منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٥

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٥

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتورة ملك محمد خياط
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٥٨١

زين العابدين بن عبد الله ـ توجهوا إلى مولانا الشريف ، واتفقوا [هم](١) وإياه على أن يعطيهم معلوم شهر ، ويكون أسوة (٢) رفقاتهم ، وأن ما مضى لا يعاد ـ ولله الحمد ـ.

ودخل موسم [سنة ١١١٤ ه‍](٣) ألف ومائة وأربعة عشر.

ولما كان ليلة السبت الحادي والعشرين من شوال : وردت نجابة من الشام بمكاتيب لمولانا الشريف ملخصها :

ـ أنه أجيب لما طلبه من حضرة الأبواب ، من تولية ولده مولانا الشريف سعيد شرافة مكة. وأن الخلع الواصلة باسم الشريف سعيد.

ـ وأن المتوجّه في هذا الأمر قد ورد الشام ، وتوجّه بها إلى مصر.

ونزلت النجابة على مولانا الشريف بالمعابدة. فنزل بهم صبيحة يوم السبت إلى ولده ، وشاع ذلك. وشرع مولانا في تلافي الأشراف ، وتمهيد هذا الأمر للمشار إليه (٤). واجتهد أن يلبسه هو قبل ورود الخلعة ، وينزل له عن الشرافة ، فامتنع المشار إليه ولم يوافق.

ولما [أن](٥) كان يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة : وردت نجابة أيضا تبشر بورود القفاطين ، وأن الآغا الوارد بها وصل إلى أملج (٦)

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ج).

(٢) في (أ) «السوق». والاثبات من (ج).

(٣) ما بين حاصرتين من (ج).

(٤) أي الشريف سعيد.

(٥) ما بين حاصرتين من (ج).

(٦) في (ج) «المويلح». والمويلح : بضم الميم ، تصغير الملح ، ميناء على ساحل البحر الأحمر الشرقي بمنطقة ضبا تابعة لإمارة تبوك. حمد الجاسر ـ المعجم الجغرافي ٣ / ١٤٤٢ ، البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٨ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨. ـ أملج : أم لج بضم اللام ، وتشديد الجيم. وبعضهم يكتب الإسم «أملج» خطأ. وهي بلدة على ساحل البحر الأحمر من أشهر الموانيء بين ينبع والوجه ، وهي تابعة لمنطقة تبوك. حمد الجاسر ـ المعجم الجغرافي ١ / ٢٣٤. والمقصود أن الآغا الوارد بالقفاطين أصبح مجيئه قريبا.

٢٨١

قريبا من ينبع (١).

فتأهب مولانا الشريف لذلك. إلى أن كان ليلة الأربعاء سادس عشر ذي القعدة ، ورد الجمال محمد ، الترجمان المرسول إلى الأبواب واجتمع بمولانا الشريف ، وأخبره أن آغاة القفطان في الوادي ، وكان مولانا الشريف قد بعث إلى هناك من يقوم بخدمته ، ويمدّ له (٢) سماطا.

ودخل المذكور (٣) ليلة الخميس ، فطاف وسعى ، ورجع إلى مخيمه بالزاهر ، واستمر إلى هناك يوم الخميس.

وفي صبيحة الجمعة التاسع عشر من ذي القعدة : خرج له آلاي العسكر ، وآلاي باشة جدة ، ودخل بالأمر السلطاني ، وقد جلس مولانا الشريف ، وابنه ، وعدة من الأشراف ، والقاضي ، والمفتيين (٤) الحنفي والشافعي ، وباشة جدة ، وأعيان الفقهاء.

فورد إلى الحطيم بالأمر السلطاني والتشريف. فلبس مولانا

__________________

(١) في (ج) «الينبع». وقد شاع استعمال كلمة الينبع في الكتابات المتأخرة. والأصح ينبع. انظر : عبد السلام الدرعي ـ ملخص رحلتي عبد السلام الدرعي ، دار الرفاعي ، الرياض ط ١ ١٤١٢ ه‍ / ١٩٨٢ م ص ٨٢ حاشية (١) ، العياشي ـ ماء الموائد ، دار الرفاعي ، الرياض ١٤٠٤ ه‍ / ١٩٨٤ م ط ١ ص ٣٤ حاشية (٢).

(٢) في (أ) «يجد له سماطا». والاثبات من (ج).

(٣) أي الآغا الوارد بالقفاطين.

(٤) الصحيح" والمفتيان».

٢٨٢

الشريف سعيد ـ حفظه الله ـ وألبس أصحاب المناصب على جري العادة ، وباب الكعبة مفتوح ، إلى أن انقضت قراءة الأوامر. وكانت [هذه](١) كلها (٢) ، تشير إلى ما هو المطلوب لمولانا الشريف ، والوصاية على الرعية والمجاورين / والحجاج كما هو العادة.

