منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٤

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري

منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم - ج ٤

المؤلف:

علي بن تاج الدين بن تقي الدين السنجاري


المحقق: الدكتورة ماجدة فيصل زكريا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: جامعة أم القرى
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9960-03-366-X

الصفحات: ٦٠٠

فخرج من مكة يوم الخميس الرابع من محرم الحرام من سنته (١) وتوجه معه الشيخ حسين بن عبد الرحيم البنور (٢) بشفة (٣) بأمر (٤) مولانا الشيخ.

ولما كان أول يوم صفر : شرع الشيخ محمد بن سليمان في النظر للمقابر ، فبدأ بالشبيكة ، وسرح العمال.

فقام في صدّه (٥) السيد عبد الله بن عمرو بن بركات بن حسين (٦) ، وأخوه (٧) السيد مسعود ، فمنعوه من ذلك (٨).

وفي أوائل ربيع الأول : استأجر الشيخ محمد المذكور بيت القروي (٩) الذي بجانب المدرسة الداودية ، وغضب أهله على إيجاره ،

__________________

(١) في (د) «سنة ١٠٨٦».

(٢) في (ب) «المنبور» ،. وفي (ج) «المنبوز» ، وفي (د) «المسبور».

(٣) في (ج) «لبيثعته» ، وفي (د) «سسرصه».

(٤) في (د) «بأمر من». أي بأمر الشيخ محمد بن سليمان.

(٥) في (ج) ، (د) «صدره».

(٦) في (د) «حسن» وزاد ناسخ (ج) «بن أبي نمي».

(٧) في (د) «وأخيه».

(٨) في (أ) أضاف الحضراوي في المتن ما أضافه الدهلوي في متن (ج) ونصه : «قال كاتبه أبو الفيض والاسعاد : وعمرو بن بركات بن حسن ، هو جد الأشراف العمرية المشهورين من ذوي بركات من آل الحسن. ومن الأشراف العمرية في عصرنا هذا الشريف سعيد العمري بن مساعد بن مبارك بن هزاع بن عبد الله بن عمرو بن بركات بن الحسن بن أبي نمي ، والله أعلم». انظر خبر عمل الشيخ محمد هذا وصده في : ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ١٠٨٧ ه‍.

(٩) في (ج) ، (د) «الغوري». وابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ١٠٨٧ ه «القروي» ، والاثبات من (ج) ، (د).

٤٢١

فهدمه وعمره عمارة ملوكية ، وزخرفه بأنواع النقوش ، وواصل [بين](١) تلك الأماكن إلى باب إبراهيم (٢).

وفي هذا الشهر : صودر حسين القبرصلي ناظر قايتباي عن (٣) مال الوقف ، فتفضل لهم عنده نحو سبعمائة قرش ، فحبسوه (٤) نحو ثلاثة أيام عند سردار الانقشارية. ثم أخرجوه وأجبروه على بيع تركته ، إلى أن أوفاهم (٥). فعزلوه عن النظر. وولوا / النظر رجلا من أهل المدينة ، يقال له (علي القبرصلي) (٦) أيضا.

وفي يوم الأربعاء التاسع والعشرين من ربيع الثاني : شرع الشيخ محمد في هدم قبور المعلاة. وبنى مقبرة خاصة جعلها أربع جدارات ، وفصلها تفصيل الشطرنج (٧) ، وجعل لها بابين ، وهتك بذلك حرمة الأموات ، وفي ذلك يقول بعضهم شعرا (٨) :

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٢) انظر خبر عمارة بيت الغوري في : ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ١٠٨٧ ه‍.

(٣) في (أ) «على» ، والاثبات من بقية النسخ.

(٤) في (ب) «فحسبوه».

(٥) في (د) «وفاهم».

(٦) في (أ) «محمد علي القبرصلي» ، والاثبات من بقية النسخ.

(٧) انظر خبر بناء المقبرة هذا في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٤٣.

(٨) انظر هذا الخبر في : ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ١٠٨٧ ه‍.

