كتاب المكاسب - ج ٥

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-15-X
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤٤٨

مسألة

شراء ما يفسد من يومه

لو اشترى ما يفسد من يومه ، فإن جاء بالثمن ما بينه وبين الليل ، وإلاّ فلا بيع له ، كما في مرسلة محمّد بن أبي حمزة (١). والمراد من نفي البيع نفي لزومه. ويدلّ عليه قاعدة «نفي الضرر» ؛ فإنّ البائع ضامنٌ للمبيع ممنوعٌ عن التصرّف فيه محرومٌ عن الثمن.

ومن هنا يمكن تعدية الحكم إلى كلِّ موردٍ يتحقّق فيه هذا الضرر ، وإن خرج عن مورد النصّ ، كما إذا كان المبيع ممّا يفسد في نصف يومٍ أو في يومين ، فيثبت فيه الخيار في زمانٍ يكون التأخير عنه ضرراً على البائع.

المراد من «اليوم»

لكن ظاهر النصّ يوهم خلاف ما ذكرنا ؛ لأنّ الموضوع فيه «ما يفسد من يومه» والحكم فيه بثبوت الخيار من أوّل الليل ، فيكون الخيار في أوّل أزمنة الفساد ، ومن المعلوم أنّ الخيار حينئذٍ لا يجدي للبائع شيئاً ، لكن المراد من «اليوم» : اليوم وليله ، فالمعنى : أنّه لا يبقى على صفة الصلاح أزيد من يوم بليلته (٢) ، فيكون المفسد له المبيت‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٥٩ ، الباب ١١ من أبواب الخيار ، الحديث الأوّل.

(٢) في «ش» : «بليلة».

٢٤١

خيار ما يفسده المبيت

لا مجرّد دخول الليل ، فإذا فسخ البائع أوّل الليل أمكن له الانتفاع به وببدله ، ولأجل ذلك عبّر في الدروس عن هذا الخيار ب «خيار ما يفسده المبيت» وأنّه ثابتٌ عند دخول الليل (١) ، وفي معقد إجماع الغنية : أنّ على البائع الصبر يوماً (٢) ثمّ هو بالخيار (٣). وفي محكيّ الوسيلة : أنّ خيار الفواكه للبائع ، فإذا مرّ على المبيع يومٌ ولم يقبض المبتاع كان البائع بالخيار (٤). ونحوها عبارة جامع الشرائع (٥).

نعم ، عبارات جماعةٍ من الأصحاب لا يخلو عن اختلالٍ في التعبير ، لكن الإجماع على عدم الخيار للبائع في النهار يوجب تأويلها إلى ما يوافق الدروس. وأحسن تلك العبارات عبارة الصدوق في الفقيه التي أسندها في الوسائل إلى رواية زرارة ، قال : «العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول والبطّيخ والفواكه يومٌ إلى الليل» (٦) فإنّ المراد بالعهدة عهدة البائع.

وقال في النهاية : وإذا باع الإنسان ما لا يصحّ عليه البقاء من الخُضَر وغيرها ولم يقبض المبتاع ولا قَبَض الثمن كان الخيار فيه يوماً ،

__________________

(١) الدروس ٣ : ٢٧٤ ، وفيه : «وهو ثابت للبائع عند انقضاء النهار».

(٢) في «ش» زيادة : «واحداً».

(٣) الغنية : ٢١٩.

(٤) الوسيلة : ٢٣٨.

(٥) الجامع للشرائع : ٢٤٧.

(٦) الفقيه ٣ : ٢٠٣ ، ذيل الحديث ٣٧٦٧ ، وراجع الوسائل ١٢ : ٣٥٩ ، الباب ١١ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

٢٤٢

فإن جاء المبتاع بالثمن في ذلك اليوم ، وإلاّ فلا بيع له (١) ، انتهى. ونحوها عبارة السرائر (٢).

والظاهر أنّ المراد بالخيار اختيار المشتري في تأخير القبض والإقباض مع بقاء البيع على حاله من اللزوم.

وأمّا المتأخّرون ، فظاهر أكثرهم يوهم كون الليل غايةً للخيار ، وإن اختلفوا بين من عبّر بكون الخيار يوماً (٣) ومن عبّر بأنّ الخيار إلى الليل (٤). ولم يُعلم وجهٌ صحيحٌ لهذه التعبيرات مع وضوح المقصد إلاّ متابعة عبارة الشيخ في النهاية ، لكنّك عرفت أنّ المراد بالخيار فيه اختيار المشتري ، وأنّ له تأخير القبض والإقباض. وهذا الاستعمال في كلام المتأخّرين خلاف ما اصطلحوا عليه لفظ «الخيار» فلا يحسن المتابعة هنا في التعبير ، والأولى تعبير الدروس كما عرفت (٥).