ودعى الشيخ محمد ابن الشيخ عبد المعطي الشيي ، وعزم مولانا الشريف ، وتبعه ابنه (٣) ، فاقتضى رأيه أن اقتصر على الجلوس في المدرسة المعدّة (٤) للاقتصار من الحرم ، ودخل مولانا الشريف سعيد فقبل يديه وركبتيه وهو يدعو له ، إلى أن ذرفت عينا كلّ منهما بالبكاء من شدة الفرح. ـ أدام الله لهما السرور (٥) ـ.

ثم خرج من عند والده ، [وركب](٦) إلى داره بسوق الليل ، وجلس هناك للمباركة.

ومدحه في هذا اليوم صاحبنا ، يحيى بن الريس تاج الدين المدني بقصيدة ، وأخلع على خادمه حسن بن علي الفيومي ، وجعله وزيرا ، وعزله عن نظر السوق ، وولّى رجلا آخر من الحبابين (٧) عوضه ، وأخلع

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ج). وذكر أحمد زيني دحلان في خلاصة الكلام ١٢٨ : «أن عدد الأوامر كان ثلاثة أوامر».

(٢) في (ج) «كل».

(٣) المقصود الشريف سعد وابنه الشريف سعيد.

(٤) في (ج) «المعتدة». وربما هي مدرسة ابن عتيق.

(٥) كما أورد هذا الخبر أحمد زيني دحلان في خلاصة الكلام ١٢٨.

(٦) ما بين حاصرتين من (ج).

(٧) أي تجار الحب.

٢٨٣

عليه. وأعاد فتوى الشافعية المقام فيها الشيخ سعيد المنوفي (١) إلى الإمام علي الطبري المكي (٢) ، وعزل قائمقام بيت المال ، وجعل عليه السراج عمر بن بكر الحلواني المدني.

ـ هذا ما وقع في هذا اليوم ـ (٣).

ولما كان صبيحة يوم السبت : طلع الآغا الوارد بالقفطان بخلعة سمور ، وكتاب آخر خاص لمولانا الشريف سعيد ، وألبسه الفرو الوارد عليه من الأبواب زيادة في الإكرام والعناية ، وخوطب (٤) كتابه بغاية اللطافة والرعاية ، وذلك ـ فضل الله يؤتيه من يشاء ـ.

وأنشدني صاحبنا ، عمر بن علي بن سليم ، لنفسه قوله [مؤرخا لهذه](٥) الولاية على ما فيه :

تهنى بالشريف سعيد ملكا

بنصر الله أيده إقامة

__________________

(١) هو سعيد بن محمد بن محمد بن أحمد المنوفي الشافعي ، مفتي الشافعية ، ولد بمكة كأسلافه ، وبها نشأ وتربى.

قرأ على والده وعلى غيره من علماء مكة. كان حافظا للمذهب محدثا ، وعلى قدر كبير من الذكاء. توفي بمكة في نيف وعشرين ومائة ألف. أبو الخير مرداد ـ نشر النور والزهر ٢٠٦.

(٢) هو علي بن فضل الطبري الحسيني الشافعي ، ولد بمكة وتلقى العلم على يد والده وعلى غيره من علماء مكة. كان ذا أخلاق حسنة وافر العقل والأدب. توفي بمكة سنة ١١٢٠ ه‍ ، وخلفه ابنه. محمد ، صاحب اتحاف فضلاء الزمن ، أبو الخير مرداد ـ نشر النور والزهر ٣٦١.

(٣) أي يوم الجمعة التاسع عشر من ذي القعدة سنة ١١١٤ ه‍.

(٤) في (ج) «خوطبت».

(٥) ما بين حاصرتين من (ج).

٢٨٤

على رغم المعاند والمعادي

وطول عمره وله السلامة

أدام الله دولته زمانا

وشيدها إلى يوم القيامة

وقال السعد في تاريخه «البس

لباس العز والتقوى كرامة» (١)

ولكاتبه ـ عفى الله عنه (٢) ـ :

إن الشريف الأوحد المرتجى

سعيد دام له المجد

قد أصبح الملك به ساحبا

لذيل عز ماله حد

فالشكر لله على نعمة

أنالها العالم والحمد

وقائل هل ضبطوا عامه

قلت وهل يعجزنا العد؟!

لغاية (٣) التوجيه إن شئت قل

تاريخه «لا حظه السعد» (٤)

واستمر مولانا الشريف إلى أن دخل الحج ، فخرج للعرضة (٥) بأتم هيئة وأوفر هيبة ، وخرج والده مولانا الشريف سعد ، فركب معه ، ووقف موقفه المعتاد ، وأوتي بالخلع ، فلبس خلعته ، وكذا ألبس أصحاب الإدراكات على ما هو المعتاد.

وعاد إلى بيته ، وتحته أصحاب الكلاخات (٦) الفضة المموهة بالذهب أربعة أنفس ، كما فعل عمه المرحوم الشريف أحمد بن زيد (٧).

__________________

(١) ما بين مزدوجتين تاريخه بحساب الجمل.

(٢) يقصد السنجاري نفسه بهذا.

