بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري

بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

المؤلف:

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-251-4
الصفحات: ٤٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٣٢١
٣٢٢

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

١ ـ عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« أنا مدينة الحكمة وأنت ياعلي بابها وكذب من زعم انه يدخلها من غير بابها » (١).

٢ ـ عبدالرحمان بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« الصديقون ثلاث : حبيب بن موسى النجّار مؤمن آل ياسين ، وحزقيل مؤمن آل فرعون ، وعلي بن أبي طالب الثالث وهو أفضلهم » (٢).

٣ ـ زيد بن أرقم ، قال :

« كنّا جلوساً بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ألا أدلكم على من إن استرشدتموه لن تضلوا ولن تهلكوا ؟ قلنا : بلى يارسول الله ، فقال : هو هذا ـ وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ ثم قال : والوه وآخوه ووازروه واصدقوه ، وانصحوه فان جبرئيل عليه‌السلام أخبرني بما قلت لكم » (٣).

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ٢ : ١٩٠.

(٢) رواه الصدوق في أماليه ١ : ٣٨٥ ، عنه البحار ٣٨ : ٢١٢ ، وفي الخصال ١ : ١٨٤ عنه البحار ٣٥ : ٤١٤.

(٣) رواه مع اختلاف الصدوق في أماليه : ٣٨٦ ، أقول : مرّ ما يشابهه في ج ٢ : الرقم ١٤٦ وج ٤ : الرقم ٦٦ و ٨٨.

٣٢٣

٤ ـ عبدالله بن الفضل الهاشمي قال :

« قال أبو عبدالله عليه‌السلام من قال فينا بيت شعر ، بنى الله له بيتاً في الجنة » (١).

٥ ـ ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام :

« ياعلي أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة ، من أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّوجلّ » (٢).

٦ ـ قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن عبدالله بن محمّد حفيد العباس سنة ٣٣٧ ، قال : حدّثني أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدّثني أبي في سنة ٣٦٠ ، قال : حدّثني علي بن موسى الرضا سنة ١٩٤ ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين بن علي ، قال : حدّثنا أبي الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى برضاها » (٣).

٧ ـ عن عكرمة ، عن ابن عباس :

« انّ علياً عليه‌السلام كان يقول في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله يقول : ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (٤) ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لاُقاتلن على ما قاتل عليه [ حتى أموت ] (٥) ، والله اني لأخوه وابن عمه [ ووارثه ] (٦) فمن أحق به منّي » (٧).

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون : ٥ ، عنه المحجّة البيضاء ٥ : ٢٢٩.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣١٦ ، عنه البحار ٣٩ : ٢٧٢ ، أقول : مرّ مثله في ج ٤ : الرقم ٥٠.

(٣) رواه الصدوق في معاني الأخبار : ٣٠٣ ، وعيون الأخبار ٢ : ٤٦ ، والأمالي : ٣١٣ ، ورواه الشيخ في أماليه ٢ : ٤١ ، عنهم البحار ٤٣ : ١٩ ، ورواه المفيد في أماليه : ٩٤ ، والطبرسي في الاحتجاج ٢ : ١٠٣ ، عنه البحار ٤٣ : ٢٠.

(٤) آل عمران : ١٤٤.

(٥) من أمالي الشيخ.

(٦) من امالي الشيخ.

(٧) رواه الشيخ في أماليه ٢ : ١١٦.

٣٢٤

٨ ـ قال : أخبرنا الحسين بن نصر بن مزاحم ، قال : حدّثنا أبي ، عن عمّار بن أبي اليقظان ، عن أبي هريرة العبدي ، عن ربيعة السعدي قال :

« أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لي : من الرجل ؟ فقلت : أنا ربيعة السعدي ، قال : مرحباً بأخ لي قد سمعت به ولم أرَ شخصه قبل اليوم ، حاجتك ، قال : قلت : ما جئت في طلب عرض من الدنيا ولكن قدمت من العراق من عند قوم افترقوا على خمس فرق ، فقال حذيفة : سبحان الله ما دعاهم إلى ذلك والأمر واضح بيّن لمن عقله ، وما يقولون ؟

قال : قلت : قالت فرقة : ان أبا بكر أحق الناس بالناس وأولى الناس بالأمر ؛ لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسميه الصديق وكان معه في الغار ، وقالت فرقة : بل عمر بن الخطاب ؛ لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اللهم أعز الاسلام والدين بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ، فقال حذيفة بن اليمان رضي‌الله‌عنه : ان الله عزّ وجلّ إنما أعز الدين بمحمد ولم يعزّه بغيره.

وقالت فرقة : أبو ذر الغفاري ؛ لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، وقد أظلته الخضراء وأقلّته الغبراء فرسول الله أصدق منه وخير.

