إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

__________________

ثم سلمان هو أبو عبد الله الصحابي الشهير ، يعرف بسلمان الخير تارة ، وسلمان المحمدي أخرى ، وسلمان ابن الإسلام ثالثة ، والفارسي رابعا أمره في الجلالة زهدا وورعا وعلما وفهما وثقة فوق ان تحوم حوله عبارة أمثالي ، والروايات في فضائله من طرق الفريقين كثيرة ، قال الحافظ أبو نعيم في حقه في الحلية (ج ١ ص ١٨٥ طبع مصر) الكادح الذي لا يبرح ، والزاخر الذي لا ينزح ، الحاكم الحكيم العابد العليم ، ابن الإسلام ، رافع الالوية والاعلام ، إلخ ، ولو لم يكن في حقه الا اختصاصه بأهل البيت عليهم‌السلام وانسلاكه فيهم لكفاه شرفا وفخرا ونبلا.

وأصله من فارس وتزوج من كنده ، وله عقب مبارك فيهم العلماء والمحدثون ،

أورد العلامة البحاثة الشيخ منتجب الدين بن بابويه أسماء بعضهم في الفهرست وبعضهم مذكورون في كتب الرجال فليراجع.

توفى على الأصح (سنة ٣٦) وقبره بالمدائن مشهور يقصد للتبرك ، وألف شيخ مشايخنا ثقة الإسلام الآية النوري كتابه نفس الرحمن في سيرته وفضائله ومن احسن المراجع في هذا الشأن كتاب الرجال لأستاذى العلامة المجهول قدره آية الله الحاج الشيخ عبد الله المامقاني قدس‌سره القدوسي ، وكذلك المحب الطبري جمع في سيرته وكلماته كتابا حافلا وذكر ابو نعيم في الحلية (ج ١ ص ١٥٨ إلى ص ٢٠٨) ترجمة كافلة له فليراجع ، وشهرة أمره تغنينا عن التصدي لذكر ترجمته.

يروى عنه جماعة منهم ابنا عباس وعمر وانس وأبو الطفيل وأبو عثمان النهدي وشرحبيل بن السمط : قال الخزرجي في الخلاصة ص ١٢٥ : انه كان أميرا على ثلاثين ألفا يخطب بهم في عباءة يفترش نصفها ويلبس نصفها ؛ وكان يأكل من سعف يده إلى أن قال : قال أبو عبيدة توفى سنة ٣٦ عن ٣٥٠ سنة انتهى وفي التهذيب عن جعفر بن أحمد بن فارس قال : سمعت العباس بن يزيد يقول لمحمد بن النعمان يقول اهل العلم عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة. فاما مأتين وخمسين سنه فلا يشكون فيه ، قال أبو نعيم

٢٠١

سكن مداين وتزوج هناك من بني كندة وحصل له أولاد كانوا في خدمة أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض حروبه فكان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا لاحظ أن حسن صنيع الأبناء يكون من زكاء طينة الأب نسب فعل الأبناء إليه رضي‌الله‌عنه ، قال الشّيخ (١) الموحّد محيي الدين العربي في الفتوحات المكّية : ولما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عبدا محضا قد طهّره الله وأهل بيته تطهيرا وأذهب عنهم الرّجس ، وهو كلّ ما يشينهم ، فان الرّجس هو القذر عند العرب هكذا حكى الفرّاء ، قال تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، فلا يضاف إليهم الّا مطهر ، ولا بدّ أن يكون كذلك ، فانّ المضاف إليهم هو الذي يشبههم ، فما يضيفون لأنفسهم إلّا من له حكم الطهارة والتّقديس ، فهذه شهادة من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث قال (٢) فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سلمان منّا أهل البيت ، وشهد الله لهم بالتّطهير وذهاب الرّجس عنهم ، وإذا كان لا ينضاف إليهم إلّا مطهّر مقدّس وحصلت العناية الالهيّة بمجرّد الاضافة ، فما ظنّك بأهل البيت في نفوسهم ، فهم المطهّرون بل هم عين الطهارة ، ثم قال : وهم المطهرون بالنصّ

__________________

كان من المعمرين ، قيل انه أدرك وصى عيسى بن مريم واعطى العلم الاول والآخر وقرء الكتابين مات بالمدائن انتهى.

(١) قد مرت ترجمته (ج ٢ ص ٢٢٢) فراجع

(٢) في الخلاصة للخزرجى (ص ٢٢٥) قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سلمان منا أهل البيت ان الله يحب من أصحابى أربعة : على وأبو ذر وسلمان والمقداد أخرجه (ت ق) وروى الحافظ الأندلسي في الاستيعاب (ج ٢ ص ٥٥٧ طبع حيدرآباد) عن ابى البختري عن على رضى الله عنه أنه سئل عن سلمان فقال : علم العلم الاول والآخر بحر لا ينزف وهو منا أهل البيت.

٢٠٢

فسلمان منهم بلا شك ، وأرجو أن يكون عقب علي (١) وسلمان يلحقهم هذه العناية كما لحقت أولاد الحسن والحسين وعقبهم وموالي أهل البيت ، فانّ رحمة الله واسعة ، ثم قال : فما ظنّك بالمعصومين المحفوظين منهم القائمين بحدود سرّهم الواقفين عند مراسمه ، فشرفهم أعلى وأتمّ وهؤلاء هم أقطاب هذا المقام ، ومن هؤلاء الاقطاب ورث سلمان شرف مقام أهل البيت فكان رضى الله عنه من أعلم النّاس بما لله على عباده من الحقوق وما لأنفسهم والخلف عليهم من الحقوق وأقواهم على أدائها وفيه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢): لو كان الايمان بالثّريّا لناله رجال من فارس وأشار إلى سلمان الفارسي «انتهى» ومن اللطائف قوله عليه‌السلام لأبي موسى : هم قوم هذا، ولم يدخله في هذا الحكم ، لعلمه عليه‌السلام لسوء عاقبته وانحرافه عن عليّ عليه‌السلام ، لكن جماعة من أكابر أهل اليمن وأشرافهم وأفرادهم الذين يعد كلّ واحد منهم بألف قبيلة كانوا من شيعته عليه‌السلام ومن جملتهم طائفة همدان بأسرهم واويس القرني (٣) الذي

__________________

(١) أى عقب على عليه‌السلام من غير فاطمة وهم بنو على بقرينة قوله : كما لحقت أولاد الحسن والحسين من بنى فاطمة عليهم‌السلام. منه (قده)

(٢) رواه كثير من المحدثين.

