تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٧

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٧

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٤

ذكر من اسمه جعفر

٣٦٠٤ ـ جعفر الأكبر بن عبد الله المنصور بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب :

كان يتولى إمارة الموصل ، ومات في حياة أبيه أبي جعفر المنصور.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه حدّثنا يعقوب بن سفيان. قال : سنة خمسين ومائة فيها توفى جعفر بن جعفر بمدينة السلام ، وصلى عليه أبو جعفر ليلا ، ودفن في مقابر قريش. قلت : وهو أول من دفن في مقابر قريش على ما ذكر.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال كتب إلى محمّد بن إبراهيم بن عمران الجوري ـ من شيراز ـ يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال أخبرنا أحمد بن يونس الضبي قال حدّثني أبو حسّان الزّيادي قال : سنة إحدى وخمسين ومائة فيها مات جعفر بن أبي جعفر المنصور الأكبر في صفر.

ذكر يعقوب بن سفيان أن جعفر بن أبي جعفر الذي مات في سنة إحدى وخمسين هو الأصغر. وليس بالذي ذكرناه آنفا.

كذلك أخبرنا ابن الفضل حدّثنا عبد الله بن جعفر حدّثنا يعقوب. قال : سنة إحدى وخمسين ومائة فيها مات جعفر الصغير بن أبي جعفر في صفر بمدينة السلام ، ولم يذكر أبو حسّان جعفر الأصغر في تاريخه ، فالله أعلم.

٣٦٠٥ ـ جعفر بن زياد ، أبو عبد الله ـ وقيل : أبو عبد الرّحمن ـ الأحمر الكوفيّ :

حدث عن بيان بن بشر ، ومنصور بن المعتمر ، وأبي إسحاق الشّيبانيّ. روى عنه

__________________

٣٦٠٤ ـ انظر : الأعلام للزركلي ٢ / ١٢٥.

٣٦٠٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٩٤١ (٥ / ٣٨). وطبقات ابن سعد ٦ / ٣٨٣. وتاريخ يحيى برواية الدوري ٢ / ٨٦. وبرواية الدارمي رقم ٢١٩. والعلل لأحمد ١ / ٢٧٤ ، ٣٦٢ ، ٣٧٧. والتاريخ الكبير ٢ / ت ٢١٥٩. والصغير ٢ / ١٧٠. وأحوال الرجال للجوزجاني ، ترجمة ٥٧. والكنى لمسلم ورقة ٦٢. والمعرفة ليعقوب ١ / ١٥٥ ، ٤٤٤ ، ٣ / ١٣٣. وتاريخ أبي زرعة الدمشقي ٣٠٠. وأخبار القضاة لوكيع ٢ / ٣٦٩ ، ٣ / ١٧٢. والكنى للدولابي ـ

١٦١

سفيان بن عيينة ، ووكيع بن الجراح ، وعبيد الله بن موسى ، وأبو غسان النهدي ، وأسود بن عامر شاذان. وكان قد خرج إلى خراسان فبلغ أبا جعفر المنصور عنه أمر يتعلق بالإمامة وأنه ممن يرى رأى الرافضة ، فوجه إليه بمن قبض عليه وحمله إلى بغداد ، فأودعه السجن دهرا طويلا ، ثم أطلقه.

قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات ـ بخطه ـ أخبرنا محمّد بن العبّاس الضبي الهروي حدّثنا أحمد بن محمّد بن ياسين أخبرنا جنيد بن حكيم ـ في كتابه ـ حدّثنا حسين بن علي بن جعفر الأحمر قال : كان جدي من رؤساء الشيعة بخراسان ، فكتب فيه أبو جعفر إلى هراة فأشخص إليه في ساجور (١) مع جماعة من الشيعة ، فحبسوا في المطبق دهرا طويلا ، ثم أطلقوا (٢).

أخبرنا على بن محمّد بن عبد الله المعدّل أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصواف حدّثنا عبد الله بن أحمد ـ إجازة ـ قال : سمعت أبي يقول : حدّثنا أسود ابن عامر حدّثنا جعفر بن زياد الأحمر ، قلت لأبي : هو ثقة؟ قال : هو صالح الحديث (٣).

وقال عبد الله في موضع آخر : سألته ـ يعنى أباه ـ عن جعفر بن زياد الأحمر ، فقال حدّثنا عنه عبد الرّحمن ووكيع وكان يتشيع.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق أخبرنا هبة الله بن محمّد بن حبش الفراء حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة. قال : وسأل يحيى بن معين الأزرق بن علي بن حكيم عن جعفر الأحمر ، فقال : كان ثقة ، وكان من الشيعة (٤).

أخبرني عبد الله بن يحيى السّكّري أخبرنا محمّد بن عبد الله الشافعي حدّثنا جعفر

__________________

ـ ٢ / ٥٤. وضعفاء العقيلي ، الورقة ٣٤. والجرح والتعديل ٢ / ت ١٩٥٢. والمجروحين لابن حبان ١ / ٢١٣. والكامل لابن عدي ١ / ورقة ٢١٠. وثقات ابن شاهين ورقة ١١. وتذهيب الذهبي ١ / ورقة ١٠٧ ـ ١٠٨. والكاشف ١ / ١٨٥. وميزان الاعتدال ١ / ٤٠٧. والمغني ١ / ت ١١٤٣. وديوان الضعفاء ت ٧٥٣. وإكمال مغلطاي ٢ / الورقة ٨١. وبغية الأريب ، الورقة ٨٠. ونهاية السئول ، الورقة ٥١. وتهذيب ابن حجر ٢ / ٩٢ ـ ٩٣. وخلاصة الخزرجي ١ / ت ١٠٨٣. والمنتظم ، لابن الجوزي ٨ / ٢٩٠.

(١) الساجور : خشبة تعلق في عنق الكلب. (القاموس).

(٢) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤١.

(٣) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٨.

(٤) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٠.

١٦٢

ابن محمّد بن الأزهر حدّثنا ابن الغلابي. قال : قال يحيى بن معين : جعفر الأحمر ثقة شيعى.

أخبرنا محمّد بن عبد الواحد أخبرنا محمّد بن العبّاس أخبرنا أحمد بن سعيد السوسي أخبرنا عبّاس بن محمّد. قال : سمعت يحيى بن معين يقول : جعفر الأحمر الكوفيّ ثقة (٥).

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن محمّد الأشنانى قال : سمعت أحمد بن محمّد ابن عبدوس الطّرائفي يقول سمعت عثمان بن سعيد الدّارمي يقول وسئل يحيى بن معين عن جعفر الأحمر فقال بيده ، لم يثبته ولم يضعفه (٦).

أخبرنا أبو بكر البرقاني أخبرنا محمّد بن عبد الله بن خميرويه الهروي أخبرنا الحسين بن إدريس قال : قال ابن عمار : وجعفر الأحمر ، ليس هو عندهم حجة ، كان رجلا صالحا كوفيا ، وكان يتشيع (٧).

