بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري

بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

المؤلف:

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-251-4
الصفحات: ٤٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١٨ ـ قال : حدّثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدّثنا عبده ، عن عبدالملك بن أبي سليمان قال :

« قلت لعطا : أكان في أصحاب رسول الله أعلم بكتاب الله من علي ؟ قال : لا والله ».

١٩ ـ قال : حدّثنا أبو عبدالله جعفر بن عبدالله بن جعفر العلوي ، قال : حدّثني يحيى بن هاشم الغساني (١) ، قال : حدّثني محمّد بن مروان ، قال : حدّثني جويبر بن سعيد (٢) ، عن الضحاك بن مزاحم قال :

« سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : أتاني أبو بكر وعمر فقالا : لو أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فذكرت له فاطمة عليها‌السلام ، قال : فأتيته ، فلمّا رآني رسول الله ضحك ، ثم قال : ما جاء بك ياأبا الحسن [ وما ] (٣) حاجتك ؟ قال : فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي له وجهادي.

فقال : ياعلي صدقت فأنت أفضل ممّا ذكرت (٤) ، فقلت : يارسول الله فاطمة فزوّجنيها ، فقال : يا علي انّه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها ، ولكن على رسلك (٥) حتّى أخرج إليك ، فدخل عليها فقامت إليه ، فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء ، فوضّته بيدها وغسلت رجليه ثمّ قعدت.

فقال [ لها ] (٦) : يافاطمة ! قالت : لبيك حاجتك يارسول الله ، قال : انّ علي بن أبي طالب ممّن عرفت قرابته وفضله في إسلامه (٧) وإنّي قد سألت ربّي أن يزوّجكِ بخير خلقه وأحبّهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين ؟ فسكتت ولم تولّ وجهاً ولم يرَ فيه رسول الله كراهة ، فخرج وهو يقول : الله أكبر ، سكوتها إقرارها ،

__________________

(١) في الأمالي : الغناني.

(٢) في الأمالي : جوير بن سعد.

(٣) من الامالي.

(٤) في الأمالي : ممّا تذكر.

(٥) الرسل ـ بالكسر ـ التأني والرفق.

(٦) من الأمالي.

(٧) في الأمالي : فضله وإسلامه.

٤٠١

وأتاه جبرئيل فقال : يامحمد زوّجها علي بن أبي طالب ، فانّ الله قد رضيها له ورضيه لها ، قال علي عليه‌السلام : فزوجني رسول الله ، ثمّ أتاني فأخذ بيدي فقال : قمْ باسم الله وقل : على بركة الله ، ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله توكّلت على الله ، ثم جاءني حتّى (١) أقعدني عندها.

ثم قال : اللهم انّهما أحبّ خلقك إليّ فاحبّهما وبارك في ذرّيتهما واجعل عليهما منك حافظاً وإنّي اعيذهما بك وذرّيتهما من الشيطان الرجيم » (٢).

٢٠ ـ عن أبي هريرة انّه قال : « من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة كتب الله له صيام ستّين شهراً ، وذلك يوم غدير خم لمّا أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي بن أبي طالب فقال : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، فقال [ له ] (٣) عمر : بَخٍّ بَخٍّ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » (٤).

٢١ ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« من أراد أن يحيى حياتي وان يموت مماتي وأن يسكن جنّة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب ويتول ذريته من بعده فانهم خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من اُمّتي القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي » (٥).

٢٢ ـ قال : حدّثنا محمّد بن سيرين ، قال : سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة ، يقولون :

« لمّا فرغ علي بن أبي طالب عليه‌السلام من الجمل عرض له مرض وحضرت الجمعة فتأخر عنها ، وقال لإبنه الحسن عليه‌السلام : انطلق يابنيّ فجمع بالناس ، فأقبل

__________________

(١) في الأمالي : حين.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٧ ، عنه البحار ٤٣ : ٩٣.

(٣) من البحار.

(٤) رواه السيّد في الطرائف : ١٤٧ ، عن ابن المغازلي في مناقبه : ١٩ ، عنه البحار ٣٧ : ١٠٨ ، أقول : مرّ مثله تحت الرقم : ١٧٢.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ٢ : ١٩١ ، والصدوق في أماليه : ٣٩.

٤٠٢

الحسن إلى المسجد فلمّا استقرّ على المنبر حمدَ الله وأثنى عليه وتشهد وصلّى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال :

أيّها النّاس انّ الله إختارنا بالنبوة واصطفانا على خلقه وأنزل علينا كتابه ووحيه ، وايم الله لا ينقصنا أحد من حقّنا شيئاً إلاّ ينقصه [ الله ] (١) في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ولا تكون علينا دولة إلاّ كانت لنا العاقبة ، ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) (٢) ، ثم جمع بالناس وبلغ أباه عليه‌السلام كلامه ، فلمّا انصرف إلى أبيه نظر إليه ، فما ملك عبرته أن سالت على خدّيه ثمّ استدناه إليه فقبّل بين عينيه وقال : بأبي أنت واُمّي ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٣) » (٤).