«منهم» الحافظ أبو نعيم الاصبهانى في الحلية (ج ٦ ص ٦٤ طبع مصر) حيث قال : حدثنا أبو بكر ، ثنا الحارث ، ثنا هودة ، ثنا عوف عن شهر قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو كان العلم منوطا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس رواه يزيد بن زريع وأبو عاصم عن عوف مثله إلخ.

وروى الحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب (ج ٢ ص ٥٥٧ طبع حيدرآباد) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم انه قال : لو كان الدين عند الثريا لناله سلمان إلخ.

(٣) هو اويس بن عامر وقيل اويس بن أنيس القرني المرادي من أكابر التابعين والزهاد الثمانية وقد عبر عنه بعض السلف بسيد التابعين ، وكان من حوارى مولانا أمير المؤمنين

٢٠٣

شهد بين يديه عليه‌السلام في وقعة صفين رضوان الله عليه وقوله (١) عليه‌السلام لسلمان رضى الله عنه : هذا وذووه فجعل قومه تبعا له في هذا الحكم وعبّر عن قومه بذويه إشارة إلى أنّ من اتّصف به من معرفة الولاية ومتابعة من فرض الله متابعة ، فهو منه وداخل تحت هذا الحكم وإلّا فلا هذا. وقد ذكر فخر الدّين الرّازى (٢) القول بنزول الآية في شأن علي عليه‌السلام أيضا لكن حيث أبرق وأرعد على الاماميّة بالتشكيكات النّاشية عن العصبيّة رأينا أن نذكر كلامه مع ما يتوجّه عليها من الشّناعة والملام صيانة للنّاظرين القاصرين عن الوقوع في مواقع الشّكوك والأوهام فنقول : قال : وقال قوم إنها نزلت في عليّ عليه‌السلام ، ويدلّ عليه وجهان الاول : انّه عليه‌السلام لمّا دفع الرّاية إلى عليّ عليه‌السلام يوم خيبر قال : لأدفعنّ الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله

__________________

خصيصا به ، قتل بين يديه سنة ٣٧ وقيل ٣٩ وقد رويت في فضائله عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أحاديث نقلها مؤلفوا الرجال والسير والتراجم.

ثم المرادي نسبة إلى مراد قبيلة باليمن وهم من أعقاب مراد بن مذحج او مراد بن مالك ومن نسبه إلى مراد محل بالأندلس فقد وهم.

والقرني بفتح القاب والراء المهملة نسبة إلى (قرن) بطن من مراد. ومن زعم سكون الراء المهملة وانه منسوب إلى قرن المنازل الذي هو من المواقيت فقد أخطأ.

ثم ان بأطراف (جرفادقان) بيت ينتمون إلى اويس القرني ومنهم فضيلة العالم النبيل ثقة الإسلام مبلغ الأنام بمواعظه الشافية الحاج الشيخ على القرني الجرفادقاني نزيل بلدة قم المشرفة ادام الله توفيقاته. وبنواحي خراسان والهند وسوريا وغيرها طوائف قرانية ينتمون إلى اويس وفيهم العلماء والأدباء ، بل توجد في كتب التراجم عدة من رجال العلم ينتهى نسبهم اليه فراجع.

(١) كما في تفسير الرازي (ج ١٢ ص ٢٠ الطبع الجديد بمصر).

(٢) في (ج ١٢ ص ٢٠ الطبع الجديد).

٢٠٤

ويحبه الله ورسوله وهذا هو الصفة المذكورة في الآية ، والوجه الثاني أنه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ، وهذه الآية في حقّ عليّ عليه‌السلام ، فكان الأولى جعل ما قبلها أيضا في حقه فهذه جملة الأقوال في هذه الآية ، ولنا في هذه الآية مقامات ، الاول أنّ هذه الآية من أدّل الدّلائل على فساد مذهب الاماميّة من الرّوافض ، وتقريره : أنّ مذهبهم أنّ الذين أقرّوا بخلافة أبى بكر وإمامته كلهم كفروا وصاروا مرتدين ، لأنّهم أنكروا النصّ الجلي على إمامة عليّ بن أبي طالب ، فنقول : لو كان كذلك لجاء الله تعالى بقوم يحاربهم ويقهرهم ويردّهم إلى الدّين الحقّ بدليل قوله تعالى : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ) إلى آخر الآية وكلمة (من) في معرض الشرط للعموم ، فهي تدلّ على أنّ كلّ من صار مرتدّا عن دين الإسلام ، فانّ الله تعالى يأتي بقوم يقهرهم ويبطل شوكتهم ، فلو كان الذين نصبوا أبا بكر للخلافة كذلك لوجب بحكم الآية أن يأتي الله بقوم يقهرهم ويبطل مذهبهم ، ولمّا لم يكن الأمر كذلك ، بل الأمر بالضدّ ، فانّ الروافض هم المقهورون الممنوعون عن إظهار مقالاتهم الباطلة أبدا منذ كانوا علمنا فساد مقالاتهم ومذهبهم وهذا كلام ظاهر لمن أنصف

المقام الثاني أنا ندّعي : أنّ هذه الآية يجب أن يقال : إنّها نزلت في حقّ أبي بكر والدّليل عليه وجهان الاول أنّ هذه الآية مختصة بمحاربة المرتدين وأبو بكر هو الذي تولى محاربة المرتدين على ما شرحناه ، ولا يمكن أن يكون المراد هو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأنه لم يتفق له محاربة المرتدين ولأنه تعالى قال : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ) وهذا للاستقبال لا للحال ، فوجب أن يكون ذلك القوم غير موجودين في وقت نزول هذا الخطاب ، فان قيل : هذا لازم عليكم ، لأنّ أبا بكر كان موجودا في ذلك الوقت. قلنا : الجواب من وجهين الاول أنّ القوم الذين قاتلهم أبو بكر من أهل الردة كانوا موجودين في الحال. والثاني أن معنى الآية : أن الله تعالى سوف يأتي

