كتاب المكاسب - ج ٥

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-15-X
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤٤٨

النسخة المأخوذ منها الرواية ، أو احتمال قراءة «قَبَض» بالتخفيف ، و «بيّعُه» بالتشديد ، يعني : قَبَضَ بائعُه الثمنَ. ولا يخفى ضعف هذا الاحتمال ؛ لأنّ استعمال «البيّع» بالتشديد مفرداً نادر ، بل لم يوجد ، مع إمكان إجراء أصالة عدم التشديد ، نظير ما ذكره في الروضة : من أصالة عدم المدّ في لفظ «البكاء» الوارد في قواطع الصلاة (١).

لو كان عدم قبض المشتري لعدوان البائع

ثمّ إنّه لو كان عدم قبض المشتري لعدوان البائع بأن بذله (٢) الثمن فامتنع من أخذه وإقباض المبيع فالظاهر عدم الخيار ؛ لأنّ ظاهر النصّ والفتوى كون هذا الخيار إرفاقاً للبائع ودفعاً لتضرّره ، فلا يجري فيما إذا كان الامتناع من قِبَله.

لو قبضه المشتري على وجهٍ يكون للبائع استرداده

ولو قبضه المشتري على وجهٍ يكون للبائع استرداده كما إذا كان بدون إذنه مع عدم إقباض الثمن ففي كونه ك‍ «لا قبض» مطلقاً ، أو مع استرداده ، أو كونه قبضاً ، وجوهٌ ، رابعها : ابتناء المسألة على ما سيجي‌ء في أحكام القبض ، من ارتفاع الضمان عن البائع بهذا القبض وعدمه (٣).

ولعلّه الأقوى ؛ إذ مع ارتفاع الضمان بهذا القبض لا ضرر على البائع إلاّ من جهة وجوب حفظ المبيع لمالكه وتضرّره بعدم وصول ثمنه إليه ، وكلاهما ممكن الاندفاع بأخذ المبيع مقاصّةً. وأمّا مع عدم ارتفاع الضمان بذلك فيجري دليل الضرر بالتقريب المتقدّم وإن ادّعي انصراف‌

__________________

(١) الروضة البهيّة ١ : ٥٦٥.

(٢) في «ش» : «بذل له».

(٣) انظر الجزء السادس ، الصفحة ٢٧٤ ٢٧٥.

٢٢١

الأخبار إلى غير هذه الصورة (١).

ولو مكّن المشتري من القبض فلم يقبض

ولو مكّن المشتري من القبض فلم يقبض ، فالأقوى أيضاً ابتناء المسألة على ارتفاع الضمان وعدمه.

وربما يستظهر من قول السائل في بعض الروايات : «ثمّ يدعه عنده» (٢) عدم كفاية التمكين. وفيه نظرٌ. والأقوى عدم الخيار ؛ لعدم الضمان.

لو قبض بعض المبيع

وفي كون قبض بعض المبيع ك‍ «لا قبضٍ» لظاهر الأخبار ، أو كالقبض ، لدعوى انصرافها إلى صورة عدم قبض شي‌ءٍ منه ، أو تبعيض الخيار بالنسبة إلى المقبوض وغيره استناداً مع تسليم الانصراف المذكور إلى تحقّق الضرر بالنسبة إلى غير المقبوض لا غير ، وجوهٌ.

٢ ـ عدم قبض مجموع الثمن

الشرط الثاني : عدم قبض مجموع الثمن ، واشتراطه مجمَعٌ عليه نصّاً وفتوى.

وقبض البعض ك‍ «لا قبض» ؛ لظاهر الأخبار المعتضد بفهم أبي بكر ابن عيّاش في رواية ابن الحجّاج المتقدّمة (٣) ، وربما يستدلّ بها (٤) تبعاً للتذكرة (٥). وفيه نظرٌ.

القبض بدون الإذن كالعدم

والقبض بدون الإذن كعدمه ؛ لظهور الأخبار في اشتراط وقوعه‌

__________________

(١) في «ش» زيادة : «لكنّه مشكلٌ ، كدعوى شمولها ولو قلنا بارتفاع الضمان».

(٢) الوارد في صحيحة زرارة المتقدّمة في الصفحة ٢١٩.

(٣) تقدّمت في الصفحة ٢١٨.

(٤) في «ش» بدل «بها» : «بتلك الرواية» ، واستدلّ بها في الجواهر ٢٣ : ٥٣.

