إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

الشّافعي في كتاب شرف المصطفى ، وأبو الحسن ابن المغازليّ (١) الشافعيّ الواسطيّ في كتاب المناقب على رغم هذا النّاصب المارقيّ القاسطيّ (٢) بإسناده إلى ابن عباس ، فليطلب من كتابه ، وأما ما استشكله من نسبة أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الغواية إليه ، فانّما استشكله حذرا عن أن يقال : إنّ الثلاثة من خلفاء النّاصب من جملة النّاصبين ، وإلّا فهذا ليس بأبعد من نسبة أولاد يعقوب عليه‌السلام له إلى الضّلال في حبّه ليوسف عليه‌السلام إذ قالوا : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣) ، وقالوا ثانيا : (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) (٤) ، وأولاد يعقوب مع كونهم مولودين على الفطرة الصّحيحة ، وصاروا أنبياء بعد ذلك على ما زعم أصحاب النّاصب الشّقي إذا قالوا مثل ذلك في شان أبيهم ونبيّهم ، فما ظنّك بجماعة نشئوا في الكفر وأفنوا أكثر أعمارهم فيه؟! ، وأمّا ربط الآية فظاهر جدا : لكن لا يرتبط بالقلب الميت المملو من عداوة أهل البيت عليهم‌السلام ، واما ما ذكره من أنّ الوصاية غير الخلافة فإن أراد به أنّ الوصاية لا يكون بمعنى الخلافة والإمامة أصلا ، فبطلانه ظاهر ، بل الوصاية إذا اطلق لا يراد به الّا أولوية التّصرف في جميع امور الموصي ، وهو مساوق للخلافة وذلك ، لأنّ أصل معنى الوصيّة في اللغة هو الوصل ، ومعناه العرفي أن يصل الموصي تصرّفه بعد الموت بما قبل الموت أىّ تصرّف كان ، فالوصيّ إذا اطلق يكون المراد به الأولى بالتّصرف في امور الموصي جميعا إلّا

__________________

(١) وسيأتي نقل المير محمد صالح الحنفي الكشفى كلام ابن المغازلي في كتاب المناقب عن قريب.

(٢) وصفه بهما لمكان ذبه عن الفئتين اللتين اتصفتا حسب نص الحديث النبوي الشريف بالمروق من الدين والميل عن الحق أعاذنا الله منهما.

(٣) يوسف الآية ٨.

(٤) يوسف الآية ٩٥.

٣٤١

ما أخرجه الدّليل ، وانّما يطلق على الوصيّ الخاص كوصيّ الطفل بالإضافة والتقييد ، فيكون المراد بالوصيّ حيث أطلق النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في شان وصيّه عليه‌السلام أولى التّصرف في كلّ ما كان له التّصرف فيه ، وهذا معنى الخلافة كما لا يخفى ، وإن أراد أنّه قد يكون بمعنى مغاير للخلافة ، فمسلّم ، لكنه غير محتمل هاهنا ، لأن الوصاية التي أوجبت غيرة قريش ، ونسبتهم فيها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الغواية في حبّ علي عليه‌السلام هو الوصاية بمعنى الإمامة لا غير كما لا يخفى على اولي النّهى.

قال المصنّف رفع الله درجته

السابعة والثلاثون أقسم الله بخيل (١) جهاده في غزاة (٢) السّلسلة كما روي (٣)

__________________

(١) اى في قوله تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) في سورة : العاديات

(٢) هي سرية وقعت في أرض بها ماء يقال لها السلاسل بضم السين الاولى وكسر الثانية وقال الحافظ ابن حجر المشهور انها بفتح الاولى قيل سمى المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة يقال ماء سلسل وسلسال إذا كان سهل الدخول في الحلق وتلك الأرض وراء وادي القرى هكذا في السيرة الحلبية (ج ٣ ص ١٩٠ طبع مصر) ثم اعلم ان هذه كانت سرية لا غزوة وأطلقت الغزاة عليها بالمعنى الأعم اى الحرب لان كل حرب حضر فيه النبي بنفسه الشريفة يسمى غزاة وما لم يحضره سرية كما في السيرة الحلبية (ج ٣ ص ١٥١ طبع مصر) ثم اعلم ان هذه السرية يقال لها سرية عمرو بن العاص أيضا.

(٣) ذكرها المحدث الثقة الأديب العلامة على بن عيسى الإربلي في كتاب «كشف الغمة» (ص ٦٦) والظاهر انه نقلها عن ابن مردويه في «مناقبه» أو ابن المغازلي في «مناقبه» أيضا أو الشيخ عز الدين عبد الرزاق الحنبلي في «كتابه» وحيث لم تكن تلك الكتب حاضرة لدينا اكتفينا بالنقل عنها بالواسطة.

٣٤٢

أنّ جماعة (١) من العرب اجتمعوا على وادي الرّملة (٢) ليبيّتوا (٣) النبّي بالمدينة فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : من لهؤلاء؟ فقام جماعة من أهل الصّفة (٤) ، وقالوا : نحن فولّ علينا من شئت ، فاقرع بينهم ، فخرجت القرعة على

__________________

(١) هم كانوا قبيلة قضاعة تجمعوا يريدون المدينة كما في السيرة الحلبية (ج ٣ ص ١٩٠ ط مصر)

(٢) المراد منها أرض ذات السلاسل ، قيل بضم السين الاولى وكسر الثانية ، والمشهور انها بفتح الاولى ، قيل سميت بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة كما في (ج ٣ ص ١٩٠) من السيرة الحلبية.

