تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٨

الحادي والعشرون : أن تقع بعد «لو لا» كقوله :

٤٨ ـ لو لا اصطبار لأودى كلّ ذي مقة

لما استقلّت مطاياهنّ للظّعن (١)

الثاني والعشرون : أن تقع بعد فاء الجزاء كقولهم : «إن ذهب عير فعير في الرّباط» (٢).

__________________

والبوهة : الرجل الضعيف الطائش.

الشاهد فيه : قوله : «مرسعة» فقد جاء المبتدأ نكرة ، وسوّغ ذلك قصد الشاعر إبهامها تحقيرا للموصوف في كونه يحتمى بأدنى تميمة.

(١) لم ينسب البيت إلى قائل معيّن. أودى : هلك ، مقة : حب ، استقلت : نهضت ، المطايا : أراد بها الإبل ، الظعن : الرحيل.

المعنى : لو لا التجمل وأخذ النفس بالصبر لهلك كل محب أسفا عند فراقه لأحبته.

الإعراب : لو لا : حرف امتناع لوجود ، اصطبار : مبتدأ مرفوع ، وخبره محذوف وجوبا تقديره موجود ، لأودى : اللام : واقعة في جواب لو لا ، أودى : فعل ماض مبنى على الفتح المقدر على آخره للتعذر ـ كلّ : فاعل مرفوع ذي مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة ، مقة ، مضاف إليه ، والجملة : جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب ، لما : حينية متضمنة معنى الشرط في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بجواب الشرط. استقلت : فعل ماض ، والتاء : تاء التأنيث الساكنة ، مطاياهنّ ، مطايا : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على آخره للتعذر ، والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة ، والنون : علامة النسوة ، للظعن : جار ومجرور متعلق باستقلّت. والجملة في محل جر بإضافة لما إليها ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه والتقدير : لما استقلت المطايا للظعن تجمل المحبون بالصبر.

الشاهد فيه : «اصطبار» فقد جاء المبتدأ نكرة بعد لو لا وسوّغ ذلك شبه ما بعد لو لا بما بعد النفي ، لأن لو لا تقتضي انتفاء جوابها لوجود شرطها ، ففيها نفي في الجملة.

(٢) العير : الحمار ، الرباط : ما تشد به الدابة أي : إن ذهب حمار فهناك غيره ، وهو مثل يضرب للرضا بالواقع الحاضر وترك الغائب.

والشاهد فيه : «فعير» فقد أتى المبتدأ نكرة بعد فاء الجزاء ، وقد جعل ابن هشام في المغني المسوّغ وصفا مقدّرا أي : فعير آخر في الرباط.

٢٠١

الثالث والعشرون : أن تدخل على النكرة لام الابتداء نحو : «لرجل قائم» الرابع والعشرون : أن تكون بعد «كم» الخبرية نحو قوله :

٤٩ ـ كم عمّة لك يا جرير وخالة

فدعاء قد حلبت عليّ عشاري (١)

__________________

(١) البيت للفرزدق يهجو جريرا ، فدعاء : أصابها الفدع وهو اعوجاج الأصابع أو زيغ في القدم لكثرة الحلب والسعي وراء الإبل ، والعشار مفردها عشراء (بضم العين وفتح الشين) وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر وهي كالنفساء من النساء.

المعنى : يفتخر الفرزدق على جرير بأنهم السادة فعمّات جرير وخالاته كم من مرة سعت وراء إبل الفرزدق لتحلبها وقد أثر الحلب وطول السعي وراء الإبل في أيديها وأرجلها.

الإعراب : كم : خبرية مبنية على السكون في محل نصب مفعول مطلق أو في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بحلبت ، وتمييزها محذوف والتقدير : حلبت كم حلبة أو كم وقت ، عمة : مبتدأ مرفوع ، لك : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لعمة ، ، وخالة : معطوف على عمة ، فدعاء : صفة لخالة مرفوعة ، ، بقدر لعمة نظيرها ، قد : حرف تحقيق ، حلبت : فعل ماض مبني على الفتح ، التاء تاء التأنيث الساكنة ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هي : عليّ : على : حرف جر ، والياء : ضمير متصل في محل جر بعلى متعلق بحلبت ، عشارى : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، وجملة حلبت : في محل رفع خبر للمبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر ابتدائية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : «عمة وخالة» على رواية الرفع فقد جاء المبتدأ نكرة بعد كم الخبرية ، وقد يكون الوصف بالجار والمجرور «لك» هو المسوّغ ، وقد روى البيت بجرّ عمة وخالة فيكون كم خبرية مبتدأ. وعمة تمييز لها مجرور بالإضافة ، كما روى بنصب عمة وخالة فتكون كم استفهامية مبتدأ ، وعمة تمييز لها منصوب ، وجملة : حلبت علي عشاري في محل رفع خبر في الأحوال الثلاث.

