تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٨

ك «إن» ومثال الثاني : «هنا» (١) ، فإنها مبنيّة لشبهها حرفا كان ينبغي أن يوضع فلم يوضع ، وذلك لأن الإشارة معنى من المعاني ، فحقّها أن يوضع لها حرف يدل عليها كما وضعوا للنفي «ما» وللنهي «لا» وللتمني «ليت» وللترجي «لعل» ونحو ذلك ، فبنيت أسماء الإشارة لشبهها في المعنى حرفا مقدرا (٢).

(والثالث) : شبهه له في النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل ، وذلك كأسماء الأفعال نحو : «دراك زيدا». فدراك : مبنيّ لشبهه بالحرف في كونه يعمل ولا يعمل فيه غيره ، كما أن الحرف كذلك (٣).

واحترز بقوله : «بلا تأثر» عما ناب عن الفعل وهو متأثر بالعامل نحو : «ضربا زيدا» (٤) ، فإنه نائب مناب «اضرب» وليس بمبني لتأثره بالعامل ، فإنه منصوب بالفعل المحذوف ، بخلاف «دراك» فإنه وإن كان نائبا عن «أدرك» فإنه ليس متأثرا بالعامل.

وحاصل ما ذكره المصنف أن المصدر الموضوع موضع

__________________

(١) هنا : اسم إشارة للدلالة على المكان في محل نصب على الظرفية المكانية إلا إذا سبقت بالجار فهي في محل جر.

(٢) أسماء الإشارة مبنية للشبه المعنوي وإنما أعرب «هذان وهاتان» لضعف الشبه بما عارضه من علامة التثنية التي هي من خصائص الأسماء ، ومن النحاة من يرى أنهما على صورة المثنى وليسا مثنيين حقيقيين فيبنيهما على الألف في حالة الرفع ، وعلى الياء في حالتي النصب والجرّ.

(٣) أشبهت : «لعل وليت» مثلا فإنهما حرفان نابا عن فعلي أترجىّ وأتمنى ولا يدخل عليهما عامل يتأثران به.

(٤) ضربا : مصدر نائب عن فعله (مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبا منصوب) ، زيدا : مفعول به منصوب.

٤١

الفعل وأسماء الأفعال اشتركا في النيابة مناب الفعل ، لكن المصدر متأثر بالعامل فأعرب لعدم مشابهته الحرف ، وأسماء الأفعال غير متأثرة بالعامل فبنيت لمشابهتها الحرف في أنّها نائبة عن الفعل وغير متأثرة به. وهذا الذي ذكره المصنف مبني على أنّ أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب والمسألة خلافية ، وسنذكر ذلك في باب : أسماء الأفعال.

(والرابع) : شبه الحرف في الافتقار اللازم ، وإليه أشار بقوله : «وكافتقار أصّلا» (١). وذلك كالأسماء الموصولة (٢) نحو : «الذي» فإنّها مفتقرة في سائر أحوالها إلى الصلة ، فأشبهت الحرف في ملازمة الافتقار فبنيت (٣).

وحاصل البيتين أنّ البناء يكون في ستة أبواب : المضمرات ، وأسماء الشرط ، وأسماء الاستفهام ، وأسماء الإشارة ، وأسماء الأفعال ، والأسماء الموصولة.

__________________

(١) الافتقار المقصود هو الافتقار إلى جملة ، على أن يكون افتقارا لازما متأصلا ، فخرج بذلك مثل : سبحان وعند : لأنهما مفتقران إلى المضاف إليه ولكنه افتقار إلى مفرد لا إلى جملة ، وخرج بذلك يوم في مثل قوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) فجملة ينفع الصادقين صدقهم : في محل جر بإضافة الظرف إليها ، والمضاف مفتقر إلى المضاف إليه ، ولكنه افتقار عارض في بعض التراكيب فإننا نقول : «صمت يوما» فلا يفتقر إلى شيء.

(٢) أعرب اللذان واللتان للتثنية التي هي من خصائص الأسماء ويقال فيهما ما قيل في : «هذان وهاتان». وأعربت «أيّ» الموصولة لملازمة الإضافة إلى مفرد مما أضعف شبهها بالحرف ولا تبنى إلا في حالة واحدة هي ما إذا أضيفت وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا مثل قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) أي الذي هو أشد.

(٣) يطلق على وجهي الشبه الثالث والرابع اسم : الشبه الاستعمالي ، ويقسمه النحاة إلى قسمين : الشبه النيابي والشبه الافتقاري كما مرّ.