(٣) بيت العدو. أى أوقع بهم ليلا.

(٤) هم جماعة من الصحابة كانوا زهادا نساكا يجلسون على صفة المسجد النبوي الشريف قال الحافظ أبو نعيم الاصفهانى في كتابه (ج ١ ص ٣٣٧ طبع مصر) في حقهم ما لفظه : هم قوم اخلاهم الحق من الركون إلى شيء من العروض وعصمهم من الافتتان بها عن الفروض وجعلهم قدوة للمتجردين لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا تلهيهم عن ذكر الله تجارة ولا حال ، لم يحزنوا على ما فاتهم من الدنيا ، ولا يفرحوا الا بما أيدوا به من العقبى ، كانت افراحهم بمعبودهم ومليكهم ، وأحزانهم على فوت الاغتنام من أوقاتهم وأورادهم هم الرجال الذين (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) ولم يأسوا على ما فاتهم إلى أن قال فلم يجتمع لهم ثوبان ولا حضرهم من الأطعمة لو نان.

ثم سرد اسمائهم ومنهم أوس بن أوس الثقفي ، وأسماء بن حارثة ، والأغر المزني والبراء ابن مالك وثابت بن الضحاك وثابت بن وديعة وثقيف بن عمرو وجرهد بن خويلد وجعيل ابن سراقة وجارية بن جميل إلى آخر ما أفاد

وقال ان بعض المؤلفين اشتبه الأمر عليه وعد في اصحاب الصفة من ليس منهم بل هم من أهل القبة فراجع.

٣٤٣

ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم ، فأمر أبا بكر بأخذ اللواء والمضي إلى بنى سليم (١) وهم ببطن الوادي (٢) فهزموهم وقتلوا جمعا من المسلمين فانهزم أبو بكر ، فعقد لعمر بن الخطاب وبعثه فهزموه فساء النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عمرو بن العاص : ابعثني يا رسول الله فأنفذه فهزموه ، وقتلوا جماعة من أصحابه ، وبقي النبّي صلى‌الله‌عليه‌وآله أيّاما يدعو عليهم ، ثمّ طلب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبعثه إليهم ودعا له وشيّعه إلى مسجد الأحزاب وأنفذ معه جماعة منهم أبو بكر وعمر وعمرو بن العاص ، فصار اللّيل وكمن النّهار حتّى استقبل الوادي من فمه ، فلم يشكّ عمرو بن العاص أنّه يأخذهم ، فقال لأبى بكر : هذه أرض سباع وذئاب (الضباع خ ل) وهي أشدّ علينا من بنى سليم ، والمصلحة أن نعلو الوادي ، وأراد إفساد الحال ، وقال : قل ذلك لأمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له أبو بكر : فلم يلتفت إليه ، ثمّ قال لعمر : فقال له : فلم يجبه أمير المؤمنين ، وكبس على القوم الفجر ، فأخذهم فأنزل الله ، تعالى : (وَالْعادِياتِ (٣) ضَبْحاً) ، السورة واستقبله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لا أن أشفق أن يقول فيك طوائف من امّتى ما قالت النّصارى في. المسيح ، لقلت اليوم فيك مقالا ،

__________________

(١) قال العلامة القلقشندي في نهاية الارب ص ٢٤٣ طبع بغداد ما محصله انهم بطن من شنوأة من الأزد من القحطانية وهم بنى سليم بن قطرة بن غنم بن دوس منهم الطفيل بن عمرو وايضا بنو سليم بطن من جذام وأيضا بنو سليم بضم السين قبيلة عظيمة من قيس غيلان والنسبة إليهم سليمى وهم بنو سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس إلى آخر ما قال انتهى.

(٢) أى وادي الرملة.

(٣) قال تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) هي الإبل يعدو من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى والضبح على هذا مستعار ، لان أصل استعماله في الخيل وهو صوت أنفاسها إذا عدون والعدوة لا تخلو من الضبح كذا في تفسير النيسابوري.

٣٤٤

لا تمر بملاء منهم إلّا أخذوا التّراب من تحت قدميك ، اركب فإنّ الله ورسوله عنك راضيان «انتهى».

قال النّاصب خفضه الله

أقول : قصّة غزوة ذات السّلاسل منقولة في الصّحاح ، وأنّها تصدّاها عمرو ابن العاص بتأمير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إيّاه وكان الفتح بيده ، وأما ما ذكره فليس بمنقول في الصّحاح ، بل اشتمل على المناكير ، فإنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كيف يجوز أن يدّعي الوهيّة عليّ ، والمفهوم من هذا الخبر أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يريد أن يقول بالوهيّته ، ولكن خاف أن يعبده النّاس ، وهذا كلام غلاة الرفضة ، ولا ينبغي نقل هذا لمسلم فضلا عن فاضل «انتهى».

