أخبار نيل مصر

شهاب الدين بن العماد الأقفهسي

أخبار نيل مصر

المؤلف:

شهاب الدين بن العماد الأقفهسي


المحقق: د. لبيبة إبراهيم مصطفى و أ. نعمات عبّاس محمد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب والوثائق القوميّة
المطبعة: مطبعة دار الكتب والوثائق القوميّة
الطبعة: ٠
ISBN: 977-18-0444-8
الصفحات: ١٤٤

فصل

فى الفرق بين النهر والبحر

قال الأزهرى (١) فى «التهذيب» : سمى البحر بحرا لاستبحاره ، وهو انبساطه وسعته.

وقيل لأنه يشق فى الأرض / شقا ، وجعل ذلك الشق لمائه قرارا. [٥٨]

قال فى الصحاح (٢) : سمى [البحر](٣) بحرا لعمقه واتساعه. ويقال استبحر فى العلم ، وتبحر فى المال : إذا كثر ماله. والبحر : الشق فى كلام «العرب» (٤) ، ومنه قيل للناقة التى كانوا يشقون أذنها بحيرة.

قال الزّجّاج : كل نهر ذى ماء فهو بحر. قال بعضهم : بشرط أن يكون جاريا كدجلة ، والفرات ، والنيل ، وشبهها من الأنهار. وأما البحر الكبير الذى هو مغيض للمياه ، فلا يكون ماؤه إلا ملحا زجاجا. ولا يكون ماؤه إلا [كدرا](٥). وأما الأنهار فماؤها جار. ويقال للبحر الصغير (٦) : بحيرة. وأما بحيرة طبرية : فإنها عظيمة ؛ نحو عشرة أميال فى ستة (٧). ويقع البحر على الرمل الكثير المعروف. وفرس بحر : جواد كثير العدو ، على التشبيه بالبحر. والبحر : الريف ، وبه فسر أبو على ظهر الفساد فى البر والبحر. لأن / الذى هو [٥٩] الماء لا يظهر فيه فساد ولا صلاح.

وأما البحر المسجور (٨) ، قيل معناه المملوء. يقال : سجرت الإناء إذا ملأته.

قال على رضى الله عنه : هو بحر تحت العرش ، فيه ماء غليظ ، يقال له بحر الحيوان ، تمطر العباد بعد النفخة الأولى أربعين صباحا ، فينبتون فى قبورهم ويحيون.

وقيل : البحر المسجور : الموقد ، لأنه يروى أن الله تبارك وتعالى يجعل البحار كلهار نارا ، فترد فى جهنم. قال الله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ)(٩).

__________________

(١) انظر قول الأزهرى فى لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٦٦ ـ ١٦٧ مادة بحر ، ط. دار صادر ، بيروت.

(٢) الجوهرى : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٥ ، مادة (بحر).

(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة ز. والمثبت من نسخة ح.

(٤) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ح.

(٥) «راكدا» فى نسختى المخطوطة. والتصحيح من مروج الذهب ، ج ١ ، ص ١٢٨.

(٦) «الصغيرة» فى نسخة ح.

(٧) راجع : معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٥١٥.

(٨) انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٧٧.

(٩) سورة التكوير ، آية (٦).

٨١

وأما نهر الحيوان فهو فى السماء الرابعة. وروى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (١) : البيت المعمور فى السماء الدنيا ، وفى السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان ، يدخله جبريل كل يوم طلعت عليه الشمس ، فإذا خرج انتفض انتفاضة [٦٠] خرّت عنه سبعون ألف قطرة ، يخلق الله تعالى / من كل قطرة ملكا ، يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلّون فيه ، فيفعلون ، ثم لا يعودون إليه أبدا. ذكره الواحدى فى تفسيره.

فائدة : المياه التى تنزل من السماء ثلاثة : ماء الثلج ، وماء المطر ، وماء البرد. والثلج غير الجمد فاعلمه ، فإنه يلتبس على كثير من الناس ، ولا يفرقون بين الثلج والجمد ، والفرق بينهما : أن الجمد : يكون ماء مستقر بالأرض ثم يجمد من شدة البرد.

وأما الثلج : فإنه نداوة تنزل من السماء ، وتتجمد على ما يقع عليه من الأرض. وقد ذكر القاضى مسألة يفارق الثلج فيها حكم الجمد فقال : إذا أخذ قطعة جمد فوجد فيها بعرة (٢) من داخلها ، نظر إن كان الماء الذى جمد وفيه (٣) هذه البعرة قلتين (٤) أو أكثر ، وقلنا لا يجب التباعد عن النجاسة بقدر قلتين ، فإن البعرة تفور وتلقى ما حولها ، والباقى

__________________

(١) ورد هذا الحديث فى تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، ج ٧ ، ص ٤٠٧ ، تحقيق محمد إبراهيم وآخرين ، ط.