وقالت فرقة : سلمان الفارسي ؛ لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أدرك العلم الأول والآخر وهو بحر لا ينزف وهو منا أهل البيت ، قال : ثم سكت ، فقال حذيفة : ما منعك من ذكر الطبقة الخامسة هم ومن يشرب من السلسبيل والزنجبيل ؟ وان لعلي وشيعته من الله عزّ وجلّ مقاماً يغبط به الأولون والآخرون ».

٩ ـ قال : حدّثني الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« علي مني وأنا من علي ، قاتل الله من قاتل علياً ، لعن الله من خالف علياً ، علي إمام الخليقة بعدي ، من تقدم على علي فقد تقدم عليَّ ومن فارقه فقد فارقني

٣٢٥

ومن آثر على علي (١) فقد آثر عليَّ ، أنا سلم لم سالمه وحرب لمن حاربه ، وولي لمن والاه وعدو لمن عاداه » (٢).

١٠ ـ عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إذا كان يوم القيامة يؤتى بك ياعلي على حجلة (٣) من نور وعلى رأسك تاج له أربعة أركان ، على كل ركن ثلاثة أساطير (٤) : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله علي [ ولي الله وتعطيه ] (٥) مفتاح الجنة ، ثم يوضع لك كرسي يعرف بكرسيّ الكرامة ، فتقعد عليه ثم يجمع لك الأولون والآخرون في صعيد واحد فتأمر لشيعتك (٦) الى الجنة وبأعدائك الى النار ، فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار ، لقد فاز من تولاك وخاب وخسر من عاداك ، فأنت في ذلك اليوم أمين الله وحجّة الله الواضحة » (٧).

١١ ـ قال : حدثنا محمّد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن يحيى بن العلا ، عن جابر ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال :

« انّ عبداً مكث في النار سبعين خريفاً والخريف سبعون سنة ، قال : ثم انه سأل الله عزّ وجلّ بحق محمّد وأهل بيته لما رحمتني ، قال : فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرئيل عليه‌السلام ان اهبط إلى عبدي فاخرجه ، فقال : يارب وكيف بي بالهبوط في النار ؟ قال : إني قد أمرتها أن تكون برداً وسلاماً ، قال : يارب فما علمي بموضعه قال : انه في جبّ من سعير سجين ؟ قال : فهبط في النار وهو معقول على وجهه فاخرجه ، فقال الله عزّ وجلّ : ياعبدي كم لبثت تناشدني في النار ؟ قال : ما احصني يارب قال : أما وعزتي لولا ما سألتني به لأطلت هوانك ولكنه حتم على نفسي لا يسألني عبد بحق محمّد وأهل بيته إلاّ غفرت له ما كان بيني وبينه وقد غفرت لك اليوم ».

__________________

(١) في الأمالي : عليه.

(٢) رواه الصدوق في أماليه : ٥٢٥.

(٣) في الأمالي : عجلة.

(٤) في الأمالي : اسطر.

(٥) من الامالي ، وفيه : مفاتيح ، وضع.

(٦) في الأمالي : بشيعتك.

(٧) رواه الصدوق في الأمالي : ٥٣٣.

٣٢٦

١٢ ـ عن الحكم بن الصلت ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« خذوا بحجزة هذا الأنزع ـ يعني علياً عليه‌السلام ـ فانه الصدّيق الأكبر والفاروق بين الحق والباطل ، من أحبه هداه الله ومن تخلف عنه محقه الله ، ومنه سبطا اُمّتي الحسن والحسين وهما ابناي ومن الحسين أئمّة الهدى ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، فتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم ، فيحل عليكم غضب من ربكم ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى ، وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور » (١).

١٣ ـ عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في حديث طويل يقول فيه :

« ان الله تبارك وتعالى لما أسرى بنبيه قال له : يامحمد قد انقضت نبوتك وانقطع أكلك فمن لاُمّتك من بعدك ؟ فقلت : يارب إنّي بلوت خلقك فلم أجد أطوع لي من علي بن أبي طالب ، فقال الله عزّ وجلّ : وليّ يامحمّد ، فمن لاُمّتك من بعدك ؟ فقلت : يارب إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحداً أشد حباً لي من علي بن أبي طالب ، فقال : وليّ يامحمد ، فأبلغه انه راية الهدى وإمام أوليائي ونور لمن أطاعني » (٢).

١٤ ـ عن كرام بن عمر الخثعمي ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّد عليهم‌السلام يقولان :

« ان الله تعالى عوض الحسين من قتله : ان جعل الامامة في ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره ، ولا تعدّ أيام زيارته جائياً وراجعاً من عمره ، قال محمّد بن مسلم : فقلت لأبي عبدالله هذه الخلال تنال بالحسين عليه‌السلام فما له هو في نفسه ؟ قال : ان الله تعالى ألحقه بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان معه في درجته

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه : ١٨٠ و ٥٣٦.