(٥) التذكرة ١ : ٥٢٣.

٢٢٢

بالإذن في بقاء البيع على اللزوم ، مع أنّ ضرر ضمان المبيع مع عدم وصول الثمن إليه على وجهٍ يجوز له التصرّف فيه باقٍ. نعم ، لو كان القبض بدون الإذن حقّا كما إذا عرض المبيع على المشتري فلم يقبضه فالظاهر عدم الخيار ؛ لعدم دخوله في منصرف الأخبار وعدم تضرّر البائع بالتأخير.

وربما يقال بكفاية القبض هنا مطلقاً مع الاعتراف باعتبار الإذن في الشرط السابق أعني قبض المبيع نظراً إلى أنّهم شرطوا في عناوين المسألة في طرف المبيع عدم إقباض المبيع إيّاه ، وفي طرف الثمن عدم قبضه. وفيه نظر ؛ لأنّ هذا النحو من التعبير من مناسبات عنوان المسألة باسم البائع ، فيُعبّر في طرف الثمن والمثمن بما هو فعلٌ له ، وهو القبض في الأوّل والإقباض في الثاني ، فتأمّل.

ولو أجاز المشتري قبض الثمن بناءً على اعتبار الإذن كانت في حكم الإذن. وهل هي كاشفة أو مثبتة؟ أقواهما الثاني. ويترتّب عليه ما لو قبض قبل الثلاثة فأجاز المشتري بعدها.

٣ ـ عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين

الشرط الثالث : عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين ؛ لأنّ المتبادر من النصّ غير ذلك ، فيقتصر في مخالفة الأصل على منصرف النصّ ، مع أنّه في الجملة إجماعيٌّ.

٤ ـ أن يكون المبيع عيناً أو شبهه

الشرط الرابع : أن يكون المبيع عيناً أو شبهه ، كصاعٍ من صبرةٍ. نصّ عليه الشيخ في عبارته المتقدّمة (١) في نقل مضمون روايات أصحابنا. وظاهره كونه مفتىً به عندهم ، وصرّح به في التحرير (٢)

__________________

(١) المتقدّمة في الصفحة ٢١٩.

(٢) التحرير ١ : ١٦٧.

٢٢٣

والمهذّب البارع (١) وغاية المرام (٢) ، وهو ظاهر جامع المقاصد ، حيث قال : لا فرق في الثمن بين كونه عيناً أو في الذمّة (٣).

وقال في الغنية : وروى أصحابنا أنّ المشتري إذا لم يقبض المبيع وقال : «أجيئك بالثمن» ومضى ، فعلى البائع الصبر عليه ثلاثاً ، ثمّ هو بالخيار بين فسخ البيع ومطالبته بالثمن. هذا إذا كان المبيع ممّا يصحّ بقاؤه ، فإن لم يكن كذلك كالخضروات فعليه الصبر يوماً واحداً ثمّ هو بالخيار. ثمّ ذكر أنّ تلف المبيع قبل الثلاثة من مال المشتري وبعده من مال البائع. ثمّ قال : ويدلّ على ذلك كلّه إجماع الطائفة (٤) ، انتهى.

وفي معقد إجماع الانتصار والخلاف وما وجدته في نسخة (٥) جواهر القاضي : «لو باع شيئاً معيّناً بثمنٍ معيّن» (٦) لكن في بعض نسخ الجواهر : «لو باع شيئاً غير معيّنٍ» ، وقد أخذ عنه في مفتاح الكرامة وغيره (٧) ونسب إلى القاضي دعوى الإجماع على غير المعيّن ، وأظنّ‌

__________________

(١) المهذّب البارع ٢ : ٣٨٢.

(٢) غاية المرام (مخطوط) ١ : ٢٩٢.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ٢٩٨.

(٤) الغنية : ٢١٩ ٢٢٠.

(٥) لم ترد «ما وجدته في نسخة» في «ش».

(٦) راجع الانتصار : ٤٣٧ ، المسألة ٢٤٩ ، والخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٤ من البيوع ، ولم نعثر على نسخة جواهر الفقه المشار إليها في كلام المؤلف ، نعم كتب في المطبوعة ضمن الجوامع الفقهيّة : ٤٢٠ فوق كلمة «غير» : ز ظ.

(٧) جواهر الفقه : ٥٤ ، المسألة ١٩٣ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٩ ، ولم نعثر على العبارة في غيره.