الشعب ، القاهرة د. ت. ونصه :

«... عن أبى هريرة ، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : «فى السماء السابعة بيت يقال له «المعمور» بحيال الكعبة ، وفى السماء الرابعة نهر يقال له «الحيوان» يدخله جبريل كل يوم ، فينغمس فيه انغماسة ، ثم يخرج فينتفض انتفاضة يخرّ عنه سبعون ألف قطرة ، يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلّون فيه ، فيفعلون ، ثم يخرجون فلا يعودون أبدا ، ويولّى عليهم أحدهم ، يؤمر أن يقف بهم فى السماء موقفا يسبّحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة».

وقد أنكر هذا الحديث جماعة من الحفاظ ، وقال بعضهم لا أصل له من حديث أبى هريرة ، ولا سعيد بن المسيّب ، ولا الزهرى.

انظر أيضا : الذهبى : ميزان الاعتدال فى نقد الرجال ، ج ٢ ، ص ٥٧ ، تحقيق على محمد البجاوى ، ط. دار الفكر ، بيروت د. ت ؛ الجرجانى : الكامل فى ضعفاء الرجال ، ترجمة رقم ٦٦٦ ، تحقيق يحيى مختار غزاوى ، ط.

الثالثة ، دار الفكر ، بيروت ١٩٨٨ م ؛ العقيلى : ضعفاء العقيلى ، ترجمة رقم ٤٩٧ ، تحقيق عبد المعطى قلعجى ، ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ١٩٨٤ م.

(٢) البعر : رجيع ذوات الخفّ وذوات الظّلف. ومفردها : بعرة. المعجم الوجيز.

(٣) «فيه» فى نسخة ح.

(٤) القلّة : الجرة الضخمة. وهى من المكاييل الشرعية. وتقدر القلة ب (٢٥٠) رطلا عراقيا. ومقدارها عند الحنفية : (٥٦٢ ، ١٠١) كيلو جرام. أما عند جمهور الفهاء : فمقدارها (٦٢٥ ، ٩٥) كيلو جرام.

انظر : على جمعة محمد : المكاييل والموازين الشرعية ، ص ٣١.

٨٢

طاهر طهور. وإن كان / الماء الذى جمد وفيه (١) البعرة دون القلتين ، فجميع الجمد [٦١] نجس.

قال : وإن وجد البعرة بقطعة ثلج ، ألقيت وما حولها ، والباقى طاهر. ووجه ما قاله فى الثلج : إن الثلج إذا نزل على البعرة جمد عليها ، وجموده (٢) يمنع سريان نجاستها إلى غير المجاور لها. كالفأرة تموت فى السمن الجامد.

فرع يخرج على هذا الأصل : الماء الذى ينعقد جوهره ملحا ، والماء الذى ينعقد نطرونا. الصحيح أنه طهور تجوز الطهارة به قبل انعقاده ، وبعد انعقاده إذا أذيب بماء طهور. فعلى هذا لو جمد هذا الماء ، ورأينا فى الملح الذى انعقد منه بعرة ، ففيه التفصيل السابق فى الجمد. وإن قلنا إنه طاهر لا طهور ، فجميعه نجس ، لأن له حكم المائع ، والمائع لو امتد قلالا ووقعت فيه نجاسة ، ينجس كله (٣).

__________________

(١) «فيه» فى نسخة ح.

(٢) «وجمود» فى نسخة ح.

(٣) «كل» فى نسخة ح.

٨٣

فصل

وأما الماء الذى نبع من الأرض : فهو شبيه ماء الآبار.

[٦٢] وأما الأنهار ، / وماء العيون ، وماء البحر ، والماء الذى ينعقد ملحا ، والماء الذى ينعقد نطرونا ، والماء المتقاطر من بخار الماء ، وماء الآبار : منها ما هو حديدى ، ومنها ما هو نحاسى ، تكلم عليه الأطباء.

فحصّل أن المياه النازلة من السماء ، والنابعة من الأرض عشرة ، وكلها تجوز بها الطهارة بلا خلاف. إلا الماء الذى سينعقد ملحا أو نطرونا ، فإن فيه [خلاف](١) ، والمذهب جواز الطهارة به. وإلا بالماء المتقاطر من بخار الماء ، فإن فيه وجهان ، الأصح جواز الطهارة به. وإذا انضم إلى هذا الماء النابع من أصابعه ، صلى الله عليه وسلم ، صارت أحد عشر.