٤٢

بل إلى اسم جنس ظاهر غير صفة نحو : «جاءني ذو مال» ، فلا يجوز : «جاءني ذو قائم».

أسئلة

١ ـ متى يعرب الاسم؟ ومتى يبنى؟ مثل لذلك في جمل تامة.

٢ ـ ما المقصود (بالشبه الوضعي) اشرح ذلك مع التمثيل.

٣ ـ قال النحاة : (يبنى الاسم إذا أشبه الحرف في المعنى).

وضّح المقصود بهذا الشبه؟ وعلام ينطبق؟ وما نوعا هذا الشبه؟ مثل

٤ ـ من أسباب بناء الاسم .. نيابته عن الفعل فمتى يقتضي ذلك بناءه؟

ومتى لا يقتضيه؟ اشرح ذلك مع التمثيل.

٥ ـ هناك شبه يسمى الشبه الافتقاري .. ماذا يعني هذا الشبه؟ وعلام ينطبق؟ وما معنى كون الافتقار متأصلا؟ مثل لذلك في جمل تامه.

٤٣

١ ـ ما المقصود بالملحق بالمثنى؟ ولم لم يعدّ من المثنى حقيقة؟

١ ـ افرق بين ياءي المثنى وجمع المذكر السالم في حالتي الجر والنصب

تمرينات

١ ـ كوّن ثلاث جمل مفيدة :

الأولى تشتمل على اسم مبني للشبه الوضعي.

والثانية تشتمل على اسم مبني للشبه الافتقاري.

والثالثة تشتمل على اسم مبني للشبه النّيابي.

٢ ـ نزال يا محمد ـ فهما يا طالب.

أيّ الكلمتين اللتين تحتهما خط معربة وأيتهما مبنية ولماذا؟

٣ ـ اكتب رسالة إلي صديق لك تضمنها أربع كلمات مبنية لأسباب مختلفة.

٤ ـ قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ)(١) وقال سبحانه : (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ؟ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً)(٢).

وقال جل شأنه : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(٣).

استخرج من الآيات السابقة ما يأتي : ـ

(أ) ثلاثة أسماء معربة مبينا مواقعها الإعرابية.

(ب) ثلاثة أسماء مبنية مبينا سبب بنائها.

__________________

(١) آية ١٠١ سورة النور.

(٢) آية ٥١ سورة الإسراء.

(٣) آية ٣٦ سورة المؤمنون.

٤٤

١ ـ المعرب من الأسماء

ومعرب الأسماء ما قد سلما

من شبه الحرف ك : «أرض وسما»

يريد أن المعرب خلاف المبنيّ ، وقد تقدم أن المبنيّ ما أشبه الحرف ، فالمعرب ما لم يشبه الحرف ، وينقسم إلى :

(أ) صحيح : وهو ما ليس آخره حرف علة ك «أرض».

(ب) وإلى معتل : وهو ما آخره حرف علة ك : «سما».

و «سما» : لغة في الاسم ، وفيه ست لغات :

اسم : بضم الهمزة وكسرها.

وسم : بضم السين وكسرها.

وسما : بضم السين وكسرها أيضا.

وينقسم المعرب أيضا إلى :

(أ) متمكن أمكن ـ وهو المنصرف ـ ك : «زيد وعمرو».

(ب) وإلى متمكن غير أمكن ـ وهو غير المنصرف ـ نحو : «أحمد ومساجد ومصابيح» فغير المتمكن : هو المبنيّ ، والمتمكن : هو المعرب ، وهو قسمان : متمكن أمكن ، ومتمكن غير أمكن.

٤٥

٢ ـ المعرب والمبني من الأفعال

وفعل أمر ومضيّ بنيا

وأعربوا مضارعا إن عريا

من نون توكيد مباشر ومن

نون إناث كيرعن من فتن (١)

لما فرغ من بيان المعرب والمبني من الأسماء شرع في بيان المعرب والمبني من الأفعال. ومذهب البصريين أن الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال (٢) ، فإن الأصل في الفعل البناء عندهم. وذهب الكوفيّون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء وفي الأفعال ؛ والأول هو الصحيح. ونقل ضياء الدين بن العلج في «البسيط» أنّ بعض النحويين ذهب إلى أن الإعراب أصل في الأفعال فرع في الأسماء (٣).