٤٢٢

تكفل (١) ابن سليمان أذية من

قد وحد (٢) الله ممن حلّ في الحرم

فحين عمّ الأذى الأحياء (٣) منه غدا

مفتشا لأولي التوحيد في الرمم

طريقة من شقاء ما تناقلها (٤)

أهل التواريخ من عرب ومن عجم

وفي يوم الأربعاء الخامس من شعبان المكرم من هذه السنة : دخل مكة أحمد باشا عم الوزير الأعظم محمد باشا الكبرلي ، فأنزلوه بالباسطية. (وكان نزل) (٥) للقائه الأفندي عبد الله (٦) عتاقي إلى جدة ، فاجتمع بالشيخ محمد بن سليمان بعد أن طاف وسعى ، وكان رجلا فاضلا مهابا (٧) ، كثير المطالعة لا يفتر عن الاشتغال (٨).

وفي يوم الأربعاء العشرين (٩) من شعبان المكرم : ، أمر مولانا السيد إبراهيم بن محمد ، أخو مولانا الشريف بركات ، وكان قائم مقامه (١٠) بمكة ، بشنق ثلاثة أنفار ، أحدهم قتل جارية بطريق منى ، والآخران (قتلا رجلا من) (١١) المطوفين خرج لتلقي حجاج البحر إلى

__________________

(١) في (د) «بتكفل» ، وهو خطأ.

(٢) في (أ) «وحدوا» ، والاثبات من بقية النسخ.

(٣) في (أ) «الحيأ» ، وهو خطأ ، والاثبات من بقية النسخ.

(٤) ورد هذا الشطر في (د) «طريقة من شناما قد تناقلها».

(٥) ما بين قوسين في (أ) ، (ج) «ونزل» ، والاثبات من (ب) ، (د).

(٦) سقطت من (ب).

(٧) في (ب) ، (د) «منهابا» ، وهو خطأ.

(٨) أي بالعلم.

(٩) في (ب) «عشر عشري» ، وفي (ج) «عشري» ، وفي (د) «عشر».

(١٠) في (أ) «قائمقام» ، وفي (ب) ، (ج) «قائم مقام» ، والاثبات من (د).

(١١) ما بين قوسين في (ب) «قتل من».

٤٢٣

المنجور (١) من جدة ، فشنقوا بالمعلاة بالجميزة تحت سبيل السلطان مراد خان.

وفي أوائل رمضان المكرم : ورد قاصد السلطان أورنقزيب (٢) سلطان الهند (٣) ، بجواب مكاتيب مولانا الشريف بركات التي أرسلها / صحبة السيد علي ميرماه ، وجاء معه بصدقة لأهل مكة على جري العادة ، وكان الواصل بها رجل من الأزبك (٤) يقال له : عابد خان.

فلما استقر بمكة ، أرسل ابنه إلى الشيخ محمد (٥) بن سليمان ، فحجبه. فلما رجع لأبيه (٦) أنف من ذلك ، وقال :

«قد عجلنا ، فأنا أولى بمطالبة الزيارة لأنا وافدون على هذا الرجل».

وامتنع من الوصول إلى الشيخ بنفسه ، وكان ذلك مطلوب الشيخ.

وكان مولانا الشريف بينبع. فأمر الشيخ مولانا السيد إبراهيم بن محمد بطلب المذكور بما (٧) معه من هدية مولانا الشريف ، فامتنع الرجل

__________________

(١) المنجور : ريع في مفرحات بين الفريش وذي الحليفة ، منه ترى منائر المدينة المنورة. البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٨ / ٢٨١.

(٢) في (أ) «أدر تغريب» ، وفي (ج) «أورد نقزيب» ، والاثبات من (ب) ، (د).

(٣) في (ج) «الهندي».

(٤) في (أ) «الأريك» ، والاثبات من بقية النسخ.

(٥) سقطت من (ب).

(٦) في (أ) ، (ب) «ابنه» ، والاثبات من (ج) ، (د).

(٧) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «مما».

٤٢٤

من ذلك وقال : «ما أمرت إلا بتسليم ما بيدي لصاحب مكة ، إلا أن أغصب وأنهب ، ويتضح عذري لمن أرسلني».

فتركوه (١).

وكان رجلا صالحا على الطريقة النقشبندية (٢) ، جمع (٣) أصحابه في ثالث عشرين [من](٤) رمضان بالحرم ، وجلس [في](٥) الحلقة ، وحدى (٦) لهم أحد الجماعة بلسان الفارسي ، وقاموا يذكرون على ذلك بكلمة الإخلاص ، وهو معهم بخشوع وهيبة يجد لها الواقف (٧) موقعا في نفسه.