٢٠٥

بقوم قادرين متمكّنين من هذا الحرب ، وأبو بكر وإن كان موجودا في ذلك الوقت إلا أنه ما كان مستقلا في ذلك الوقت بالحرب والأمر والنهى ، فزال السؤال ، فثبت أنه لا يمكن أن يكون المراد هو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا يمكن أيضا أن يكون المراد هو علي رضوان الله عليه ، لأن عليا رضى الله عنه لم يتفق له قتال مع أهل الردة فان قلت لا نسلم أنه لم يتفق له قتال مع أهل الردة ، لأن كل من نازعه في الامامة كان مرتدا ، قلنا : هذا باطل من وجهين : الاول أن اسم المرتد إنما يتناول من كان تاركا لشرائع الإسلام والقوم الذين نازعوا عليا عليه‌السلام ما كانوا كذلك في الظاهر وما كان أحد يقول إنه إنما يحاربهم لأجل أنهم خرجوا عن الإسلام ، وعلي عليه‌السلام لم يسمهم بالمرتدين ، فهذا الذي يقوله هؤلاء الروافض بهت على جميع المسلمين وعلى علي عليه‌السلام أيضا الثاني لو كان كل من نازعه في الامامة كان مرتدا لزم في أبي بكر وفي قومه أن يكونوا مرتدين ، ولو كان كذلك لوجب بحكم ظاهر الآية : أن يأتي الله بقوم يقهرونهم ويردونهم إلى الدين الصحيح ولما لم يوجد ذلك البتّة علمنا أن منازعة علي عليه‌السلام في الامامة لا تكون ردة وإذا لم تكن ردة لم يمكن حمل الآية على عليّ عليه‌السلام لأنها نازلة فيمن يحارب المرتدين ولا يمكن أيضا أن يقال : إنها نازلة في أهل اليمن أو في أهل فارس ، لأنه لم يتفق لهم محاربة مع المرتدين وبتقدير أن يقال ؛ اتفقت لهم هذه المحاربة ، لكنهم كانوا رعية وأتباعا وأذنابا ، فكان الرئيس الأمر المطاع في تلك الواقعة هو أبو بكر ، ومعلوم أن حمل الآية على من كان أصلا في هذه القيادة ورئيسا مطاعا فيها أولى من حملها على الرّعية والاتباع والأذناب ، فظهر بما ذكرنا من الدّليل الظاهر أنّ هذه الآية مختصة بأبي بكر الوجه الثاني في بيان أنّ الآية مختصّة بأبي بكر هو أنّا نقول : هب انّ عليّا عليه‌السلام كان قد حارب المرتدين ولكن محاربة أبي بكر مع المرتدين كانت أعلى حالا وأكثر موقعا في الإسلام من محاربة علي عليه‌السلام ، مع من خالفه في الامامة وذلك ، لأنّه علم بالتواتر أنّه

٢٠٦

صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا توفّى اضطربت الاعراب وتمرّدوا ، وأنّ أبا بكر هو الذي قهرهم ومسيلمة وطلحة (طليحة خ ل) وهو الذي حارب الطوائف السّبعة المرتدّين وهو الذي حارب مانعي الزّكاة ولمّا فعل ذلك استقرّ الإسلام وعظمت شوكته وانبسطت دولته اما لمّا انتهى الأمر إلى عليّ عليه‌السلام فكان الإسلام قد انبسط في الشرق والغرب وصار ملوك الدّنيا مقهورين وصار الإسلام مستوليا على جميع الأديان والملل ، فثبت أنّ محاربة أبي بكر أعظم تأثيرا في نصرة الإسلام وتقويته من محاربة عليّ عليه‌السلام ، ومعلوم أنّ المقصود من هذه الآية تعظيم قوم يسعون في تقوية الدّين ونصرة الإسلام ولما كان أبو بكر هو المتولي لذلك وجب أن يكون هو المراد بالآية.

المقام الثالث في هذه الآية وهو أنّا ندّعي دلالة هذه الآية على صحّة إمامة أبى بكر وذلك لأنه لما ثبت بما ذكرنا أنّ هذه الآية مختصة به فنقول : إنّه تعالى وصف الذين أرادهم بهذه الآية بصفات : أولها أنّه (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ، فلما ثبت أنّ المراد بهذه الآية هو أبو بكر ثبت أنّ قوله : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) وصف لأبي بكر ، ومن وصفه الله تعالى بذلك يمتنع أن يكون ظالما ، وذلك يدلّ على أنّه كان محقا في إمامته وثانيها قوله : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) وهو صفة أبى بكر أيضا للدّليل الذي ذكرناه ، ويؤكده ما روى في الخبر (١) المستفيض أنه قال عليه‌السلام أرحم أمتي بامتي أبو بكر ، فكان موصوفا بالرحمة والشفقة على المؤمنين وبالشدّة مع الكفار ، ألا ترى أنّ في أوّل الأمر حين كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مكّة وكان في غاية الضعف ، كيف كان يذب عن الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ وكيف كان يلازمه ويخدمه؟ وما كان يبالي بأحد من جبابرة الكفار وشياطينهم وفي آخر الأمر أعني وقت خلافته كيف لم يلتفت إلى قول أحد وأصر على أنه لا بد من المحاربة مع مانعي الزّكاة حتى آل الأمر إلى أن خرج

__________________

(١) عده العلامة الفتنى من الموضوعات وعن بعض أنه وضعه أحد أعقاب ابى بكر وأحفاده البكريين والله اعلم.