٢٠٢

وقد أنهى بعض المتأخرين ذلك إلى نيّف وثلاثين موضوعا ، وما لم أذكره منها أسقطته لرجوعه إلى ما ذكرته ، أو لأنه ليس بصحيح (١)

* * *

تقديم الخبر جوازا :

والأصل في الأخبار أن تؤخّرا

وجوّزوا التقديم إذ لا ضررا (٢)

الأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر ، وذلك لأن الخبر وصف في المعنى للمبتدأ فاستحق التأخير كالوصف ، ويجوز تقديمه إذا لم يحصل بذلك لبس أو نحوه على ما سيبيّن نحو : «قائم زيد ، وقام أبوه زيد ، وأبوه منطلق زيد ، وفي الدّار زيد ، وعندك عمرو (٣)». وقد وقع في كلام بعضهم أنّ مذهب الكوفيين منع تقدّم الخبر الجائز التأخير عند البصريين ، وفيه نظر ، فإن بعضهم نقل الإجماع ـ من البصريين والكوفيين ـ على جواز : «في داره زيد» ، فنقل المنع عن الكوفيين مطلقا ليس بصحيح ،

__________________

(١) أكثر هذه المواضع يمكن ردّه إلى ما ذكره ابن مالك في ألفيته.

(٢) الأصل : مبتدأ ، أن : مصدرية ناصبة ، تؤخرا : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن. والألف للإطلاق ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع على أنه خبر للمبتدأ ، والتقدير : الأصل في الأخبار التأخير ، جوزوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو : ضمير متصل في محل رفع فاعل ، إذ : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بجوزوا ، لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن» ضرر : اسمها مبني على الفتح في محل نصب ، والحبر محذوف تقديره : لا ضرر كائن ، والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها.

(٣) في الأمثلة أتى بالصور المختلفة للخبر فهو مفرد وجملة فعلية ، وجملة اسمية ، وجار ومجرور ، وظرف على الترتيب. و «زيد» فيها كلها : مبتدأ مؤخر وكذلك «عمرو» وما قبلها خبر.

٢٠٣

هكذا قال بعضهم ، وفيه بحث (١). نعم منع الكوفيّون التقديم في مثل : «زيد قائم ، وزيد قام أبوه ، وزيد أبوه منطلق» ، والحق الجواز ، إذ لا مانع من ذلك ، وإليه أشار بقوله : «وجوّزوا التقديم إذ لا ضرر» ، فتقول : «قائم زيد» (٢) ، ومنه قولهم : «مشنوء من يشنؤك» (٣) ، ف «من» : مبتدأ ، و «مشنوء» : خبر مقدم. و «قام أبوه زيد» ، ومنه قولهم :

__________________

(١) في عبارة الشارح التواء وغموض ويمكن أن يبسط الموضوع على الشكل التالي :

(أ) أجاز البصريون تقديم الخبر في مثل الأمثلة المذكورة ، وذكر بعضهم أن الكوفيين يمنعون منعا مطلقا هذا التقديم الجائز. وهذا النقل عن إطلاق الكوفيين المنع هو المقصود بقوله : وفيه نظر للسبب الذي يلي.

(ب) نقل بعضهم عن البصريين والكوفيين الإجماع على جواز التقديم في مثل قوله (في داره زيد) ، وتجويز الكوفيين ذلك دليل على خطأ الذين نقلوا عنهم المنع ، غير أن نقل الإجماع عنهم في جواز اعتبار المتأخر في قولنا : (في داره زيد) مبتدأ هو الذي أشار إليه بقوله (وفيه بحث) لأن بعضهم يمنع ويعرب (زيد) فاعلا بالجار والمجرور ، وبعضهم يجيز التقديم إن كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا ، لاتساعهم فيهما ما لا يتّسع في غيرهما ، فاعتراضه إذن على نقل الإجماع عن الكوفيين في ذلك.

(ج) قوله : «نعم» استدراك على ما يوهمه تجويز بعضهم التقديم للخبر وهو ظرف أو جار ومجرور من جواز تقديم غيره كالأمثلة التي ساقها الشارح بعد ذلك والخبر فيها مفرد وجملة.

(٢) قائم : خبر مقدم ، زيد : مبتدأ مؤخر ، والكوفيون يعربون : قائم : مبتدأ ، زيد : فاعل سدّ مسدّ الخبر لأنهم لا يشترطون اعتماد الوصف على النفي أو الاستفهام.

(٣) مشنوء : مبغوض وزنا ومعنى ، و «من» على مذهب الكوفيين : اسم موصول في محل رفع نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر.

٢٠٤

٥٠ ـ قد ثكلت أمّه من كنت واجده

وبات منتشبا في برثن الأسد (١)

ف «من كنت واجده» مبتدأ مؤخر ، و «قد ثكلت أمّه» : خبر مقدم.

و «أبوه منطلق زيد» (٢) ومنه قوله :

٥١ ـ إلى ملك ما أمّه من محارب

أبوه ، ولا كانت كليب تصاهره (٣)

__________________

(١) البيت لحسان بن ثابت شاعر الرسول عليه‌السلام من قصيدة يفتخر فيها ، ثكلت : فقدت ولدها ، منتشبا : عالقا ، برثن الأسد : البرثن من الأسد كالأصبع من الإنسان.

المعنى : إن من يناصبني العداء تثكله أمّه إن لقيته ويطرح قتيلا في الصحارى ليغدو فريسة لبراثن الأسود.

