بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري

بشارة المصطفى صلّى الله عليه وآله لشيعة المرتضى عليه السلام

المؤلف:

عماد الدين أبي جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-251-4
الصفحات: ٤٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

٣٠١
٣٠٢

بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

١ ـ أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمّد بن يحيى الفحام السر من رأى ، قال : حدّثنا عمّي عمر بن يحيى ، قال : حدّثنا إبراهيم بن عبيدالله الكنيخي ، عن أبي عاصم ، عن الصادق جعفر عليه‌السلام قال :

« شيعتنا جزء منا خلقوا من فضل طينتنا ، يسوؤهم ما يسوؤنا ويسرّهم ما يسرنا ، فإذا أرادنا أحد فليقصدهم فانّهم الباب الذي يوصل منه إلينا » (١).

٢ ـ حدّثنا أحمد بن أبي الطيب بن شعيب عن أبي الفضل ، عن أحمد بن هاشم ، أخبرنا مالك بن سليمان ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن الأحلج ، عن الشعبي قال :

« سئل الحسن بن علي عليهما‌السلام عن هذه الآية : ( اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (٢) أخاصة هي أم عامة ؟ قال : نزلت في قوم خاصة فتعقيب عامة ثم جاء التخفيف بعد : « إتقوا الله ما أستطعتم » (٣) فقيل : يابن رسول الله فيمن نزلت هذه الآية ؟ فنكت الأرض ساعة ثم رفع بصره ثم نكس رأسه ثم رفع فقال :

لما نزلت هذه الآية : ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٤) فقال

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٠٥ ، والديلمي في إرشاد القلوب ٢ : ٢٥٧.

(٢) آل عمران : ١٠٢.

(٣) التغابن : ١٦.

(٤) الشورى : ٢٣.

٣٠٣

بعض القوم : ما أنزل الله هذا إنّما يريد أن يرفع بضبع ابن عمّه ، قالوها حسداً وبغضاً لأهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فأنزل الله تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ ) (١) ، ولا تعتد هذه المقال ولا يشق عليك ما قالوا قبل من فان الله ( وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (٢).

فشقّ ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحزن على ما قالوا وعلم ان القوم غير تاركين الحسد والبغضاء ، فنزلت هذه الآية ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ) (٣) فلمّا نزلت هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) (٤).

قال يوم غدير خم : من كنت مولاه فان علياً مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، فوقع في قلوبهم ما وقع تكلموا فيما بينهم سراً حتى قال أحدهما لصاحبه : من يلي بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن يلي بعدك هذا الأمر لا نجعلها في أهل البيت أبداً فنزل : ( وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (٥) ثم نزلت : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ) إلى قوله ( وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (٦).

فلما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مضوا على رأيهم في أهل بيت نبيهم وعلى ما تعاقدوا عليه في حياته ونبذوا آيات الله عزّ وجلّ ووصي رسوله وأهل بيته وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ».

٣ ـ اعتماداً في الكتاب المذكور ، قال : حدّثنا علي بن عبيدالله ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبدالله البجلي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حب آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حب آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على

__________________

(١ و ٢) الشورى : ٢٤.

(٣) الأنعام : ٣٣.

(٤) المائدة : ٦٧.

(٥) البقرة : ٢١١.

(٦) آل عمران : ١٠٢.

٣٠٤

حب آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الايمان ، ألا ومن مات على حب آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ، ألا ومن مات على حب آل محمّد يزف إلى الجنّة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح الله له بابين من الجنة ، ألا ومن مات على حب آل محمّد جعل الله زوار قبره ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله مات على السنّة والجماعة ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة » (١).

٤ ـ قال : حدّثنا محمّد بن عيسى بن هارون ، قال : حدّثني أبو عبدالصمد إبراهيم عن أبيه عن جدّه محمّد بن إبراهيم ، قال : سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام يقول في قوله تعالى : ( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) قال :

« في ولاية علي بن أبي طالب ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) (٢) ، قال : لا تتبعوا غيره » (٣).

٥ ـ الاسناد عن ابن هارون ، قال : حدّثني أبو عبدالصمد إبراهيم ، عن أبيه ، عن جدّه وهو إبراهيم بن عبدالصمد بن محمّد بن إبراهيم قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول :

« كان يقرأ : ( إن الله اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآل عمرانَ وآلَ محمّدٍ على العالمين ) (٤) قال : هكذا اُنزل » (٥).

