تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٨

إعراب الأفعال المعتلة :

فالألف انو فيه غير الجزم

وأبد نصب ما ك : يدعو يرمي

والرّفع فيهما انو ، واحذف جازما

ثلاثهنّ تقض حكما لازما

ذكر في هذين البيتين كيفية الإعراب في الفعل المعتلّ ، فذكر أن الألف يقدر فيها غير الجزم ، وهو الرفع والنصب نحو : «زيد يخشى» ؛ ف «يخشى» مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف ، و «لن يخشى» ؛ ف «يخشى» : منصوب وعلامة النصب فتحة مقدرة على الألف. وأما الجزم فيظهر ، لأنه يحذف له الحرف الآخر نحو : «لم يخش».

وأشار بقوله : «وأبد نصب ما كيد عو يرمي» إلى أنّ النصب يظهر فيما آخره واو أو ياء نحو : «لن يدعو ، ولن يرمى» (١).

وأشار بقوله : «والرفع فيهما انو» إلى أن الرفع يقدر في الواو والياء نحو : «يدعو ويرمى» ، فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الواو والياء (٢).

وأشار بقوله : «واحذف جازما ثلاثهنّ» إلى أن الثلاث ـ وهي الألف والواو والياء ـ تحذف في الجزم ، نحو : «لم يخش ، ولم يغز ، ولم يرم» ، فعلامة الجزم ، حذف الألف والواو والياء.

وحاصل ما ذكره أن الرفع يقدّر في الألف والواو والياء ، وأن الجزم يظهر في الثلاثة بحذفها ، وأن النصب يظهر في الياء والواو ، ويقدّر في الألف.

__________________

(١) كل منهما مضارع منصوب بلن وعلامة النصب الفتحة الظاهرة على الواو : والياء.

(٢) تقدر الضمة عليهما للثقل.

٨١

أسئلة

١ ـ اذكر تعريف جمع المذكر السالم ـ وما ذا يقصد بكلمة (سالم)؟

٢ ـ كيف تعرب هذا الجمع؟ وما الفرق بين نونه ونون المثنى في حالتي النصب والجر؟ مثل لما تقول.

٣ ـ قال النحاة : «لا يجمع جمع المذكر السالم إلا اسم جامد أو صفة».

اشرح بالتفصيل ما ذا يشترط في الجامد؟ وما ذا يشترط في الصفة؟

مع التمثيل لكل ما تقول.

٤ ـ لماذا لا تجمع الكلمتان : (صبور وأخضر) جمع مذكر سالم؟

٥ ـ ما ضابط الملحق بجمع المذكر السالم؟ وكيف يعرب؟ وضح ومثل.

٦ ـ ماذا يقصد النحاة (بباب سنه)؟ وما قاعدته؟ اذكر كيفية إعرابه مشيرا إلى ما ورد فيه من لغات ممثلا للجميع.

٧ ـ علام استشهد ابن عقيل بقول الشاعر :

دعاني من نجد فإن سنينه

لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا

أعرب ما تحته خط من البيت.

٨ ـ اذكر ضابط جمع المؤنث السالم ... ثم استبعد عنه ما ليس منه ..

ثم وضح حكمة وصفه «بالسالم» و «بما جمع بألف وتاء مزيدتين»؟ مع التمثيل.

٩ ـ كيف تعرب هذا الجمع؟ وضح ذلك بالأمثلة.

١٠ ـ وضح معنى قولهم : (إن الملحق بهذا الجمع وما سمي به منه يعرب إعرابه» ومثل لكل ما تقول ..

١١ ـ اذكر مذاهب العلماء في المسمّى به من هذا الجمع باختصار ممثلا لما تقول ، ثم رجح ما تختار منها.

٨٢

١٢ ـ كيف تعرب ما لا ينصرف من الأسماء؟ وما شرط هذا الإعراب؟ مثّل.

١٣ ـ ما ضابط الأمثلة الخمسة؟ هات أفعالا متنوعة منها ثم وضح كيفية إعرابها ..

١٤ ـ اذكر ضابط كل من الاسم المقصور والمنقوص ثم بين كيفية إعرابهما مع التمثيل.

١٥ ـ ما المعتل من الأفعال؟ وكيف تعربه؟ وضح ذلك بالتفصيل.

٨٣

تمرينات

١ ـ أنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

(أ) خاطب بالعبارة السابقة المؤنثة المفردة ، والمثنى ، وجماعة الذكور ثم اضبط الأفعال بالشكل.

(ب) أعرب كل فعل من الأفعال بعد الإسناد.

(ج) خاطب بالعبارة نفسها جماعة الإناث .. ثم أعرب الفعلين.

٢ ـ الداعي إلى الخير مصطفى من الله.