الإعراب : قد : حرف تحقيق ، ثكلت : فعل ماض ، والتاء : تاء التأنيث الساكنة ، أمّه : فاعل مرفوع ، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، من : اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر ، وخبره : جملة ثكلت أمه المتقدمة ، كنت : كانت الناقصة مع اسمها ، واجده : خبر كان ، والهاء في محل جر بالإضافة ، والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول ، وبات : الواو : عاطفة ، بات فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى «من» منتشبا : خبر بات منصوب ، في برثن : جار ومجرور متعلق بمنتشبا ، الأسد مضاف إليه. والجملة معطوفة على جملة ثكلت أمّه في محل رفع.

الشاهد فيه : قوله : «قد ثكلت أمّه من ..» فقد قدّم الخبر الجملة على المبتدأ «من» وعود الضمير من الخبر المتقدم إلى المبتدأ المتأخر جائز لأنه عود إلى متقدم في الرتبة وإن كان متأخرا في اللفظ.

(٢) أبوه منطلق : مبتدأ وخبر والجملة في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ المؤخر (زيد).

(٣) البيت للفرزدق يمدح الوليد بن عبد الملك ، ومحارب وكليب قبيلتان ينتمي إلى الثانية منهما جرير بن عطية.

المعنى : تطير بنا مطايانا إلى ملك كريم المنبت لا تنتمي أمه إلى قبيلة محارب ، ولا تبلغ كليب أن تصاهره.

٢٠٥

ف «أبوه : مبتدأ ، و «ما أمّه من محارب» : خبر مقدم.

ونقل الشريف أبو السعادات هبة الله بن الشجري الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز تقديم الخبر إذا كان جملة. وليس بصحيح ، وقد قدّمنا نقل الخلاف في ذلك عن الكوفيين (١).

__________________

الإعراب : إلى ملك : جار ومجرور متعلق بفعل أسوق في بيت سابق ، ما : نافية ، أمّه : مبتدأ مرفوع بالضمة ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، من محارب : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ ، والجملة في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ أبوه ، أبو : مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر صفة لملك ، ولا : الواو : حرف عطف ، ولا : نافية ، كانت : فعل ماض ناقص ، والتاء : تاء التأنيث الساكنة ، كليب : اسم كان تصاهره : تصاهر : فعل مضارع ، والفاعل مستتر جوازا تقديره هي يعود إلى كليب ، والهاء : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، والجملة في محل نصب خبر لكان ، وجملة كان مع معموليها معطوفة على جملة : ما أمّه من محارب في محل رفع.

الشاهد فيه : قوله : «ما أمه من محارب أبوه» فقد قدّم الخبر وهو جملة على المبتدأ والتقدير : أبوه : ما أمه من محارب.

(١) ليس بين الكوفيين خلاف في المنع وإنما الخلاف بين الكوفيين المانعين والبصريين المجيزين.

٢٠٦

أسئلة

١ ـ متى يستغنى المبتدأ عن الخبر؟ وما شرط ذلك؟ اذكر مذاهب النحويين في هذا.

٢ ـ فصّل القول في أحوال الوصف مع مرفوعه ـ وبيّن متى تتعين ابتدائية الوصف؟ ومتى تتعين خبريته؟ ومتى يحتملهما؟ مثل لكل ما تقول.

٣ ـ عرّف الخبر ... واذكر أنواعه إجمالا ومثل لكل نوع.

٤ ـ إذا كان الخبر جملة .. فما شرط هذه الجملة وما نوعاها؟ مثّل لما تقول.

٥ ـ قال النحاة : (الخبر المفرد إما أن يتحمل ضميرا أو لا يتحمله). اشرح ذلك بالتفصيل ومثّل لما تقول.

٦ ـ متى يستتر الضمير في الخبر؟ ومتى يجب إبرازه؟ وضح خلاف البصريين والكوفيين في ذلك مع ذكر الأمثلة.

٧ ـ يقع خبر المبتدأ شبه جملة. فماذا يقصد بشبه الجملة؟ وما متعلقه آنذاك؟ اذكر الخلاف في نوعه مرجحا ما تختار مع التمثيل.

٨ ـ قال النحاة (لا يبتدأ بنكرة إلا بمسوغ) اذكر خمسة من هذه المسوغات وعلل سر اشتراطها ومثل لما تقول.

٢٠٧

تمرينات

(١) قال بعض الحكماء :

العلم خير من المال. فالعلم يحرسك وأنت تحرس المال. والمال تنقصه النفقة. والعلم يزكو على الإنفاق. وخزّان المال هلكى وهم أحياء. والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم تحت الثرى وآثارهم في القلوب. وطلب العلم دين يدان به ، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، والعلم حاكم والمال محكوم عليه.

اقرأ النص قراءة جيدة ثم أجب عما يلي :

(ا) وازن بين قيمة كلّ من العلم والمال كما تفهم من النص.

(ب) بم يتميز العلماء عن أصحاب الأموال؟

تمرينات نحوية على النص السابق

١ ـ عيّن أخبار المبتدآت التي وردت بالنص .. ثم بين نوع كلّ منها.

٢ ـ اختر من النص ثلاثة أمثلة مختلفة لتطابق المبتدأ والخبر.

