة.

حدّثني التّنوخيّ قال : سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمّد بن سليمان الكاتب يقول : ولدت سنة اثنتين وثلاثمائة. قال التّنوخيّ : وأول سماعه في سنة ثلاث عشرة. وسمعنا منه سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وكان يسكن سكة شيخ بن عميرة الأسديّ بمدينة المنصور ، وهو ثقة.

٤٢٠٩ ـ الحسين بن محمّد بن عليّ بن محمّد ، أبو القاسم المالكيّ الشروطي(١):

حدّث عن أبي حامد محمّد بن هارون الحضرمي ، وإسماعيل بن العبّاس الورّاق ، وأحمد بن جعفر بن المنادي. حدّثني عنه عبد العزيز الأزجي.

٤٢١٠ ـ الحسين بن محمّد بن خلف ، أبو عبد الله بن الفراء :

أحد الشهود المعدّلين ، حدّث عن الحسين بن أيّوب بن عبد العزيز الهاشميّ ، ومحمّد بن إسحاق بن عبد الرّحيم السوسي ، وجعفر بن محمّد ابن بنت حاتم بن ميمون. حدّثني عنه ابنه أبو خازم محمّد بن الحسين.

وذكر لي العتيقي أنه توفي في يوم الخميس السادس من شعبان سنة تسعين وثلاثمائة قال : وكان رجلا صالحا على مذهب أبي حنيفة.

٤٢١١ ـ الحسين بن محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن محمّد بن أبان ، أبو القاسم المعروف بابن السّوطي :

حدّث عن محمّد بن إسماعيل بن موسى الرّازيّ وأحمد بن عثمان بن يحيى الأدميّ ، وحامد بن محمّد الهرويّ ، وأبي بكر الشّافعيّ ، ونحوهم. حدّثني عنه هلال ابن محمّد الحفّار ، والحسن بن محمّد بن إسماعيل البزّاز ، ومحمّد بن عليّ بن الفتح. وكان كثير الوهم ، شنيع الغلط.

حدّثني محمّد بن عليّ بن الفتح ، حدّثنا الحسين بن محمّد بن إسحاق السوطي ، حدّثنا حامد بن محمّد بن عبد الله الهرويّ وأحمد بن عثمان الأدميّ ومحمّد بن

__________________

(١) ٤٢٠٩ ـ الشروطي : هذه النسبة لمن يكتب الصكاك والسجلات ، لأنها مشتملة على الشروط ، فقيل لمن يكتبها الشروطي. (الأنساب ٧ / ٣٢١)

٤٢١١ ـ انظر : الأنساب ، للسمعاني ٧ / ١٩٢.

١٠٢

محمّد بن مالك الإسكافي. قالوا : حدّثنا محمّد بن سهل الوشاء بحديث ذكره ، وهذا باطل لأن حامدا والإسكافي لم يسمعا من موسى بن سهل شيئا.

وقد رأيت لابن السوطي أوهاما كثيرة تدل على غفلته.

وسألت عنه محمّد بن عليّ بن الفتح فقال : كان يستملى لابن شاهين ، وما علمت من حاله إلّا خيرا.

قرأت بخط أبي عبد الله بن الآبنوسي : توفي أبو القاسم الحسين بن محمّد بن السوطي في شعبان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

٤٢١٢ ـ الحسين بن محمّد بن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل بن أبي عابد ، أبو القاسم الكوفيّ :

قدم بغداد في حداثته فسمع من أحمد بن عثمان بن يحيى الأدميّ ، وأشباهه. وقدمها وقد علت سنه فحدّث بها عن أبي غوث اليمان بن محمّد بن عبيدة الغوثي ، وزيد بن محمّد بن جعفر العامري ، وعبيد الله بن أبي قتيبة الغنوي ، والحسن بن دارد النقار الكوفيّين.

حدّثني عنه عليّ بن المحسن التّنوخيّ وذكر لي أنه سمع منه ببغداد في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. قال : وسألته عن مولده فقال : ولدت يوم السبت لثلاث بقين من المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.

قال التّنوخيّ : وكان ثقة كثير الحديث ، جيد المعرفة به. وولى القضاء بالكوفة من قبل أبي ، وكان فقيها على مذهب أبي حنيفة ، وكان يحفظ القرآن ويحسن قطعة من الفرائض وعلم القضاء ، قيما بذلك ، وكان زاهدا عفيفا.

قرأت في كتاب أبي طاهر محمّد بن محمّد بن الصباغ الكوفيّ ؛ مات القاضي أبو القاسم الحسين بن محمّد بن أبي عابد في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

٤٢١٣ ـ الحسين بن محمّد بن الحسن ، أبو عبد الله الفقيه الطّبريّ ، يعرف بالحنّاطيّ :

قدم بغداد وحدّث بها عن عبد الله بن عدي ، وأبي بكر الإسماعيلي الجرجانيّين ، ونحوهما. حدّثنا عنه أبو منصور محمّد بن أحمد بن شعيب الروياني ، والقاضي أبو الطّيّب الطّبريّ.

__________________

٤٢١٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٤٧.

١٠٣

أخبرنا أبو منصور الروياني ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد الطّبريّ الفقيه ـ قدم بغداد ـ وقال لي القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ : سمعت من الحناطي ببغداد.

٤٢١٤ ـ الحسين بن محمّد بن أحمد بن القاسم بن خلف ، أبو عبد الله الدهقان المعروف بابن قطينا :

سمع عبد الله بن محمّد بن زياد النّيسابوري ، وأحمد بن محمّد بن إسماعيل الأدميّ ، والقاضي المحامليّ ، ومن بعدهم. حدّثنا عنه البرقانيّ ، والأزهري ، والقاضي الصّيمريّ ، وعبد العزيز بن عليّ الأزجي.

وسألت عنه البرقانيّ فقال : ثقة. وكذلك قال لنا الأزهري : كان شيخا ثقة.

٤٢١٥ ـ الحسين بن محمّد بن خلف ، أبو عبد الله المقرئ :

حدّث عن محمّد بن الحسن بن زياد النقاش. سمع منه أبو الفضل بن المهديّ الخطيب وقال : كان جارنا ومات في سنة أربعمائة.

٤٢١٦ ـ الحسين بن محمّد بن قيصر ، أبو عبد الله يعرف بابن بكار :

حدّث عن عبد الصّمد بن عليّ الطّستيّ ، وجعفر الخلدي. حدّثني عنه الحسن بن محمّد الخلّال ، وأبو طاهر محمّد بن عليّ السّمّاك. وقال لي كان ينزل بنهر طابق.

٤٢١٧ ـ الحسين بن محمّد بن القاسم ، أبو عبد الله الكاتب الموصليّ ، يعرف بالفراء :

حدّث عن أبي هارون موسى بن محمّد الزرقي. حدّثني عنه محمّد بن أحمد الأشناني وقال : كان ينزل قطيعة عيسى ، وكان صدوقا.

