الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي [ المحقق الحلّي ]
المحقق: محمد حسين الرضوي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٧
بسم الله الرحمن الرحيم [ وبه ثقتي ]
( أحمد الله ) (١) على سابغ نعمه ، وسائغ عطيته ، كما أشكره على جليل هبته ، وجميل هدايته حمد معترف بكمال قدرته ، مقر بجلال عظمته ، معتقد أنه لا ( شبه ) (٢) له في أحديته ولا مضاهي له في الهيته ، مذعن بقصور الاذهان عن اكتناه هويته ، وانسداد المخارج المفضية إلى الاحاطة بحقيقة معرفته ، واصلي على خير بريته وأكرم خاصته ، وعلى الطاهرين من عترته.
وبعد ذلك ، فانه تكرر من جماعة من الاصحاب ـ أيدهم الله بعصمته ، وشملهم بعام رحمته ـ التماس مختصر في الاصول ، ( مشتمل ) (٣) على المهم من مطالبه ، غير بالغ في الاطالة إلى حد يصعب على طالبه فأجبتهم ( إلى ) (٤) ذلك ، مقتصرا على ما لابد من الاعتناء به ، غير متطاول إلى اطالة مسائله ، وتغليق مذاهبه ، ومن الله أستمد التوفيق ، انه على ذلك قادر ، وباسدائه حقيق.
وهو يشتمل على أبواب عشرة :
__________________
١ ـ في نسخة : الحمد لله ، وفي أخرى : أحمده :
٢ ـ في نسخة : شبيه.
٣ ـ في نسخة : يشتمل.
٤ ـ في نسخة : على.
الباب الاول
في المقدمات
وهي ثلاثة :
المقدمة الاولى
لما كان البحث في هذا الكتاب انما هو بحث في أصول الفقه ، لم يكن بد من معرفة [ فائدة ] هاتين اللفظتين :
( فالاصل ) (١) في الاصل : هو ما يبتني عليه الشيء ويتفرع عليه.
والفقه : هو المعرفة بقصد [ المتكلم ] ، وفي عرف الفقهاء : هو جملة من العلم بأحكام شرعية عمليه مستدل على أعيانها.
ونعني بالشرعية : ما استفيدت بنقل الشريعة لها عن حكم الاصل ، ( أو ) (٢) باقرار الشريعة لها عليه.
وأصول الفقه في الاصطلاح هي : طرق الفقه على الاجمال.
فائدتان :
الاولى : الاحكام عندنا هي المنقسمة إلى كون الفعل حسنا ـ واجبا كان أو مندوبا أو مباحا أو مكروها ـ والى كونه قبيحا.
فالواجب : ما للاخلال به مدخل في استحقاق الذم.
__________________
١ ـ في بعض النسخ : والاصل.
٢ ـ في نسخة : و.
والمندوب : ما بعث المكلف على فعله على وجه ليس لتر كه تأثير في استحقاق الذم على حال.
والمباح : ما استوى ( طرفا ) (١) فعله وتركه في عدم استحقاق المدح والذم.
والمكروه : ما الاولى تركه ، وليس لفعله تأثير في استحقاق الذم.
والقبيح : ما لفعله تأثير في استحقاق الذم ، ولا يسمى القبيح حراما ولا محظورا حتى يزجر عنه زاجر.
الفائدة الثانية : إذا عرفت أن أصول الفقه [ انما ] هي طرق الفقه على الاجمال وكان المستفاد من تلك الطرق اما علم ، أو ظن ( من ) (٢) دلالة ، أو امارة بواسطة النظر ، لم يكن بد من بيان فائدة كل واحد من هذه الالفاظ :
فالنظر : [ هو ] ترتيب علوم ، أو ظنون ، أو علوم وظنون ترتيبا صحيحا ليتوصل به إلى علم أو ظن.
والعلم : هو الاعتقاد المقتضي سكون النفس [ مع ] أن معتقده على ما ( تناوله ) (٣) والاقرب أنه غني عن التعريف لظهوره.
والظن : هو تغليب أحد مجوزين ظاهري ( التجويز ) (٤) بالقلب.
والدلالة : هي ما النظر الصحيح فيها يفضي إلى العلم.
والامارة : هي ما النظر الصحيح فيها يفضي إلى الظن.
__________________
١ ـ في بعض النسخ : طرف.
٢ ـ في نسخة : عن.