٦ ـ قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، قال : حدّثنا موسى بن عمران

__________________

(١) رواه مختصراً ابن شاذان في مائة منقبة : ١٧١ ، عنه البحار ٢٧ : ١٢٠ ، والخوارزمي في المناقب : ٣٢.

أقول : تقدم ما يشابهه تحت الرقم : ٥٥.

(٢) البقرة : ٢٠٨.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٠٦ ، عنه البرهان ١ : ٢٠٧.

(٤) آل عمران : ٣٤.

(٥) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣٠٦ ، عنه البرهان ١ : ٢٧٧.

٣٠٥

النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسين (١) بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

« ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن عليه‌السلام ، فلمّا رآه بكى ثم قال : إليّ إليّ يابني ، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه الايمن (٢) ، ثم أقبل الحسين عليه‌السلام فلمّا رآه بكى ثمّ قال : إليّ إلي يابني ، وأجلسه على فخذه الأيسر (٣) ، ثمّ أقبلت فاطمة عليها‌السلام فلمّا رآها بكى ثمّ قال : إليّ إليّ يابنية وأجلسها بين يديه ، ثم أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام فلمّا رآه بكى ثمّ قال : إليّ إليّ يا أخي ، فما زال يدنيه حتّى أجلسه إلى جنبه الأيمن ، فقال له أصحابه : يارسول الله ما ترى واحداً من هؤلاء إلا بكيت أو ما فيهم من تسرّ برؤيته ؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية إنّي وإياهم لأكرم الخلق على الله عزّ وجلّ وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم ، أمّا عليّ بن أبي طالب فانّه أخي وشقيقي وصاحب الأمر بعدي وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وصاحب حوضي وشفاعتي ، وهو مولى كلّ مسلم وإمام كلّ مؤمن ، وقائد كل تقي ، وهو وصيي وخليفتي على أهلي واُمّتي في حياتي وبعد موتي ، محبّه محبّي ومبغضه مبغضي ، وبولايته صارت اُمّتي مرحومة وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة ، وأنّي بكيت حين أقبل لأنّي ذكرت غدر الاُمّة به بعدي ، حتّى [ انه ] (٤) ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي ، ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب على قرنه [ ضربة ] (٥) يخضب منها لحيته في أفضل الشهور ، شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.

وامّا ابنتي فاطمة فانّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وهي بضعة منّي وهي نور عيني وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي الّتي بين جنبي ، وهي الحوراء

__________________

(١) في الأمالي : الحسن.

(٢) في الأمالي : اليمنى.

(٣) في الأمالي : فما زال يدنيه حتّىٰ أجلسه على فخذه اليسرى.

(٤ و ٥) من الأمالي.

٣٠٦

الانسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر (١) نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته : ياملائكتي انظروا الى أمَتي فاطمة سيّدة النساء (٢) قائمة بين يدي ، ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت [ بقلبها ] (٣) على عبادتي ، اشهدكم اني قد أمنت شيعتها من النار ، واني رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل الذل بيتها وانتهكت حرمتها وغصب حقّها ومنعت ارثها [ وكسر جنبها ] (٤) واسقطت جنينها ، وهي تنادي : يامحمد ، فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة [ باكية ] (٥) تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرّة وتتذكر فراقي اُخرى ، وتستوحش إذا جنّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجّدتُ بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد ان كانت في ايام أبيها عزيزة.

فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول : يافاطمة انّ الله اصطفاك وطهّرك على نساء العالمين ، يافاطمة اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين ، ثمّ يبتدى بها الوجع ، فتمرض ، فيبعث الله عزّ وجلّ إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علّتها ، فتقول عند ذلك : يارب إني [ قد ] (٦) سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا فالحقني بأبي ، فيلحقها الله عزّ وجلّ بي ، فتكون أوّل من تلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليَّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول عند ذلك ، اللهم العن من ظلمها وعاقب من غصبها وأذل (٧) من أذلها ، وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتّى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمين.

وأما الحسن فانه ابني وولدي و [ بضعة ] (٨) منّي وقرّة عيني وضياء قلبي وثمرة فؤادي ، وهو سيّد شباب أهل الجنّة ، وحجّة الله على الاُمّة ، أمره أمري وقوله قولي

__________________

(١) في الأمالي : ظهر ، يظهر.

(٢) في الأمالي : سيّدة أمائي.

(٣) من الامالي.