٤٢١٨ ـ الحسين بن محمّد بن يحيى بن محمّد ، أبو عبد الله الصائغ العكبري ، يعرف بابن العاقولي (١) :

حدّث عن محمّد بن يحيى بن عمر بن عليّ بن حرب الطائي. كتبت عنه بعكبرا في سنة عشر وأربعمائة وما علمت من حاله إلّا خيرا.

أخبرني أبو عبد الله العاقولي ، حدّثنا محمّد بن يحيى بن عمر بن عليّ بن حرب الطائي ـ بعكبرا في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ـ حدّثنا جدي عمر بن عليّ بن

__________________

(١) ٤٢١٨ ـ الدير الدّيرعاقوليّ : هذه النسبة إلى «دير العاقول» وهي بليدة على خمسة عشر فرسخا من بغداد ، وقد ينسب إليها ب «الدير الدّيرعاقوليّ» (الأنساب ٨ / ٣١٧)

١٠٤

حرب ، حدّثنا أبو نعيم عن سفيان عن الأجلح عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عبّاس قال : قال رجل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما شاء الله وشئت ، فقال : «أجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده (٢)».

٤٢١٩ ـ الحسين بن محمّد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث ، أبو عبد الله التّميميّ المؤدّب :

حدّث عن أبي عمرو بن السّمّاك أحاديث مستقيمة ، وعن محمّد بن الحسن بن زياد النقاش أحاديث باطلة. كتبت عنه ولم أر له أصلا ، وإنما كان يروي من فروع كتبها بخطه وليس بمحل الحجة.

أنبأنا التّميميّ ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ـ إملاء ـ حدّثنا أبو قلابة عبد الملك ابن محمّد الرقاشي ، حدّثنا أبو عاصم ، حدّثنا موسى بن عبيدة عن محمّد بن ثابت ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صلوا على الأنبياء كما تصلون عليّ ، فإنهم بعثوا كما بعثت (١)». صلى الله عليه وعليهم.

مات أبو عبد الله التّميميّ في شهر ربيع الأول من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ، ودفن في مقبرة باب حرب ، وكان يسكن بباب الشعير في مشرعة الروايا.

٤٢٢٠ ـ الحسين بن محمّد. أبو عبد الله الطّبريّ المعروف بالكشفلي (١) :

كان من فقهاء الشافعيين. درس على أبي القاسم الداركي. ودرس في مسجد عبد الله بن المبارك بعد موت أبي حامد الأسفراييني ، وكان فهما فاضلا ، صالحا متقللا زاهدا ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة وأربعمائة ، ودفن في مقبرة باب حرب.

٤٢٢١ ـ الحسين بن محمّد بن محمّد بن سلمان بن جعفر ، أبو عبد الله العطّار:

حدّث عن ابن مالك القطيعي. كتب عنه محمّد بن أحمد بن الأشناني.

__________________

(٢) انظر الحديث في : مسند أحمد ١ / ٢١٤. والسنن الكبرى ٣ / ٢١٧. وفتح الباري ١١ / ٥٤٠. وتخريج الإحياء ٣ / ١٥٨.

(١) ٤٢١٩ ـ انظر الحديث في : فتح الباري ١١ / ١٦٩. وكشف الخفا ١ / ٩٧. والدر المنثور ٥ / ٢٢٠. والمطالب العالية ٢ / ١٨٨.

٤٢٢٠ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ١٦٠. والأنساب ، للسمعاني ١٠ / ٤٣٥.

(١) الكشفلى : هذه النسبة إلى كشفل وظني أنها من قرى بغداد ، ثم سمعت بعض الفقهاء ممن أثق به يقول : أن كشغل من قرى آمل طبرستان ، وهو الصحيح (الأنساب ١٠ / ٤٣٤ ، ٤٣٥)

١٠٥

٤٢٢٢ ـ الحسين بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن محمّد بن عبد الباقي ، أبو عبد الله الشّاعر المعروف بالخالع :

رافقي الأصل سكن الجانب الشرقي من بغداد وحدّث عن أحمد بن الفضل بن خزيمة ، وأحمد بن كامل القاضي ، وأبي عمر الزاهد ، وأبي سهل بن زياد ، وأبي علي الطوماري ، وسليمان بن أحمد الطبراني. وعليّ بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ ، وغيرهم. كتبت عنه.

أخبرنا الخالع ، أنبأنا أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة القاضي ، حدّثنا أبو عليّ بشر بن موسى الأسديّ ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن المقرئ عبد الله بن يزيد عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي ، عن عليّ بن رباح اللّخميّ قال : قال عمرو بن العاص : انتهى عجبي عند ثلاث ؛ المرء يفر من القدر وهو لاقيه ، والرجل يرى في عين أخيه القذاة فيعيبها ، ويكون في عينه مثل الجذع فلا يعيبه ، والرجل يكون في دابته الصعر (١) فيقومها جهده ، ويكون في نفسه الصعر فلا يقوم نفسه!

سمعت أبا بكر أحمد بن محمّد الغزّال ذكر الحسين بن محمّد الخالع فحكى عنه أنه قال : سمعت كتب أبي بكر بن أبي الدّنيا المصنفة من أبي بكر الشّافعيّ عنه. وحكى لي عنه أيضا أنه قال : سمعت من محمّد بن عليّ بن سهل الإمام كتاب «الموطأ» ، وحدّثنا به عن أحمد بن ملاعب عن يحيى بن بكير عن مالك.

قال الغزّال : فذكرت ذلك لأبي الفتح بن أبي الفوارس فتعجب ، وقال : قد سمعت من ابن سهل الإمام عظم ما كان عنده وما لقيت أحدا سمع من أحمد بن ملاعب ـ أو كما قال ـ رأيت بخط الخالع جزءا ذكر أنه سمعه من أبي بكر الشّافعيّ وفيه أحاديث عن الشّافعيّ عن أبوي العبّاس ثعلب والمبرد وعن الحسين بن فهم ، وعن يموت بن المزرع ، ولا نعلم أن الشّافعيّ روى عن واحد من هؤلاء شيئا.

قال لي أبو الفتح محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الرّحمن الصّوّاف المصري : لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة أحدهم أبو عبد الله الخالع.

مات الخالع في يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، وكان يذكر أنه ولد في يوم السبت مستهل جمادى الأولى من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.

__________________

٤٢٢٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٢١٠. والبداية والنهاية ١٢ / ٢٩.