والمبنيّ من الأفعال ضربان :

أحدهما : ما اتّفق على بنائه وهو الماضي ، وهو مبني على الفتح نحو «ضرب وانطلق» ، ما لم يتّصل به ««واو» جمع فيضم ، أو ضمير رفع متحرك فيسكّن.

والثاني : ما اختلف في بنائه ، والراجح أنه مبنيّ ، وهو : فعل الأمر

__________________

(١) من نون : جار ومجرور متعلق بالفعل : عري ، مباشر : أي دون فاصل ، يرعن. فعل مضارع مبنيّ على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والنون : ضمير متصل في محل رفع فاعل ، وقد قصد هنا لفظه وهو مجرور بالكاف ، من : اسم موصول في محل نصب مفعول به.

(٢) الإعراب : هو أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة ، وقوله : «أصل» يقصد به الغالب أو ما يجب أن يكون الشيء عليه ، وكان الإعراب هو الأصل في الأسماء لأنها تعرض لها معان مختلفة تحتاج في التمييز بينها إلى الإعراب كالفاعلية والمفعولية والإضافة ، أما الفعل فلا تعرض له المعاني المختلفة التي تحتاج إلى التمييز بينها ، ولذا كان الأصل فيه البناء ، وهو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة.

(٣) أكثر النحاة على الرأي الأول ، وهو الذي شرحناه.

٤٦

نحو : «اضرب» ، وهو مبني عند البصريين ، ومعرب عند الكوفيين (١).

والمعرب من الأفعال هو : المضارع ، ولا يعرب إلا إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون الإناث ، فمثال نون التوكيد المباشرة : «هل تضربنّ» (٢) والفعل معها مبنيّ على الفتح ، ولا فرق في ذلك بين الخفيفة والثقيلة ، فإن لم تتصل به لم يبن ، وذلك كما إذا فصل بينه وبينها «ألف» اثنين نحو : «هل تضربانّ» (٣) وأصله : «هل تضرباننّ» ، فاجتمعت ثلاث نونات ، فحذفت الأولى ـ وهي : نون الرفع ـ كراهة توالي الأمثال فصار : «هل تضربانّ». وكذلك يعرب الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد (واو) جمع أو «ياء» مخاطبة نحو : «هل تضربنّ يا زيدون» (٤) و «هل تضربنّ يا هند (٥)» وأصل : «تضربنّ»

__________________

(١) يعتبرونه مجزوما بلام الأمر مقدرة ، لأنه عندهم من المضارع المجزوم بها ، فحذفت لام الأمر تخفيفا ، ثم حرف المضارعة ، ثم أتى بهمزة الوصل عند الحاجة توصلا للنطق بالساكن.

(٢) كل فعل مؤكد مسند للواحد يبنى على الفتح لأنه مركب معها تركيب خمسة عشر وما شابهها ، فإن فصلت بينهما ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة أعرب ولم يبن ، لأن العرب لا يركبون من ثلاث كلمات ، وسيأتي بيان ذلك في بحث نوني التوكيد ص (٤٣٨) وما بعدها.

(٣) تضربانّ : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال لأنه من الأفعال الخمسة وألف الاثنين ضمير متصل في محل رفع فاعل ، ونون التوكيد : حرف لا محل له من الإعراب.

(٤) تضربنّ : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال ، لأنه من الأفعال الخمسة ، وواو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين : فاعل مبني على السكون في محل رفع ، ونون التوكيد : حرف لا محل له من الإعراب ، زيدون : منادى مفرد علم مبني على الواو في محل نصب.

(٥) تضربنّ : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال لأنه من الأفعال الخمسة ، وياء المؤنثة المخاطبة المحذوفة لالتقاء الساكنين : فاعل مبني على السكون في محل رفع.

٤٧

تضربوننّ ، فحذفت النون الأولى لتوالي الأمثال كما سبق ، فصار : «تضربونّ» ، ، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين ، فصار «تضربنّ» وهذا هو المراد بقوله : «وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر ...» فشرط في إعرابه أن يعرى من ذلك ، ومفهومه أنه إذا لم يعر منه يكون مبنيّا ، فعلم أنّ مذهبه : أن الفعل المضارع لا يبنى إلا إذا باشرته نون التوكيد نحو : «هل تضربنّ يا زيد» ، فإن لم تباشره أعرب ، وهذا هو مذهب الجمهور. وذهب الأخفش إلى أنه مبنيّ مع نون التوكيد سواء اتصلت به نون التوكيد أو لم تتصل. ونقل عن بعضهم أنه معرب وإن اتصلت به نون التوكيد.