أخبرنا ابن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدّثنا يعقوب بن سفيان حدّثنا عبيد الله عن جعفر الأحمر ، كوفي ثقة (٨).

أخبرنا عبد العزيز بن أحمد بن على الكتاني ـ بدمشق ـ حدّثنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني حدّثنا أبو هاشم عبد الجبّار بن عبد الصّمد السّلميّ الإمام حدّثنا أبو بكر القاسم بن عيسى العصار حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال : جعفر الأحمر مائل عن الطريق (٩).

قلت : يعنى في مذهبه وما نسب إليه من التشيع.

أخبرنا أحمد بن أبي جعفر أخبرنا محمّد بن عدي البصريّ ـ في كتابه ـ حدّثنا أبو عبيد محمّد بن علي الآجرى قال : سألت أبا داود سليمان بن الأشعث عن جعفر الأحمر فقال : هو ابن زياد ، صدوق شيعي ، حدث عنه عبد الرّحمن بن مهديّ (١٠).

__________________

(٥) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٠.

(٦) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٠.

(٧) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٠.

(٨) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٠.

(٩) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤٠.

(١٠) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤١.

١٦٣

كتب إلى أبو محمّد بن أبي نصر الدمشقي. وأخبرنا عبد العزيز بن أبي طاهر عنه قال حدّثنا أبو ميمون البجلي حدّثنا أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو قال : سمعت أبا نعيم يقول : مات جعفر الأحمر سنة خمس وستين ومائة (١١).

أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري أخبرنا محمّد بن زيد بن على بن مروان الكوفيّ حدّثنا محمّد بن محمّد بن عقبة الشّيبانيّ حدّثنا هارون بن حاتم حدّثنا دبيس بن حمير. قال : ومات جعفر الأحمر سنة سبع وستين ، وله سبع وستون سنة (١٢).

أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان أخبرنا جعفر بن محمّد الخالدي. حدّثنا محمّد ابن عبد الله بن سليمان الحضرميّ. قال مات أبو عبد الرّحمن جعفر بن زياد الأحمر سنة سبع وستين ومائة (١٣).

٣٦٠٦ ـ جعفر بن يحيى بن خالد ، أبو الفضل البرمكيّ.

كان من علو القدر ، ونفاذ الأمر ، وعظم المحل ، وجلالة المنزلة عند هارون الرّشيد بحالة انفرد بها ولم يشارك فيها ، وكان سمح الأخلاق ، طلق الوجه ظاهر البشر ، فأما جوده وسخاؤه وبذله وعطاؤه فكان أشهر من أن يذكر ، وأبين من أن يظهر ، وكان أيضا من ذوي الفصاحة ، والمذكورين باللسن والبلاغة ، ويقال إنه وقع ليلة بحضرة الرّشيد زيادة على ألف توقيع ، ونظر في جميعها فلم يخرج شيء منها عن موجب الفقه. وكان أبوه يحيى بن خالد قد ضمه إلى أبي يوسف القاضي حتى علمه وفقهه ، وغضب الرّشيد عليه في آخر أمره فقتله ، ونكب البرامكة لأجله.

أخبرنا الحسين بن علي الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى أخبرني محمّد بن الأزهر حدّثنا محمّد بن يزيد النّحويّ قال : زعم الجاحظ أن ثمامة بن أشرس النميري قال : ما رأيت رجلا أبلغ من جعفر بن يحيى والمأمون.

أخبرنا الحسين بن العبّاس النّعاليّ أخبرنا أحمد بن نصر بن عبد الله الذارع حدّثنا

__________________

(١٢) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤١.

(١٣) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤١.

(١٤) انظر الخبر في : تهذيب الكمال ٥ / ٤١.

٣٦٠٦ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٩ / ١٤٠. والنجوم الزاهرة ٢ / ١٢٣. ووفيات الأعيان ١ / ١٠٥. والبداية والنهاية ١٠ / ١٩٤. والبيان والتبيين ١ / ٥٨. وتاريخ الطبري حوادث سنة ١٨٧.

١٦٤

زكريّا ـ يعنى ابن جعفر ـ حدّثنا العبّاس بن الفضل قال : اعتذر رجل إلى جعفر بن يحيى البرمكيّ ، فقال له جعفر : قد أغناك الله بالعذر منا عن الاعتذار إلينا ، وأغنانا بالمودة لك عن سوء الظن بك.

أخبرنا أبو القاسم سلامة بن الحسين المقرئ حدّثنا على بن عمر الحافظ القاضي [حدّثنا (١)] الحسين بن إسماعيل حدّثنا عبد الله بن أبي سعد حدّثني محمّد بن عبد الله بن طهمان حدّثني أبي قال كان أبو علقمة الثّقفيّ ـ صاحب الغريب ـ عند جعفر بن يحيى في بعض لياليه التي يسمر فيها ، فأقبلت خنفساء إلى أبي علقمة ، فقال : أليس يقال إن الخنفساء إذا أقبلت إلى رجل أصاب خيرا ، قالوا : بلى؟ قال جعفر ابن يحيى : يا غلام أعطه ألف دينار ، قال فنحوها عنه ، فعادت إليه فقال يا غلام ، أعطه ألف دينار فأعطاه ألفي دينار ، قال : وأنشد جعفرا مرثية ابن أبي حفصة لمعن بن زائدة التي يقول فيها :

كأنّ الشّمس يوم أصيب معن

من الإظلام ملبسة جلالا

فاستجادها جعفر فوهب له عشرة آلاف درهم.

أخبرنا علي بن أبي علي حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى الكاتب حدّثنا علي بن سليمان الأخفش حدّثني بعض أصحابنا قال خرج عبد الملك بن صالح مشيعا لجعفر ابن يحيى البرمكيّ ، فعرض عليه حاجاته فقال له : قصارى كل مشيع الرجوع وأريد أعز الله الأمير أن يكون لي كما قال بظحاء العذرى :

وكوني على الواشين لدّاء شغبة

فإنّي على الواشي ألدّ شغوب

فقال جعفر : بل أكون لك كما قال جميل :

وإذا الواشي وشي يوما بها

نفع الواشي بما جاء يضرّ

أخبرنا الحسن بن على الجوهريّ حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني حدّثنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمّد الخصيبى قال سمعت على بن الحسين بن عبد الأعلى الإسكافي يحدث. قال : كان أحمد بن الجنيد الإسكافى أخص الناس بجعفر بن يحيى ابن خالد البرمكيّ ، فكان الناس يقصدونه في حوائجهم إلى جعفر. قال : وإن رقاع الناس كثرت في خف أحمد بن الجنيد ، فلم يزل كذلك إلى أن تهيأ له الخلوة بجعفر فقال له : يا جعفر (٢) جعلني الله فداك ، قد كثرت رقاع الناس معي ، وأشغالك كثيرة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) «جعفر» ساقطة من المطبوعة.