٣ ـ في نسخة : يتناوله.
٤ ـ في بعض النسخ : التجوز.
المقدمة الثانية
الخطاب : هو الكلام الذي قصد به مواجهة الغير.
والكلام : هو ما انتظم من حرفين فصاعدا من الحروف المسموعة المتواضع عليها إذا صدرت من ناظم واحد ، ( ومنهم ) (١) من شرط الافادة ، ومنهم من شرطه المواضعة ، والثاني يبطل ( بتقسيم ) (٢) أهل اللغة الكلام إلى المهمل والمستعمل ، ومورد التقسيم مشترك.
وعلى ما قلناه ، فالكلام اما مهمل ، وهو ما لم يوضع في اللغة لشيء واما مستعمل.
والمستعمل : اما أن لا يستقل بالمفهومية وهو الحرف ، واما أن يستقل : فان دل على الزمان المعين فهو الفعل ، وان لم يدل فهو الاسم.
ثم الاسم : اما أن يكون تصور معناه مانعا من وقوع الشركة فيه ( فهو ) (٣) الجزئي ، أولا يمنع [ فهو الكلي ] وحينئذ ان دل على الماهية فهو اسم الجنس عند النحاة وان دل على موصوفيتها فهو المشتق.
تقسيم
اللفظ ومعناه :
ان اتحدا : فاما جزئي واما كلي ، فان كان كليا وكان معناه في موارده بالسوية فهو متواطئ ، أو متفاوتا فهو مشكك.
__________________
١ ـ في نسخة : فمنهم
٢ ـ في نسخة : تقسيم
٣ ـ في نسخة : وهو
وان تكثرا فالالفاظ متباينة سواء كانت المعاني متصلة أو منفصلة.
وان تكثرت الالفاظ واتحد المعنى فهي مترادفة. وان تكثرت المعاني واتحد اللفظ من وضع واحد ، فان كانت دلالتها على المعاني بالسوية فهي مشتركة ، أو متفاوتة فالراجح حقيقة والمرجوح مجاز.
المقدمة الثالثة
في الحقيقة والمجاز : وهي ثلاثة فصول :
الفصل [ الاول ]
يشتمل على مسائل :
المسألة الاولى : في تعريفهما :
أظهر ما قيل في الحقيقة هي كل لفظة أفيد بها ما وضعت له في أصل الاصطلاح الذي وقع التخاطب به.
والمجاز : ( هو ) (١) كل لفظة أفيد بها غير ما وضعت له في أصل الاصطلاح الذي وقع التخاطب به لعلاقة بينهما.
المسألة الثانية : فيما يفصل [ به ] بينهما وهو اما ( بنص ) (٢) أهل اللغة ، بأن ( يقولوا ) (٣) هذا حقيقة ، وذاك مجاز ، أو بالاستدلال بعوائدهم كان يسبق إلى أذهانهم عند سماع اللفظ المعنى من دون قرينة.
وههنا فروق أخر :
__________________
١ ـ في نسخة : هي.
٢ ـ في نسخه : لنص.
٣ ـ في نسخة : يقول.
الاول : الاطراد في فائدتها دلالة على كون اللفظ حقيقة في تلك الفائدة.
الثاني : صحة التصرف ـ كالتثنية والجمع ـ دلالة على الحقيقة.
الثالث : استعمال أهل اللغة دلالة عليها أيضا.
الرابع : تعليق ( اللفظة ) (١) بما يستحيل تعلقها به دلالة على المجاز كقوله تعالى « واسأل القرية » (٢)
وفى الكل نظر.
المسألة الثالثة : اللفظ اما أن يستفاد وضعه للمعنى بالشرع أو بالوضع ، والاول هو الحقيقة الشرعية ، والثاني : اما أن ينقل عن موضوعه لمواضعة طارئة ، وهو العرفية ، أو لا ينقل ، وهو اللغوية ، وكل واحدة من هذه الالفاظ اما أن تكون موضوعة لمعنى واحد ، وهي المفردة ، أو لمعنيين فصاعدا ، وهي المشتركة
فوائد ثلاث
الاولى : لا شبهة في وجود الحقيقة الوضعية ، وأما العرفية فكذلك ، أما الامكان فظاهر ، وأما الوقوع فبالإستقراء ( اما ) (٣) من عرف عام كالغائط للفضلة وقد كان للمطمئن ، والدابة للفرس وقد كان لمادب ، واما من عرف خاص فكما للنحاة من الرفع والنصب ، ولاهل الكلام من الجوهر والكون.