شروط هذا الخيار

ثمّ الظاهر أنّ شروط هذا الخيار شروط خيار التأخير ؛ لأنّه فردٌ من أفراده ، كما هو صريح عنوان الغنية (٦) وغيرها (٧) ، فيشترط فيه جميع‌

__________________

(١) سقطت العبارة المذكورة من كتاب النهاية المطبوع مستقلا ، نعم وردت في المطبوع ضمن الجوامع الفقهيّة : ٣٣٦ ، والمطبوع مع نكت النهاية (للمحقّق الحلّي) ٢ : ١٤٢ ، ومحلّها باب الشرط في العقود من كتاب المتاجر.

(٢) السرائر ٢ : ٢٨٢.

(٣) مثل العلاّمة في التحرير ١ : ١٦٧.

(٤) كما في الجامع للشرائع : ٢٤٧ ، والقواعد ٢ : ٦٧ ، والإرشاد ١ : ٣٧٤.

(٥) في الصفحة السابقة.

(٦) الغنية : ٢١٩.

(٧) راجع الشرائع ٢ : ٢٣ ، والقواعد ٢ : ٦٧ ، والإرشاد ١ : ٣٧٤ وغيرها.

٢٤٣

ما سبق من الشروط. نعم ، لا ينبغي التأمّل هنا في اختصاص الحكم بالمبيع (١) الشخصي أو ما في حكمه كالصاع من الصبرة ، وقد عرفت هناك (٢) أنّ التأمّل في الأدلّة والفتاوى يشرف (٣) على القطع بالاختصاص أيضاً.

وحكم الهلاك في اليوم هنا وفيما بعده حكم المبيع هناك في كونه من البائع في الحالين. ولازم القول الآخر هناك جريانه هنا ، كما صرّح به في الغنية حيث جعله قبل الليل من المشتري (٤).

المراد بـ «الفساد»

ثمّ إنّ المراد بالفساد في النصّ والفتوى ليس الفساد الحقيقي ؛ لأنّ موردهما هو الخُضَر والفواكه والبقول ، وهذه لا تضيع بالمبيت ولا تهلك ، بل المراد ما يشمل تغيّر العين نظير التغيّر الحادث في هذه الأُمور بسبب المبيت.

ولو لم يحدث في البيع إلاّ فوات السوق ، ففي إلحاقه بتغيّر العين وجهان : من كونه ضرراً ، ومن إمكان منع ذلك لكونه فوت نفعٍ لا ضرراً (٥).

__________________

(١) في «ش» : «بالبيع».

(٢) راجع الصفحة ٢٢٨.

(٣) في «ش» زيادة : «الفقيه».

(٤) الغنية : ٢١٩ ٢٢٠.

(٥) في «ق» : «لا دفع ضررٍ» ، وشطب عليها في «ف» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

٢٤٤

السادس

خيار الرؤية‌

المراد من خيار الرؤية

والمراد به الخيار المسبَّب عن رؤية المبيع على خلاف ما اشترطه فيه المتبايعان.

الدليل على هذا الخيار

ويدلّ عليه قبل الإجماع المحقَّق والمستفيض ـ : حديثُ نفي الضرر. واستُدلّ عليه أيضاً بأخبارٍ :

منها : صحيحة جميل بن درّاج قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلٍ اشترى ضيعةً وقد كان يدخلها ويخرج منها ، فلمّا أن نقد المال صار إلى الضيعة فقلّبها ثمّ رجع فاستقال صاحبه ، فلم يُقِله ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّه لو قلّب منها ونظر إلى تسعٍ وتسعين قطعةً ثمّ بقي منها قطعةٌ لم يرها لكان له فيها خيار الرؤية» (١). ولا بدّ من حملها على صورةٍ يصحّ معها بيع الضيعة ، إمّا بوصف القطعة الغير المرئيّة ، أو بدلالة ما رآه منها على ما لم يره.

وقد يستدلّ أيضاً بصحيحة زيد الشحّام قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلٍ اشترى سهام القصّابين من قبل أن يخرج السهم ، فقال عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٦١ ، الباب ١٥ من أبواب الخيار ، الحديث الأوّل.

٢٤٥

لا يشتر شيئاً حتّى يعلم أين يخرج السهم ، فإن اشترى شيئاً فهو بالخيار إذا خرج» (١).

