تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٨

بل إلى اسم جنس ظاهر غير صفة نحو : «جاءني ذو مال» ، فلا يجوز : «جاءني ذو قائم».

٧ ـ إعراب المثنى وما ألحق به

بالألف ارفع المثنّى ، وكلا

إذا بمضمر مضافا وصلا (١)

كلتا كذاك ، اثنان واثنتان

كابنين وابنتين يجريان

وتخلف اليا في جميعها الألف

جرّا ونصبا بعد فتح قد ألف

ذكر المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ أنّ مما تنوب فيه الحروف عن الحركات الأسماء الستة ، وقد تقدم الكلام عليها ، ثم ذكر المثنى ، وهو مما يعرب بالحروف ، وحدّه : «لفظ دالّ على اثنين بزيادة في آخره ، صالح للتجريد ، وعطف مثله عليه». فيدخل في قولنا «لفظ دال على اثنين» المثنى نحو «الزيدان» ، والألفاظ الموضوعة لاثنين نحو «شفع» ، وخرج بقولنا : «بزيادة» نحو «شفع» ، وخرج بقولنا : «صالح للتجريد» نحو : «اثنان» فإنه لا يصلح لإسقاط الزيادة منه ، فلا تقول «اثن» ، وخرج بقولنا : «وعطف مثله عليه» ما صلح للتجريد وعطف غيره عليه ك : «القمرين» فإنه صالح للتجريد فنقول : «قمر» ، ولكن يعطف عليه مغايره لا مثله نحو «قمر وشمس» ، وهو المقصود بقولهم : «القمرين».

وأشار المصنف بقوله : «بالألف ارفع المثنى وكلا» إلى أن المثنى يرفع

__________________

(١) بالألف : جار ومجرور متعلق ب (ارفع) ، المثنى : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة للتعذر ، وكلا : الواو : حرف عطف ، كلا : معطوف على المثنى منصوب بالفتحة المقدرة على الألف (سيأتي بيان ذلك) : مضافا : حال من نائب الفاعل المستتر في وصل ، وجملة (وصل) في محل جر بإضافة إذا إليها ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير : إذا وصل كلا بمضمر مضافا إليه فارفعه بالألف.

٦١

بالألف ، وكذلك شبه المثنى : وهو كل ما لا يصدق عليه حدّ المثنى ، وأشار إليه المصنف بقوله : «وكلا». فما لا يصدق عليه حدّ المثنى مما دل على اثنين بزيادة أو شبهها ، فهو ملحق بالمثنى ، فكلا وكلتا واثنان واثنتان ملحقة بالمثنى لأنها لا يصدق عليها حدّ المثنى. لكن لا يلحق كلا وكلتا بالمثنى إلا إذا أضيفا إلى مضمر نحو : «جاءني كلاهما ، ورأيت كليهما ، ومررت بكليهما ، وجاءتني كلتاهما ، ورأيت كلتيهما ، ومررت بكلتيهما» (١) فإن أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرا ، نحو : «جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين ، ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين ، ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين (٢)» ، فلهذا قال المصنف : «.. وكلا إذا بمضمر مضاف وصلا» (٣).

ثم بيّن أن «اثنين واثنتين» يجريان مجرى : «ابنين وابنتين» ، فاثنان واثنتان ملحقان بالمثنى كما تقدّم ، وابنان وابنتان مثنى حقيقة.

ثم ذكر المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ أن الياء تخلف الألف في المثنى والملحق به في حالتي الجرّ والنصب ، وأنّ ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا نحو : «رأيت الزّيدين كليهما (٤) ، ومررت بالزّيدين كليهما» ، واحترز بذلك عن ياء الجمع ، فإن ما قبلها لا يكون إلا مكسورا نحو : «مررت بالزّيدين». وسيأتي ذلك.

__________________

(١) مرفوع بالألف ، ومنصوب أو مجرور بالياء لأنه ملحق بالمثنى.

(٢) حركة الإعراب في الأحوال الثلاثة مقدرة على الألف للتعذر.

(٣) السرّ في ذلك أن «كلا وكلتا» لفظهما مفرد ومعناهما مثنى ، ولذا أعربا إعراب المفرد تارة وإعراب المثنى تارة أخرى.

(٤) رأيت : فعل وفاعل ، الزيدين : مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى ، كليهما : توكيد للزيدين منصوب بالياء لأنه ملحق بالمثنى وهو مضاف والهاء : ضمير مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر ، والميم حرف عماد. والألف : حرف دال على التثنيه.

٦٢

وحاصل ما ذكره أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف ، وينصب ويجرّ بالياء ، وهذا هو المشهور ؛ والصحيح : أن الإعراب في المثنى والملحق به بحركة مقدرة على الألف رفعا ، والياء نصبا وجرّا (١). وما ذكره المصنف من أن المثنى والملحق به يكونان بالألف رفعا ، وبالياء نصبا وجرا هو المشهور في لغة العرب. ومن العرب من يجعل المثنى والملحق به بالألف مطلقا رفعا ونصبا وجرا ، فيقول : «جاء الزيدان كلاهما ، ورأيت الزيدان كلاهما ، ومررت بالزيدان كلاهما» (٢).

