إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٥

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

الأنصار ولبسوا السلاح لمّا رأوا من غضبه ثم قال : ما بال أقوام يعيّرونى في أهل بيتي وقد سمعوني أقول في فضلهم ما قلت ، وخصصتهم بما خصّهم به الله وفضل عليّ عند الله وكرامته وسبقه إلى الإسلام وإبلائه وانّه منّى بمنزلة هارون من موسى ثم نزيد لمن زعم أنّ مثلي في أهل بيتي كنخلة نبتت في كناسة أنّ الله سبحانه وتعالى خلق خلقه وفرقهم فرقتين ، فجعلني في خيرها شعبا وخيرها قبيلة ، ثمّ جعلها بيوتا فجعلني من خيرها بيتا حتى حصلت في أهل بيتي وعترتي وبني أبي وابناي وأخي عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، ثمّ إنّ الله اطلع إلى الأرض اطلاعا فاختارني منهم ، ثم اطلع إليهم ثانية فاختار أخي وابن عمّى ووزيري ووارثي وخليفتي ووصيّي في أمّتى ومولى كل مؤمن ومؤمنة بعدي ، فمن والاه فقد والى الله ومن عاداه فقد عادى الله ، ومن أحبّه فقد أحبّه الله ومن أبغضه أبغضه الله ، فلا يحبّه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا كافر ، هو زين الأرض وسكنته وهو كلمة التقوى والعروة الوثقى ، ثم قرء : يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ، أيّها الناس ليبلغ مقالتي الشّاهد منكم الغائب ، اللهم اشهد عليهم انّ الله عزوجل نظر إلى الأرض ثالثة فاختار منها أحد عشر اماما من أهل بيتي فهم خيار أمّتى ومنهم أحد عشر إماما حتّى انّه كلّما هلك واحد قام واحد كمثل نجوم السّماء كلّما غاب نجم طلع نجم أئمّة هادين مهديين ، لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم ، وهم حجج الله في أرضه وشهاده على خلقه ، من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقهم حتّى يردوا الحوض ، أوّلهم ابن عمّى علي بن أبي طالب وهو خيرهم وأفضلهم ، ثم ابني الحسن ثم الحسين وامّهم فاطمة ابنتي وتسعة من ذريتها ولد الحسين عليهم‌السلام ثمّ من بعدهم جعفر بن أبي طالب وابن عمّى حمزة بن عبد المطلب ، أنا خير النّبيين والمرسلين وعلىّ والأوصياء من أهل بيتي خير الوصيين ، وأهل بيته خير بيوت النّبيين وابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة من الخلق أجمعين ،

٤١

أيّها الناس أترجون شفاعتي لكم وأعجز عن أهل بيتي ، أيّها الناس ما من أحد يلقى الله غدا مؤمنا لا يشرك به شيئا إلّا أدخله الجنة ولو أن ذنوبه كتراب الأرض ، أيّها الناس لو أخذت بحلقة باب الجنة ثم تجلّى لي الله عزوجل فسجدت بين يديه ثم أذن لي في الشفاعة لم أوثر على أهل بيتي أحدا ، أيّها الناس عظموا أهل بيتي في حياتي وبعد مماتي وأكرموهم وفضّلوهم ، لا يحل لأحد أن يقوم إلّا لأهل بيتي ، انسبوني من أنا؟ قال : فقاموا الأنصار وقد أخذوا بأيديهم السّلاح وقالوا : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، أخبرنا يا رسول الله من الذي أذاك في أهل بيتك حتّى نضرب عنقه ، قال : فانسبونى أنا محمّد بن عبد الله بن المطلب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ انتهى بالنسبة إلى نزار ، ثمّ مضى إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله ، ثمّ مضى إلى نوح عليه‌السلام ، ثم قال : أنا وأهل بيتي كطينة آدم نكاح غير سفاح ، اسألوني فو الله لا يسألني رجل إلّا أخبرته عن نفسه وعن أبيه ، فقام إليه رجل فقال : من أنا يا رسول الله؟ قال : أبوك فلان الدّعى تدعى إليه ، قال : فارتد رجل عن الإسلام ثمّ قال عليه وآله السلام والغضب ظاهر في وجهه : ما يمنع هذا الرجل الذي يعيب أهل بيتي وأخي ووزيري وخليفتي من بعدي وولىّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي أن يقوم أن يسألني عن أبيه وأين هو في جنّة أو نار ، قال فعند ذلك خشي على نفسه أن يبدو رسول الله ويفضحه بين الناس فقام وقال : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، اعف عنّا عفى الله عنك اصفح عنّا جعلنا الله فداك ، أقلنا أقالك الله ، استرنا سترك الله ، فاستحيى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانه كان أهل الحلم والكرم وأهل العفو ثم نزل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٤٢