قال في الحدائق (٢) : وتوضيح معنى هذا الخبر ما رواه في الكافي والتهذيب في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن منهال القصّاب وهو مجهولٌ قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أشتري الغنم أو يشتري الغنم جماعةٌ ، ثمّ تُدخَل داراً ، ثمّ يقوم رجلٌ على الباب فيعُدّ واحداً واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة ثمّ يخرج السهم؟ قال : لا يصلح هذا ، إنّما تصلح السهام إذا عدلت القسمة .. الخبر» (٣).

أقول : لم يُعلم وجه الاستشهاد به لما نحن فيه ؛ لأنّ المشتري لسهم القصّاب إن اشتراه مشاعاً فلا مورد لخيار الرؤية ، وإن اشترى سهمه المعيّن الذي يخرج فهو شراء فردٍ غير معيّنٍ ، وهو باطلٌ ، وعلى الصحّة فلا خيار فيه للرؤية كالمشاع.

ويمكن حمله على شراء عددٍ معيّنٍ نظير الصاع من الصبرة ، ويكون له خيار الحيوان إذا خرج السهم.

عدم اختصاص هذا الخيار بالمشتري

ثمّ إنّ صحيحة جميل مختصّةٌ بالمشتري ، والظاهر الاتّفاق على أنّ هذا الخيار يثبت للبائع أيضاً إذا لم يرَ المبيع وباعه بوصف غيره فتبيّن كونه زائداً على ما وصف.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٦٢ ، الباب ١٥ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

(٢) راجع الحدائق ١٩ : ٥٧.

(٣) راجع الكافي ٥ : ٢٢٣ ، الحديث ٢ ، والتهذيب ٧ : ٧٩ ، الحديث ٣٣٩ ، وعنهما في الوسائل ١٢ : ٢٦٥ ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث ٨.

٢٤٦

وحكي عن بعضٍ (١) : أنّه يحتمل في صحيحة جميل أن يكون التفتيش من البائع بأن يكون البائع باعه بوصف المشتري ، وحينئذٍ فيكون الجواب عامّاً بالنسبة إليهما على تقدير هذا الاحتمال. ولا يخفى بعده ، وأبعد منه دعوى عموم الجواب حينئذٍ (٢) ، والله العالم.

__________________

(١) حكاه المحدّث البحراني في الحدائق ١٩ : ٥٨.

(٢) لم ترد «حينئذ» في «ش».

٢٤٧

مسألة

مورد خيار الرؤية

مورد هذا الخيار بيع العين الشخصيّة الغائبة.

اشتراط ذكر أوصاف المبيع

اختلاف التعابير في بيان هذا الشرط

والمعروف أنّه يشترط في صحّته ذكر أوصاف المبيع التي يرتفع بها الجهالة الموجبة للغرر ؛ إذ لولاها لكان غرراً. وعبّر بعضهم عن هذه الأوصاف بما يختلف الثمن باختلافه ، كما في الوسيلة (١) وجامع المقاصد (٢) وغيرهما (٣). وآخر بما يعتبر في صحّة السلم (٤). وآخرون كالشيخين (٥) والحلّي (٦) اقتصروا على اعتبار ذكر الصفة.

رجوع التعابير المختلفة إلى أمرٍ واحد

والظاهر أنّ مرجع الجميع واحدٌ ، ولذا ادّعي الإجماع على كلّ‌

__________________

(١) الوسيلة : ٢٤٠.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٣٠١.

(٣) مثل المسالك ٣ : ٢١٩ ، ومجمع الفائدة ٨ : ٤١٠ ، والحدائق ١٩ : ٥٨.

(٤) كما في التذكرة ١ : ٤٦٧ و ٥٢٤ ، والنهاية ٢ : ٤٩٩ ٥٠٠ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ٢٩٠ ٢٩١.

(٥) راجع المقنعة : ٥٩٤ و ٦٠٩ ، والمبسوط ٢ : ٧٦.

(٦) السرائر ٢ : ٢٤١.

٢٤٨

واحدٍ منها.

ففي موضعٍ من التذكرة : يشترط في بيع خيار الرؤية وصف المبيع وصفاً يكفي في السلم عندنا. وعنه في موضعٍ آخر من التذكرة : أنّ شرط صحّة بيع الغائبة وصفها بما يرفع الجهالة عند علمائنا أجمع ، ويجب ذكر اللفظ الدالّ على الجنس. ثمّ ذكر أنّه يجب ذكر اللفظ الدالّ على التميّز ، وذلك بذكر جميع الصفات التي يختلف الأثمان باختلافها ويتطرّق الجهالة بترك بعضها (١) ، انتهى.

وفي جامع المقاصد : ضابط ذلك أنّ كلّ وصفٍ تتفاوت الرغبات بثبوته وانتفائه وتتفاوت به القيمة تفاوتاً ظاهراً لا يتسامح به يجب ذكره ، فلا بدّ من استقصاء أوصاف السلَم ، انتهى (٢).