__________________

(١) هذا رأي فريق من النحاة ؛ والأولى اعتماد الرأي الأول والاقتصار عليه.

(٢) وكلها معربة بالحركات المقدرة على الألف للتعذر.

٦٣

أسئلة

١ ـ ما ذا يقصد النحويون بالأسماء الستة؟ عدّدها وفسّر ما يحتاج منها إلى تفسير.

٢ ـ بم تعرب هذه الأسماء؟ وما شرط إعرابها هذا؟ مثل لما تقول.

٣ ـ ما الفرق بين «ذو» في قولك : «جاءني ذو قام» وبينها في قولك : «جاءني ذو فضل»؟ اذكر إعرابها في الموقعين.

٤ ـ كيف تعرب كلمتي (فوه وفمه) في المثالين الآتيين : ـ «هذا فوه نظيفا» «هذا فمه نظيفا» ولما ذا؟

٥ ـ قال النحاة : «النقص في (هن) أحسن من الإتمام». اشرح هذا القول ممثلا لما تقول.

٦ ـ الكلمات : «أب ، أخ ، حم» فيها لغات ثلاث .. اذكرها بالتفصيل ممثلا لها ثم رجح ما تختار منها ...

٧ ـ افرق بين لغة القصر والنقص في بعض الأسماء الستة ... وبين الأثر الإعرابي لكل منها .. ثم اذكر أشهرها في ضوء قول ابن مالك : «وقصرها من نقصهن أشهر».

٨ ـ علام استشهد ابن عقيل بقول الشاعر : ـ

إن أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها

٩ ـ كيف تفهم شرطي التكبير والإفراد من قول الناظم : «وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا»؟ مع أنه لم يصرح بهما ....

١٠ ـ اشرح تعريف المثنى موضحا ما لا يدخل من الألفاظ في هذا التعريف ولما ذا؟

٦٤

١١ ـ ما المقصود بالملحق بالمثنى؟ ولم لم يعدّ من المثنى حقيقة؟

١٢ ـ افرق بين ياءي المثنى وجمع المذكر السالم في حالتي الجر والنصب ومثل لهما.

١٣ ـ وضح بالتفصيل كيف يعرب المثنى وما ألحق به؟ ومثل لما تقول.

١٤ ـ متى تعرب (كلا وكلتا) إعراب المثنى؟ ومتى تعربان إعراب المقصور؟ مثل لذلك.

٦٥

تمرينات

١ ـ كوّن أربع جمل من إنشائك ... تستخدم في الأولى والثانية مثنى مرفوعا ثم منصوبا ـ وفي الثالثة والرابعة اسما من الأسماء الستة مرفوعا ثم منصوبا ...

٢ ـ استعمل «كلا وكلتا» في أربعة تراكيب بحيث تعرب إعراب المثنى في اثنين منها وإعراب المقصور في الأخيرين.

٣ ـ اجعل كلمة «دو» بمعنى صاحب مضافا إليه في جملة ، ومفعولا به في جملة ثانية ومبتدأ في ثالثة مع إعرابها في كل موقع ..

٤ ـ عليك ببر الوالدين كليهما ـ ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ـ إن أباك كريم وذو علم وفضل ـ زارني اثنان من الأصدقاء ـ أعرب ما تحته خط مما سبق.

٥ ـ (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(١) ـ الجنتان كلتاهما آتت أكلها. ما إعراب (كلتا) في التركيبين؟ ولماذا؟

٦ ـ مثل لكلمة «ذو» في تركيبين من عندك تكون موصولة في الأولى ومن الأسماء الستة في الثانية ثم بين كيفية إعرابها.

٧ ـ أدخل (إنّ) ثم (كان) على الجمل التالية : حموها فاضل ـ أخواك ناجحان ـ أبوك ذو عقل.

٨ ـ اشرح البيتين الآتيين ثم أعرب ما تحته خط منهما :

متى تطبق على شفتيك تسلم

وإن تفتحهما فقل الصوابا

أبوك أب حر وأمك حرة

وهل يلد الحران غير كريم

__________________

(١) آية ٣٣ سورة الكهف.

٦٦

٨ ـ إعراب جمع المذكر السالم وما ألحق به

وارفع بواو ، وبيا اجرر وانصب

سالم جمع : عامر ومذنب

ذكر المصنف قسمين يعربان بالحروف : أحدهما الأسماء الستة ، والثانى المثنى ، وقد تقدم الكلام عليهما ، ثم ذكر في هذا البيت القسم الثالث وهو : جمع المذكر السالم وما حمل عليه ، وإعرابه : بالواو رفعا ، وبالياء نصبا وجرا.