٢٣ ـ عن قيس بن سعد بن عبادة قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : « أنا أوّل من يجثو بين يدي الله عزّ وجلّ يوم القيامة للخصومة » (٥).

٢٤ ـ عن حكيم بن حسن (٦) عن عقبة الهجري ، عن عمّه قال :

« سمعت علياً عليه‌السلام على المنبر وهو يقول : لأقولنّ اليوم قولاً لم يقله أحد قبلي ولا يقوله [ أحد ] (٧) بعدي إلاّ كاذباً : أنا عبدالله وأخو رسول الله وتزوّجت سيّدة نساء الاُمّة » (٨).

٢٥ ـ قال : حدّثنا عمرو بن ثابت ، عن جبلة بن سحيم ، عن أبيه قال :

« لمّا بويع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بلغه أن معاوية قد توقّف عن إظهار البيعة له ، وقال : إن أقرّني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته ، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين ، فقال له : ياأمير المؤمنين انّ معاوية مَنْ قد علمت (٩) وقد ولاّه الشام من كان قبلك فولّه أنت كيما تتسق الاُمور ، ثمّ إعزله إن بدا لك ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أتضمن لي عمري يامغيرة فيما تولّيته إلى خلعه ؟ قال : لا.

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) ص : ٨٨.

(٣) آل عمران : ٣٤.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٨١.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٨٣.

(٦) في الأمالي : جبير.

(٧) من الأمالي.

(٨) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٨٣.

(٩) في الأمالي : عرفت.

٤٠٣

قال : فلا يسألني الله عزّ وجلّ عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبداً ( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا ) (١) ، لكنّي ابعث إليه فأدعوه إلى ما في يدي من الحق فان أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، وان أبى حاكمته الىٰ الله ، فولّى المغيرة وهو يقول : [ فحاكمه إذاً ، فأنشأ يقول ] (٢) :

نصحت علياً في ابن حربٍ نصيحةً

فردّ فما منّي له الدّهر ثانية

ولم يقبل النصح الذي جئته به

وكانت له تلك النصيحة كافية (٣)

وقالوا له ما أخلص النصح كلّه

فقلت له ان (٤) النصيحة غالية

فقام قيس بن سعد فقال : ياأمير المؤمنين انّ المغيرة أشار عليك بأمر لم يرد الله به ، فقدّم فيه رجلاً وأخّر فيه اُخرى ، فان [ كان لك ] (٥) الغلبة تقرّب إليك بالنصيحة ، وان كانت لمعاوية تقرّب إليه بالمشورة ، ثم أنشأ يقول :

كاد ومن أرسى ثبيراً مكانه

مغيرة ان يقوى عليك معاوية

كنت بحمد الله فينا موفقاً

وتلك التي أراكها غير كافية

فسبحان من علا السماء مكانها

والأرض دحاها كما هي هيه » (٦)

٢٦ ـ عن أبي إسحاق ، عن الحرث ، عن علي عليه‌السلام قال :

« كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتينا كلّ غداة فيقول : الصلاة رحمكم الله الصلاة ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٧) » (٨).

٢٧ ـ قال : حدّثنا أبو نعيم قال : قلت لقطر :

« كم كان بين قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه ، إلى وفاته ؟ قال : مائة يوم ».

٢٨ ـ قال : حدّثنا الحسين بن إبراهيم المعروف بأبي علية قال :

__________________

(١) الكهف : ٥١.

(٢) من الأمالي.

(٣) في الأمالي : عافية.

(٤) في الأمالي : ذات.

(٥) من الأمالي.

(٦) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٨٥.

(٧) الاحزاب : ٣٣.

(٨) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٨٨.

٤٠٤

« سمعت عبدالسلام بن صالح قال : قلت لوكيع بن الجراح : ما معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه ، فعليّ مولاه ؟ قال : من كنت نبيه فعلي وليه ».

٢٩ ـ قال : حدّثنا أبو علي بن أبي ياسر ، قال : حدّثنا عيسى بن فاشي قال :

« قدمت من المدائن في بعض الأوقات إلى بغداد فدخلت سكّة من السكك التي لم يكن لي عهد بسلوكها فوجدت جمعاً كثيراً من أصحاب الحديث مع المحدّث ، فنزلت عن دابتي وقعدت في آخر الناس ، فلمّا تمّ المجلس وتفرقوا تقدمت إلى المحدّث لأسأله عن أشياء وكان أحمد بن حنبل ، فقلت : أنا أعزّك الله رجل من السواد ومذهبنا موالاة أهل البيت عليهم‌السلام وتَردُ علينا أحاديث يجب أن نعرف صحتها فاسألك عن بعضها فقال : سلّ.