٣ ـ الكلمات : (خير ـ مال ـ علم ـ طاعة ـ حاكم) كلها نكرات ... اجعل كلا منها مبتدأ بمسوغ من المسوغات بحيث تتنوع هذه المسوغات.

٤ ـ ورد في النص (أعيانهم تحت الثرى ـ آثارهم في القلوب). قدّر متعلق الظرف والجار والمجرور ... مراعيا الخلاف في ذلك مرجحا ما تراه ...

٥ ـ أعرب ما تحته خط من النص.

٢٠٨

(٢) أمنصرف أنت عن درسي أيها الطالب؟

بيّن وجهي الإعراب الجائزين في الضمير (أنت) ورجّح ما تراه منهما.

(٣) قال الشاعر :

أواصل أنت أم العمرو أم تدع

أم تقطع الحبل منهم مثل ما قطعوا

ماذا يجوز في الضمير (أنت) من إعراب؟ وهل هناك وجه أولى من الآخر؟ ولماذا؟

(٤) أعالم محمد؟ ـ أعالمان المحمدان؟ ـ أعالم المحمدون؟.

بين ما يجوز من الأعاريب في كل وصف من الأوصاف السابقة وما يمتنع وعلّل لما تقول.

(٥) كوّن خمس جمل اسمية بحيث تكون أخبارها متنوعة بين الإفراد والجملة بنوعيها وشبه الجملة بنوعيه ...

(٦) كوّن جملتين يكون المبتدأ في كل منهما وصفا .. بحيث يجوز فيه وجهان إعرابيان في الأولى .. ووجه واحد في الثانية. مع بيان السبب.

(٧) هات خمس جمل يكون الخبر فيها واجب التأخير مع استيفاء حالات وجوب تأخير الخبر.

(٨) بين مسوغات الابتداء بالنكرة فيما يأتي : ـ

عام جديد تتحقق فيه الآمال ـ كتاب أدب ينمّي الذوق ـ صيانة للمال مثمرة ـ هل طالب يتطوع للجهاد؟ ـ ما جندي يجبن عن مواجهة العدو ـ سلام لك.

(٩) قال المتنبي يخاطب سيف الدولة : ـ

وهل نافعى أن ترفع الحجب بيننا

ودون الذي أملت منك حجاب

وفي النفس حاجات وفيك فطانة

سكوتي بيان عندها وخطاب

٢٠٩

(ا) عين ما له خبر من المبتدآت وماله فاعل أغنى عن الخبر.

(ب) عين مبتدأين تقدم عليهما خبرهما .. وبين حكم هذا التقدم.

(ج) هل من تعدد الخبر قول الشاعر : (سكوتي بيان عندها وخطاب)؟ ولماذا؟ ...

(د) أعرب ما تحته خط.

٢١٠

تأخير الخبر وجوبا

فامنعه حين يستوي الجزآن

عرفا ونكرا عادمي بيان (١)

كذا إذا ما الفعل كان الخبرا

أو قصد استعماله منحصرا (٢)

أو كان مسندا لذي لام ابتدا

أو لازم الصّدر ك : «من لي منجدا» (٣)

__________________

(١) امنع : فعل أمر ، والفاعل : أنت ، والهاء (تعود إلى تقديم الخبر) في محل نصب مفعول به ، حين : ظرف زمان منصوب متعلق بامنع ، وجملة يستوي الجزءان في محل جر بالإضافة ، عرفا : تمييز ، ونكرا : معطوف على التمييز بالواو ، عادمي : حال من (الجزءان) منصوب بالياء لأنه مثنى ، وحذفت النون للإضافة ، بيان : مضاف إليه مجرور.

(٢) كذا : الكاف حرف جر ، ذا : اسم إشارة في محل جر بالكاف متعلق بامنع ، إذا ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بجواب الشرط المحذوف والتقدير : إذا ما الفعل كان الخبر فامنع التقديم ، ما : زائدة ، الفعل : اسم لكان المقدرة يفسرها كان المذكورة ، كان : فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل والخبرا : خبرها والجملة مفسرة لكان المقدرة ، وجملة كان المقدرة مع معموليها في محل جر بإضافة إذا إليها ، وجملة كان الثانية : مفسّرة لا محل لها من الإعراب ، منحصرا : حال من الهاء في استعماله ، وجملة : قصد استعماله : معطوفة على جملة : كان الفعل الخبرا في محل جر.

(٣) لذى : اللام حرف جر ، ذي : مجرور باللام لأنه من الأسماء الستة ، متعلق بمسندا ، أو : حرف عطف ، لازم : معطوف على ذي مجرور ، من : اسم استفهام

٢١١

ينقسم الخبر ـ بالنظر إلى تقديمه على المبتدأ أو تأخيره عنه ـ ثلاثة أقسام :

(أ) قسم يجوز فيه التقديم والتأخير ، وقد سبق ذكره.

(ب) وقسم يجب فيه تأخير الخبر.

(ج) وقسم يجب فيه تقديم الخبر.