توهّم التنافي بين بعض التعابير

وربما يتراءى التنافي بين اعتبار ما يختلف الثمن باختلافه وكفاية ذكر أوصاف السلم من جهة أنّه قد يتسامح في السلم [في (٣)] ذكر بعض الأوصاف ، لإفضائه إلى عزّة الوجود أو لتعذّر الاستقصاء على التحقيق. وهذا المانع مفقودٌ فيما نحن فيه.

قال في التذكرة في باب السلَم : لا يشترط وصف كلّ عضوٍ من الحيوان بأوصافه المقصودة وإن تفاوت به الغرض والقيمة ؛ لإفضائه إلى عزّة الوجود (٤) ، انتهى.

__________________

(١) راجع التذكرة ١ : ٤٦٧ و ٥٢٣.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٣٠١.

(٣) لم يرد في «ق».

(٤) التذكرة ١ : ٥٥٢.

٢٤٩

وقال في السلم في الأحجار المتّخذة للبناء : إنّه يذكر نوعها ولونها ويصف عِظَمها ، فيقول : ما يحمل البعير منها اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً على سبيل التقريب دون التحقيق ، لتعذّر التحقيق (١).

دفع التنافي المذكور

ويمكن أن يقال : إنّ المراد ما يعتبر في السلَم في حدّ ذاته مع قطع النظر عن العذر الموجب للمسامحة في بعض أفراد السلَم ، وإن كان يمكن أن يورد على مسامحتهم هناك : أنّ الاستقصاء في الأوصاف شرطٌ في السلم غير مقيّدٍ بحال التمكّن ، فتعذّره يوجب فساد السلَم لا الحكم بعدم اشتراطه ، كما حكموا بعدم جواز السلم فيما لا يمكن ضبط أوصافه ، وتمام الكلام في محلّه.

إشكال عدم حصر الاوصاف التي يختلف الثمن من أجلها

ثمّ إنّ الأوصاف التي يختلف الثمن من أجلها غير محصورةٍ ، خصوصاً في العبيد والإماء ؛ فإنّ مراتبهم الكماليّة التي تختلف بها أثمانهم غير محصورة جدّاً ، والاقتصار على ما يرفع به معظم الغرر إحالةٌ على مجهول ، بل يوجب الاكتفاء على ما دون صفات السلم ؛ لانتفاء الغرر عرفاً بذلك ، مع أنّا علمنا أنّ الغرر العرفي أخصّ من الشرعي.

إشكال آخر في المقام

وكيف كان ، فالمسألة لا تخلو عن إشكالٍ. وأشكل من ذلك أنّ الظاهر أنّ الوصف يقوم مقام الرؤية المتحقّقة في بيع العين الحاضرة ، وعلى هذا فيجب أن يعتبر في الرؤية أن يحصل بها الاطّلاع على جميع الصفات المعتبرة في العين الغائبة ممّا يختلف الثمن باختلافه.

قال في التذكرة : يشترط رؤية ما هو مقصودٌ بالبيع كداخل‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٥٣.

٢٥٠

الثوب ، فلو باع ثوباً مطويّاً أو عيناً حاضرةً لا يشاهد منها ما يختلف الثمن لأجله كان كبيع الغائب ، يبطل إن لم يوصف وصفاً يرفع الجهالة (١) ، انتهى.

وحاصل هذا الكلام اعتبار وقوع المشاهدة على ما يعتبر في صحّة السلم وبيع الغائب. ومن المعلوم من السيرة عدم اعتبار

الاطّلاع بالرؤية على جميع الصفات المعتبرة في السلَم وبيع العين الغائبة ، فإنّه قد لا يحصل الاطّلاع بالمشاهدة على سنّ الجارية ، بل ولا على نوعها ولا غيرها من الأُمور التي لا يعرفها إلاّ أهل المعرفة بها ، فضلاً عن مرتبة كمالها الإنساني المطلوبة في الجواري المبذول بإزائها الأموال ، ويبعد كلّ البعد التزام ذلك أو ما دون ذلك في المشاهدة ، بل يلزم من ذلك عدم صحّة شراء غير العارف بأوصاف المبيع الراجعة إلى نوعه أو صنفه أو شخصه ، بل هو بالنسبة إلى الأوصاف التي اعتبروها كالأعمى ، لا بدّ من مراجعته لبصيرٍ عارفٍ بها.

الجواب عن الاشكالين المتقدّمين

ولا أجد في المسألة أوثق من أن يقال : إنّ المعتبر هو الغرر العرفي في العين الحاضرة والغائبة الموصوفة ، فإن دلّ على اعتبار أزيد من ذلك حجّةٌ معتبرةٌ أُخذ به.