(١) الصعر : ميل في الوجه أو في أحد الشقين ، وداء في البعير يلوى عنقه منه ، والتصعير : إمالة الخد عن الناس كبرا (القاموس)

١٠٦

٤٢٢٣ ـ الحسين بن محمّد بن عليّ بن جعفر بن عبد الله بن سعيد بن مصلح ، أبو عبد الله الصّيرفيّ المعروف بابن البزري :

حدّث عن أبي الفرج الأصبهانيّ ، وأحمد بن نصر الذّارع النهرواني ، وأبي الفتح محمّد بن الحسين الأزديّ ، وأبي الفرج أحمد بن محمّد بن الصّامت ، وأحمد بن أبي طالب الكاتب ، ومنصور بن ملاعب الصّيرفيّ.

كتبت عنه ، وكان أصم شديد الصمم ، وكان ينزل بالجانب الشرقي ناحية الرصافة.

حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن عليّ ـ من لفظه ـ قال : حدّثني أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزديّ الحافظ ـ بانتقاء ابن المظفر ـ حدّثني أبو طلحة الوساوسي ، حدّثنا نصر بن عليّ الجهضمي ، حدّثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سلمة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فضل العالم على غيره ، كفضل النبي على أمته (١)».

حدّثني عيسى بن أحمد الهمذاني أن الحسين بن محمّد البزري حضر عند أبي الحسن بن الحمامي المقرئ يوما فذكر أبو طاهر بن أبي هاشم فقال ابن البزري : سمعت منه كذا ، وسمعت منه كذا ، فقال ابن الحمامي : انظروا إلى هذا الشيخ! والله ما رأيته عند أبي طاهر قط ، وسنه لا يحتمل أن يكون أدركه ـ أو كما قال ـ.

قال لي أبو الفتح المصري : لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ غير أربعة ، منهم الحسين بن محمّد البزري.

حدّثني محمّد بن عليّ الصوري أن ابن البزري قدم عليهم مصر فخلط تخليطا قبيحا ، وادعى أشياء بان فيها كذبه.

قال : وحدّثنا عن أبي بكر الشّافعيّ عن محمّد بن عوف الحمصي قال : ومما روى لنا بمصر أيضا أن أبا بكر المفيد حدّثه عن أحمد بن عبد الرّحمن السّقطيّ عن يزيد بن هارون عن شعبة عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا آكل متكئا (٢)».

قال الصوري : وقد اشتهر بمصر بالتهتك في الدين ، والدخول في الفساد.

__________________

٤٢٢٣ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٤ / ٣١٨.

(١) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢٦٨٥. وسنن الدارمي ١ / ٧٧. والمعجم الكبير للطبراني ٨ / ٢٧٨. والترغيب والترهيب ١ / ١٠١.

(٢) انظر الحديث في : حلية الأولياء ٧ / ٢٥٦. وشمائل الترمذي ٦٤. وفتح الباري ٩ / ٥٤٠.

١٠٧

انتهى إلينا الخبر بوفاة ابن البزري بمصر في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.

٤٢٢٤ ـ الحسين بن محمّد بن الحسن بن عليّ ، أبو عبد الله المؤدّب :

وهو أخو أبي محمّد الخلّال. سمع أبا حفص بن الزّيّات ، وأبا الحسين بن البواب ، وجماعة نحوهما. وسافر إلى بلاد خراسان ، وما وراء النهر ، وكتب عن جبريل بن محمّد العدل ـ بهمذان ـ وعن جماعة بجرجان وغيرها ، وسمع «صحيح البخاريّ» من إسماعيل بن محمّد بن حاجب بكشميهن. كتبنا عنه وكان لا بأس به.

وتوفي وقت صلاة العشاء الآخرة من ليلة الأربعاء السابع عشر من جمادى الأولى سنة ثلاثين وأربعمائة ، ودفن صبيحة تلك الليلة في مقبرة باب حرب.

٤٢٢٥ ـ الحسين بن محمّد بن الحسن بن بيان ، أبو عبد الله المؤذن في جامع المنصور ويعرف بابن مجوجا :

حدّث عن عليّ بن عمرو الحريريّ ، وأبي العبّاس عبد الله بن موسى الهاشميّ.

كتبت عنه وكان صدوقا. وذكر لي أنه كتب عن حبيب القزاز ، وابن مالك القطيعي أمالي ، وأن كتبه ضاعت ، وسألته عن مولده ، فقال : في رجب سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن الحسن بن مجوجا المكبر ، أنبأنا أبو العبّاس عبد الله بن موسى الهاشميّ ، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عبد الله بن سابور الدّقّاق ، حدّثنا أبو نعيم الحلبيّ عبيد بن هشام ، حدّثنا أبو إسحاق الفزاري عن سفيان عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال : نسخ شهر رمضان كل صيام في القرآن ، ونسخت الزكاة كل صدقة في القرآن.

مات ابن مجوجا في ليلة الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وأربعمائة ، ودفن من الغد في مقبرة باب الكناس ، وكان يسكن في جوار القاضي أبي عبد الله الصّيمريّ بدرب الزرادين.

٤٢٢٦ ـ الحسين بن محمّد بن القاسم ، أبو عبد الله العلوي الحسني ، يعرف بابن طباطبا :

كان متميزا من بين أهله بعلم النسب ، ومعرفة أيام الناس ، وله حظ من الأدب ،

__________________

٤٢٢٤ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٢٧٠.

٤٢٢٥ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٣٠٣.

١٠٨

وقول الشعر ، وكان كثير الحضور معنا في مجالس الحديث. وذكر لي سماعه من أبي الحسن بن الجندي ، والقاضي أبي عبد الله الضّبّيّ. وعلقت عنه حكايات ومقطعات من الشعر عن عبد السلام بن الحسين البصريّ ، وأحمد بن عليّ البتي وأبي الفرج الببغاء ، وغيرهم.

ومات في يوم الخميس الثالث والعشرين من صفر سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

٤٢٢٧ ـ الحسين بن محمّد بن عثمان بن الحسن ، أبو عبد الله بن النصيبي :

سمع موسى بن عيسى السّرّاج ، وعليّ بن عمر السّكّري ، وأبا الحسن الدّارقطنيّ ، وأبا طاهر المخلص ، وإسماعيل بن سعيد بن سويد ، والحسين بن هارون الضّبّيّ.

كتبت عنه ، وكان صحيح السماع ، وكان يذهب إلى الاعتزال ، وقال لي : ولدت في آخر الرّبيعين من سنة ثمانين وثلاثمائة.

ومات في يوم الجمعة الرابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وأربعمائة.

٤٢٢٨ ـ الحسين بن محمّد بن طاهر بن يونس بن جعفر بن محمّد بن الصباح ، مولى المهديّ :

وهو أخو حمزة بن محمّد بن طاهر ، وكان الأصغر يكنى أبا عبد الله. سمع عثمان ابن محمّد الأدميّ ، وأبا حفص بن شاهين ، وعليّ بن عمر السّكّري ، وأبا الحسن الدّارقطنيّ ، ومحمّد بن عبد الله بن أخي ميمي ، وأبا حفص الكتاني ، وأبا طاهر المخلص ، ومن بعدهم.