وأشار بقوله : «عامر ومذنب» إلى ما يجمع هذا الجمع ، وهو قسمان : جامد وصفة (١). فيشترط في الجامد أن يكون : علما ، لمذكر ، عاقل ، خاليا من تاء التأنيث ، ومن التركيب. فإن لم يكن علما لم يجمع بالواو والنون ، فلا يقال في «رجل» : «رجلون» ، نعم إذا صغّر جاز ذلك نحو : «رجيل ، ورجيلون» لأنه وصف. وإن كان علما لغير مذكر لم يجمع بهما ، فلا يقال في «زينب : زينبون». وكذا إن كان علما لمذكر غير عاقل ، فلا يقال في : لاحق ـ اسم فرس ـ لاحقون. وإن كان فيه تاء التأنيث فكذلك لا يجمع بهما ، فلا يقال في «طلحة : طلحون» ، وأجاز ذلك الكوفيّون (٢) ، وكذلك إذا كان مركبا ، فلا يقال في «سيبويه : سيبويهون» وأجازه بعضهم.

__________________

(١) أراد بالجامد هنا : الاسم الدالّ على الذات بلا اعتبار وصف ، ومثل له ب «عامر» علما على رجل ، والصفة : الاسم المشتق للدلالة على ذات ومعنى ، ومثاله : مذنب.

(٢) يقول الكوفيون : جاء الطلحون ورأيت الطلحين ومررت بالطلحين وحجتهم ، في ذلك أن الاسم علم على مذكر وإن كان لفظه مؤنثا ، وأن التاء في تقدير الانفصال بدليل سقوطها في ما جمع بألف وتاء مزيدتين كقولنا : طلحات وحمزات.

٦٧

ويشترط في الصفة أن تكون : صفة لمذكر ، عاقل ، خالية من تاء التأنيث ، ليست من باب أفعل فعلاء ، ولا من باب فعلان فعلى ، ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث. فخرج بقولنا «صفة لمذكر» ما كان صفة لمؤنث ، فلا يقال في «حائض : حائضون» (١) وخرج بقولنا «عاقل» ما كان صفة لمذكر غير عاقل ، فلا يقال في «سابق ـ صفة فرس ـ سابقون» وخرج بقولنا «خالية من تاء التأنيث» ما كان صفة لمذكر عاقل ولكن فيه تاء التأنيث نحو : «علّامة» (٢) ، فلا يقال فيه «علّامون» ، وخرج بقولنا «ليست من باب أفعل فعلاء» ما كان كذلك نحو «أحمر» فإن مؤنثه : حمراء ، فلا يقال فيه : «أحمرون». وكذلك ما كان من باب فعلان فعلى نحو : «سكران وسكرى» فلا يقال : «سكرانون». وكذلك إذا استوى في الوصف المذكر والمؤنث نحو : «صبور وجريح» ؛ فإنه يقال : رجل صبور وامرأة صبور ، ورجل جريح ، وامرأة جريح ، فلا يقال في جمع المذكر السالم : «صبورون ، ولا جريحون».

وأشار المصنف ـ رحمه‌الله ـ إلى الجامد الجامع للشروط التي سبق ذكرها بقوله : «عامر» ، فإنه علم لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب فيقال فيه «عامرون».

وأشار إلى الصفة المذكورة أولا بقوله : «ومذنب» ، فإنه صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث وليست من باب أفعل فعلاء ولا من باب فعلان فعلى ولا مما يستوى فيه المذكر والمؤنث ، فيقال فيه «مذنبون».

__________________

(١) أي تشترط ثلاثة شروط في كل ما يجمع هذا الجمع وهي : الخلوّ من تاء التأنيث ، وأن يكون لمذكر ، وأن يكون المذكر عاقلا. ثم إن كان علما اشترط فيه علاوة على ذلك ألا يكون مركبا تركيبا إسناديا ولا مزجيا ، وإن كان صفة اشترط فيها علاوة على الشروط العامة : أن تقبل التاء في مؤنثها (أي لا يستوى فيها المذكر والمؤنث) وأن تدل على التفضيل مثل : أفضل وأعلم : (أي لا تكون من باب : أفعل فعلاء ، أو فعلان فعلى).

(٢) المشهور أن تاء (علامة) لتأكيد المبالغة وفيها رائحة تأنيث.

٦٨

وشبه ذين ، وبه عشرونا

وبابه ألحق ، والأهلونا (١)

ألو ، وعالمون ، علّيّون

وأرضون شذّ ، والسّنونا

وبابه. ومثل حين قد يرد

ذا الباب ، وهو عند قوم يطّرد (٢)

أشار المصنف ـ رحمه‌الله ـ بقوله : «وشبه ذين» إلى شبه «عامر».