الحديث السادس والستون

«حديث الغدير» «حديث المنزلة» «على منى وانا من على» «على منى كنفسي» «طاعته طاعة النبي ومعصيته معصية النبي حربه حرب الله وسلمه سلمه» «وليه ولى الله وعدوه عدو الله» «على حجة الله على عباده» «حبه ايمان وبغضه كفر» «حزبه حزب الله وحزب أعدائه حزب الشيطان» «على مع الحق والحق مع على» «على قسيم الجنة والنار» «من فارقه فقد فارق النبي» «شيعة على هم الفائزون»

ما رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى ١٢٩٣ في «ينابيع المودة» (ص ٥٥ ط اسلامبول) قال :

وفي المناقب عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنّ في علىّ خصالا لو كانت واحدة منها في رجل اكتفى بها فضلا وشرفا ؛ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، وقوله : علىّ منى كهارون من موسى ، وقوله : علىّ منى وانا منه ، وقوله : على منّى كنفسي ، طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي ، وقوله : حرب علىّ حرب الله وسلم علىّ سلم الله ؛ وقوله : وليّ عليّ ولي الله ، وعدو علىّ عدّو الله ، وقوله : عليّ حجة الله على عباده وقوله : حبّ على ايمان وبغضه كفر ، وقوله : حزب على حزب الله وحزب أعدائه حزب الشيطان ، وقوله : عليّ مع الحق والحق معه لا يفترقان ، وقوله : علىّ قسيم الجنة والنار ، وقوله : من فارق عليا فقد فارقني ، ومن فارقنى فقد فارق الله ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة.

٤٣

الحديث السابع والستون

«اختصاص على «ع» بإعطاء الركن والمقام» «اختصاصه بإعطاء الحوض والزمزم» «اختصاصه بإعطاء المعشر الاعلى والجمرات العظام» «اختصاصه بإعطاء العذراء البتول» «اختصاصه بإعطاء الحسنين» «اختصاصه بمصاهرة النبي «ص» «اختصاصه بتفويض قسمة النار والجنة اليه» «اختصاصه بان شيعته في الجنة» «اختصاصه بأخوة النبي «ص» «النظر الى على يزيد في الايمان» «وحبه يذهب السيئات»

ما رواه القوم :

منهم العلامة المولى محمد صالح الكشفى الحنفي الترمذي المتوفى بعد سنة ١٠٢٥ في كتابه «المناقب المرتضوية» (ص ١٢٣ طبع بمبئى).

عن أبى ذر الغفاري قال : سمعت النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنّ الله تعالى اطلع الأرض اطلاعة من عرشه بلا كيف ولا زوال ، فاختارني وجعلني سيد الأوّلين والآخرين من النّبيين والمرسلين ، وأعطانى ما لم يعط لأحد وهو الرّكن والمقام والحوض والزّمزم والمعشر الأعلى والجمرات العظام يمينه الصّفا ويساره المروة ، وأعطاني الله ما لم يعط أحدا من النّبيين والملائكة المقربين قلنا : وما ذا يا رسول الله؟ قال : أعطاني عليا وأعطاه العذراء البتول ترجع كل ليلة بكرا لم يعطه ذلك أحدا من النبيين ، والحسن والحسين ولم يعط أحدا مثلهما ، وأعطاه صهرا مثلي وليس لأحد مثلي صهرا ، وأعطاه الحوض وجعل إليه قسمة الجنّة والنار ولم يعط ذلك الملائكة ، وجعل شيعته في الجنة وأعطاه أخا مثلي وليس لأحد أخ مثلي ، أيّها الناس من

٤٤

أراد أن يطفئ غضب الله وأن تقبل الله عمله فلينظر إلى عليّ ، فالنّظر إليه يزيد في الايمان وإن حبّه يذيب السّيئات كما تذيب النار الرّصاص.