كتبت عنه وكان صدوقا جميل الاعتقاد ، كثير الدرس للقرآن ، ومنزله بشارع دار الرقيق.

أنبأنا الحسين بن محمّد بن طاهر ، أنبأنا عثمان بن محمّد بن القاسم الأدميّ ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق المدائني ، حدّثنا داود بن رشيد ، حدّثنا هشيم ، حدّثنا أبو الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب ، إلّا أن يكون ناكحا أو ذا محرم (١)».

سمعت أبا عبد الله بن طاهر يقول : ولدت في آخر سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة.

__________________

(١) ٤٢٢٨ ـ انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب السلام ١٩. والسنن الكبرى ٧ / ٩٨.

١٠٩

ومات في يوم السبت الرابع من شهر ربيع الآخر سنة خمسين وأربعمائة ، ودفن من يومه في مقبرة باب حرب.

٤٢٢٩ ـ الحسين بن أبي زيد ، أبو عليّ الدّبّاغ :

واسم أبي زيد منصور ، وأصله من الصغد. سمع أبا ضمرة أنس بن عياض ، وسفيان بن عيينة ، ووكيع بن الجرّاح وأبا معاوية ، وعليّ بن عاصم ، ومحمّد بن كثير الكوفيّ ، والحسن بن الحكم بن أبي عزة الدّبّاغ. روى عنه أحمد بن الحسين بن إسحاق الصّوفيّ ، ومحمّد بن محمّد الباغندي ، ومحمّد بن خلف وكيع ، والحسين ابن محمّد بن الحسين بن زنجي ، والحسين والقاسم ابنا إسماعيل المحامليّ ، وغيرهم.

أنبأنا أحمد بن عبد الله المحامليّ قال : وجدت في كتاب جدي الحسين بن إسماعيل بخط يده ، حدّثنا الحسين بن أبي زيد الدّبّاغ وأبا أحمد بن عمر بن روح النهرواني ، أنبأنا عليّ بن محمّد بن أحمد بن لؤلؤ الورّاق ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين ابن محمّد بن الحسين بن زنجي الدّبّاغ.

وأنبأنا عليّ بن أحمد الرّزّاز ، أنبأنا إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكى ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم السّرّاج الثقفي قالا : حدّثنا الحسين بن أبي زيد ، حدّثنا الحسن بن الحكم بن أبي عزة الدّبّاغ ، حدّثنا شعبة ، عن أبي عصام ، عن أنس ابن مالك قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا شرب ـ زاد ابن روح الماء ثم اتفقوا ـ تنفس ثلاث مرات ، وقال : «هو أهنأ ، وأمرأ ، وأبرأ (١)».

قال المزكى : سمعت أبا العبّاس السّرّاج يقول : كتب عني هذا الحديث محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، ومسلم بن الحجّاج ، وأحمد بن سهل الأسفراييني.

أنبأنا أحمد بن أبي جعفر ، حدّثنا عمر بن محمّد بن عليّ الناقد ، حدّثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق الصّوفيّ ، حدّثني حسين بن منصور بن أبي زيد ـ وكان من الثقات ـ أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال : سمعت أبا بكر محمّد بن جعفر يقول : سمعت أبا العبّاس السّرّاج يقول : سمعت الحسين بن أبي زيد يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يحييني على الإسلام ، فقال لي : والسنّة ، وجمع إبهامه وسبابته ، وحلق حلقة ، وقال ثلاث مرات ، والسنّة ، والسنّة ، والسنّة.

__________________

(١) ٤٢٢٩ ـ انظر الحديث في : سنن أبي داود ٣٧٢٧. ومسند أحمد ٣ / ١٨٥. والمعجم الكبير ٢ / ٣٥. وكشف الخفا ١ / ١٣٤. ومجمع الزوائد ٥ / ٨٠.

١١٠

قرأت على البرقانيّ عن أبي إسحاق المزكي قال : نبأنا محمّد بن إسحاق الثقفي قال : مات الحسين بن أبي زيد الدّبّاغ ـ وأبو زيد اسمه منصور ـ يوم الخميس لسبع بقين من شوّال سنة أربع وخمسين ومائتين ، ودفن يوم الجمعة وصليت عليه ، وكان يكنى أبا علي ، يخضب رأسه ولحيته بالحناء.

٤٢٣٠ ـ الحسين بن منصور بن إبراهيم ، أبو عليّ الصّوفيّ ، يعرف بابن علويه:

حدّث عن سفيان بن عيينة ، وحمّاد بن الوليد ، ووكيع ، وحجاج بن محمّد الأعور ، والحارث بن النّعمان البزّاز. روى عنه محمّد بن مخلد ، وجماعة إلّا أنهم سموه الحسن وقد أسلفنا ذكر ذلك وكان ثقة.

أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ ، أنبأنا محمّد بن مخلد العطّار ، حدّثنا الحسين بن منصور بن علويه ، حدّثنا أبو النّضر الحارث بن النّعمان ، حدّثنا شعبة عن محمّد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين (١)».

٤٢٣١ ـ الحسين بن منصور ، أبو عليّ البغداديّ :

حدّث عن أبي الجواب أحوص بن جواب ، والحارث بن خليفة المؤدّب ، وأبي حذيفة موسى بن مسعود ، وإسماعيل بن أبي أويس. روى عنه خيثمة بن سليمان الأطرابلسي ، وذكر أنه سمع منه بالرقة.

كتب إلىّ أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن خيثمة بن سليمان أخبرهم.

ثم أنبأنا أبو الحسين محمّد بن مكي المصري ـ قراءة عليه بدمشق ـ أنبأنا عليّ بن محمّد بن إسحاق القاضي الحلبيّ ، حدّثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشيّ قال : حدّثنا أبو عليّ الحسين بن منصور البغداديّ ، حدّثنا أبو الجواب ، حدّثنا عمّار بن رزيق عن منصور عن الشعبي عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله ينهاكم عن قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال (١)».

__________________

(١) ٤٢٣٠ ـ انظر الحديث في : صحيح البخاري ٣٨٣٥. وصحيح مسلم ، كتاب الصيام باب ٢.

٤٢٣١. انظر : تهذيب الكمال ١٣٤٣ (٦ / ٤٨٥). وثقات ابن حبان ، الورقة ٩٤.

(١) انظر الحديث في مسند الشهاب ١٠٨٨ ، ١٠٨٩ ، ١٠٩٠.