٢٠٧

إلى قتال القوم وحده حتى جاء أكابر الصحابة وتضرعوا إليه ومنعوه من الذّهاب ، ثم لما بلغ بعث العسكر إليهم انهزموا وجعل الله ذلك مبدئا لدولة الإسلام ، فكان قوله : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) ، لا يليق إلا به

وثالثها قوله : (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) ، فهذا مشترك فيه بين أبى بكر وعلي ، إلا أن حظ أبي بكر منه أتم وأكمل ، وذلك لأن مجاهدة أبي بكر مع الكفار كان في أول البعث وهناك الإسلام كان في غاية الضعف ، والكفر في غاية القوة فكان يجاهد الكفار بمقدار قدرته ، ويذهب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغاية وسعه واما علي عليه‌السلام ، فانه إنما شرع في الجهاد يوم بدر واحد ، وفي ذلك الوقت كان الإسلام قويا ، وكانت العساكر مجتمعة ، فثبت أن جهاد أبي بكر كان أكمل من جهاد عليّ عليه‌السلام من وجهين

الاول انه كان متقدما عليه في الزمان فكان أفضل ، لقوله تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ).

والثاني أن جهاد أبي بكر كان في وقت ضعف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجهاد عليّ كان في وقت القوة ،

ورابعها قوله : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ء ، وهذا لائق لأبي بكر ، لأنّه متأكد بقوله : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) ، وقد بينا أن هذه الآية لا بد أن يكون في أبي بكر ، ومما يدل على أن جميع هذه الصفات لابي بكر : إنا بينا بالدليل أن هذه الآية لا بد وأن تكون في أبي بكر ، ومتى كان الأمر كذلك ، كانت هذه الصفات لا بد وأن تكون صفات لأبي بكر ، وإذا ثبت هذا وجب القطع بصحة إمامته ، إذ لو كانت إمامته باطلة لما كانت هذه الصفات لائقة به فان قيل : لم لا يجوز أن يقال : إنه كان موصوفا بهذه الصفات حال حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم بعد وفاته لما شرع في

٢٠٨

الامامة زالت هذه الصّفات وبطلت.

قلنا : هذا باطل قطعا ، لأنّه تعالى قال : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فأثبت كونهم موصوفين بهذه الصّفة حال إتيان الله بهم في المستقبل ، وذلك يدلّ على شهادة الله له بكونه موصوفا بهذه الصّفات حال محاربته مع أهل الرّدة وذلك هو حال إمامته ، فثبت بما ذكرنا دلالة هذه الآية على صحّة إمامته.

أما قول الرّوافض : إنّ هذه الآية في حقّ عليّ رضي‌الله‌عنه بدليل أنّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : لأعطين الرّاية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، وكان ذلك هو عليّ عليه‌السلام فنقول : هذا الخبر من باب الآحاد (١) ، وعندهم لا يجوز التمسّك به في العمل ، فكيف يجوز التمسك به في العلم؟ وأيضا أنّ اثبات هذه الصفة لعليّ لا يوجب انتفائها عن أبي بكر ، وبتقدير أن يدلّ على ذلك ، لكنّه لا يدل على انتفاء ذلك المجموع عن أبي بكر ، ومن جملة تلك الصّفات كونه كرّارا غير فرّار ، فلمّا انتفى ذلك عن أبي بكر لم يحصل مجموع تلك الصّفات له فكفى هذا في العمل بدليل الخطاب فاما انتفاء جميع تلك الصّفات ، فلا دلالة في اللّفظ عليه ، وايضا فهو تعالى إنما أثبت هذه الصفة المذكورة في هذه الآية حال اشتغاله بمحاربة المرتدين بعد ذلك ، فهب أنّ تلك الصفة ما كانت حاصلة في ذلك الوقت فلم يمنع ذلك من حصولها في الزّمان المستقبل ولان ما ذكرناه تمسك بظاهر القرآن ، وما ذكروه تمسك بالخبر المنقول بالآحاد ، ولأنه معارض بالأحاديث (٢) الدالة على كون أبي بكر محبا لله ولرسوله

__________________

(١) قف ايها المنصف على عصبية الرجل المتسمى بالإمام فكأنه لم ير كتب أحاديث القوم حتى يراها مشحونة بحديث الراية وسنذكر شطرا من تلك الموارد عند تعرض مولانا القاضي الشهيد قده لرد هذا العنيد أو في ذكر اخبار الفضائل فاصبر إن الصبر مفتاح الفرج.

(٢) بالله راجع باب فضائله التي ذكروها في كتبهم حتى يظهر لك أن هناك روايات شاذة نقلوها بهذا المضمون اشتملت أسانيدها على عدة من الوضاعين المشهورين ثم لاحظ

٢٠٩

وكون الله محبا له وراضيا عنه ، قال تعالى في حقّ أبي بكر : (وَلَسَوْفَ يَرْضى) ، وقال(١) عليه الصلاة والسلام : إنّ الله يتجلّى للناس عامة ويتجلّى لأبي بكر خاصة ، وقال : (٢) ما صبّ الله شيئا في صدري إلّا وصببته في صدر أبي بكر ، وكلّ ذلك يدلّ على أنّه كان يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله

واما الوجه الثّاني وهو قولهم : الآية التي بعد هذه الآية دالة على إمامة عليّ عليه‌السلام فوجب أن تكون هذه الآية نازلة في عليّ ، فجوابنا انا لا نسلّم دلالة الآية التي بعد هذه الآية على إمامة عليّ وسنذكر الكلام فيه إن شاء الله ، فهذا ما في هذا الموضع من البحث والله أعلم «انتهى كلام الرّازي»

وأقول يتوجّه عليه أنظار اما أولا فلما أورده النّيشابوري (٣) على قوله : لو كان كذلك لجاء الله تعالى بقوم يحاربهم إلخ بأنّ لناصر مذهب الشيعة أن يقول : ما يدريك انّه تعالى لا يجيء بقوم يحاربهم؟ ولعلّ المراد بخروج المهدي عجل الله تعالى فرجه هو ذلك فانّ محاربة من دان بدين الأوائل هي محاربة الأوائل «انتهى» ، ثمّ إن مع كونه شافعيّا ظاهرا وباطنا كما هو صرّح به في آخر تفسيره ، غير متّهم في ذلك خاف عن المتعصبين من أهل

__________________

المذكورين في السند ثم راجع في تحقيق حالهم إلى الكتب المؤلفة في الاخبار الموضوعة وكتب رجال القوم حتى يتبين لك أن هذا الرجل لا يملك نفسه وقلمه من شدة العصبية أعاذنا الله منها ووفقنا لاتباع الحق وهو أحق.