فقلت : الحديث يروى في علي بن أبي طالب عليه‌السلام : أنت قسيم النار ، قال : ـ وكان على يمينه أحمد بن نصر بن مالك ـ فذهب أحمد بن نصر ينكر الحديث ، فسكّته أحمد ، وقال : إنه يسأل ، ثم قال : هذا حديث في إسناده ، ولكن في الحديث الآخر : اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه ما يغني عنه ، وهو حديث صحيح ، ويجوز أن يكون من والاه في الجنّة ومن عاداه في النار ، فمعنى هذا الحديث في هذا الحديث ».

٣٠ ـ حدّثنا شعبة قال : سمعت سيّد الهاشميين زين العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام بالمدينة يقول : حدثني عمّي محمّد بن علي عليهما‌السلام انه سمع جابر بن عبدالله يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« سدّوا الأبواب كلّها إلاّ باب علي ، وأومأ بيده إلى بابه » (١).

٣١ ـ أخبرنا عمرو بن أبي المقداد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي الحمراء خادم رسول الله قال :

« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما اُسري بي إلى السماء رأيت على ساق العرش

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه : ٢٧٤.

٤٠٥

الأيمن : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به » (١).

٣٢ ـ عن سلمة بن كهيل ، عن عياض بن عياض ، عن أبيه قال :

« مرَّ عليُ بن أبي طالب بملأ فيهم سلمان فقال لهم سلمان رضي‌الله‌عنه : قوموا فخذوا بحجزة هذا فوالله لا يخبركم بسر نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله [ أحد ] (٢) غيره » (٣).

٣٣ ـ عن علي بن عقبة عن سالم بن أبي حفصة قال :

« لما هلك أبو جعفر محمّد بن علي عليهما‌السلام قلت لأصحابي : انتظروني حتى أدخل على أبي عبدالله جعفر بن محمّد فاعزيه به ، فدخلت عليه فعزيته ثم قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله من كان يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يُسألْ عمّن بينه وبين رسول الله ، فلا والله ولا نرى مثله أبداً ، قال : فسكت أبو عبدالله عليه‌السلام ساعة ثم قال :

قال الله تعالى : [ انّ ] (٤) من عبادي من يتصدّق بشقّ [ من ] (٥) تمرة فاُربيها (٦) له كما يُربي أحدكم فلوه (٧) حتّى اجعلها له مثل [ جبل ] (٨) اُحد ، فخرجت إلى أصحابي فقلت : ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر : قال رسول الله بلا واسطة ، فقال لي أبو عبدالله : قال الله تعالى بلا واسطة » (٩).

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه : ١٧٩ ، والخوارزمي في مناقبه : ٢٢٩ ، وابن المغازلي في مناقبه : ٣٩ ، والشيخ منتجب الدين في أربعينه : ٦٦ ، للحديث مصادر كثيرة أخرجها في إحقاق الحق ٦ : ١٣٩ ـ ١٥١ ، فراجع.

(٢) من الأمالي.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١ : ١٢٥ ، أقول : مرّ مثله في ج ٣ : الرقم ٢١.

(٤) من الأمالي.

(٥) من الأمالي.

(٦) ربى المال : زاد ونما.

(٧) الفلو : الجحش.

(٨) من الأمالي.

(٩) رواه الشيخ في أماليه ١ : ١٢٥.

٤٠٦

٤٠٧
٤٠٨

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

١ ـ قال : حدّثنا أبو محمّد القاسم بن عبدالله بن المغيرة الجوهري ، قال : حدّثنا أبو غسان يعني مالك بن اسماعيل النهدي ، أخبرنا المطلب بن زياد ، أخبرنا ليث ، عن الحكم ، عن عائشة بنت سعد ، عن سعدان ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي بن أبي طالب يوم غزوة تبوك :

« أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي » (١).

٢ ـ قال : حدّثنا محمّد بن الأسود ، عن محمّد بن مروان ، عن محمّد بن السايب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال :

« أقبل عبدالله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمن بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يارسول الله ان منازلنا بعيدة لا نجد أحداً يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد ، وان قومنا لمّا رأونا صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم اظهروا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يواكلونا فشق علينا ، فبينا هم يشكون إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ نزلت هذه الآية على رسول الله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) ، ويؤذن بالصلاة صلاة الظهر.

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ٢ : ٢١١ ، عنه البحار ٣٧ : ٢٥٥ ، رواه ابن شاذان في مائة منقبة : ٩١ ، عنه غاية المرام : ١١٩ ، والكراجكي في كنز الفوائد : ٢٨٢ أخرجه السيوطي في بغية الوعاة : ٤٥٢ ، والخطيب في تاريخ بغداد ٣ : ٢٨٨ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١ : ٣٤٦.

(٢) المائدة : ٥٥.