وهو : كل علم مستجمع للشروط السابق ذكرها كمحمد وإبراهيم ، فتقول «محمدون وإبراهيمون» ، وإلى شبه «مذنب» وهو : كل صفة اجتمع فيها الشروط ، كالأفضل والضّرّاب ونحوهما ، فتقول : «الأفضلون والضّرّابون»

وأشار بقوله : «وبه عشرون» إلى ما ألحق بجمع المذكر السالم في إعرابه : بالواو رفعا ، وبالياء جرا ونصبا. وجمع المذكر السالم هو : ما سلم فيه بناء الواحد ووجد فيه الشروط التي سبق ذكرها ، فما لا واحد له من لفظه ، أو له واحد غير مستكمل للشروط ، فليس بجمع مذكر سالم ، بل هو ملحق به ، فعشرون وبابه ـ وهو ثلاثون إلى تسعين ـ ملحق بالجمع المذكر السالم لأنه لا واحد له من لفظه ، إذ لا يقال : «عشر» وكذلك «أهلون (٣)» ملحق به لأن مفرده ـ وهو أهل ـ ليس فيه الشروط المذكورة لأنه اسم جنس جامد كرجل. وكذلك «أولو» لأنه لا واحد له من لفظه. و «عالمون» جمع : عالم ، وعالم كرجل : اسم جنس جامد و «علّيّون» اسم لأعلى الجنة وليس فيه الشروط المذكورة لكونه لما لا يعقل. و «أرضون» جمع أرض ، وأرض : اسم جنس جامد مؤنث. و «السنون» جمع سنة ، والسنة : اسم جنس مؤنث. فهذه كلها ملحقة بالجمع المذكر لما سبق من أنها غير مستكملة للشروط.

__________________

(١) وشبه : الواو : حرف عطف ، شبه : معطوف على عامر في البيت السابق.

(٢) مثل : حال منصوب من (ذا الباب) ، ذا : اسم إشارة في محل رفع فاعل لفعل يرد ، الباب : بدل أو عطف بيان مرفوع بالضمة الظاهرة.

(٣) أهلون : جمع سالم ولكنه لم يستوف الشروط لأنه ليس علما ولا صفة.

٦٩

وأشار بقوله : : «وبابه» إلى باب «سنة» ؛ وهو كل اسم ثلاثي حذفت لامه وعوّض عنها هاء التأنيث ولم يكسّر (١) ك : «مائة ومئين ، وثبة وثبين» (٢). وهذا الاستعمال شائع في هذا ونحوه ، فإن كسّر ك : «شفة وشفاه» لم يستعمل كذلك إلا شذوذا ك : «ظبة» فإنهم كسّروه على : «ظباة» ، وجمعوه أيضا بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا فقالوا : «ظبون وظبين» (٣).

وأشار بقوله : «ومثل حين قد يرد ذا الباب» إلى أن «سنين» ونحوه قد تلزمه الياء ، ويجعل الإعراب على النون فتقول : «هذه سنين ، ورأيت سنينا ، ومررت بسنين» ، وإن شئت حذفت التنوين ، وهو أقلّ من إثباته.

واختلف في اطّراد هذا ، والصحيح أنه لا يطّرد ، وأنه مقصور على السماع ، ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» في إحدى الروايتين ، ومثله قول الشاعر :

٦ ـ دعاني من نجد فإن سنينه

لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا (٤)

__________________

(١) حاصل ما ذكره في هذا الباب خمسة شروط هي : أن يكون الاسم : ثلاثيا ، وأن يكون فيه حذف ، وأن يكون المحذوف اللام. وأن يعوض عنها بهاء التأنيث ، وألا يجمع جمع تكسير.

(٢) أصل ثبة : ثبو بمعنى الجماعة ، وقيل : ثبي من ثبيت بمعنى جمعت ، والأول أشهر.

(٣) يمكن تلخيص ما سبق بقولنا : الملحق بجمع المذكر السالم أربعة أنواع :

(ا) أسماء جموع نحو : أولو وعالمون وعشرون وبابه.

(ب) جموع تكسير نحو : بنون وأرضون وسنون وبابه.

(ج) جموع تصحيح لم تستوف الشروط نحو : أهلون.

(د) ما سمّي به من هذا الجمع وما ألحق به كعليون وزيدون مسمّى بهما.

(٤) للشاعر الأموي الصمة بن عبد الله بن الطفيل القشيري. دعاني : اتركاني ، والمرد : مفردها أمرد وهو الفتى الذي لم ينبت لوجهه شعر.

٧٠

الشاهد فيه : إجراء السنين مجرى الحين في الإعراب بالحركات ، وإلزام النون مع الإضافة (١).

ونون مجموع وما به التحق

فافتح ، وقلّ من بكسره نطق

__________________

المعنى : خلوا عني نجدا وذكرياته فلقد تلاعبت بنا سنواته عند الكبر ، وكست رؤوسا بالشيب في فتوتنا.

الإعراب : دعاني : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بألف الاثنين ، والألف ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ، والنون للوقاية ، والياء : ضمير في محل نصب مفعول به.