(٢) رواه الصدوق في أماليه : ٣٨٦ ، أقول : مرّ مثله في ج ٤ : الرقم ٢٢.

٣٢٧

[ ومنزلته ] (١) ثم تلا أبو عبدالله : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (٢) » (٣).

١٥ ـ قال : حدّثنا قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد :

« ان رسول الله لما دعا الناس بعد غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك ، فقام وذلك في يوم الخميس ، دعا الناس الى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأخذ بضبعيه فرفعهما ، حتى نظر الناس إلى بياض ابطي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) (٤) ، فقال رسول الله : الله أكبر على إكمال الدين واتمام النعمة ورضا الرب تعالى برسالتي والولاية لعلي بعدي » (٥).

قال محمّد بن أبي القاسم رضي‌الله‌عنه : قال أبو سعيد السجستاني في كتاب الولاية : هذا حديث غريب حسن من حديث قيس بن الربيع الأسدي الكوفي ، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي ، عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الانشاري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذه الألفاظ لا أعلم أحداً حدّث به عنه غير أبي زكريا يحيى بن عبدالرحمان الجماني الكوفي ، وما كتبناه إلاّ بهذا الاسناد ، والمشهور ان نزول هذه الآية كان يوم حجّة الوداع ، فأما يوم غدير خم فلم أكتبه إلاّ من هذا الوجه والله أعلم.

قال ( محمد ) : ويوم الغدير أيضاً كان في حجّة الوداع ، ولأنها لم تكن في يوم واحد فما انكار أبي سعيد من الخبر ، اللّهمّ إلاّ أن يريد بقوله : ان نزول هذه الآية كان يوم حجّة الوداع أنها نزلت بمكة ، فانه ذكر ذلك ، ويكون وجه الجمع بين الروايات في ذلك ان الآية والأمر باظهار الولاية وأخذ العهد والبيعة نزل به

__________________

(١) من الأمالي.

(٢) الطور : ٢١.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٢٥.

(٤) المائدة : ٣.

(٥) رواه في البحار ٣٧ : ١٧٩ عن سليم بن قيس : ١٥٢ ، رواه السيّد في الطرائف : ١٤٦ عن أبي بكر بن مردويه ، الغدير ٢ : ٣٥ ، إحقاق الحق ٦ : ٢٧٥.

٣٢٨

جبرئيل في عرفات على ما تبين لي ذلك ، فانتظر النبي رجوعه إلى المدينة ليعرضه عليهم لها لما رآه من المصلحة في ذلك ، ولم يكن جبرئيل أمره عن الله بتعجيل ذلك ، ثم تغيرت المصلحة بعد ذلك ويكون جاءه جبرئيل هناك ولم يبين له متى ينتظر وأين يفعل ذلك ، لأن تأخير البيان جائز عن وقت الخطاب للمصلحة ، ولأن الواجب عندنا لمن سمع مطلق الأمر ولا قرينة ولا دلالة أن يعلم أنه مأمور باتيانه فيتوقف في انقطاعه على تعيين الوقت ، فعزم النبي على تبليغه إذا دخل المدينة ، فلمّا بلغ موضع الغدير جاءه جبرئيل بآية التهديد ، فأبان الوقت والموضع وأمره بالأداء ، فروى الناس ذلك على حسب ما عرفوا وأحبوا وشرح جميع ذلك نعرفه ، يطول الكتاب بذكره.

١٦ ـ عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال :

« نحن بنو عبدالمطلب سادة أهل الجنة : أنا وعلي وجعفر والحسن والحسين وفاطمة » (١).

١٧ ـ قال : حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد وعلي بن محمّد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام ، عن أبيه ، عن جدّه عليه‌السلام قال :

« جاء رجل الى الرضا عليه‌السلام ، فقال له : يابن رسول الله ! أخبرني عن قوله عزّ وجلّ : ( الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ما تفسيره ؟

فقال : لقد حدّثني أبي ، عن جدي ، عن الباقر ، عن زين العابدين ، عن أبيه عليهم‌السلام : أنّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : ( الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ما تفسيره ؟

فقال : الحمد لله هو ان عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملاً إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ، لأنّها أكثر من أن تحصى أو تعرف ، فقال لهم : قولوا : الحمد

__________________

(١) رواه الصدوق في الأمالي : ٣٨٤ مع اختلاف.

٣٢٩

لله على ما أنعم به [ علينا ] (١) ربّ العالمين ، وهم الجماعات من كلّ مخلوق من الجمادات والحيوانات ، أما الحيوانات فهو يقبلها في قدرته ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه ويدبر كلاً منها بمصلحته ، وامّا الجمادات فيمسكها بقدرته ويمسك المتّصل منها أن يتهافت (٢) ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلاّ باذنه ويمسك الأرض ان تنخسف إلاّ بأمره انّه بعباده رؤوف رحيم.