ومثال ما اتصلت به نون الإناث «الهندات يضربن» (١) ، والفعل معها مبني على السكون (٢). ونقل المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ في بعض كتبه أنه لا خلاف في بناء الفعل المضارع مع نون الإناث ، وليس كذلك ، بل الخلاف موجود ، وممن نقله : الأستاذ أبو الحسن بن عصفور في «شرح الإيضاح».

٣ ـ بناء الحرف

وكلّ حرف مستحق للبنا

 ...

الحروف كلّها مبنية ، إذ لا يعتورها ما تفتقر في دلالتها عليه إلى إعراب ، نحو : «أخذت من الدراهم» فالتبعيض مستفاد من لفظ «من» بدون الإعراب.

__________________

(١) يضربن : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والنون : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل ، والجملة خبر المبتدأ الهندات في محل رفع.

(٢) بني المضارع الذي اتصلت به نون النسوة على السكون حملا على الماضي المتصل بها نحو : كتبن.

٤٨

٤ ـ علامات البناء

 .........

والأصل في المبنيّ أن يسكّنا (١)

ومنه ذو فتح ، وذو كسر ، وضم

ك : أين ، أمس ، حيث والساكن : كم (٢)

والأصل في البناء أن يكون على السكون لأنه أخفّ من الحركة (٣) ، ولا يحرك المبنيّ إلا لسبب : كالتخلص من التقاء الساكنين (٤).

وقد تكون الحركة فتحة ك : «أين وقام وإنّ» ، وقد تكون كسرة ك : «أمس وجير» (٥) ، وقد تكون ضمة ك : «حيث» وهو اسم ، و «منذ» (٦) وهو حرف إذا جررت به ، وأما السكون فنحو : «كم واضرب وأجل».

__________________

(١) الأصل : مبتدأ ، أن يسكنا : في تأويل مصدر مرفوع على أنه خبر والتقدير : والأصل في المبني تسكينه.

(٢) منه : جار ومجرور متعلق بخبر محذوف للمبتدأ ذو ، ذو : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة. وقوله «منه» فيه إشارة إلى أنّ منه أيضا (أي من المبني) ما يبنى على غير الفتح والكسر والضم والسكون مما ينوب عنها ، ك : «ارم» المبنيّ على حذف حرف العلة ، ويا زيدان أو يا زيدون المبنيّ على الألف أو الواو.

(٣) المبنيّ ثقيل للزومه حالة واحدة. ولزم السكون في الأصل ليعادل بخفته ثقل المبنيّ.

(٤) من أسباب التحريك : التقاء الساكنين كأين ، وكون المبني على حرف واحد كبعض المضمرات ، أو كونه عرضة للبدء به كباء الجرّ ...

(٥) جير : حرف جواب كنعم مبنيّ على الكسر لا محل له من الإعراب

(٦) «مذ» و «منذ» إذا جرّ ما بعدهما فهما حرفا جر مثل : ما رأيته منذ يومين ، وإن رفع ما بعدهما فهما اسمان مبنيان على الضم في محل رفع مبتدأ مثل : ما رأيته منذ يومان ، التقدير : أمد ذلك يومان ، أو في محل رفع خبر مقدم والتقدير : بيني وبين ذلك يومان

٤٩

وعلم مما مثلنا به أنّ البناء على الكسر والضم لا يكون في الفعل بل في الاسم والحرف. وأن البناء على الفتح أو السكون يكون في الاسم والفعل والحرف.

٥ ـ علامات الإعراب

والرفع والنصب اجعلن إعرابا

لاسم وفعل نحو : لن أهابا (١)

والاسم قد خصّص بالجرّ ، كما

قد خصّص الفعل بأن ينجز ما (٢)

فارفع بضم وانصبن فتحا ، وجرّ

كسرا ك : ذكر الله عبده يسر (٣)

واجزم بتسكين ، وغير ما ذكر

ينوب نحو : جا أخو بني نمر (٤)

أنواع الإعراب أربعة : الرفع والنصب والجرّ والجزم. فأما الرفع والنصب فيشترك فيهما الأسماء والأفعال نحو : «زيد يقوم. وإنّ زيدا

__________________

(١) الرفع : مفعول أول مقدم لاجعلن : إعرابا : مفعول ثان ، اجعلن ، فعل أمر مبنيّ على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت ، ونون التوكيد : حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

(٢) كما : الكاف حرف جر : ، ما : مصدرية ، وهي وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بخصص ، وأن ينجز ما في تأويل مصدر مجرور بالباء ، والجار والمجرور متعلق بخصص الثانية.