٤٠٩

وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فإذا مسكين يسأل ، فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أعطاك أحد شيئاً ؟ قال : نعم ، قال : ذاك الرجل القائم ، قال : على أيّ حال أعطاكه ؟ قال : وهو راكع ، قال : وذلك علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : فكبّر رسول الله عند ذلك ثم قرأ ( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... ) (١) الآية ، فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك :

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطيء في الهدى ومسارع

أيذهب سعي في مديحك ضائعاً

وما المدح في جنب الإله بضايع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً

فدتك نفوس القوم يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فثبتها في محكمات الشرائع » (٢)

٣ ـ عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول :

« لولا ان الله خلق أمير المؤمنين عليه‌السلام لفاطمة ما كان لها كفؤ على الأرض » (٣).

٤ ـ وروي : « أن أمير المؤمنين عليه‌السلام دخل بفاطمة بعد وفاة اختها زوجة عثمان بستة عشر يوماً بعد رجوعه من بدر وذلك لأيام خلت من شوال.

وروى انه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجّة » (٤).

٥ ـ قال : حدّثنا علي بن هاشم ، عن أبيه ، عن بكير بن عبدالله الطويل وعمّار بن أبي معاوية ، قالا : حدثنا أبو عثمان البجلي مؤذن بني أقصى ، قال بكير : أذن لنا أربعين سنّة قال :

« سمعت علياً يقول يوم الجمل : ( وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) (٥) ، ثم حلف حين قرأها انّه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتى اليوم ، قال بكير : فسألت عنها أبا جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) المائدة : ٥٦.

(٢) رواه البحراني في البرهان ١ : ٤٨٢ عنه الطبرسي ، وفي البرهان ١ : ٤٨٤ عن الخوارزمي ، روى صدره في تفسير فرات : ٣٩.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٤٢ ، عن البحار ٤٣ : ٩٧ و ١٤١.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٤٢.

(٥) التوبة : ١٢.

٤١٠

فقال : صدق الشيخ ، هكذا قال علي عليه‌السلام : هكذا كان » (١).

٦ ـ عن محمّد بن يوسف ، عن منصور بن برزج ، قال :

« قلت لأبي عبدالله الصادق عليه‌السلام : ما أكثر منك سيّدي ذكر سلمان الفارسي ؟ فقال : لا تقل : سلمان الفارسي ، ولكن قل : سلمان المحمدي ، أتدري ما كثرة ذكري له ؟ قلت : لا ، قال : لثلاث [ خلاله خلال ] (٢) : أحدهما ايثاره هوى أمير المؤمنين عليه‌السلام على هوى نفسه ، والثانية حبّه للفقراء واختياره لهم (٣) على أهل الثروة والعدد ، والثالثة : حبّه للعلم والعلماء ، انّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين » (٤).

قال محمّد بن أبي القاسم : فقه الحديث ان سلمان الفارسي أدرك هذه المنزلة العظيمة بولايته لأهل البيت عليهم‌السلام وخدمتهم.

٧ ـ قال : حدّثنا إبراهيم بن حيان ، عن اُم جعفر بنت جعفر امرأة محمّد بن الحنفية ، عن أسماء بنت عميس انها حدثتها انّها كانت تغزو مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : قلت : ياجدة ما كنت تصنعين ؟ قالت :

« كنت اخرز السقا واُداوي الجرحى وأكحل العين ، وان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّىٰ بنا العصر وأنتبه قبل ان سلم ، فأوحى الله إليه واخبر علياً عليه‌السلام وقد كان دخل ولم يكن أدرك أولها فلمّا أبصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد طال ذلك منه حتّى غربت الشمس فقال له : ياعلي ما صليت ، قال : لا ، كرهت اطراحك في التراب ، فقال النبي : اللهم ارددها عليه ، فرجعت الشمس بعدما غربت حتى صلّى عليٌ عليه‌السلام » (٥).

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ١ : ١٣١.

(٢) من الأمالي.

(٣) في الأمالي : اياهم.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١ : ١٣٣.

(٥) حديث ردّ الشمس من الأحاديث المتواترة والمشهورة ، وقد ورد بأسانيد ومتون مختلفة ، إليك بعضها :

رواه في الكافي ٤ : ٥٦١ عنه ، البحار ٤١ : ١٨٢ و ١٠٠ : ٢١٦ ، وغاية المرام : ٦٢٩.

أورده ابن المغازلي في مناقبه : ٩٦ ، والخوارزمي في مناقبه : ٢١٧ ، وابن الجوزي في التذكرة : ٥٣ ، والكنجي في كفاية الطالب : ٣٨٥.