(١) حديث التجلي من المناكير الموضوعة وسيظهر لك ذلك من تعليقنا على كلام مولانا القاضي الشهيد قدس‌سره.

(٢) صرح بكونه موضوعا جماعة سنذكر اسماء بعضهم في التعليق ان شاء الله.

(٣) صرح به في تفسيره الشهير المطبوع مرارا وطابقنا العبارة المذكورة هنا مع النسخة المطبوعة بهامش تفسير الطبري (ج ٩ و ١٠ طبع مصر القديم).

٢١٠

نحلته ، فاعتذر بأنّ هذا إنّما ذكرته بطريق (١) المنع ، لا لأجل العصبية والميل ، فانّ اعتقاد ارتداد الصحابة الكرام امر فظيع والله أعلم «انتهى»

واعترض عليه بعض النّاظرين (٢) بأنّ الحقّ ما قاله ناصر الإسلام والامام العلّامة فخر الدّين الرّازي ، وما ذكره هذا الفاضل نصرة للشّيعة كلام فاحش شنيع لا يليق بأحد من أهل الدّيانة ، وليت شعري ما ذا يفيد محاربة المهدي في آخر الزّمان بعد ذهاب أكثر أيّام الدّنيا وانقضاء عصر الصحابة والتّابعين ومن بعدهم وظهور أمارات القيامة ، ثمّ إنّه لم يثبت انه يخرج لذلك «انتهى»

وأقول : بل الحق ما أجراه الله تعالى على لسان ناصر الشّيعة مع كونه من المخالفين ، لأنّ الإتيان والانتقام بعد عصر الصحابة والتّابعين المرتدين إنّما ينافي مدلول الآية لو لم يحضر هناك أحد منهم ، ولكن قد تقرّر عند الشيعة بناء على أصل الرّجعة الثّابت بالكتاب والسنّة (٣) أنّه يرجع إلى الدّنيا عند ظهور المهدي عليه‌السلام جماعة من هؤلاء الصّحابة المرتدين فيأتيهم المهدي عليه الصّلاة والسّلام وينتقم منهم أشدّ الانتقام

__________________

(١) قد مر المراد بالمنع في مصطلح علم المناظرة.

(٢) هو المولى شمس الدين الهروي.

(٣) مسألة الرجعة من المسائل المعنونة في الكتب الكلامية ، واستدل على إثباتها من القرآن الكريم بعدة آيات ومن السنة بروايات تبلغ المائتين بل تربو كما نص عليه مولانا المحدث العاملي صاحب الوسائل في الإيقاظ وألف أصحابنا الكرام في إثباتها كتبا ورسائل ، فمن أشهرها كتاب الرجعة لمولانا العلامة المجلسي وصاحبي الحدائق والوسائل والوافي وغيرها. ومن الآيات التي تمسك بها قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) وحيث بسط القول فيه في البحار فللمتحرى أن يراجع اليه. ويظهر من كتب القوم أن الشيعة كانوا معروفين بالقول بالرجعة كاشتهارهم بالقول ببطلان القياس وحلية المتعة ونحوها فراجع ، وبالجملة أصل الرجعة مما لا مساغ للكلام فيه.

٢١١

ويؤيّد ما ذكره (١) ناصر الشّيعة ما ذكره شيخ الموحّدين (٢) في الباب السّتة والستين (٣) بعد ثلاثمائة من كتاب الفتوحات المكّية عند ذكر صفات المهدي على آبائه وعليه آلاف التحيّة والثناء وعلامات ظهوره عليه‌السلام ، حيث قال : اعلم أيدنا الله أنّ الله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد طوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ولد فاطمة ، يواطي اسمه اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب يبايع بين الرّكن والمقام يشبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خلقه بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضم الخاء لانّه لا يكون أحد مثل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أخلاقه والله يقول فيه : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، هو أجلى الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس به أهل الكوفة يقسّم المال بالسّوية ويعدلّ في الرّعية ويفصل في القضية يأتيه الرّجل فيقول له : يا مهدي أعطنى وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله يخرج على فترة من الدّين ، يزع الله به ما لا يزع بالقرآن ، يمسي جاهلا بخيلا جبانا ويصبح أعلم النّاس أكرم النّاس أشجع النّاس يصلحه الله في ليلة يمشى النّصر بين يديه ، يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا ، يقفو إثر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يخطى ، له ملك يسدّده من حيث لا يراه يحمل الكلّ ويقوى الضعيف في الحقّ ويقرى الضّيف ويعين على نوائب الحقّ يفعل ما يقول ، ويقول ما يعلم ، ويعلم ما يشهد يفتح المدينة الرومية بالتكبير في سبعين ألفا من المسلمين من ولد إسحاق ، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله يمرج الشام ، يبيد الظلم وأهله ، يقيم الدّين ينفخ الرّوح في الإسلام يعزّ

__________________

(١) المراد به نظام الدين النيسابوري صاحب التفسير المعروف.

(٢) المراد به قدوة العرفاء الشيخ محيي الدين ابن العربي وقد مرت ترجمته (ج ٢ ص ٢٢٢) فراجع.

(٣) ذكره في (ج ٨ ص ٣٢٧ ط دار الكتب العربية الكبرى بمصر)

٢١٢

الإسلام به بعد ذله ، ويحيا بعد موته ، يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبى قتل ومن نازعه خذل ، يظهر من الدّين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحكم به ، يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص أعدائه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه عن الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم ، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه ، يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم ، يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي ، له رجال إلهيّون يقيمون دعوته وينصرونه ثمّ قال بعد ورقة : ولو لا ان السّيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ، كما يفعل الحنفيّون والشّافعيون فيما اختلفوا فيه ، ولكن الله يظهره بالسّيف والكرم فيطمعون ويخافون ويقبلون حكمه من غير ايمان بل يضمرون خلافه ويعتقدون فيه إذا حكم فيهم بغير مذهبهم أنّه على ضلالة في ذلك الحكم ، لأنّهم يعتقدون أنّ أهل الاجتهاد وزمانه قد انقطع ، وما بقي مجتهد في العالم ، وأنّ الله لا يوجد بعد أئمتّهم أحدا له درجة الاجتهاد ، وأمّا من يدعي التعريف الالهي بالاحكام الشرعية فهو عندهم مجنون فاسد الخيال لا يلتفتون إليه «انتهى» (١)