سنينه : اسم إنّ منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره ، والهاء : في محل جر بالإضافة شيبا : حال من «نا» في «بنا» ، وجملة لعين بنا شيبا في محل رفع خبر لإن ، وجملة إن مع اسمها وخبرها : استئنافية ، لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : سنين : حيث أعربت بالحركة الظاهرة على للنون التي ثبتت ولم تحذف للإضافة مما يدلّ على أنها جعلت من أصل الكلمة كنون : حين ومسكين.

(١) المشهور في الإعراب والذي ينبغي أن يعتمد هو إعراب جمع المذكر السالم وما حمل عليه بالواو رفعا ، وبالياء نصبا وجرا ولكن ورد في ما سمي به من هذا الجمع وما ألحق به ثلاثة وجوه أخرى من الإعراب هي حسب شهرتها :

(أ) أن يحمل على (غسلين) فيعرب بالحركات الظاهرة على النون.

(ب) أن يحمل على (عربون) فيعرب بالحركات الظاهرة على النون.

(ج) أن تلزمه الواو دائما وتفتح نونه ويعرب بحركات مقدرة على الواو.

وبعض النحاة أجرى بنين وسنين وبابه مجرى غسلين كما ذكر الشارح ، وبعضهم يطرد هذه اللغة في جمع المذكر السالم وكل ما حمل عليه ويخرّج على ذلك قول الشاعر :

رب حىّ عرندس ذي طلال

لا يزالون ضاربين القباب

حي عرندس : قويّ منيع ، الطلال : الحال الحسنة ، والشاهد فيه أنه نصب خبر لا يزال (ضاربين) بالفتحة الظاهرة وهو جمع مذكر سالم ، وإثبات النون مع الإضافة دليل على أنه أنزلها منزلة الجزء من الكلمة.

٧١

ونون ما ثنّي والملحق به

بعكس ذاك استعملوه فانتبه

حركة نون الجمع :

حقّ نون الجمع وما ألحق به الفتح ، وقد تكسر شذوذا ، ومنه قوله :

٧ ـ عرفنا جعفرا وبني أبيه

وأنكرنا زعانف آخرين (١)

وقوله (٢) :

٨ ـ أكلّ الدهر حلّ وارتحال

أما يبقي عليّ ولا يقيني

__________________

(١) البيت لجرير بن عطية. الزعانف جمع زعنفة وهو القصير ، ويراد بهم هنا الأتباع أو الأدعياء.

المعنى : لقد عرفنا جعفرا وإخوانه لعزهم وعظمتهم وأنكرنا سواهم من الأتباع الذين لا أصل لهم.

الإعراب : وبني : الواو حرف عطف ، بني : معطوف على المفعول جعفرا منصوب بالياء عوضا عن الفتحة لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، آخرين : نعت لزعانف منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

الشاهد فيه : كسر نون الجمع وذلك جائز بعد الياء فقط.

(٢) البيتان للشاعر المخضرم سحيم بن وثيل الرياحي.

المعنى : أقدّر لي أن أقضى حياتي لا يستقر بي مكان؟ أما آن لهذا الدهر أن يقيني نوائبه؟ وهؤلاء الشعراء من حولي ما ذا يبغون مني؟ أيطمعون في خداعي وقد أنضجتني السنون؟!

الإعراب : الهمزة : للاستفهام ، كلّ : ظرف زمان منصوب متعلق بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ : حل ، أما : الهمزة للاستفهام ، ما : نافية ، يقيني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل ، والفاعل : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود على الدهر ، والنون : للوقاية ، والياء : في محل نصب مفعول به ، ماذا : ما : اسم استفهام في محل رفع على الابتداء ، ذا : اسم موصول في محل رفع خبر للمبتدأ ، جملة تبتغى الشعراء مني : صلة للموصول لا محل لها من الإعراب جملة : قد جاوزت حد الأربعين : في محل نصب على الحال. (ويمكن إعراب

٧٢

وما ذا تبتغي الشعراء منّي

وقد جاوزت حدّ الأربعين

وليس كسرها لغة خلافا لمن زعم ذلك.

حركة نون المثنى :

وحق نون المثنى والملحق به الكسر ، وفتحها لغة ، ومنه قوله :

٩ ـ على أحوذيين استقلّت عشيّة

فما هى إلّا لمحة وتغيب (١)

وظاهر كلام المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ أن فتح النون في التثنية ككسر نون الجمع في القلّة ، وليس كذلك ، بل كسرها في الجمع شاذ ، وفتحها في التثنية لغة كما قدمناه.

وهل يختصّ الفتح بالياء؟! أو يكون فيها وفي الألف؟ قولان ، وظاهر كلام المصنف الثاني.

__________________

ما ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم (لتبتغي).

الشاهد فيه : الأربعين : حيث كسر نون الجمع بعد الياء ، ومنهم من أعرب الجمع بالحركة الظاهرة على النون حملا على حين وغسلين.

(١) البيت لحميد بن ثور الهلالي الصحابي من قصيدة يصف بها قطاة.