٤١١

٨ ـ قال : انشدني القاضي أبو عبدالله الحسين بن هارون بن محمّد رحمه‌الله سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة :

« بأبي واُمّي خمسة احببتهم

في الله لا لعطية أعطاها

بأبي النبي محمّد ووصيه

الطيبان وبنته وأبناها

بأبي الذين بحبّهم وبذكرهم

أرجو النجاة من التي أخشاها

قوم إذا ولاهم متديّن

والىٰ ولي الطيّبين الله »

٩ ـ الحسين بن أبي القاسم التميمي ، قال : أخبرنا أبو سعيد السجستاني ، وقال : أنبأني القاضي ابن القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ببغداد ، قال : أنشدني أبي أبو علي المحسن ، قال : أنشدني أبي أبو القاسم علي بن محمّد بن أبي الفهم التنوخي لنفسه من قصيدة :

ومن قال في يوم الغدير محمداً

وقد خاف من غدر العداة النواصب

أما أنا أولى بكم من نفوسكم

فقالوا : بلى قول المريب الموارب

فقال لهم : من كنت مولاه منكم

فهذا أخي مولاه فيكم وصاحب

أطيعوه طراً فهو منّي كمنزل

لهارون من موسى الكليم المخاطب

فقولا له إن كنت من آل هاشم

فما كلّ نجم في السماء بثاقب » (١)

١٠ ـ أخبرنا ثابت بن عمارة : حدّثني ربيعة بن شيبان انه قال للحسن بن علي عليه‌السلام :

« ما تذكر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : أدخلني غرفة الصدقة فأخذت منها تمرة فألقيتها في فمي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : القها ، فانه لا تحل لرسول الله ولا لأحد من أهل بيته ».

١١ ـ عن أبي سعيد الخدري قال :

« كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالساً وعنده نفر من أصحابه ، فيهم علي بن

__________________

وأخرجه عن المصادر في إحقاق الحق ٥ : ٥٢٢ ـ ٥٣٦ ، ١٦ : ٣١٥ ـ ٣٣١ ، فضائل الخمسة ٢ : ١١٩ ـ ١٢٢.

(١) عنه الأميني في الغدير ٣ : ٣٧٩.

٤١٢

أبي طالب عليه‌السلام إذ قال : من قال لا إله إلاّ الله دخل الجنّة ، فقال رجلان من أصحابه : فنحن نقول : ان لا إله إلاّ الله ، فقال رسول الله : إنما تقبل شهادة ان لا إله إلا الله من هذا ومن شيعته الذين أخذ ربنا ميثاقهم ، فقال الرجال : فنحن نقول ان لا إله إلاّ الله ، فوضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يده على رأس علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثم قال : علامة ذلك إلاّ تحلا عقدة ولا تجلسا مجلسه ولا تكذبان حديثه ».

١٢ ـ عن إسحاق بن راهويه قال : لمّا وافى أبو الحسن الرضا عليه‌السلام بنيسابور وأراد أن يرحل منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له : يابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك ، وكان قد قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول : سمعت أبي محمّد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : سمعت رسول الله يقول : سمعت جبرئيل يقول : سمعت الله عزّ وجلّ يقول : « لا إله إلاّ الله حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي ، فلمّا مرت الراحلة نادى : بشروطها وأنا من شروطها » (١).

١٣ ـ عن الفضل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

« عشر من لقى الله بهنّ دخل الجنّة : شهادة ان لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ، والإقرار بما جاء من عند الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، والولاية لأولياء الله ، والبراءة من أعداء الله ، واجتناب كل مسكر ».

١٤ ـ قال : حدّثنا عيسى بن عبدالله ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه‌السلام : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

حقّ عليّ على المسلمين كحق الوالد على ولده » (١).

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ٢ : ١٣٤ ، التوحيد : ٢٤ ، الأمالي : ١٩٥ ، أخرجه في صحيفة الرضا عليه‌السلام : ٧٩ ، عنه البحار ٣ : ١٣ ، رواه الزمخشري في ربيع الأبرار ٢ : ٢٤٩ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١ : ٥٢ ، والرافعي في التدوين ٢ : ٢١٤.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٤٤ و ٢٧٧.

٤١٣

١٥ ـ عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب :

« ان علياً عليه‌السلام قال في الرحبة : أنشد الله كل أمرئ مسلم سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يعني يوم غدير خم ـ يقول ما قال إلاّ قام ، فقام إليه ثلاثة عشر رجلاً ستة من جانب وسبعة من جانب ، وقال هارون : اثنا عشر رجلا فشهدوا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من كنت مولاه فعليٌ مولاه ، اللّهمّ والِ من والاه وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره » (٢).

١٦ ـ حدّثنا علي بن عابس ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ، عن علي عليه‌السلام :

« انّه لما فتح خيبر حمل الباب على ظهره فجعله جسراً يعبر الناس عليه وانه خرب بعد ذلك ، فلم يحمله إلاّ أربعين رجلاً ».

١٧ ـ عن أبي حمزة الضبعي ، عن ابن عباس قال :

« لمّا كانت الليلة التي زفّت فيها فاطمة بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، كان رسول الله قدّامها وجبرئيل عن يمينها وميكائيل عن شمالها ، وسبعون ألف ملك من خلفها ، يسبّحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر » (٣).

١٨ ـ عن أبي إسحاق ، عن الحرث ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ان في الجنّة درجة تدعى الوسيلة لكل نبي رسول وأنا هو فسلوها لي ، قالوا : من يسكن معك ؟ قال : فاطمة وبعلها والحسن والحسين ».