أقول

ما ذكره من أنّ الفتح كان بيد عمرو بن العاص ممّا لم يذكره البخاري في صحيحه ، فيكون كاذبا في هذا ، ثم قول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما خاف معه من النّاس ، اعتقاد الوهيّته ، لا يستلزم ادّعاءه لالوهيّته كما توهّمه هذا النّاصب الأعوج (١) الأهوج الرّجس المارد (٢) ، المتكلم بكلّ سخيف بارد ، بل يكفي في ذلك كشفه صلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا خفى من فضائل علي عليه‌السلام وكمالاته وقدرته بتأييد الله تعالى على خوارق العادات التي هي دليل قربه إلى الله تعالى وكمال عنايته إليه وتأييده له وكيف يفهم ذلك غير فهم وذو عوج مع قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله. لو لا ان أشفق أى : أخاف أن يقول فيك إلخ وكيف تجتمع إرادته صلى‌الله‌عليه‌وآله لأن يقول بالوهيّته مع خوفه من عبادة النّاس له ، ثم كيف ينكر الحديث ويحكم باشتماله على المناكير ، مع انّ الشافعيّ إمام هذا

__________________

(١) في القاموس الأعوج السيئ الخلق والهوج محركة طول في حمق وطيش ونسرع.

(٢) يقال مرد اقدم وعتا.

٣٤٥

النّاصب قد نظم (١) مضمون هذا الحديث في مدحه المتواتر المشهور حيث قال :

شعر :

لو أنّ المرتضى أبدى محلّه

لأضحى النّاس طرا سجّدا له

كفى في فضل مولانا عليّ

وقوع الشّك فيه أنه الله

وقال ابو نواس (٢)

__________________

(١) قد صرح به المحدث الشهير المير محمد صالح الكشفى الحنفي الترمذي في كتابه المسمى بمناقب مرتضوى (ص ١٥ ط بمبئى بمطبعة المحمدي) ثم انه قد نقل بيتا آخر في ذيلهما وهو

ومات الشافعي وليس يدرى

على ربه أم ربه الله

(٢) هو أبو نواس حسن بن هاني بن عبد الاول بن صباح الحكمي الولاء البصري الولادة البغدادي الاقامة ، من مشاهير الشعراء والأدباء ومن المجاهرين بحب آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكى عن الجاحظ أنه كان يقول : ان أبا نواس من أعلم الناس باللغة وعن ابن نوبخت أنه كان يقول لم أر أحفظ من أبى نواس ولا أوسع علما منه إلخ وله قصائد واشعار رائقة في مديح مولانا الرضا عليه‌السلام منها هذه :

قيل لي أنت أو حد الناس طرا

إذ تفوهت بالكلام البديه

لك من جوهر الكلام بديع

يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلى ما تركت مدح ابن موسى

والخصال التي تجمعن فيه

قلت لا أستطيع مدح امام

كان جبريل خادما لأبيه

قصرت ألسن الفصاحة عنه

ولهذا القريض لا يحتويه

إلخ وبالجملة الرجل من مفاخر العرب علما وأدبا ومن أجلاء الشيعة ، ولد سنة ١٣٦ وقيل سنة ١٣٩ وقيل ١٤٠ وقيل ١٤١ وقيل ١٤٥ بالبصرة أو الأهواز.

توفى ببغداد سنة ١٩٥ وقيل ١٩٦ وقيل ١٩٨ وقيل ١٩٩ وقيل ٢٠٠ ودفن بالمقبرة

٣٤٦

شعر :

لا تحسبني هويت الطهر حيدرة

بفضله وعلاه في ذوي النّسب

ولا شجاعته في يوم معركة

ولا التلذذ في الجنّات من إرب

ولا التبرّد من نار الجحيم ولا

رجوت إنّ ليوم الحشر يشفع لي

لكن عرفت هو السرّ الخفيّ وإن

أبحته خلّلوا قتلى وكفّر بي

يصدّهم عنه داء لا دواء له

كالمسك يعرض عنه صاحب الكلب

قال المصنّف رفع الله درجته

الثامنة والثلاثون قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١) المؤمن عليّ ، والفاسق الوليد نقله الجمهور (٢) «انتهى»

__________________

الشونيزية فراجع الريحانة (ج ٥ ص ١٨٨ طبع طهران) ولله در سيدنا آية الله المحسن الامين الحسيني حشره الله مع أجداده الميامين في تأليفه كتابا حافلا حول أبى نواس وأنهى البحث وأسهب ونقب فليراجع اليه وإلى كتابه النفيس (أعيان الشيعة) ثم ديوان أبى نواس من الدواوين الشهيرة وله شروح وتعاليق وطبع مرات بمصر وغيره.

(١) السجدة. الآية ١٨.