(أ) أدخل الحرف «إنّ» على الجملة ثم أعربها.

(ب) أدخل الفعل «كان» على الجملة ثم أعربها.

٣ ـ قال تعالى : (فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ (١) مَدْيَنَ) ـ (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(٢) ـ (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما)(٣) ـ (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ)(٤) ـ (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ (٥) مِنْ ذَهَبٍ) ـ (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ)(٦) ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ (٧) وَنَهَرٍ).

أعرب ما تحته خط مشيرا إلى قاعدته في ضوء ما درست.

__________________

(١) آية ٤٠ سورة طه.

(٢) آية ٩١ سورة الحجر.

(٣) آية ٢٣ سورة الإسراء.

(٤) آية ٦ سورة الطلاق.

(٥) آية ٣٣ سورة فاطر.

(٦) آية ٢٣ سورة نوح.

(٧) آية ٥٤ سورة القمر.

٨٤

٤ ـ (الفتى المهتدي يسعى في الخير ـ ويدعو إلى الهدى ـ ويمضي على منهج الله).

(أ) اجعل العبارة السابقة للمثنى والجمع بنوعيه وغيّر ما يلزم تغييره واضبط بالشكل.

(ب) بيّن بعد ذلك ما هو معرب من الأفعال وما هو مبني وعلامة الإعراب والبناء.

(ج) إذا قلنا في العبارة السابقة : الفتى الضالّ ... فأكمل العبارة مع إدخال الحرف «لن» على أفعالها مرة ثم الحرف «لم» مرة أخرى واضبط بالشكل.

٥ ـ مثل لما يأتي في جمل تامة مع الضبط بالشكل.

(أ) مضارع مجزوم بحذف النون مفعوله جمع مذكر سالم.

(ب) فعل أمر مفعوله اسما منقوصا.

(ج) ملحق بجمع المؤنث السالم يقع مبتدأ.

(د) كلمتي «أبيات ، قضاة» مفعولين.

٦ ـ أعرب الآية الآتية مستعينا بما درست من قواعد.

«فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا (١) النَّاسُ وَالْحِجارَةُ»

__________________

(١) آية ٣٤ سورة البقرة.

٨٥
٨٦

النكرة والمعرفة

تعريف النكرة :

نكرة : قابل «أل» مؤثّرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا (١)

النكرة : ما يقبل «ال» وتؤثر فيه التعريف ، أو يقع موقع ما يقبل «ال» فمثال ما يقبل «ال» وتؤثر فيه التعريف (رجل) ، فتقول : الرجل.

واحترز بقوله : «وتؤثر فيه التعريف» مما يقبل «ال» ولا تؤثر فيه التعريف ك : «عبّاس» علما ، فإنك تقول فيه : «العبّاس» فتدخل عليه «ال» لكنها لم تؤثر فيه التعريف لأنه معرفة قبل دخولها عليه.

ومثال ما وقع موقع ما يقبل «ال» : «ذو» التي بمعنى صاحب نحو : «جاءني ذو مال» (٢) أي : صاحب مال ، فذو نكرة ، وهي لا تقبل «ال» ، لكنها واقعة موقع صاحب ، وصاحب يقبل «ال» نحو : الصاحب (٣)

* * *

المعارف :

وغيره معرفة ك : هم ، وذي

وهند ، وابني ، والغلام ، والذي

أي : غير النكرة المعرفة وهي ستة أقسام :

__________________

(١) «نكرة» : مبتدأ وسوّغ الابتداء بها كونها صفة لموصوف محذوف ، أي اسم نكرة و «قابل» خبر ، «مؤثرا» حال من «ال».

(٢) ذو : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة.

(٣) النكرة هي ما شاعت في جنس موجود كرجل وعصفور وجدار ، أو في جنس مقدر كشمس وقمر. والنكرة في الأسماء أصل والمعرفة فرع إذ كل معرفة لها

٨٧

١ ـ المضمر ك : «هم». ٢ ـ واسم الإشارة ك : «ذي» ٣ ـ والعلم ك : «هند». ٤ ـ والمحلى بالألف واللام ك : «الغلام». ٥ ـ والموصول ك : «الذي». ٦ ـ وما أضيف إلى واحد منها ك : «ابني».

وسنتكلم على هذه الأقسام.

١ ـ الضمير

فما لذي غيبة أو حضور

ك : «أنت وهو» سمّ بالضّمير (١)

يشير إلى أن الضمير : ما دلّ على غيبة ك : «هو» ، أو حضور وهو قسمان :

أحدهما : ضمير المخاطب نحو : «أنت».

والثاني : ضمير المتكلم نحو : «أنا».