(٤ و ٥ و ٦) من الأمالي.

(٧) في الأمالي : ذلل.

(٨) من الأمالي.

٣٠٧

من تبعه فهو منّي ومن عصاه فليس منّي ، واني لما نظرت إليه تذكّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي ، فلا يزال الأمر به حتّى يقتل بالسمّ ظلماً وعدواناً ، فعند ذلك تبكي الملائكة السبع الشداد لموته ويبكيه كلّ شيء حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء ، فمن بكى لم يعم عينه يوم تعمى العيون ، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.

وأما الحسين فهو (١) مني وهو ابني وولدي وخير الخلق بعد ( أبيه و ) (٢) أخيه وهو إمام المسلمين ومولى المؤمنين وخليفة رب العالمين وغياث المستغيثين وكهف المستجيرين حجّة الله على خلقه أجمعين وهذا سيّد شباب أهل الجنّة وباب نجاة الاُمّة ، أمره أمري وطاعته طاعتي ، من تبعه فانه منّي ومن عصاه فليس منّي.

واني لما رأيته تذكرت ما يصنع به [ بعدي ] (٣) ، كأني به قد استجار بحرمي وقبري فلا يجار ، فأضمّه في منامي إلى صدري وآمره بالرحلة عن دار هجرتي وابشره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه أرض كرب وبلاء وقتل وفناء ، ينصره عصابة من المسلمين اُولئك من سادات شهداء اُمّتي يوم القيامة ، كأني انظر إليه وقد رُمي بسهم فخر [ عن فرسه ] (٤) صريعاً ، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوماً ، ثم بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى من حوله وارتفع أصواتهم بالضجيح ، ثم قال عليه‌السلام : [ وهو يقول : ] (٥) اللهم اني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي ، ودخل منزله » (٦).

٧ ـ قال : حدثنا درست ، عن عجلان ، عن عمر بن عبدالسلام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال :

« ما بعث الله نبيّاً قط من أُولي الأمر بالقتال إلاّ أعزّه الله حتّى يدخل النّاس في

__________________

(١) في الأمالي : فانه.

(٢) ليس في الأمالي.

(٣ و ٤ و ٥) من الأمالي.

(٦) رواه الشيخ في أماليه : ١٠٠ ، والديلمي في إرشاد القلوب ٢ : ٢٩٥.

٣٠٨

دينه طوعاً وكرهاً ، فإذا مات النبي وثبت الذين دخلوا في دينه كرهاً على الذين دخلوا طوعاً فقتلوهم واستذلوهم ، حتّى ان كان النبي يبعث بعد النبي فلا يجد أحداً يصدقه أو يؤمن له ، وكذلك فعلت هذه الاُمّة غير انه لا نبي بعد محمّد صلى الله عليه وعلى أهل بيته ، ولكن الله باعث منّي ـ وأشار بيده إلى صدره ـ من يرد الأمر الذي جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٨ ـ قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أبي برزة الأسلمي فقال له وأنا أسمعه :

« ياأبا برزة انّ ربّ العالمين عهد إليّ في علي بن أبي طالب عليه‌السلام عهداً ، فقال : علي راية الهدى ومنار الإيمان وإمام أوليائي ونور جميع من أطاعني ، ياأبا برزة علي بن أبي طالب أميني في القيامة على حوضي وصاحب لواي ومعيني غداً في القيامة على مفاتيح خزائن جنّة ربي » (١).

٩ ـ حدّثنا مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على ظهراني جهنم فلا يجوزها ويقطعها إلاّ من كان معه جواز بولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام » (٢).

١٠ ـ عن أبي المقدام قال :

« قال الصادق جعفر بن محمّد عليه‌السلام : نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا ، وهي قوله عزّ وجلّ : ( فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ـ [ يعني ] في قبره ـ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ـ يعني في الآخرة ـ * ... * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ ـ يعني في قبره ـ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ـ يعني في الآخرة » (٣) ) (٤).

__________________

(١) رواه الشيخ في اماليه ١ : ٢٥١ والصدوق في اماليه : ٣٨٦.

أقول : مرّ مثله في ج ٣ : الرقم ٧ ، و ج ٤ : الرقم ٢٤.

(٢) روى مثله في تأويل الآيات ٢ : ٤٩٤ ، عن مصباح الأنوار : ١٠٦ ، وأخرجه الشيخ في أماليه ١ : ٢٩٦ ، مع اختلاف ، عنه البحار ٨ : ٦٧.