٢٢٤

الغلط في تلك النسخة.

المراد بـ «الثمن المعيّن»

والظاهر أنّ المراد ب «الثمن المعيّن» (١) هو المعلوم في مقابل المجهول ؛ لأنّ تشخّص الثمن غير معتبر إجماعاً ؛ ولذا وصف في التحرير (٢) تبعاً للمبسوط (٣) المبيع ب «المعيَّن» والثمن ب «المعلوم» ، ومن البعيد اختلاف عنوان ما نسبه في الخلاف (٤) إلى إجماع الفرقة وأخبارهم مع ما نسبه في المبسوط إلى روايات أصحابنا.

ظاهر «المعيّن» التشخّص العيني

مع أنّا نقول : إنّ ظاهر «المعيّن» في معاقد الإجماعات التشخّص العيني ، لا مجرّد المعلوم في مقابل المجهول ولو كان كلّياً ، خرجنا عن هذا الظاهر بالنسبة إلى الثمن ؛ للإجماع على عدم اعتبار التعيين فيه ، مع أنّه فرقٌ بين «الثمن المعيّن» و «الشي‌ء المعيّن» ؛ فإنّ الثاني ظاهرٌ في الشخصي بخلاف الأوّل.

وأمّا معقد إجماع التذكرة المتقدّم في عنوان المسألة (٥) فهو مختصٌّ بالشخصي ؛ لأنّه ذكر في معقد الإجماع «أنّ المشتري لو جاء بالثمن في الثلاثة فهو أحقّ بالعين» ولا يخفى أنّ «العين» ظاهرٌ في الشخصي. هذه حال معاقد الإجماعات.

وأمّا حديث نفي الضرر ، فهو مختصٌّ بالشخصي ؛ لأنّه المضمون‌

__________________

(١) في «ش» وهامش «ف» زيادة : «في معقد إجماعهم».

(٢) التحرير ١ : ١٦٧.

(٣) المبسوط ٢ : ٨٧ ، وتقدّم في الصفحة ٢١٩ أيضاً.

(٤) تقدّم عنه في الصفحة ٢٢٤.

(٥) المتقدّمة في الصفحة ٢١٧.

٢٢٥

على البائع قبل القبض ، فيتضرّر بضمانه وعدم جواز التصرّف فيه وعدم وصول بدله إليه ، بخلاف الكلّي.

وأمّا النصوص ، فروايتا ابن يقطين (١) وابن عمّار (٢) مشتملتان على لفظ «البيع» المراد به المبيع الذي يطلق قبل البيع على العين المعرضة للبيع ، ولا مناسبة في إطلاقه على الكلّي ، كما لا يخفى.

ورواية زرارة (٣) ظاهرةٌ أيضاً في الشخصي من جهة لفظ «المتاع» وقوله : «يدعه عنده» ، فلم يبقَ إلاّ قوله عليه‌السلام في رواية أبي بكر بن عيّاش : «من اشترى شيئاً» (٤) فإنّ إطلاقه وإن شمل المعيّن والكليّ ، إلاّ أنّ الظاهر من لفظ «الشي‌ء» الموجود الخارجي ، كما في قول القائل : «اشتريت شيئاً» (٥). والكلّي المبيع ليس موجوداً خارجيّاً ؛ إذ ليس المراد من الكلّي هنا الكلّي الطبيعي الموجود في الخارج ؛ لأنّ المبيع قد يكون معدوماً عند العقد ، والموجود منه قد لا يملكه البائع المملِّك له (٦) ، بل هو أمرٌ اعتباريٌّ يعامِل (٧) العرف والشرع معه معاملةَ الأملاك ، وهذه المعاملة وإن اقتضت صحّة إطلاق لفظ «الشي‌ء» عليه أو على ما يعمّه ، إلاّ أنّه ليس بحيث لو أُريد من اللفظ خصوص ما عداه من الموجود‌

__________________

(١) المتقدّمتان في الصفحة ٢١٨.

(٢) المتقدّمتان في الصفحة ٢١٨.

(٣) المتقدّمة في الصفحة ٢١٩.

(٤) المتقدّمة في الصفحة ٢١٨.

(٥) في «ش» زيادة : «ولو في ضمن أُمورٍ متعدّدة ، كصاع من صبرة».

(٦) في «ش» بدل «المملّك له» : «حتّى يملّكه».

(٧) في «ش» زيادة : «في».