الحديث الثامن والستون

«عرض ولاية على «ع» على أهل السماوات والأرض فمن قبله كان مؤمنا ومن لم يقبله كان كافرا» «لا يقبل الله الاعمال بغير ولايتهم» «جعل النبي عليا خليفة من بعده» «على خير الامة» «رؤية النبي في ليلة المعراج الأئمة الطاهرين في يمين العرش» «المهدى حجة واجبة لأولياء الله ومنتقم من أعداء الله» «اختار الله من أهل الأرض بعد النبي «ص» عليا» «ان الله شق اسم على من اسمه» «ان الله خلق النبي وعليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ نوره»

ما رواه القوم

منهم العلامة ابو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى سنة ٥٦٨ في «مقتل الحسين» (ص ٩٥ ط الغرى) قال :

وذكر ابن شاذان هذا ، حدثنا أحمد بن محمّد بن عبد الله الحافظ ، حدثني علي بن علي ابن سنان الموصلي عن أحمد بن محمّد عن صالح عن سلمان بن محمّد عن زياد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سلامة عن أبي سلمي راعى إبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليلة أسرى بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) ، قلت : والمؤمنون؟ قال : صدقت يا محمّد من خلفت في امّتك؟ قلت : خيرها ، قال علي بن أبي طالب؟ قلت : نعم يا ربّ ، قال : يا محمّد إنّي اطلعت إلى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسما من

٤٥

أسمائي فلا اذكر في موضع إلّا ذكرت معى ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثم اطلعت الثانية فاخترت عليا وشققت له اسما من أسمائي فأنا الأعلى وهو علىّ ، يا محمّد إنّى خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ نور من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السّماوات وأهل الأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين ، يا محمّد لو أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشّن البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم ، يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟ قلت : نعم يا رب ، فقال لي : التفت عن يمين العرش فالتفت فإذا أنا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والمهدى في ضحضاح من نور قياما يصلّون وهو في وسطهم «يعنى المهدى» (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ). قال : يا محمّد هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك ، وعزتي وجلالي انّه الحجة الواجبة لأوليآئي والمنتقم من أعدائي.

ومنهم العلامة الشيخ ابراهيم بن محمد بن أبى بكر بن حمويه الحموينى المتوفى سنة ٧٢٢ في «فرائد السمطين» (المخطوط)

روى بإسناده عن الامام السعيد ضياء الدين الخوارزمي قال أخبرني قاضى القضاة نجم الدين محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي فيما كتب الى من همدان انبأنا الشريف نور الهدى ابو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزبيبي عن الامام محمّد بن احمد بن علي عن علي ابن سنان الموصلي عن احمد بن محمّد بن صالح فذكر الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين» سندا ومتنا الا انه ذكر بدل كلمة من سنخ نور من نوري : شبح من نوري.

ومنهم العلامة الشيخ سليمان القندوزى المتوفى سنة ١٢٩٣ في «ينابيع

٤٦

المودة» (ص ٤٨٦ ط اسلامبول)

روى الحديث بعين ما تقدم عن «مقتل الحسين».

الحديث التاسع والستون

«تفضيل حرة عليا عند الحجاج على آدم ونوح ولوط وابراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى» «نزول قوله تعالى وكان سعيه مشكورا في على» «كان على تحت سدرة المنتهى» «فاطمة يرضى الله لرضاها ويسخط لسخطها» «قول على لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا» «نزول (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي) في حق على» «قول على يا دنيا قد طلقتك ثلاثا» «نزول (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) في على» «مقاتلة على مع جماعة ادعوا له الالوهية»

ما رواه القوم :

منهم العلامة المحدث العارف الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بابن حسنويه المتوفى ٦٨٠ في «در بحر المناقب» (مخطوط) ،

وروى عن جماعة ثقاة انّه لما وردت حرة بنت حليمة السّعدية (رض) على الحجاج ابن يوسف الثقفي ومثلت بين يديه فقال لها : أنت حرّة بنت حليمة السعدية؟ فقالت له فراسة من غير مؤمن ، فقال لها : الله جاء بك فقد قيل عليك أنّك تفضلين عليا على أبي بكر وعمر وعثمان ، قالت : لقد كذب الذي قال إنّى أفضله على هؤلاء خاصّة ، قال وعلى من غير هؤلاء؟ قالت : أفضله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى بن مريم ؛ فقال لها : أقول لك أنك تفضلينه على الصحابة فتزيدن عليهم سبعة من الأنبياء ، من اولى العزم ، فان لم تأتينى ببيان ما قلت وإلّا