(٣) في النسختين «لغاية». وفي الإتحاف لمحمد علي الطبري ٢ / ١٢٨" بغاية».

(٤) ما بين مزدوجتين تاريخه بحساب الجمل.

(٥) في (أ) «لعرفه». والاثبات من (ج).

(٦) أي أصحاب الطاسات كما ذكره السنجاري في حوادث ١٠٩٥ ه‍.

(٧) عن هذا الموكب ، انظر : السنجاري ـ منائح الكرم ، حوادث ١٠٩٥ ه‍.

٢٨٥

وهكذا خرج المذكور (١) لعرضة أمير الحج الشامي ، وكان بيرم آغا باشا ، فلبس الخلعة. ورجع مولانا الشريف سعيد ، وحج بالناس.

ودخل بيرم باشا مكة بنحو ثلاثة الآف عسكري ، وأنزلهم بالمعابدة إلى الأبطح ، وبالغ في ضبطهم. فما رؤي واحد منهم بمكة.

وشنق مولانا الشريف رجلا بمنى من السّرّق ، ولم يحصل للحج في هذا العام شيء مما كانت الناس تحسبه.

ونادى منادي أمير الحاج الشامي المذكور (٢) ثاني / أيام النحر ، بمنى ، نداء عاما على الحج الشامي ، أنه يتوجه بعد ثلاثة أيام من النزول إلى مكة. فشقّ ذلك على كثير من أهل حجه.

ولما أن نزلت الناس ، كان مولانا الشريف طلب منه فسحة فتمهل ، وأمر مولانا الشريف بالنداء على كافة (٣) الحجاج كلّهم بالرجوع (٤) ، وكذلك كلّ من كان بمكة من الغرباء متعاطين الأسباب في القوت (٥) وغيره. وأنه لا يقيم بمكة [بعد الحج](٦) إلا المولود بها ، أو صاحب

__________________

(١) أي الشريف سعيد.

(٢) بيرم آغا باشا.

(٣) في (ج) «بالنداء على الحجاج».

(٤) كان من عادة ملوك مكة ، وهي عادة من زمن الخليفة عمر بن الخطاب أن ينادي بعد الحج : يا أهل الشام شامكم ، يا أهل اليمن يمنكم .. وذلك لئلا يكثر المجاورون ، فيستأثرون بما لهم من الثروة بأرزاق أهل مكة ، فيضيقون عليهم. وقد اندثرت هذه العادة ، ولم يبق منها إلا ما يقوله العامة في موسم الحج : يا غريب بلادك. الدهلوي ـ موائد الفضل والكرم ورقة ٧٨.

(٥) في (ج) «القوة».

(٦) ما بين حاصرتين من (ج).

٢٨٦

عقار. فشق ذلك على كثير من الناس.

وكلم بعض الناس مولانا الشريف في ذلك ـ وليته لم يفعل (١) ـ فبعد ذلك أمر بالنداء بأن :

«من أراد أن يخرج فليخرج مع الحج ، ومن أراد الإقامة فليقم».

ومن الوقائع في هذه السنة أن أمير الشامي (٢) ذهب لبلك باشا عسكره غلام ، وذهب لابن أخت الباشا سليمان صاحب جدة غلام ، فجعل كلّ واحد منهم يسأل عن ذاهبه. فجاء الخبر إلى ابن أخت الباشا ، أن غلامه عند بلك باشا العسكر الشامي. وكان المذكور (٣) شابا مغرورا ، فركب ليأخذ غلامه ، فلما وصل إلى الباشا أمر بأخذه في الحديد ، [فأخذ وجعل في الحديد ، وخرج الباشا يوم عشرين بالمحل والعسكر وهو معه في الحديد](٤) ، وذلك بعد أن نزل سليمان باشا إلى جدة لاستلام المراكب الهندية.

فأرسل مولانا الشريف سعد إلى الباشا ، فلم يقبل شفاعته ، ثم أرسل قاضي مكة فلم يقبل ، وسار به معه ، ولم يلتفت إلى أحد. فلما وصلوا إلى عسفان ، وجدوا غلام بلك باشا العسكر الشامي ، فأمر مولانا الشريف ببعثه مع رجل إلى الباشا يسترجع الممسوك عنده ، فأخذ الغلام

__________________

(١) يعبر السنجاري هنا عن رأيه في هذا الموضوع ، ويظهر استيائه ، وعدم رضائه بنقض هذا الأمر.

(٢) بيرم آغا باشا.

(٣) ابن أخت الباشا.

(٤) ما بين حاصرتين من (ج).

٢٨٧

ولم يطلق المعتقل معه. وسار إلى المدينة [به](١) ، فتكلم شيخ حرم المدينة ، وفكّه بنحو عشرين كيسا ، ورجع من المدينة [إلى جدة](٢) بعد جهد جهيد.

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ج).

(٢) ما بين حاصرتين من (ج).

٢٨٨

ودخلت سنة ١١١٥ ألف ومائة وخمس عشرة :

وفيها اشتد الغلاء فوصلت كيلة (١) الحب إلى قرش ، وكذلك الأرز والسمن من نصف قرش الرطل.