١١١

٤٢٣٢ ـ الحسين بن منصور الحلّاج ، يكنى أبا مغيث ، وقيل : أبا عبد الله :

وكان جده مجوسيا اسمه محمى من أهل بيضاء فارس. نشأ الحسين بواسط ، وقيل بتستر وقدم بغداد ، فخالط الصّوفيّة وصحب من مشيختهم الجنيد بن محمّد ، وأبا الحسين النوري ، وعمرا المكي.

والصّوفيّة مختلفون فيه ، فأكثرهم نفى الحلاج أن يكون منهم ، وأبي أن يعده فيهم ، وقبله من متقدميهم أبو العبّاس بن عطاء البغداديّ ، ومحمّد بن حنيف الشّيرازيّ ، وإبراهيم بن محمّد النصرآباذي النّيسابوري. وصححوا له حاله ، ودونوا كلامه ، حتى قال ابن حفيف : الحسين بن منصور عالم رباني. ومن نفاه عن الصّوفيّة نسبه إلى الشعبذة في فعله ، وإلى الزندقة في عقده. وله إلى الآن أصحاب ينسبون إليه ، ويغلون فيه. وكان للحلاج حسن عبارة ، وحلاوة منطق ، وشعر على طريقة التصوف ، وأنا أسوق أخباره على تفاوت اختلاف القول فيه.

حدّثني أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد عبد الله بن عبيد الله بن باكوا الشّيرازيّ ـ بنيسابور ـ أخبرني أحمد بن الحسين ابن منصور بتستر قال : مولد والدي الحسين بن منصور بالبيضاء في موضع يقال له الطور ، ونشأ بتستر ، وتلمذ لسهل بن عبد الله التستري سنتين ، ثم صعد إلى بغداد وكان بالأوقات يلبس المسوح ، وبالأوقات يمشي بخرقتين مصبغ ، ويلبس بالأوقات الدراعة والعمامة ، ويمشي بالقباء أيضا على زي الجند ، وأول ما سافر من تستر إلى البصرة كان له ثمان عشرة سنة ، ثم خرج بخرقتين إلى عمرو بن عثمان المكي ، وإلى الجنيد بن محمّد ، وأقام مع عمرو المكي ثمانية عشر شهرا ، ثم تزوج بوالدتي أم الحسين بنت أبي يعقوب الأقطع ، وتعير عمرو بن عثمان من تزويجه ، وجرى بين عمرو وبين أبي يعقوب وحشة عظيمة بذلك السبب. ثم اختلف والدي إلى الجنيد بن محمّد وعرض عليه ما فيه من الأذية لأجل ما يجرى بين أبي يعقوب وبين عمرو ، فأمره بالسكون والمراعاة ، فصبر على ذلك مدة. ثم خرج إلى مكة وجاور سنة ورجع

__________________

٤٢٣٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٣ / ٢٠١. والفهرست ١ / ١٩٠. ولغة العرب ٣ / ١٥٤. وروضات الجنات ٢٢٦. وطبقات الصوفية ٣٠٧. والبداية والنهاية ١١ / ١٣٢. ولسان الميزان ٢ / ٣١٤. وتاريخ الخميس ٢ / ٣٤٧. والكامل ، لابن الأثير ٨ / ٣٩. ووفيات الأعيان ١ / ١٤٦. وميزان الاعتدال ١ / ٢٥٦. والطبقات الكبرى للشعرانى ١ / ٩٢. ومرآة الجنان ٢ / ٢٥٣ ، ٢٥٩. والأعلام ٢ / ٢٦٠.

١١٢

إلى بغداد مع جماعة من الفقراء الصّوفيّة ، فقصد الجنيد بن محمّد وسأله عن مسألة فلم يجبه ، ونسبه إلى أنه مدع فيما يسأله ، فاستوحش وأخذ والدتي ورجع إلى تستر ، وأقام نحوا من سنة ، ووقع له عند الناس قبول عظيم حتى حسده جميع من في وقته ، ولم يزل عمرو بن عثمان يكتب الكتب في بابه إلى خوزستان ، ويتكلم فيه بالعظائم حتى جرد ورمى بثياب الصّوفيّة ، ولبس قباء وأخذ في صحبة أبناء الدّنيا ، ثم خرج وغاب عنا خمس سنين بلغ إلى خراسان ، وما وراء النهر ، ودخل إلى سجستان ، وكرمان ، ثم رجع إلى فارس. فأخذ يتكلم على الناس ، ويتخذ المجلس ، ويدعو الخلق إلى الله. وكان يعرف بفارس بأبي عبد الله الزاهد ، وصنّف لهم تصانيف ، ثم صعد من فارس إلى الأهواز وأنفذ من حملني إلى عنده ، وتكلم على الناس ، وقبله الخاص والعام ، وكان يتكلم على أسرار الناس وما في قلوبهم ، ويخبر عنها فسمي بذلك حلاج الأسرار ، فصار الحلاج لقبه ، ثم خرج إلى البصرة وأقام مدة يسيرة وخلفني بالأهواز عند أصحابه ، وخرج ثانيا إلى مكة ، ولبس المرقعة والفوطة ، وخرج معه في تلك السفرة خلق كثير ، وحسده أبو يعقوب النهرجوري فتكلم فيه بما تكلم ، فرجع إلى البصرة وأقام شهرا واحدا ، وجاء إلى الأهواز وحمل والدتي وحمل جماعة من كبار الأهواز إلى بغداد ، وأقام ببغداد سنة واحدة ، ثم قال لبعض أصحابه : احفظ ولدي حمد إلى أن أعود أنا ، فإني قد وقع لي أن أدخل إلى بلاد الشرك وأدعو الخلق إلى الله عزوجل وخرج. فسمعت بخبره أنه قصد إلى الهند ثم قصد خراسان ثانيا ودخل ما وراء النهر ، وتركستان ، وإلى ما صين ، ودعا الخلق إلى الله تعالى ، وصنف لهم كتبا لم تقع إليّ ، إلّا أنه لما رجع كانوا يكاتبونه من الهند ، بالمغيث ، ومن بلاد ما صين وتركستان ، بالمقيت ، ومن خراسان ، بالمميز ، ومن فارس ، بأبي عبد الله الزاهد ، ومن خوزستان ، بالشيخ حلاج الأسرار ، وكان ببغداد قوم يسمونه المصطلم ، وبالبصرة قوم يسمونه المحير ، ثم كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة ، فقام وحج ثالثا وجاور سنتين ثم رجع وتغير عما كان عليه في الأول ، واقتنى العقار ببغداد ، وبنى دارا ودعا الناس إلى معنى لم أقف إلّا على شطر منه حتى خرج عليه محمّد بن داود ، وجماعة من أهل العلم ، وقبحوا صورته ، ووقع بين عليّ بن عيسى وبينه لأجل نصر القشوري ، ووقع بينه وبين الشبلي ، وغيره من مشايخ الصّوفيّة ، فكان يقول قوم : إنه ساحر. وقوم يقولون : مجنون ، وقوم يقولون : له الكرامات وإجابة السؤال ، واختلفت الألسن في أمره حتى أخذه السلطان وحبسه.

