المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

الشيخ عبدالأمير عبدالزهره « أبو علي البصري »

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

المؤلف:

الشيخ عبدالأمير عبدالزهره « أبو علي البصري »


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدريّة
الطبعة: ٠
ISBN: 964-8163-14-6
الصفحات: ٢٨٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMohadherat-Menbaryyahimagesimage001.gif

١

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEMohadherat-Menbaryyahimagesrafed.png

٢

بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

المقدمة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علىٰ أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الطاهرين المعصومين .

قال امامنا الصادق عليه‌السلام للفضيل بن يسار : « أتجلسون وتتحدثون ، قلتُ : بلىٰ ، قال : أحيوا أمرنا رحم اللهُ من أحىٰ أمرنا أهل البيت ، من جلس في مجلس يحيىٰ فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب » .

اذن هذه المجالس سبب لحياة قلوبنا ، وسبب لدعاء الأئمة لنا ، وهذه المجالس يحبّها الامام الصادق عليه‌السلام فهي اذن محبوبة عند الله عزّ وجل . أضف إلى ذلك ما تحدثه اللقاءات في الحسينيات أو البيوت بين المؤمنين في تقوية آواصر المحبة والإلفة وتبادل وجهات النظر في الأُمور التي ترتبط بالشريعة أو القضايا الاجتماعية والسياسية وهذا الأمر الذي أكّد عليه ائمتنا عليهم‌السلام في ذلك الوقت ، وقد وجدنا ضرورته وأهميته في يومنا هذا وما أحدثته هذه المجالس من وعي لدىٰ الشباب والأطفال الذين نشأوا في ظل هذه الاجتماعات من ربط الأطفال والشباب بحبِّ أهل البيت عليهم‌السلام وإقامة الشعائر وغيرها .

مع العلم يحاول أعداء المذهب وكذلك الكفار وغيرهم من محاربة هذه المجالس والشعائر أو توهينها كما حاربوا زيارة الامام الحسين عليه‌السلام وكل شيء يرتبط بالإمام الحسين عليه‌السلام خوفاً على عروشهم من جهة وبغضاً لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من جهةٍ أُخرى .

٣

وعملاً بالتكليف المُناط على عاتقنا في ضرورة نشر معارف وأخلاق وسيرة أهل البيت عليهم‌السلام وإيصالها إلى الناس لكي يتعرّفوا على أهل البيت عليهم‌السلام ومن ثمَّ تكون علاقة محبة وإلفة كما أشار الإمام الرضا عليه‌السلام في حديثه مع أبي الصلت الهروي : « فإنّ الناس إذا عرفوا محاسن كلامنا أحبّونا واتبعونا » ، لذلك شمَّر عن ساعد الجد الأخ العزيز الأُستاذ الحاج ( ابو زينب الكتبي ) في نشر ما كتبناه من مجالس رمضانية وعاشورية ، وإتماماً للفائدة وللأسباب التي ذكرناها في مقدمة المجالس العاشورية شجَّعنا على تدوين ما يناسب وما يخدم الأُخوة الخطباء من أشعار وشواهد ومجالس لمناسبة الأربعين وما بعدها ومجالس في حياة الأئمة الطاهرين ، آملاً وسائلاً العليّ القدير أن يوفّقنا لكتابة مجالس مكمَّلة لما كتبناه في هذا الجزء وإصدارها انشاء الله تعالى في جزءٍ لاحق وإذا وفّقن لإصدار جزءٍ خاص بمجالس مولاتنا الصديقة فاطمة الزهراء عليها‌السلام وجزءٍ خاص بمجالس ترتبط فقط ما يناسب مجالس الترحيم وذكر الأموات وقصائد مناسبة مع شواهد ، وهذه الأخيرة حسب ما طلب منّا الأُستاذ الحاج ( ابو زينب الكتبي ) زاده الله توفيقاً لخدمة المذهب والطائفة ورفع الله في درجات والده وأجداده الذين أسّسوا هذه المكتبة الحيدرية لتكون نبراساً ومشعلاً لنشر معارف أهل البيت عليهم‌السلام .