وقال عليه‌السلام : وربّ العالمين مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، فالرزق مقسوم وهو يأتي ابن آدم على أيّ سيرة سارها من الدنيا ليس تقوى متّق بزائده ولا فجور فاجر بناقصه وبينه ستر وهو طالبه ، ولو أنّ أحدكم يفرّ من رزقه لطلبه رزقه كما يطلبه الموت ، فقال الله جلّ جلاله : قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا وذكرنا به من خير في كتب الأوّلين.

قبل أن نكون ففي هذا إيجاب على محمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم ، وذلك انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لمّا بعث الله عزّ وجلّ موسى بن عمران واصطفاه نجيّاً وفلق له البحر ونجا بني اسرائيل وأعطاه التّوراة والألواح رأى مكانه من ربّه عزّ وجلّ ، فقال : ياربّ لقد أكرمتني بكرامة لم يكرم بها أحد [ قبلي (٣) ] ، فقال الله جلّ جلاله : ياموسى ! أما علمت أنّ محمداً أفضل عندي (٤) من جميع ملائكتي وجميع خلقي ، قال [ موسى ] (٥) ياربّ فان كان محمّد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي ؟

قال الله جلّ جلاله : ياموسى! أما علمت أنّ فضل آل محمّد على جميع آل النبيين كفضل محمّد على جميع المرسلين ، فقال موسى : ياربّ فان كان آل محمّد كذلك فهل في اُممّ الأنبياء أفضل عندك من اُمّتي ظللت عليهم الغمام وأنزلت

__________________

(١) من العيون.

(٢) التهافت : التساقط.

(٣) من العيون.

(٤) في العيون : عندي أفضل.

(٥) من العيون.

٣٣٠

عليهم المنّ والسّلوى وفلقت لهم البحر ، فقال جلّ جلاله : ياموسى ! أما علمت انّ فضل امّة محمّد على جميع الاُمم كفضله على جميع خلقي ، فقال موسى : ياربّ ! ليتني كنت أراهم ، فأوحى الله جلّ جلاله إليه : ياموسى ! انّك لن تراهم ، فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان (١) جنات عدن والفردوس بحضرة محمّد في نعيمها يتقلّبون وفي خيراتها يتبحبحون (٢) أفتحب أن أسمعك كلامهم ؟ قال : نعم إلهي ، قال الله جلّ جلاله : قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ، ففعل ذلك موسى عليه‌السلام ، فنادى ربّنا جلّ جلاله : يااُمّة محمّد ، فأجابوه كلهم ، وهم في أصلاب آبائهم وأرحام اُمهاتهم : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك انّ الحمد والنعمة لك والملك (٣) لا شريك لك.

قال : فجعل الله عزّ وجلّ تلك الاجابة شعار الحج (٤) ثم نادى ربنا عزّ وجلّ يااُمّة محمّد ان قضاي عليكم ان رحمتي سبقت غضبي وعفوي قبل عقابي ، قد استجبت لكم من قبل أن تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله صادق في أقواله ومحق في أفعاله ، وان علي بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمّد ، وان أولياءه المصطفين المطهرين المبلغين (٥) بعجايب آيات الله ودلايل حجج الله من بعدهما ادخله جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال عليه‌السلام : فلمّا بعث الله عزّ وجلّ نبينا محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يامحمد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا امتك بهذه الكرامة ، ثم قال عزّ وجلّ لمحمد : قل : الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة ، وقال لاُمّته : قولوا أنتم : الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل » (٦).

__________________

(١) في العيون : الجنات.

(٢) بحبح الرجل : إذا تمكن في المقام.

(٣) في العيون : النعمة والملك لك.

(٤) في العيون : الحاج.

(٥) في العيون : المنبئين.

(٦) رواه الصدوق في العيون ١ : ٢٨٣.

٣٣١

١٨ ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول :

« بينا الحسين عليه‌السلام عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أتاه جبرئيل فقال : يامحمد أتحبه ؟ قال : نعم ، قال : أما ان اُمّتك ستقتله ، قال : فحزن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك حزناً شديداً ، فقال جبرئيل : أيسرك أن أريك التربة التي يقتل فيها ؟

قال : فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول الله إلى كربلا حتى التقت القطعتان هكذا ، وجمع بين السبابتين ، فتناول بجناحه من التربة ، فناولها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دحا الأرض أسرع من طرف العين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل فيك » (١).