الأحوذيان : مثنى أحوذي وهو الخفيف المشي وأراد بهما جناحي القطاة ، استقلت : ارتفعت :

المعنى : لقد ارتفعت هذه القطاة بجناحين سريعين يحملانها بعيدا عن ناظريك بلمحة يسيرة من الزمن.

الإعراب : على أحوذيين : جار ومجرور متعلق باستقلت ، عشية : ظرف زمان متعلق باستقلت ، ما : نافية ، هي ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، إلا : أداة حصر ، لمحة : خبر المبتدأ.

الشاهد فيه : فتح نون المثنى من قوله : (أحوذيين) وهي لغة.

٧٣

ومن الفتح مع الألف قول الشاعر :

١٠ ـ أعرف منها الجيد والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا (١)

وقد قيل : إنه مصنوع (٢) فلا يحتج به.

٩ ـ إعراب جمع المؤنث السالم وما ألحق به

وما بتا وألف قد جمعا

يكسر في الجرّ وفي النصب معا

لما فرغ من الكلام على الذي تنوب فيه الحروف عن الحركات ، شرع في ذكر ما نابت فيه حركة عن حركة ، وهو قسمان :

أحدهما : جمع المؤنث السالم نحو : «مسلمات». وقيّدنا ب : «السالم» احترازا عن جمع التكسير ، وهو : ما لم يسلم فيه بناء الواحد نحو : «هنود» ، وأشار إليه المصنّف ـ رحمه‌الله تعالى ـ بقوله : «وما بتا وألف قد جمعا» ، أي : جمع بالألف والتاء المزيدتين ، فخرج نحو «قضاة» فإن ألفه غير زائدة بل هي منقلبة عن أصل وهو الياء ، لأن أصله : «قضية» (٣) ؛ ونحو : «أبيات» فإن تاءه أصلية. والمراد منه : ما كانت الألف والتاء سببا في دلالته على الجمع نحو :

__________________

(١) نسب المفضل هذا البيت لرجل من ضبّة. الجيد : العنق ، ظبيانا : قيل اسم رجل.

المعنى : أعرف من هذه المرأة جيدها وعينيها ، وأنفا يحكي أنف ظبيان.

الإعراب : الجيد : مفعول به لأعرف منصوب ، والعينانا : الواو حرف عطف ، العينانا : معطوف على الجيد منصوب بفتحة مقدرة على الألف ، ومنخرين : معطوف على الجيد منصوب بالياء لأنه مثنى.

الشاهد فيه : فتح نون المثنى من قوله (والعينانا) بعد الألف.

(٢) حجتهم في ردّه أن الشاعر لفّق فيه بين لغتي من يعرب المثنى بالحروف ومن يلزمه الألف ويعربه إعراب المقصور ، والعربي الصريح لا يلفق ولا يتكلم غير لغته.

(٣) قضية : تحركت فيها الياء ـ وهي في الأصل لام الكلمة ـ بعد فتحة فقلبت ألفا.

٧٤

«هندات» فاحترز بذلك عن نحو : «قضاة وأبيات» ، فإن كلّ واحد منهما جمع ملتبس بالألف والتاء ، وليس ممّا نحن فيه ، لأن دلالة كل واحد منهما على الجمع ليس بالألف والتاء وإنما هو بالصيغة ، فاندفع بهذا التقرير الاعتراض على المصنف بمثل «قضاة وأبيات» وعلم أنه لا حاجة إلى أن يقول : بألف وتاء مزيدتين ، فالباء في قوله «بتا» متعلقة بقوله : «جمع».

وحكم هذا الجمع أن يرفع بالضمة ، وينصب ويجرّ بالكسرة نحو : «جاءني هندات ، ورأيت هندات (١) ومررت بهندات» فنابت فيه الكسرة عن الفتحة. وزعم بعضهم أنه مبني في حالة النصب ، وهو فاسد ، إذ لا موجب لبنائه.

* * *

كذا أولات ، والّذي اسما قد جعل

 ـ كأذرعات ـ فيه ذا أيضا قبل

أشار بقوله : «كذا أولات» إلى أنّ «أولات» تجري مجرى جمع المؤنث السالم في أنها تنصب بالكسرة ، وليست بجمع مؤنث سالم ، بل هي ملحقة به ، وذلك لأنها لا مفرد لها من لفظها.

ثم أشار بقوله : «والذي اسما قد جعل» إلى أنّ ما سمي به من هذا الجمع والملحق به نحو : «أذرعات» ينصب بالكسرة كما كان قبل التسمية به ، ولا يحذف منه التنوين ، نحو : هذه أذرعات ، ورأيت أذرعات ، ومررت بأذرعات» ، هذا هو المذهب الصحيح ، وفيه مذهبان آخران :

أحدهما : أن يرفع بالضمة وينصب ويجرّ بالكسرة ، ويزال منه التنوين نحو : «هذه أذرعات ، ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات».