ولا يفوتني أن اتقدّم بالشكر الجزيل للأخ العزيز السيد حسن نجل حجة الاسلام والمسلمين السيد علي أشرف الذي ساهم في صف الحروف وهكذا جميع من له دور في تصميم الغلاف والتجليد ، وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيدنا محمدٍ وآله الطاهرين .

المؤلف

عبد الأمير عبد الزهرة جاسم

( ابو علي البصري )

٢ جمادى الاُولى ١٤٢٤ ه

٤

قبسات من سيرة الامام زين العابدين عليه‌السلام

أروحك أُم روح النبوة تصعد

من الأرض للفردوس والحور سُجَّدُ

ورأسك أم رأس الرسول على القنا

بآية أهل الكهف راح يردّد

وصدرك أم مستودع العلم والحجىٰ

لتحطيمه جيش من الجهل يعمد

وامك أُم أُم الكتاب تنهّدت

فذاب نشيجاً قلبها المتنهّد

وشاطرت الأرض السماء بشجوها

فواحدة تنعىٰ وأُخرى تعدّد

وقد نصب الوحي العزاء يبيته

عليك حداداً والمعزىٰ محمّدُ

يلوح له الثقلان ثقل ممزق

بسهم وثقل بالسيوف مقدّد

فعترته بالسيف والسهم بعضها

شهيد وبعض بالفلاة مشرّد

وأي شهيد أصلت الشمس جسمه

ومشهدها من أصله متولّد

وأي ذبيح داست الخيل صدره

وفراسنها من ذكره تتجمّد

وأعظم ما يشجي النفوس حرائر

تُضام وحاميها الوحيد مقيّد

فمن موثق يشكو التشدد من يد

وموثقة تبكي فتلطمها اليد

* * *

٥

وزينب عليه‌السلام :

يحسين حال الظيم حالي

ظليت حرمه ابغير والي

مشدوه من الهظم بالي

او راسك يبو الشيمه اگبالي

يتلىٰ الذچر فوگ العوالي

ما چنت اظن غدر اللالي

ايخلني امشي ابظعن خالي

من كل هلي اهل المعالي

او دمعي على الوجنات هالي

* * *

اشسويت بيّه يا زماني

من غيّبت عني اخواني

خليت بس تهمل اجفاني

واتغيّرت مني المعاني

يحسين ياللي بيك شاني

مرتفع فگدانك دهاني

ريت الرمه گلبک رماني

او گبلک متت بالطف عساني

أأسبىٰ ولا ذاك الحسام بمنتضىٰ

امامي ولا ذاك اللواء بخافقي

* * *

( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )

______________________

المقدمة :

منصب الامامة منصب خطير ، والإمامة هي الرئاسة العامة لأُمور الدنيا والدين ولعظمها في عين إبراهيم عليه‌السلام طلبها لولده فقال له تعالى لا ينال عهدي الظالمين ، أي أن هذا المنصب لا يليق إلّا بالمعصوم من ذريتك ، وهذه أحد الأدلة على

٦

اشتراط العصمة في الإمام المعصوم ، ونحن نعرف ان إبراهيم كان نبياً ورسولاً وخليلاً للرحمن ، ولما نجح في الابتلاءات التي ابتلاه الله بها أُهِّلَ لهذا المنصب العظيم . ومن هنا اجتمعت في الإمام زين العابدين عليه‌السلام شرائط الامامة ، من العلم الوافر ، والعصمة ، والكرامة والأخلاق العالية ، والعبودية الخالصة لله عزّ وجل ودعاؤه المستجاب وها نحن نذكر بعض سجاياه وأخلاقه العالية لعلّنا نستلهم منها الدروس والعِبَر .

١ ـ رأى الامام زين العابدين عليه‌السلام طاووس اليماني عند الميزاب ببيت الله الحرام يبكي ويتضرع فقال له أراك على هذا الحال وأنت ابن رسول الله ولجدّك الشفاعة ورحمة الله واسعة فقال له يا طاووس لا تؤمنني نسبتي إلى رسول الله بعد قوله تعالى « إذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون واما رحمة الله فهي قريبة من المحسنين وأعلم إني محسن » (١) .