(٢) الرواية مذكورة في كتب القوم وصحاحهم ونقلها جم غفير من أعلام القوم وحملة آثارهم ونحن نشير إلى بعض منهم حسب ما وقفنا عليه حال التحرير فنقول :

«منهم» الحافظ أحمد في الفضائل (ص ١٣٦ مخطوط تظن كتابتها في المائة السادسة)

حدثنا ابراهيم ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس : أن الوليد بن عقبة قال لعلى عليه‌السلام ألست أبسط منك لسانا وإملاء منك ، حشوا ، فانزل الله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)

«ومنهم» الحافظ أبو نعيم في كتاب «ما نزل من القرآن في على» (كما في

٣٤٧

__________________

البحار ج ٩ ص ٦٦ ط الكمباني)

روى عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال : ذكر وليد بن عقبة عليا عليه‌السلام عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما يكره ، فقال : أنا أحد منه سنانا وإملاء لكتيبة غناء ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) وروى عن محمد بن المظفر عن أحمد بن ابراهيم عن الربيع بن سلمان عن عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس في قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ) ، الآية قال ابن عباس رضى الله عنه : أما المؤمن فعلى بن أبي طالب وأما الفاسق فعقبة بن معيط.

وروى عن ابن حيان عن عبد الله بن محمد عن إسحاق بن الفيض عن سلمة بن حفص عن سفيان الجريري عن حبيب بن ابى العالية عن عكرمة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في على بن أبي طالب والوليد بن عقبة.

وروى بإسناد آخر عن حبيب مثله.

وروى عن عبد الله بن محمد بن جعفر عن إسحاق بن بنان عن حبيش بن مبشر عن عبيد الله ابن موسى عن ابن أبى ليلى عن الحكم عن ابن جبير عن ابن عباس بعين ما رواه الكلبي ونقلناه فيما مر

وروى عن الحسن بن إسحاق بن ابراهيم عن أحمد بن محمد بن أبى بكر عن أبى حاتم عن أبى عبيدة معمر بن مثنى عن يونس بن حبيب قال : سألت أبا عمرو عن تلخيص الآى المكي والمدني من القرآن ، فقال أبو عمرو : سألت مجاهدا كما سألتنى ، فقال : سألت ابن عباس فقال : (الم) السجدة نزلت بمكة الا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وذلك أنه شجر بين على والوليد كلام إلى أن قال : فانزل الله هذه الآية : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً)

«ومنهم» العلامة الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن أحمد المعروف بابن العربي المعافري الأندلسي المالكي المتوفى سنة ٥٤٢

٣٤٨

__________________

أورد في كتاب أحكام القرآن (ج ٢ ص ١٥٣ ط مطبعة السعادة بمصر) في تفسير الآية الشريفة مسألتين : المسألة الاولى فيمن نزلت ، وقد روى أنها نزلت في على بن أبي طالب المؤمن وفي عقبة بن أبى معيط الكافر ، إلى آخر الرواية.

«ومنهم» العلامة البغوي في تفسيره المطبوع بهامش تفسير الخازن (ج ٥ ص ١٨٧ ط مصر) قال : نزلت في على بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن معيط أخي عثمان لامه وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شيء فقال الوليد بن عقبة لعلى اسكت فإنك صبي وانا والله أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأشجع منك جنانا ، الرواية.

«ومنهم» العلامة الطبري» في تفسيره (ج ٢١ ص ٦١ الميمنية بمصر)

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة بن الفضيل ، قال ثنا ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار ، قال : نزلت بالمدينة في على بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبى معيط ، كان بين الوليد وبين على كلام فقال الوليد بن عقبة : أنا أبسط منك لسانا وأرد منك كتيبة ، فقال على : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله فيهما : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال لا والله ما استووا في الدنيا ولا عند الموت ولا في الآخرة.

«ومنهم» العلامة الگنجى الشافعي في كفاية الطالب (ص ٥٤ ط الغرى) أورد اصحاب السير أن الوليد بن عقبة قال لعلى أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا أحد منك سنانا وأسلط منك لسانا وإملاء منك حشوا لكتيبة ، فقال له على عليه‌السلام : اسكت فإنما أنت فاسق فغضب الوليد من ذلك وشكا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنزل : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ، يعنى بالفاسق الوليد بن عقبة.

فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك.

انزل الله والكتاب عزيز

في على وفي الوليد قرانا

فتبوء الوليد من ذلك فسقا

وعلى مبوأ ايمانا

ليس من كان مؤمنا عرف الله

(كَمَنْ كانَ فاسِقاً) خوانا

٣٤٩

__________________

فعلى يجزى هناك نعيما

ووليد يجزى هناك هوانا

سوف يجزى الوليد خزيا ونارا

وعلى لا شك يجزى جنانا

«ومنهم» العلامة محب الدين الطبري في ذخائر العقبى (ص ٨٨ ط مصر سنة ١٣٥٦)

أخرج الحافظ السلفي عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في على بن أبي طالب والوليد بن عقبة لأمر بينهما.

«ومنهم» العلامة الخازن في تفسيره (ج ٥ ص ١٨٧ ط مصر) قال : ان الآية الشريفة نزلت في على بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن ابى معيط كان بينهما تنازع وكلام في شيء فقال الوليد لعلى : اسكت فإنك صبي وأنا شيخ وانى أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأشجع جنانا وإملاء منك حشوا في الكتيبة ، فقال له على اسكت فإنك إلى آخر ما تقدم وأنزل الله هذه الآية.

«ومنهم» العلامة غياث الدين بن همام المعروف بخواند مير في حبيب السير (ج ٢ ص ١٢ ط الحيدرى بطهران).