٢٢٦

الخارجي الشخصي احتيج إلى قرينةٍ على التقييد ، فهو نظير المجاز المشهور والمطلق المنصرف إلى بعض أفراده انصرافاً لا يحوج إرادة المطلق إلى القرينة.

فلا يمكن هنا دفع احتمال إرادة خصوص الموجود الخارجي بأصالة عدم القرينة ، فافهم.

عدم جريان الأدلّة في المبيع الكلّي

فقد ظهر ممّا ذكرنا : أن ليس في أدلّة المسألة من النصوص والإجماعات المنقولة ودليل الضرر ما يجري في المبيع الكلّي.

وربما يُنسب التعميم إلى ظاهر الأكثر (١) ؛ لعدم تقييدهم البيع بالشخصي.

مقتضى التأمّل في عبارات الفقهاء

وفيه : أنّ التأمّل في عباراتهم ، مع الإنصاف يُعطي الاختصاص بالمعيّن ، أو الشكّ في التعميم ، مع أنّه معارَضٌ بعدم تصريح أحدٍ بكون المسألة محلّ الخلاف من حيث التعميم والتخصيص. نعم (٢) ، إلاّ الشهيد في الدروس ، حيث قال : «إنّ الشيخ قدس‌سره قيّد في المبسوط هذا الخيار بشراء المعيّن» (٣) فإنّه ظاهرٌ في عدم فهم هذا التقييد من كلمات باقي الأصحاب ، لكنّك عرفت أنّ الشيخ قدس‌سره قد أخذ هذا التقييد في مضمون روايات أصحابنا (٤).

__________________

(١) لم نعثر على النسبة ، نعم نسب في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٩ ، والجواهر ٢٣ : ٥٥ الإطلاق إلى الأكثر.

(٢) لم ترد «نعم» في «ش».

(٣) الدروس ٣ : ٢٧٣.

(٤) راجع الصفحة ٢٢٣.

٢٢٧

وكيف كان ، فالتأمّل في أدلّة المسألة وفتاوي الأصحاب يُشرف الفقيهَ على القطع باختصاص الحكم بالمعيّن.

ما قيل باعتباره في هذا الخيار :

ثمّ إنّ هنا أُموراً قيل باعتبارها في هذا الخيار :

١ ـ عدم الخيار لهما أو لأحدهما

منها : عدم الخيار لأحدهما أو لهما ، قال في التحرير : «ولا خيار للبائع لو كان في المبيع خيار لأحدهما» (١) وفي السرائر قيّد الحكم في عنوان المسألة بقوله : «ولم يشترطا خياراً لهما أو لأحدهما» (٢) وظاهره الاختصاص بخيار الشرط. ويحتمل أن يكون الاقتصار عليه لعنوان المسألة في كلامه بغير الحيوان وهو المتاع.

عدم وجهٍ معتبر في هذا الشرط

وكيف كان ، فلا أعرف وجهاً معتمداً في اشتراط هذا الشرط سواءً أُريد (٣) ما يعمّ خيار الحيوان أم خصوص خيار الشرط ، وسواءً أُريد مطلق الخيار ولو اختصّ بما قبل انقضاء الثلاثة أم أُريد خصوص الخيار المحقّق فيما بعد الثلاثة ، سواءً حدث (٤) فيها أم بعدها.

أوجه ما يقال

وأوجه ما يقال (٥) في توجيه هذا القول مضافاً إلى دعوى انصراف النصوص إلى غير هذا الفرض ـ : أنّ شرط الخيار في قوّة اشتراط التأخير ، وتأخير المشتري بحقّ الخيار ينفي خيار البائع.

وتوضيح ذلك ما ذكره في التذكرة في أحكام الخيار : من أنّه‌

__________________

(١) التحرير ١ : ١٦٧.

(٢) السرائر ٢ : ٢٧٧.

(٣) في «ش» : «أراد».

(٤) في «ش» : «أحدث».

(٥) قاله السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٩ ٥٨٠.

٢٢٨

لا يجب على البائع تسليم المبيع ولا على المشتري تسليم الثمن في زمان الخيار ، ولو تبرّع أحدهما بالتسليم لم يبطل خياره ولا يُجبر الآخر على تسليم ما في يده (١) وله استرداد المدفوع قضيّةً للخيار. وقال بعض الشافعيّة : ليس له استرداده ، وله أخذ ما عند صاحبه بدون رضاه ، كما لو كان التسليم بعد لزوم البيع (٢) ، انتهى.