٢ ـ في يوم الصوم يأمر بشاة فتذبح وتطبخ بماء وملح وعند المساء يدعو بالقصاع فيفرق المرق فيها على الفقراء حتى يأتي على آخره ثم يفطر على خبز وتمر ويتصدق بكسوة الشتاء عند انقضائه وبكسوة الصيف عند انتهائه .

٣ ـ لما احتضر عبد الله بن الحسن اجتمع عليه غرماؤه يطالبونه فقال ليس عندي شيء ولكن ارضوا بمن شئتم من علي بن الحسين أو عبد الله بن جعفر فاختاروا السجاد عليه‌السلام فضمنه لهم إلى غلة فلما حان الوقت اتاح الله له المال فأداه (٢) .

٤ ـ لقي الإمام السجاد عليه‌السلام رجل من الخوارج فسبه وثارت العبيد للانتقام منه فقال عليه‌السلام لهم مهلاً ثم أقبل على الرجل وقال ما سُتِرَ عليك منا أكثر ؟ ألك حاجة

______________________

(١) كشف الغمة ، للأربلي : ٢٠٥ ـ ٢٠٨ .

(٢) الوافي ج ١٠ ، ص : ١٠٦ عن الفقيه .

٧

نعينك عليها فاستحىٰ الرجل وسكت فأمر له الإمام بألف درهم فكان هذا سبباً لهدايته وانصرف يقول اشهد أنك ابن رسول الله .

٥ ـ تواضعه ، كان عليه‌السلام إذا دخل عليه ختنه على ابنته أو أُخته بسط له رداءه وقال مرحباً بمن كفىٰ المؤمنة وستر العورة .

٦ ـ تواضعه ، إذا سافر كتم نفسه عن الرفقاء وقام بما يحتاجون إليه فسافر مرة مع من لا يعرفه فرآه رجل يعرفه فقال لهم أتدرون من هذا انه علي بن الحسين فسقطوا عليه يقبلّون يديه ورجليه ويعتذرون من التقصير معه وسئل عن سبب السفر مع من لا يعرفه فقال سافرت مع قومٍ يعرفونني فاعطوني برسول الله ما لا استحق فهذا ألزمني بالسفر مع من لا يعرفني (١) .

٧ ـ كان يدعو عند المحنة أو قبلها الله تعالى بهذا الدعاء : « ربّ كم من نعمة انعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري وكم من بليةٍ ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري فيا من قلّ عند نعمه شكري فلم يحرمني وقلّ عند بلائه صبري فلم يخذلني يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابداً ويا ذا النعماء التي لا تحصىٰ ابداً صلّ على محمد وآله وادفع عنّي شرّه فاني ادرأ بك في نحره واستعيذ بك من شرّه » (٢) .

وعن الامام زين العابدين دعا بهذا الدعاء لمّا بلغه توجه مسرف نحو المدينة .

٨ ـ حبّه لحج بيت الله الحرام : شاهده عبد الملك بن مروان يطوف بالكعبة والهيبة الإلهية تعلوه ، وقد تجلّت له عظمة الباري سبحانه واعضاؤه ترتعد من خشيته ، وتعجب ابن مروان من اعراض الامام عنه ، وفاته أنّ من أقبل على الله بكلّه لم يرَ في الوجود غيره فقال لمن حضر عنده ردّه إليّ فلما جيء به إليه قال له

______________________

(١) عيون اخبار الرضا : ٢٨٣ .

(٢) الإرشاد ، للشيخ المفيد .

٨

عبد الملك إني لست قاتل ابيك فما يمنعك من المصير إليّ ، قال الإمام عليه‌السلام : إنّ قاتل أبي عليه‌السلام أفسد دنياه عليه بما فعله وأفسد أبي عليه بذلك آخرته فان احببت ان تكون مثله فكن قال عبد الملك كلّا ولكن صِر إلينا لتنال من دنيانا فعندها ابدىٰ زين العابدين من تصرفات الامامة ما أبهر العقول حين بسط رداءه وقال اللهمّ أره حرمة أولياءك عندك فنظر الحاضرون وإذا الرداء مملوء دراً يكاد شعاعه يخطف الأبصار وقال لعبد الملك ان من يكون هذا حرمته عند الله تعالى لا يحتاج إلى دينارك ثم قال اللهمّ خذه فلا حاجة لي به فنظروا إلى ردائه فإذا هو خالٍ من ذلك .