وليس فيما ادّعاه العلاّمة في التذكرة من الإجماع حجّةٌ ، مع استناده في ذلك إلى كونه غرراً عرفاً ، حيث قال في أوّل مسألة اشتراط العلم بالعوضين : أنّه أجمع علماؤنا على اشتراط العلم بالعوضين ليعرف ما الذي مَلِكَ بإزاء ما بذل فينتفي الغرر ، فلا يصحّ بيع العين الغائبة ما لم يتقدّم‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٦٧.

٢٥١

رؤيةٌ أو يوصف وصفاً يرفع الجهالة (١) ، انتهى.

ولا ريب أنّ المراد بمعرفة ما مَلِك معرفته على وجهٍ وسطٍ بين طرفي الإجمال والتفصيل.

إشكال رابع في المقام وجوابه

ثمّ إنّه يمكن الاستشكال في صحّة هذا العقد بأنّ ذكر الأوصاف لا يخرج البيع عن كونه غرراً ؛ لأنّ الغرر بدون أخذ الصفات من حيث الجهل بصفات المبيع ، فإذا أُخذت فيه مقيّداً بها صار مشكوك الوجود ؛ لأنّ العبد المتّصف بتلك الصفات مثلاً لا يعلم وجوده في الخارج والغرر فيه أعظم.

ويمكن أن يقال : إنّ أخذ الأوصاف في معنى الاشتراط لا التقييد ، فيبيع العبد مثلاً ملتزماً بكونه كذا وكذا ، ولا غرر فيه حينئذٍ عرفاً. وقد صرّح في النهاية والمسالك في مسألة ما لو رأى المبيع ثمّ تغيّر عمّا رآه ـ : أنّ الرؤية بمنزلة الاشتراط (٢). ولازمه كون الوصف القائم مقام الرؤية اشتراطاً (٣).

ويمكن أن يقال ببناء هذا البيع على تصديق البائع أو غيره في إخباره باتّصاف المبيع بالصفات المذكورة ، كما يجوز الاعتماد عليه في الكيل والوزن ؛ ولذا ذكروا أنّه يجوز مع جهل المتبايعين بصفة العين الغائبة المبايعة بوصفٍ ثالثٍ لهما (٤).

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٦٧.

(٢) نهاية الإحكام ٢ : ٥٠١.

(٣) المسالك ٣ : ١٧٨.

(٤) كما في الشرائع ٢ : ٢٥ ، والقواعد ٢ : ٢٦ ، والدروس ٣ : ٢٧٦ ، والروضة ٣ : ٤٦٢.

٢٥٢

وكيف كان ، فلا غرر عرفاً في بيع العين الغائبة مع اعتبار الصفات الرافعة للجهالة ، ولا دليل شرعاً أيضاً على المنع من حيث عدم العلم بوجود تلك الصفات ، فيتعيّن الحكم بجوازه ؛ مضافاً إلى الإجماع عليه ممّن عدا بعض العامّة (١).

المشهور هو الخيار بين الردّ والامساك مجّاناً

ثمّ إنّ الخيار بين الردّ والإمساك مجّاناً هو المشهور بين الأصحاب. وصريح السرائر : تخييره بين الردّ والإمساك بالأرش وأنّه لا يجبر على أحدهما (٢). ويضعّف بأنّه لا دليل على الأرش.

نعم لو كان للوصف المفقود دخلٌ في الصحّة توجّه أخذ الأرش ، لكن بخيار العيب ، لا خيار رؤية المبيع على خلاف ما وصفه ؛ إذ لولا الوصف ثبت خيار العيب أيضاً. وسيجي‌ء عدم اشتراط ذكر الأوصاف الراجعة إلى وصف الصحّة.

القول ببطلان البيع إذا وجد على خلاف ما وصف والمناقشة فيه

وأضعف من هذا ما ينسب إلى ظاهر المقنعة والنهاية والمراسم (٣) : من بطلان البيع إذا وجد على خلاف ما وصف. لكن الموجود في المقنعة والنهاية أنّه : «إن لم يكن على الوصف كان البيع مردوداً» ولا يبعد كون المراد بالمردود القابل للردّ ، لا الباطل فعلاً. وقد عبّر في النهاية عن خيار الغبن بذلك فقال : ولا بأس بأن يبيع الإنسان متاعاً بأكثر‌

__________________

(١) حكاه في التذكرة ١ : ٤٦٧ عن أحمد والشافعي في أحد الوجهين ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٥٨٦.

(٢) السرائر ٢ : ٢٤٢.

(٣) نسب إليها صريحاً في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٨٦ ، والجواهر ٢٣ : ٩٤. انظر المقنعة : ٥٩٤ ، والنهاية : ٣٩١ ، والمراسم : ١٨٠.