__________________

(١) أقول وحيث وصل البحث إلى نقل كلام صاحب الفتوحات ناسب إيراد كلمات للعارف السالك المؤرخ الشهير السيد عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر) قال فيه (ص ١٤٥ ج ٢ طبع القاهرة) ما لفظه :

المبحث الخامس والستون في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حق لا بد ان تقع كلها قبل قيام الساعة وذلك كخروج المهدى ثم الدجال ثم نزول عيسى وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها ورفع القرآن وفتح سد يأجوج ومأجوج حتى لو لم يبق من الدنيا الا مقدار يوم واحد لوقع ذلك كله ، قال الشيخ تقى الدين بن أبي المنصور في عقيدته : وكل هذه الآيات تقع في المائة الاخيرة من اليوم الذي وعد به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمته بقوله : ان صلحت أمتي فلها يوم وان فسدت فلها نصف

٢١٣

__________________

يوم يعنى من أيام الرب المشار إليها بقوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ). قال بعض العارفين : وأول الالف محسوب من وفاة على بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه آخر الخلفاء ، فان تلك المدة كانت من جملة أيام نبوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورسالته فمهد الله تعالى بالخلفاء الأربعة البلاد ومراده صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن بالألف قوة سلطان شريعته إلى انتهاء الالف ، ثم تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريبا كما بدأ ، وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضى ثلاثين سنة في القرن الحادي عشر ، فهناك يترقب خروج المهدى عليه‌السلام وهو من أولاد الامام الحسن العسكري ومولده عليه‌السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه‌السلام ، فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة ٩٥٨ سبعمائة سنة وست سنين هكذا أخبرنى الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة الرطلى بمصر المحروسة على الامام المهدى حين اجتمع به ووافقه على ذلك شيخنا سيدي على الخواص رحمهما‌الله تعالى

وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات : واعلموا انه لا بد من خروج المهدى عليه‌السلام لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا ولو لم يكن من الدنيا الا يوم واحد طول الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة وهو من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ولد فاطمة رضى الله عنها جده الحسين بن على بن أبي طالب ووالده الحسن العسكري بن الامام على النقي بالنون ابن محمد التقى بالتاء ابن الامام على الرضا ابن الامام موسى الكاظم ابن الامام جعفر الصادق ابن الامام محمد الباقر ابن الامام زين العابدين على ابن الامام الحسين ابن الامام على بن أبي طالب رضى الله عنه يواطي اسمه اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يبايعه المسلمون بين الركن والمقام يشبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الخلق بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضمها إذ لا يكون أحد مثل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخلاقه والله تعالى يقول : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) هو أجلى الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس به أهل الكوفة يقسم المال بالسوية ويعدل في الرعية يأتيه الرجل فيقول يا مهدى

٢١٤

__________________

أعطني وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله يخرج على فترة من الدين يزع الله به مالا يزع بالقرآن يمسي الرجل جاهلا وجبانا وبخيلا فيصبح عالما شجاعا كريما يمشى النصر بين يديه يعيش خمسا او سبعا او تسعا يقفو اثر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يخطى ، له ملك يسدده من حيث لا يراه يحمل الكل ويعين الضعيف ويساعد على نوائب الحق يفعل ما يقول ويقول ما يفعل ويعلم ما يشهد يصلحه الله في ليلة يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين من ولد إسحاق يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله يمرج الشام يبيد الظلم وأهله يقيم الدين وينفخ الروح في الإسلام يعز الله به الإسلام بعد ذله ويحييه بعد موته يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبى قتل ومن نازعه خذل ، يظهر من الدين ما هو عليه الدين في نفسه حتى لو كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيا لحكم به فلا يبقى في زمانه الا الدين الخالص عن الرأي يخالف في غالب احكامه مذاهب العلماء فينقبضون منه لذلك لظنهم ان الله تعالى ما يحدث بعد أئمتهم مجتهدا وأطال في ذكر وقائعه معهم ثم قال : واعلم ان المهدى إذا خرج يفرح به جميع المسلمين خاصتهم وعامتهم وله رجال الهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء له يتحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله تعالى له ينزل عليه عيسى بن مريم عليه‌السلام بالمنارة البيضاء شرقى دمشق متكأ على ملكين ملك عن يمينه وملك عن يساره والناس في صلاة العصر فينحي له الامام عن مكانه فيتقدم فيصلّى بالناس يأمر الناس بسنة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقبض الله المهدى اليه طاهرا مطهرا وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ويخسف بجيشه في البيداء فمن كان مجبورا من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيته وقد جاءكم زمانه وأظلكم أوانه وقد ظهر في القرن الرابع اللاحق القرون الثلاثة الماضية قرن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو قرن الصحابة ثم الذي يليه ثم الذي يلي الثاني ثم جاءت بينهما فترات وحدثت امور وانتشرت أهواء وسفكت دماء فاختفى إلى أن يجيء الوقت الموعود فشهداؤه خير الشهداء وامناؤه أفضل