أقول : مرّ ما يشابهه ج ٣ : الرقم ١٣ ، و ج ٤ : الرقم ١ ، ويأتي ما يشابهه في ج ٦ : الرقم ١٨ و ج ١٠ : الرقم ٢٧.

(٣) الواقعة : ٨٨ ـ ٩٤.

(٤) رواه الصدوق في أماليه : ٣٨٣ ، عنه البحار ٦٨ : ٩ ، والاسترابادي في تأويل الآيات ٢ : ٦٥٣.

٣٠٩

١١ ـ قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال :

« حقوق شيعتنا علينا أوجب من حقوقنا عليهم ، قيل له : وكيف ذلك يابن رسول الله ؟ قال : لأنهم يصابون فينا ولا نصاب فيهم » (١).

١٢ ـ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

« من لقى الله مكفوفاً محتسباً موالياً لآل محمّد ، لقى الله ولا حساب عليه ».

١٣ ـ عن أبي الطفيل أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« ان الفتح والرضا والراحة والروح والفوز والنجاة والقربة والنصر والرضا والمحبة من الله لمن أحب عليّاً وتولاه وائتم به وبذريته من بعده ، لأنهم أتباعي فمن تبعني فانه مني ».

١٤ ـ عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إذا كان يوم القيامة نصب لي منبراً طوله ثلاثون ميلاً ، ثم ينادي مناد من بطنان العرش : يامحمد ، فأجيب فيقال لي : ارقَ فأكون في أعلاه ، ثم ينادي الثانية : أين علي بن أبي طالب ؟ فيكون دوني بمرقاة ، فتعلم جميع الخلائق بأن محمداً سيّد المرسلين وأن علياً سيّد الوصيين.

قال انس : فقام إليه رجل من الأنصار فقال : يارسول الله فمن يبغض علياً بعد هذا ؟ فقال : ياأخا الأنصار لا يبغضه من قريش إلاّ سفحي ولا من الأنصار إلاّ يهودي ، ولا من العرب إلاّ دَعي ، ولا من سائر الناس إلاّ شقي ».

١٥ ـ قال: حدّثنا عمرو بن هشام ، عن مسلم عن خيثمة قال: سمعت سعداً يقول :

« إن ابن أبي طالب اُعطي خصالاً ثلاثاً ، قام رسول الله يوم غدير خم نصف النهار ثمّ قال : أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال يوم خيبر : لأعطين الراية أفضلكم ليس بفرّار ،

__________________

(١) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣١٠.

٣١٠

ثم أصبحنا نجثوا على ركبتيه فدعى علياً ، قيل : رمد في عينه فأتى به ودعا أن يفتح على يده يومئذٍ خيبر ، ثم منزله في مسجد رسول الله ، وقال : ما أسكنته ان الله أسكنه ».

١٦ ـ قال : حدّثنا ابن اليمان عن إمام لبني سليم عن أشياخ له قالوا :

« غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنايسها مكتوباً :

أيرجو معشر قتلوا حسيناً

شفاعة جده يوم الحساب

فقلنا للروم : متى كتب هذا في كنيستكم ؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام » (١).

١٧ ـ عن ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« لمّا اسري بي الى السماء إذا ملك أتاني فقال لي : يامحمد سل من أرسلنا قبلك قلت : يامعاشر الناس والنبيين على مابعثكم الله قبلي ؟ قالوا : على ولايتك يامحمّد وولاية علي بن أبي طالب » (٢).

١٨ ـ عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إذا كان يوم القيامة أمرني الله عزّ وجلّ وجبرئيل فنقف على الصراط ، فلا يجوز أحد إلاّ بجواز من عليّ عليه‌السلام » (٣).

١٩ ـ قال : حدّثنا محمّد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال :

« كان ذات يوم جالساً بالرحبة والنّاس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل فقال : ياأمير المؤمنين إنّك بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك يعذّب بالنار ؟ فقال [ له ] (٤) :

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه : ١١٢ ، مع اختلافٍ.

(٢) رواه ابن شاذان مع اختلاف في مائة منقبة : ١٥٠ ، عنه البحار ٢٦ : ٣٠٧ ، غاية المرام : ٢٠٧ ، والديلمي في ارشاد القلوب : ٢١٠.

(٣) مرّ ما يشابهه في ج ٣ : الرقم ١٣ و ج ٤ : الرقم ١ و ج ٦ : الرقم ٩ ، ويأتي مثله في ج ١٠ : الرقم ١٨.