تقسيم
العرف اما أن يجعل الاسم مستعملا في غير ما كان مستعملا فيه أو في بعضه
__________________
١ ـ في نسخة : اللفظية وفي أخرى اللفظ.
٢ ـ يوسف / ٨٢.
٣ ـ في نسخة : واما.
والثاني تخصيص كلفظ الدابة ، والاول ، اما أن يرجح العرف الطارئ ويرفض السابق وهو نقل كالغائط و ( الراوية ) (١) أولايرجح فيكون مشتركا كقولنا : كلام زيد ، فانه يقع على لفظه ، وعلى حكاية كلامه ، كقولنا : هذا كلام أمير ـ المؤمنين ، عند ايراد خطبه.
الفائدة الثانية : الحقيقة الشرعية موجودة ، وصار جماعة من الاشعرية إلى نفيها ، ونعنى بالشرعية : ما استفيد وضعها للمعنى بالشرع.
لنا : وجودها في الفاظ الشارع ، فان الصوم في اللغة : الامساك وفي الشرع امساك خاص ، والزكاة : الطهارة ، وفي الشرع طهارة خاصة ، والصلاة : الدعاء وفي الشرع لمعان مختلفة أو متواطئة ، تارة تعرى عن الدعاء كصلاة الأخرس وتارة يكون الدعاء منضما كصلاة الصحيح.
تفريع
الاصل عدم النقل ، لأن احتمال النقل لو ساوى احتمال البقاء على الاصل لما حصل التفاهم عند التخاطب مع الاطلاق ، لأن الذهن يعود مترددا بين المعنيين ، لكن التفاهم حاصل مع الاطلاق فكان الاحتمال منفيا.
الفائدة الثالثة : لا شبهة في وجود الحقيقة المفردة ، واختلف في المشتركة فمن الناس من أوجب وجودها نظرا إلى كثرة المعاني وقلة الالفاظ ، ومنهم من أحالها صونا للفهم عن الخلل ، والاول باطل ، لأنا لا نسلم كثرة المعاني عن الالفاظ والثاني باطل لأن الغرض قد يتعلق بالابهام كما يتعلق بالابانة. وأما وجودها فاستقراء اللغة يحققه.
__________________
١ ـ في نسخة : الرواية
فرعان
الاول : الاصل عدم الاشتراك ، لأنه لولا ذلك لما حصل الفهم الا عند العلم بعدمه ، وهو باطل ، لأنه ( يلزم ) (١) بطلان الاستدلال بالنصوص ، لجواز أن تكون الفاظه موضوعة لغير ذلك المعنى.
الفرع الثاني : يجوز أن يراد باللفظ الواحد كلا معنييه ـ حقيقة كان فيهما أو مجازا أو في أحدهما ـ نظرا إلى الامكان لا إلى اللغة.
وأحال أبو هاشم وابو عبد الله ذلك ، وشرط أبو عبد الله في المنع شروطا أربعة : اتحاد المتكلم ، والعبارة ، والوقت ، وكون المعنيين لا ( تضمهما ) (٢) فائدة واحدة ، وقال القاضي : ذلك جائز ما لم يتنافيا كاستعمال لفظة ( افعل ) في الأمر والتهديد ، ( و ) (٣) الوجوب والندب.
لنا : أنه ليس بين ارادة اعتداد المرأة بالحيض واعتدادها بالطهر منافاة ، ولا بين ارادة الحقيقة وارادة المجاز معا منافاة ، و ( إذ ) (٤) لم يكن ثمة منافاة لم يمتنع اجتماع الارادتين عند ( المتكلم ) (٥) باللفظ.
حجة المانع : لو استعمل المتكلم اللفظة في حقيقتها ومجازها لكان جامعا بين المتنافيين وانما قلنا ذلك لوجهين :
أحدهما : أنه يكون مريدا لاستعمالها فيما وضعت له والعدول بها عنه.
__________________
١ ـ في نسخة : يلزمه.
٢ ـ في بعض النسخ تنضمهما.
٣ ـ في نسخة : أو.
٤ ـ في نسخة : إذا.
٥ ـ في نسخة : التكلم.