فلما رأى الشيخ أن كلامه مع مولانا السيد إبراهيم لم يجد (٨) في هذا الشأن ، كتب إلى مولانا الشريف يأمره برفع السيد إبراهيم عن النيابة ، وجعل أخيه (٩) السيد عمرو مقامه.

__________________

(١) في (د) «فتركه».

(٢) الطريقة النقشبندية : طريقة دراويش مبتدعة في فارس ، أسسها محمد بن محمد بهاء الدين النجاري ، لها طريقة خاصة في الذكر ، ولها فروع في الصين وتركستان وقازان وتركيا. انظر : الموسوعة العربية الميسرة ١٨٤٤.

(٣) في (أ) ، (ج) «وجمع» ، والاثبات من (ب) ، (د).

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (د).

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٦) هكذا في (أ) ، وفي بقية النسخ «وحدى». من الحداء.

(٧) في (ب) «الموقف» ، وهذه من بدع الصوفية.

(٨) في (ب) «يحبه» ، وهو خطأ.

(٩) في (د) «أخاه».

٤٢٥

وفي أواسط رمضان : صادف [ذلك](١) موت الشيخ محمد الزرعة ، وخلف ولدا رجلا في غاية العدالة ، فأمر الشيخ (٢) أن يضبط مخلفه ، فضبطوه ، فبلغ سبعة [عشر ألف](٣) دينار على ما يقال. فذكروا [له](٤) ذلك وأن (٥) الميت أوصى لابن ابن له قد مات بأربعة آلاف ، فقال الشيخ :

«إن هذا لم يزك (٦) ماله ، وقد استغرقت الزكاة ماله ، وصار لبيت (٧) / المال». وأمر مولانا السيد عمرو بأخذ المال ، فأنف من ذلك السيد إبراهيم ، ولم يوافق عليه ، فكان هذا هو الحامل للشيخ على سؤال مولانا الشريف (٨) نقل النيابة عنه إلى أخيه السيد عمرو.

(فلما أمر بالنيابة) (٩) للسيد عمرو (١٠) ، خرج مولانا السيد

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (د).

(٢) محمد بن سليمان.

(٣) ما بين حاصرتين ورد في (أ) «سبعة آلاف» ، وفي (ج) «سبعة ألف» ، وفي (د) «عشر ألف» ، والاثبات من (ب).

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (د).

(٥) في (ب) «وأنه» ، وهو خطأ.

(٦) في (أ) ، «يترك» ، وهو خطأ ، والاثبات من بقية النسخ.

(٧) في (ج) «بيت».

(٨) بركات.

(٩) ما بين قوسين في (ب) «فلما الأمر بالنيابة» ، وفي (د) «فلما آل الأمر بالنيابة» ، وهي الأصح بالاثبات.

(١٠) في (د) «عمر» ، وهو خطأ.

٤٢٦

إبراهيم إلى جهة الخبت (١).

فعند ذلك أمر الشيخ ولد (٢) الشيخ محمد الزرعة ، وهو الشيخ تاج الدين (٣) أن ينزل عند القاضي ، ويقر بأن ليس له أهلية التصرف في هذا المال ، (وأنه أقام) (٤) وكيلا (٥) على نفسه الخواجا محمد سعيد [بن](٦) سكيكر ـ بالتصغير ـ وكيلا مفوضا في حفظ ماله ، والتصرف فيه. وأسلموه المال بالكره ، ورتب له القاضي معلوما مقررا يأخذه من الوكيل المذكور ، (وأسقط الشيخ محمد (٧) غالب) (٨) مما في دفاتر الصر السلطاني باسم أولاده وعياله من غير مراجع ـ والله غالب على أمره (٩) ـ.

ولما كان ليلة الأربعاء التاسع عشر من شوال ، دخل مولانا الشريف [مكة](١٠) (واجتمع من ليلته بالشيخ في منزله ، وبعث في وقته إلى

__________________

(١) الخبت : صحراء بين مكة والمدينة ، يقال له خبت الجميش. ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ٢ / ٣٤٣.

(٢) سقطت من (د).

(٣) هو تاج الدين الزرعة الحنفي المكي ، أحد أعلام مكة وعلمائها ، كان موجودا سنة ١١١٨ ه‍. انظر : أبو الخير مرداد ـ المختصر من نشر النور والزهر ١٤٨.