٢١٥

__________________

الأمناء قال الشيخ محيي الدين : وقد استوزر الله تعالى له طائفة خبأهم الله له في مكنون غيبه أطلعهم كشفا وشهودا على الحقائق وما هو أمر الله عليه في عباده وهم على أقدام رجال من الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وهم من الأعاجم ليس فيهم عربي لكن لا يتكلمون الا بالعربية ، لهم حافظ من غير جنسهم ما عصى الله قط هو أخص الوزراء واعلم أن المهدى لا يفعل شيئا قط برأيه وانما يشاور هؤلاء الوزراء فإنهم هم العارفون بما هناك وأما هو عليه‌السلام في نفسه فهو صاحب سيف حق وسياسة ومن شأن هؤلاء الوزراء أن أحدهم لا ينهزم قط من قتال وانما يثبت حتى ينصر أو ينصرف من غير هزيمة ألا تراهم يفتحون مدينة الروم بالتكبير فيكبرون التكبيرة الاولى فيسقط ثلثها ويكبرون الثانية فيسقط الثلث الثاني من السور ويكبرون الثالثة فيسقط الثالث فيفتحونها من غير سيف وهذا هو عين الصدق الذي هو والنصر اخوان* قال الشيخ وهؤلاء الوزراء دون العشرة وفوق الخمسة لان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مدة إقامته خليفة من خمس إلى تسع للشك الذي وقع في وزرائه فلكل وزير معه إقامة سنة فان كانوا خمسة عاش خمسة وان كانوا سبعة عاش سبعة وان كانوا تسعة عاش تسعة أعوام ولكل عام منها أهوال (أحوال خ ل) مخصوصة وعلم يختص به ذلك الوزير فما هم أقل من خمسة ولا أكثر من تسعة* قال الشيخ ويقتلون كلهم الا واحدا منهم في مرج الشام في المأدبة الالهية التي جعلها الله تعالى مائدة للسباع والطيور والهوام* قال الشيخ وذلك الواحد الذي يبقى لا أدرى هل هو ممن استثنى الله في قوله : ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض الا من شاء الله أو هو يموت في تلك النفخة* قال الشيخ محيي الدين : وانما شككت في مدة إقامة المهدى اماما في الدنيا ولم اقطع في ذلك بشيء لأني ما طلبت من الله ذلك أدبا معه تعالى أن أسأله في شيء من ذات نفسي قال ولما سلكت معه هذا الأدب قيض الله تعالى بأحد من أهل الله عزوجل فدخل على وذكر لي عدد هؤلاء الوزراء ابتداء وقال لي هم تسعة فقلت له ان كانوا تسعة فان بقاء المهدى لا بد ان يكون تسع سنين فانى عليم بما

٢١٦

__________________

يحتاج اليه وزيره فان كان واحدا اجتمع في ذلك الواحد جميع ما تحتاج اليه وزراءهم وان كانوا أكثر من واحد فما يكون أكثر من تسعة فانه إليها انتهى الشك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله خمسا أو سبعا أو تسعا يعنى في إقامة المهدى تشجيعا لخواص أصحابه ليطلبوا العلم ولا يقنعوا بالتقليد فانه قال : ما يعلمهم إلا قليل فافهم. قال : وجميع ما يحتاج اليه وزراء المهدى في قيامهم تسعة امور لا عاشر لها ولا تنقص عن ذلك وهي نفوذ البصر ومعرفة الخطاب الإلهي عند الإلقاء وعلم الترجمة عن الله وتعيين المراتب لولاة الأمر والرحمة في الغضب وما يحتاج اليه الملك من الأرزاق المحسوسة وغيرها وعلم تداخل الأمور بعضها على بعض والمبالغة والاستقصاء في قضاء حوائج الناس والوقوف على علم الغيب الذي يحتاج اليه في الكون في مدته خاصة* فهذه تسعة امور لا بد أن تكون في وزراء المهدى من واحد فأكثر وأطال الشيخ في شرح هذه الأمور بنحو عشرة أوراق ، ثم قال : واعلم أن ظهور المهدى عليه‌السلام من أشراط قرب الساعة كذلك خروج الدجال فيخرج من خراسان من أرض الشرق موضع الفتن يتبعه الأتراك واليهود ويخرج اليه من أصبهان وحدها سبعون ألفا مطيلسين وهو رجل كهل أعور العين اليمنى كان عينه عنبه طافية مكتوب بين عينيه كاف فاء راء* قال الشيخ محيي الدين فلا أدرى هل المراد بهذه الهجاء كفر من الأفعال الماضية أو أراد به كفر من الأسماء؟ الا أن الالف حذفت كما حذفها العرب في خط المصحف في مواضع مثل ألف الرحمن بين الميم والنون (فان قلت) فما صورة ما يحكم به المهدى إذا خرج هل يحكم بالنصوص أو بالاجتهاد او بهما (فالجواب) كما قاله الشيخ محيي الدين أنه يحكم بما ألقى اليه ملك الإلهام من الشريعة وذلك أنه يلهمه الشرع المحمدي فيحكم به كما أشار اليه حديث المهدى أنه يقفو أثري لا يخطئ ، فعرفنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه متبع لا مبتدع وأنه معصوم في حكمه إذ لا معنى للمعصوم في الحكم الا أنه لا يخطئ ، وحكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يخطئ فانه لا (ما يَنْطِقُ

٢١٧

__________________

عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وقد أخبر عن المهدى انه لا يخطئ وجعله ملحقا بالأنبياء في ذلك الحكم* قال الشيخ فعلم انه يحرم على المهدى القياس مع وجود النصوص التي منحه الله إياها على لسان ملك الإلهام بل حرم بعض المحققين على جميع أهل الله القياس لكون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشهودا لهم فإذا شكوا في صحة حديث أو حكم رجعوا اليه في ذلك فأخبرهم بالأمر الحق يقظة ومشافهة وصاحب هذا المشهد لا يحتاج إلى تقليد أحد من الأئمة غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال الله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) وأطال في ذلك ثم قال فللإمام المهدى أيضا الاطلاع من جانب الحق على ما يريد الحق تعالى أن يحدثه من الشئون قبل وقوعها في الوجود ليستعد لذلك قبل وقوعها ، فان كان ذلك مما فيه منفعة لرعية شكر الله عزوجل وسكت عنه ، وان كان مما فيه عقوبة بنزول بلاء عام أو على أشخاص معينين سأل الله تعالى فيهم وشفيع وتضرع اليه فصرف الله عنهم ذلك البلاء بفضله ورحمته وأجاب دعائه وسؤاله (فان قلت) فإذا عمى الله تعالى عليه حكما في نازلة ما ذا يفعل (فالجواب) إذا عمى الله تعالى عليه حكما في نازلة ولم يقع له بها تعريف ولا كشف ألحقها في الحكم بالمباحات فيعلم بعد التعريف أن ذلك حكم الشرع فيها فانه معصوم من الرأي والقياس في الدين إذا القياس ممن ليس بنبي حكم على الله في دينه بما لم يعلم فانه طرد علة وما يدرى العبد لعل الله لا يريد طرد تلك العلة ولو أنه كان أرادها لا بأنها على لسان محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبان بطردها وأطال في ذلك ثم قال : واعلم انه لم يبلغنا ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نص على أحد من الأئمة بعده أن يقفو اثره لا يخطئ الا المهدى خاصة فقد شهد له بعصمته في خلافته وأحكامه كما شهد الدليل العقلي بعصمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يبلغه عن ربه من الحكم المشروع له في عباده (فان قلت) فإذا نزل عيسى عليه‌السلام فمتى يموت وكيف يموت (فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب التاسع والستين وثلاثمائة أنه يموت إذا قتل الدجال وذلك أنه