فأشار بهذه الأبيات إلى الخبر الواجب التأخير ، فذكر منه خمسة مواضع :

الأول : أن يكون كلّ من المبتدأ والخبر معرفة أو نكرة صالحة لجعلها مبتدأ ، ولا مبيّن للمبتدأ من الخبر نحو : «زيد أخوك» و «أفضل من زيد أفضل من عمرو». ولا يجوز تقديم الخبر في هذا ونحوه ، لأنك لو قدمته فقلت : «أخوك زيد» (١) و «أفضل من عمرو أفضل من زيد» لكان المقدّم مبتدأ ، وأنت تريد أن يكون خبرا من غير دليل يدلّ عليه. فإن وجد دليل يدلّ على أنّ المتقدّم خبر جاز ، كقولك : «أبو يوسف أبو حنيفة» ، فيجوز تقدّم الخبر ـ وهو أبو حنيفة ـ لأنه معلوم أن المراد تشبيه أبي يوسف بأبي حنيفة لا تشبيه أبي حنيفة بأبي يوسف (٢) ، ومنه قوله :

__________________

في محل رفع مبتدأ ، لي : اللام حرف جر ، والياء : ضمير متصل في محل جر باللام ، متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ والتقدير من كائن لي ، منجدا : حال من ضمير الخبر.

(١) قولنا : «زيد أخوك» معناه أن زيد معروف ولكن الغاية هي الإخبار بأخوته فلو قلنا : أخوك زيد ، لفهم أن الأخوة معروفة وأن الغاية هي الإخبار بالاسم ، ولذا قالوا : لا يجوز أن نقدم الخبر في مثل قولنا : زيد أخوك خشية اللبس الذي يحصل فكل منهما يصلح للابتداء به غير أن المعنى يختلف.

(٢) القرينة هنا معنوية لأن أبا يوسف كان تلميذا لأبي حنيفة فأبو يوسف مبتدأ سواء تقدم أو تأخر ، وأبو حنيفة خبر سواء تقدم أو تأخّر.

٢١٢

٥٢ ـ بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد (١)

فقوله «بنونا» : خبر مقدم ، و «بنو أبنائنا» : مبتدأ مؤخر ، لأن المراد الحكم على بني أبنائهم بأنهم كبنيهم ، وليس المراد الحكم على بنيهم بأنّهم كبني أبنائهم (٢).

والثاني : أن يكون الخبر فعلا رافعا لضمير المبتدأ مستترا نحو «زيد قام» ، ف «قام» وفاعله المقدر خبر عن زيد ، ولا يجوز التقديم ، فلا يقال : «قام زيد» على أن يكون «زيد» مبتدأ مؤخرا ، والفعل خبر مقدم ، بل يكون «زيد» فاعلا ل «قام» فلا يكون من باب المبتدأ والخبر ، بل من باب الفعل والفاعل.

فلو كان الفعل رافعا لظاهر نحو : «زيد قام أبوه» ، جاز التقديم فتقول : «قام أبوه زيد». وقد تقدّم ذكر الخلاف في ذلك.

__________________

(١) أكثر العلماء على أن هذا البيت لا يعرف قائله : ونسبه بعضهم إلى الفرزدق.

المعنى : إن أبناء أبنائنا يشبهون أبناءنا في الصلة بنا والانتساب إلينا ، أما أبناء بناتنا فليسوا كذلك لأنهم ينتسبون إلى آبائهم وهم رجال بعيدون عنا.

الإعراب : بنونا : خبر مقدم مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، ونا : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، بنو : مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو ، أبنائنا : مضاف إليه مجرور ، ونا : في محل جر بالإضافة ، وبناتنا : الواو : حرف عطف ، بنات : مبتدأ أول ، ونا : ضمير في محل جر بالإضافة ، بنوهن : بنو : مبتدأ ثان مرفوع بالواو ، والهاء : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، أبناء : خبر للمبتدأ الثاني ، والجملة في محل رفع خبر للمبتدأ الأول بناتنا ، والجملة الكبرى : بناتنا بنوهن أبناء : معطوفة على الجملة الأولى الابتدائية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله (بنونا بنو أبنائنا) فقد قدم الخبر على المبتدأ مع استوائهما في التعريف لوجود القرينة المعنوية التي تعيّن المبتدأ وهي تشبيه أبناء الأبناء بالأبناء.

(٢) قد تكون القرينة كقولنا «رجل صالح حاضر أو حاضر رجل صالح» فالوصف هو القرينة المعينة للابتداء.

٢١٣

وكذلك يجوز التقديم إذا رفع الفعل ضميرا بارزا نحو : «الزيدان قاما» فيجوز أن تقدم الخبر فتقول : «قاما الزيدان» (١) ، ويكون «الزّيدان» مبتدأ مؤخرا ، و «قاما» : خبرا مقدما. ومنع ذلك قوم.

وإذا عرفت هذا فقول المصنف : «كذا إذا ما الفعل كان الخبرا» يقتضي وجوب تأخير الخبر الفعليّ مطلقا ، وليس كذلك ، بل إنما يجب تأخيره إذا رفع ضميرا للمبتدأ مستترا كما تقدم.