(٣) فتحا ، كسرا : اسمان منصوبان بنزع الخافض ليوافقا قوله بضم.

(٤) أخو : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة. بني : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. وقد أشار ابن مالك بهما إلى ما ينوب عن حركات الإعراب الأصلية مما سيأتي بيانه في الأبواب التالية.

٥٠

لن يقوم». وأمّا الجرّ فيختص بالأسماء نحو : «بزيد». وأما الجزم فيختص بالأفعال نحو : «لم يضرب».

والرفع : يكون بالضمة. والنصب : يكون بالفتحة. والجرّ : يكون بالكسرة. والجزم : يكون بالسكون. وما عدا ذلك يكون نائبا عنه كما نابت «الواو» عن «الضمة» في «أخو» ، و «الياء» عن «الكسرة» في «بني» من قوله : «جا أخو بني نمر» ، وسيذكر بعد هذا مواضع النيابة.

٥١

أسئلة

١ ـ ما المعرب من الأسماء؟ وما الصحيح منها والمعتل مثل لما تقول.

٢ ـ قال النحاة : (الاسم إمّا غير متمكن وإمّا متمكّن أمكن ـ وإمّا متمكن فقط)

اشرح كلّ مصطلح من المصطلحات السابقة ومثل له في جمل تامة.

٣ ـ بيّن حكم الفعل من حيث الإعراب والبناء ثم علّل لذلك مع التمثيل.

٤ ـ متى يعرب الفعل المضارع؟ ومتى يبنى؟ وعلام يبنى؟ اشرح ذلك مع التمثيل.

٥ ـ إذا لحقت نون التأكيد المضارع ـ فمتى يبنى؟ ومتى يعرب؟ مثل لذلك.

٦ ـ فصّل القول في أحوال بناء الأمر مع التمثيل.

٧ ـ ما أنواع بناء الماضي؟ وضح ذلك مع التمثيل.

٨ ـ علّل لم كانت الحروف كلها مبنية؟ ولم كان الأصل في الأسماء الإعراب؟

٩ ـ ما أنواع الإعراب؟ وما المختص منها بالأسماء؟ وما المختص بالأفعال؟ وما المشترك منها بين الأسماء والأفعال؟ مثل لما تقول.

١٠ ـ اذكر علامات البناء ومثل لكلّ منها في الاسم والفعل والحرف.

٥٢

تمرينات

١ ـ بيّن الأفعال المبنية والمعربة فيما يأتي واذكر نوع البناء والإعراب :

(أ) قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ـ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ـ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١).

(ب) وقال سبحانه :

(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي : إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)(٢).

(ج) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«أحبّ للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا».

(د) وقال :

«لتأمرنّ بالمعروف ، ولتنهونّ عن المنكر ، أو ليسلّطنّ عليكم شراركم ، فيدعوا خياركم فلا يستجاب له».

٢ ـ ذاكرنّ أيها الطالب ـ ذاكرنّ أيتها الطالبة ـ ذاكرن أيتها الطالبات ـ ذاكرنّ أيها الطلاب ـ الشعراء يقولون ما لا يفعلون.

(أ) الأفعال التي تحتها خط بعضها معرب وبعضها مبني ، بيّن المعرب منها والمبني معللا ذلك.

(ب) أعرب الفعل الأول والثاني منها.

__________________

(١) آية ١١ سورة الحجرات.

(٢) آية ٢٦ سورة مريم.

٥٣

٣ ـ كوّن خمس جمل مفيدة :

الأولى منها تتضمن اسما مبنيا على السكون.

والثانية تتضمن اسما مبنيا على الضم.

والثالثة تتضمن اسما مبنيا على الكسر.

والرابعة تتضمن اسما غير متمكن.

والخامسة تتضمن فعلا مؤكدا معربا.

٤ ـ قال زهير بن أبى سلمى :

فلا تكتمنّ الله ما في نفوسكم

ليخفى ومهما يكتم الله يعلم

(أ) بيّن في البيت السابق الأسماء والأفعال والحروف.

(ب) بين المعرب من الأفعال وعلامة إعراب كل منها.