وحينئذٍ فوجه هذا الاشتراط : أنّ ظاهر الأخبار كون عدم مجي‌ء المشتري بالثمن بغير حقّ التأخير ، وذو الخيار له حقّ التأخير ، وظاهرها أيضاً كون عدم إقباض البائع لعدم قبض الثمن لا لحقٍّ له في عدم الإقباض. والحاصل : أنّ الخيار بمنزلة تأجيل أحد العوضين.

المناقشة في الوجه المذكور

وفيه بعد تسليم الحكم في الخيار وتسليم انصراف الأخبار إلى كون التأخير بغير حقٍّ ـ : أنّه ينبغي على هذا القول كون مبدأ الثلاثة من حين التفرّق وكون هذا الخيار مختصّاً بغير الحيوان ، مع اتّفاقهم على ثبوته فيه كما يظهر من المختلف (٣) ، وإن (٤) ذهب الصدوق إلى كون الخيار في الجارية بعد شهرٍ (٥). إلاّ أن يراد بما في التحرير : عدم ثبوت خيار التأخير ما دام الخيار ثابتاً لأحدهما (٦) ، فلا ينافي‌

__________________

(١) في «ش» زيادة : «الآخر».

(٢) التذكرة ١ : ٥٣٧.

(٣) راجع المختلف ٥ : ٦٨ ٧١.

(٤) لم ترد «إن» في «ش».

(٥) راجع المقنع : ٣٦٥.

(٦) التحرير ١ : ١٦٧.

٢٢٩

ثبوته في الحيوان بعد الثلاثة.

التفصيل الذي ذكره بعض

وقد يفصّل (١) بين ثبوت الخيار للبائع من جهةٍ أُخرى فيسقط معه هذا الخيار لأنّ خيار التأخير شُرّع لدفع ضرره وقد اندفع بغيره ، ولدلالة النصّ والفتوى على لزوم البيع في الثلاثة فيختصّ بغير صورة ثبوت الخيار له ، قال : ودعوى أنّ المراد من الأخبار اللزوم من هذه الجهة ، مدفوعةٌ بأنّ التأخير سبب الخيار (٢) ولا يتقيّد الحكم بالسبب وبين ما إذا كان الخيار للمشتري فلا وجه لسقوطه ، مع أنّ اللازم منه عدم ثبوت هذا الخيار في الحيوان (٣).

ضعف التفصيل المذكور

ووجه ضعف هذا التفصيل : أنّ ضرر الصبر بعد الثلاثة لا يندفع بالخيار في الثلاثة. وأمّا ما ذكره من عدم تقييد الحكم بالسبب ، فلا يمنع من كون نفي الخيار في الثلاثة من جهة التضرّر بالتأخير ، ولذا لا ينافي هذا الخيار خيارَ المجلس.

٢ ـ تعدّد المتعاقدين

ومنها (٤) : تعدّد المتعاقدين ؛ لأنّ النصّ مختصٌّ بصورة التعدّد ، ولأنّ هذا الخيار ثبت بعد خيار المجلس ، وخيار المجلس باقٍ مع اتّحاد العاقد إلاّ مع إسقاطه.

المناقشة في هذا الشرط

وفيه : أنّ المناط عدم الإقباض والقبض ، ولا إشكال في تصوّره‌

__________________

(١) فصّله السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٩ ٥٨٠.

(٢) في «ش» : «للخيار».

(٣) انتهى ما قاله المفصّل نقلاً بالمعنى.

(٤) أي من الأُمور التي قيل باعتبارها في هذا الخيار ، وقد تقدّم أوّلها في الصفحة ٢٣٠.

٢٣٠

من المالكَين مع اتّحاد العاقد من قبلهما. وأمّا خيار المجلس ، فقد عرفت أنّه غير ثابتٍ للوكيل في مجرّد العقد ، وعلى تقديره فيمكن إسقاطه أو اشتراط عدمه. نعم ، لو كان العاقد وليّاً بيده العوضان لم يتحقّق الشرطان الأوّلان أعني عدم الإقباض والقبض وليس ذلك من جهة اشتراط التعدّد.

٣ ـ أن لا يكون المبيع حيواناً أو خصوص الجارية

ومنها : أن لا يكون المبيع حيواناً أو خصوص الجارية ، فإنّ المحكيّ عن الصدوق في المقنع أنّه إذا اشترى [جاريةً (١)] فقال : أجيئك بالثمن ، فإن جاء بالثمن فيما بينه وبين شهرٍ ، وإلاّ فلا بيع له (٢).