(٤) من تأويل الآيات.

٣١١

مه فضّ الله فاك ، والذي بعث محمّداً بالحق نبياً لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله تعالى فيهم ، أبي يعذّب بالنار وابنه قسيم النار.

ثم قال : والذي بعث محمداً بالحق ان نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ [ أنوار الخلق إلاّ خمسة أنوار ] (١) نور محمّد ونوري ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ومن ولده من الأئمة ، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عزّ وجلّ من قبل خلق آدم بألفي عام » (٢).

٢٠ ـ عن أبي جعفر محمّد بن منصور ، قال : حدّثني أبو طاهر ، قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه :

« ان علياً عليه‌السلام جمع أهل بيته ، وهم أحد عشر : الحسن بن علي والحسين بن علي ومحمّد بن علي الأكبر وعمر بن علي ومحمّد بن علي الأصغر والعباس بن علي وعبدالله بن علي وجعفر بن علي وعثمان بن علي وعبد الله بن علي وأبو بكر بن علي فلما اجتمعوا عنده قال :

يابني كباراً وصغاراً لا تكونوا كأشباه الفواه والحفاة الّذين لم يتفقهوا في الدين ولم يعطوا من الله اليقين كبيض بيض في أدحى ، ويح الفراخ آل محمّد من خليفة مستخلف عفريت مترف يقتل خلفي وخلف الخلف ، ثم قال : والله لقد علمت بتبليغ الرسالات وتمام الكلمات وتصديق العدات وليتمن عليكم نعمته أهل البيت ».

٢١ ـ حدّثنا عن حمّاد عن المنقري عن ابن عباس قال :

« مرّ ابن عباس بعدما حجب بصره بقوم من قريش وهم يسبون علياً فقال لقائده : ردني إليهم ، فرده فوقف ابن عباس فقال لهم : من الذي سبّ الله ؟ فقالوا : سبحان الله يابن عباس ، من سب الله فقد أشرك ، فقال : فالذي سب محمداً فقد كفر ،

__________________

(١) من تأويل الآيات.

(٢) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣١١ و ٢ : ٣١٢ ، عنه البرهان ٣ : ٢٣١ ، البحار ٣٥ : ٦٩ ، ورواه في الاحتجاج ١ : ٣٤٠ ، وتأويل الآيات ١ : ٣٩٧.

٣١٢

فقال : من الذي سب علياً ؟ فقالوا : أما هذا فقد كان.

فقال ابن عباس : اُشهد الله إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من سبّ علياً فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سب الله ، ثم ولى ذاهباً ، فقال لقائده : ما سمعتعهم يقولون ؟ قال : لم يقولوا شيئاً ، فقال : كيف رأيت وجوههم ؟ فقال :

نظروا إليك بأعين محمرة

نظر التيوس إلى شفار الجازر

فقال ابن عباس : زدني فداك أبي واُمّي ، فقال :

خزر الحواجب ناكسي أذقانهم

نظر الذّليل إلى الغريم القاهر

فقال : زدني فداك أبي واُمّي ، فقال :

أحياؤهم خزي على أمواتهم

والميتون فضيحة للغابر » (١)

٢٢ ـ عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال :

« سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ عليه‌السلام ثلاث فلئن تكون ليّ واحدة منهم أحب إليّ من حمر النعم.

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال : يارسول الله تخلفني مع النساء والصبيان ، فقال رسول الله : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انه لا نبي بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فتطاولنا لها ، قال : ادعوا لي علياً ، فأتى علي أرمد فبصق في عينيه ودفع إليه الراية ففتح عينه.

ولما نزلت هذه الآية : ( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) (٢) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال : اللهم هؤلاء أهلي » (٣).

٢٣ ـ قال : حدّثنا عبدالرزاق ، عن أبيه ، عن مثنى ، عن ابن مسعود قال :

__________________

(١) رواه الصدوق في أماليه : ٨٧ ، وابن المغازلي في مناقبه : ٣٩٤ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٨٢ ، والجويني في فرائد السمطين ١ : ٣٠٢.

(٢) آل عمران : ٦١.

(٣) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣١٣.