٢٥٣

ممّا يسوي إذا كان المبتاع من أهل المعرفة ، فإن لم يكن كذلك كان البيع مردوداً (١).

وعلى تقدير وجود القول بالبطلان ، فلا يخفى ضعفه ؛ لعدم الدليل على البطلان بعد انعقاده صحيحاً ، عدا ما في مجمع البرهان ، وحاصله : وقوع العقد على شي‌ءٍ مغايرٍ للموجود ، فالمعقود عليه غير موجودٍ والموجود غير معقودٍ عليه (٢).

محلّ الكلام إنّما هو في تخلّف الاوصاف الخارجة عن الحقيقة

ويضعّف : بأنّ محلّ الكلام في تخلّف الأوصاف التي لا توجب مغايرة الموصوف للموجود عرفاً ، بأن يقال : إنّ المبيع فاقدٌ للأوصاف المأخوذة فيه ، لا أنّه مغايرٌ للموجود. نعم ، لو كان ظهور الخلاف فيما له دخلٌ في حقيقة المبيع عرفاً ، فالظاهر عدم الخلاف في البطلان ولو أُخذ في عبارة العقد على وجه الاشتراط كأن يقول : بعتك ما في البيت على أنّه عبدٌ حبشيٌّ فبان حماراً وحشيّاً.

إلاّ أن يقال : إنّ الموجود وإن لم يُعدّ مغايراً للمعقود عليه عرفاً ، إلاّ أنّ اشتراط اتّصافه بالأوصاف في معنى كون القصد إلى بيعه بانياً على تلك الأوصاف ، فإذا فُقد ما بُني عليه العقد ، فالمقصود غير حاصلٍ ، فينبغي بطلان البيع ؛ ولذا التزم أكثر المتأخّرين بفساد العقد بفساد شرطه (٣) ، فإنّ قصد الشرط إن كان مؤثّراً في المعقود عليه‌

__________________

(١) النهاية : ٣٩١.

(٢) مجمع الفائدة ٨ : ١٨٣.

(٣) منهم : العلاّمة في القواعد ٢ : ٩٣ ، والشهيد في الدروس ٣ : ٢١٤ ٢١٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ٣ : ٢٧٣ ، وراجع تفصيل القائلين بالبطلان في مفتاح الكرامة ٤ : ٧٣٢.

٢٥٤

فالواجب كون تخلّفه موجباً لبطلان العقد ، وإلاّ لم يوجب فساده فساد العقد ، بل غاية الأمر ثبوت الخيار.

ومن هنا يظهر : أنّ دفع ما ذكر (١) في وجه البطلان الذي جعله المحقّق الأردبيلي موافقاً للقاعدة (٢) ، واحتمله العلاّمة رحمه‌الله في النهاية (٣) فيما إذا ظهر ما رآه سابقاً على خلاف ما رآه ، بأنّه اشتباه ناشئٌ عن عدم الفرق بين الوصف المعيِّن للكلّيات والوصف المعيِّن في (٤) الشخصيات وبين الوصف الذاتي والعرضي ، وأنّ أقصى ما هناك كونه من باب تعارض الإشارة والوصف والإشارة أقوى مجازفةٌ لا محصّل لها.

وأمّا كون الإشارة أقوى من الوصف عند التعارض ، فلو جرى فيما نحن فيه لم يكن اعتبارٌ بالوصف ، فينبغي لزوم العقد وإثبات الخيار من جهة كونه وصفاً لشخصٍ لا مشخّصاً لكلّيٍّ حتّى يتقوّم به ، وكونه عرضيّاً لا ذاتيّاً إعادةٌ للكلام السابق.

ويمكن أن يقال : إنّ المستفاد من النصوص والإجماعات في الموارد‌

__________________

(١) قال الشهيدي : «وأمّا الدافع ، ففي بعض الحواشي : أنّه صاحب الجواهر ، والظاهر أنّه اشتباه من المحشّي ؛ لأنّ الموجود فيه خالٍ عن قوله : " وإنّ أقصى ما هناك كونه من باب تعارض الإشارة والوصف" إلى أن قال : والظاهر أنّ الدافع هو الشيخ علي آل كاشف الغطاء قدس‌سره في محكيّ تعليقه على خيارات اللمعة ، فإنّه عين عبارته المحكيّة عنه» ، هداية الطالب : ٤٩٤ ، وراجع الجواهر ٢٣ : ٩٤ أيضاً.

(٢) مجمع الفائدة ٨ : ١٨٣.

(٣) نهاية الإحكام ٢ : ٥٠١.

(٤) في ظاهر «ق» بدل «في» : «من».

