النور المبين في شرح زيارة الأربعين

مهدي تاج الدين

النور المبين في شرح زيارة الأربعين

المؤلف:

مهدي تاج الدين


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: دار الأنصار
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-8956-16-2
الصفحات: ٢٤٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

.......................................................................................

________________________________________________

ويحتمل أن يراد بظاهرهم علومهم الظاهرة من علوم الشريعة المتعلّقة بالحلال والحرام والحدود والأحكام ، وبباطنهم الأسرار المكنونة التي لا يطّلع على بعضها سوى أهل سرّهم كسلمان وكميل وغيرهما ، وفي هذا المقام قال : « لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لكفّره أو لقتله » (١) .

وقال عليه‌السلام :

( إنّي لأكتم من علمي جواهره

كيلا يرى الحقّ ذو جهل فيفتننا ) (٢)

إلى آخر الأبيات .

وقال عليه‌السلام : « إنّ أمرنا صعب مستصعب ، لا يحتمله إلّا ملك مقرب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان » (٣) .

وأمثال هذه الكلمات منهم كثيرة لا تحصى ، ويحتمل أن يراد بظاهرهم الإمامة والخلافة ، وبباطنهم حقيقتهم النورانية المجرّدة التي لا ينال إلى إدراكها أيدي العقول كما قال : « ظاهري إمامة وباطني غيب لا يدرك » (٤) ، وقال :

__________________

(١) ذكره السيّد المرحوم عبد الله شبّر في مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار ١ : ٣٤٨ ، الحديث الثالث والخمسون نقلاً عن الكافي ، واحتمل فيه ستّة احتمالات منها وهو الخامس : « أن يكون المعنى لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان من العلم لقتله ، لأنّ أبا ذر يعلم أنّ في قلب سلمان علماً ويعلم أنّه لا يجوز له إظهاره تقيّة فمع ذلك إذا أظهر سلمان ما في قلبه لأبي ذر ولم يتّق منه لقتله لعدم جواز إظهاره لذلك العلم ولا يخفى بعده » .

(٢) هذه الأبيات منسوبة للإمام زين العابدين عليه‌السلام .

(٣) أخرجه الصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٢٦ ، باب ١٢ ، الحديث ٢ .

(٤) راجع بحار الأنوار ٢٥ : ١٧١ ، الحديث ٣٨ ، الباب الرابع .

٢٤١

.......................................................................................

________________________________________________

« نحن في الحقيقة نور الله الذي لا يزول ولا يتغيّر » (١) ، ويحتمل أن يراد بظاهرهم الناطق منهم وبباطنهم الصامت ، فإنّ الحسن والحسين عليهما‌السلام كانا صامتين في زمن عليّ عليه‌السلام ، كما أنّ الحسين كان صامتاً في زمن الحسن عليه‌السلام ، وهكذا سائر الأئمة وهذا لا ينافي إمامة الصامت كما لا يخفى ، وإليه الإشارة بقوله : « إمامان قاما أو قعدا » (٢) . وسأل يعقوب السرّاج أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : « متى يمضي الإمام حتّى يؤدّي علمه إلى من يقوم مقامه من بعده ؟ قال : لا يمضي الإمام حتّى يفضي علمه إلى من انتجبه الله ، ولكن يكون صامتاً معه فإذا مضى ولي العلم نطق به من بعده » (٣) . وفسّر في الأخبار ( البئر المعطّلة والقصر المشيد ) في قوله : ( وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ) (٤) بالإمام الصامت والناطق .

ويحتمل أن يراد بظاهرهم شاهدهم وبباطنهم غائبهم فيكون العطف للتفسير والتأكيد فيجري فيهما ما تقدّم فيهما .

ولذا قال في الخطبة النورانية : « إنّ غائبنا إذا غاب لم يغب » . ومن هنا ينكشف سرّ حديث « الضيافة ، وغزوة الأحزاب والبصرة » ، وعن ابن شهر آشوب : « ان القوم لما انهزموا يوم الأحزاب انقسموا سبعين فرقة في كل فرقة ترى وراءها معها علي بن أبي طالب » (٥) وعن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : جاء الناس إلى الحسن بن علي

__________________

(١) مشارق أنوار اليقين : ٣٠٦ ، ط . الشريف الرضي ـ قم .

(٢) بحار الأنوار ١٦ : ٣٠٦ .

(٣) بحار الأنوار ٢٦ : ٩٥ .

(٤) سورة الحج : ٤٥ .