أورد جماعة كثيرة من المفسرين أنه قال الوليد لعلى ع : انا أبسط منك لسانا فساق الكلام بنحو ما تقدم فذكر نزول قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) فالمؤمن على والفاسق الوليد.

و «منهم» العلامة ابن كثير في تفسيره (ج ٣ ص ٤٦٢ ط مصطفى محمد بمصر) ذكر عطاء بن يسار والسدى وغيرهما : أنها نزلت في على بن أبي طالب والوليد بن عقبة ابن أبى معيط.

«ومنهم» العلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة (ص ٢٠٧ ط النجف) أورد أن الوليد قال يوما لعلى ع ألست أبسط منك لسانا وأحد سنانا ، فنزلت : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ).

«ومنهم» العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي

٣٥٠

__________________

المتوفى سنة ٦٧١ ، أورد في تفسيره المشهور (الجامع لأحكام القرآن ج ١٤ ص ١٠٥ ط القاهرة ١٣٥٧ ه‍) رواية في ذيل الآية عن الزجاج والنحاس أنها نزلت في على وعقبة بن أبى معيط إلى آخر ما قدمناه.

ومنهم العلامة الأديب الشهير بأبى حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة ٧٥٤ أورد في تفسير بحر المحيط (ج ٧ ص ٢٠٣ ط مطبعة السعادة بمصر) عن ابن عباس وعطاء : نزلت في على والوليد بن عقبة بنحو ما تقدم ، وقال الزجاج والنحاس : نزلت في على وعقبة بن أبى معيط.

«ومنهم» العلامة المير محمد صالح الترمذي الكشفى في مناقب مرتضوى (ص ٣٦ ط بمبئى مطبعة المحمدي).

روى عن كشاف وأسباب النزول وبحر المناقب اتفاق جمهور المفسرين في نزولها في على ووليد بن عقبة بعين المضمون المتقدم.

«ومنهم» العلامة الشوكانى في تفسيره «فتح القدير» (ج ٤ ص ٢٤٧ ط مصطفى الحلبي بمصر) أخرج ابو الفرج الاصبهانى في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدى وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضى الله عنه قال قال الوليد بن عقبة لعلى بن أبي طالب رضى الله عنه : أنا احد منك سنانا وأبسط منك لسانا وإملاء للكتيبة منك فقال له على رضى الله عنه اسكت فإنما أنت فاسق فنزلت (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ، يعنى بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد بن عقبة بن ابى معط قال كان بين الوليد وبين على كلام فقال الوليد بن عقبة أنا أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأرد منك للكتيبة فقال على رضى الله عنه اسكت فإنك فاسق فأنزل الله (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) الآيات كلها.

واخرج ابن ابى حاتم عن السدى رضى الله عنه مثله.

وأخرج ابن ابى حاتم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى رضى الله عنه في قوله (أَفَمَنْ كانَ

٣٥١

قال النّاصب خفضه الله

أقول : جاء في هذا تفاسير أهل السّنة ، والآية نازلة في عليّ كرّم الله وجهه وهو من فضائله التي لا تحصى «انتهى».

أقول

بل الآية دالة على أفضليّته وأولويّته للإمامة ، لعدم استواء الفاسق وغير الفاسق عند الله تعالى ، والثّلاثة المتقمّصون للخلافة كانوا فاسقين ظالمين كافرين قبل الإسلام اتّفاقا ، فلا يكونون مستحقّين للخلافة ، وقد بيّنا سابقا أنّ الخلافة والإمامة لا تجتمع مع صدور الظلم سابقا (١) أيضا فتذكر.

قال المصنّف رفع الله درجته

التاسعة والثلاثون قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ) (٢) منه ، روى الجمهور(٣) أنّ (فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والشّاهد علي عليه‌السلام «انتهى»

__________________

مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال نزلت في على بن أبي طالب رضى الله عنه والوليد بن عقبة.

وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) قال أما المؤمن فعلى بن أبي طالب رضى الله عنه واما الفاسق فعقبة بن ابى معيط وذلك لسباب كان بينهما فأنزل الله ذلك

(١) كما بينه قدس‌سره في مبحث عصمة الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام وذكرنا هناك ما يسفر عن وجه الحق ويجلى الظلام وأيدنا كلامه (ره) بكلمات المحققين من علماء الأصول فراجع.

(٢) هود ، الآية ١٧

(٣) أورد هذه الرواية كثير من حفاظ القوم ونحن نشير إلى بعض من وقفنا عليه حال

٣٥٢

__________________

التحرير فنقول :

«منهم» ابو إسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة ٤٢٦ وقيل ٤٢٧ وقيل ٤٣٧ (مخطوط وتاريخ كتابتها يقرب من سنة خمسمائة قريبة من عصر المؤلف)

أخبرنى ابو عبد الله ، حدثنا القاضي ابو الميسر ، حدثنا ابو بكر السبيعي ، حدثنا محمد ابن على الدهان والحسن بن ابراهيم الجصاص قالا أخبرنا الحسين بن الحاكم ، حدثنا الحسين بن الحسن النصيبي عن حيان عن الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) رسول الله (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) على خاصة