وفي هذه السنة : وردت الصدقة الهندية لكاة (٢) من البرنيات (٣).

وفي هذه السنة : ورد من الهند في المراكب الهندية ، علي بن معصوم صاحب السلافة إلى مكة ، ولم يدرك الحج مع قدرته على ذلك ، لإنشغاله بما جاء من أسبابه (٤) ، فطلع مكة ، ومدح مولانا الشريف سعدا بقصيدة ، قرأها عليه صاحبنا الفاضل السيد محمد حيدر المكي (٥) ، وجعل أخرى لمولانا الشريف سعيد وقرأها عليه السيد محمد حيدر المذكور. وبلغني أنه لم يستوعبها.

وجلس الوارد المذكور (٦) بمنزله الموروث عن الشريفة بنت السيد نصير (٧). وجاءه الناس ، ولم أتحدّبه ، وظفرت ببعض هجاء قاله فيّ ـ

__________________

(١) الكيلة : وعاء يكال به الحبوب ، ومقداره الآن ثمانية أقداح. إبراهيم أنيس ٢ / ٨٠٨.

(٢) لكاة : اللك ، رقم يستعمل في الهند ، ومقداره مائة ألف. أحمد السباعي ـ تاريخ مكة ٢ / ٤١٣.

(٣) البرنيات : جمع برنية ، إناء واسع الفم من خزف أو زجاج تخين. إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ١ / ٥٢ ـ ٥٢.

(٤) لم يذكر السنجاري هذه الأسباب. ولعلها الاشتغال بتأليف كتبه ، أي تكسبه بالشعر والمديح ، وهذا غمز لطيف من السنجاري لعلي بن معصوم.

(٥) هو محمد حيدر الشامي أصلا المكي مولدا ، وسبق ترجمته.

(٦) أي علي بن معصوم.

(٧) ربما تكون احدى قريباته لأننا كما نعرف ، أنه كان ينتهي بنسبه إلى علي بن

٢٨٩

قبحه الله ـ وألفت فيه رسالة سمّيتها : الدلائل الواضحة على المثالب الفاضحة. إلى أن خرج هاربا من مكة في سنة ١١١٥ ه‍ ، وترك أهله وأولاده ، وجاءنا خبر موته سنة [](١).

وفي هذه السنة (٢) : جعل الغلاء (٣) يزداد كلّ يوم وساعة ، وأطال بالناس التعب وفقد كلّ شيء. فلما كان شهر صفر اشتدّ الحال بالناس ، ووصل الحب الإردب إلى عشرين أحمر ، ونفر كلّ شيء (٤). والأمر لا يزداد إلا شدة ، إلى أن وصلت كيلة الحب المكي إلى نصف ريال ، والأرز إلى قرش ريال ، وانتهى الأمر إلى الأطراف (٥) ، فساوى سعر الطائف سعر مكة ، وعدم السمن ، ولحقت / شدة. ولم يزل الأمر كذلك ، إلى أن فرج الله بورود المراكب المحمدية المتّجرة (٦) الهندية الجديدة من مصر ، وفيها سبعة آلاف إردب جراية مقسومة بين مكة

__________________

أبي طالب رضي‌الله‌عنه. فهو يذكر اسم والده في السلافة بقوله : الوالد الأمير نظام الدين أحمد بن الأمير محمد معصوم الحسيني. السلافة ص ١٠.

(١) ما بين حاصرتين فراغ في الأصل حيث لا توجد سنة مذكورة ، ووفاة ابن معصوم كانت سنة ١١١٩ ه‍ على أرجح الأقوال.

(٢) سنة ١١١٥ ه‍.

(٣) أي اشتد الغلاء والقحط بمكة. وذكر ذلك عبد الله غازي (مخطوط) إفادة الأنام ٢ / ٥٨٠.

(٤) أي ذهب كل شيء.

(٥) يقصد بها المناطق البعيدة عن مكة.

(٦) في (ج) «المبخرة». وتعني أداة التبخير. إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ١ / ٤٢. المتجرة : تعني التي يتاجر فيها لأن معنى المتجر مكان التجارة ، ويقال أرض متجرة أي يتجر فيها وإليها. ابن منظور ـ لسان العرب ١ / ٣١٢ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ١ / ٨٢.

٢٩٠

والمدينة (١). فوردت جدة سابع عشر ربيع الأول من السنة المذكورة ، فحصل بها فرج كبير للناس.

وأظهر الأشقياء بمكة ما حكروه (٢) من الحبوب ، وبادر صاحب جدة سليمان باشا بإرسال المبيع من ثالث يوم وصوله جدة ، فباع الحبّ بمكة بأربعة وستين محلقا بعد أن كان بنصف ريال الكيلة ـ ولله الحمد والمنة ـ.