وظاهر المختلف نسبة الخلاف إلى الصدوق في مطلق الحيوان (٣). والمستند فيه رواية ابن يقطين عن رجلٍ اشترى جارية فقال : أجيئك بالثمن ، فقال : «إن جاء فيما بينه وبين شهر ، وإلاّ فلا بيع له» (٤).

المناقشة في هذا الشرط

ولا دلالة فيها (٥) على صورة عدم إقباض الجارية ولا قرينة على حملها عليها ، فيحتمل الحمل على اشتراط المجي‌ء بالثمن إلى شهرٍ في متن العقد ، فيثبت الخيار عند تخلّف الشرط ، ويحتمل الحمل على استحباب صبر البائع وعدم فسخه إلى شهرٍ. وكيف كان ، فالرواية مخالفةٌ لعمل المعظم ، فلا بدّ من حملها على بعض الوجوه.

__________________

(١) لم يرد في «ق».

(٢) راجع المختلف ٥ : ٧٠ ، والمقنع : ٣٦٥.

(٣) انظر المختلف ٥ : ٧٠.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٥٧ ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٦.

(٥) في «ق» : «فيه».

٢٣١

مبدأ الثلاثة في خيار التأخير

ثمّ إنّ مبدأ الثلاثة من حين التفرّق أو من حين العقد؟ وجهان : من ظهور قوله : «فإن جاء بالثمن بينه وبين ثلاثة أيّامٍ» في كون مدّة الغيبة ثلاثةً ، ومن كون ذلك كنايةً عن عدم التقابض ثلاثة أيّامٍ ، كما هو ظاهر قوله عليه‌السلام في رواية ابن يقطين : «الأجل بينهما ثلاثة أيّامٍ ، فإن قبض بيعه وإلاّ فلا بيع بينهما» (١) وهذا هو الأقوى.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٥٧ ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

٢٣٢

مسألة

يسقط هذا الخيار بأُمورٍ :

مسقطات خيار التأخير :

١ ـ إسقاطه بعد الثلاثة

أحدها : إسقاطه بعد الثلاثة بلا إشكالٍ ولا خلاف ، وفي سقوطه بالإسقاط في الثلاثة وجهان : من أنّ السبب فيه الضرر الحاصل بالتأخير ، فلا يتحقّق إلاّ بعد الثلاثة ؛ ولذا صرّح في التذكرة بعدم جواز إسقاط خيار الشرط قبل التفرّق إذا قلنا بكون مبدئه بعده (١) مع أنّه أولى بالجواز ، ومن أنّ العقد سبب الخيار ، فيكفي وجوده في إسقاطه ، مضافاً إلى فحوى جواز اشتراط سقوطه في متن العقد (٢).

٢ ـ اشتراط سقوطه في متن العقد

الثاني : اشتراط سقوطه في متن العقد ، حكي عن الدروس وجامع المقاصد وتعليق الإرشاد (٣) ، ولعلّه لعموم أدلّة الشروط.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٢٠.

(٢) في «ش» : «ضمن العقد».

(٣) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٨١ ، وراجع الدروس ٣ : ٢٧٦ ، وجامع المقاصد ٤ : ٣٠٢ ٣٠٣ ، وفيه بعد احتمال الصحّة ـ : «أنّه أظهر» ، وحاشية الإرشاد (مخطوط) ، الصفحة ٢٦٠.

٢٣٣

ويشكل على عدم جواز إسقاطه في الثلاثة بناءً على أنّ السبب في هذا الخيار هو الضرر الحادث بالتأخير دون العقد ، فإنّ الشرط إنّما يسقط به ما يقبل الإسقاط بدون الشرط ، ولا يوجب شرعيّة سقوط ما لا يشرع إسقاطه بدون شرطٍ ، فإن كان إجماعٌ على السقوط بالشرط كما حكاه بعضٌ (١) قلنا به ، بل بصحّة الإسقاط بعد العقد ؛ لفحواه ، وإلاّ فللنظر فيه مجالٌ.