١١٣

حدّثنا إسماعيل بن أحمد الحيرى ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي قال : الحسين بن منصور قيل : إنما سمي الحلاج لأنه دخل واسطا فتقدم إلى حلاج وبعثه في شغل له ، فقال له الحلاج : أنا مشغول بصنعتي. فقال : اذهب أنت في شغلي حتى أعينك في شغلك ، فذهب الرجل فلما رجع وجد كل قطن في حانوته محلوجا ، فسمي بذلك الحلاج! وقيل : إنه كان يتكلم في ابتداء أمره من قبل أن ينسب إلى ما نسب إليه ، على الأسرار ، ويكشف عن أسرار المريدين ويخبر عنها ، فسمي بذلك حلاج الأسرار ، فغلب عليه اسم الحلاج. وقيل إن أباه كان حلاجا فنسب إليه.

أخبرني أبو عليّ عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن فضالة النّيسابوري ـ بالري ـ أنبأنا أبو منصور محمّد بن أحمد بن عليّ النهاوندي ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سلامة المروزي قال : سمعت فارسا البغداديّ يقول : قال رجل للحسين بن منصور أوصني قال : عليك بنفسك إن لم تشغلها بالحق ، شغلتك عن الحق. وقال له آخر : عظني ، فقال له : كن مع الحق بحكم ما أوجب.

أنبأنا محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّار ـ بهمذان ـ حدّثنا عليّ بن الحسن الصيقلي قال : سمعت أبا الطّيّب محمّد بن الفرخان يقول : سمعت الحسين بن منصور الحلاج يقول : علم الأولين والآخرين مرجعه إلى أربع كلمات : حب الجليل ، وبغض القليل ، واتباع التنزيل ، وخوف التحويل.

حدّثنا عبد العزيز بن عليّ الورّاق قال : سمعت عليّ بن عبد الله بن جهم يقول : كتب الحسين بن منصور إلى أحمد بن عطاء : أطال الله لي حياتك ، وأعدمني وفاتك ، على أحسن ما جرى به قدر ، أو نطق به خبر ، مع ما إنّ لك في قلبي من لواعج أسرار محبتك ، وأفانين ذخائر مودتك ، مالا يترجمه كتاب ، ولا يحصيه حساب ، ولا يفنيه عتاب ، وفي ذلك أقول :

كتبت ولم أكتب إليك وإنما

كتبت إلى روحي بغير كتاب

وذلك أن الروح لا فرق بينها

وبين محبيها بفضل خطاب

فكل كتاب صادر منك وارد

إليك بما رد الجواب جواب

أنشدنا محمّد بن الحسين بن أحمد الأهوازيّ قال : أنشدنا أبو حاتم الطّبريّ للحسين بن منصور :

جبلت روحك في روحي كما

يجبل العنبر بالمسك الفنق

فإذا مسك شيء مسني

فإذا أنت أنا لا نفترق

١١٤

قال : وأنشدنا أبو حاتم الطّبريّ أيضا للحسين بن منصور :

مزجت روحك في روحي كما

تمزج الخمرة بالماء الزلال

فإذا مسك شيء مسني

فإذا أنت أنا في كل حال

أنبأنا رضوان بن محمّد بن الحسن الدّينوريّ قال : أنشدني أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أحمد الصيدلاني المقرئ قال : أنشدني أحمد بن محمّد بن عمران البغداديّ قال : أنشدني الحسين بن منصور الحلاج لنفسه بالبصرة :

قد تحققتك في س

رى فخاطبك لساني

فاجتمعنا لمعان

وافترقنا لمعان

إن يكن غيبك التعظي

م عن لحظ العيان

فلقد صيرك الوج

د من الأحشاء دان

أنبأنا الحسن بن عليّ الجوهريّ ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال : أنشدنا أبو عبد الله محمّد بن عبيد الله الكاتب قال : أنشدني أبو منصور أحمد بن محمّد بن مطر قال : أنشدني أبو عبد الله الحسين بن منصور الحلاج لنفسه ـ وحبست معه في المطبق ـ :

دلال يا محمّد مستعار

دلال بعد أن شاب العذار

ملكت وحرمة الخلوات قلبا

لعبت به وقربه القرار

فلا عين يؤرقها اشتياق

ولا قلب يقلقله ادكار

نزلت بمنزل الأعداء مني

وبنت فلا تزور ولا تزار

كما ذهب الحمار بأم عمرو

فلا رجعت ولا رجع الحمار

أنبأنا رضوان بن محمّد الدّينوريّ قال : سمعت معروف بن محمّد الصّوفيّ بالري يقول : سمعت الخلدي يقول : أنشد عند ابن عطاء البيتان اللذان للحسين بن منصور وهما :

أريدك لا أريدك للثواب

ولكني أريدك للعقاب

وكل مآربي قد نلت منها

سوى ملذوذ وجدي بالعذاب

فلما سمع بذلك ابن عطاء قال : هذا مما يتزايد به عذاب الشغف ، وهيام الكلف ، واحتراق الأسف ، وشغف الحب ، فإذا صفا ووفا علا إلى مشرب عذب ، وهطل من الحق دائم سكب.

١١٥

أنبأنا محمّد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني قال : أنشدني أبو الفتح الإسكندري قال : أنشدني القناد قال : أنشدني الحسين بن منصور الحلاج :

متى سهرت عيني لغيرك أو بكت

فلا أعطيت ما منيت وتمنت

وإن أضمرت نفسي سواك فلا رعت

رياض المنى من وجنتيك وجنت

أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله الأردستاني ـ بمكة ـ أنبأنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا الفضل بن حفص يقول : سمعت القناد يقول : لقيت الحلاج يوما في حالة رثة ، فقلت له : كيف حالك؟ فأنشأ يقول :

لئن أمسيت في ثوبي عديم

لقد بليا على حر كريم

فلا يحزنك إن أبصرت حالا

مغيرة عن الحال القديم

فلي نفس ستتلف أو سترقى

لعمرك بي إلى أمر جسيم!

حدّثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال : سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمّد القاضي يقول : سمعت أحمد بن العلاء الصّوفيّ قال : سمعت عليّ ابن عبد الرّحيم القناد قال : رأيت الحلاج ثلاث مرات في ثلاث سنين ، فأول ما رأيته أني كنت أطلبه لأصحبه ، وآخذ عنه ، فقيل لي إنه بأصفهان فسألت عنه فقيل لي كان هاهنا وخرج فخرجت من وقتي وأخذت الطريق فرأيته على بعض جبال أصفهان وعليه مرقعة وبيده ركوة وعكاز ، فلما رآني قال : علي التوري (١)؟ ثم أنشأ يقول :

لئن أمسيت في ثوبي عديم

لقد بليا على حر كريم

فلا يغررك إن أبصرت حالا

مغيرة عن الحال القديم

فلي نفس ستتلف أو سترقى

لعمرك بي إلى أمر جسيم!

ثم فارقني وقال لي : نلتقي إن شاء الله ، وملأ كفي دنينيرات ، فلما كان بعد سنة أخرى سألت عنه أصحابه ببغداد ، فقالوا : هو بالجبانة ، فقصدت الجبانة فسألت عنه فقيل لي : إنه في الخان ، فدخلت الخان فرأيته وعليه صوف أبيض ، فلما رآني قال : علي التوري؟ قلت : نعم ، فقلت : الصحبة الصحبة ، فأنشدني :

دنيا تغالطني كأني

لست أعرف حالها

حظر المليك حرامها

وأنا احتميت حلالها

فوجدتها محتاجة

فوهبت لذتها لها

__________________

(١) هكذا في النسختين ، ولعله" التوزى" ذكره السمعاني في الأنساب في : " القناد" ولم يذكر" التورى".

١١٦

ثم أخذ بيدي وخرجنا من الخان فقال : أريد أن أمضي إلى قوم لا تحملهم ولا يحملونك ، ولكن نلتقي. وملأ كفي دنينيرات ثم غاب عني ، فقيل لي إنه ببغداد بعد سنة فجئته ، فقيل لي : السلطان يطلبه ، فبينا أنا في الكرخ بين السورين في يوم حار ، فإذا به من بعيد عليه فوطة رملية متخفيا فيها ، فلما رآني بكى وأنشأ يقول :

متى سهرت عيني لغيرك أو بكت

فلا بلغت ما أملت وتمنت

وإن أضمرت نفسي سواك فلا رعت

رياض المنى من وجنتيك وجنت

ثم قال : يا علي ، النجاء ، أرجو أن يجمع الله بيننا إن شاء الله.

أنبأنا محمّد بن عليّ بن الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين بن موسى النّيسابوري قال : سمعت محمّد بن عبد الله بن شاذان يقول : سمعت محمّد بن عليّ الكتاني يقول : دخل الحسين بن منصور مكة في ابتداء أمره ، فجهدنا حتى أخذنا مرقعته ، قال السوسي : أخذنا منها قملة فوزناها فإذا فيها نصف دانق من كثرة رياضته ، وشدة مجاهدته.

حدّثني مسعود بن ناصر ، أنبأنا ابن باكوا الشّيرازيّ قال : سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمّد المراري يقول : سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول : دخل الحسين ابن منصور إلى مكة وكان أول دخلته ، فجلس في صحن المسجد سنة لا يبرح من موضعه إلّا للطهارة أو للطواف ، ولا يبالي بالشمس ولا بالمطر ، وكان يحمل إليه كل عشية كوز ماء للشرب ، وقرص من أقراص مكة ، فيأخذ القرص ويعض أربع عضات من جوانبه ، ويشرب شربتين من الماء : شربة قبل الطعام ، وشربة بعده ، ثم يضع باقي القرص على رأس الكوز فيحمل من عنده.

وقال ابن باكوا : حدّثنا أبو الفوارس الجوزقاني ، حدّثنا إبراهيم بن شيبان. قال : سلم أستاذي ـ يعني أبا عبد الله المغربي ـ على عمرو بن عثمان المكي ، فجاراه في مسألة فجرى في عرض الكلام أن قال عمرو بن عثمان : هاهنا شاب على أبي قبيس ، فلما خرجنا من عند عمرو صعدنا إليه وكان وقت الهاجرة ، فدخلنا عليه وإذا هو جالس على صخرة من أبي قبيس في الشمس ، والعرق يسيل منه على تلك الصخرة ، فلما نظر إليه أبو عبد الله المغربي رجع وأشار إليّ بيده : ارجع ، فخرجنا ونزلنا الوادي ودخلنا المسجد ، فقال لي أبو عبد الله : إن عشت ترى ما يلقى هذا ، لأن الله يبتليه بلاء لا يطيقه ، قعد بحمقه يتصبر مع الله! فسألنا عنه وإذا هو الحلاج.

١١٧

أنبأنا عليّ بن أبي علي البصريّ ، أخبرني أبي قال : حدّثني أبو الحسن محمّد بن عمر القاضي قال : حملني خالي معه إلى الحسين بن منصور الحلاج ، وهو إذ ذاك في جامع البصرة يتعبّد ويتصوف ويقرأ قبل أن يدعي تلك الجهالات ، ويدخل في ذلك وكان أمره إذ ذاك مستورا ، إلّا أن الصّوفيّة تدعي له المعجزات من طريق التصوف وما يسمونه مغوثات ، لا من طريق المذاهب. قال : فأخذ خالي يحادثه وأنا صبي جالس معهما أسمع ما يجرى ، فقال لخالي : قد عملت على الخروج من البصرة ، فقال له خالي : لم؟ قال : قد صير لي أهل هذا البلد حديثا ، فقد ضاق صدري وأريد أبعد منهم ، فقال له مثل ما ذا؟ قال : يروني أفعل أشياء فلا يسألوني عنها ، ولا يكشفونها ، فيعلمون أنها ليست كما وقع لهم ، ويخرجون فيقولون : الحلاج مجاب الدعوة وله مغوثات ، قد تمت على يده ألطاف ومن أنا حتى يكون لي هذا؟ بحسبك أن رجلا حمل إليّ منذ أيام دراهم وقال لي اصرفها إلى الفقراء فلم يكن بحضرتي في الحال أحد ، فجعلتها تحت بارية من بواري الجامع إلى جنب أسطوانة عرفتها ، وجلست طويلا فلم يجئني أحد ، فانصرفت إلى منزلي وبت ليلتي ، فلما كان من غد جئت إلى الأسطوانة وجعلت أصلي. فاحتف بي قوم من الفقراء ، فقطعت الصلاة وشلت البارية فأعطيتهم تلك الدراهم ، فشنعوا عليّ بأن قالوا : إني إذا ضربت يدي إلى التراب صار في يدي دراهم. قال : وأخذ يعدد مثل هذا ، فقام خالي عنه وودعه ولم يعد إليه وقال : هذا منمس وسيكون له بعد هذا شأن ، فما مضى إلا قليل حتى خرج من البصرة وظهر أمره.