واختلفوا فى المياه التى فى الأرض ، هل أصلها من السماء ، أم خلقها الله تعالى فى الأرض ، على قولين :

أحدهما : أن الجميع من السماء. لقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ)(٢).

[٦٣] والثانى : أن الله تعالى خلقه فى الأرض كما خلق ماء السماء فيها. لقوله / تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها)(٣) وبعد ههنا بمعنى : قبل.

والتفسير : والأرض قبل ذلك دحاها. وقيل : بعد هنا بمعنى : مع ، أى مع ذلك دحاها ، إذا كانت الأرض مخلوقة قبل السماء. وقد أخبر الله تعالى أنه أخرج منها ماءها ومرعاها ، تعين أن يكون الماء مخلوقا فيها.

ومما يدل على أن الأرض مخلوقة قبل السماء قوله تعالى : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ

__________________

(١) «خلافا» فى نسخة ز. والمثبت بين الحاصرتين من نسخة ح.

(٢) سورة الزمر ، آية (٢١).

(٣) سورة النازعات ، الآيات (٣٠ ـ ٣١).

٨٤

فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ [سَواءً لِلسَّائِلِينَ] (١) (١٠) ثُمَ (٢) اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ)(٣). وثم : للترتيب.

وقال بعضهم : خلق الله الأرض أولا ثم خلق السماء ، ثم دحا الأرض بعد أن خلق السماء.

وقيل : خلق الله تعالى زمردة خضراء كغلظ السماوات والأرض ، ثم / نظر إليها نظرة [٦٤] العظمة (٤) فانماعت ، فصارت ماء. فمن ثم ترى الماء دائما يتحرك من تلك الهيبة.

ثم أن الله تعالى رفع من البحر بخارا ، وهو الدخان الذى ذكره فى قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ)(٥). فخلق السماء من الدخان ، وخلق الأرض من الماء ، والجبال من موج الماء.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة ز ومثبت فى نسخة ح ، وهو كما فى السورة الكريمة.

(٢) «ثم قال تعالى ثم استوى» فى نسخة ح.

(٣) سورة فصلت ، الآيات (٩ ـ ١٢).

(٤) «العظيمة» فى نسخة ح.

(٥) سورة فصلت ، جزء من آية (١١).

٨٥

فصل

لا كراهة فى استعمال شىء من المياه عند (١) تنافى الطهارة وغيرها ، إلا فى ستة : أحدها : الماء المشمس.

ثانيها وثالثها : الماء الشديد الحرارة والبرودة.

رابعها : ماء ديار ثمود لكثرة استعمالها ، إلا بئر الناقة ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، وأمر بأن تكفأ القدور ، ويطرح العجين الذى عجن منه. وديارهم فى طريق الشام من مكة. قال تعالى : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ [أَفَلا تَعْقِلُونَ])(٢)(٣).

خامسها : ماء قوم لوط. روى أن (٤) جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت مدائنهم [٦٥] فاقتلعها من الأرض ، ورفعها بجناحه إلى السماء ، ثم قلبها بهم ، فأتبعوا بالحجارة.

قال الله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا [عَلَيْها])(٥) (حِجارَةً)(٦) قيل : كان مكتوب على حجر اسم صاحبه ، وكان شخص منهم بالحرم ، فوقف حجر بين السماء والأرض حتى خرج من الحرم ، فوقع به فمات. ولما خسف (٧) بقراهم بقى موضعها بركة عظيمة ، ماؤها منتن ، وهى باقية إلى اليوم فى بعض طرق الشام. قال تعالى : (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ)(٨) ، يعنى طريق.

سادسها : بئر برهوت. روى أنه صلى الله عليه وسلم قال : «خير بئر فى الأرض بئر زمزم ، وشر بئر فى الأرض بئر برهوت ، فيها أرواح الكفار» (٩). وإذا كانت هذه شر بئر فى

__________________

(١) «عندنا» فى نسخة ح.

(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من نسختى المخطوطة. والمثبت من السورة الكريمة.

(٣) سورة الصافات ، الآيات (١٣٧ ـ ١٣٨).

(٤) «عن» فى نسخة ح.

(٥) «عليهم» فى نسختى المخطوطة. والتصحيح من السورة الكريمة.

(٦) سورة هود ، آية (٨٢).

(٧) «أخسف» فى نسخة ح.

(٨) سورة الحجر ، آية (٧٦).