والثاني : أنه يرفع بالضمة وينصب ويجرّ بالفتحة ، ويحذف منه التنوين

__________________

(١) هندات : مفعول به منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم.

٧٥

نحو : «هذه أذرعات ، ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات».

ويروى قوله :

١١ ـ تنوّرتها من أذرعات وأهلها

بيثرب ، أدنى دارها نظر عالي (١)

بكسر التاء منونة كالمذهب الأول ، وبكسرها بلا تنوين كالمذهب الثاني ، وبفتحها بلا تنوين كالمذهب الثالث.

__________________

(١) البيت لامرىء القيس ، تنورتها : نظرت إليها من بعد ، أذرعات : بلدة في أطراف الشام ، يثرب : اسم للمدينة المنورة ، أدنى : أقرب.

المعنى : لقد نظرت بقلبي إلى نار التي أحبها بيثرب على بعد الشقة فأنا في الشام والأقرب من دارها يحتاج إلى نظر عظيم لشدة بعدها.

الإعراب : تنورتها : فعل وفاعل ومفعول به ، من أذرعات : من : حرف جر متعلق بتنورتها ، أذرعات : مجرور بالكسرة. (منونا أو غير منون) ، أو بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. بيثرب : الباء حرف جر ، يثرب : مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ أهلها ، والجملة في محل نصب على الحال من الضمير. (ها) في تنورتها ، أدنى : مبتدأ ، نظر : خبر ، والجملة كذلك في محل نصب على الحال.

الشاهد فيه : أذرعات حيث وردت على ثلاثة وجوه :

(أ) مجرورة بالكسرة مع التنوين مراعاة لحالها قبل التسمية ، وتنوينها تنوين المقابلة.

(ب) مجرورة بالكسرة دون التنوين : مراعاة لحالها قبل التسمية فتجر بالكسرة ، وبعد التسمية وأنها غدت علما فلا تنون.

(ج) مجرورة بالفتحة نيابة عن الكسرة مراعاة لحالها بعد التسمية وأنها أصبحت اسما لا ينصرف للعلمية والتأنيث.

٧٦

١٠ ـ إعراب ما لا ينصرف

وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف

ما لم يضف ، أو يك بعد «أل» ردف

أشار بهذا البيت إلى القسم الثاني مما ناب فيه حركة عن حركة ، وهو : الاسم الذي لا ينصرف. وحكمه أنه يرفع بالضمة نحو : «جاء أحمد» ، وينصب بالفتحة نحو : «رأيت أحمد» ، ويجرّ بالفتحة أيضا نحو «مررت بأحمد» (١). فنابت الفتحة عن الكسرة. هذا إذا لم يضف أو يقع بعد الألف واللام ، فإن أضيف جرّ بالكسرة نحو : «مررت بأحمدكم» ، وكذا إذا دخله الألف واللام نحو «مررت بالأحمد» فإنه يجرّ بالكسرة.

١١ ـ إعراب الأمثلة الخمسة

واجعل لنحو «يفعلان» النّونا

رفعا و «تدعين» و «تسألونا»

وحذفها للجزم والنّصب سمه

ك : «لم تكوني لترومي مظلمه» (٢)

__________________

(١) بأحمد : الباء : حرف جر ، أحمد : مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل ، متعلق بمررت.

(٢) سمة أي : علامة ، لم : حرف جازم ، تكوني : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، وياء المخاطبة : اسم تكون مبني على السكون في محل رفع ، لترومي : اللام لام الجحود ، ترومي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد لام الجحود وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والياء : في محل رفع فاعل ، مظلمة : مفعول به لترومي منصوب بالفتحة ، أن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور باللام ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لتكون والتقدير : لم تكوني قابلة لروم مظلمة.

٧٧

لما فرغ من الكلام على ما يعرب من الأسماء بالنيابة ، شرع في ذكر ما يعرب من الأفعال بالنيابة ، وذلك الأمثلة الخمسة ، فأشار بقوله : «يفعلان» إلى كل فعل اشتمل على ألف اثنين ، سواء كان في أوله الياء نحو «يضربان» أو التاء نحو «تضربان». وأشار بقوله : «وتدعين» إلى كل فعل اتصل به ياء المخاطبة نحو «أنت تضربين». وأشار بقوله : «وتسألون» إلى كل فعل اتصل به واو الجمع نحو «أنتم تضربون» سواء كان في أوله التاء كما مثل ، أو الياء نحو : «الزّيدون يضربون».

فهذه الأمثلة الخمسة ـ وهي يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين ـ ترفع بثبوت النون ، وتنصب وتجزم بحذفها ، فنابت النون فيها عن الحركة التي هي الضمة نحو : «الزّيدان يفعلان» ف : يفعلان : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون. وتنصب وتجزم بحذفها نحو : «الزّيدان لن يقوما ولم يخرجا» فعلامة النصب والجزم سقوط النون من «يقومان» ، ويخرجا» .. ومنه قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا. وَلَنْ تَفْعَلُوا ، فَاتَّقُوا النَّارَ)(١).