(ج) بين المعرب والمبني من الأسماء وعلامة كل منها.

(د) أعرب ما تحته خط من البيت.

(ه) ما المعنى الذي يقصده زهير؟ اشرح البيت بأسلوبك.

٥٤

٦ ـ إعراب الأسماء الستة

وارفع بواو ، وانصبنّ بالألف

واجرر بياء ما من الأسما أصف (١)

شرع في بيان ما يعرب بالنيابة كما سبق ذكره. والمراد بالأسماء التي سيصفها : الأسماء الستة وهي : أب ، وأخ ، وحم ، وهن ، وفوه ، وذو مال ؛ فهذه ترفع بالواو نحو : «جاء أبو زيد» ، وتنصب بالألف نحو «رأيت أباه» ، وتجرّ بالياء نحو : «مررت بأبيه» (٢).

والمشهور أنها معربة بالحروف : فالواو نائبة عن الضمة ، والألف نائبة عن الفتحة والياء نائبة عن الكسرة ؛ وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله : «وارفع بواو ... إلى آخر البيت».

والصحيح أنها معربة بحركات مقدرة على الواو والألف والياء ، فالرفع بضمة مقدرة على الواو ، والنصب بفتحة مقدرة على الألف ، والجر بكسرة مقدرة على الياء ؛ فعلى هذا المذهب الصحيح لم ينب شيء عن شيء مما سبق ذكره (٣).

__________________

(١) ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لأحد الأفعال الثلاثة المتعاطفة على التنازع ، من الأسماء ، جار ومجرور متعلق بأصف ، وجملة أصف : صلة الموصوف لا محل لها من الإعراب ، والعائد محذوف تقديره : ما أصفه.

(٢) يقال في إعرابها : مرفوع بالواو ، أو منصوب بالألف ، أو مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة.

(٣) هذا الفريق يعرب «أبوك» من قولنا : جاء أبوك : فاعلا مرفوعا بضمة مقدرة على الواو ، وضم ما قبلها إتباعا للآخر. وحجتهم في ذلك : أن الأصل في

٥٥

من ذاك : «ذو» إن صحبة أبانا

و «الفم» حيث الميم منه بانا

أي : من الأسماء التي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجرّ بالياء «ذو» و «فم» ، ولكن يشترط في «ذو» أن تكون بمعنى صاحب نحو : «جاءني ذو مال» أي : صاحب مال ، وهو المراد بقوله : «إن صحبة أبانا» ، أي : إن أفهم صحبة. واحترز بذلك عن «ذو» الطائية فإنها لا تفهم صحبة ، بل هي بمعنى «الذي» ، فلا تكون مثل «ذي» بمعنى صاحب ، بل تكون مبنية وآخرها الواو رفعا ونصبا وجرا ، نحو : «جاءني ذو قام ، ورأيت ذو قام ، ومررت بذو (١) قام» ، ومنه قوله :

فإمّا كرام موسرون لقيتهم

فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا (٢)

وكذلك يشترط في إعراب «الفم» بهذه الأحرف زوال الميم منه نحو : «هذا فوه ، ورأيت فاه ، ونظرت إلى فيه» ، وإليه أشار بقوله : «والفم حيث الميم منه بانا» أي : انفصلت منه الميم ، أي : زالت منه ، فإن لم تزل منه أعرب بالحركات نحو : «هذا فم ، ورأيت فما ، ونظرت إلى فم».

__________________

الإعراب أن يكون بحركات ظاهرة أو مقدرة فمتى أمكن هذا الأصل لم يجز العدول إلى الفروع ، وقد أمكن أن نجعل الإعراب بحركات مقدرة فيجب التزامه. والرأي الأول ـ أي الإعراب بالحروف ـ هو الأفضل لأنه أسهل وأبعد عن تكلف التقدير.

(١) تعرب ذو : اسم موصول بمعنى الذي مبنيّ على السكون في محل رفع أو نصب أو جرّ.

(٢) البيت للشاعر الإسلامي منظور بن سحيم الفقعسي وسيأتي في باب : أسماء الموصول (ارجع إليه معربا ص : ١٤٤) ، وقد ساقه الشارح هنا ليدل على أن «ذو» الطائية تبنى على السكون ، وهي هنا في محل جر بمن ، وقد روي البيت بإعرابها (من ذي) حملا على «ذي» (بمعنى صاحب).