١٩ ـ بحذف الاسناد ، عن اُم شرحبيل ، عن اُم عطية :

« انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث علياً عليه‌السلام في سرية فرأيته رافعاً يده وهو يقول : اللهم لا تمتني حتّى تريني علياً (٤) » (٥).

__________________

(١) مرّ مثله في ج ٣ : الرقم ٢٢ و ٣٠ و ج ٥ : الرقم ٢٣.

(٢) رواه العلامة في كشف الحق : ٢٥٤ ، عنه البحار ٤٣ : ١١٥ ، أورده السيّد في الإقبال عن تاريخ بغداد ، عنه البحار ٤٣ : ٩٢.

(٣) في إرشاد القلوب : وجه علي.

(٤) رواه الديلمي في أرشاد القلوب ١ : ٢٣٤.

٤١٤

٢٠ ـ بحذف الاسناد قال : « استأذن عمرو بن العاص على معاوية بن أبي سفيان ، فلمّا دخل عليه استضحك معاوية ، فقال له عمرو : وما يضحكك ياأمير المؤمنين أدام الله سرورك ؟ قال : ذكرت علي بن أبي طالب وقد غشيك بسيفه فاتقيته وولّيت ، فقال : أتشمت بي يامعاوية ، فاعجب من هذا يوم دعاك إلى البراز ، فالتمع لونك وأطت ضلاعك وانتفخ منخرك ، والله لو بارزته لأوجع قذالك وأيتم عيالك وبزك سلطانك ، وأنشأ عمرو [ يقول ] (١) :

معاوي لا تشمت بفارس بهمة (٢)

لقى فارساً لا تعتليه الفوارس

معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلاً

أبا حسن يهوي عليك الوساوس

لأيقنت ان الموت حقّ وانه (٣)

لنفسك إن لم تمعن الركض خالس(٤)

دعاك فصمت دونه الاذن إذ دعا

ونفسك قد ضاقت عليها الأبالس

أتشمت بي إذ نالني حدّ رمحه

وعضّضني (٥) ناب من الحرب ناهس (٦)

وأيّ امرء لاقاه لم يلق شلوه (٧)

بمعترك تسفي عليه الروامس (٨)

أبى الله إلاّ انّه ليث غابة (٩)

أبو اشبل تهذي إليه الفرايس

فان كنت في شك فارهق عجاجة (١٠)

وإلاّ فتلك الترهات البسابس (١١)

فقال معاوية : مهلاً ياأبا عبدالله ولا كل هذا ، قال : أنت استدعيته » (١٢).

٢١ ـ عن بكر بن محمّد الأزدي قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام :

__________________

(١) عن الأمالي.

(٢) في الأمالي : بهمته.

(٣) في الأمالي : وايقنت.

(٤) ركض ركضاً : عدا ، خلس الشئ : سلبه بمخاتلته وعاجلاً.

(٥) عض الشيء : لزمه واستمسك به.

(٦) نهس اللحم : أخذه بمقدم أسنانه ونتفه.

(٧) الشلو : العضو من اعضاء اللحم ، الجسد.

(٨) الروامس : كل دابة تخرج بالليل ، الطير التي تطير في الليل.

(٩) الغابة : الاجمة من القصب وذات الشجر المتكاثف ، لأنها تغيب ما فيها.

(١٠) ارهق : حمله على ما لا يطيق ، العجاجة : الأحمق.

(١١) البسبس جمع بسابس : القفر ، ترهات البسابس : الأباطيل والكذب.

(١٢) رواه الشيخ في الأمالي ١ : ١٣٥.

٤١٥

« ان حبّنا أهل البيت ليحط الذنوب عن العباد ، كما يحط الريح الشديدة الورق عن الشجر » (١).

٢٢ ـ عن عبدالوهاب بن مجاهد ، عن أبيه قال :

« كان لعليّ عليه‌السلام أربعة دراهم فأنفق درهماً ليلاً ودرهماً نهاراً ودرهماً سراً ودرهماً علانية ، فنزلت الآية : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢) » (٣).

٢٣ ـ أخبرنا ياسين بن محمّد بن أعين ، عن أبي حازم مولى ابن عباس ، عن عمر بن الخطاب ، قال :

« كفو عن علي بن أبي طالب فانّي سمعت رسول الله يقول : فيه خصالاً لئن تكون خصلة منها في جميع آل الخطاب أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس : إنّي كنت ذات يوم ماش وأبو بكر وعبدالرحمان بن عوف وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانتهينا إلى باب اُم سلمة ، فإذا نحن بعلي بن أبي طالب متك على كف الباب ، فقلنا له : اردنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هو في البيت يخرج عليكم الآن.