٩ ـ هشام حينما أراد التنكر لمقام الامام زين العابدين عليه‌السلام مدحه الفرزدق :

هذا الذي تعرفُ البطحاء وطأته

والبيتُ يعرفه والحِلَّ والحَرمُ

هذا ابنُ خير عبادِ الله كلِّهم

هذا التقيُّ النقيّ الطاهر العلمُ

إذا رأته قريش قال قائلها

إلى مكارم هذا ينتهي الكَرم

هذا ابن فاطمة إن كُنتَ جاهلهُ

بجدّه انبياء الله قد ختموا

ما قال لا قطُّ إلّا في تشهّده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم

عمّ البرية بالإحسان فانقلعت

عنها الغيابة والاملاق والعدم

فليس قولك من هذا بضائره

العُرُب تعرفُ من أنكرت والعجم

* * *

١٠ ـ الشهادة : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان فوق كل ذي برٍ بر ، حتى يقتل في سبيل الله فإذا قُتل فليس فوقه بر » (١) .

عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما من نبي ولا وصي إلّا شهيد » (٢) .

______________________

(١) الكافي على هامش مرآة العقول ج ٣ ، ص : ٣٧٨ .

(٢) بصائر الدرجات : ١٤٥ .

٩

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول للحسين عليه‌السلام : « إن لك عند الله درجة لا تنالها إلّا بالشهادة » (١) .

أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يسأل الله عزّ وجل خاتمة عمل من أعماله الشهادة « فاجعله خاتمة عملي وصيّر فيه فناء عمري » (٢) .

الإمام الحسن المجتبىٰ عليه‌السلام : « ما منّا إلّا مقتول أو مسموم » (٣) .

الإمام الرضا عليه‌السلام : « ما منّا إلّا مقتولٌ شهيد » (٤) .

الإمام الصادق عليه‌السلام : « ما منّا إلّا مقتول شهيد » (٥) .

العلماء الذين صرّحوا في كتبهم في شهادة الإمام زين العابدين عليه‌السلام :

١ ـ ابن شهر آشوب في المناقب ـ ج ٢ ، ص : ٢٦٩ .

٢ ـ ابن جرير الطبري في دلائل الامامة ـ ص : ٨٠ .

٣ ـ تاريخ القرماني ـ ص : ١١١ .

٤ ـ رسالة المواليد للسيد محمد جد السيد بحر العلوم .

٥ ـ أُرجوزة الشيخ الفتوني أنّ الوليد مسمّه .

٦ ـ الأنوار النعمانية ـ ص : ١٢٥ .

٧ ـ جدول مصباح الكفعمي ـ ص : ٢٧٦ .

٨ ـ جدول شرح ميمية ابي فراس ـ ص : ١٦ .

٩ ـ أُرجوزة الحر العاملي .

______________________

(١) الصحيفة العلوية ، للشيخ عبد الله السماهيجي .

(٢) شرح الصحيفة ، للسيد علي خان : ٥٨ .

(٣) كفاية الأثر ، للخزاز : ٣١٧ .

(٤) الأمالي : ٣٩ .

(٥) أعلام الورى ، للطبرسي : ٢١١ .

١٠

١٠ ـ الاتحاف للشبراوي ـ ص : ٥٢ .

١١ ـ الصواعق المحرقة ـ ص : ١٢٠ .

١٢ ـ الفصول المهمة لابن الصباغ .

عظمّ الله لك الأجر يا بقية الله ، في مثل هذا اليوم ، امامنا زين العابدين عليه‌السلام يلوج بنفسه من أثر السم ، ولمّا دنت منه الوفاة ، عرق جبينه وسكن أنينه غمضّ عينيه ، أسبل يديه مدّد رجليه وفاضت روحه الطاهرة .