الضمير المتصل :

وذو اتصال منه : مالا يبتدا

ولا يلي «إلّا» اختيارا أبدا (٢)

__________________

نكرة وتوجد نكرات لا معارف لها مثل : أحد وديّار ، والشيء أوّل وجوده يطلق عليه العام ثم يتخصّص فالآدمي يولد فيسمى «إنسانا» ثم يوضع له اسمه الخاص ، والنكرة تدل على معناها دون قرينة أما المعرفة فتفتقر إلى قرينة كالعلمية أو «ال» أو الإشارة أو صلة الموصول ، فالنكرة مطلقة والمعرفة مقيدة والمطلق أصل للمقيد.

(١) «ما» اسم موصول في محل نصب مفعول لفعل «سمّ» ، لذي : اللام حرف جر ذي : اسم مجرور وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، متعلّق بصلة الموصول المقدرة. سمّ : فعل أمر مبني على حدف العلة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(٢) ذو : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، منه : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لذو اتصال ، ما : اسم موصول خبر المبتدأ في محل رفع. إلا :

٨٨

ك : «الياء والكاف» من : «ابني أكرمك»

و «الياء والها» من : «سليه ما ملك» (١)

الضمير البارز ينقسم إلى : متصل ومنفصل.

فالمتصل : هو الذي لا يبتدأ به ك : «الكاف» من «أكرمك» ونحوه.

ولا يقع بعد «إلّا» في الاختيار ، فلا يقال : ما أكرمت إلاك ، وقد جاء شذوذا في الشعر كقوله :

١٢ ـ أعوذ بربّ العرش من فئة بغت

عليّ فمالي عوض إلّاه ناصر (٢)

__________________

مفعول به للفعل «يلي» قصد لفظه منصوب بالفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها سكون البناء الأصلي. اختيارا : منصوب بنزع الخافض أي : في اختيار ، أبدا : ظرف زمان متعلق بيلى.

(١) سلية : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المؤنثة ، والياء : فاعل ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع. والهاء : مفعول به أوّل ضمير متصل مبني على الكسر في محل نصب. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول ثان للفعل سلي.

(٢) البيت لا يعرف قائله. أعوذ : ألتجئ ، بغت : ظلمت ، عوض : ظرف لاستغراق الزمن المستقبل ك : أبدا.

المعنى : إني ألتجئ إلى الله تعالى فرارا من جماعة ظلمتني ، فليس للضعيف ملجأ أو معين سواه.

الإعراب : أعوذ : فعل مضارع وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا ، برب ومن فئة : متعلقان بأعوذ ، بغت : بغى : فعل ماض مبني على فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هي يعود إلى فئة ، والتاء للتأنيث ، والجملة في محل جر صفة لفئة. فما : الفاء : استئنافية تعليلية ، ما : نافية ، لي : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم لناصر ، عوض : ظرف لاستغراق المستقبل (يستعمل بعد النفي) مبني على الضم في محل نصب ، متعلق بناصر. إلاه : إلا : أداة استثناء ، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب على الاستثناء (واجب النصب لتقدم المستثنى على المستثنى منه) ،

٨٩

وقوله :

١٣ ـ وما علينا ـ إذا ما كنت جارتنا ـ

ألّا يجاورنا إلّاك ديّار (١)

__________________

ناصر : مبتدأ مؤخر ، وجملة المبتدأ والخبر : استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله : «إلاه» والقياس أن يقول إلا إياه ، ولكنه أوقع الضمير المتصل موقع المنفصل بعد إلا وذلك شاذ لا يقع إلا في ضرورة الشعر.

(١) لا يعرف قائله. ديّار : أحد. ويروى صدر البيت : وما نبالي إذا ...

المعنى : إذا ما كنت جارة لنا فلا نكترث لفراق الناس جميعا.

الإعراب : ما : نافية ، نبالي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن. إذا : ظرف متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بجواب الشرط المحذوف لدلالة ما قبله عليه. ما : زائدة ، كنت : كان من (كنت) فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بالتاء التي هي ضمير رفع ، والتاء في محل رفع اسمها ، جارة : خبرها ، ونا : مضاف إليه في محل جر ، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها ، والجواب محذوف دلّ عليه ما قبله ، والتقدير : إذا ما كنت جارتنا فما نبالي عدم مجاورة سواك ، ألّا : أن : حرف مصدري ونصب أدغمت نونه في اللام ، لا : نافية : يجاورنا : يجاور : فعل مضارع منصوب بأن ، ونا : ضمير متصل مبنيّ على السكون في محل نصب مفعول به ليجاور إلاك : إلا : أداة استثناء ، والكاف : ضمير متصل في محل نصب على الاستثناء (لتقدمه على المستثنى منه) ، ديّار : فاعل يجاور. وأن وما بعدها في تأويل مصدر منصوب مفعول به لنبالي ؛ أي : ما نبالي عدم ... وعلى رواية : وما علينا. تعرب : ما : نافية ، علينا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والمصدر المؤول من أن وما بعدها مبتدأ مؤخر مرفوع ، التقدير : ما عدم المجاورة شديد علينا أو : ما : اسم استفهام مبتدأ ، علينا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ ، والمصدر قوله : «ألا يجاورنا» المؤول منصوب بنزع الخافض والتقدير : وأي شيء حاصل علينا في عدم مجاورة سواك ...