٥٦

أب ، أخ ، حم كذاك ، وهن

والنّقص في هذا الأخير أحسن

وفي : أب وتالييه يندر

وقصرها من نقصهنّ أشهر (١)

يعني أن : أبا ، وأخا ، وحما تجري مجرى «ذو» ، و «فم» اللذين سبق ذكرهما فترفع بالواو ، وتنصب بالألف ، وتجرّ بالياء نحو : «هذا أبوه وأخوه وحموها ، ورأيت أباه وأخاه وحماها ، ومررت بأبيه وأخيه وحميها» ؛ وهذه هي اللغة المشهورة في هذه الثلاثة (٢) ، وسيذكر المصنّف في هذه الثلاثة لغتين أخريين.

وأمّا «هن» فالفصيح فيه أن يعرب بالحركات الظاهرة على النون ، ولا يكون في آخره حرف علّة نحو : «هذا هن زيد ، ورأيت هن زيد ، ومررت بهن زيد» ، وإليه أشار بقوله : «والنقص في هذا الأخير أحسن» ، أي : النقص في «هن» أحسن من الإتمام ، والإتمام جائز لكنه قليل جدا ، نحو : «هذا هنوه ، ورأيت هناه ، ونظرت إلى هنيه». وأنكر الفرّاء جواز إتمامه ، وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عن العرب ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.

وأشار المصنف بقوله : «وفي أب وتالييه يندر .. إلى آخر البيت» إلى اللغتين الباقيتين في «أب» وتالييه وهما «أخ وحم» ، فإحدى اللغتين : النقص ، وهو حذف الواو والألف والياء ، والإعراب بالحركات الظاهرة على الباء والخاء والميم نحو : «هذا أبه وأخه وحمها ، ورأيت أبه وأخه وحمها ، ومررت بأبه وأخه وحمها» وعليه قوله :

٤ ـ بأبه اقتدى عديّ في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم (٣)

__________________

(١) يندر : فعل مضارع وفاعله : ضمير راجع إلى النقص. وقصرها : آي إعرابها كإعراب فتى.

(٢) تسمى هذه اللغة لغة الإتمام ، واللغتان الأخريان هما : لغة النقص ولغة القصر.

(٣) البيت لرؤبة بن العجاج وهو من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية ، يمدح عدي بن حاتم الطائي.

٥٧

وهذه اللغة نادرة في «أب» وتالييه ، ولهذا قال : «وفي أب وتالييه يندر» أي يندر النقص.

واللغة الأخرى في «أب» وتالييه أن يكون بالألف رفعا ونصبا وجرا نحو : «هذا أباه وأخاه وحماها ، ورأيت أباه وأخاه وحماها ، ومررت بأباه وأخاه وحماها» ، وعليه قول الشاعر :

٥ ـ إنّ أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها (١)

فعلامة الرفع والنصب والجرّ حركة مقدرة على الألف كما تقدّر في المقصور ، وهذه اللغة أشهر من النقص.

__________________

المعنى : سار عدي في الجود على نهج أبيه ، ومن كان على خطة أبيه فهو جدير بالنسبة إليه.

الإعراب : بأب : جار ومجرور متعلق بفعل اقتدى ، من : اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ ، أبه : مفعول به منصوب بالفتحة ، والهاء : مضاف إليه مبنيّ على الضم في محل جر. وجملة يشابه أبه : في محل رفع خبر للمبتدأ وجملة ما ظلم : في محل جزم جواب للشرط (ولك أن تجعل الخبر جملة جواب الشرط أو مجموع الجملتين).

الشاهد فيه : استعمال (أب) معربا بالحركات الظاهرة على الباء على لغة النقص.

(١) البيت لأبي النجم الفضل بن قدامة العجلي الراجز الشهير في عصر بني أمية.

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل ، ينصب الاسم ويرفع الخبر ، أباها : اسم إنّ منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر وها : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، وأبا معطوف على اسم إنّ ، أباها : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر. وها : ضمير مضاف إليه مبني على السكون في محل جر ، غايتاها : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر على لغة من يلزم المثنى الألف ويعربه إعراب المقصور وها : ضمير مضاف إليه مبني على السكون في محل جر.

الشاهد فيه : أباها الثالثة التي أعربت إعراب المقصور صراحة مما يدل على أن الأولى والثانية معربتان على اللغة نفسها لأن العربي لا يلفّق بين لغتين ، وفي البيت شاهد آخر على إعراب المثنى إعراب المقصور وسيأتي بيان ذلك.