٤٧

ضربت عنقك ، فقالت : ما أنا فضّلته على هؤلاء الأنبياء بل الله عزوجل فضّله في القرآن عليهم في قوله تعالى في حق آدم (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) ، وقال في حقّ علي : وكان سعيه مشكورا ، فقال : أحسنت يا حرّة فبم تفضلينه على نوح ولوط قالت : الله تعالى فضّله عليهما بقوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) ، وعلي بن أبي طالب كان ملائكة «ملاكه ظ» تحت سدرة المنتهى زوجته بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة الزهراء الذي يرضى الله لرضاها ويسخط لسخطها ، فقال الحجاج أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله؟ فقالت : الله ورسوله فضّله بقوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ، وأمير المؤمنين قال قولا لم يختلف فيه أحد من المسلمين : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا ، وهذه كلمة لم يقلها قبله ولا بعده أحد ؛ قال أحسنت يا حرّة فبم تفضلينه على موسى نجيّ الله؟ قالت : يقول الله عزوجل : (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) ، وعلي بن أبي طالب بات على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يخف حتّى أنزل الله في حقّه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) ، قال : أحسنت يا حرّة قال : فبم تفضلت على داود؟ قالت الله فضّله عليه بقوله : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) ، قال لها في أيّ شيء كانت حكومته؟ قالت : في رجلين أحدهما كان له كرم وللآخر غنم ؛ فنفشت الغنم في الكرم فرعته فاحتكما إلى داود فقال : تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتّى يعود إلى ما كان عليه ، فقال : له ولده : لا يا أبة بل نأخذ من لبنها وصوفها ، فقال الله عزوجل ففهمناها سليمان ، وإن مولانا أمير المؤمنين رضى الله عنه قال : اسألونى عما فوق اسألوني عمّا تحت اسألوني قبل أن تفقدوني وإنّه رضى الله عنه دخل على النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتح خيبر فقال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحاضرين : أفضلكم وأعلمكم علىّ (ج ٣)

٤٨

فقال لها أحسنت يا حرّة فبم تفضلينه على سليمان؟ قالت : الله فضلّه عليه بقوله رب (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ، ومولانا على رضى الله عنه قال : يا دنيا قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعند ذلك أنزل الله عليه : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) قال : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على عيسى؟ قالت : الله فضّله عليه بقوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ،) إلى آخر الآية فاخر الحكومة ومولانا علي بن أبي طالب لما ادعوا النصيرية فيه ما ادعوا وهم أهل النهروان قاتلهم ولم يؤخر حكومتهم فهذه كانت فضائله لا تعدل بفضائل غيره ، قال : أحسنت يا حرّة خرجت من جوابك ولو لا ذلك لكان ذلك ثم أجازها وأعطاها وسرحها تسريحا حسنا رحمة الله عليها في قوله عزوجل (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ). قال جابر بن عبد الله الأنصارىّ يرفعه عنه بالأسانيد مع محمّد وأهل بيته عليهم‌السلام.

الحديث السبعون

«قاتل على أشقى الأولين والآخرين» «من قتله فقد قتل النبي» «من أبغضه فقد أبغض النبي» «من سبه فقد سب النبي» «منزلته من النبي منزلة نفسه» «روحه روح النبي» «خلق مع النبي من نور واحد» «على وصى النبي» «على امام» «على وارث النبي «على حجة الله على خلقه» «على أمين الله على سره» «على خليفة الله على عباده»

ما رواه القوم :

٤٩

منهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى ١٢٩٣ في «ينابيع المودة»(ص ٥٢ ط اسلامبول) قال :

في المناقب عن علي بن الحسن عن علي الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين على عليهم التحية والسلام قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطبنا فقال : ايّها الناس انه قد اقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، وذكر فضل شهر رمضان ثم بكى ، فقلت يا رسول الله ما يبكيك؟ قال : يا علي أبكى لما يستحل منك في هذا الشهر كأنى بك وأنت تريد أن تصلى وقد انبعت أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة صالح يضربه ضربة على رأسك فيخضب بها لحيتك ، فقلت : يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني ، قال : سلامة من دينك ، قلت : هذا من مواطن البشرى والشكر ؛ ثم قال : يا علي من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد ابغضنى ، ومن سبّك فقد سبّنى ، لانّك منّى كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، وأنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلقك من نوره واصطفاني واصطفاك ، فاختارني للنبوة واختارك للامامة ، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي ، يا علي أنت وصيّى ووارثي وأبو ولدي وزوج ابنتي ، أمرك أمرى ونهيك نهيي ، اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنّك لحجة الله على خلقه وأمينه على سرّه وخليفة الله على عباده.