گضه السجّاد نحبه او لا سكن يوم

ونه او خلص كل عمره بالهموم

عگب يوم الطفوف او عملة الگوم

من گعد ابو الباقر من اگوم

محزون گلبه او حل مهظوم

واصبح ابهذا اليوم مسموم

راعي الفخر ضنوة المظلوم

يا عين هلّي ابدمع مسجوم

الفگده او عوفي لذّة النوم

* * *

وأصبحت طيبة بزلازل والخلگ کلها ابعول

لجل ابو محمد تزلزل ا خلگ عرش الجلل

والأعلام السود منشوره ومدامعهم تسيل

اهتزت السبع العليّه وبالأرض صار انقلاب

گام شبله ايغسّله والدمع من عينه هما

ومدده على المغتسل والماي جاه امن السما

وبالطفوف احسين ابوه اتغسل ابفيض الدما

وجثته ظلّت على حرّ الصعيد امرضرضه

* * *

١١

مصايب بني الزهرا الطيبين

صعبه او حگ تبچلها العن

لاچن اشدها امصبة احسين

الخلّت الزهراء اتزيد الونين

بالگبر واتناديه كل حين

يبني البگه فوگ الثره اطعن

جسمک بلا غسل او تچفن

او يمك أهل بيتك ولبنين

او عباس يم المشرعة البين

خلّاه مرمي ابغير چفّين

* * *

توفوا عطاشىٰ بالفراتِ فليتني

تُوفيتُ فيهم قبل حينَ وفاتي

* * *

١٢

مسير الرأس الشريف من الكوفة إلىٰ الشام

لم أنسه إذ قام فيهم خاطباً

فإذا هُم لا يملكون خطابا

يدعوا ألستُ أنا ابن بنتِ

نبيكم وملاذكم إن صرف دهر نابا

أم لم يوصِّ بنا النبيّ وأو

دع الثقلين فيكم عترةً وكتابا

هل جئت في دين النبيّ ببدعة

أم كنت في أحكامه مرتابا

ان لم تدينوا بالمعاد فارجعوا

أحسابكم إن كنتم أعرابا

فغدوا حيارىٰ لا يرون لوعظه

إلّا الأسنة والسهام جوابا

حتى إذا أسفت علوج امية

الا ترىٰ قلب النبيّ مصابا

صلّت على جسم الحسين سيوفهم

فغدا لساجدة الظبا محرابا

ظمآن ذاب فؤاده من غلّة

لو مسّت الصخر الأصم لذابا

ترب الجبين وعين كلّ موحّد

ودّت لجسمك لو تكون ترابا

لهفي لرأسك فوق مسلوب القناء

يكسوه من أنواره جلبابا

يتلو الكتاب على السّنان وإنما

رفعوا به فوق السنان كتابا

* * *

١٣

سكينة تخاطب رأس الحسين عليه‌السلام بلسان الحال :

أخبرنك ينور العين بعداك

سبونه أو بينه ضر اشكثر بعداك

شفنه ظيم بويه او هظم بعداك

دفك عينك او شرف اشصار بيه

* * *

اعلى راس احسين كل الحرم دارن

او بجايه ادموعهن يمّه تجارن

سحايب اعلى اجروحه انهارن

او ليه ابشچاوهن تبارن

خواتك دشوف اشلون صارت

حين الليالي اعليك جارن

عنك اويه العدوان سارن

لهفي لزينب بعد فقد حماتها

قطعت مع الخصم المشوم طريقا

* * *

لم يزل السبط الشهيد حليف القرآن منذ انشأ كيانه لأنهما ثقلا رسول الله وخليفتاه على أُمته وقد نصّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض .

فبذلك كان الحسين عليه‌السلام غير مبارح تلاوته طيلة حياته في تهذيبه وإرشاده وتبليغه في حله ومرّ تحله حتى في موقفه يوم الطف بين ظهراني أُولئك المتجمهرين عليه ليتم عليهم الحجة ويوضح لهم المحجة .

هكذا كان ابن رسول الله حتى اطفق يتلو القرآن رأسه المطهّر فوق عامل السنان .

هل يمكن لنا أن نتصور رأس على الرمح يقرأ القرآن :

وللجواب على هذا السؤال نرجع إلى القرآن الكريم لنرى هل يمكن إثبات هذه القضية وحين الرجوع إلى القرآن الكريم : ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ) في

١٤

الدر المنثور ج ٢ ، ص : ١١٩ والبحار ج ٥ ، ص : ٢٧٨ نقلاً عن المهج ، وفي قصص الأنبياء للثعالبي ص : ١٢٠ ذكروا أنّ الكلام بين موسىٰ وربّه كان يخرج من شجرة . أقول وهل تقاس الشجرة برأس المنحور في طاعة الرحمن سبحانه ؟! كلّا .