الشاهد فيه أنه أوقع الضمير المتصل موقع المنفصل بعد (إلا) شذوذا.

٩٠

وكلّ مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب (١)

المضمرات كلها مبنيّة لشبهها بالحروف في الجمود (٢) ، ولذلك لا تصغّر ولا تثنى ولا تجمع ، وإذا ثبت أنها مبنية ، فمنها ما يشترك فيه الجرّ والنصب ، وهو : كلّ ضمير نصب أو جر متصل نحو : «أكرمتك ، ومررت بك ، وإنه ، وله» ، فالكاف في «أكرمتك» في موضع نصب ، وفي : «بك» في موضع جرّ. والهاء في «إنّه» في موضع نصب ، وفي «له» في موضع جر. ومنها : ما يشترك فيه الرفع والنصب والجرّ وهو : «نا» ، وأشار إليه بقوله :

للرّفع والنصب وجر «نا» صلح

ك : «اعرف بنا فإننا نلنا المنح» (٣)

أي : صلح لفظ : «نا» للرفع نحو : «نلنا» ، وللنصب نحو «فإننا» ، وللجرّ نحو : «بنا».

«ومما يستعمل للرفع والنصب والجرّ : «الياء» ، فمثال الرفع نحو :

__________________

(١) كلّ : مبتدأ أول ، البنا : مبتدأ ثان ، جملة يجب : في محل رفع خبر للمبتدأ الثاني ، وجملة المبتدأ الثاني مع خبره «له البنا يجب» خبر للمبتدأ الأول «كلّ» في محل رفع. لفظ : مبتدأ ، كلفظ : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ أي : ولفظ ما جرّ كائن كلفظ ما نصب.

(٢) مرّ سابقا (ص : ٤٠) أن الضمائر مبنية لشبهها بالحرف شبها وضعيا فإن أكثرها وضع على حرف واحد أو حرفين. وحمل ما وضع على أكثر من ذلك ـ وهو قليل عليه حملا للقلة على الكثرة ، ويذكر الشارح هنا وجها آخر من وجوه شبه الضمير بالحرف وهو الشبه الجمودي. وما نراه من التثنية والجمع في مثل : هما وهم وهن وأنتما وأنتم وأنتن فهي صيغ وضعت من أول الأمر على هذا الوجه وليست التثنية والجمع طارئة عليها.

(٣) للرفع : جار ومجرور متعلق بصلح ، «نا» : (قصد لفظه) : مبتدأ ، جملة صلح : في محل رفع خبر للمبتدأ وهو (نا) : و (نا) في (بنا) في محل جر بالباء ، وفي إننا : في محل نصب اسم لأن ، وفي نلنا : في محل رفع فاعل.

٩١

«اضربي» (١) ، ومثال النصب نحو : «أكرمني» (٢) ، ومثال الجرّ نحو : «مرّ بي» (٣).

ويستعمل في الثلاثة أيضا : «هم» ، فمثال الرفع : «هم قائمون» (٤) ، ومثال النصب ، «أكرمتهم» ، ومثال الجرّ : «لهم» ؛ وإنما لم يذكر المصنف : «الياء وهم» لأنهما لا يشبهان «نا» من كل وجه ، لأن «نا» تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد ، وهي ضمير متصل في الأحوال الثلاثة ، بخلاف الياء فإنها ـ وإن استعملت للرفع والنصب والجرّ ، وكانت ضميرا متصلا في الأحوال الثلاثة ـ لم تكن بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة ، لأنها في حالة الرفع للمخاطب ، وفي حالتى النصب والجرّ للمتكلم ، وكذلك «هم» ، لأنها ـ وإن كانت بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة ـ فليست مثل «نا» ، لأنها في حالة الرفع ضمير منفصل ، وفي حالتي النصب والجرّ ضمير متّصل.

* * *

وألف والواو والنّون لما

غاب وغيره كقاما واعلما (٥)

الألف والواو والنون من ضمائر الرفع المتصلة ، وتكون للغائب وللمخاطب فمثال الغائب : «الزيدان قاما ، والزّيدون قاموا ، والهندات

__________________

(١) اضربي : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المؤنثة المخاطبة ، والياء : ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(٢) ياء المتكلم : في محل نصب مفعول به.