الحديث الحادي والسبعون

«الحسنان سيدا شباب أهل الجنة» «سبق اسلام على» «قول النبي على منى وأنا منه» «حديث المنزلة» «حديث الطير» «على قاتل الفجرة وامام البررة» «على أعلم الناس بعد النبي» «قول النبي (ص) أنا مدينة العلم وعلى بابها» «نزول (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ) في شأنه» «نزول (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) في شانه» «نزول (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ) في

٥٠

شأنه» «نزول (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ) في شأنه» «سلمه سلم النبي وحربه حربه» «على أخو النبي ووليه في الدنيا والآخرة» «من أحبه أحب النبي ومن أبغضه أدخله الله النار»

ما رواه القوم :

منهم أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد المتوفى سنة ٥٦٨ في «المناقب» (ص ١٢٥ ط تبريز) قال :

فكتب إليه (اى الى معاوية) من عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى معاوية بن أبي سفيان : أما بعد فقد وصل إلى كتابك فقرأته وفهمته فاما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في ضلالة معك وإعانتي إيّاك على الباطل واختراط السّيف وجه علي عليه‌السلام وهو أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيه ووارثه وقاضى دينه ومنجز وعده وزوج ابنته سيدة نساء العالمين وأهل الجنة وأبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة فلن يكون ، وأما ما قلت : إنّك خليفة عثمان فقد صدقت ولكن تبيّن اليوم عزلك عن خلافته وقد بويع لغيره ، فزالت خلافتك. وأما ما عظمتني به ونسبتني إليه من صحبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّى صاحب جيشه فلا اغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة ، وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيه إلى البغي والحسد على عثمان وسمّيت الصحابة فسقة وزعمت أنّه أشلاهم على قتله فهذا كذب وغواية ، ويحك يا معاوية أما علمت أنّ أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبات على فراشه وهو صاحب السّبق إلى الإسلام والهجرة وقد قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو منّى وأنا منه وهو منّى بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبى بعدي ، وقال فيه يوم غدير خم : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، هو الذي قال فيه يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وقال فيه يوم الطير : اللهم

٥١

ائتني بأحب خلقك إليك وإلىّ فلما دخل إليه قال وإلىّ والىّ ، وقال فيه يوم بنى النضير : علىّ قاتل الفجرة وامام البررة ، منصور من نصره ومخذول من خذله ، وقال فيه : على إمامكم بعدي ، وأكد القول علىّ وعليك وعلى خاصة (خ جميع المسلمين) وقال فيه انّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وقد قال فيه : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشاركه فيها أحد كقوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) وقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ، وقوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ، وقوله تعالى : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) ، وقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، وقد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن يكون سلمك سلمى وحربك حربي ، وتكون أخي ووليّي في الدنيا والآخرة ، يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبنى ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أحبك أدخله الله الجنة ومن أبغضك أدخله الله النار ، وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس ممّا ينخدع به من له عقل أدين ، والسلام.

الحديث الثاني والسبعون

«على مولى كل مؤمن ومؤمنة» «قول النبي له أنت منى وأنا منك» «على يقاتل على التأويل» «حديث المنزلة» «النبي سلم لمن سالم عليا وحرب لمن حاربه» «على العروة الوثقى» «على يبين ما يشتبه عليهم» «على امام كل مؤمن ومؤمنة» «على ولى كل مؤمن ومؤمنة» «نزول (أَذانٌ مِنَ اللهِ) فيه» «على آخذ بسنة النبي والذاب عن ملته» «أول من ينشق عنه الأرض» «الخمسة الطاهرة يدخل الجنة معا» «أوصى الله الى النبي بالقيام بفضل على» «على مع النبي عند الحوض» «اخبار النبي بظلم

٥٢

على وذريته» «زوال الظلم بقيام قائمهم» «القائم من بنى فاطمة» «دعاء النبي في حقهم»

ما رواه القوم :

منهم العلامة أخطب خطباء خوارزم صدر الأئمة أبو المؤيد موفق بن أحمد المتوفى سنة ٥٦٨ في كتابه «المناقب» (ص ٣٥ ط تبريز) قال :