١٦٥

وأنت اليوم خال ، فإن رأيت أن تنظر فيها؟ فقال له جعفر : على أن تقيم عندي اليوم ، فقال له أحمد : نعم! فصرف دوابه وأقام فلما تغدوا جاءه بالرقاع فقال له جعفر : هذا وقت ذا؟ دعنا اليوم ، فأمسك عنه أحمد وانصرف في ذلك اليوم ولم ينظر في الرقاع ، فلما كان بعد أيام خلا به فذاكره الرقاع ، فقال : نعم على أن تقيم عندي اليوم ، فأقام عنده ففعل به مثل الفعل الأول حتى فعل به ذلك ثلاثا ، فلما كان في آخر يوم أذكره فقال : دعني الساعة وناما ، فانتبه جعفر قبل أحمد فقال لخادم له : اذهب إلى خف أحمد بن الجنيد فجئنى بكل رقعة فيه. وانظر لا يعلم أحمد ، فذهب الغلام وجاء بالرقاع ، فوقع جعفر فيها عن آخرها بخطه بما أحب أصحابها ، ووكد ذلك ، ثم أمر الخادم أن يردها في الخف ، فردها ، وانتبه أحمد وأخذوا في شأنهم ، ولم يقل له فيها شيئا ، وانصرف أحمد ، فركب يعلل أصحاب الرقاع بها أياما ، ثم قال لكاتب له : ويحك هذه الرقاع قد أخلقت في خفي ، وهذا ـ يعنى جعفرا ـ ليس ينظر فيها ، فخذها تصفحها وجدد ما خلق منها فأخذها الكاتب فنظر فيها فوجد الرقاع موقعا فيها بما سأل أهلها وأكثر ، فتعجب من كرمه ونبل أخلاقه ، ومن أنه قد قضى حاجته ولم يعلمه بها لئلا يظن أنه اعتد بها عليه.

أخبرني أبو القاسم الأزهرى حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان حدّثنا أبو يعقوب النّخعيّ حدّثنا على بن زيد ـ كاتب العبّاس بن المأمون ـ حدّثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي حدّثني أبي. قال : حج الرّشيد ومعه جعفر بن يحيى البرمكيّ ، قال : وكنت معهم ، فلما صرنا إلى مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لي جعفر بن يحيى : أحب أن تنظر لي جارية ، ولا تبقى غاية في حذاقتها بالغناء والضرب ، والكمال في الظرف والأدب ، وجنبني قولهم صفراء ، قال فوضعتها على يد من يعرف ، قال فأرشدت إلى جارية لرجل ، فدخلت عليه فرأيت رسوم النعمة ، وأخرجها فلم أر أجمل منها ، ولا أصبح ولا آدب ، قال ثم تغنت إلى أصواتا وأجادتها ، قال فقلت لصاحبها : قل ما شئت ، قال أقول لك قولا لا أنقص منه درهما ، قال قلت قل ، قال أربعين ألف دينار ، قال قلت قد أخذتها واشترطت نظرة ، قال ذاك لك ، قال فأتيت جعفر بن يحيى فقلت قد أصبت حاجتك على غاية الكمال ، والظرف والأدب والجمال ، ونقاء اللون ، وجودة الضرب والغناء ، وقد اشترطت نظرة ، فاحمل المال ومر بنا ، قال فحملنا المال على حمالين وجاء جعفر مستخفيا فدخلنا على الرجل فأخرجها ، فلما رآها جعفر عجب بها ، وعرف أن قد صدقته ، ثم غنته فازداد بها عجبا ، فقال

١٦٦

لي : اقطع أمرها قال ، قلت لمولاها هذا المال قد نقدناه ووزناه ، فإن قنعت وإلا فوجه إلى من شئت لينقد. فقال : لا بل أقنع بما قلتم قال فقالت الجارية : يا مولاي في أى شيء أنت؟ فقال : قد عرفت ما كنا فيه من النعمة ، وما كنت فيه انبساط اليد ، وقد انقبضت عن ذلك لتغير الزمان علينا ، فقدرت أن تصيري إلى هذا الملك فتنبسطي في شهواتك وإرادتك ، فقالت الجارية : والله يا مولاي لو ملكت منك ما ملكت منى ما بعتك بالدنيا وما فيها ، وبعد فاذكر العهد ، وقد كان حلف لها أن لا يأكل لها ثمنا ، قال فتغرغرت عين المولى وقال : اشهدوا أنها حرة لوجه الله ، وأنى قد تزوجتها وأمهرتها دارى. فقال لي جعفر : انهض بنا ، قال فدعوت الحمالين ليحملوا المال ، قال فقال جعفر : لا والله لا يصحبنا منه درهم ، قال : ثم أقبل على مولاها فقال : هو لك مبارك لك فيه ، أنفقه عليها وعليك ، قال : وقمنا فخرجنا.

أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدّثنا إبراهيم بن حمّاد حدّثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدّثني محمّد بن أحمد بن المبارك العبدى حدّثني عبد الله بن علي ـ أبو محمّد ـ قال : لما غضب على البرامكة أصيب في خزانة لجعفر بن يحيى في جرة ألف دينار ، في كل دينار مائة دينار ، على أحد جانبي كل دينار منها :

وأصفر من ضرب دار الملو

ك يلوح على وجهه جعفر

يزيد على مائة واحدا

متى تعطه معسرا يوسر

أخبرنا سلامة بن الحسين وعمر بن محمّد بن عبيد الله المؤدّب قالا : حدّثنا علي ابن عمر حدّثنا إبراهيم بن حمّاد قال حدّثنا عبد الله بن أبي سعد حدّثني مثنى بن محمّد المذحجي حدّثني أبو عبد الرّحمن مؤدب محمّد بن عمران بن يحيى بن خالد قال : أمر جعفر بن يحيى بن خالد أن تضرب دنانير ، في كل دينار ثلاثمائة مثقال ، ويصور عليها صورة وجهه ، فضربت فبلغ أبا العتاهية ، فأخذ طبقا فوضع عليه بعض الألطاف فوجه به إلى جعفر ، وكتب إليه رقعة في آخرها :

وأصفر من ضرب دار الملو

ك يلوح على وجهه جعفر

ثلاث مئين يكن وزنه

متى يلقه معسر يوسر

فأمر بقبض ما على الطبق ، وصير عليه دينارا من تلك الدنانير ورده إليه.