(٣) ياء المتكلم في محل جر بالباء ، والجار والمجرور : متعلق بمر.

(٤) هم : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، قائمون : خبره مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم.

(٥) ألف : مبتدأ مرفوع (سوغ الابتداء به وهو نكرة كونه عطف عليه ما يجوز الابتداء به) وخبره متعلّق الجار والمجرور : لما ، قاما : فعل ماض مبني على الفتح ، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل. اعلما : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بألف الاثنين. والألف : فاعل.

٩٢

قمن» ، ومثال المخاطب : «اعلما ، واعلموا ، واعلمن». ويدخل تحت قول المصنف «وغيره» : المخاطب والمتكلم ، وليس هذا بجيّد ، لأنّ هذه الثلاثة لا تكون للمتكلّم أصلا ، بل إنما تكون للغائب أو المخاطب كما مثلنا.

* * *

الضمير المستتر :

ومن ضمير الرّفع ما يستتر

كافعل ، أوافق ، نغتبط إذ تشكر (١)

ينقسم الضمير إلى مستتر وبارز (٢) ، والمستتر : إلى واجب الاستتار وجائزه ، والمراد بواجب الاستتار ما لا يحلّ محلّه الظاهر (٣) ، والمراد بجائز الاستتار ما يحلّ محلّه الظاهر وذكر المصنّف في هذا البيت من المواضع التي يجب فيها الاستتار أربعة :

الأوّل : فعل الأمر للواحد المخاطب ك : «افعل» ، التقدير : أنت ، وهذا الضمير لا يجوز إبرازه لأنه لا يحلّ محلّه الظاهر ، فلا تقول : افعل زيد ، فأما : «افعل أنت» فأنت : تأكيد للضمير المستتر في «افعل» ، وليس بفاعل لافعل لصحة الاستغناء عنه ، فتقول : «افعل». فإن كان الأمر لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير نحو : اضربى ،

__________________

(١) من ضمير : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، ما : اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر. افعل : فعل أمر والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت ، أوافق : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الأمر ، وفاعله مستتر وجوبا تقديره : أنا ، نغتبط : فعل مضارع بدل من أوافق مجزوم ، وفاعله : ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن ، تشكر : فعل مضارع ، والفاعل : مستتر وجوبا تقديره : أنت

(٢) البارز : ماله وجود في اللفظ ، والمستتر ما ليس كذلك.

(٣) المستتر وجوبا : هو ما لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل ..

٩٣

واضربا ، واضربوا ، واضربن» (١).

الثاني : الفعل المضارع الذي في أوّله الهمزة نحو : «أوافق» التقدير : أنا ، فإن قلت : «أوافق أنا» كان «أنا» تأكيدا للضمير المستتر.

الثالث : الفعل المضارع الذي في أوّله النون نحو : «نغتبط» أي نحن.

الرابع : الفعل المضارع الذي في أوّله التاء لخطاب الواحد نحو : «تشكر» أي : أنت فإن كان الخطاب لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير نحو : «أنت تفعلين ، وأنتما تفعلان ، وأنتم تفعلون ، وانتنّ تفعلن» (٢).

هذا ما ذكره المصنف من المواضع التي يجب فيها استتار الضمير (٣).

ومثال جائز الاستتار : «زيد يقوم» أي : هو ، وهذا الضمير جائز الاستتار لأنه يحلّ محلّه الظاهر فتقول : «زيد يقوم أبوه». وكذلك كل فعل أسند إلى غائب أو غائبة نحو : «هند تقوم» وما كان بمعناه نحو : «زيد قائم» أي : هو.

__________________

(١) اضربي ، اضربا ، اضربوا : أفعال أمر مبنية على حذف النون ، وياء المؤنثة المخاطبة ، وألف الاثنين ، وواو الجماعة ضمائر متصلة مبنية على السكون في محل رفع فاعل. واضربن : فعل أمر مبني على السكون ، ونون النسوة : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(٢) تفعلين ، تفعلان ، تفعلون : أفعال مضارعة مرفوعة بثبوت النون لأنها من الأفعال الخمسة. والياء والألف والواو ضمائر متصلة في محل رفع فاعل ، والجمل في محل رفع أخبار للمبتدآت : أنت وأنتما وأنتم. تفعلن : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والنون : في محل رفع فاعل ، والجملة في محل رفع خبر للمبتدأ : أنتن.