١٢ ـ إعراب المعتل من الأسماء

وسمّ معتلا من الأسماء ما

ك : «المصطفى ، والمرتقى مكارما» (٢)

__________________

(١) قبله قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ، وَلَنْ تَفْعَلُوا ، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) البقرة (٢٣ ـ ٢٤) تفعلوا : فعل مضارع مجزوم بلم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وهو فعل الشرط في محل جزم بإن ، والواو فاعل ، وتفعلوا الثانية : منصوبة بحذف النون.

(٢) سم : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، معتلا : مفعول ثان مقدم ، ما : اسم موصول في محل نصب مفعول أول لسمّ والتقدير : سم ما انتهى بألف كالمصطفى ... معتلا حال كونه اسما

٧٨

فالأوّل الإعراب فيه قدّرا

جميعه ، وهو الذي قد قصرا (١)

والثّان منقوص ، ونصبه ظهر

ورفعه ينوى ، كذا أيضا يجرّ (٢)

شرع في ذكر إعراب المعتل من الأسماء والأفعال. فذكر أنّ ما كان مثل «المصطفى والمرتقى» يسمى معتلا ، وأشار ب «المصطفى» إلى ما في آخره ألف لازمة قبلها فتحة مثل «عصا ورحى» (٣) ، وأشار ب : «المرتقى» إلى ما آخره ياء مكسور ما قبلها نحو : «القاضي والدّاعي».

ثم أشار إلى أنّ ما في آخره ألف مفتوح ما قبلها يقدّر فيه جميع حركات الإعراب : الرفع والنصب والجر ، وأنه يسمى المقصور ؛ فالمقصور هو : الاسم المعرب الذي في آخره ألف لازمة. فاحترز ب «الاسم» من الفعل نحو «يرضى» ، و» بالمعرب» من المبني نحو : «إذا» وب «الألف» من المنقوص نحو «القاضي» كما سيأتي ، وب «لازمة» من المثنى في حالة الرفع نحو «الزيدان» فإن ألفه لا تلزمه إذ تقلب ياء في الجرّ والنصب نحو : «رأيت الزّيدين».

وأشار بقوله : «والثان منقوص» إلى «المرتقى» ، فالمنقوص : هو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة نحو «المرتقى» ؛ فاحترز بالاسم عن الفعل نحو «يرمي» ، وبالمعرب عن المبنيّ نحو «الذي» ، وبقولنا

__________________

لا فعلا ، من الأسماء : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من : ما ، كالمصطفى : جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة تقديرها ما جاء مكارما : مفعول به لاسم الفاعل (المرتقى) منصوب بالفتحة.

(١) جميعه : توكيد للإعراب أو لنائب الفاعل المستتر في قدّر.

(٢) أيضا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.

(٣) الرحى : الطاحون ، ومثناها : رحوان ورحيان ولذا جازت كتابتها بالألف المقصورة والممدودة.

٧٩

«قبلها كسرة» عن التي قبلها سكون نحو «ظبى ورمى» فهذا معتلّ جار مجرى الصحيح في رفعه بالضمة ، ونصبه بالفتحة ، وجره بالكسرة.

وحكم هذا المنقوص أنه يظهر فيه النصب نحو : «رأيت القاضى» ، قال الله تعالى : (يا قومنا أجيبوا داعي الله (١)) ويقدر فيه الرفع والجر لثقلهما على الياء نحو : «جاء القاضي ومررت بالقاضي» فعلامة الرفع : ضمة مقدرة على الياء ، وعلامة الجرّ : كسر مقدرة على الياء.

وعلم مما ذكر أن الاسم لا يكون في آخره واو قبلها ضمة ، نعم إن كان مبنيا وجد ذلك فيه نحو «هو» ، ولم يوجد ذلك في المعرب إلا في الأسماء الستة في حالة الرفع نحو : «جاء أبوه» ، وأجاز ذلك الكوفيون في موضعين آخرين :

أحدهما : ما سمّي به من الفعل نحو «يدعو ويغزو».

والثاني : ما كان أعجميا نحو «سمندو ، وقمندو».

١٣ ـ إعراب المعتل من الأفعال

تعريف المعتل من الأفعال :

وأيّ فعل آخر منه ألف

أو واو ، او ياء ، فمعتلا عرف

أشار إلى أن المعتل من الأفعال هو : ما كان في آخره واو قبلها ضمة نحو : «يغزو» ، أو ياء قبلها كسرة نحو : «يرمي» ، أو ألف قبلها فتحة نحو : «يخشى».

__________________

(١) الأحقاف (٣١) وتتمة الآية : (وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) يا : أداة نداء ، قوم : منادى مضاف منصوب بالفتحة ، ونا : مضاف إليه مبني على السكون في محل جر ، أجيبوا : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة ، والواو : في محل رفع فاعل ، داعي : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة على الياء ، الله : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

٨٠