١٦٧

أخبرنا أبو علي محمّد بن الحسين بن محمّد الجازري حدّثنا المعافي بن زكريّا الجريري ـ إملاء ـ حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدّثني أبو بكر الضّرير ـ وجه الهرة ـ قال : حدّثني غسان بن محمّد القاضي عن محمّد بن عبد الرّحمن الهاشمي ـ صاحب صلاة الكوفة ـ قال دخلت على أمي في يوم عيد أضحى ، وعندها امرأة برزة في أثواب دنسة رثة ، فقالت لي : أتعرف هذه؟ قلت لا ، قالت : هذه عبادة أم جعفر بن يحيى بن خالد ، فسلمت عليها ورحبت بها ، وقلت لها : يا فلانة حدثيني ببعض أمركم. قالت أذكر لك جملة كافية فيها اعتبار لمن اعتبر ، وموعظة لمن فكر ، لقد هجم على مثل هذا العيد وعلى رأسي أربعمائة وصيفة ، وأنا أزعم أن جعفرا ابني عاق بى ، وقد أتيتكم في هذا اليوم ، والذي يقنعني جلدا شاتين ، أجعل أحدهما شعارا والآخر دثارا.

أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ حدّثنا أبي حدّثنا عمر بن الحسن بن علي الشّيبانيّ أخبرنا الحارث بن محمّد حدّثني العبّاس بن الفضل عن إسماعيل بن علي قال : قال أبو قابوس النّصراني : دخلت على جعفر بن يحيى البرمكيّ في يوم بارد ، فأصابنى البرد ، فقال : يا غلام اطرح عليه كساء من أكسية النصارى ، فطرح على كساء خز قيمته ألف. قال فانصرفت إلى منزلي فأردت أن ألبسه في يوم عيد ، فلم أصب له في منزلي ثوبا يشاكله ، فقالت لي بنية لي : اكتب إلى الذي وهبه لك حتى يرسل إليك بما يشاكله من الثياب ، فكتبت إليه :

أبا الفضل لو أبصرتنا يوم عيدنا

رأيت مباهاة لنا في الكنائس

ولو كان ذاك المطرف الخز جبة

لباهيت أصحابي بها في المجالس

فلا بد لي من جبة من جبابكم

ومن طيلسان من جياد الطيالس

ومن ثوب قوهي وثوب غلالة

ولا بأس إن أتبعت ذاك بخامس

إذا تمت الأثواب في العيد خمسة

كفتك فلم تحتج إلى لبس سادس

لعمرك ما أفرطت فيما سألته

وما كنت لو أفرطت فيه بآيس

وذاك لأن الشعر يزداد حدة

إذا ما البلا أبلى جديد الملابس

قال فبعث إليه حين قرأ شعره بتخوت خمسة ، من كل نوع تختا. قال : فو الله ما انقضت الأيام حتى قتل جعفر بن يحيى وصلب ، فرأينا أبا قابوس قائما تحت جذعه يزمزم ، فأخذه صاحب الخبر وأدخله على الرّشيد ، فقال له ما كنت قائلا تحت جذع

١٦٨

جعفر؟ قال فقال أبو قابوس : أينجيني منك الصدق؟ قال نعم ، قال ترحمت والله عليه ، وقلت في ذلك :

أمين الله هب فضل بن يحيى

لنفسك أيها الملك الهمام

وما طلبى إليك العفو عنه

وقد قعد الوشاة بنا وقاموا

أرى سبب الرضى فيه قويا

على الله الزيادة والتمام

نذرت على فيه صيام حول

وإن وجب الرضى وجب الصيام

وهذا جعفر بالجسر تمحو

محاسن وجهه ريح قتام

أقول له وقمت إليه نصبا

إلى أن كاد يفضحني القيام

أما والله لو لا خوف واش

وعين للخليفة لا تنام

لطفنا حول جذعك واستلمنا

كما للناس بالركن استلام

قال : فأطرق هارون مليا ، ثم قال : رجل أولى جميلا فقال فيه جميلا. يا غلام ناد بأمان أبي قابوس وأن لا يعرض له. ثم قال لحاجبه : إياك أن تحجبه عنى ، صرمتى شئت إلينا في مهمك.

أخبرني الأزهري حدّثنا محمّد بن العبّاس أخبرنا أبو بكر محمّد بن خلف أخبرني أبو النّضر هاشم بن سعيد بن علي البلديّ أخبرني أبي ، قال لما صلب الرّشيد جعفر بن يحيى ، وقف الرقاشي الشّاعر فقال :

أما والله لو لا خوف واش

وعين للخليفة لا تنام

لطفنا حول جذعك واستلمنا

كما للناس بالحجر استلام

فما أبصرت قبلك يا ابن يحيى

حساما فلّه السيف الحسام

على اللذات والدنيا جميعا

لدولة آل برمك السلام

فقيل للرشيد ، فأمر به فأحضر ، فقال له : ما حملك على ما فعلت؟ قال تحركت نعمته في قلبي فلم أصبر. قال : كم كان عطاؤك؟ قال : كان يعطيني في كل سنة ألف دينار ، فأمر له بألفي دينار.

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا الحسين بن القاسم أخبرني الحسن بن سعيد العنبري حدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبيه. قال : قال أبو يزيد الرياحي : كنت قائما عند خشبة جعفر بن يحيى البرمكيّ أتفكر في زوال ملكه ، وحاله التي صار إليها ، إذ أقبلت امراة راكبة ، لها رواء وهيئة ،

١٦٩

فوقفت على جعفر فبكت فأحزنت وتكلمت فأبلغت ، فقالت : أما والله لئن أصبحت للناس آية ، لقد بلغت فيهم الغاية ، ولئن زال ملكك ، وخانك دهرك ، ولم يطل عمرك ، لقد كنت المغبوط حالا ، الناعم بالا ، يحسن بك الملك ، وينفس بك الهلك ، أن تصير إلى حالك هذه ، ولقد كنت الملك بحقه ، في جلالته ونطقه ، فاستعظم الناس فقدك ، إذ لم يستخلفوا ملكا بعدك ، فنسأل الله الصبر على عظيم الفجيعة ، وجليل الرزية التي لا تستعاض بغيرك والسلام عليك وداع غير قال ولا ناس لذكرك ، ثم أنشأت تقول :

العيش بعدك مر غير محبوب

ومذ صلبت ومقنا كل مصلوب

أرجو لك الله ذا الإحسان إن له

فضلا علينا وعفوا غير محسوب

ثم سكتت ساعة وتأملته ، ثم أنشأت تقول :

عليك من الأحبة كل يوم

سلام الله ، ما ذكر السلام

لئن أمسى صداك برأى عين

على خشب حباك بها الإمام

فمن ملك إلى ملك برغم

من الأملاك أسلمك الهمام

أخبرنا أبو على بن الحسين بن محمّد الجازري أخبرنا المعافى بن زكريّا حدّثنا محمّد بن مزيد حدّثنا الزبير بن بكّار.

وأخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن علي البزّاز ـ واللفظ له ـ قال أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي حدّثنا محمّد بن أبي الأزهر النّحويّ حدّثنا الزبير بن بكّار حدّثني عمي مصعب بن عبد الله. قال : لما قتل جعفر بن يحيى ، وصلب بباب الجسر رأسه ، وفي الجانب الآخر جسده ، وقفت امرأة على حمار فاره ، فنظرت إلى رأسه ، فقالت بلسان فصيح : والله لئن صرت اليوم آية ، لقد كنت في المكارم غاية ، ثم أنشأت تقول :

ولما رأيت السيف خالط جعفرا

ونادى مناد للخليفة في يحيى

بكيت على الدنيا وأيقنت أنما

قصارى الفتى يوما مفارقة الدنيا

وما هي إلا دولة بعد دولة

تخول ذا نعمى وتعقب ذا بلوى

إذا أنزلت هذا منازل رفعة

من الملك حطت ذا إلى الغاية القصوى

ثم إنها حركت الحمار الذي كان تحتها ، فكأنها كانت ريحا لم يعرف لها أثر.

حدّثنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزاز أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن خلف المرزبان قال أنشدونا للعبّاس بن الأحنف :

ولما رأيت السيف خالط جعفرا

١٧٠

وذكر هذه الأبيات الأربعة كما سقناها سواء.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق حدّثنا عمر بن جعفر بن محمّد بن سلم الختلّيّ حدّثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدّثني إسماعيل بن محمّد ـ ثقة ـ قال : لما بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر بن يحيى ، وما نزل بالبرامكة ، حول وجهه إلى الكعبة وقال : اللهم إنه كان قد كفاني مئونة الدنيا ، فاكفه مئونة الآخرة.

أخبرني الحسن بن أبي بكر قال كتب إلى محمّد بن إبراهيم الجورى ـ من شيراز ـ يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبره ، قال حدّثنا أحمد بن يونس الضبي حدّثني أبو حسّان الزّيادي. قال سنة سبع وثمانين ومائة فيها قتل جعفر بن يحيى بن خالد ، في أول يوم من صفر ، بالغمر من أرض الأنبار.

أخبرنا إبراهيم بن مخلد ـ إجازة ـ أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي. وأخبرنا الأزهرى ـ قراءة ـ أخبرنا على بن عمر الحافظ أخبرنا عبد الله بن إسحاق أخبرنا الحارث بن محمّد حدّثنا محمّد بن سعد أخبرنا محمّد بن عمر الواقدي : سنة سبع وثمانين ومائة فيها نزل هارون بن محمّد بن عبد الله الغمر بناحية الأنبار منصرفا من مكة ، وغضب على البرامكة ، وقتل جعفر بن يحيى بن خالد في أول يوم من صفر ، وصلبه على الجسر ببغداد.

٣٦٠٧ ـ جعفر بن عيسى بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن البصريّ ، ويعرف بالحسني :

ولى القضاء بالجانب الشرقي من بغداد في أيام المأمون ، والمعتصم ، وحدث عن حمّاد بن زيد ، وجعفر بن سليمان ، وسفيان بن حبيب البصريّين ، ورشدين ابن سعد المصريّ ، روى عنه إبراهيم بن إسماعيل السوطى ، وأبو الأحوص محمّد بن نصر الأثرم ، ونصر بن داود الصاغاني ، وغيرهم.

وقال أبو زرعة الرازي : ولى قضاء الري وهو صدوق. وقال أبو حاتم الرازي : جهمي ضعيف. حدّثنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل السوطى حدّثنا جعفر بن عيسى الحسني حدّثنا سفيان بن حبيب أخبرنا عوف عن الحسن عن عبد الرّحمن بن سمرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا تسل الإمارة» (١) فذكر الحديث.

__________________

٣٦٠٧ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٠ / ٤٤.

(١) انظر الحديث في : مسند أحمد ٥ / ٦٢ ، ٦٣. وفتح الباري ١١ / ٦١٦ ، ١٣ / ٦٤.

١٧١

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمّد بن إبراهيم بن الواثق بالله أمير المؤمنين حدّثنا جدي أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن أبي الثلج حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن خزيمة البجلي الرازي حدّثنا جعفر بن عيسى الحسنى حدّثنا رشدين بن سعد المصريّ حدّثنا معاوية بن صالح عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي [بن أبي طالب] (٢) عن أبي بكر الصدّيق قال : الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمحق للخطايا من الماء للنار ، والسلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أفضل من عتق الرقاب ، وحب رسول الله أفضل من مهج الأنفس ، ـ أو قال ضرب السيف في سبيل الله عزوجل.

أخبرنا على بن المحسن أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر. قال : شخص المأمون عن مدينة السلام فيما أخبرني محمّد بن جرير ـ إجازة ـ يعنى شخص إلى بلد الروم ـ ومعه يحيى بن أكثم يوم السبت لثلاث بقين من المحرم سنة خمس عشرة ومائتين ، فاستخلف يحيى بن أكثم على الجانب الشرقي جعفر بن عيسى البصريّ ويعرف بالحسني ، ثم أشخص المأمون الحسني إليه فاستخلف مكانه هارون بن عبد الله أبا يحيى الزّهريّ ، ثم عزل الزّهريّ وأعاد الحسني.

أخبرنا إبراهيم بن مخلد ـ إجازة ـ حدّثنا عبد الله بن إسحاق البغويّ. وأخبرنا الأزهري ـ قراءة ـ أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدّثنا عبد الله بن إسحاق أخبرنا الحارث بن محمّد حدّثنا محمّد بن سعد قال : سنة تسع عشرة ومائتين فيها مات جعفر بن عيسى الحسني ، وهو قاض لأبى إسحاق على عسكر المهديّ يوم السبت ، لست ليال بقين من شهر رمضان ، وأوصى أن يدفن في مقبرة الأنصار ، فدفن هنالك ، وصلى عليه أبو علي بن هارون أمير المؤمنين.

٣٦٠٨ ـ جعفر بن مبشر بن أحمد بن محمّد أبو محمّد الثّقفيّ المتكلم :

أحد المعتزلة البغداديين له كتب مصنفة في الكلام وهو أخو حبيش بن مبشر الفقيه الذي يروى عن محمّد بن مخلد العطّار. وحدث جعفر عن عبد العزيز بن أبان القرشيّ. روى عنه عبيد الله بن محمّد اليزيدي.

أخبرنا أبو بشر محمّد بن عمر الوكيل حدّثنا محمّد عمران بن موسى

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

٣٦٠٨ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٢١١. والأعلام للزركلي ٢ / ١٢٦.

١٧٢

الكاتب أخبرني محمّد بن أحمد الكاتب حدّثنا عبيد الله بن محمّد اليزيدي حدّثني جعفر بن مبشر حدّثنا عبد العزيز أبان حدّثني سهل بن شعيب السهمي حدّثني أبو علي ـ يعنى جليسا لهم ـ عن عبد الأعلى عن نوف البكالي قال : بايت عليا فأكثر الدخول والخروج والنظر في السماء ، ثم قال لي : أنائم أنت يا نوف؟ قلت : رامق أرمقك بعيني منذ الليلة يا أمير المؤمنين. قال فقال لي : يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، أولئك قوم اتخذوا أرض الله بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والكتاب شعارا ، والدعاء دثارا ، ثم قرضوا الدنيا قرضا قرضا على منهاج المسيح ابن مريم. يا نوف إن الله أوحى إلى عبده المسيح ، أن قل لبني إسرائيل لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة ، وأكف نقية ـ وذكر باقي الحديث.