٣١٣

« ليلة الجن قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يابن مسعود نُعيَت إليّ نفسي ، فقلت : استخلف يارسول الله ، قال من ؟ قلت : أبا بكر ، فأعرض عنّي ، ثم قال : يابن مسعود نُعيَت إليّ نفسي ، قلت : استخلف ، قال : من؟ قلت : عمر ، فاعرض عنّي ، ثم قال : يابن مسعود نُعيَت إليّ نفسي ، قلت : استخلف ، قال : من ؟ قلت : عليّاً ، قال : أما انهم ان أطاعوه دخلوا الجنّة أجمعين راكعين » (١).

٢٤ ـ قال : حدّثنا حميد الشامي ، عن سليمان المنبهي ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سافر كان آخر عهده بانسان من أهله فاطمة عليها‌السلام ، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة ، فقال : فقدم من غزاة له ، فأتاها فاذا هي بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قُلبين (٢) من فضّة فرجع ولم يدخل [ عليها ] (٣) ، فلمّا رأت ذلك فاطمة ظنّت انه لم يدخل عليها من أجل ما رأى ، فهتكت الستر ونزعت القلبين عن الصبيّين فقطعته ودفعته إليهما ، فأتيا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يبكيان.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياثوبان خذ هذا فانطلق به إلى بيت بالمدينة ، فان هؤلاء أهل بيتي واني أكره أن يأكلوا طيباتكم في حياتكم الدنيا ، ياثوبان إشتر لفاطمة قلادة من عصب وسواراً من عاج » (٤).

٢٥ ـ عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« يدخلون الجنة من اُمّتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ، ثم التفت إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : شيعتك وأنت إمامهم » (٥).

__________________

(١) رواه الطوسي في أماليه ١ : ٣١٣ ، عنه البحار ٣٨ : ١١٧ ، والمفيد في أماليه : ٣٥ ، وابن شهرآشوب في مناقبه ٢ : ٢٦٢ ، والخوارزمي في مناقبه : ٦٤ ، والجويني في فرائد السمطين ١ : ٢٦٧.

(٢) القلب ـ بالضم ـ السوار.

(٣) من البحار.

(٤) رواه الصدوق في أماليه مع اختلاف : ١٩٤ ، البحار ٤٣ : ٨٩.

(٥) مرّ ما يشابهه في ج ٤ : الرقم ٦٠.

٣١٤

٢٦ ـ عن ابن عمر قال :

« حين آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه جاء علي بن أبي تدمع عيناه ، فقال : مالي لم تواخ بيني وبين أحد من أخواني ؟ قال : أنت أخي في الدنيا والآخرة » (١).

٢٧ ـ قال : حدّثنا الهيثم بن حمّاد ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك :

« رجعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قافلين من تبوك ، فقال في بعض الطريق : القوا لي الاحلاس والأقتاب ، ففعلوا ، فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخطب فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : معاشر الناس مالي أراكم إذا ذكر آل إبراهيم تهلّلت وجوهكم ، فاذا ذكر آل محمّد كأنما يفعل (٢) في وجوهكم حبّ الرمان ، والذي بعثني [ بالحق ] (٣) نبياً لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجيء بولاية علي بن أبي طالب لأكبه الله عزّ وجلّ في النار » (٤).

٢٨ ـ عن الحرث بن مالك قال :

« أتيت مكّة فلقيت سعد بن مالك فقلت : سمعت لعلي منقبة ؟ قال : شهدت له أربعاً لأن تكون لي إحداهن أحب إليّ من الدنيا أعمر فيها عمر نوح.

انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوماً وليلة ، ثم قال لعليّ : اتبع أبا بكر فبلغها ، ورد أبا بكر فقال : يارسول الله أنَزَلَ فيَّ شيء ؟ فقال : لا إلاّ خير ، إلاّ انه لا يبلّغ إلاّ أنا ورجل مني ، أو قال : من أهل بيتي.

قال : فكنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد ، فنودي فينا إلاّ ليخرج من في المسجد إلاّ آل الرسول وآل علي ، فخرجنا نجر قلاعنا فلمّا أصبحنا أتى العباس رسول الله قال : يارسول الله أخرجت أعمامك وأصحابك وأسكنت هذا الغلام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أمرت بأخراجكم ولا أسكنت هذا الغلام ، إن الله هو أمر به.

__________________

(١) رواه منتجب الدين في أربعينه : ٧٢ ، وابن شهرآشوب في مناقبه ٢ : ١٨٥ ، وابن طاووس في الطرائف ١ : ٦٤ ، والترمذي في صحيحه ٥ : ٦٣٦ ، وابن المغازلي في مناقبه : ٣٧ و ٣٨.