(٤) ما بين قوسين في (د) «وأقام».

(٥) سقطت من (ب) ، (د).

(٦) ما بين حاصرتين سقط من (أ) ، والاثبات من بقية النسخ.

(٧) ابن سليمان المغربي.

(٨) ما بين قوسين ورد في (د) «وكتب الشيخ غالب مواد الميت المذكور».

(٩) انظر خبر محمد المزرعة هذا في : زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ٩٢.

(١٠) ما بين حاصرتين زيادة من (ب) ، (د).

٤٢٧

صاحب الصدقة عابد خان ، فامتنع من الحضور إلى بيت الشيخ محمد) (١) ، واجتمع بمولانا الشريف في منزله يوم الخميس ، فقابله بالإجلال والإكرام.

وفي هذا اليوم : ختم الشيخ عبد الملك المغربي المجاور بمكة [في هذه السنة](٢) سنن أبي داود تحت مدرسة الداودية ، وحضر ختمه الشيخ محمد بن سليمان ، والشريف بركات معه ، ولم يتفق لصاحب مكة فيما [وقفنا](٣) عليه حضور درس [ختم](٤) بالحرم المكي سواه.

وفي عصر يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة الحرام من السنة المذكورة (٥) / وفيه (٦) يجعل مولد عظيم [في كل عام](٧) لمولانا السيد عبد الله العيدروس صاحب الشبيكة ، ترجمه شيخنا العلامة السيد محمد الشلّي في كتابه المشرع (٨) الروي (٩) ، وأطال في ترجمته (١٠).

__________________

(١) سقط من (ج) ، وما بين قوسين سقط من (د).

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

(٣) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د) ، وسقطت من متن (ج) فاستدركها ناسخها على حاشية المخطوط اليسرى ص ٣١٩.

(٤) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٥) أي سنة ١٠٨٦ ه‍.

(٦) سقطت من (د).

(٧) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د) ، وهذه أيضا من بدع الصوفية التي تخالف الشرع.

(٨) في (د) «المشروع» ، وهو خطأ.

(٩) سقطت من (ب) ، (د).

(١٠) أضاف النساخ جميعهم ما نصه : «وكان يوم الجمعة تاسع جمادى الأخرى» ، وهو خطأ ، وقد تنبه لهذا ناسخ (ج) فشطبه. هذا ولم أعثر في الكتاب المكذور عليها.

٤٢٨

ويقال أن في مثل هذا اليوم وقع له الفتح ، فكان له هذا اليوم يجعل فيه قائم مقامه محفلا عظيما ، ويزوره الخلق بمكة رجالا ونساء ، كما هو المعهود في زيارة الأكابر (١).

فعزم الشيخ محمد بن سليمان على إبطال (هذه الشعائر) (٢) ، وزعم أنه من المناكير (٣) الظاهرة ، لخروج (٤) الرجال والنساء إلى هذا الضريح.

فما فجأ الشيخ أعظم من ورود نجاب في هذا اليوم من مصر يخبر موت أستاذه الوزير الأعظم أحمد باشا الكبرلي ، وأنه توفي يوم سادس عشر رمضان من السنة المذكورة (٥).

وعدّ الناس ذلك من كرامات السيد عبد الله العيدروس ، فإنه من هذا اليوم ظهر الاختلال في أمر الشيخ ، وأصابه عليه من التعب ما لا مزيد عليه ، فأمر بقراءة الرباع بعد صلاة العصر بالحرم الشريف ، ونزل

__________________

(١) وهذا نوع من محاولة إزالة البدع والتي يظهر أن المؤلف لا يوافقه على ازالتها ، كما هو واضح فيما بعد. ولكنه من الأمور المنكرة ، ومن فضل الله أنه لا وجود لها في هذا العهد.

(٢) ما بين قوسين في (ب) ، (د) «هذا الشعار».

(٣) في (ب) ، (د) «المناكر».

(٤) في (أ) «فخروج» ، وهو خطأ ، والاثبات من بقية النسخ.

(٥) أي سنة ١٠٨٦ ه‍. في سرهنك ـ تاريخ الدولة العلية ١٧٦ ، إبراهيم حليم ـ التحفة الحليمية ١٤٥ ، المحامي ـ تاريخ الدولة العلية ٣٠٠ ، أنه توفي سنة ١٠٨٧ ه‍. وفي المحامي ـ تاريخ الدولة العلية «يوم ٢٤ رمضان». انظر هذا الخبر في : ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / حداث سنة ١٠٨٧ ه‍.