١٩ ـ قال : حدّثنا الحسن بن علي بن أبي المغيرة ، عن الحرث بن المغيرة النصري قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام :

« اني رجل كثير العلل والأمراض وما تركت دواء إلاّ تداويت به فما انتفعت به ، فقال لي : أين أنت من طين قبر الحسين بن علي عليه‌السلام ، فان فيه شفاء من كل داء وأمناً من كل خوف ، فإذا أخذته فقل هذا الكلام :

اللهم اني اسألك بحق هذه الطينة ، وبحق الملك الذي أخذها ، وبحق النبي الذي قبضها ، وبحق الوصي الذي حل فيها صل على محمّد وأهل بيته وافعل بي كذا وكذا. قال : ثم قال أبو عبدالله : أما الملك الذي قبضها فهو جبرئيل وأراها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هذه تربة الحسين تقتله اُمّتك من بعدك والذي قبضها فهو محمّد رسول الله وأما الذي حل فيها فهو الحسين عليه‌السلام والشهداء ، قلت : قد عرفت جعلت فداك الشفاء من كل داء فكيف الأمن من كل خوف ؟

فقال : إذا خفت سلطاناً أو غير سلطان ، فلا تخرجن من منزلك إلاّ ومعك من طين قبر الحسين فتقول : اللهم إني أخذته من قبر وليك وابن وليك واجعله لي أمناً وحرزاً لما أخاف وما لا أخاف. فانه قد يردّ ما تخاف. قال الحرث بن المغيرة : فأخذت كما أمرني وقلت ما قال لي فصح جسمي وكان لي أمانا من ماخفت

__________________

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٦٠ ، وفي البحار ٤٤ : ٢٢٨.

٣٣٢

وما لم أخف كما قال أبو عبدالله عليه‌السلام ، فما رأيت مع ذلك بحمد الله مكروهاً ولا محذوراً » (١).

٢٠ ـ قال : حدّثنا عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : قالت :

« دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده خاتم فضة عقيق فقلت : يارسول الله ما هذا الفص ؟ فقال لي : من جبل أقرّ لله بالربوبية ولعلي بالولاية ولولده بالامامة ولشيعته بالجنة » (٢).

٢١ ـ قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن أبي زكريا الواسطي ، عن هشام بن أحمر قال : قال أبو الحسن الأوّل عليه‌السلام :

« هل علمت أحداً من أهل المغرب قدم ؟ قلت : لا ، قال : بلى قد قدم رجل فانطلق بنا ، فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل ، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق ، فقال له : أعرض علينا ، فعرض علينا تسع جوارٍ ، كلّ ذلك يقول أبو الحسن : لا حاجة ليّ فيها ، ثم قال : أعرض علينا ، قال : ما عندي شيء ، فقال : بلى أعرض علينا ، قال : لا والله ما عندي إلاّ جارية مريضة ، فقال له : ما عليك أن تعرضها ، فأبى عليه ثم انصرف.

ثم انه أرسلني من الغد إليه فقال ليّ : قل له : كم غايتك فيها ؟ فإذا قال كذا وكذا فقل : قد أخذتها ، فأتيته فقال : هي لك ولكن من الرجل الذي كان معك بالأمس ؟ فقلت : رجل من بني هاشم ، فقال : من أيّ بني هاشم ؟ فقلت : ما عندي أكثر من هذا ، فقال : أخبرك عن هذه الوصيفة إنّي اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني إمرأة من أهل الكتاب ، فقالت : ما هذه الوصيفة معك ؟ فقلت : اشتريتها لنفسي ، فقالت : ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك أنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير الأرض ،

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٢٥ ، وفي التهذيب ٦ : ٧٤ ، رواه ابن قولويه في الكامل : ٢٨٢ ، عنه البحار ١٠١ : ١١٨.

(٢) تقدم ما يشابهه في ج ١ : الرقم ١٢.

٣٣٣

فلا تلبث عنده إلاّ قليلاً حتى تلد له غلاماً يدين له شرق الأرض وغربها قال : فأتيته بها فلم تلبث عنده إلاّ قليلاً حتّى ولدت علياً عليه‌السلام ».

٢٢ ـ قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمد ، قال : حدثنا أبو عبدالله عليه‌السلام ، قال المجاشعي : وحدثنا الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه موسى ، عن أبيه أبي عبدالله جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال :

« سمعت علياً يقول لرأس اليهود : على كم افترقتم ؟ فقال : على كذا وكذا فرقة ، فقال علي عليه‌السلام : كذبت ، ثم أقبل علي على الناس فقال : والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل القرآن بقرآنهم ، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعون منها في النار وواحدة ناجية في الجنة وهي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى ، وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنّة وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى ، وتفترق هذه الاُمّة على ثلاث وسبعين فرقة اثنان وسبعون في النار وواحدة في الجنّة وهي التي اتبعت وصي محمّد ، وضرب بيده على صدره ثم قال : ثلاثة عشر فرقة من الثلاث والسبعين فرقة كلّها تنتحل مودتي وحبي واحدة منها في الجنّة وهم النمط الأوسط واثنا عشر في النار » (١).