وبه عن السبيعي ، قال : حدثنا على بن ابراهيم بن محمد العلوي عن الحسن بن الحكم ، حدثنا اسماعيل بن صبيح حدثنا أبو الجارود عن حبيب بن جبار عن زاذان ، قال : سمعته يقول : والذي فلق الحبة وبرء النسمة لو نشرت لي وسادة فأجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين اهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم والذي فلق الحبة وبرء النسمة ما من قرشي جرت عليه المواسى الا وانا أعرف له بسوقه إلى الجنة او بقوده إلى النار ، فقام رجل فقال ما آيتك يا أمير المؤمنين التي نزلت فيك؟ قال : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ورسول الله (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وأنا (شاهِدٌ مِنْهُ)

وبه عن السبيعي قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الحمداني قال : حدثني الحسين ابن على بن بزيع ، قال : حدثني حفص النوا حدثنا صباح مولى محارب عن جابر بن عبد الله ، قال : قال على بن أبي طالب : ما من رجل من قريش الا وقد نزلت فيه الآية والآيتان فقال له رجل وأى آية نزلت فيك؟ فقال على : أما تقرأ الآية التي في هود (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ).

«ومنهم» العلامة البغوي في تفسيره «معالم التنزيل» المطبوع بهامش تفسير الخازن (ج ٣ ص ١٨٣ ط مصر) قال : المراد على بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه

٣٥٣

__________________

قال على ما من رجل من قريش الا وقد نزلت ، الرواية.

«ومنهم» العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره (ج ١٧ ص ٢٠١ ط البهية بمصر)

أورد عن بعض ان المراد هو على بن أبي طالب.

«ومنهم» العلامة الطبري في تفسيره (ج ١٢ ص ١٠ ط الميمنية بمصر)

حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : ثنا زريق بن مرزوق ، قال : ثنا صاحب الفراء عن جابر عن عبد الله بن يحيى ، قال : قال على رضى الله عنه : ما من رجل من قريش الا وقد نزلت فيه الآية والآيتان ، فقال له رجل : فأنت فأى شيء نزل فيك؟ فقال على : أما تقرأ الآية التي نزلت في هود ، (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ).

«ومنهم» العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى سنة ٦٧١ ، أورد في تفسير الآية الشريفة أنه على بن أبي طالب عليه‌السلام عن ابن عباس وروى عن على أنه لما سئل عن أى آية نزلت فيه ، فقال : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ). الجامع لأحكام القرآن (ج ٩ ص ١٦ ط القاهرة)

«ومنهم» العلامة سبط ابن الجوزي «في التذكرة» (ص ٢٠ ط النجف)

ذكر الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس انه على (ع) ومعنى (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) انه أقرب الناس إلى رسول الله.

وذكر الثعلبي أيضا بإسناده إلى على عليه‌السلام من رواية زاذان قال سمعته يقول والذي فلق الحبة وبرء النسمة لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والذي نفسي بيده ما من رجل من قريش جرت عليه المواسى الا وأنا اعرف له آية تسوقه إلى الجنة او تقوده إلى النار ، فقال له رجل يا امير المؤمنين فما آيتك التي أنزلت فيك؟ فقال : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) فرسول الله (عَلى بَيِّنَةٍ) وأنا (شاهِدٌ مِنْهُ).

٣٥٤

__________________

«ومنهم» العلامة الگنجى في كفاية الطالب (ص ١١٠ ط الغرى)

أخبرنا عبد العزيز بن بركات الخشوعي بمسجد الربوة من غوطة دمشق ، أخبرنا على بن الحسين بن هبة الله الشافعي المورخ ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أخبرنا سعيد بن أحمد بن محمد ، أخبرنا أبو بكر الجوزقى ، أخبرنا عمر بن الحسن بن على ، حدثنا احمد بن الحسن الخزاز ، حدثنا أبي ، حدثنا حصين بن مخارق عن ضمرة عن عطاء عن ابى إسحاق عن الحرث عن على عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : على (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وانا الشاهد منه.

«ومنهم» العلامة النيشابوري في تفسيره (ج ١٢ ص ١٦ بهامش تفسير الطبري) أو شاهد هو بعض محمد يعنى على بن أبي طالب رضى الله عنه.

«ومنهم» العلامة الخازن في تفسيره (ج ٣ ص ١٨٣ ط مصر)

وقال جابر بن عبد الله قال على بن أبي طالب ما من رجل من قريش الا وقد نزلت فيه الآية والآيتان إلخ.

«ومنهم» صاحب فتح البيان (على ما في فلك النجاة ص ٤٦١ ط لاهور)

روى عن على عليه‌السلام : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ) على.

«ومنهم» العلامة الأديب الشهير بأبى حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة ٧٥٤ حيث أورد نزول الآية الشريفة في حق على بن أبي طالب سلام الله عليه في تفسير بحر المحيط (ج ٥ ص ٢١١ مطبعة السعادة بمصر)

«ومنهم» العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج ٣ ص ٣٢٤ ط مصر) أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن على بن أبي طالب رضى الله عنه قال : ما من رجل من قريش الا نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل ما نزل فيك؟ قال : أما تقرأ سورة هود : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وأنا (شاهِدٌ مِنْهُ).

٣٥٥

__________________

وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن على رضى الله عنه ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أنا (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قال على.