٢٥٥

المتفرّقة عدم بطلان البيع بمخالفة الصفة المقصودة الغير المقوّمة للمبيع ، سواءً علم القصد إليها من الخارج أم اشترطت في العقد ، كالحكم بمضيّ العقد على المعيب مع عدم القصد إلاّ إلى الصحيح ، ومنه المصرّاة. وكالحكم في النصّ والفتوى بتبعّض (١) الصفقة إذا باع ما يملك وما لم يملك وغير ذلك ، فتأمّل (٢).

صعوبة تشخيص الوصف الداخل في الحقيقة والخارج عنها

نعم هنا إشكالٌ آخر من جهة تشخيص الوصف الداخل في الحقيقة عرفاً الموجب ظهور خلافه لبطلان البيع ، والخارج عنها الموجب ظهور خلافه للخيار ، فإنّ الظاهر دخول الذكورة والأُنوثة في المماليك في حقيقة المبيع لا في مثل الغنم ، وكذا الرومي والزنجي حقيقتان عرفاً ، وربما يتغاير الحقيقتان مع كونه فيما نحن فيه من قبيل الأوصاف ، كما إذا باعه الدهن أو الجبن أو اللبن على أنّه من الغنم فبان من الجاموس ، وكذا لو باعه خلّ الزبيب فبان من التمر. ويمكن إحالة اتّحاد الجنس ومغايرته على العرف وإن خالف ضابطة التغاير المذكورة في باب الربا ، فتأمّل.

__________________

(١) في «ش» : «بتبعيض».

(٢) في «ش» زيادة : «وسيجي‌ء بعض الكلام في مسألة الشرط الفاسد إن شاء الله» وراجع تفصيل المسألة في الجزء الثالث من المكاسب : ٥١٣ و ٥٣١.

٢٥٦

مسألة

هل خيار الرؤية فوري؟

الأكثر على أنّ الخيار عند الرؤية فوريٌّ ، بل نسب إلى ظاهر الأصحاب (١) ، بل ظاهر التذكرة عدم الخلاف بين المسلمين إلاّ من أحمد ، حيث جعله ممتدّاً بامتداد المجلس الذي وقعت فيه الرؤية (٢) ، واحتمله في نهاية الإحكام (٣).

ولم أجد لهم دليلاً صالحاً على ذلك ، إلاّ وجوب الاقتصار في مخالفة لزوم العقد على المتيقّن ، ويبقى على القائلين بالتراخي في مثل خيار الغبن والعيب سؤال الفرق بين المقامين ، مع أنّ صحيحة جميل المتقدّمة في صدر المسألة (٤) مطلقةٌ يمكن التمسّك بعدم بيان مدّة الخيار فيها على عدم الفوريّة وإن كان خلاف التحقيق ، كما نبّهنا عليه في بعض الخيارات المستندة إلى النصّ. وقد بيّنا سابقاً (٥) ضعف التمسّك بالاستصحاب في إثبات التراخي وإن استندوا إليه في بعض الخيارات السابقة.

__________________

(١) نسبه في الحدائق ١٩ : ٥٩ إلى ظاهر كلام أكثر الأصحاب ، ولم نعثر على غيره.

(٢) التذكرة ١ : ٤٦٧.

(٣) نهاية الإحكام ٢ : ٥٠٨.

(٤) تقدّمت في الصفحة ٢٤٥.

(٥) بيّنه في خيار الغبن ، راجع الصفحة ٢٠٩ ٢١٢.

٢٥٧

مسألة

مسقطات خيار الرؤية

يسقط هذا الخيار بترك المبادرة عرفاً‌ على الوجه المتقدّم في خيار الغبن (١) ، وبإسقاطه بعد الرؤية ، وبالتصرّف بعدها ، ولو تصرّف قبلها ففي سقوط الخيار وجوهٌ ، ثالثها : ابتناء ذلك على جواز إسقاط الخيار قولاً قبل الرؤية ، بناءً على أنّ التصرّف إسقاطٌ فعلي.

هل يجوز اسقاط هذا الخيار قبل الرؤية؟

وفي جواز إسقاطه قبل الرؤية وجهان مبنيّان على أنّ الرؤية سبب أو كاشف.

قال في التذكرة : لو اختار إمضاء العقد قبل الرؤية لم يلزم ؛ لتعلّق الخيار بالرؤية (٢) ، انتهى. وحكي ذلك عن غيرها أيضاً (٣).

وظاهره : أنّ الخيار يحدث بالرؤية ، لا أنّه يظهر بها ، ولو جعلت الرؤية شرطاً لا سبباً أمكن جواز الإسقاط بمجرّد تحقّق السبب وهو‌

__________________

(١) راجع الصفحة ٢١٣ وما بعدها.