ولما كان أواخر رمضان سنة ١١١٥ ه‍ : تنافر مولانا السيد عبد الكريم بن محمد بن يعلى ، مع مولانا الشريف سعيد بن سعد ، لأمر اقتضاه (٣). وخرج لخروجه جماعة من بني عمه آل بركات (٤) ، وكان اجتماعهم عليه ـ أعني السيد عبد الكريم ـ.

ثم اتسع الخرق ، فخرج جماعة من كبار الأشراف ومشايخ آل حسن (٥)

__________________

(١) في (ج) «بين المدينة ومكة». تقديم وتأخير.

(٢) في (ج) «حكره».

(٣) التنافر الذي حصل كان بسبب الخلاف على المعلوم.

(٤) آل بركات : قسم كبير من أشراف الحجاز. بعضهم يقيم بمكة ، وغالبهم سكان مر الظهران ، وهم بنو بركات بن محمد بن أبي نمي بن بركات من بني الحسن بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه. وأبو نمي هذا تولى امارة مكة من سنة ٩٢٣ ـ ٩٣٢ ه‍ وظل أمر الحجاز في ذرية أبي نمي إلى سنة ١٣٤١ ه‍ حين تنازل الملك علي بن الحسين عن ملك الحجاز للملك عبد العزيز آل سعود. وتفرع من ذوي بركات هؤلاء الأشراف ذوو حسين ، وذوو إبراهيم ، وذوو عمر ، وذوو عبد الكريم. البلادي ـ معجم قبائل الحجاز ١ / ٣٦ ، ٣ / ٤٩٨. شرف عبد المحسن البركاتي ـ الرحلة اليمانية ط ٢ ص ١٣٥ ـ ١٣٦.

(٥) آل حسن : هم بنو حسن بن محمد أبي نمي بن بركات من أشراف الحجاز ، وتفرع من حسن هذا : الأشراف العبادلة ، الأشراف ذوو زيد ، الشنابره ، سرور ، الحرث ، المناعمة ، جيزان ، جود الله ، وهم منتشرون بين مكة والطائف ومر الظهران ونخلة. ـ عرفوا بالأشراف من عهد أبي نمي. البلادي ـ معجم قبائل الحجاز ١ / ١٠٤ ، شرف عبد المحسن البركاتي ـ الرحلة اليمانية ١٣٦.

٢٩١

وسائر آل قتادة (١) ، وأخذ كلّ لنفسه أجلة (٢).

وفيها : توافق (٣) الخارجون وتحالفوا وتعاهدوا على اتحاد الكلمة. فقام مساعدا بينهم بالصلح ، مولانا الشريف سعد ، وغيره من الأشراف ، واجتهدوا غاية الاجتهاد ، فما أمكن. فانقطعت بسبب ذلك الطرق ، ونهبت الأموال في طريق جدة وسائر الجهات ، فكم من مال أخذوه ، وقتيل نبذوه. ثم إن الشريف سعد ذهب إليهم بعد ما أنهوا إليه أمر ولده وكان نازلا بطريق الخبت قريبا من جدة ، والأشراف المذكورون نازلون بوادي مرّ ، فورد عليهم الشريف سعد بن زيد ، وضمن لهم وفاء جميع ما أنكر لهم من المعلوم. وقال : «ان ألزمت ولدي بتسليمه يعتذر الآن بالعجز ، وحسّن لهم أخذ البعض ، وعينه لهم. وما بقي فأنا الكفيل لخلاصه».

فرضوا بذلك ، وشرطوا عليه شروطا ، منها :

الدفان (٤) عما وقع في الطريق من النهب ، وما أخذ من

__________________

(١) آل قتادة : قبيل من الأشراف حكموا مكة ردحا من الزمن. وتفرق كثيرون منهم في الأمصار ، وهم بنو قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم ... وينتهي نسبهم إلى الحسن بن علي بن أبي طالب ، وانتسب إليهم ملوك المغرب اليوم. البلادي ـ معجم قبائل الحجاز ٣ / ٣٩ ، السباعي ـ تاريخ مكة ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٢) أي مهلة.

(٣) في (ج) «ترافق».

(٤) الدفان : من الدفن ، وهو الستر والمواراة. وهنا بمعنى السكوت والتغاضي عما حدث. ابن منظور ـ لسان العرب ١ / ٩٩٤.

٢٩٢

الأموات (١).

ومنها : أنهم يكونون على ما تعاهدوا عليه من غير نقض إبرام.

ومنها : أنه إذا لم يتم ما التزمته لنا ، فتكون يدك مع يدنا ، وتكون إلينا عنه وأنت منّا ونحن وأنت عليه.

وضمن كل ذلك وقبله.

واختار أن يدخل معه جماعة من الأشراف ، منهم السيد عبد المحسن ابن أحمد بن زيد ، والسيد عبد الكريم بن حمد بن يعلى ، وحسن بن غالب ، وسرور بن يعلى ، فدخلوا ولاقوا الشريف سعدا ، وبدوا (٢) عليه في دار السعادة ، فخرجوا من عنده ، ولم يفاتحهم بشيء.