(٣) هناك مواضع أخرى يجب فيها استتار الضمير كالمرفوع ب : خلا وعدا وحاشا في الاستثناء ، وبعد اسم الفعل المضارع نحو «أفّ» أو الأمر نحو «نزال» ، وبعد التعجب : ما أكرم زيدا ، وأفعل التفضيل : محمد أكرم من عليّ ، ويتبين مما تقدم أن الاستتار خاص بضمائر الرفع.

٩٤

الضمير المنفصل :

وذو ارتفاع وانفصال : أنا ، هو

وأنت ، والفروع لا تشتبه (١)

تقدم أن الضمير ينقسم إلى مستتر وإلى بارز ، وسبق الكلام في المستتر. والبارز ينقسم إلى : متصل ومنفصل ، فالمتصل يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا ، وسبق الكلام في ذلك. والمنفصل يكون مرفوعا ومنصوبا ولا يكون مجرورا ، وذكر المصنف في هذا البيت المرفوع المنفصل وهو اثنا عشر :

(أ) «أنا» للمتكلم وحده ، و «نحن» للمتكلم المشارك أو المعظّم نفسه.

(ب) و «أنت» للمخاطب ، «وأنت» للمخاطبة ، و «أنتما» للمخاطبين أو المخاطبتين ، و «أنتم» للمخاطبين و «أنتنّ» للمخاطبات.

(ج) و «هو» للغائب ، و «هي» للغائبة و «هما» للغائبين أو الغائبتين ، و «هم» للغائبين ، و «هنّ» للغائبات.

وذو انتصاب في انفصال جعلا :

«إيّاي» ، والتفريع ليس مشكلا (٢)

أشار في هذا البيت إلى المنصوب المنفصل وهو اثنا عشر :

__________________

(١) ذو : خبر مقدم (لأنا وما عطف عليه) مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة. جملة لا تشتبه : في محل رفع خبر للمبتدأ : الفروع ، وجملة الفروع لا تشتبه : استئنافية لا محل لها من الإعراب. ويمكن أن نعرب : ذو : مبتدأ خبره : أنا وما عطف عليه.

(٢) ذو : مبتدأ مرفوع بالواو ، في انفصال : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير جعل ، جعل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، والألف للإطلاق ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وهو المفعول الأول ، إياي : مفعول ثان لجعل ، والجملة : في محل رفع خبر للمبتدأ ذو .. ليس : فعل ماض ناقص ، واسمه : ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى التفريع ، مشكلا : خبر ليس ، والجملة : خبر للمبتدأ : (التفريع) في محل رفع.

٩٥

(أ) «إياي» للمتكلم وحده ، و «إيّانا» للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه.

(ب) و «إيّاك» للمخاطب ، و «إياك» للمخاطبة ، و «إياكما» للمخاطبين أو المخاطبتين و «إياكم» للمخاطبين و «إياكنّ» للمخاطبات.

(ج) و «إيّاه» للغائب ، و «إياها» للغائبة ، و «إيّاهما» للغائبين أو الغائبتين ، و «إيّاهم» للغائبين ، و «إياهنّ» للغائبات (١).

اتصال الضمير وانفصاله :

وفي اختيار لا يجيء المنفصل

إذا تأتى أن يجيء المتّصل (٢)

كل موضع أمكن أن يؤتى فيه بالضمير المتصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل (٣) إلا فيما سيذكره المصنف ، فلا تقول في أكرمتك : «أكرمت إياك» لأنه يمكن الإتيان بالمتصل فتقول : «أكرمتك».

فإن لم يمكن الإتيان بالمتصل تعين المنفصل (٤) نحو : «إيّاك أكرمت» ، وقد جاء الضمير في الشعر منفصلا مع إمكان الإتيان به متصلا كقوله :

__________________

(١) ذهب سيبويه ـ وتبعه كثير من النحاة ـ إلى أن الضمير هو «إيا» فقط ، ولواحقه حروف تدل على المراد به من تكلم أو خطاب أو غيبة. وذهب الكوفيون إلى أن الضمير هو مجموع الكلمة. أي «إيّا» مع لواحقها.

(٢) يجيء : فعل مضارع منصوب بأن ، المتصل : فاعل مرفوع بضمة ظاهرة وسكن للرويّ ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل لفعل تأتى ، أي : تأتى مجيء المتصل ، وجملة : تأتى مجيء المتصل : في محل جر بإضافة الظرف ، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.

(٣) لأن الغرض من وضع الضمير في الأصل الاختصار ، والضمير المتصل أشد اختصارا من المنفصل ولذا كان أولى بالاستعمال ما لم يمنع من ذلك مانع.

(٤) يمتنع الإتيان بالضمير المتصل ويتعين المنفصل في مواضع ك :

(أ) أن يتقدم الضمير على عامله كقوله تعالى : «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ».