(٢) التذكرة ١ : ٤٦٧ و ٥٣٣.

(٣) حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٨٦ بلفظ «وفي التذكرة وغيرها» ولكن لم نعثر على غير التذكرة.

٢٥٨

العقد. ولا يخلو عن قوّة.

لو اشترط سقوط هذا الخيار

ولو شرط سقوط هذا الخيار ، ففي فساده وإفساده للعقد ، كما عن العلاّمة (١) وجماعةٍ (٢) ، أو عدمهما ، كما عن النهاية (٣) وبعضٍ (٤) ، أو الفساد دون الإفساد (٥) ، وجوهٌ ، بل أقوالٌ :

الاقوال في المسألة

من كونه موجباً لكون العقد غرراً ، كما في جامع المقاصد : من أنّ الوصف قام مقام الرؤية ، فإذا شرط عدم الاعتداد به كان المبيع غير مرئيٍّ ولا موصوف (٦).

ومن أنّ دفع الغرر عن هذا البيع ليس بالخيار حتّى يثبت بارتفاعه ، فإنّ الخيار حكمٌ شرعيٌّ لو أثّر في دفع الغرر جاز بيع كلّ مجهولٍ متزلزلاً ، والعلم بالمبيع لا يرتفع بالتزام عدم الفسخ عند تبيّن المخالفة ، فإنّ الغرر هو الإقدام على شراء العين الغائبة على أيّ صفةٍ كانت ، ولو كان الالتزام المذكور مؤدّياً إلى الغرر لكان اشتراط البراءة من العيوب أيضاً مؤدّياً إليه ؛ لأنّه بمنزلة بيع الشي‌ء‌

__________________

(١) راجع التذكرة ١ : ٤٦٧.

(٢) كالشهيد في الدروس ٣ : ٢٧٦ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٣٠٣ ، والمحقّق النراقي في المستند ١٤ : ٤٠٨ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٢٩٢.

(٣) نهاية الإحكام ٢ : ٥٠٧.

(٤) وهو المحدّث الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٧٢.

(٥) لم نعثر على القائل به في هذا المبحث ، نعم قال به جماعة في مبحث الشرط الفاسد ، منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٤٧٤ ، بعد نقله عن الشيخ في المبسوط ، راجع مفتاح الكرامة ٤ : ٧٣٢.

(٦) جامع المقاصد ٤ : ٣٠٣.

٢٥٩

صحيحاً أو معيباً بأيّ عيبٍ كان ، ولا شكّ أنّه غررٌ ، وإنّما جاز بيع الشي‌ء غير مشروطٍ بالصحّة اعتماداً على أصالة الصحّة ، لا من جهة عدم اشتراط ملاحظة الصحّة والعيب في المبيع ؛ لأنّ تخالف أفراد الصحيح والمعيب أفحش من تخالف أفراد الصحيح ، واقتصارهم في بيان الأوصاف المعتبرة في بيع العين الغائبة على ما عدا الصفات الراجعة إلى العيب إنّما هو للاستغناء عن تلك الأوصاف بأصالة الصحّة ، لا لجواز إهمالها عند البيع.

فحينئذٍ ، فإذا شرط البراءة من العيوب ، كان ذلك راجعاً إلى عدم الاعتداد بوجود تلك الأوصاف وعدمها ، فيلزم الغرر ، خصوصاً على ما حكاه في الدروس عن ظاهر الشيخ وأتباعه (١) : من جواز اشتراط البراءة من العيوب فيما لا قيمة لمكسوره كالبيض والجوز الفاسدين كذلك ، حيث إنّ مرجعه على ما ذكروه هنا في اشتراط سقوط خيار الرؤية إلى اشتراط عدم الاعتداد بماليّة المبيع ؛ ولذا اعترض عليهم الشهيد وأتباعه بفساد البيع مع هذا الشرط (٢).

لكن مقتضى اعتراضهم فساد اشتراط البراءة من سائر العيوب ولو كان للمعيب قيمة ؛ لأنّ مرجعه إلى عدم الاعتداد بكون المبيع صحيحاً أو معيباً بأيّ عيبٍ ، والغرر فيه أفحش من البيع مع عدم الاعتداد بكون المبيع الغائب متّصفاً بأيّ وصفٍ كان.

__________________

(١) الدروس ٣ : ١٩٨ ، وراجع المبسوط ٢ : ١٣٨ ، والوسيلة : ٢٤٧ و ٢٥٥ ، وإصباح الشيعة : ٢٢٤ ، والمهذّب ١ : ٣٩٢.

(٢) راجع المبسوط ٣ : ١٩٨.

٢٦٠