وعرض الشريف سعد على ولده ما صار بينه وبين بني عمه ، فامتنع وأبى. وقال :

«بل أحاسبهم على جميع ما أخذوه على الناس من الأموال ، وأحسبه من معاليمهم. ولا بد أن (٣) ينفكوا من هذا الحلف الذي بينهم ، ويعاملني كل واحد وحده».

فأقاموا يومهم هذا عند الشريف سعد ، وكان نزل على ولده السيد مساعد بالطنبداوي (٤).

__________________

(١) المقصود القتلى الذين قتلوا في الطرقات ، وأخذت أموالهم كما في طريق جدة.

(٢) بدوا عليه : أي ظهروا عليه. ابن منظور ـ لسان العرب ١ / ١٧٨.

(٣) في النسختين «ولا ان». والتصحيح من أحمد زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ١٢٩.

(٤) حي من أحياء مكة التي تقع أسفل وادي طوى. ويعرف أيضا باسم التنضباوي ، نسبة إلى شجر التنضب الذي كان يكثر فيه. وبعض أهل مكة ينطقه

٢٩٣

فلما بلغهم ذلك ، رجعوا إلى مرّ الظهران ، ونفوسهم غير طائعة ، بعد أن ألزموه أن يعطيهم / البدر (١) وفاء بالشرط.

ولما اقترب شهر الحج ، واحتاج الناس إلى قضاء شعائر الحج ، وضاق الوقت ، فتصدى (٢) الوزير سليمان باشا صاحب جدة لتسكين حركة هذه الفتنة المطمة (٣) ، وبذل في ذلك الهمة. فكاتب السادة الأشراف ، ووعدهم ، وضمن لهم خلاص ما هو لهم في الذمة والمال ، وبذل لهم ما وسعته قدرته في الحال ، وشرط عليهم حفظ طريق جدة رعاية لمن بها من الغرباء الواصلين كي لا يفوتهم الحج. ففعلوا ما شرط عليهم ، وأمنوا الطريق ، وسارت القوافل. بل ساروا يمشون مع القوافل إلى أن تدخل مكة ذهابا وإيابا.

ثم إن سليمان باشا ، أخبر مولانا الشريف سعيد بما وقع ، " وإني التزمت لهم في ذمتي بخلاصهم».

__________________

الطنبداوي. البلادي ـ معالم مكة ١٦٨ ـ ١٦٩ ، معجم معالم الحجاز ٥ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧. وذكره الأزرقي في تاريخ مكة ٢ / ٢٧٩ حاشية (٥) باسم الليط.

(١) في (ج) «ابرر». والبدر : جمع بدرة ، والبدرة لفة جلد السخلة (الماعز الصغير). والجمع بدر. وكانت تستخدم في حفظ النقود. والبدرة اصطلاحا عشرة آلاف درهم كانت شائعة الاستعمال في المعاملات المالية في العصور الإسلامية الأولى. حيث كان يهبها الخلفاء والسلاطين لذوي الحظوة عندهم من الأدباء والوزراء. إبراهيم عطية ـ القاموس الإسلامي ١ / ٢٨٩.

(٢) في (ج) «تصدى».

(٣) طم الشيء طموما : كثر حتى عظم أو عم. ويقال : طمّ البحر أو الماء ، وطم الأمر ، وطمت الفتنة أو الشدة. ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ٦١٦ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ٢ / ٥٦٦.

٢٩٤

فأجابه بأنّ : «ما فعلته هو الصواب».

ثم إن الشريف سعيدا بعث إلى الأشراف ، وكانوا نحوا من ثلاثمائة ، يسألهم أن يعرضوا معه في خروجه إلى الأمراء على جري العادة. فامتنعوا ، ولم يعرض منهم أحد إلا بعض الأشراف كانوا في عملته ، لم يجاوز الثلاثين.

فلما أقبلت الأمراء تنقلت الأشراف إلى الحميمة (١) بوادي مر.

فحجّ الناس وهم في غاية الخوف ، ولم يحجّ من أهل مكة إلا اليسير. ظنوا أن الأشراف يدخلون مكة والناس بعرفة. فلم يكن ذلك ، بل التزموا الوفاء لما أخذه عليهم الوزير سليمان باشا صاحب جدة.

فلما أن سافر الحج ، وأقفر الفجّ (٢) ، أخذ الأشراف في الإرتحال من الحميمة ، ونزلوا بالزاهر سابع عشرين ذي الحجة. فشعر بهم الشريف سعيد ، وطلبهم إلى الشرع [الشريف](٣).

فوكّلوا من جانبهم [السيد عبد الله بن سعيد بن شنبر ، فجاء ووصل المحكمة ومعه](٤) السيد عبيد الله بن حسن بن جود الله ، وزين

__________________

(١) الحميمة : تصغير حمة. وهي الحجارة السوداء ، وهي قرية ببطن مر من نواحي مكة المكرمة بين سرعه والبريراء ، وتبعد عن مكة بحوالي ٤٥ كم شمالا. وكانت توجد بها عين ماء ثم انقطعت في السبعينات من القرن الرابع الهجري. أنظر : ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٢ / ٣٠٧ ، عاتق البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٣ / ٦٦ ـ ٦٧ ، البلادي ـ معالم مكة التاريخية والأثرية ٨٦ ـ ٨٧.