ما هي الأماكن التي قرأ الرأس الشريف فيها القرآن :

١ ـ قال زيد بن أرقم : كنت في غرفة لي فمرّوا عليّ بالرأس وهو يقرأ ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) فوقف شعري وقلت والله يابن رسول الله رأسك أعجب وأعجب (١) .

٢ ـ لمّا نصب الرأس الأقدس في موضع الصيارفة وهناك لغط المارة وضوضاء المتعاملين ، فأراد سيد الشهداء توجيه النفوس نحوه ليسمعوا بليغ عظاته فتنحنح الرأس تنحنحاً عالياً فاتجهت إليه الناس واعترتهم الدهشة حيث لم يسمعوا رأساً مقطوعاً يتنحنح قبل يوم الحسين عليه‌السلام فعندها قرأ سورة الكهف إلى قوله تعالى ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) .

٣ ـ صلب على شجرة فاجتمع الناس حولها ينظرون إلى النور الساطع فأخذ يقرأ ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٢) .

٤ ـ قال هلال بن معاوية : رأيت رجلاً يحمل رأس الحسين عليه‌السلام والرأس يخاطبه « فرّقت بين رأسي وبدني ، فرّق الله بين لحمك وعظمك وجعلك آية ونكالاً للعالمين » (٣) .

______________________

(١) إرشاد المفيد والخصائص الكبرىٰ ج ٢ ، ص : ١٢٥ .

(٢) ابن شهر آشوب ج ٢ ، ص : ١٨٨ .

(٣) شرح قصيدة ابي فراس : ١٤٨ .

١٥

٥ ـ سمع سلمة بن كهيل الرأس يقرأ وهو على القناة ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّـهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (١) .

٦ ـ يحدث ابن وكيدة : انه سمع الرأس يقرأ سورة الكهف فشك في انه صوته او غيره فترك عليه‌السلام القراءة والتفت إليه يخاطبه : يابن وكيدة أما علمت أنّا معشر الأئمة أحياءٌ عند ربّهم يرزقون ؟ فعزم على أن يسرق الرأس ويدفنه ، وإذا الخطاب من الرأس الأزهر : يابن وكيده ليس إلى ذلك من سبيل إنّ سفكهم دمي أعظم عند الله من تيسيري على الرمح فذرهم فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (٢) .

٧ ـ قال المنهال بن عمرو : رأيت رأس الحسين بدمشق على رمح وامامه رجل يقرأ سورة الكهف حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) نطق الرأس بلسان فصيح : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي (٣) .

٨ ـ لما أمر يزيد بقتل رسول الله ملك الروم حيث انكر عليه فعلته نطلق الرأس بصوت رفيع « لا حول ولا قوة إلّا بالله » (٤) .

هذه ثمانية موارد فيها تصريح لنطق الرأس الشريف أما بالآيات الكريمة أو بشيء آخر .

______________________

(١) أسرار الشهادة : ٤٨٨ .

(٢) شرح قصيدة أبي فراس : ١٤٨ .

(٣) الخصائص ، للسيوطي ج ٢ ، ص : ١٢٧ .

(٤) مقتل العوالم : ١٥١ .

١٦

ماذا جرىٰ في الطريق بين الكوفة والشام :

أ ـ في بعض المنازل وضعوا الرأس المطهّر فلم يشعر القوم إلّا وقد ظهر قلم حديد من الحائط وكتب بالدم :

أترجو أُمةٌ قتلت حسيناً

شفاعة جدّه يوم الحساب

* * *

ب ـ قبل أن يصلوا الموضع بفرسخ وضعوا الرأس على صخرة هناك فسقطت منه قطرة دم على الصخرة فكانت تغلي كل سنة يوم عاشوراء ويجتمع الناس هناك من الأطراف فيقيمون المأتم على الحسين ويكثر العويل حولها وبقي هذا إلى أيام عبد الملك بن مروان فأمر بنقل الحجر فلم ير له أثر بعد ذلك ولكنهم بنوا في محل الحجر قبة سموها ( النقطة ) (١) .