«ومنهم» العلامة الآلوسى في روح المعاني (ج ١٢ ص ٢٥ ط المنيرية بمصر) أخرج ابن مردويه عن على كرم الله وجهه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أنا (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ) على.

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن على كرم الله وجهه قال : ما من رجل من قريش الا نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل ما نزل فيك؟ قال : أما تقرأ سورة هود (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا (شاهِدٌ مِنْهُ).

وأخرج المنهال عن عبادة بن عبد الله مثله.

«ومنهم» العلامة الشيخ سليمان القندوزى في ينابيع المودة (ص ٩٩ ط اسلامبول)

روى الحموينى في فرائد السمطين بسنده عن ابن عباس وبسنده عن زاذان هما عن على كرم الله وجهه قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وأنا التالي الشاهد منه.

وروى الحموينى أيضا بسنده عن جابر بن عبد الله وبسنده عن البختري هما عن على بلفظه.

وروى موفق بن أحمد بسنده عن ابن عباس الحديث.

وروى أبو نعيم والثعلبي والواقدي أخرجوه بأسانيدهم عن ابن عباس وزاذان وجابر كلهم عن على كرم الله وجهه الحديث.

وروى ابن المغازلي بسنده عن عباد بن عبد الله قال : سمعت عليا كرم الله وجهه في خطبته ما نزلت آية من كتاب الله فذكر الحديث بنحو ما تقدم.

وروى عن زين العابدين والباقر والصادق عليهم‌السلام ذكروا الحديث.

وروى ان الحسن بن على عليهما‌السلام ذكر هذه الآية وفسرها بمثل ما تقدم في خطبته.

٣٥٦

قال النّاصب خفضه الله

أقول : ليس هذا من تفاسير أهل السّنة وإن صحّ فهي كأخواتها كانت سهلة «انتهى»

أقول

ما نسب المصنّف روايته إلى الجمهور قد رواه (١) ابن جرير الطبري وذكره (٢) الثّعلبى ، وكذا الحافظ (٣) أبو نعيم بثلاثة طرق عن عبد الله (٤) بن الأسدى والفلكي (٥) المفسّر عن مجاهد (٦)

__________________

وفي (ص ٧٤) من ذلك الكتاب ، روى الحموينى بسنده عن زاذان قال : سمعت عليا رضى الله عنه ، فذكر الحديث بعين ما تقدم.

(١) قد مر النقل عنه في ذيل الآية.

(٢) قد مر النقل عنه في ذيل الآية الكريمة قبيل هذا فراجع.

(٣) قد مر النقل عنه بواسطة الينابيع في ذيل الآية الشريفة.

(٤) هو عبد الله بن عبد الله أبو عبد الرحمن الكوفي عن حصين بن عبد الرحمن وعنه محمد بن بشر قال أبو حاتم محله الصدق ويحتمل قويا ان يكون المراد به عبد الله بن عبد الله الأسدي الكوفي الزهري أبو محمد الفقيه المحدث الراوي المفسر المتوفى سنة ١٨٠ ويحتمل غيرهما

(٥) هو محمد بن موسى الفلكي الرياضي المفسر الخوارزمي أبو جعفر صاحب الكتب الشهيرة ككتاب استخراج تاريخ اليهود ، وكتاب الزيج الاول ، وكتاب الزيج الثاني وكتاب العمل في الأسطرلاب ، وكتاب صورة الأرض ، وكتاب الحساب وكتاب التفسير ، توفى سنة ٢٣٢ كما في الريحانة ج ١ ص ٤٢٦.

(٦) هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر بإسكان الموحدة مولى السائب بن أبي السائب المكي المقري المفسر عن ابن عباس وقرء عليه ، قال مجاهد : عرضت عليه ثلاثين مرة وام سلمة وأبي هريرة وجابر وعن عائشة وعنه عكرمة وعطاء وقتادة والحكم بن عتيبة وأيوب

٣٥٧

وعن عبد الله (١) بن شدّاد وغيرهم من قدماء أهل السّنة ، ومن المتأخرين فخر الدّين الرّازي في تفسيره (٢) الكبير حيث قال : قد ذكروا في تفسير الشّاهد وجوها أحدها أنّه جبرئيل يقرأ القرآن على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وثانيها أنّ ذلك الشّاهد لسان محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وثالثها أنّ المراد هو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والمعنى أنّه يتلو تلك البيّنة وقوله : منه أى هذا الشّاهد من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبعض منه والمراد منه تشريف هذا الشّاهد بأنّه بعض من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم «انتهى» ولا ريب أنّ شاهد النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على امّته يكون أعدل الخلائق سيّما إذا تشرف بكونه بعضا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله كما ذكره الرّازي فكيف يتقدّم عليه غيره؟ مع كون ذلك الشّاهد من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ «من» ، هاهنا لتبيين الجنس ، فيؤذن بأنّ عليّ بن أبي طالب من جنس الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وقوله : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ، فيه بيان لكون علي عليه‌السلام تالي الرّسول من غير فصل بينهما بتالي آخر ، فمن جعله تاليا بعد ثلاثة فعليه الدّلالة ، لأنّ التّالى هو من يلي غيره على أثره من غير فصل بينهما ، ولو لم يرد تفسير هذه

__________________

وخلق ، وثقه ابن معين وأبو زرعة ، قال ابن حبان : مات سنة ١٠٢ وقيل ١٠٣ بمكة ومولده سنة ٢١ كذا في الخلاصة للخزرجى ص ٣١٥ طبع القاهرة.