الثالث : أن يكون الخبر محصورا ب «إنّما» نحو : «إنما زيد قائم» ، أو ب «إلّا» نحو : «ما زيد إلا قائم» ، وهو المراد بقوله : «أو قصد استعماله منحصرا» فلا يجوز تقديم «قائم» على «زيد» في المثالين ، وقد جاء التقديم مع ««إلا» شذوذا ، كقول الشاعر :

٥٣ ـ فيا ربّ هل إلّا بك النصر يرتجى

عليهم ، وهل إلّا عليك المعوّل (٢)

__________________

(١) في قولنا : «زيد قام» لو أخرنا المبتدأ لالتبس بالفاعل أما في قولنا : «زيد قام أبوه» أو «الزيدان قاما» فالالتباس غير حاصل لأن الفعل رفع فاعله ولذا جاز تقديم المبتدأ وتأخيره.

(٢) البيت للكميت بن زيد من هاشمياته التي قالها في مديح بني هاشم. المعول : هنا مصدر ميمي بمعنى التعويل بمعنى الاستناد والاعتماد.

المعنى : هل يرتجى النصر على الأعداء إلا بك يا رب. وهل يعتمد في كل أمر إلا عليك.

الإعراب : يا : أداة نداء ، رب : منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة تخفيفا. والياء : في محل جر بالإضافة ، هل : حرف استفهام ، إلا : أداة حصر. بك : جار ومجرور متعلق بيرتجى ، النصر : مبتدأ ، يرتجى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضم المقدر على آخره للتعذر. ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو يعود إلى النصر ، والجملة في محل رفع خبر للمبتدأ. (ويجوز أن نعلق الجار والمجرور (بك) بمحذوف خبر للمبتدأ النصر ، وتكون جملة يرتجى حالية في محل نصب) .. وهل : الواو عاطفة ، هل : حرف استفهام. إلا : أداة حصر عليك : على : حرف جر. والكاف : ضمير متصل

٢١٤

الأصل : وهل المعوّل إلا عليك؟ فقدّم الخبر.

الرابع : أن يكون خبرا لمبتدأ قد دخلت عليه لام الابتداء نحو : «لزيد قائم» ، وهو المشار إليه بقوله : «أو كان مسندا لذي لام ابتدا» فلا يجوز تقديم الخبر على اللام ، فلا تقول : «قائم لزيد» ، لأن لام الابتداء لها صدر الكلام ، وقد جاء التقديم شذوذا : كقول الشاعر :

٥٤ ـ خالي لأنت ، ومن جرير خاله

ينل العلاء ، ويكرم الأخوالا (١)

__________________

في محل جر بعلى. متعلق بمحذوف خبر مقدم للمبتدأ المعول ، والجملة معطوفة على جملة هل إلا بك النصر يرتجي الاستئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه : قوله : «إلا عليك المعوّل» فقد قدّم الخبر المحصور بإلا على المبتدأ شذوذا لأن رتبة المحصور التأخير. ونجد شاهدا آخر على الموضوع نفسه في الشطر الأول إذا أخذنا برأي من يعرب «بك» متعلقا بمحذوف خبر

(١) لم ينسب البيت إلى قائل معيّن ، ويروى مكان جرير : ومن تميم ، ومن عويف.

المعنى : إن جريرا خالي ومن كانت خؤولته إلى جرير نال مجدا وكرم نسبا.

الإعراب : خالي : خبر مقدم مرفوع بالضم المقدر على ما قبل ياء المتكلم ، والياء : ضمير في محل جرّ بالإضافة ، لأنت : اللام : ابتدائية ، أنت : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ مؤخر ، ومن : الواو : استئنافية ، من : اسم موصول في محل رفع مبتدأ ، جرير : مبتدأ ثان خاله : خبر للمبتدأ الثاني مرفوع ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ينل : فعل مضارع مجزوم بمن تشبيها للموصول بالشرط ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى من ، والجملة في محل رفع خبر للمبتدأ (من) ، وجملة المبتدأ والخبر : من ... ينل : استئنافية لا محل لها من الإعراب ، ويكرم : الواو حرف عطف ، يكرم فعل مضارع معطوف على ينل مجزوم بالسكون وحرّك بالكسر دفعا لالتقاء الساكنين ، والفاعل ، هو ، الأخوالا : تمييز منصوب بالفتحة ، والألف للإطلاق.

الشاهد فيه : قوله : «خالي لأنت» على الإعراب الذي أعربناه ؛ فقد قدم الخبر على المبتدأ المقترن بلام الابتداء وهو شاذ ، وللنحاة في هذا البيت أقوال كثيرة منها

٢١٥

ف «لأنت» مبتدأ مؤخر ، و «خالي» : خبر مقدم.

الخامس : أن يكون المبتدأ له صدر الكلام كأسماء الاستفهام نحو : «من لي منجدا»؟ ف «من» : مبتدأ ، و «لي» : خبر ، و «منجدا» حال ، ولا يجوز تقديم الخبر على «من»» ، فلا تقول : «لي من منجدا» (١).