٥٨

وحاصل ما ذكره في «أب وأخ وحم» ثلاث لغات : أشهرها : أن تكون بالواو والألف والياء ، والثانية : أن تكون بالألف مطلقا ، والثالثة : أن تحذف منها الأحرف الثلاثة ، وهذا نادر. وأنّ في «هن» لغتين : إحداهما : النقص وهو الأشهر ، والثانية : الإتمام وهو قليل.

* * *

وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا

لليا ، كجا أخو أبيك ذا اعتلا (١)

ذكر النحويون لإعراب هذه الأسماء بالحروف شروطا أربعة :

أحدها : أن تكون مضافة ، واحترز بذلك من أن لا تضاف (٢) فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة نحو : «هذا أب ، ورأيت أبا ومررت بأب».

الثاني : أن تضاف إلى غير ياء المتكلم نحو : «هذا أبو زيد وأخوه وحموه» ، فإن أضيفت إلى ياء المتكلم أعربت بحركات مقدرة (٣) نحو : «هذا أبي ، ورأيت أبي ، ومررت بأبي» ولم تعرب بهذه الحروف ، وسيأتي ذكر ما تعرب به حينئذ.

الثالث : أن تكون مكبرة ، واحترز بذلك من أن تكون مصغّرة ، فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة نحو : «هذا أبيّ زيد ، وذويّ

__________________

(١) شرط : مبتدأ ، ذا : اسم إشارة في محل جر بالإضافة ، الإعراب : بدل أو عطف بيان ، يضفن : فعل مضارع مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب (بأن) المصدرية ، والنون ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع خبر للمبتدأ ؛ أي شرط إعرابهن بالحروف إضافتهن ... أخو : فاعل مرفوع بالواو ، أبي : مضاف إليه مجرور بالباء ، ذا : حال منصوب بالألف.

(٢) ما عدا «ذا وفاك) للزومهما الإضافة.

(٣) تعرب بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، والياء تكون في محل جر مضافا إليه.

٥٩

مال ، ورأيت أبيّ زيد ، وذويّ مال ، ومررت بأبيّ زيد ، وذويّ مال».

الرابع : أن تكون مفردة ، واحترز بذلك من أن تكون مجموعة أو مثناة ، فإن كانت مجموعة أعربت بالحركات الظاهرة نحو : «هؤلاء آباء الزّيدين ، ورأيت آباءهم ، ومررت بآبائهم». وإن كانت مثناة أعربت إعراب المثنى : بالألف رفعا ، والياء جرا ونصبا نحو : «هذان أبوا زيد ، ورأيت أبويه (١) ، ومررت بأبويه».

ولم يذكر المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ من هذه الأربعة سوى الشرطين الأوّلين ، ثم أشار إليهما بقوله : «وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا ..» أي شرط إعراب هذه الأسماء بالحروف أن تضاف إلى غير ياء المتكلم ، فعلم من هذا أنه لا بد من إضافتها ، وأنه لا بد أن تكون إضافتها إلى غير ياء المتكلم.

ويمكن أن يفهم الشرطان الآخران من كلامه ، وذلك أن الضمير في قوله : «يضفن» راجع إلى الأسماء التي سبق ذكرها ، وهو لم يذكرها إلا مفردة مكبّرة ، فكأنه قال : «وشرط ذا الإعراب أن يضاف أب وأخواته المذكورة إلى غير ياء المتكلم».

واعلم أن «ذو» لا تستعمل إلا مضافة ، ولا تضاف إلى مضمر (٢) ،

__________________

(١) هذان : الهاء : للتنبيه ، ذان : اسم إشارة مبتدأ مرفوع بالألف ، أبوا : خبر مرفوع بالألف لأنه مثنى ، زيد مضاف إليه ، وحذفت نون (أبوا) للإضافة.

(٢) الأصل في «ذو» التي بمعنى صاحب أن يتوصل بوساطتها إلى وصف ما قبلها بما بعدها ولذا لا تضاف إلى الضمير ولا إلى العلم لأنهما لا يصلحان للوصف ، ولا تضاف للمشتق الصفة أو الجملة لأنهما صالحان للوصف بغير «ذو» فلم يبق إلا أسماء الجنس المعنوية كالعلم والفضل والخلق .. وما ورد خلاف ذلك فنادر أو شاذ.

٦٠