والثاني : أن المتجوز يضمر كاف التشبيه ، ومستعمل الحقيقة لا يضمر ، فلو استعملها في المعنيين لاراد الاضمار وعدمه.
الجواب : لا نسلم كونه جامعا بين المتنافيين. قوله : « يكون مريدا لموضوعها والعدول عنه ». قلنا : يعني بالعدول كونه مريدا لاستعمالها في غير ما وضعت [ له ] كما أراد استعمالها فيما وضعت له؟ أم يريد استعمالها فيما وضعت له ( ولا ) (١) يستعملها فيه [ و ] الاول مسلم ولا ينفعك والثاني ممنوع.
قوله في الوجه الثاني : « يريد الاضمار وعدمه » قلنا : لا بالنسبة إلى شيء واحد بل بالنسبة إلى شيئين ، وذلك ليس بمتناف.
وأما بالنظر إلى اللغة ، فتنزيل المشترك على معنييه باطل ، لأنه لو نزل على ذلك لكان استعمالا له في غير ما وضع له ، لأن اللغوي لم يضعه للمجموع ، بل لهذا وحده ، ( و ) (٢) لذاك وحده ، فلو نزل عليهما معا لكان ذلك عدولا عن وضع اللغة.
حجة المخالف وجهان :
الاول : قوله تعالى « ان الله وملائكته يصلون على النبي » (٣).
الثاني : قول سيبويه : ( الويل ) : دعاء وخبر.
جواب الاول : ان في الآية اضمارا ، أما على قراءة النصب فلان ذلك أدخل في باب التعظيم ، وأما على قراءة الرفع فلان العطف على اسم ( ان ) لا يصح الا بعد تمام الخبر عند البصريين ، فكان التقدير : ان الله يصلي وملائكته يصلون.
__________________
١ ـ في نسخة : وألا.
٢ ـ في نسخة : أو.
٣ ـ الاحزاب / ٥٦.
وعن الثاني : ان ذلك اخبار عن كون اللفظة موضوعة لهما معا ، وذلك غير موضع النزاع.
المسألة الرابعة : لا يجوز أن يخاطب الله عباده بما لا طريق لهم إلى العلم بمعناه خلافا للحشوية.
لنا : أن ذلك عبث ، فيكون [ لله ] قبيحا.
احتجوا : بقوله تعالى : « كأنه رؤوس الشياطين » (١) وبقوله تعالى « حم » (٢) و « الم » (٣) وما أشبهها.
والجواب : لا نسلم خلو ذلك عن الفائدة ، لأن الاول كناية عن ( القبيح ) (٤) واستعارة فيه ، والثاني اسم للسورة.
الفصل [ الثاني ] :
في المجاز وأحكامه ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : اكثر الناس على امكانه ووجوده ، ومنعه قوم امكانا ، وآخرون وقوعا.
لنا : [ ان ] اسم ( الحمار ) يستعمل في البليد ، وليس حقيقة فيه ، فهو مجاز.
احتجوا : بأن المجاز ان دل بدون القرينة فهو حقيقة ، ومعها لا يحتمل الا ذاك ، فهو حقيقة أيضا.
__________________
١ ـ الصافات / ٦٥.
٢ ـ الآية الاولى من السور التالية : غافر ، فصلت ، الزخرف ، الدخان ، الجاثية ، الاحقاف.
٣ ـ الآية الاولى من : البقرة ، وآل عمران ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان والسجدة.
٤ ـ في نسخة : القبح.
جوابه : ان القرينة خارجة عن دلالة اللفظ ، وكلامنا في دلالته مفردا.
على : ان القرينة قد لا تكون لفظية ، وكلامنا في الدال بالوضع.
المسألة الثانية : المجاز ممكن الوجود في ( خطاب ) (١) الله تعالى ، وموجود ، خلافا لاهل الظاهر.
لنا : قوله تعالى : « جدارا يريد أن ينقض » (٢) و « جاء ربك » (٣) وقوله : « لما خلقت بيدي » (٤) وليست هذه موضوعة في اللغة لما أراده الله تعالى بها قطعا ، ولا الشارع نقلها ، لعدم سبق أذهان أهل الشرع عند اطلاقها إلى المراد بها ، فتعين أن يكون مجازا.
احتجوا : بأنه لو تجوز لكان ملغزا معميا.
وجوابه : أنه لا ألغاز مع القرينة.