٤٢٩

بنفسه مع مولانا الشريف بركات ، (وحضر [وجوه](١) الناس) (٢) ، وقرئت الربعات.

وولي الوزارة بعده (٣) مصطفى باشا.

ومما قيل في تاريخ موته ما أنشدنيه بعضهم :

قيل لي موت وزير العصر هل جاء فيه نظم

قلت تاريخا لعام مات فيه" زيل غم" (٤)

ثم إن مولانا الشريف اجتمع بعم الوزير (٥) ، وسأل منه أن يتكلم مع / صاحب الصدقة عابد خان في الاجتماع بالشيخ (٦) ، فتكلم معه في ذلك.

فخرج يوم الثلاثاء من ذي القعدة وقت الضحى ، وطاف بالبيت ، وانعطف من ممشى باب إبراهيم ، ولم يزل سائرا (٧) حتى حاذى الداودية (٨) ، فخرج له الشيخ إلى الحرم ، فاعترضه (فاعتنقا وتسالما) (٩) ،

__________________

(١) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٢) ما بين قوسين في (ب) «وحضر وأخوه».

(٣) في (د) «بعد». أي بعد أحمد باشا الكبرلي.

(٤) وجملة «زيل غم» هي التاريخ ، وتقابل بحساب الجمل عام ١٠٨٧ ه‍.

(٥) أي أحمد باشا كوبرلي.

(٦) محمد بن سليمان المغربي.

(٧) في (ب) «سائر».

(٨) في (ب) «الداوودية».

(٩) ما بين قوسين في (د) «فتعانقا واستلما».

٤٣٠

ودخل به الشيخ إلى بيته ، وجلس ساعة ، وخرج.

فأرسلوا له يطالبونه بمال الصدقة ، فماطلهم أياما ، وأراد تفرقته بنفسه ، فوافقوه على ذلك ، وكتبوا له دفترا كتبوا (١) فيه جماعة ، ففرقوا على الجماعة المذكورين شيئا يسيرا.

ثم إنهم طلبوا الباقي [طلبا](٢) حثيثا ، فأشار (٣) بعض الناس بدفع المال إليهم خوفا عليه ، فأعطاهم ما عنده من المال ، وحملوه نهارا من داره إلى مدرسة الشيخ ، وتبعهم بعض [النساء](٤) الفقراء ، فضربوا على باب الشيخ ، فانصرفوا آيسين. ثم انهم فرقوا جزئية (٥) أخرى في حادي عشر ذي القعدة من ذلك المال.

ولما كان يوم الخميس مستهل ذي الحجة ، ورد مكة أغاة من الأبواب بخلعة لمولانا الشريف من الوزير المتولي مصطفى باشا ، فنزل مولانا الشريف إلى الحطيم ، وفتحت الكعبة ، وحضر الأعيان ، وقاضي الشرع ، وحضر (٦) الأغا بالقفطان من باب السلام ، فألبسه مولانا الشريف (وهو فرو سمور (٧) على ظهاره صوف أبيض ، ولم يأت بكتاب

__________________

(١) في (أ) ، (ج) «وكتبوا» ، والاثبات من (ب) ، (د).

(٢) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٣) في (د) «فأشا».

(٤) بالأصل الحرم والتصويب لا تساق المعنى.

(٥) في (د) «جزء منه».

(٦) في (ب) ، (د) «وجاء».

(٧) في (ب) «وسطور» ، وهو خطأ ، وفي (ج) «مسمور» ، وهو خطأ.

٤٣١

معه ، وطلع مولانا الشريف) (١) إلى (٢) منزله ، وجلس للتهنئة بهلال ذي الحجة.

وأنزلوا الأغا الوارد بالمرادية بالصفا.

غريبة (٣) لطيفة :

ورد في هذا اليوم من جدة في المراكب الهندية رسولا من ملك الهند (٤) إلى صاحب الصدقة عابد / خان يستحثه في الرجوع ، وورد معه بخلعة من السلطان ، فأخرج له صاحب الصدقة خيمته (٥) إلى الزاهر ، ونزل هناك ، فخرج إليه عابد خان بعد صلاة الظهر ، فلبس الخلعة الواردة [معه](٦) ، وهي خلعة خضراء من ملابس الهند ، وشاش أخضر ، كله محبوك (٧) بالذهب ، فلبسها من الزاهر ، ودخل في جماعة ، ولم نسمع بخلعة وردت من الهند قبل هذا.