أخبرنا الحسين بن علي الصيمري حدّثنا أبو عبيد الله المرزباني. قال : مات جعفر ابن مبشر في سنة أربع وثلاثين ومائتين.

٣٦٠٩ ـ جعفر بن حرب الهمدانيّ :

معتزلي أيضا بغدادي. درس الكلام بالبصرة على أبي الهذيل العلاف ، وكان لجعفر اختصاص بالواثق ، وصنف كتبا معروفة عند المتكلمين.

أخبرنا الصيمري حدّثنا المرزباني قال : قال أبو القاسم البلخيّ قال أبو الحسن الخيّاط : مات جعفر بن حرب سنة ست وثلاثين ومائتين ، وهو ابن تسع وخمسين سنة.

٣٦١٠ ـ جعفر بن محمّد بن عمّار ، البرجميّ :

من أهل الكوفة. ولى قضاء القضاة بسر من رأى.

أخبرنا علي بن أبي البصريّ حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري ـ لفظا ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ ـ بالبصرة أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة النميري. قال : كان أيوب بن حسن بن موسى بن جعفر بن سليم عاملا على الصلاة بالكوفة وأحداثها للمتوكل ، وجعفر بن محمّد بن عمار على قضائها. فكان ربما أمره بالصلاة بهم إذا اعتل ، وكان كثير العلل من نقرس كان به ، فكان جعفر يصلى

__________________

٣٦٠٩ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٢٣٩. ومروج الذهب ٢ / ٢٩٨. والأعلام ٢ / ١٢٣.

٣٦١٠ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٣.

١٧٣

بهم ويدعو لأيّوب على المنبر بالتأمير له ، فقال محمّد بن نوفل التّميميّ :

فما عجب أن تطلع الشمس بكرة

من الغرب إذ تعلو على ظهر منبر

ولو لا أناة الله جل ثناؤه

لصبحت الدنيا بخزي مدمر

إذا جعفر رام الفخار فقل له

عليك ابن ذى موسى بموساك فافخر

فقد كان عمار إذا ما نسبته

إلى جده الحجام لم يتكبر

ثم عزل جعفر بن محمّد عن قضاء الكوفة ، وحمل إلى سر من رأى فولى قضاء القضاة إلى أن مات بسر من رأى.

٣٦١١ ـ جعفر بن علي بن السّري بن عبد الرّحمن ، أبو الفضل ، المعروف بجعيفران الشّاعر :

ولد ببغداد ونشأ بها ، وأبوه من أبناء خراسان. وكان جعفر من أهل الفضل والأدب ، ووسوس في أثناء عمره ، وله أخبار وأشعار مستحسنة.

أخبرنا محمّد بن الحسين الجازري حدّثنا المعافي بن زكريّا الجريري حدّثنا محمّد ابن عبد الواحد ـ أبو عمر اللغوي ـ قال سمعت أحمد بن سليمان المفيدي قال حدّثني خالد الكاتب. قال : ارتج على وعلى دعبل وآخر من الشعراء نصف بيت قلناه جميعا وهو قولنا : يا بديع الحسن ، فقلنا ليس إلا جعيفران الموسوس ، فجئناه فقال : ما تبغون؟ قال خالد : جئناك في حاجة ، قال : لا تؤذوني فإنى جائع ، فبعثنا فاشترينا له خبزا ومالحا ، وبطيخا ورطبا ، فأكل وشبع ، ثم قال لنا : هاتوا حاجتكم ، قلنا له : قد اختلفنا في بيت وهو :

يا بديع الحسن حاشا

لك من هجر بديع

فقال : فقال له دعبل : فزدني أنا بيتا آخر فقال : نعم!

وبحسن الوجه عوذ

تك من سوء الصنيع

فقال له الذي معنا : ولي أنا بيتا آخر. فقال نعم!

ومن النخوة يستع

فيك لي ذل الخضوع

فقمنا وقلنا : نستودعك الله. فقال : انتظروا حتى أزودكم لي بيتا آخر :

لا يعب بعضكم بعضا

كن جميلا في الجميع

أخبرنا أبو عبد الرّحمن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله النّيسابوريّ الحيري أخبرنا الحسن بن محمّد بن حبيب الواعظ أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن ملحان

١٧٤

البصريّ حدّثنا أبو العبّاس الأسديّ أخبرنا بعض أصحابنا قال : لقيت جعيفران فقلت له : تجيز لي بيت شعر؟ قال نعم ، بدرهم صحيح ، قلت له نعم. قال هات ، فأعطيته الدرهم وأنشدته :

وما الحب إلا لوعة قذفت بها

عيون المها باللحظ بين الجوانح

ففكر ساعة ، ثم قال :

ونار الهوى تطفي عن القلب فعلها

كفعل الذي جادت به كف قادح

وأنشدنا إسماعيل الحيري قال أنشدنا الحسن بن محمّد بن حبيب لجعيفران :

بين السماح وعون

فرق كبير وبون

للجود حاتم طي

وحاتم البخل عون

له مطابخ بيض

والعرض أسود جون (١)

٣٦١٢ ـ جعفر أمير المؤمنين المتوكل على الله بن محمّد المعتصم بالله هارون الرّشيد بن محمّد المهديّ بن عبد الله المنصور بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، يكنى أبا الفضل :

بويع له بالخلافة بعد الواثق ، وكان مولده بفم الصلح ، ومنزله بسر من رأى.

أخبرني الحسين بن علي الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى حدّثنا أبو عبد الله الحكيمي حدّثني ميمون بن هارون عن جماعة سماهم أن الواثق لما مات اجتمع وصيف التركي ، وأحمد بن أبي دؤاد ، ومحمّد بن عبد الملك ، وأحمد بن خالد المعروف بأبي الوزير ، وعمر بن فرج ، فعزم أكثرهم على تولية محمّد بن الواثق ، فأحضر ، وهو غلام أمرد قصير ، فقال أحمد بن أبي دؤاد : أما تتقون الله ، كيف تولون مثل هذا الخلافة؟! فأرسلوا بغا الشرابي إلى جعفر بن المعتصم فأحضروه ، فقام ابن أبي دؤاد فألبسه الطويلة ودراعة ، وعممه بيده على الطويلة. وقبل بين عينيه ، وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، ثم غسل الواثق وصلى عليه المتوكل ، ودفن.

قال ميمون فحدّثني سعيد الصغير قال : كان المتوكل قد رأى في النوم كأن سكرا

__________________

(١) ٣٦١١ ـ آخر الجزء التاسع والأربعين من تجزئة المصنف رحمه‌الله تعالى.