(٢) في الأمالي : يفقا.

(٣) من الأمالي.

(٤) رواه الشيخ في أماليه ١ : ٣١٤ ، أقول : مرّ ما في ج ٢ : الرقم ٨٥ و ج ٣ : الرقم ٣٧.

٣١٥

الثالثة : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث عمر وسعداً إلى خيبر ، فخرج سعداً ورجع عمر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاُعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ـ في ثناء كثير خشى ان اخطئ بعضه ـ ، فدعا بعلي وهو أرمد فجيء به يقاد ، فقال رسول الله : افتح عينيك ، قال لا أستطيع ، فتفل فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دلكها بابهامه فاعطاه الراية.

والرابعة : يوم غدير خم ، قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فابلغ ثم قال : أيّها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ ـ ثلاث مرّات ـ قالوا : بلى ، فقال : ادن ياعلي ، فدنا علي عليه‌السلام فرفع يده ورفع النبي يده حتى نظرت بياض اُباطيهما ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ثلاث مرّات.

وأمّا الخامسة من مناقبه : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غزا على ناقته الحمراء وخلّف علياً ، فنفست عليه قريش وقالوا : إنما خلّفه لما استثقله وكره صحبته ، فجاء علي عليه‌السلام حتى أخذ بغرز الناقة ، فقال : يانبي الله لأتبعنك أو إني تابعك ، زعمت قريش انك إنّما خلّفتني لما استثقلتني وكرهت صحبتي ، قال : وبكى علي عليه‌السلام فنادى رسول الله في النّاس فاجتمعوا ، فقال : ياأيها النّاس ما منكم من أحد إلاّ وله خاصة ، ثم قال لعليّ : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي ، قال : رضيت عن الله وعن رسوله » (١).

٢٩ ـ قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي عليه‌السلام قال :

« قالت فاطمة عليها‌السلام يوماً لي : أنا أحبّ الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منكم ، فقلت : لا بل أنا أحب ، فقال الحسن : لا بل أنا ، وقال الحسين : لا بل أنا أحبكم الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا بنية فيم أنتم ؟ فأخبرناه ، فأخذ فاطمة فاحتضنها وقبّل فاها وضم علياً إليه وقبّل بين عينيه ، أجلس الحسن على فخذه الأيمن والحسين على فخذه الأيسر وقبلهما وقال : أنتم أولى بي في الدنيا والآخرة ، والى الله من والاكم وعادى من عاداكم ، أنتم منّي وأنا منكم ، والذي

__________________

(١) روى صدره الصدوق في العلل : ١٩٠ ، عنه البحار ٣٦ : ٢٨٥.

٣١٦

نفسي بيده لا يتوالاكم عبد في الدنيا إلاّ كان الله عزّ وجلّ وليّه في الدنيا والآخرة » (١).

٣٠ ـ قال : حدّثنا حمّاد بن عيسى الجهني ، قال : حدّثني مسمع بن سيار ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال :

« بلغ معاوية انّ علياً عليه‌السلام يستنفر الناس بالكوفة للمسير إليه الى الشام وذلك بعد الموادعة والحكومة ، فبلغ ذلك من معاوية المبالغ وجعل يدسّ الرجال الى علي عليه‌السلام للقتل ويعمل الحيلة في ذلك ، الى أن كاتب عمرو بن حريث المخزومي إلى الكوفة ، فقدم الرجل الى عمرو بن حريث فانزله في مكان يقرب منه.

وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يرى المسح على الخفين وكان يجلس في مسجد الكوفة الأعظم ، يفتي الناس ويقضي بينهم حتّى تجب الصلاة فيخلع الخفين ويطهر الرجلين ويصلي بالناس ، فإذا أراد أن ينصرف إلى أهله لبس خفه وانصرف فأجمع الرجل أن يرصد علياً عليه‌السلام ، فاذا خلع خفيه جعل في أحدهما أفعى أو قال : ثعبان مما كان معه ، ففعل ذلك وجعل الأفعى ـ أو قال الثعبان ـ في أحد الخفين ، فلما أراد أمير المؤمنين أن يلبس خفه انقض عقاب ، فاختطف الخف وطار به في الجو ، ثم طرحه فخرج الأفعى فقتل.

قال : فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام للنّاس : خذوا أبواب المسجد فاخذت الأبواب ونظروا ، فإذا رجل غريب وهو الرجل الذي أرصد علياً بما صنع ، فاعترف أن معاوية بعثه لذلك الى عمرو بن حريث.