حدّثني أبو سعيد السجزي ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن عبيد الله الصّوفي الشّيرازيّ قال : سمعت أبا الحسن بن أبي توبة يقول : سمعت عليّ بن أحمد الحاسب قال : سمعت والدي يقول : وجهني المعتضد إلى الهند لأمور أتعرفها ليقف عليها ، وكان معي في السفينة رجل يعرف بالحسين بن منصور ، وكان حسن العشرة طيب الصحبة ، فلما خرجنا من المركب ونحن على الساحل والحمالون ينقلون الثياب من المركب إلى الشط فقلت له : أيش جئت إلى هاهنا؟ قال : جئت لأتعلم السحر ، وأدعو الخلق إلى الله تعالى ، قال : وكان على الشط كوخ وفيه شيخ كبير ، فسأله الحسين بن منصور : هل عندكم من يعرف شيئا من السحر؟ قال : فأخرج الشيخ كبة غزل وناول طرفه الحسين بن منصور ، ثم رمى الكبة في الهواء فصارت طاقة واحدة ، ثم

١١٨

صعد عليها ونزل! وقال للحسين بن منصور : مثل هذا تريد؟ ثم فارقني ولم أره بعد ذلك إلّا ببغداد.

أنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيرى ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : قال المزين : رأيت الحسين بن منصور في بعض أسفاره قلت له : إلى أين؟ فقال : إلى الهند أتعلم السحر أدعو به الخلق إلى الله عزوجل.

وقال أبو عبد الرّحمن : سمعت أبا علي الهمذاني يقول : سألت إبراهيم بن شيبان عن الحلاج فقال : من أحب أن ينظر إلى ثمرات الدعاوي الفاسدة ، فلينظر إلى الحلاج ، وإلى ما صار إليه! قال : وقال إبراهيم : ما زالت الدعاوي والمعارضات مشئومة على أربابها مذ قال إبليس أنا خير منه.

أخبرنا محمّد بن عليّ بن الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين النّيسابوري قال : سمعت أبا العبّاس الرّزّاز يقول : قال لي بعض أصحابنا قلت لأبي العبّاس بن عطاء : ما تقول في الحسين بن منصور؟ فقال : ذاك مخدوم من الجن ، قال : فلما كان بعد سنة سألته عنه فقال : ذاك من حق. فقلت : قد سألتك عنه قبل هذا فقلت مخدوم من الجن ، وأنت الآن تقول هذا! فقال : نعم ، ليس كل من صحبنا يبقى معنا فيمكننا أن نشرفه على الأحوال ، وسألت عنه وأنت في بدء أمرك ، وأما الآن وقد تأكد الحال بيننا ، فالأمر فيه ما سمعت.

وقال محمّد بن الحسين : سمعت إبراهيم بن محمّد النصرآباذي ، وعوتب في شيء حكى عنه ـ يعني عن الحلاج في الروح ـ فقال لمن عاتبه : إن كان بعد النبيين والصديقين موحد فهو الحلاج.

أنبأنا ابن الفتح ، أنبأنا محمّد بن الحسين قال : سمعت المنصور بن عبد الله يقول : سمعت الشبلي يقول : كنت أنا والحسين بن منصور شيئا واحدا ، إلّا أنه أظهر وكتمت. قال : وسمعت منصورا يقول : سمعت بعض أصحابنا يقول : وقف الشبلي عليه وهو مصلوب ، فنظر إليه وقال : ألم ننهك عن العالمين؟

أنبأنا إسماعيل الحيرى ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت جعفر بن أحمد يقول : سمعت أبا بكر بن أبي سعدان يقول : الحسين بن منصور مموه ممخرق.

قال أبو عبد الرّحمن : وحكى عن عمرو المكي أنه قال : كنت أماشيه في بعض أزقة مكة ، وكنت أقرأ القرآن فسمع قراءتي فقال : يمكنني أن أقول مثل هذا ، ففارقته.

١١٩

حدّثني مسعود بن ناصر ، أنبأنا ابن باكوا الشّيرازيّ قال : سمعت أبا زرعة الطّبريّ يقول : الناس فيه ـ يعني في الحسين بن منصور ـ بين قبول ورد ، ولكن سمعت محمّد ابن يحيى الرّازيّ يقول : سمعت عمرو بن عثمان يلعنه ويقول : لو قدرت عليه لقتلته بيدي ، فقلت أيش الذي وجد الشيخ عليه؟ قال : قرأت آية من كتاب الله فقال : يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.

قال : وسمعت أبا زرعة الطّبريّ يقول : سمعت أبا يعقوب الأقطع يقول : زوجت ابنتي من الحسين بن منصور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده ، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال ، خبيث كافر.

ذكر بعض ما حكي عن الحلاج من الحيل :

أنبأنا عليّ بن أبي علي المعدّل عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق قال : حدّثني غير واحد من الثقات من أصحابنا أن الحسين بن منصور الحلاج كان قد أنفذ أحد أصحابه إلى بلد من بلدان الجبل ، ووافقه على حيلة يعملها ، فخرج الرجل فأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة ، ويقرأ القرآن ويصوم ، فغلب على البلد ، حتى إذا علم أنه قد تمكن أظهر أنه قد عمى ، فكان يقاد إلى مسجده ، ويتعامى على كل أحد شهورا ، ثم أظهر أنه قد زمن ، فكان يحبو ويحمل إلى المسجد حتى مضت سنة على ذلك ، وتقرر في النفوس زمانته وعماه ، فقال لهم بعد ذلك : إني رأيت في النوم كأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لي : إنه يطرق هذا البلد عبد لله صالح مجاب الدعوة ، يكون عافيتك على يده وبدعائه ، فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء ، أو من الصّوفيّة ، فلعل الله أن يفرج عني على يد ذلك العبد وبدعائه ، كما وعدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتعلقت النفوس إلى ورود العبد الصّالح ، وتطلعته القلوب ، ومضى الأجل الذي كان بينه وبين الحلاج فقدم البلد فلبس الثياب الصوف الرقاق ، وتفرد في الجامع بالدعاء والصلاة ، وتنبهوا على خبره ، فقالوا للأعمى ، فقال احملوني إليه ، فلما حصل عنده وعلم أنه الحلاج قال له : يا عبد الله إني رأيت في المنام كيت وكيت ، فتدعو الله لي ، فقال : ومن أنا وما محلي؟ فما زال به حتى دعا له ثم مسح يده عليه ، فقام المتزامن صحيحا مبصرا! فانقلب البلد ، وكثر الناس على الحلاج فتركهم وخرج من البلد ، وأقام المتعامى المتزامن فيه شهورا. ثم قال لهم إن من حق نعمة الله عندي ، ورده جوارحي عليّ أن أنفرد بالعبادة إفرادا أكثر من هذا ، وأن يكون مقامي في الثغر ، وقد عملت على

١٢٠