٣٦١٢ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٣٥٥ ـ ٣٦٠. وتاريخ الخميس ٢ / ٣٣٧. والنبراس ٨٠ ـ ٨٥. وثمار القلوب ١٤٩. وتاريخ اليعقوبي ٣ / ٢٠٨. والكامل لابن الأثير ٧ / ١١ ، ٢٩. وتاريخ الطبري ١١ / ٢٦ ، ٦٢. ومروج الذهب ٢ / ٢٨٨. والأعلام ٢ / ١٢٧.

١٧٥

سليمانيا يسقط عليه من السماء ، مكتوب عليه جعفر المتوكل على الله ، قال ميمون فلما صلى على الواثق قال محمّد بن عبد الملك نسميه المنتصر ، وخاض الناس في ذلك ، فحدث المتوكل أحمد بن أبي دؤاد بما رأى في منامه ، فوجده موافقا ، فأمضى في ذلك ، وكتب به إلى الآفاق.

أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس حدّثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا. وأخبرني أبو القاسم الأزهري حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عرفة. قالا : بويع المتوكل على الله ـ قال ابن أبي الدنيا بسر من رأى ثم اتفقا ـ يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، قال ابن عرفة : وسنه ست وعشرون سنة يومئذ ، قالا جميعا : وأمه أم ولد يقال لها شجاع قال ابن عرفة : وكانت من سروات النساء سخاء وكرما ، وقال ابن أبي الدنيا قال يزيد بن المهلّبي : سمعت المتوكل على الله يقول : ميلادى سنة سبع ومائتين.

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن الحسن بن أحمد الأهوازى حدّثنا محمّد بن إسحاق ابن إبراهيم القاضي ـ بالأهواز ـ حدّثنا محمّد بن هارون الهاشمي حدّثنا محمّد بن شجاع الأحمر. قال : دخلت على أمير المؤمنين المتوكل وبين يديه نصر بن علي الجهضمي ، فجعل نصر يحض المتوكل على الرفق ، ويمدح الرفق ، ويوصى به ، والمتوكل ساكت ، فلما سكت نصر قال المتوكل ـ والتفت إلى يحيى بن أكثم القاضي ـ فقال له : أنت يا يحيى حدثتني عن محمّد بن عبد الوهّاب عن سفيان عن الأعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن عبد الرّحمن بن هلال عن جرير عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من حرم الرفق حرم الخير» (١) ثم أنشأ يقول :

الرفق يمن والأناة سعادة

فتأن في رفق تلاق نجاحا

لا خير في حزم بغير روية

والشك وهن إن أردت سراحا

أخبرني الحسن بن أبي طالب أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران أخبرنا محمّد بن يحيى النديم حدّثني أحمد بن يزيد المهلّبي عن أبيه. قال : قال لي المتوكل يوما : يا مهلبى إن الخلفاء كانت تتصعب على الرعية لتطيعها ، وأنا ألين لهم ليجيئونى ويطيعوني.

أخبرنا أحمد بن عبد الواحد الوكيل أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي أخبرنا محرز الكاتب. قال اعتل عبيد الله بن يحيى بن

__________________

(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب البر والصلة ٧٦. واتحاف السادة المتقين ٨ / ٤٧.

١٧٦

خاقان ، فأمر المتوكل الفتح أن يعوده ، فأتاه فقال : أمير المؤمنين يسألك عن علتك؟ فقال عبيد الله :

عليل من مكانين

من الأسقام والدّين

وفي هذين لي شغل

وحسبي شغل هذين

فأمر له المتوكل بألف درهم.

أخبرنا عبد الله بن علي بن حمويه الهمذاني ـ بها ـ أخبرنا أحمد بن عبد الرّحمن الشّيرازيّ أخبرنا أبو الحسين محمّد بن على بن الشاه التّميميّ حدّثنا أحمد ابن عبد الله العبسي النّاقد ـ بمصر ـ حدّثني أبو بكر محمّد بن إسحاق قال حدّثني الأعثم. قال : دخل على بن الجهم على جعفر المتوكل وبيده درتان يقلبهما ، فأنشده قصيدته التي يقول فيها :

وإذا مررت ببئر عر

وة فاسقني من مائها

قال فدحا بالدرة التي في يمينه ، فقلبتها فقال لي : تستنقص بها؟! هي والله خير من مائة ألف ، قلت : لا والله ما استنقصت ، ولكن فكرت في أبيات أعملها آخذ التي في يسارك ، فقال لي قل ، فأنشأت أقول :

بسر من رأى أمير عدل

تغرف من بحره البحار

يرجى ويخشى لكل خطب

كأنه جنة ونار

الملك فيه وفي أبيه

ما اختلف الليل والنهار

يداه في الجود درتان

عليه كلتاهما تغار

لم تأت منه اليمين شيئا إلا

أتت مثلها اليسار

قال فدحا التي في يساره ، وقال : خذها لا بارك الله لك فيها ، وقد رويت هذه الأبيات للبحتري في المتوكل.

أخبرنا على بن أيّوب القمي أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني قال أنشدني علي ابن هارون للبحتري :

بسر من رأى لنا إمام

تغرف من بحره البحار

خليفة يرتجى ويخشى

كأنه جنة ونار

كلتا يديه تفيض سحا

كأنها ضرة تغار

فليس تأتى اليمين شيئا

إلا أتت مثله اليسار

فالملك فيه وفي بنيه

ما اختلف الليل والنهار

١٧٧

أخبرنا أبو علي محمّد بن الحسين الجازري حدّثنا المعافى بن زكريّا الجريري حدّثنا أبو النّضر العقيلي حدّثنا أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى المنجم حدّثني أبي قال :خرجنا مع المتوكل إلى دمشق ، فلحقنا ضيقة بسبب المؤن والنفقات التي كانت تلزمنا ، قال فبعثت إلى بختيشوع وكان لي صديقا أسأله أن يقرضني عشرين ألف درهم ـ قال فأقرضنيها ، فلما كان بعد يوم أو يومين دخلت مع الجلساء إلى المتوكل ، فلما جلسنا بين يديه قال : يا علي لك عندي ذنب وهو عظيم ، قلت : يا سيدي فما هو ، فإنى لا أعرف لي ذنبا ولا خيانة؟ قال : بلى ، أضقت فاستقرضت من بختيشوع عشرين ألف درهم ، أفلا أعلمتنى؟ قال : قلت : يا مولاي صلات أمير المؤمنين عندي متواترة ، وأرزاقه وأنزاله على دارة ، واستحيت نعما قد أنعم الله علينا به من هذا التفضل أن أسأله ، قال : ولم؟ إياك أن تستحي من مسألتى أو الطلب منى ، وأن تعاود مثل ما كان منك ، ثم قال : مائة ألف درهم ـ بغير صروف ـ فأحضرت عشر بدر ، فقال خذها واتسع بها.