(١) هو عبد الله بن شداد بن الهاد واسمه أسامة الليثي أبو الوليد المدني عن أبيه وعمر وعلى ومعاذ وعنه محمد بن كعب ومنصور والحكم ابن عتيبة وثقه النسائي وابن سعد إلى ان قال : قال الواحدي : قتل يوم دجيل سنة ٨١ وقال الثوري فقد في الجماجم سنة ٨٣ انتهى ، وفي التهذيب انه هلك ابن أبي ليلى وابن شداد في الجماجم اقتحم بهما فرساهما الماء فذهبا انتهى ، ويحتمل ان يكون المراد به عبد الله بن شداد الأعرج أبا الحسن المدني الراوي عن أبي عذرة وعنه الثوري قال ابن معين ليس به بأس كما في الخلاصة للخزرجى ص ١٧٠ طبع القاهرة.

(٢) قد مر النقل عنه قبيل هذا في ذيل الآية الكريمة فراجع.

٣٥٨

الآية بأنّ الشّاهد هو عليّ عليه‌السلام لدلت عليه بمعونة قول الرّسول (١) أنت منّى وأنا منك ، فانّه لم يقل هذا لأحد سواه ، فظهر اختصاصه بذلك دون غيره.

قال المصنّف رفع الله درجته

الأربعون : قوله تعالى : (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) (٢) ، قال الحسن البصري (٣): استوى الإسلام بسيف عليّ عليه‌السلام «انتهى».

قال النّاصب خفضه الله

أقول : جاء في التّفسير أنّ هذه نزلت في الخلفاء الأربع كزرع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) كما في ينابيع المودة بطرق متعددة (ج ١ ص ٥٢ ط العرفان) ومسند أحمد (ج ٤ ص ١٦٤ و ١٦٥ ط القديم بمصر) وهكذا من ذلك المسند (ج ١ ص ٩٨ وج ٤ ص ٤٣٨ وج ٥ ص ٣٥٦ و ٢٠٤) والصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمى (ص ٧٣ ط القديم) وتاريخ بغداد (ج ٤ ص ١٤٠ ط مصر)

(٢) الفتح. الآية ٤٨.

(٣) ونحن نذكر مضافا إلى قول المصنف (قده) أسماء بعض من أعلام القوم الذين أوردوا رواية دالة على أن المراد ب (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) على بن أبي طالب عليه‌السلام فنقول :

«منهم» العلامة الزمخشرىّ في الكشاف (ج ٣ ص ٤٦٩ ط مصر)

روى عن عكرمة أن المراد ب (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) بعلى عليه‌السلام

«ومنهم» العلامة النيسابوري في تفسيره (ج ٢٦ ص ٦٤ المطبوع بهامش الطبري ط الميمنية بمصر)

عن عكرمة : (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) ، بعلى

وذهب بعض المفسرين : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) ، على عليه‌السلام

«ومنهم» العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج ٦ ص ٨٣ ط مصر) في

٣٥٩

أخرج شطأه أبو بكر فآذره عمر ، فاستغلظ عثمان ، (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) علي كرم الله وجهه وهو من فضائله الكبيرة ولا يدلّ على النّص «انتهى»

أقول

الرّواية المفصّلة التي ذكرها النّاصب قد رواها النيشابوري (١) عن عكرمة ولعلّ التفصيل أيضا كان مذكورا فيما رواه المصنّف عن الحسن ، لكن قد اقتصر على بعضها الذي كان دليلا إلزاميّا وموافقا لما روى من طريق الاماميّة ، وترك البعض الآخر منها ، لعدم مدخليّته في غرضه بل لعدم اعتقاده لصحّته كما أشرنا إليه ثم الرّواية دالة على الأفضليّة لا على مجرّد الفضيلة كما توهمه النّاصب ، لأنّه إذا كان استواء دين الإسلام على ساقه بعليّ عليه‌السلام وتقويته دون غيره كان أفضل من غيره.

قال المصنّف رفع درجته الله

الحادية والأربعون قوله تعالى (يُسْقى بِماءٍ (٢) واحِدٍ) ، قال جابر الأنصاري : (٣) سمعت

__________________

حديث طويل عن ابن جرير وابن المنذر أن المراد من (عَلى سُوقِهِ) على عليه‌السلام وفي حديث طويل عن ابن مردويه والقلظى وأحمد بن محمد الزهري والشيرازي (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) أى بعلى.

«ومنهم» العلامة الآلوسى في تفسيره «روح المعاني» (ج ١٦ ص ١١٧ ط المنيرية بمصر) عن عكرمة قال : (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) ، بعلى رضى الله عنه.

(١) فراجع تفسير النيسابوري المطبوع بهامش تفسير الطبري (ج ٢٦ ص ٦٣ ط مصر)

(٢) الرعد. الآية ٣

(٣) رواه عدة من أعلام القوم ونحن نشير إلى بعض منهم فنقول :

«منهم» العلامة جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء (ص ١١٦ ط لاهور)

٣٦٠