وأنبأنى مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمّد الهمداني إجازة ، أخبرنى محمّد بن الحسين بن على البزار. أخبرنى أبو منصور محمّد بن علي بن عبد العزيز ، أخبرنى هلال بن محمّد بن جعفر ، حدثني أبو بكر محمّد بن عمرو الحافظ ، حدثني أبو الحسن علي بن موسى الجزاز «خ خزاز خ البزار ، من كتابه ، حدثني الحسن بن علي الهاشمي ، حدثني إسماعيل بن أبان ، حدثني أبو مريم عن ثوير بن أبي فاختة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال أبي دفع النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرّاية يوم خيبر إلى على بن أبي طالب عليه‌السلام ففتح الله تعالى على يده وأوقفه يوم غدير خم ، فأعلم الناس انّه مولى كل مؤمن ومؤمنة وقال له : «أنت منّى وانا منك» وقال له : «تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل». وقال له : «أنت منّى بمنزلة هارون من موسى» ، وقال له : «انا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت» ، وقال له : «أنت العروة الوثقى التي لا انفصام لها» ، وقال له : «أنت تبين لهم ما يشتبه عليهم من بعدي» ، وقال له : «أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة وولىّ كل مؤمن ومؤمنة بعدي» ، وقال له : «أنت الذي انزل الله فيك : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) ، وقال له : أنت الآخذ بسنّتى والذاب عن ملّتى ، وقال له : انا اوّل من تنشق الأرض عنه وأنت منّى ، وقال له : انا اول من يدخل الجنة وأنت معى تدخلها والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام ، وقال له : انا عند الحوض وأنت معى ، وقال له : إن الله اوحى إلىّ ان أقوم بفضلك فقمت به في

٥٣

الناس وبلّغتهم ما امرني الله بتبليغه ، ثم بكى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل : مم بكاؤك يا رسول الله؟ قال اتق الضغائن التي في صدور من لا يظهرها إلّا بعد موتى أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللّاعنون.

ثم قال :

أخبرني جبرئيل عليه‌السلام انّهم يظلمونه ويمنعونه حقّه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده ، وأخبرني جبرئيل عن الله عزوجل انّ ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة على محبّتهم وكان الشانى لهم قليلا والكاره لهم ذليلا ، وكثر المادح لهم وذلك حين تغيّر البلاد وضعف العباد واليأس من الفرج ، فعند ذلك يظهر القائم فيهم ، قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي «كذا» هو من ولد ابنتي فاطمة يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم ويتبعهم الناس راغب إليهم وطائف بهم ، قال : وسكن البكاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : معاشر المسلمين ابشروا بالفرج فانّ وعد الله لا يخلف وقضاؤه لا يردّ وهو الحكيم الخبير وإنّ فتح الله قريب ، اللهم إنّهم أهلي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم وانصرهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنّك على ما تشاء قدير.

ومنهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى سنة ١٢٩٣ في «ينابيع المودة» (ص ١٣٤ ط اسلامبول).

روى الحديث بعين ما تقدم عن «مناقب الخوارزمي» سندا ومتنا.

الحديث الثالث والسبعون

«من اقتدى بعلى وعادى عدوه وتولى وليه ركب سفينة النجاة» «على وصى النبي

٥٤

وخليفته على الامة» «على امام كل مسلم وأمير كل مؤمن» «أمره أمر النبي ونهيه نهيه وكذلك متابعته ونصرته وخذلانه» «من فارقه لم ير النبي يوم القيامة ولا يراه» «حرم الجنة على مخالفه» «من خذله خذله الله ومن نصره نصره الله ولقنه حجة» «الحسنان امامان بعد أبيهما» «وهما سيدا شباب أهل الجنة» «فاطمة سيدة نساء العالمين» «على سيد الوصيين» «من ولد الحسين تسعة أئمة» «تاسعهم قائمهم «اطاعتهم طاعة النبي ومعصيتهم معصية النبي»

ما رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ ابراهيم بن محمد بن أبى بكر بن حمويه الحموينى المتوفى سنة ٧٢٢ في كتابه «فرائد السمطين» (مخطوط) قال :

أنبأنى السّيد الامام نسابة عهده جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار بن احمد بن محمّد بن أبى القائم محمّد بن الحسين بن محمّد بن إبراهيم المجاب بردّ السلام بن محمّد الصالح بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن زين العابدين ابن أبي عبد الله الحسين الشهيد ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب قال : أنبأنا والدي الامام شمس الدين شيخ الشرف معد ره إجازة ، أخبرنا شاذان بن جبرئيل القمي عن جعفر بن محمّد الدورستي عن أبيه قال : أنبأنا أبو جعفر محمّد بن على بن الحسين بن بابويه رحمه‌الله قال : نبأنا محمّد بن علي بن ماجيلويه رحمه‌الله قال : أنبأنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسن بن خالد عن علي بن موسى الرضا عليه التحيّة والثناء عن أبيه عن آبائه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ أن يتمسّك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوه وليوال وليّه ، فانه وصيّي وخليفتي على امّتى في حياتي وبعد وفاتي ، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي ، قوله قولي ، وأمره امرى ، ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي ، وناصره ناصري ، وخاذله خاذلي ، ثم قال عليه‌السلام : من فارق عليا بعدي لم يرنى ولم أره يوم القيامة ، ومن خالف عليا حرم الله عليه الجنة