وفي يوم السبت (٨) الثالث من ذي الحجة الحرام : دخل مكة الشيخ حسين (٩) بن عبد الرحيم المرسل صحبة (١٠) مولانا السيد سعيد بن مولانا

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من (د).

(٢) في (د) «وسار إلى».

(٣) سقطت من (ب) ، (د).

(٤) أور نقزيب.

(٥) في (ب) ، (د) «خيمة» ، وهي الأصح.

(٦) ما بين حاصرتين زيادة من بقية النسخ.

(٧) في (ب) «مجوك» ، وفي (ج) «محسوك» ، وفي (د) «محوك».

(٨) في (أ) «وفي هذا يوم» ، وفي (ج) «وفي يوم ثالث» ، والاثبات من (ب) ، (د).

(٩) في (د) «حسن».

(١٠) في (د) «صاحب» ، وهو خطأ.

٤٣٢

الشريف بركات لتعزية الوزير الأعظم (١) أحمد باشا في ابن أخيه المتوفى بمكة. ومن اللطائف قول بعضهم في وروده في هذا العام المبارك :

ابن عبد الرحيم نائحة (٢) الكون

عليه لا زال للنحس فيضا

أرسلوه في ابن الوزير معز

فأتاهم فيه معزّا (٣) أيضا (٤)

[وقيل فيه أيضا](٥) :

يا ابن عبد الرحيم لا زلت نحسا

للردى منك جيئة (٦) وذهاب

في ابن صنو الوزير رحت معز

ومعز (٧) فيه رآك الصحاب

وفيه أيضا :

ابن عبد الرحيم إن (٨) تاه عجبا

فجرى لنحسه المتجزى

لوزير السلطان راح معز

وأتى من هناك فيه معزّى

وفي (٩) ليلة الأحد الرابع من ذي الحجة ، دخل مولانا السيد سعيد ابن مولانا الشريف بركات بعد صلاة العشاء ، فطاف وسعى ، واجتمع

__________________

(١) سقطت من (ب) ، (ج).

(٢) في (أ) «فاتحة» ، وفي (د) «ناحية» ، والاثبات من (ب) ، (ج).

(٣) في (أ) ، (ب) «معز» ، والاثبات من (ج) ، (د).

(٤) اثبت ناسخ (ج) هذا البيت مكان البيت الثالث ثم شطبه ، وأثبته على الحاشية اليسرى للمخطوط ص ٣٢٣ مشيرا إلى أن مكانه مكان ما أثبتناه.

(٥) ما بين حاصرتين زيادة من (ج) ، (د).

(٦) في (أ) «جيئة ضك».

(٧) في (د) «معزا».

(٨) في (ج) «اذ».

(٩) في (ب) «وفيه» ، وهو خطأ.

٤٣٣

بأبيه ، ثم عاد إلى الزاهر ، ودخل يوم الأحد في الآلاي الأعظم (١) ، ومعه خلعة ومرسوم سلطاني.

ونزل مولانا الشريف (٢) إلى الحطيم ، وفتحت / الكعبة ، فجاء بالخلعة ولبسها مولانا الشريف (٣) ، وقرئ المرسوم الوارد ومضمونه :

ـ الانعام على مولانا السيد سعيد بمكانة أبيه من بعده.

ـ وأنه وليّ عهده من بعده. مؤرخا برجب من سنته (٤).

وكان القارئ له القاضي مرشد الدين بن القاضي أحمد بن عيسى المرشدي (وجلس في داره للتهنئة.

ومدحه صاحبنا) (٥) الشيخ عبد الملك العصامي (في هذا اليوم) (٦) بقصيدته (٧) الرائية مطلعها (٨) :

تجلت بمرآك السعيد لنا البشرى

وأبدى الهنا والسعد وجهك والبشرى

__________________

(١) في (ب) ، (د) «آلاي أعظم».

(٢) بركات.

(٣) أي الشريف سعيد بن بركات.