٢٣ ـ قال : حدّثنا أسود بن عامر ، عن شريك ، عن منصور ، عن ربعي ، عن علي عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« يامعاشر قريش ليبعثن الله عليكم رجلاً منكم قد امتحن الله قلبه للايمان فيضربكم أو يضرب رقابكم ، قال أبو بكر : أنا هو يارسول الله ؟ قال : لا ، قال عمر : أنا هو يارسول الله ؟ قال : لا ولكنه خاصف النعل ، وكان قد أعطى علياً نعله يخصفه » (٢).

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ٤٢ : ١٣٧.

(٢) رواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ٢ : ٦٤٩ و ٥٧١ و ٥٩٣ و ٦٣٧ مع اختلاف في اللفظ ، عنه العمدة ٢٢٤ ـ ٢٢٦ ، رواه الترمذي في صحيحه ٥ : ٦٣٤.

٣٣٤

٢٤ ـ زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي عليه‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

« عشر خصال ما أحب لي بواحدة ما طلعت عليه شمس ، قال رسول الله : ياعلي أنا أخوك في الدنيا والآخرة ، وأنت أقرب الخلائق منّي يوم القيامة في الموقف ومنزلي مواجه منزلك في الجنّة كما يواجه منزل الاخوان في الله جل جلاله ، وأنت وزيري ووصيي والخليفة في أهلي وفي المسلمين ، وأنت صاحب لواي في الدنيا والآخرة ، ووليك وليي ووليي ولي الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله » (١).

٢٥ ـ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ان الله تعالى قال : لاُعذبنّ كل رعية في الاسلام أطاعت إماماً جائراً ليس من الله وان كانت الرعية في أعمالهم بَرةً تقية ، ولأعفون عن كلّ رعية في الاسلام أطاعت إماماً هادياً من الله ، وإن كانت الرعية في أعمالها ظالمة مسيئة ».

٢٦ ـ قال : حدّثنا عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن زيد بن اُسامة قال :

« كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادق عليه‌السلام ، فأقبل علينا أبو عبدالله عليه‌السلام فقال : ان الله تعالى جعل تربة جدّي الحسين عليه‌السلام شفاء من كلّ داء وأماناً من كلّ سوء وخوف ، فإذا تناولها أحدكم فليقبلها وليضعها على عينيه وليمرّها على ساير جسده ، وليقل :

اللهم بحقّ هذه التربة وبحق من حلّ بها وثوى فيها وبحقّ أبيه واُمّه وأخيه والأئمّة من ولده ، وبحقّ الملائكة الحافّين به ، إلاّ جعلتها شفاء من كلّ داء وبرءاً من كلّ مرض ، ونجاة من كلّ آفة ، وحرزاً ممّا أخاف وأحذر ، ثم ليستعملها.

قال أبو اُسامة : فأنا استعملتها من دهري الأطول كما قال ووصف أبو عبدالله ، فما رأيت بحمد الله مكروهاً » (٢).

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ١ : ١٩٦ ، والمفيد في أماليه : ١٧٣ أقول : مرّ مثله في ج ٢ : الرقم ١٣٣ ، ومرّ ما يشابهه في ج ٢ : الرقم ٧٧ و ج ٣ : الرقم ٢٩.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ٢ : ٣٢٦.

٣٣٥

٢٧ ـ عن محمّد بن جعفر ، عن جدّه قال :

« افتقد رسول الله علياً فاغتم لذلك غماً شديداً ، فلما رأت ذلك خديجة قالت : يارسول الله أنا أعلم لك خبره ، فشدّت على بعيرها ثم ركبت فلقيت علي بن أبي طالب ، فقالت له : أركب فانّ رسول الله مغتم ، فقال : ما كنت لأجلس في مجلس زوجة النبي بل امضي فاخبري رسول الله ، قالت خديجة : فمضيت فأخبرت رسول الله ، فإذا هو قائم يقول : اللهم فرج همي بأخي عليّ ، فاذا بعلي قد جاء فتعانقا قالت خديجة : ولم أكن أجلس إذا كان رسول الله قائماً فما افترقا متعانقين حتى ضربت على أقدامي ».

٢٨ ـ قال : حدّثني أبو عبدالله محمّد بن خليلان ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عتاب بن أسيد ، قال :

« سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون : ولد الرضا عليّ بن موسى عليهما‌السلام بالمدينة يوم الخميس لاحدى عشر ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة ، بعد وفاة أبي عبدالله عليه‌السلام بخمس سنين ، وتوفي بطوس في قرية يقال لها : سناباد من رستاق نوقان ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها قبر هارون الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة ، وذلك في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث ومائتين ، وقد تم عمره تسعاً وأربعين سنة وستة أشهر ، منها مع أبيه موسى بن جعفر عليه‌السلام تسعاً وعشرين سنة وشهرين ، وبعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة وأربعة أشهر.