٥٥

وجعل مأواه النار ، ومن خذل عليا خذله الله يوم يعرض عليه ، ومن نصر عليا نصره الله يوم يلقاه ولقّنه حجته عند المسألة ، ثم قال عليه‌السلام : والحسن والحسين إما ما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة ، أمهما سيدة نساء العالمين وأبوهما سيد الوصيين ، ومن ولد الحسين تسعة أئمة تاسعهم القائم من ولدي ، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي ، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيعين لحرمتهم بعدي ، وكفى بالله وليا وناصرا لعترتي وأئمة أمتي ومنتقما من الجاحدين حقهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

الحديث الرابع والسبعون

«غيبوبة فاطمة بنت أسد في الكعبة عن الأبصار ثلاثة أيام وانغلاق بابها على الناس بحيث لم يقدروا على فتحه» «وولادة على في الكعبة» «نداء هاتف يا فاطمة سميه عليا ان الله شق اسمه من اسمه» «ان رسول الله (ص) ولى اكثر تربية على (ع)» «على أخو النبي ووليه وناصره ووصيه وذخره وكهفه وأمينه وخليفته»

ما رواه القوم :

منهم العلامة حسن بن المولوى أمان الله الدهلوي العظيم آبادي الهندي المتوفى بعد سنة ١٣٠٠ في كتابه «تجهيز الجيش» (ص ١١٠ مخطوط) قال :

وفي بشائر المصطفى مرفوعا إلى يزيد بن فعتب قال : كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بنى عبد العزى بإزاء بيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت اسد أمّ امير المؤمنين وكانت حاملا به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق فقالت : يا رب انى مؤمنة بك وما جاء من عندك عن رسل وكتب ، وانى مصدقة بكلام جدي ابراهيم الخليل عليه‌السلام الذي بني البيت العتيق ، فبحق الذي بنى هذا البيت والمولود الذي في بطني الّا ما

٥٦

يسرت علىّ ولادتي ، قال يزيد بن فعتب فرأيت البيت قد انشق عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا وعاد الى حاله فعزمنا ان يفتتح لنا قفل الباب فلم ينفتح فعلمنا ان ذلك من أمر الله تعالى ثم خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب انى فضّلت على من تقدمني من النساء لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله ان يعبد فيه الا اضطرارا ، وان مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيّا ، وانى دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها فلما أردت أن اخرج هتف بى هاتف يا فاطمة سمّيه عليا فهو علىّ والله العلى الاعلى ، شققت اسمه من اسمى وأدبته بأدبى وأوقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسر الأصنام وهو الذي يؤذّن فوق ظهر بيتي ويقدّسنى ويمجدني ، طوبى لمن أحبّه وأطاعه ، وويل لمن أبغضه وعصاه ، قال : فولدت عليا ولرسول الله ثلاثون سنة فأحبّه رسول الله حبّا شديدا وقال لها :

اجعلي مهده بقرب فراشي ، وكان صلّى الله عليه يلي اكثر تربيته وكان يظهر عليا في وقت غسله ويوجر اللبن عند شربه ويحرك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ويحمله على صدره ورقبته ويقول : هذا أخي ووليي وناصري ووصيي وزوج كريمتي وذخري وكهفي وصهري وأميني على وصيّتي وخليفتي وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحمله دائما ويطوف به في جبال مكة وشعابها وأوديتها وفجاجها صلى الله على الحامل والمحمول.

الحديث الخامس والسبعون

«خطبة الحسن عليه‌السلام «على أول من آمن» «نزول (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ـ في علىعليه‌السلام»

٥٧

«اختصاص على بتبليغ سورة البراءة» «قول النبي لعلى أنت منى وأنا منك» «وقوله أنت ولى كل مؤمن ومؤمنة بعدي» «وكان على وقاية لرسول الله» «على سابق السابقين» «نزول (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) في على» «كيفية الصلوات» «المراد من الأنفس في آية المباهلة على» «نزول آية التطهير في الخمسة الطاهرة» «فتح النبي بابه حين سد الأبواب» «حديث المنزلة» «حديث الغدير»

ما رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى ١٢٩٣ في كتابه «ينابيع المودة» (ص ٤٨٠ ط اسلامبول) قال :