(٤) انظر هذا الخبر مختصرا وبتاريخ مغاير لما ذكره السنجاري في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٢٨ ، وفيه أن تاريخ ارساله كان سنة ١٠٨٧ ه‍ ، وانظره أيضا في : ابن المحب الطبري ـ إتحاف فضلاء الزمن / أحداث سنة ١٠٨٧ ه‍.

(٥) ما بين قوسين سقط من (د).

(٦) ما بين قوسين سقط من (د).

(٧) في (ب) «بقصيدة» ، وهو خطأ.

(٨) في (د) «ومطلعها».

٤٣٤

وعادت لأحشاها بعودك سالما

قلوب حشاها طول غيبتكم جمرا

وأضحى وطير (١) السعد يصدح (٢) مذ بدا

محياك فينا منظرا (٣) واضحا بدرا

وقرت عيون طالما سهرت (٤) أسى

فنامت سرورا بعد وانشرحت صدرا

فما (٥) خص هذا الحال بعدك (٦) واحد

بل الناس جمعا بالدعا لم تزل تترى

(مرورا فملقاك) (٧) السعيد مبلغا

مراما سواكم (٨) من نفوس به حسرا

فيا ابن الكرام الصيد من آل هاشم

سلالة خير الخلق من ذي الورى طرا

__________________

(١) في (أ) «وطي» ، وهو خطأ ، والاثبات من بقية النسخ.

(٢) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «يسجع».

(٣) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «مسفرا».

(٤) في (ب) «سمرت» ، وفي : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «أسهرت».

(٥) في (ب) «ما» ، وفي (د) والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «وما».

(٦) في (أ) «بعد» ، والاثبات من بقية النسخ.

(٧) ما بين قوسين ورد في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «سرورا بملقاك».

(٨) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «سماكم».

٤٣٥

ويا درة (١) العقد الثمين نظامه

وفرع (الثناء خصب) (٢) الميامين (٣) في الذكرا

ويا من له من طينة المجد جوهر

تلألأ نورا (٤) من صفات له زهرا

ويا من غذا درّ (٥) الكمالات يافعا

وطفلا ففات (٦) الشيب في عقلها قدرا

له من سنام المجد ذروة سادة (٧)

وكان (٨) لها أهلا وكانت به أحرى

له منطق فصل ورأي مسدد

[وعزم يحاكي الأسد بل هو به أحرا](٩)

__________________

(١) في (أ) «يادارة» ، وهو خطأ ، والاثبات من بقية النسخ والمصدر السابق.

(٢) ما بين قوسين ورد في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «الشناخيب» ، وهي الأصح.

(٣) في (د) «ليامين» ، وهو خطأ.

(٤) في (ب) «نوارا».

(٥) في (أ) «دار».

(٦) في (أ) «فنادت» ، وهو خطأ ولم أتبين قراءتها في (ب). وفي : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦" ففاق» ، والاثبات من (ج) ، (د).

(٧) في (ب) ، (د) والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «شأوه».

(٨) في (أ) ، (ج) «وكانت» ، والاثبات من (ب) والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «وكان».

(٩) ما بين قوسين بياض في (أ) ، (ب) ، (د) وفي :

٤٣٦

وبسط يمين بالنوال بنانها (١)

حكت خلجا فعما يدى الندا (٢) بحرا /

طويل البنا رحب الفنا مهل (٣) الغنا

مزيل العنا مولى المنى فائضا بحرا

عريض الجدا غوث الندا مورد الندى

حمام العدى والخيل دهم حكت شقرا

إذا ثوى (٤) الداعي الصريخ أجابه

سعيد على سعدى فيظفر في العسرا (٥)

ولا عجب فالفرع يتبع أصله

على خير نعت يوجب الحمد والشكرا

طموح إلى نيل العلوم فؤاده

على همة تعلو السماكين والنسرا

__________________

العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «وجودة نفس طاب منشقها نشر» ، والاثبات من (ج).

(١) في (د) «بناها».

(٢) ورد هذا الشطر في : العصامي ـ سمط النجوم العوالي «حكت خلجا فعما بمد الندى تجري».

(٣) في (ج) ، (د) «منهل».

(٤) في (د) «و : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «ثوب» ، وهو أصح.

(٥) في (أ) «النسرا» ، وفي (ج) «السرا» ، وفي : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٦ «المسر» ، والاثبات من (د).