٩٦

١٤ ـ بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير (١)

وصل أو افصل هاء «سلنيه» وما

أشبهه ، في «كنته» الخلف انتمى (٢)

__________________

(ب) أن يحصر بإلا أو إنما : إنما يدفع الأعداء أنا ، «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ».

(ج) أن يكون العامل محذوفا مثل : إن أنت بذلت جهدك كلّل الله مسعاك بالنجاح.

(د) أو أن يكون العامل معنويا مثل : اللهم : أنا راج عفوك.

(ه) أو أن يقع الضمير معمولا لحرف النفي مثل : «وما أنتم بمعجزين» : و «ما هنّ أمهاتهم».

(و) أو أن يقع بعد «أمّا» التفصيلية : «أما زيد فكاتب وأما أنت فشاعر». وهناك مواضع أخرى أقلّ من هذه ورودا واستعمالا.

(١) البيت للفرزدق الشاعر الأموي من قصيدة في الفخر والمديح. الباعث والوارث صفتان لله الذي يبعث الموتى ويرث ما يملكون بعد فنائهم. ضمنت : اشتملت. الدهارير الشدائد أو أول الزمان ولا واحد له من لفظه.

المعنى : أقسمت بالذي يبعث الموتى ويرث الذاهبين الذين ضمتهم الأرض في الأزمنة الخوالي أو في أزمان الشدائد.

الإعراب : بالباعث : الباء حرف جر وقسم ، الباعث : مجرور بالباء متعلق بحلفت في بيت سابق ، الأموات : مضاف إليه مجرور ومفعول به منصوب يتنازعه العاملان : الباعث والوارث ، إياهم : إيا : ضمير منفصل في محل نصب مفعول به لضمنت ، والهاء للغيبة والميم للجمع. الأرض : فاعل مؤخر ، وجملة : ضمنت إياهم الأرض : في محل نصب حال من الأموات.

الشاهد فيه : قوله : ضمنت إياهم : فقد فصل الضمير للضرورة وكان حقه أن يأتي به متصلا فيقول : ضمنتهم ..

(٢) «سلنيه» قصد لفظه وهو مضاف إليه. وما : الواو حرف عطف ، ما : اسم موصول في محل جر معطوف على «سلنيه» ، في كنته : جار ومجرور متعلق بانتمى.

جملة انتمى : في محل رفع خبر للمبتدأ : الخلف.

٩٧

كذاك «خلتنيه» ، واتصالا

أختار ، غيري اختار الانفصالا (١)

أشار في هذين البيتين إلى المواضع التي يجوز أن يؤتى فيها بالضمير منفصلا مع إمكان أن يؤتى به متصلا.

فأشار بقوله : «سلنيه» إلى ما يتعدى إلى مفعولين الثاني منهما ليس خبرا في الأصل ، وهما ضميران (٢) نحو : «الدرهم سلنيه» ، فيجوز لك في هاء «سلنيه» الاتصال نحو : «سلنيه» ، والانفصال نحو : «سلني إياه» ، وكذلك كل فعل أشبهه نحو «الدرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إياه».

وظاهر كلام المصنف أنّه يجوز في هذه المسألة الاتصال والانفصال على السواء ، وهو ظاهر كلام أكثر النحويين ، وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيها واجب ، وأن الانفصال مخصوص بالشعر.

وأشار بقوله : «في كنته الخلف انتمى» إلى أنه إذا كان خبر «كان» وأخواتها ضميرا فإنه يجوز اتصاله وانفصاله ، واختلف في المختار منهما ، فاختار المصنف الاتصال نحو : «كنته» ، واختار سيبويه الانفصال نحو

__________________

(١) كذاك : الكاف حرف جر ، ذا : اسم إشارة في محل جر بالكاف متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف للخطاب. «خلتنيه» قصد لفظه : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها حركة البناء الأصلي. اتصالا : مفعول به مقدم لأختار. اختار الثاني مع الفاعل المستتر جملة في محل رفع خبر للمبتدأ : غيرى

(٢) شرط هذه المسألة أن يقع الضمير بعد متعد لضميرين الأوّل أعرف من الثاني وليس في موضع رفع ، والثاني ليس خبرا في الأصل. فإن كان الأول مرفوعا وجب الوصل.

مثل : أكرمته ، وإن كان الأول غير أعرف وجب الفصل مثل : أعطاه إياك ، ومن المعلوم أن المتكلم أعرف الضمائر ثم المخاطب ثم الغائب ، وبين النحاة اختلاف في الأرجح من الوجهين : الوصل والفصل.

٩٨

«كنت إياه» ، تقول : الصديق كنته ، وكنت إياه (١).