وأقام بالأمر وله تسع وعشرون سنة وشهران ، وكان في أيام إمامته بقية ملك الرشيد ، ثم ملك بعد الرشيد محمّد المعروف بالأمين وابن زبيدة ثلاثة سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ثم خلع الأمين وأجلس عمه إبراهيم بن شكلة أربعة عشر يوماً ، ثم أخرج محمّد بن زبيدة من الحبس وبويع له ثانية وجلس في الملك سنة وستة أشهر وثلاثة عشر يوماً ، ثم ملك عبدالله المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً.

٣٣٦

فأخذ البيعة لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام بعهد المسلمين من غير رضاه وذلك بعد أن تهدده بالقتل وألح عليه مرّة بعد اُخرى في كلّها يأبى عليه أشرف من تأبيه على الهلاك ، فقال عليه‌السلام :

اللهم إنك قد نهيتني عن الالقاء بيدي الى التهلكة ، وقد أشرفت من قبل عبدالله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده ، وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليهما‌السلام إذ قبل كل واحد منهما الولاية من طاغية زمانه ، اللهم لا عهد إلاّ عهدك ولا ولاية لي إلاّ من قبلك فوفقني لإقامة دينك وإحياء سنة نبيك ، فانك أنت المولى والنصير ونعم المولى ونعم النصير.

ثم قبل عليه‌السلام ولاية العهد من المأمون وهو باك حزين على ان لا يولي أحداً ولا يعزل أحداً ولا يغير إسماً ولا سنة ، وان يكون في الأمر مشيراً من بعيد فأخذ المأمون له البيعة على الناس الخاص منهم والعام ، فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا فضل وعلم وحسن تدبير حسده على ذلك وحقد عليه حتّى ضاق صدره فغدر به فقتله بالسم ومضى إلى رضوان الله وكرامته » (١).

٢٩ ـ قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد عليه‌السلام قال : حدّثنا أبي أبو عبدالله ، قال المجاشعي ، وحدثناه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى ، عن أبيه أبي عبدالله جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام قال :

« سلوني عن كتاب الله ، فوالله ما نزلت آية من كتاب الله عزّ وجلّ في ليل ولا نهار ولا مسير ولا مقام إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله وعلّمني تأويله ، فقام ابن الكوا ، فقال : ياأمير المؤمنين فما كان ينزل عليه من القرآن وأنت غائب عنه ؟ فقال : كان يحفظ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب حتى أقدم عليه فيقرأنيه ويقول لي : ياعلي أنزل الله عليَّ بعدك كذا وكذا وتأويله كذا وكذا ، فيعلمني تنزيله وتأويله ».

٣٠ ـ قال : حدّثنا عبدالله بن هشام ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن موسى بن

__________________

(١) رواه الصدوق في عيون الأخبار ١ : ١٩ ، عنه البحار : ٤٩ : ١٣١.

٣٣٧

جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« كان ملك الكروبين يقال له : فطرس وكان الله عزّ وجلّ بمكان فارسله برسالة فأبطأ فكسر جناحه فألقاه بجزيرة من جزائر البحر ، فلما ولد الحسين بن علي عليه‌السلام أرسل الله عزّ وجلّ جبرئيل في ألف من الملائكة يهنئون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمولود ويخبرونه بكرامته على ربه عزّ وجلّ ، فمر جبرئيل بذلك الملك ، فكان بينهما خلّة ، فقال فطرس : ياروح الله الأمين أين تريد ؟

قال : ان هذا النبي التهامي وهب الله عزّ وجلّ له ولداً استبشر به أهل السماوات وأهل الأرض ، فارسلني الله تعالى إليه اهنيه وأخبره بكرامته على ربه عزّ وجلّ ، قال : هل لك أن تنطلق بي معك إليه يشفع لي عند ربّه فانه سخي جواد ، فانطلق الملك مع جبرئيل عليه‌السلام فقال : ان هذا ملك من الملائكة الكروبين كان له من الله تعالى مكان فارسله برسالة فأبطأ فكسر جناحه وألقاه بجزيرة من جزائر البحر وقد أتاك لتشفع له عند ربك ، فقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى ركعتين ودعا في آخرهن :

اللهم اني أسألك بحق كلّ ذي حقّ عليك وبحق محمّد وأهل بيته ، أن ترد على فطرس جناحه وتستجيب لنبيك وتجعله آية للعالمين ، فاستجاب الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوحى إليه أن يأمر فطرس أن يمرر جناحه على الحسين عليه‌السلام ، فقال رسول الله لفطرس : امرر جناحك الكسير على هذا المولود ففعل فسبح فأصبح صحيحاً ، فقال : الحمد لله الذي منّ عليّ بك يارسول الله ، فقال النبي لفطرس : أين تريد ؟ فقال : ان جبرئيل أخبرني بمصرع هذا المولود واني سألت ربي أن يجعلني خليفة هناك.