* * *

تقديم الخبر وجوبا :

ونحو : «عندي درهم ، ولي وطر»

ملتزم فيه تقدّم الخبر (٢)

__________________

أن : خالي : مبتدأ ، أنت : خبر لمبتدأ محذوف واللام داخلة على هذا المبتدأ ، والجملة : خبر ولا شذوذ ، والتقدير : خالي لهو أنت ، ومنها أن : خالي مبتدأ وأنت خبر والأصل : لخالي أنت. فاللام في الخبر زحلقت للضرورة ، ومنهم من قال : اللام زائدة وليست للابتداء ، ومنهم من جعل «من» شرطية جازمة وفعل ينل جوابها ، وفعل الشرط كان المقدرة أي التي (اسمها ضمير الشأن) وهو ضعيف لأن حذف فعل الشرط بعد غير «إن» شاذ ، وقيل أقوال كثيرة في إعراب الأخوالا ، ويكون الشاهد في إعرابنا : دخول «ال» على التمييز شذوذا.

(١) يمكن أن نجعل القسمين الرابع والخامس قسما واحدا بقولنا : يجب تأخير الخبر إن كان المبتدأ مستحقا للتصدير بنفسه كأسماء الاستفهام وأسماء الشرط وكم الخبرية ، أو كان مستحقا للتصدير بغيره كالذي دخلت عليه لام الابتداء أو المضاف إلى ماله الصدر كقولنا : غلام من عندك ، ومال كم رجل لديك.

(٢) نحو : مبتدأ ، عندي : ظرف مكان منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء : متعلق بمحذوف خبر مقدم والياء في محل جر بالإضافة ، درهم : مبتدأ مؤخر وجوبا ، لي : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وطر : مبتدأ مؤخر ، ملتزم : خبر للمبتدأ (نحو) تقدّم : نائب فاعل لاسم المفعول ملتزم وهو مضاف ، الخبر : مضاف إليه.

٢١٦

كذا إذا عاد عليه مضمر

ممّا به عنه مبينا يخبر (١)

كذا إذا يستوجب التّصديرا

ك : «أين من علمته نصيرا» (٢)

وخبر المحصور قدّم أبدا

ك : «ما لنا إلا اتّباع أحمدا» (٣)

أشار في هذه الأبيات إلى القسم الثالث ، وهو وجوب تقديم الخبر ، فذكر أنه يجب في أربعة مواضع :

الأول : أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوّغ إلا تقدم الخبر ، والخبر

__________________

(١) كذا : الكاف حرف جر ، ذا : اسم إشارة في محل جر بالكاف متعلق بملتزم في البيت السابق ، إذا : ظرف متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بجواب الشرط المحذوف وتقديره : إذا عاد على الخبر ضمير من المبتدأ .. فتقدمه ملتزم كذا. وجملة عاد عليه مضمر : في محل جر بإضافة إذا إليها ، مما : من : حرف جر ، ما : اسم موصول في محل جر بمن ، متعلق بعاد ، به : جار ومجرور متعلق ب (يخبر) والضمير يعود إلى الخبر ، عنه : جار ومجرور متعلق ب (يخبر) (والضمير يعود إلى المبتدأ) ، مبينا : حال من الضمير في (به) ، يخبر : فعل مضارع مبني للمجهول ، ونائب الفاعل تقديره هو والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، ومعنى البيت : يلتزم تقدم الخبر إذا عاد على جزء منه ضمير متصل بالمبتدأ ، غير أن تعبير الناظم فيه شيء من الالتواء والغموض.

(٢) أين : اسم استفهام في محل نصب على الظرفية المكانية ، متعلق بمحذوف خبر مقدم وجوبا لأن له الصدارة ، من : اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر. علمته : فعل وفاعل ومفعول أول ، نصيرا : مفعول ثان ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

(٣) خبر : مفعول به مقدم لفعل «قدّم». أبدا : مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بقدّم. ما : نافية مهملة. لنا : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، إلا : أداة حصر ، اتباع : مبتدأ مؤخر مرفوع ، أحمدا : مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعملية ووزن الفعل. والألف للإطلاق.

٢١٧

ظرف أو جار ومجرور نحو : «عندك رجل ، وفي الدار امرأة» (١) فيجب تقديم الخبر هنا ، فلا تقول : «رجل عندك» ولا : «امرأة في الدار» ، وأجمع النحاة والعرب على منع ذلك ، وإلى هذا أشار بقوله : «ونحو عندي درهم ، ولي وطر ... البيت» ، فإن كان للنكرة مسوّغ جاز الأمران ، نحو : «رجل ظريف عندي» و «عندي رجل ظريف».

الثاني : أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على شيء في الخبر نحو : «في الدار صاحبها» ، ف «صاحبها» : مبتدأ ، والضمير المتصل به راجع إلى الدار وهو جزء من الخبر ، فلا يجوز تأخير الخبر نحو : «صاحبها في الدار» لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهذا مراد المصنف بقوله : «كذا إذا عاد عليه مضمر .. البيت» أي : كذلك يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه مضمر مما يخبر بالخبر عنه وهو المبتدأ ، فكأنه قال : يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ ، وهذه عبارة ابن عصفور في بعض كتبه ، وليست بصحيحة ، لأن الضمير في قولك : «في الدار صاحبها» إنما هو عائد على جزء من الخبر ، فينبغي أن تقدّر مضافا محذوفا في قول المصنف : «عاد عليه» ، التقدير : «كذا إذا عاد على ملابسه» ، ثم حذف المضاف الذي هو ملابس ، وأقيم المضاف إليه ـ وهو الهاء ـ مقامه ، فصار اللفظ «كذا إذا عاد عليه» ، ومثل قولك : «في الدار صاحبها» قولهم : «على التمرة مثلها زبدا» (٢) ، وقوله :

__________________

(١) لو قدمنا المبتدأ وأخرنا الخبر (رجل عندك ، امرأة في الدار) لاحتجنا إلى مسوّغ للابتداء بالنكرة فلو قدرنا الظرف والجار والمجرور متعلقين بمحذوف صفة ، فيلتبس الخبر بالصفة ، أما في التقديم فينتفي الالتباس لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف.