(٩) نص الحديث : «عن أنس : «أرواح المؤمنين إلى الجابية ، وأرواح الكافرين إلى واد بحضرموت يقال لها برهوت ، ترد عليها هام الكفار فى كل ليلة». انظر : الديلمى : فردوس الأخبار ، ج ١ ، ص ٢٣٩ ، الحديث رقم (١٦٩٩) ؛ الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢٧.

٨٦

الأرض ، كره استعمال مائها ، بالقياس على ديار ثمود ولوط ؛ لأن أرواح الكفرة (١) تعذّب حيث كانت ، وإنما تعذب للغضب عليهم. فالتحق بمكان تعذيب / أرواحهم مكان [٦٦] تعذيب أجسادهم.

وبرهوت : بفتح الباء الموحدة والراء المهملة وبالتاء المثناة فوق فى آخره ، بئر بحضرموت. وقد ذكرها فى الصحاح (٢) ، وذكر الحديث ، إلا أنه لم يعين مكانها.

واختلفوا فى استعمال ماء زمزم ؛ فمذهبنا أنه لا يكره استعماله فى شىء من الطهارات كسائر المياه ، [لأن النبى](٣) صلى الله عليه وسلم توضأ منه. ولكن قال [أبو الفتوح](٤) العجلى فى [شرح مشكلات الوسيط والوجيز للغزالى](٥) : الأولى أن لا يتطهر به لحرمته وكراهته. وقد روى عن العباس رضى الله عنه أنه قال : لا أحله ، ولا لمغتسل. وهو لشارب حل وبل. والبل بكسر الباء الموحدة وباللام : الشفا. أى هو حلال وشفاء للشارب (٦). يقال : بل من مرضه إذا شفى.

وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال : «اللهم إنى أسألك علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء».

وقال [النبى](٧) صلى الله عليه وسلم : «ماء زمزم / طعام طعم ، وشفاء سقم» (٨). [٦٧]

وأما استعماله فى إزالة النجاسة والاستنجاء ؛ فنقل فى الكفاية عن الماوردى : أنه لا يجوز استعماله ، ولا استعمال حجارة الحرم فى الاستنجاء. والصحيح خلاف ذلك.

__________________

(١) «الكفار» فى نسخة ح.

(٢) انظر : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢٧ مادة (برهوت) ؛ معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٥٩٨ ـ ٥٩٩.

(٣) «لأنه» فى نسخة ز. والمثبت بين الحاصرتين من نسخة ح وهو الأفضل للسياق.

(٤) «أبو الفتح» فى نسختى المخطوطة. والمثبت هو الصحيح. فهو : أبو الفتوح أسعد بن أبى الفضائل محمود بن خلف بن محمد العجلى الأصبهانى ، الملقب منتجب الدين ، الفقيه الشافعى الواعظ ، المتوفى سنة ٦٠٠ ه‍ / ١٢٠٣ م. انظر ترجمته فى : السبكى : طبقات الشافعية ، ج ٥ ، ص ٥٠ ، ط. أولى ، المطبعة الحسينية ؛ وفيات الأعيان ، ج ١ ، ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ؛ ابن العماد الحنبلى : شذرات الذهب ، ج ٤ ، ص ٣٤٤ ـ ٣٤٦.

(٥) «نكث الوسيط والوجيز» فى نسختى المخطوطة. والمثبت بين الحاصرتين من طبقات الشافعية ، ج ٥ ، ص ٥٠.

وورد اسم الكتاب فى وفيات الأعيان ، ج ١ ، ص ٢٠٩ «شرح مشكلات الوجيز والوسيط للغزالى».

(٦) «للنارب» فى نسخة ح. وهو خطأ فى النسخ.

(٧) ما بين الحاصرتين إضافة من نسخة ح.

(٨) انظر : إسماعيل بن محمد العجلونى : كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ، ج ٢ ، ص ١٧٦ ، ط. القدسى ، القاهرة ١٣٥١ ه‍.

٨٧

وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجوز استعماله فى الطهارة مطلقا ، ولدينا عموم الأدلة. وأن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ منه. ولأنه يؤدى إلى جواز التيمم مع وجود الماء ، ولأن حرمة ماء زمزم وإن كانت لأجل أنه ينبع من الحرم ، فينبغى أنه لا يجوز استعمال مياه آبار الحرم. وإن كانت حرمته كونه مطعوما وشفاء ، فالماء الذى نبع من أصابع النبى صلى الله عليه وسلم أفضل من ماء زمزم ، وفيه من الشفاء ما ليس فى ماء زمزم. ومع ذلك فقد توضأت به الصحابة رضى الله [تعالى](١) عنهم أجمعين ، ولا حجة فى قول العباس رضى الله عنه : لا أحله ، لأنه محمول على حالة احتياج الناس إلى الشرب [٦٨] بقوله : لا أحله / لمغتسل ، أى فى حالة احتياج الناس إلى الشرب ، لأن الغالب التزاحم (٢) عليه للشرب.