(٢) أي الطريق من الحجاج. لأن الفج بمعنى الطريق الواسع البعيد. ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ١٠٥٢ ـ ١٠٥٣ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ٢ / ٦٧٤.

(٣) ما بين حاصرتين من (ج).

(٤) ما بين حاصرتين من سقط من (أ). والاثبات من (ج).

٢٩٥

العابدين بن إبراهيم بن محمد ، شهدوا على الوكالة.

وكان الشريف قد نزل قبلهم إلى المحكمة ، وكان القاضي لمكة حالا القاضي أحمد البكري أحد السادة البكرية (١) المقيمين بالشام لا المصريين.

فادّعى السيد عبد الله بموجب وكالته عن جماعته (٢) على مولانا الشريف ، بأنه منعهم من حقوقهم من مداخيل البلد ومخاليفها (٣) ، لم يعطهم ما يستحقونه ، واختص بكل [ذلك](٤) دونهم. وهم شركاؤه فيه ، وقد قضت قواعدهم على ذلك (٥) من زمن الشريف قتادة (٦) بذلك ، وأن لا يعاملونه [إلا](٧) على ذلك. فإن ذلك قوام معاشهم.

فأنكر مولانا الشريف سعيد ، وقال :

__________________

(١) هو أحمد بن كمال الدين البكري (١٠٤٢ ـ ١١١٧ ه‍) قدم جدة محمد بدر الدين من مصر إلى دمشق وبها استقر. وفي دمشق ولد ونشأ أحمد البكري. وقد تقلد قضاء المدينة المنورة سنة ١١١٢ ه‍ ، وقضاء دمشق سنة ١١١٤ ه‍ ، ثم قضاء مكة سنة ١١١٥ ه‍ ، في سنة ١١١٧ ه‍ رحل إلى القاهرة وبها توفي. المرادي ـ محمد خليل ـ سلك الدرر ، مطبعة بولاق ١٣٠١ ه‍ ، ١ / ١٤٩ ـ ١٥٣. ويعود أصل السادة البكرية إلى الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي‌الله‌عنه. كان منهم بالديار المصرية جماعة من ولد عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق بن تيم بن مرة. القلقشندي ـ نهاية الأرب ١٢٠ ـ ١٢٢ ، كحالة ـ معجم قبائل العرب ١ / ٩٩.

(٢) الذين هم : السيد عبد الكريم بن يعلى ، وبنو عمومته من آل بركات.

(٣) المخلاف ، وجمعه مخاليف ، وهو الكورة أو الإقليم من البلد ، وهو تسمية يمانية. ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ٨٨٣ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ١ / ٢٥٢ ، المنجد ١٩٠. والمقصود هنا المناطق الأخرى.

(٤) ما بين حاصرتين من (ج).

(٥) سقطت من (ج). وهو الأصح.

(٦) الشريف قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم.

(٧) ما بين حاصرتين زيادة من المحققة يقتضيه السياق.

٢٩٦

«ليس لكم حقّ ، وإنما تأخذون من صاحب مكة ما يعطيكم من قبيل صلة الرحم ، ومدخول مكة خاصّ بي».

فاتسع بينهم المجال بحضرة القاضي والفقهاء ، وبما لا يليق بمقامهم ، فثارت نفوسهم بزيادة.

ثم انفضّ المجلس ، ورجع جماعة الأشراف إلى جماعتهم بالزاهر ، بعد أن اجتمعوا بالشريف سعد (١) ، وعاتبوه على دعواهم إلى القاضي ، فاعتذر وحلف أنه لا علم له بهذا القدر ، فقبلوا عذره ، وعزموا.

فركب الشريف سعد بنفسه ووصل إليهم ، وخطأ ابنه في فعله ، واستسمحهم وقال :

«هبوها لأجلي ، وسترون ما أفعل في حقكم معه ، وأنا الطالب بجميع ما هو لكم».

فقبلوا ذلك. وطلب جماعة منهم يدخلون معه. فدخل معه السيد أحمد بن زين العابدين لاستلام ما قام به لهم. فلما دخل بهم البلد / رأوا زنده قد صلد (٢). وكان آخر يوم من ذي الحجة سنة ١١١٥ ه‍.

__________________

(١) في (ج) «سعيد». والاصح «سعد».

(٢) صلد : صلدا ، وصلودا ، أي بخل وجمد على ماله. والصلد أيضا بمعنى الحجر الصلد. ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ٤٦٣ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ١ / ٥٢٠. المقصود أنه أصبح قويا أو أصبح مصرا على رأيه.

٢٩٧
٢٩٨

ودخلت سنة [١١١٦](١) ست عشرة ومائة وألف.