المسألة الثالثة : اختلفوا في جواز تعدية المجاز [ عن ] ( موضع ) (٥) الاستعمال فأجازه قوم ، ومنعه الأكثر.
[ و ] احتج المانع : بأنه لو كفت العلاقة لصح تسمية الحبل الطويل نخلة ، كما سمي به الرجل الطويل ، ويسمى الابخر أسدا.
المسألة الرابعة : تشتمل على فوائد :
الاولى : لا يجوز خلو اللفظ ـ بعد الاستعمال ـ من كونه حقيقة أو مجازا لأنه : ان استعمل فيما وضع له فهو حقيقة ، والا فهو مجاز.
__________________
١ ـ في نسخة : كلام.
٢ ـ الكهف / ٧٧.
٣ ـ الفجر / ٢٢.
٤ ـ ص / ٧٥.
٥ ـ في نسخة : موضوع.
الثانية : الحقيقة والمجاز لا يدخلان أسماء الالقاب ، لانها لم تقع على مسمياتها المعينة بوضع من أهل اللغة ولا من الشرع ، وإذا لم تكن كذلك لم يكن متسعملها في الاشخاص تابعا لاهل اللغة ، لا بالحقيقة ولا بالمجاز.
الثالثة : إذا تجرد اللفظ عن القرائن ( نزل ) (١) على حقيقته ، لأن واضع اللغة وضعه للدلالة على معناه فكأنه قال : عند الاطلاق أريد به ذلك المعنى ، فلولم يفد به عند الاطلاق كان ( ناقضا ) (٢).
قال جماعة من الاصوليين : يجب اطراد الحقيقة في فائدتها دون المجاز لأنا إذا علمنا أن أهل اللغة سموا الجسم طويلا عند اختصاصه ( بالطول ) (٣) ولولا ذلك لما سموه طويلا ، وجب تسمية كل جسم ( فيه ) (٤) طول بذلك ، قضية للعلة.
الفصل الثالث
في جملة من احكام الحروف :
الواو : للجمع المطلق ، ( لاجماع ) (٥) أهل اللغة على ذلك ، وأيضا : فانه يستعمل فيما يمتنع فيه الترتيب ، كقولنا : تقاتل زيد وعمرو.
واحتج : بانكار رسول الله صلىاللهعليهوآله على قائل : من أطاع الله ورسوله فقد هدي ، ومن عصاهما فقد غوى ، بقوله : « قل : ومن عصى الله ورسوله ».
والجواب : ان الافراد أدخل في باب التعظيم من الجمع ، فلعله عليهالسلام قصد
__________________
١ ـ في نسخة : يدل.
٢ ـ في نسخة : ناقصا.
٣ ـ في نسخة : بالطويل.
٤ ـ في نسخة : له.
٥ ـ في نسخة : لاطلاق.
ذلك دون الترتيب.
الفاء : للتعقيب ، باجماع أهل اللغة. ( ومنهم ) (١) من جعلها للتراخي أيضا لقوله تعالى : « لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم » (٢) والاسحات ( متراخ ) (٣) عن ( الافتراء ) (٤) ، ولأن الفاء تدخل على التعقيب.
وجوابه : ان الاول تجوز ، والثاني تأكيد.
ثم : للمهلة ، وقال آخرون : الا في عطف الجمل كقوله تعالى : « لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى » (٥).
في : للظرفية خاصة ، وقيل : للسببية كقوله : عليهالسلام « في خمس من الابل شاة » ، ولا يعرفه أهل اللغة.
قيل : الباء إذا دخلت على المتعدي تبعيضية ، وأنكر ذلك ابن جني.
انما : للحصر ، لأن ( ان ) للاثبات ، و ( ما ) للنفي ، فيجب أن يكون لنفي ما لم يذكر واثبات ما ذكر ، لاستحالة غيره من الاقسام ، ويؤيده قول الشاعر :
................................ |
|
وانما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي |
وقوله :
................................ |
|
وانما العزة للكاثر |
[ ثم ] احتج المخالف : بقوله : « انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم » (٦).
[ و ] جوابه : انه للمبالغة.
__________________
١ ـ في نسخة : وفيهم
٢ ـ طه / ٦١
٣ ـ في نسخة : يتراخى
٤ ـ في نسخة : الفرية
٥ ـ طه / ٨٢
٦ ـ الانفال / ٢
الباب الثاني
في الاوامر والنواهي
وفيه فصول