قال : فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : جيئوا بعمرو بن حريث ولا تنالوه بسوء ، فانطلقوا فجاؤوا به ترتعد فرائصه فأرادوا قتله ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : دعوه فليس هو ولا معاوية بقاتلي ولا يقدران على ذلك ، أنا قاتلي رجل من مراد ضرب من الرجال أعسر أيسر أصيفر ، ينظر بعيني شيطان ، وجعل أمير المؤمنين عليه‌السلام

__________________

(١) رواه ملخصاً الصدوق في أماليه : ٢١.

٣١٧

يصفه قال : يقتلني في الشهر الحرام لا بل في شهر رمضان عهد من النبي الاُمّي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ بذلك وقد خاب من افترى ، ثم أطلق عن عمرو وأنشأ يقول :

تلكم قريش تمناني لتقتلني

فلا وربك ما تروى ولا ظفروا

أما بقيت فاني لست متخذاً

أهلاً ولا شيعة في الدين إذ غدروا

قد بايعوني فما أوفوا ببيعتهم

يوماً ومالوا بأهل الكفر إذ كفروا

وقلّصوا لي عن حرب مشمرة

ما لم يلاق أبو بكر ولا عمر

فان هلكت فرهن ذمّتي لكم

بذات ودقين لا يعفوا لها بشر

عام الثلاثين خيل غير مخلقة

إذا المحرم عنها مرّ أو صفر

وسوف يأتيك عن أنباء ملحمة

يبيض من ذكرهم انباءها الشعر

إذا التقى مرّة بالمرج جمعهم

تعلوا قضاعة أو يشفي بها مضر

فسوف يبعث مهدي لسنته

فينشر الوحي والدين الذي طهروا » (١)

٣١ ـ عن ليث بن طاووس قال :

« المهدي جواد بالمال ، رحيم بالمساكين ، شديد على العمال » (٢).

٣٢ ـ قال : حدّثنا يحيى بن عبدالله بن الحسن ، عن أبيه ، وعن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، عن أبيهما ، عن جدهما عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« انّ الفردوس عيناً أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك ، فيها طينة خلقنا الله عزّ وجلّ منها وخلق منها شيعتنا فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منّا ولا من شيعتنا وهي الميثاق الذي أخذ الله عزّ وجلّ عليه ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

قال عبيد : فذكرت لمحمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ هذا الحديث ،

__________________

(١) رواه مختصراً في قرب الاسناد : ٨١ ، عنه مدينة المعاجز : ٢٠٤ ، أخرجه في أعلام الورى : ١٨١.

(٢) عنه منتخب الأثر : ٣١١ ، رواه أيضاً عن عقد الدرر من الباب الثامن منه عن طاووس ، وقال عنه : أخرجه أبو عبدالله نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن.

٣١٨

فقال : صدقك يحيى بن عبدالله ، هكذا أخبرني أبي ، عن جدي [ عن أبيه ] (١) ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٢).

٣٣ ـ قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار ، عن منصور بن العباس ، قال : حدثنا محمّد بن الفضل الهمداني ، قال : حدّثني مسهر رجل من أصحابنا قال :

« مرّ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام بقبر بعض من أهل بيته فنزل عن دابته ووضع خده على القبر وهو يبكي ويقول : إلهي بدت قدرتك ولم تبد هيبة لك فجهلوك وقدروك والتقدير على ما قدروك وشبهوك بخلقك ثم لم يعرفوك ولم يعبدوك ، فأنا إلهي بريء من الّذين بالتشبيه طلبوك وبالتحديد وصفوك ليس كمثلك شيء ياإلهي ولن يدركوك وظاهر ما بهم من نعمتك دلهم عليك لو عرفوك وفي خلقك ياإلهي مندوحة أن يتناولوك بل سووك بخلقك ، فمن ثم لم يعرفوك واتخذوا بعض آياتك ربا ، فبذلك وصفوك تعاليت رب وتقدست عما به المشبهون نعتوك ، ثم قام فركب دابته » (٣).

__________________

(١) من الامالي.

(٢) رواه الشيخ في أماليه مع اختلاف : ٢ : ٢٧٠.

(٣) رواه الصدوق في أماليه : ٤٨٧ ، والصدوق في التوحيد : ١٢٤ ، والعيون ١ : ١١٧.

٣١٩
٣٢٠