أخبرنا القاضي أبو محمّد الحسين بن الحسين بن محمّد بن الحسين بن رامين الأسترآباذي حدّثنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن محمّد بن جعفر الجرجاني حدّثني محمّد بن الفضل بن عبد الله حدّثني أبو عثمان سعد بن عبد الله النوبي قال حدّثني محمّد بن إسحاق الوشّاء قال دخل محمّد بن عبد الله بن طاهر على أمير المؤمنين المتوكل في شكاة له ، فقال :

الله يدفع عن نفس الإمام لنا

وكلنا للمنايا دونه غرض

أتيته عادة العواد من مرض

بالعائدين جميعا لا به المرض

ففي الإمام لنا من غيره عوض

وليس في غيره منه لنا عوض

وما أبالي ، إذا ما نفسه سلمت

لو باد كل عباد الله وانقرضوا

أخبرنا باي بن جعفر الجيلي أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران أخبرنا محمّد بن يحيى حدّثني عبد الله بن المعتز حدّثني الحسن بن عليل العنزيّ حدّثني بعض أصحابنا عن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي. قال : دخلت على المتوكل لما توفيت أمه فعزيته.

فقال : يا جعفر ربما قلت البيت الواحد ، فإذا جاوزته خلطت ، وقد قلت :

تذكرت لما فرّق الدهر بيننا

فعزيت نفسي بالنبي محمّد

فأجازه بعض من حضر المجلس :

١٧٨

وقلت له إن المنايا سبيلنا

فمن لم يمت في يومه مات في غد

أخبرنا محمّد بن جعفر بن علان الورّاق أخبرنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي حدّثنا محمّد بن إبراهيم الأنطاكى حدّثنا الحارث بن أحمد العبّادى حدّثنا أحمد بن يزيد المؤدّب سمعت الفتح بن خاقان يقول : دخلت يوما على المتوكل أمير المؤمنين ، فرأيته مطرقا يتفكر ، فقلت : ما هذا الفكر يا أمير المؤمنين؟ فو الله ما على الأرض أطيب منك عيشا ، ولا أنعم منك بالا ، فقال : يا فتح ، أطيب عيشا منى رجل له دار واسعة ، وزوجة صالحة ، ومعيشة حاضرة ، لا يعرفنا فنؤذيه ولا يحتاج إلينا فنزدريه.

أخبرني الحسين بن علي الصيمري حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى قال : أنشدنى أبو الغوث يحيى بن البحتري لأبيه يهجو ابن أبي دؤاد ويخاطب المتوكل :

أمير المؤمنين لقد سكنا

إلى أيامك الغر الحسان

رددت الدّين فذّا بعد ما قد

أراه فرقتين تخاصمان

قصمت الظالمين بكل أرض

فأضحى الظلم مجهول المكان

وفي سنة رمت متجبريهم

على قدر بداهية عوان

فما أبقت من ابن أبي دؤاد شيئا

سوى جسد يخاطب بالمعاني

تحير فيه سابور بن سهل

فطاوله ومناه الأماني

إذا أصحابه اصطحبوا بليل

أطالوا الخوض في خلق القرآن

يديرون الكئوس وهم نشاوى

يحدثنا فلان عن فلان

أخبرني الحسن بن شهاب العكبري ـ في كتابه إلى ـ حدّثنا عبيد الله بن عبد الله ابن أبي سمرة البندار حدّثني معاوية بن عثمان حدّثنا علي بن حاتم حدّثنا علي بن الجهم السامي. قال : وجه إلىّ أمير المؤمنين المتوكل ، فأتيته فقال : يا علي رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام ، فقمت إليه فقال لي : تقوم إلى وأنت خليفة؟ فقلت : أبشر يا أمير المؤمنين ، أما قيامك إليه فقيامك بالسنة ، وقد عدك من الخلفاء. قال : فسر بذلك.

أخبرنا أبو منصور محمّد بن علي بن إسحاق الخازن قال أخبرنا أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي حدّثنا أبو روق الهزاني. وأخبرنا محمّد بن أبي علي الأصبهانيّ حدّثنا أبو أحمد الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري حدّثنا الهزاني قال سمعت محمّد ابن خلف يقول كان إبراهيم بن محمّد التّميميّ قاضي البصرة يقول : الخلفاء ثلاثة ،

١٧٩

أبو بكر الصدّيق ، قاتل أهل الردة حتى استجابوا له وعمر بن عبد العزيز رد مظالم بني أمية ، والمتوكل محا البدع وأظهر السنة.

أخبرنا الأزهري حدّثنا عبيد الله بن محمّد العكبري حدّثنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن سهل النّيسابوريّ حدّثنا سعيد بن عثمان الحناط حدّثنا علي بن إسماعيل قال : رأيت جعفر المتوكل بطرسوس في النوم وهو في النور جالس ، قلت : المتوكل؟ قال : المتوكل. قلت : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي ، قلت : بما ذا؟ قال بقليل من السنة أحييتها.

أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن أحمد بن جعفر اليزدي ـ بأصبهان ـ حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيّان ـ إملاء ـ حدّثني محمّد بن عيسى المكتب عن عمر بن حفص قال حدّثنا عبد الله بن عبد الرّحمن. قال : رأيت المتوكل فيما يرى النائم فقلت : يا متوكل ، ما فعل بك ربك؟ قال : غفر لي ربي ، قلت : غفر لك ربك! وقد عملت ما عملت؟ قال : نعم بالقليل من السنة التي أظهرتها.

أخبرني الحسن بن أبي طالب أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران حدّثنا محمّد بن يحيى النديم حدّثني الحسين بن إسحاق قال سمعت صالح بن أحمد بن حنبل يقول : سهدت ليلة ثم نمت ، فرأيت في نومي كأن رجلا يعرج به إلى السماء وقائلا يقول :

ملك يقاد إلى مليك عادل

متفضل في العفو ليس بجائر

ثم أصبحنا ، فما أمسينا حتى جاء نعي المتوكل من سر من رأى إلى بغداد.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق حدّثنا محمّد بن يوسف بن حمدان الهمذاني حدّثنا أبو علي الحسن بن يزيد الدّقّاق حدّثنا عبد العزيز بن محمّد الحارثي حدّثنا عمر بن عبد الله الأسديّ قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن العلاء قال : قال لي عمرو بن شيبان الحلبي : رأيت في الليلة التي قتل فيها المتوكل فيما يرى النائم حين أخذت مضجعي ، كأن آتيا أتانى فقال لي :

يا نائم العين في أقطار جثماني

أفض دموعك يا عمرو بن شيبان

أما ترى الفتية الأرجاس ما فعلوا

بالهاشمي وبالفتح بن خاقان

وافى إلى الله مظلوما فضج له

أهل السموات من مثنى ووحدان

وسوف تأتيكم أخرى مسومة

توقعوها لها شأن من الشان

فابكوا على جعفر وارثوا خليفتكم

فقد بكاه جميع الإنس والجان

١٨٠