عن جعفر الصادق عن أبيه محمّد الباقر عن جده علي بن الحسين انّ الحسن بن علىّ سلام الله عليهم قال في خطبته الأخرى بعد الحمد والثناء على الله وبعد التصلية على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنا أهل بيت أكرمنا الله واختارنا واصطفانا واذهب عنّا الرّجس وطهرنا تطهيرا ، ولم تفترق الناس فرقتين إلّا جعلنا الله في خبرهما من آدم إلى جدّى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا بعثه للنّبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه فكان أبي أوّل من آمن وصدق الله ورسوله ، وقد قال الله في كتابه المنزل على نبيه المرسل : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) فجدّى الذي على بينة من ربه وأبى الذي يتلوه وهو شاهد منه ، وقد قال له جدّى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أمره أن يسير إلى مكة في موسم الحج بسورة براءة : سر بها يا علىّ فانّى أمرت أن لا يسير بها إلّا أنا أو رجل منّى وأنت منّى فأبى من جدّى وجدّى من الله ، وقال له جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قضى بينه وبين أخيه جعفر ومولاه زيد بن حارثة في ابنة عمّه حمزة : أما أنت يا علي منى وأنا منك وأنت ولىّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي ، فلم يزل أبي وقى جدّى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه وفي كل موطن يقدمه جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكل شدة يرسله

٥٨

ثقة منه وطمأنينة إليه ، وقال الله جل شأنه : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) فكان أبي سابق السابقين وأقرب المقربين إلى الله وإلى رسوله وذلك انه لم يسبقه إلى الايمان أحد غير خديجة سلام الله عليها فكما انّ الله عزوجل فضل السابقين على المتأخرين فضل سابق السابقين ، وقد قال الله عزوجل : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ) نزلت هذه الآية في أبى وكان حمزة وجعفر قتلا شهيدين في قتلاء كثيرة من الصحابة فجعل الله حمزة سيد الشهداء من بينهم وجعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة كيف يشاء من بينهم وذلك لقرابتهما من جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصلى جدي على عمه حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء يوم احد وكذلك جعل الله تعالى لنساء نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمحسنة منهن أجرين وللمسيئة منهنّ وزرين ضعفين لمكانهن من جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما نزل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قالوا يا رسول الله كيف نصلّى عليك فقال : قولوا : اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، فحق على كلّ مسلم أن يصلى علينا مع الصلاة على جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فريضة واجبة ، وأحل الله خمس خمس الغنيمة لرسوله وأوجبها في كتابه وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا ، فلله الحمد نزهنا مما نزهه وطيب لنا ما طيب له كرامة أكرمنا الله بها وفضيلة فضلنا على سائر عباده ، وقال تعالى لجدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ، فأخرج جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه من الأنفس أبي ومن البنين أنا وأخى الحسين ومن النساء أمي فاطمة فنحن اهله ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منا ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فلما نزلت هذه جمعنا جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياى وأخي وأمي وابى ونفسه في كساء خيبرى في حجرة أم سلمة

٥٩

رضى الله عنها فقال : اللهم هؤلاء اهل بيتي وخاصتي اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت ام سلمة : انا ادخل معهم يا رسول الله؟ فقال لها : قفى مكانك يرحمك الله أنت على خير وانها خاصة لي ولهم ، ولما نزلت : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) يأتينا جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل يوم عند طلوع الفجر يقول : الصلاة يا اهل البيت يرحمكم الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وامر بسد الأبواب في مسجده غير بابنا فكلّموه في ذلك فقال : إنى لم اسد أبوابكم ولم افتح باب علىّ من تلقاء نفسي ولكن اتبع ما اوحى إلىّ ، إن الله أمرني بسد أبوابكم وفتح باب عليّ ، وقد سمعت هذه الامة جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو اعلم منه إلا لم يزل يذهب أمرهم سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوه وسمعوه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لأبي أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدي وقد رأوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم وقال لهم : من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثم أمرهم ان يبلغ الشاهد الغائب «إلخ».

الحديث السادس والسبعون

«كلام الحسن واحتجاجه مع القوم» «ذكر مطاعن مروان وزياد» «على سيد المؤمنين» «الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة» «على أشجع العرب» «فاطمة سيدة النساء»

ما رواه القوم :

منهم العلامة أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ البصري المتوفى سنة ٢٥٥ في كتابه «المحاسن والاضداد» ص ١٠٨ ط القاهرة.

وأتى الحسن بن عليّ رضى الله عنهما معاوية بن أبي سفيان وقد سبقه ابن عبّاس رحمه‌الله فأمر معاوية بانزاله ، فبينا معاوية مع عمرو بن العاص ومروان بن الحكم

٦٠