وكذلك المختار عند المصنف الاتصال في نحو : «خلتنيه» ، وهو كلّ فعل تعدى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الأصل وهما ضميران ، ومذهب سيبويه أن المختار في هذا أيضا الانفصال نحو : «خلتني إياه» (٢) ، ومذهب سيبويه أرجح لأنه هو الكثير في لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم وهو المشافه لهم ، قال الشاعر :

١٥ ـ إذا قالت حذام فصدّقوها

فإن القول ما قالت حذام (٣)

__________________

(١) كون الضمير منصوبا بكان أو إحدى أخواتها هي المسألة الثانية التي يتأتى فيها الاتصال ويجوز فيها الانفصال. وقد رجح فريق الاتصال لأن الخبر ضمير والأصل في الضمير الاتصال ، ورجح آخرون الانفصال لأن الضمير كان في الأصل خبرا لمبتدأ ، والأصل في الخبر الفصل.

(٢) تعليل الاختلاف سبق في الملحوظة المتقدمة لأن «خال» وأخواتها تدخل على المبتدأ والخبر أيضا.

(٣) البيت قيل إنه لديسم بن طارق. وحذام اسم امرأة قيل إنها زرقاء اليمامة التي كانت تبصر مسيرة ثلاثة أيام.

المعنى : ما أتتكم به حذام فخذوا به وصدقوه ولا تلتفتوا إلى غيره ، فالقول الحق قولها.

الإعراب : حذام : فاعل قالت مبني على الكسر في محل رفع ، فصدقوها : الفاء رابطة لجواب شرط إذا ، صدقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة : والواو : ضمير متصل فاعل مبني على السكون في محل رفع ، و «ها» : مفعول به في محل نصب ، فإن : الفاء استئنافية للتعليل ، إن : حرف مشبه بالفعل ، ينصب الاسم ويرفع الخبر ، القول : اسمها منصوب ، ما : اسم موصول في محل رفع خبر لإن ، جملة قالت الأولى : في محل جر بإضافة الظرف إليها ، جملة صدقوها : لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم ، جملة إن مع معموليها : استئنافية لا محل لها من الإعراب ، قالت حذام : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

٩٩

وقدّم الأخصّ في اتّصال

وقدّ من ما شئت في انفصال

ضمير المتكّم أخصّ من ضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب ، فإن اجتمع ضميران منصوبان أحدهما أخصّ من الآخر فإن كانا متصلين وجب تقديم الأخصّ منهما فتقول : «الدرهم أعطيتكه ، وأعطيتنيه» بتقديم الكاف والياء على الهاء ، لأنهما أخصّ من الهاء ، لأن الكاف للمخاطب ، والياء للمتكلم ، والهاء للغائب ، ولا يجوز تقديم الغائب مع الاتصال ، فلا تقول : «أعطيتهوك» ولا : «أعطيتهوني» ، وأجازه قوم ، ومنه ما رواه ابن الأثير في غريب الحديث من قول عثمان رضي‌الله‌عنه : «أراهمني الباطل شيطانا» (١).

فإن فصل أحدهما كنت بالخيار ، فإن شئت قدّمت الأخصّ فقلت : «الدرهم أعطيتك إياه ، وأعطيتني إياه» ، وإن شئت قدمت غير الأخصّ فقلت : «أعطيته إياك وأعطيته إياي» ، وإليه أشار بقوله : «وقدّ من ما شئت في انفصال». وهذا الذي ذكره ليس على إطلاقه ، بل إنما يجوز تقديم غير الأخصّ في الانفصال عند أمن اللّبس ، فإن خيف لبس

__________________

وقد تمثل الشارح بهذا البيت ليقول : إذا جاءك رأي سيبويه فتمسك به ولا تلتفت إلى غيره ، وهذه الطريقة ليست منهجا علميا صحيحا ، فالإنسان ليس معصوما ، وكل عالم يؤخذ من كلامه ويترك.

(١) أرى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره للتعذر ، والهاء : ضمير متصل في محل نصب مفعول به أوّل ، والميم : علامة الجمع ، والنون : للوقاية ، وياء المتكلم : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ثان ، الباطل : فاعل ، شيطانا : مفعول به ثالث لأرى. الشاهد فيه : أراهمني فقد وصل الضميرين (هم والياء) مع أن الثاني أعرف من الأول وكان الواجب الفصل.

جاء في شرح التصريح قوله : وأما قول عثمان رضي‌الله‌عنه : «أراهمني الباطل شيطانا» فنادر ، والأصل : أراهم الباطل إياي شيطانا. وقال ابن الأثير : وفيه شذوذان : الوصل وترك الواو لأن حقه : أراهموني كرأيتموها.

١٠٠