ج ـ كان بالقرب من « حماة » في بساتينها مسجد يقال له مسجد الحسين ويحدّث القومه : ان الحجر والأثر والدم موضه رأس الحسين حين ساروا به إلى دمشق . قال المحدّث القمي في نفس المهموم شاهدت هذا الحجر عند سفري إلى الحج وسمعت الخدم يتحدثون بذلك .

د ـ وبالقرب من ( حلب ) مشهد يعرف « بمسقط السقط » أو « مشهد الطرح » وذلك ان حرم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لما وصلوا إلى هذا المكان اسقطت زوجة الحسين سقطاً كان يُسمىٰ ( محسناً ) .

______________________

(١) نفس المهموم : ٢٢٨ وفي تاريخ حلب ج ٣ ، ص : ٢٣ .

١٧

هـ ـ وفي بعض المنازل نصبوا الرأس على رمح إلى جنب صومعة راهب وفي اثناء الليل سمع الراهب تسبيحاً وتهليلاً ورأىٰ نوراً ساطعاً من الرأس المظهر وسمع قائلاً يقول : السلام عليك يا ابا عبد الله فتعجّب حيث لم يعرف الحال وعند الصباح استخبر من القوم قالوا : إنه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب وأُمه فاطمة بنت محمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم : تباً لكم أيتها الجماعة صدقت الأخبار في قولها إذا قتل تمطر السماء دماً ، وأراد منهم أن يقبّل الرأس فلم يجيبوه إلّا بعد أن دفع إليهم دراهم ثم أظهر الشهادتين وأسلم ببركة رأس الحسين عليه‌السلام .

أقول أيّها المحب أيها الوالي من أين هذا السلام هذا السلام على الظاهر من أُمّه فاطمة الزهراء عليها‌السلام :

مني الوالدة يحسين يبني

ويمن ريت ذبّاحك ذبحني

اسعدني على ابني يلتحبني

* * *

انه الوالده المذبوح ابنها

وطول الدهر ما فل حزنها

مصيبة او يشيب الراس منها

سبعين جثه ابدور چنها

بالمرعنه محّد دفنها

وزينب حده الحادي ابضعنها

تحن والنياگ تحن لحنّها

* * *

يگولون يبني غسّلوك ابفيض نحرك

والترب يبني صار كافورك وسدرك

وفي گلوب اهل الولا محفور گبرك

وراسك فوگ الرمح ا مهجتي ايلوح

* * *

١٨

حزني على ذبايح ضحايا ابيوم عاشور

لنصب عليهم ماتمي في وسط الگبور

وانسيت ضلعي اللي بسد الباب مكسور

واصعب عليّ لو نعي الناعي على احسين

* * *

أيا ناعياً إن جئت طيبة مقبلا

فعرّج على مكسورة الضلع معولا

فحدّث بما مضّ الفؤاد مفصلا

افاطم لو خلت الحسين مجدلا

وقد مات عطشاناً بشط فرات

* * *

١٩

حقوق الوالدين في دعاء الامام زين العابدين عليه‌السلام

ولهفي لزين العابدين وقد سرىٰ

أسيراً عليلاً لا يفكُّ له أسر

وآل رسول الله تُسبىٰ نسائهم

ومن حولهنّ الستر يهتك والخدر

سبايا بأكوار المطايا حواسراً

يلاحظهنّ العبد في الناس والحرّ

فويل يزيد من عذاب جنهم

إذا أقبلت في الحشر فاطمة الطهر

ملابسها ثوبٌ من السمِّ أسود

وآخر قان من دم السبط محمّر

* * *

النوح يا فاطم على منهو تنوحين

نوحچ على المسموم لو نوحچ على احسين

نادت ودمع العين على الخدّ بادي

لو تسألوني يا خلگ كلهم أولادي

لچن مصاب احسن ساطي في افّادي

أعظم مصيبة هونّتها مصيبة احسين

دهري رماني بالرزايا ابكل غالي

وشتّت أولادي عن يميني وعن شمالي

٢٠