٢١٨

وأما ثانيا فلان قوله : لو كان كذلك لجاء الله بقوم يحاربهم ويقهرهم ويردّهم إلى الدّين الحقّ إلخ. مردود : بأنّه لا دلالة للآية على أنّ الله تعالى يأتي بقوم يحارب المرتدّين ويقهرهم بالسّيف والسنّان كما يشعر به كلام هذا المسمّى بالإمام ، وانما صريح مدلول الآية : أنّه يأتي في مقابل المرتدّين بقوم راسخين في الدّين مؤيّدين بالحق واليقين أعمّ من أن يقع بينهما قتال أم لا ، فجاز أن يأتي الله تارة بقوم ينصرون الدّين ويقاتلون المرتدّين بالسّيف والسّنان وتارة بقوم منصورين بالحجّة والبرهان. نعم لما حمل أهل السّنة الآية على ذلك أجابت الشّيعة على سبيل مجاراة (١) الخصم بأنّه جاز أن يكون المراد بها عليا عليه آلاف التّحيّة والثّناء على هذا التّقدير أيضا لأنّه قاتل المرتدّين من النّاكثين (٢) والقاسطين والمارقين فقوله : فهي تدلّ على أنّ كلّ من صار مرتدا عن دين الإسلام فانّ الله يأتي بقوم يقهرهم ويبطل شوكتهم مردود كما ترى ، وكذلك قوله : لوجب بحكم الآية أن يأتي الله بقوم يقهرهم ويبطل مذهبهم لما عرفت انّ حكم الآية أعمّ من ذلك اللهم إلّا أن يراد بقهرهم وإبطال مذهبهم إقامة الحجة والبرهان دون استعمال السّيف والسّنان وهذا حاصل بحمد الله تعالى للشّيعة أيّدهم الله بنصره في ساير (٣) الأزمنة ، ولهذا ترى هذا المتسمّى

__________________

يموت هو وأصحابه في نفس واحد فيأتيهم ريح طيبة تأخذهم من تحت آباطهم يجدون لها لذة كلذة الوسنان الذي قد جهده السهر وأتاه في السحر العسيلة سميت بذلك لحلاوتها فيجدون للموت لذة لا يقدر قدرها ثم يبقى بعدهم رعاع كغثاء السيل أشباه البهائم فعليهم تقوم الساعة. انتهى ما أهمنا نقله من كلام العارف الشعراني في اليواقيت وفيه كفاية لمن تيقظ وتدبر.

(١) إشارة إلى ما اصطلح عليه علماء البلاغة وعبروا عنه بتعابير مختلفة : منها أنه عبارة عن بعض مقدمات الخصم كى يلزم ، ومنها ما عن بعض من أنه المداراة مع الخصم كى تتم عليه الحجة ويتضيق المحجة إلى غير ذلك من العبائر.

(٢) قد مر المراد بهذه العناوين مرارا فراجع.

(٣) السائر هنا بمعنى الجميع مشتق من سور البلد لا بمعنى الباقي المشتق من السؤر وقد

٢١٩

بالإمام قد ماج عقله وهاج (١) بقله واختلّ كلامه وانحلّ زمامه (٢) عند تكلّمه هاهنا في ردّ استدلال الشيعة بهذه الآية الواحدة فسوّد ورقة كلّها هذر وجلّها شذر (٣) مذر وهو يعلم أنه محجوج لكن هوى الأصول (٤) الفاجرة يحمله على سوء المكابرة وأما ثالثا فلأنّ ما ذكره من أنّ أمر الشيعة بالضد يدلّ على أنه لم يعرف معنى الضد إذ المضادّة إنما يتحقق لو حكموا بارتداد الشيعة من حيث مخالفتهم لهم في مسألة الامامة ولم يحكم بذلك هذا الرجل ولا أحد من أهل نحلته (٥) فكيف يقولون بذلك مع أنّ مسألة الامامة عندهم من الفروع كما مر. والمجتهد المخالف في شيء من الفروع وكذا مقلّده لا يكون فاسقا فضلا عن أن يكون مرتدّا ، فغاية أمر الشيعة أن يكونوا قوما مقهورين للمستولين في زمانهم من أهل الردّة ينتظرون حضور إمامهم ودنو الوقت الذي وعدهم الله بقوله : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ) الآية (٦) ولهذا قال الشيخ ابن العربي : إنّ أسعد الناس حالا بالمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو شيعة الكوفة كما مرّ فافهم. وأما قوله إنّ الشيعة ممنوعون عن إظهار مقالاتهم ممنوع ولو سلّم فقد جرت عادة الله على إيصال مقالاتهم وحججهم إلى الملحدين

__________________

نص على استعمال سائر بمعنى الجميع أبو على الفارسي في الأمالي والحرير في الدرة.

(١) في القاموس هاج يهيج هيجانا وهياجا بالكسر ثار كاهتاج وتهيج وأثار ، والإبل عطشت والنبت يبست. ثم الجملة مثل مولد وقيل من الأمثال الجاهلية ، يقال فيمن يطلب حجته وضعفت قوته ونفدت شوكته وزالت رياسته.

(٢) لا يخفى ان هذه الجملة من باب الاستعارة بالكناية المصطلحة لدى علماء البيان.

(٣) شذر مذر قال في القاموس : يقال وتفرقوا شذر مذر بكسر أولهما ذهبوا في كل وجه.

(٤) إيماء وتلويح إلى نسب الرازي إذ هو تيمى وعدوى أبا واما.

(٥) في العدول عن الملة إلى النحلة ما لا يخفى على اللبيب الفطن وجهه.

(٦) المائدة. الآية ٥٤.

٢٢٠