(٥) مدينة المعاجز ٢ : ١٢ .

٢٤٢

.......................................................................................

________________________________________________

فقالوا : أرنا عجائب أبيك التي كان يريناها ؟ فقال : أتؤمنون بذلك ؟ قالوا : نعم نؤمن بذلك . قال : أليس تعرفون أبي ؟ قالوا جميعاً : بلى نعرفه ، فرفع لهم جانب الستره فإذا أمير المؤمنين عليه‌السلام قاعد . فقال : تعرفونه ؟ قالوا بأجمعهم : هذا أمير المؤمنين عليه‌السلام ونشهد أنّك وليّ الله حقاً ، والإمام من بعده ، ولقد أريتنا أمير المؤمنين بعد موته ، كما أرى أبوك أبا بكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جدّك في مسجد قبا بعد موته » (١) .

( وقد أرى أمير المؤمنين أبا بكر رسول الله بعد وفاته في مسجد قبا ) ، كما روى الصفّار ذلك عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لقي أبا بكر فاحتجّ عليه ثمّ قال له : أما ترضى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيني وبينك ؟ قال : فكيف لي به ؟ فأخذ بيده وأتى مسجد قبا فإذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه فقضى على أبي بكر فرجع أبو بكر مذعوراً فلقي عمر فأخبره فقال : مالكَ أما علمتَ سحر بني هاشم » (٢) .

وروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : « يموت من مات منّا وليس بميّت ويبقى من بقى منّا حجّة عليكم » (٣) .

ويصدقه قول الله : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٤) .

__________________

(١) بصائر الدرجات ٦ : ٢٧٥ .

(٢) نفس المصدر .

(٣) نفس المصدر .

(٤) سورة آل عمران : ١٦٩ .

٢٤٣

والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وآله الطاهرين عليهم‌السلام .

ونستغفر الله تعالى من الزيادة والنقصان ، والسهو والغلط والنسيان ، إنه غفور منان والله عالم بعواقب الأُمور ومصالح العباد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تم بعون الله ٣٠ / صفر / ١٤٢٦ هـ قم المقدسة

٢٤٤

الفهرست

معنى المعرفة في زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام ....................  ٥

الحكمة من زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام ....................  ١١

مواسم زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام ....................  ١٥

آثار وفضل زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام ....................  ١٨

في معنى الزيارة ووظائفها ....................  ٢٦

السر في عدد الأربعين ....................  ٣٥

متن زيارة أربعين الإمام الحسين عليه‌السلام ....................  ٤٠

شرح متن زيارة الأربعين ....................  ٤٣

اَلسَّلامُ عَلىٰ ....................  ٤٥

وَلِيِّ .........................................  ٥٠

الله ............................  ٥٦

وَحَبيبِهِ ...................................  ٥٨

اَلسَّلامُ عَلىٰ خَليلِ اللهِ وَنَجيبِهِ ........................  ٦٥

اَلسَّلامُ عَلىٰ صَفِيِّ اللهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ .....................  ٦٨

اَلسَّلامُ عَلىَ الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهيدِ ................  ٧٠

اَلسَّلامُ علىٰ اَسيرِ الْكُرُباتِ .......................  ٧٨

اَللّهُمَّ اِنّي اَشْهَدُ اَنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ ، وَصَفِيُّكَ وَابْنُ صَفِيِّكَ ...............  ٨٨

٢٤٥

الْفآئِزُ بِكَرامَتِكَ ، اَكْرَمْتَهُ بِالشَّهادَةِ ....................  ٩٠

وَحَبَوْتَهُ بِالسَّعادَةِ ...................................  ٩٢

وَاَجْتَبَيْتَهُ بِطيبِ الْوِلادَةِ ...................................  ٩٧

وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السّادَةِ ...................................  ١٠٤

وَقآئِداً مِنَ الْقادَةِ ...................................  ١٠٦

وَذآئِداً مِنْ الْذادَةِ ...................................  ١٠٩

وَاَعْطَيْتَهُ مَواريثَ الْأَنْبِيآءِ ...................................  ١١٥

وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلىٰ خَلْقِكَ ........................  ١٢٠

مِنَ الْأَوْصِيآءِ ...................................  ١٢٣

فَاَعْذَرَ فيِ الدُّعآءِ ...................................  ١٢٦

وَمَنَحَ النُّصْحَ ...................................  ١٢٨

وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فيكَ ...................................  ١٣١

لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ .....................  ١٣٥

وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ ...................................  ١٣٦

وَقَدْ تَوازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا .................  ١٣٨

وَباعَ حَظَّهُ بِالْأَرْذَلِ الْأَدْنىٰ .............................  ١٤١

وَشَرىٰ آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوْكَسِ .......................  ١٤٤

وَتَغَطْرَسَ وَتَرَدّىٰ في هَواهُ ........................  ١٤٦

وَاَسْخَطَكَ وَاَسْخَطَ نَبِيَّكَ ...................................  ١٤٨

وَاَطاعَ مِنْ عِبادِكَ ...................................  ١٥٠

اَهْلَ الشِّقاقِ وَالنِّفاقِ ...................................  ١٥٢

وَحَمَلَةَ الْأَوْزارِ ...................................  ١٥٥

الْمُسْتَوْجِبينَ النّارَ ...................................  ١٥٧

٢٤٦

فَجاهَدَهُمْ فيكَ ...................................  ١٥٩

صابِراً مُحْتَسِباً ...................................  ١٦١

حَتّىٰ سُفِكَ في طاعَتِكَ دَمُهُ .............................  ١٦٣

وَاسْتُبيحَ حَريمُهُ ...................................  ١٦٤

اَللّهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لَعْناً وَبيلاً ........................  ١٦٥

وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً اَليماً ...................................  ١٦٨

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللهِ ...........................  ١٦٩

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ سَيِّدِ الْأَوْصِيآءِ .....................  ١٧٢

اَشْهَدُ اَنَّكَ اَمينُ اللهِ وَابْنُ اَمينِهِ .......................  ١٧٤

عِشْتَ سَعيداً وَمَضَيْتَ حَميداً ...................................  ١٧٦

وَمُتَّ فَقيداً مَظْلُوماً شَهيداً ...................................  ١٧٨

وَاَشْهَدُ اَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ ما وَعَدَكَ ........................  ١٨٠

وَمُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ وَمُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ ..................... ١٨٢

وَاَشْهَدُ اَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللهِ ...........................  ١٨٤

وَجاهَدْتَ في سَبيلِهِ ...................................  ١٨٧

حَتّىٰ اَتاكَ الْيَقينُ ...................................  ١٨٩

فَلَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ظَلَمَكَ ...................  ١٩٢

وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ ...............  ١٩٦

اَللّهُمَّ اِنّي اُشْهِدُكَ اَنّي وَلِيٌّ لِمَنْ والاهُ ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداهُ ..........  ١٩٨

بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي يَابْنَ رَسُولِ اللهِ ........................  ١٩٩

اَشْهَدُ اَنَّكَ كُنْتَ نُوراً في الْأَصْلابِ الشّامِخَةِ وَالْأَرْحامِ الْمُطَهَّرَةِ ....  ٢٠٠

لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجاهِلِيَّةُ بِاَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ الْمُدْلَهِمّاتُ مِنْ ثِيابِها ....  ٢٠٣

وَاَشْهَدُ اَنَّكَ مِنْ دَعآئِمِ لدّينِ وَاَرْكانِ الْمُسْلِمينَ .............  ٢٠٥

٢٤٧

وَمَعْقِلِ الْمُؤْمِنينَ ...................................  ٢٠٧

وَاَشْهَدُ اَنَّكَ الْأِمامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهادِي الْمَهْدِيُّ .......  ٢٠٩

وَاَشْهَدُ اَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوىٰ ، وَاَعْلامُ الْهُدىٰ ، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقىٰ ، وَالْحُجَّةُ علىٰ اَهْلِ الدُّنْيا ....  ٢١٣

وَاَشْهَدُ اَنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ ، وَبِاِيابِكُمْ مُوقِنٌ ..........  ٢١٩

بِشَرايِعِ ديني وَخَواتيمِ عَمَلي ، وَقَلْبي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَاَمْري لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ .....  ٢٢٧

وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعَدَّةٌ .............................  ٢٣١

حَتّىٰ يَاْذَنَ اللهُ لَكُمْ ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ .......  ٢٣٣

صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ ، وَعلىٰ اَرْواحِكُمْ وَاَجْسادِكُمْ ، وَشاهِدِكُمْ وَغآئِبِكُمْ ، وَظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ ، آمينَ رَبَّ الْعٰالَمينَ ......................................  ٢٣٤

الفهرست ............................................  ٢٤٥

٢٤٨