(٢) على التمرة : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم وجوبا ، مثلها : مثل : مبتدأ مؤخر وجوبا ، وها : ضمير في محل جر بالإضافة ، زبدا : تمييز منصوب بالفتحة.

٢١٨

٥٥ ـ أهابك إجلالا وما بك قدرة

عليّ ولكن ملء عين حبيبها (١)

ف «حبيبها» : مبتدأ مؤخر ، و «ملء عين» : خبر مقدم ، ولا يجوز تأخيره ، لأن الضمير المتصل بالمبتدأ ـ وهو «ها» ـ عائد على «عين» ، وهو متصل بالخبر ، فلو قلت : «حبيبها ملء عين» عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

وقد جرى الخلاف في جواز : «ضرب غلامه زيدا» مع أن الضمير عائد على متأخر لفظا ورتبة ، ولم يجر الخلاف ـ فيما أعلم ـ في منع «صاحبها في الدار» ، فما الفرق بينهما؟ وهو ظاهر فليتأمّل ، والفرق : أنّ ما عاد عليه الضمير وما اتّصل به الضمير اشتركا في

__________________

(١) البيت لنصيب بن رباح يشبّب بامرأته ولم يشبب بأجنبية قط.

المعنى : ليس لك قدرة على إيذائي ولكنني أخافك وأجلك لأن الحبيب يملأ نفس محبّه بالهيبة.

الإعراب : أهاب : فعل مضارع ، والفاعل مستتر وجوبا تقديره : أنا : والكاف : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، إجلالا : مفعول لأجله ، وما : الواو : حالية ، ما : النافية ، بك : الباء حرف جر ، والكاف : ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالباء ، متعلق بمحذوف خبر مقدم ، قدرة : مبتدأ مؤخر ، عليّ : على : حرف جر ، والياء : ضمير متصل في محل جر بعلى ، متعلق بقدرة ، ولكن : الواو استئنافية ، لكن : حرف استدراك ، ملء : خبر مقدم وجوبا : عين : مضاف إليه مجرور ، حبيبها ، مبتدأ مؤخر مرفوع ، وها : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. جملة : ما بك قدرة في محل نصب على الحال من الكاف (أهابك) ، وجملة ، ملء عين حبيبها : استئنافية لا محل لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله : «ملء عين حبيبها» فقد قدّم الخبر وجوبا لأنه اتصل بالمبتدأ ضمير يعود على بعض الخبر كما فصّل الشارح.

٢١٩

العامل في مسألة : «ضرب غلامه زيدا» (١) ، بخلاف مسألة : «في الدار صاحبها» فإنّ العامل فيما اتّصل به الضمير وما عاد عليه الضمير مختلف.

الثالث : أن يكون الخبر له صدر الكلام ، وهو المراد بقوله : «كذا إذا يستوجب التصديرا» نحو «أين زيد»؟ ف «زيد» : مبتدأ مؤخّر ، و «أين» : خبره مقدم ، ولا يؤخّر ، فلا تقول : «زيد أين»؟

لأن الاستفهام له صدر الكلام ، وكذلك : «أين من علمته نصيرا»؟ ف «أين» : خبر مقدم ، و «من» : مبتدأ مؤخّر ، و «علمته نصيرا» : صلة من.

الرابع : أن يكون المبتدأ محصورا نحو : «إنما في الدار زيد ، وما في الدار إلّا زيد». ومثله : «ما لنا إلا اتباع أحمد».

حذف المبتدأ أو الخبر جوازا :

وحذف ما يعلم جائز كما

تقول : «زيد» بعد «من عندكما»؟ (٢)

وفي جواب «كيف زيد»؟ قل : «دنف»

ف «زيد» استغني عنه إذ عرف

__________________

(١) أوجب أكثر النحاة توسّط المفعول وتأخر الفاعل في هذا المثال وما يشبهه أي إذ اتصل بالفاعل ضمير يعود إلى المفعول فنقول : «ضرب زيدا غلامه» فيعود الضمير على متقدم في اللفظ وإن كان متأخرا في الرتبة ، وبعضهم أجاز تقديم الفاعل ، والأفضل أن يقتصر هذا التقديم على الضرورة الشعرية.

(٢) حذف : مبتدأ ، ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة ، جملة يعلم مع نائب الفاعل المستتر : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب ، جائز : خبر المبتدأ ، زيد : مبتدأ وخبره محذوف والتقدير : زيد عندنا ، من : اسم استفهام مبتدأ ، عندكما : ظرف متعلق بمحذوف خبر ، والكاف في محل جر بالإضافة والميم حرف عماد ، والألف علامة التثنية.

٢٢٠