قال : فخرج علينا فجلسنا حوله فأتى علي بن أبي طالب ثم ضرب بيده على منكبه ، فقال : إنك مخاصم فتخصم بسبع خصال ليس لأحد بعدهنّ إلاّ فضلك : إنك أول المؤمنين إيماناً ، وأعلمهم بأمر الله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأرأفهم بالرعية ، وأقسمهم بالسوية وأعظمهم عند الله مزية » (٤).

٢٤ ـ قال : حدّثنا الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي

__________________

(١) رواه الشيخ مع اختلاف في الأمالي ١ : ١٦٦.

(٢) البقرة : ٢٧٤.

(٣) رواه الطبرسي في المجمع ٢ : ٣٨٨ ، عنه البرهان ١ : ٢٥٨ ، البحار ٦٤ : ١٧٤ ، أورده في كشف الغمة ١ : ٣١٠ ، عنه البحار ٣٦ : ٦١ ، رواه في تفسير فرات : ٢ ، العمدة : ١٨٣ ، الطرائف : ٩٩ ، مناقب ابن المغازلي : ٢٨٠ ، مناقب الخوارزمي : ١٩٨ ، تأويل الآيات ١ : ٩٨.

(٤) روى ذيله في الخصال ٢ : ١٣٠ ، عنه البحار ٤١ : ١٠٧ ، أقول : مرّ ما يشابهه في ج ٢ : الرقم ١٠٤.

٤١٦

طالب عليه‌السلام ، قال : حدّثني محمّد بن سلام الكوفي ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي ، قال : حدّثني محمّد بن صالح ومحمد بن الصلت ، قال : حدّثنا عمر بن يونس اليماني ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ان عباس قال : « دخل الحسين بن علي على أخيه الحسن بن علي عليهم‌السلام في مرضه الذي توفي فيه ، فقال له : كيف تجدك ياأخي ؟ قال : أجدني [ في ] (١) أوّل يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا ، وأعلم إنّي لا أسبق أجلي ، وانّي وارد على أبي وجدّي عليهما‌السلام على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الأحبة ، واستغفر الله من مقالتي وأتوب إليه ، بل على محبة مني للقاء رسول الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام واُمّي فاطمة وحمزة وجعفر ، وفي الله عزّ وجلّ خلف من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودرك من كل ما فات ، رأيت ياأخي كبدي آنفاً في الطشت ، ولقد عرفت من دهاني ومن أين أتيت ، فما أنت صانع به ياأخي ؟ قال الحسين عليه‌السلام ، أقتله والله ، قال : فوالله لا أخبرك به أبداً حتّى ألقى (٢) رسول الله ولكن اكتب ياأخي : هذا ما أوصىٰ به الحسن بن علي بن أبي طالب إلى أخيه الحسين بن علي ، أوصى إليه انّه :

يشهد أن لا إله إلاّ وحده لا شريك له ، وانه يعبده حقّ عبادته لا شريك له في الملك ولا وليّ له من الذل ، وانّه خلق كلّ شيء فقدّره تقديراً ، وانّه أولى من عُبد وأحقّ من حمد ، من أطاعه رشد ومن عصاه غوى ومن تاب إليه اهتدى ، فإني أوصيك ياحسين بمن خلّفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم ، وتكون لهم خلفاً ووالداً ، وان تدفني مع رسول الله ، فاني أحقّ به وببيته ممّن اُدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده ، قال الله تعالى فيما أنزله على نبيه في كتابه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (٣).

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) في الأمالي : تلقى.

(٣) الأحزاب : ٥٣.

٤١٧

فوالله ما أذن [ لهم ] (١) في الدخول عليه في حياته ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته ، ونحن مأذونون (٢) في التصرف فيما ورثناه من بعده ، فان أبت عليك المرأة فأنشدك بالقرابة التي قرّب الله عزّ وجلّ منا (٣) والرحم الماسة من رسول الله أن لا تريق (٤) في محجمة [ من ] (٥) دم حتى تلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنختصم إليه ونخبره (٦) بما كان من الناس إلينا بعده ، ثم قبض عليه‌السلام.

قال ابن عباس : فدعاني الحسين عليه‌السلام وعبدالله بن جعفر وعلي بن عبدالله بن العباس ، فقال : أغسلوا ابن عمكم ، فغسّلناه وحنّطناه وألبسناه وأكفناه (٧) ، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد وانّ الحسين أمر أن يفتح البيت ، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان ، وقالوا [ أ ] (٨) يدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد [ القتيل ] ظلماً بالبقيع بشرِّ مكان ، ويدفن الحسن مع رسول الله [ والله ] (٩) ، لا يكون ذلك أبداً حتّى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفذ النبل.

فقال الحسين عليه‌السلام : [ أم ] (١٠) والله الذي حرّم مكّة لَلحَسن بن علي بن فاطمة أحقّ برسول الله وببيته ممّن اُدخل بيته بغير إذنه ، وهو والله أحقّ به من حمّال الخطايا مسيّر أبي ذر ، الفاعل بعمار ما فعل ، بعبدالله ما صنع ، الحامي الحمى المؤوي طريد (١١) طريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكنكم صرتم بعده الاُمراء وتابعكم (١٢) على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء ، قال : فحملناه فأتينا به قبر اُمّه فاطمة عليها‌السلام فدفناه إلى جنبها.