فلما كان يوم الثلاثاء من المحرم الحرام : رفعت الفتنة رأسها ، ووطأت أساسها (٢) ، فانتشرت عبيد الأشراف بأعالي تلك الجبال ، وشنوا الغارة. وملكوا تلك الجبال إلى الجبل المطلّ على تربة العيدروس (٣) ، وانتهوا إلى أسفل جبل عمر (٤) من المسفلة ، ومن جبل قعيقعان (٥) إلى جبل جزول (٦) المطلّ على سويقة ، وأخذ باطنة الشبيكة

__________________

(١) ما بين حاصرتين من (ج).

(٢) في النسختين «ووطئت». وهي كناية عن قيام الفتنة بين الشريف سعيد والأشراف.

(٣) العيدروس : عبد الله بن علي بلفقيه بن عبد الله العيدروس ، كان من العلماء. توفي سنة ١٠٥٠ ه‍ ، ودفن في الشبيكة مع ابنه وحده ، على خلاف المشهور من آل العيدروس الذين دفنوا في المعلاة كما ظهر لي من خلال المصادر والمراجع. المحبي ـ خلاصة الأثر ٣ / ٦٢ ـ ٦٣ ، أبو الخير مرداد ـ نشر النور والزهر ٦٨.

(٤) جبل عمر : هو الجبل الطويل المشرف على ريع عمر ، اسمه العاذر. وهو الجبل المشرف على حق آل عمر ، وحق آل مطيع بن الأسود ، وآل كثير بن الصلت الكندي. وعمر الذي ينسب إليه عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وكان يسمى في الجاهلية ذا أعاصير. الأزرقي ـ تاريخ مكة ٢ / ٢٩٢ ، ٢٩٦. ويذكر البلادي أن جبل عمر هو شق من ثبير الزنج ، وهو ما يلي حي الشبيكة ، وريع الحفائر. البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٦ / ٦٦ ـ ٦٧.

(٥) جبل قعيقعان : بضم القاف ، وفتح المهملة ، وكأنه تصغير قعقان : وهو الجبل الضخم المشرف على المسجد الحرام من الشمال والشمال الغربي ممتدا بين ثنيتي : كداء ، وكدى ـ بالقصر ـ بين وادي إبراهيم شرقا ووادي ذي طوى غربا ، ولا يعرف اليوم اسم قعيقعان ، إنما يسمى بأسماء كثيرة ، فطرفه الشمالي الغربي يسمى جبل العابدي ، والشرقي الحجون ، والمشرف على مقبرة المعلاة يسمى جبل السليمانية ، أما جزؤه الجنوبي يسمى جبل هندي. انظر : البلادي ـ معالم مكة ٢٢٣.

(٦) جزول : جزلّ بكسر أوله وتشديد اللام ذكره السباعي ، وقال : «إن طائفة

٢٩٩

جماعة من الأشراف حتى انتهوا إلى مقبرة الشبيكة ، ووصل جماعة من العبيد إلى جهة المعلاة ، فملكوا الجبل المطل على الوادي بحيث لا يفوتهم الصاعد من هناك ، وباقي الأشراف في مضاربهم (١).

فلما رأوا شدة الحركة انتقلوا من الزاهر إلى طوى (٢) ، ووقفوا هناك.

وكان تردّد على الأقدام السيد عبد المحسن بن أحمد بن زيد ، وتقدم بعض العبيد نحو السبعة ، فدخلوا بيت عتاقي أفندي ، الذي أخذه من عبد الباقي الشامي في الشبيكة. فانحازوا فيه ، وجعلوا يضربون من أقبل عليهم.

فتهيأ الشريف سعيد للخروج معهم ، ووجّه الهمة إليهم ، وجمع الجند ، وترّس المنافذ ، وجمع جماعة في دار ابن العم الشيخ أبي السعود السنجاري (٣) ، ومن دار الشيخ عبد الله البصري (٤) ، وجماعة في منائر

__________________

من الجنود تعرف بهذا الاسم كانت تلعب فيه بالطبل. انظر : السباعي ١ / ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، البلادي ـ معالم مكة ٦٣ ـ ٦٤ ، معالم الحجاز ٢ / ١٤٦. كما سبق ذكره في الجزء الأول من الكتاب.

(١) المقصود مضاربهم في الزاهر.

(٢) طوى : معروف اليوم ببئر طوى بجرول بين القبة وريع أبي لهب ، وهي بئر مطوية عليها بناء ، وهو الموضع الذي بات فيه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة فتح مكة. البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٥ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، معالم مكة ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٣) كما ذكر السنجاري أنه من أبناء عمومته.

(٤) عبد الله بن محمد بن سالم البصري ، ولد عام ١٠٤٨ ـ ١١٢٣٤ ه‍. شافعي مكي ، ولد ونشأ بالبصرة ، لذا سمي بالبصري ، من أئمة المحدثين. وأهم أعماله تصحيحه لكتب الحديث الستة. انظر : محمد أمين ـ طبقات السادة الحنفية ورقة ١٢٩ ، الدهلوي

٣٠٠