٤٣٧

لبيب أريب لوذعي (١) مهذب (٢)

[له الفكر والفهم الذي يفلق الصخرا](٣)

[أديب ربى حجر الخلافة مهده](٤)

إلى أن رقى من سرح شيظمه (٥) ظهرا

وهز متون (٦) البيض من مرهفاته

(وكان ابن) (٧) راعيها وكان بها أدرى (٨)

فبورك (٩)

فيه قارئا لعلومه

وفي الروع أرواح العدا سيفه يقرا

فحينا لتقليب الكراريس كفه

وحينا يقلبها القواضب والسمرا

__________________

(١) لوذعي : الظريف الحديد الفؤاد. انظر : الرازي ـ مختار الصحاح ٥٩٦.

(٢) في (ب) ، (ج) «مهده».

(٣) ما بين حاصرتين سقط من (أ) ، (ب) ، (ج) ، والاثبات من (د) والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧.

(٤) ما بين حاصرتين سقط من (أ) ، (ب) ، (ج) ، والاثبات من (د) والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧.

(٥) في (أ) «شيمه» ، والاثبات من بقية النسخ. الشيظم : الأسد. المعجم الوسيط ١ / ٥٠٣.

(٦) في (ب) «متوا».

(٧) في (د) «كابن».

(٨) في (ب) «درى».

(٩) في (ج) «بورك».

٤٣٨

[وكم من صفات فيك يعجز خاطري

مداها من الوصف الحميد أتت](١) [ ]

وكم من سجايا فيك طابت أصولها

وكم من(٢) جهة(٣)ما يحصى البليغ (وان أطرا)(٤)

فدونك (٥) يا نجل الملوك قصيدة

جمعت بها من وصف (٦) مجدكم النزرا

مفوهة (٧) من خالص الدر (٨) أنشئت

لمدحك صدقا لا رياء ولا نكرا

وقد شرفت لما أتى فيك مدحها

وزانت معاني حسن أوصافك الشعرا

فجاءتك من شوق إليه محبة

ولا تبتغي إلا قبولكم مهرا

__________________

(١) ما بين حاصرتين إضافة من (د). وفيه نقص الكلمة الأخيرة من البيت. ولعلها «تترا».

(٢) سقطت من (ب) ، (د).

(٣) في (د) و : العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧ «جهد».

(٤) في (د) «دان لطراد» ، وهو خطأ.

(٥) في (أ) تعد لك» ، والاثبات من بقية النسخ والعصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧.

(٦) في (د) «صف».

(٧) في (أ) «مفوهت» ، وفي العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧ «مفوقة» ، والاثبات من بقية النسخ.

(٨) في العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧ «الود».

٤٣٩

فدم وابق واسلم لا برحت على المدى

مصونا على الأسر (١) أو من حادث يطرا

ولا برحت أيام دهرك كلها

بآثارك الحسنى محجلة غرا

وفي يوم الأحد الثامن عشر من ذي الحجة : أصيب العالم بموت مولانا السيد (٢) إبراهيم بن محمد أخي مولانا الشريف.

فإنه صبيحة يوم السبت ركب إلى أخيه مولانا الشريف ، وهو في غاية (٣) الصحة لا يشكو شيئا (٤) / ورجع عنه إلى منزله ، فلما كان العصر احتضر (٥) ، فجاء الخبر إلى أخيه (٦) وهو عند الشيخ [محمد](٧) ، فلم يلتفت إلى هذا القول إلى أن أتاه الخبر بموته قبيل الغروب ، فغسل ، ونزل [به](٨) إلى الحرم ، وصلى عليه [الشيخ محمد](٩) بعد الشروق من يوم الأحد ، ودفن تجاه السيدة خديجة رضي‌الله‌عنها ، إلى جانب

__________________

(١) في (ج) ، (د) «الأسرار» ، وفي العصامي ـ سمط النجوم العوالي ٤ / ٥٥٧ «الأسوا».

(٢) أضاف ناسخ (د) «الأوحد الأمجد».

(٣) أضاف ناسخ (د) «من».

(٤) سقطت من (د).

(٥) أضاف ناسخ (د) «في الغير».

(٦) في (د) «لأخيه».

(٧) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٨) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

(٩) ما بين حاصرتين زيادة من (د).

٤٤٠