قال : فذلك الملك موكل بقبر الحسين عليه‌السلام ، فاذا ترحم عبد على الحسين أو تولى أباه أو نصره بسيفه ولسانه ، انطلق ذلك الملك الى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول : ايّتها النفس الزكية فلان بن فلان ببلاد كذا وكذا يتولى الحسين ويتولى أباه ونصره بلسانه وقلبه وسيفه ، قال : فيجيبه ملك موكل بالصلاة على النبي ان بلغه عن

٣٣٨

محمّد السلام وقل له : ان مت على هذا فأنت رفيقه في الجنّة » (١).

٣١ ـ قال : حدّثنا جعفر بن عبدالله بن جعفر المحمدي ، قال : حدّثنا عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبي رافع قال :

« كنت قاعداً بعد ما بايع الناس أبا بكر ، فسمعت أبا بكر يقول للعباس : أنشدك الله هل تعلم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بني عبدالمطلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش ، فقال : يابني عبدالمطلب انه لم يبعث الله تعالى نبياً إلاّ جعل له أخاً ووزيراً ووصياً وخليفة في أهله ، فمن يوم منكم يبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي ، فلم يقم منكم أحد ، فقال : يابني عبدالمطلب كونوا في الاسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً والله ليقومن قائمكم وليكونن في غيركم ثم لَتندمُنّ ، فقام علي من بينكم فبايعه على شرط له ودعاه إليه ، أتعلم ذلك من رسول الله ؟ قال : نعم ».

٣٢ ـ حدّثنا الحسن بن أحمد المالكي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ياعلي أنت المظلوم بعدي ، فويل لمن ظلمك واعتدى عليك ، وطوبى لمن تبعك ولم يختر عليك ، ياعلي أنت المقاتل بعدي ، فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك ، ياعلي أنت الذي تنطق بكلامي وتتكلم بلساني بعدي ، فويل لمن رد عليك وطوبى لمن قبل كلامك ، ياعلي أنت سيّد هذه الاُمّة بعدي وأنت امامها وخليفتي عليها ، من فارقك فارقني يوم القيامة ومن كان معك كان معي يوم القيامة.

ياعلي أنت أول من آمن بي وصدقني ، وأنت أول من أعانني على أمري وجاهد معي عدوي ، وأنت أول من صلّى معي والناس يومئذٍ في غفلة الجهالة ،

__________________

(١) روى صدره في الخرائج ١ : ٢٥٣ ، عنه البحار ٤٤ : ١٨٢ ، وابن قولويه في الكامل : ٦٦ ، والصدوق في أماليه : ١١٨ ، عنهما البحار ٤٢ : ٢٤٣ ، ١٠١ : ٣٦٧.

٣٣٩

ياعلي أنت أول من تنشق عنه الأرض معي ، وأنت أول من يبعث معي ، وأنت أول من يجوز الصراط معي ، وان ربي عزّ وجلّ أقسم بعزته لا يجوز عقبة الصراط إلاّ براءة بولايتك وولاية الأئمّة من ولدك.

وأنت أول من يرد حوضي ، تسقي منه أولياءك وتذود أعداءك وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود ، تشفع لمحبيك فتشفع فيهم ، وأنت أول من يدخل الجنّة وبيدك لواي وهو لواء الحمد وهو سبعون شقة الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر ، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنّة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك » (١).

٣٣ ـ قال إبراهيم بن أبي محمود :

« فقلت للرضا عليه‌السلام : يابن رسول الله انّ عندنا أخباراً في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام وفضلكم أهل البيت ، وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها ؟ فقال : يابن أبي محمود ! لقد أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أصغى الى ناطق فقد عبده ، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق عن ابليس فقد عبد ابليس.

ثم قال الرضا عليه‌السلام : يابن ابي محمود ! انّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على أقسام ثلاثة : أحدها الغلو ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب (٢) أعدائنا ، فإذا سمع النّاس الغلو فينا ، كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا (٣) بأسمائنا ، وقد قال الله عزّ وجلّ :

( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (٤) ، يابن أبي محمود ! إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فالزم طريقتنا ، فانّ من لزمنا لزمناه ومن

__________________

(١) عنه البحار ٣٨ : ١٤٠ ، رواه الصدوق في العيون ٢ : ٦.

أقول : مرّ في ج ٣ : الرقم ٢٤ مثله.

(٢ و ٣) ثلبه : لامه وعابه.

(٤) الانعام : ١٠٨.

٣٤٠