قال ابن عباس : فكنت أوّل من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) في الأمالي : مأذون لنا.

(٣) في الأمالي : منك.

(٤) في الامالي : تهرق.

(٥) من الأمالي.

(٦) في الامالي : تلقى ، تختصم ، تخبره.

(٧) في الأمالي : البسناه الفاقه.

(٨ و ٩ و ١٠) من الأمالي.

(١١) في الأمالي : الطريد.

(١٢) في الأمالي : بايعكم.

٤١٨

الحسين على من قد أقبل ، فرأيت شخصاً فعلمت الشرّ فيه ، فأقبلت مبادراً فإذا أنا بعائشة في أربعين راكباً على بغل مرحّل تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلمّا رأتني قالت لي : يابن (١) عباس لقد اجترأتم عليّ في الدنيا تؤذونني مرّة بعد اُخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا اُحبّ ، فقلت : واسوأتاه يوم على بغلٍ ويوم على جمل تريدين أن تطفئي [ فيه ] (٢) نور الله وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه ، ارجعي فقد كفى الله عزّ وجلّ المؤونة ودفن الحسن عليه‌السلام إلى جانب (٣) اُمّه ، فلم يزدد من الله تعالى إلاّ قرباً وما ازددتم والله منه إلاّ بُعداً ، ياسوأتاه انصرفي فقد رأيت ما سرّك ، قال : فقطبت (٤) في وجهي ونادت بأعلى صوتها ، أو ما نسيتم الجمل ؟ يابن عباس إنكم لذووا أحقاد ، فقلتُ : أم والله ما نسيته أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض ؟ فانصرفت وهي تقول :

فألقت عصاها واستقرّ بها النوى

كما قرّ عيناً بالإياب المسافر » (٥).

٢٥ ـ قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدّثنا يعقوب بن عبدالرحمان ، عن أبي حازم ، انه سمع سهل بن سعد وهو يسأَل عن جرح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« والله إني لأعرف من كان يغسل رسول الله ومن كان يسكب الماء ثم قال : كانت بنت رسول الله تغسله ، وعلي يسكب الماء بالمجن ، قال : فلمّا رأت فاطمة ان الماء لا يزيل الدم إلاّ كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم وكسرت رباعية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذٍ وجرح وجهه وكسرت البيضة (٦) على رأسه ».

٢٦ ـ عن ابن عباس قال :

« لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف ـ يعني رسول الله ـ على شفير

__________________

(١) في الأمالي : قالت : إليّ إليّ يابن.

(٢) من الأمالي.

(٣) في الأمالي : جنب.

(٤) قطب الرجل : زوى بين عينيه وكلح.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٢ و ١٦٠.

(٦) البيضة : الخوذة من الحديد.

٤١٩

القبر وفاطمة تبكي ، فجعل يأخذ ثوبه فيمسح عينيها فبكين النساء ، فضربهنّ عمر بسوطه فقال : ياعمر دعهنّ فانّ العين دامعة والنفس مصابة ابكين وإياكن وبقيعة الشيطان ، فانه ما يكن من القلب والعين فمن الله وما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان ».

قال محمّد بن أبي القاسم الطبري : البشارة فيه مسح دموع فاطمة من كرامتها على الله وعليه صلى‌الله‌عليه‌وآله وجواز البكاء أيضاً والتوجع بشارة إذا لم يتكلم باللسان القبيح ولم يضرب باليد ، وشيء آخر فيه للشيعة تمسك به وحجّة قوية وهو المعروف الذي أنكره عمر وانكار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل بذلك في جملة من قال الله تعالى فيهم : ( يَأْمُرُونَ بِالمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ ـ الآية ) (١) الآية ، فافهم.

٢٧ ـ حدّثنا ذو النون المصري عن مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إذا كان يوم القيامة نصب الصراط على شفير جهنّم فلا يجاوز إلاّ من كان معه براءة بولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام » (٢).

٢٨ ـ قال : حدّثنا عمر بن عبدالله بن يعلى بن مرّة الثقفي ، عن أبيه ، عن جدّه يعلى بن مرّة قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

« ياعلي أنت خير الناس بعدي ، وأنت أوّل النّاس تصدّراً ، من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاك فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبّ الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ياعلي لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق أو كافر ».

__________________

(١) التوبة : ٦٧.

(٢) رواه في تأويل الآيات ١ : ٤٩٤ ، مصباح الأنوار : ١٠٦ ، أمالي ١ : ٢٩٦ ، عنه البحار ٨ : ٦٧ أقول : مرّ ما يشابهه في ج ٣ : الرقم ١٣ و ج ٤ : الرقم ١ و ج ٦ : الرقم ٩ و ١٨.

٤٢٠