واختلفوا فى الماء الذى يوجد وقت السحر على الزرع ؛ فقيل لا تجوز به الطهارة ، لأنه ليس من جنس المياه ، بل هو نفس دابة فى البحر ، تتنفس وقت السحر ، فهو ليس من جنس المياه ، بل هو ملحق بالعرق. حكاه صاحب كتاب «الملتقطات من الحنفية».

ويشهد لهذا القول أن المجربين ذكروا أن هذا الماء إذا جمع فى وقت السحر ، وملئت منه بيضة قد فرغ ما فيها ، وصممت بشمعة أو غيرها ، ووضعت فى الحمام ، فإنها إذا أحست بالحرارة صعدت إلى السماء بنفسها. وهذا السمو والارتفاع ليس من طبع المياه. وإنما طبعها الانخفاض.

ويشهد له أيضا أن هذا ليس بماء ثلج ، ولا برد ، ولا مطر ، والله أعلم. قال صاحب «الملتقطات» : ومنهم من جوّز الطهارة به ، لأنه ماء ، ولأنه لم يتحقق مجيئه من نفس تلك الدابة.

وأما بحر الملح ، فيجوز منه الطهارة / بلا كراهة. لقول النبى صلى الله عليه وسلم : «هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته (٣)» (٤). هذا مذهبنا.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين إضافة من نسخة ح.

(٢) «التراحم» فى نسخة ح.

(٣) «ميتته» فى نسخة ح.

(٤) انظر : سنن الدارمى ، ج ١ ، ص ١٨٥ ـ ١٨٦ ، باب الوضوء من ماء البحر ، ط. الاعتدال ، دمشق ١٣٤٩ ه‍.

٨٨

ونقل البغوى فى سورة التكوير عن عبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن عمر ، أنهما قالا : لا تجوز الطهارة بماء البحر ؛ لأنه غطاء جهنم ، ونقل «ذلك» (١) أيضا الدارمى فى «الاستذكار» عنهما. وعن سعيد بن المسيب أنه لا يجوز الوضوء بماء البحر.

قال : وعن قوم أنهم قدّموا التيمم عليه ، وخيّروا بينهما. وعن قوم أنه يتوضأ به عند عدم غيره.

ومما يدل على أن البحر غطاء جهنم قوله تعالى : (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً)(٢) ، لأن الفاء تدل على الفور ، فاقتضى ذلك أن دخول النار استعقب الغرق. وقوله (٣) صلى الله عليه وسلم : «إن تحت البحر لنار ، وإن تحت النار لبحر». الحديث (٤).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا ، أبدا دائما إلى يوم الدين ، ورضى الله تعالى عن ساداتنا أصحاب رسول الله أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.

وكان الفراغ منه يوم الأحد ... (٥) خامس شهر ذى الحجة ... (٦) من سنة تسع وتسعين وثمانى مائة. عفا الله وغفر لكاتبه ولقارئه وللناظر فيه ، ولجميع المسلمين أجمعين ، آمين آمين ، فنحمد رب العالمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (٧).

__________________

(١) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ح.

(٢) سورة نوح ، آية (٢٥).

(٣) «وقول النبى» فى نسخة ح.

(٤) الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز فى سبيل الله ، فإن تحت البحر نارا ، وتحت النار بحرا».

انظر : سنن أبى داود ، ج ٢ ، ص ٦ ، كتاب الجهاد «باب فى ركوب البحر فى الغزو» ، ط. أولى ١٩٥٢ م.

(٥) كلمة غير مقروءة.

(٦) كلمتان غير مقروءتين.

(٧) وردت أربعة أبيات من الشعر بعد ذلك ، بها كلمات كثيرة غير مقروءة ، ثم تلتها أربعة أسطر مشطوبة من قبل الناسخ. وسوف نعرض صورة هذه الورقة.

وأبيات الشعر :

بذل الفتا بوجهه يذله

وصونه لفقره يجله

القنع خير ما يكون فهله

العز فيه فرعه وأصله

الخبز للجيعان ......

ما كان منه يابس يبله

وقطعة من حائط ....

 ... يأتى بعد هذا كله

٨٩
٩٠

الملاحق

٩١
٩٢

٩٣
٩٤

٩٥
٩٦

٩٧
٩٨

٩٩
١٠٠