٣ ـ بذل المشتري للثمن بعد الثلاثة

الثالث : بذل المشتري للثمن بعد الثلاثة ، فإنّ المصرَّح به في التذكرة سقوط الخيار حينئذٍ (٢). وقيل بعدم السقوط بذلك استصحاباً (٣). وهو حسنٌ لو استند في الخيار إلى الأخبار ، وأمّا إذا استند فيه إلى الضرر ، فلا شكّ في عدم الضرر حال بذل الثمن ، فلا ضرر ليتدارك بالخيار ، ولو فرض تضرّره سابقاً بالتأخير فالخيار لا يوجب تدارك ذلك ، وإنّما يتدارك به الضرر المستقبل.

ودعوى : أنّ حدوث الضرر قبل البذل يكفي في بقاء الخيار ، مدفوعٌ بأنّ الأحكام المترتّبة على نفي الضرر تابعةٌ للضرر الفعلي ، لا مجرّد حدوث الضرر في زمانٍ ، ولا يبعد دعوى انصراف الأخبار إلى‌

__________________

(١) لم نعثر على حكاية الإجماع.

(٢) التذكرة ١ : ٥٢٣.

(٣) قاله السيّد الطباطبائي في المصابيح (مخطوط) : ١٣١ ، وفيه : «ولا يسقط بإسقاطه فيها ولا بإحضار الثمن بعدها إلى أن قال : وإن حصل الشكّ به فيستصحب» وجعله في الرياض ٨ : ١٩٥ ، ومستند الشيعة ١٤ : ٤٠٠ أظهر الوجهين.

٢٣٤

صورة التضرّر فعلاً بلزوم العقد ، بأن يقال : بأنّ عدم حضور المشتري علّةٌ لانتفاء اللزوم يدور معها وجوداً وعدماً.

وكيف كان ، فمختار التذكرة لا يخلو عن قوّةٍ.

٤ ـ أخذ الثمن من المشتري

الرابع : أخذ الثمن من المشتري بناءً على عدم سقوطه بالبذل ، وإلاّ لم يحتج إلى الأخذ به والسقوط به ؛ لأنّه التزامٌ فعليٌّ بالبيع ورضاً بلزومه. وهل يشترط إفادة العلم بكونه لأجل الالتزام أو يكفي الظنّ ، فلو احتمل كون الأخذ بعنوان العارية أو غيرها لم ينفع ، أم لا يعتبر الظنّ أيضاً؟ وجوهٌ : من عدم تحقّق موضوع الالتزام إلاّ بالعلم ، ومن كون الفعل مع إفادة الظنّ أمارةً عرفيّةً على الالتزام كالقول ، وممّا تقدّم من سقوط خيار الحيوان أو الشرط بما كان رضاً نوعيّاً بالعقد وهذا من أوضح أفراده ، وقد بيّنّا (١) عدم اعتبار الظنّ الشخصي في دلالة التصرّف على الرضا. وخير الوجوه أوسطها ، لكنّ الأقوى الأخير.

وهل يسقط الخيار بمطالبة الثمن؟

وهل يسقط الخيار بمطالبة الثمن؟ المصرَّح به في التذكرة (٢) وغيرها (٣) العدم ؛ للأصل وعدم الدليل.

ويحتمل السقوط ؛ لدلالته على الرضا بالبيع.

وفيه : أنّ سبب الخيار هو التضرّر في المستقبل ، لما عرفت : من أنّ الخيار لا يتدارك به ما مضى من ضرر الصبر ، ومطالبة الثمن لا تدلّ على التزام الضرر المستقبل حتّى يكون التزاماً بالبيع ، بل مطالبة‌

__________________

(١) بيّنه في الصفحة ١٠٤ ، ذيل البحث عن مسقطيّة خيار الحيوان بالتصرّف.

(٢) التذكرة ١ : ٥٢٣.

(٣) كالدروس ٣ : ٢٧٤ ، وجامع المقاصد ٤ : ٢٩٨ ، والمسالك ٣ : ٢٠٨.

٢٣٥

الثمن إنّما هو استدفاعٌ للضرر المستقبل كالفسخ ، لا التزامٌ بذلك الضرر ليسقط الخيار. وليس الضرر هنا من قبيل الضرر في بيع الغبن ونحوه ممّا كان الضرر حاصلاً بنفس العقد ، حتّى يكون الرضا به بعد العقد والعلم بالضرر التزاماً بالضرر الذي هو سبب الخيار.

المسقط لهذا الخيار دفع الضرر المستقبل

وبالجملة ، فالمسقط لهذا الخيار ليس إلاّ دفع الضرر المستقبل ببذل الثمن ، أو التزامه بإسقاطه ، أو اشتراط سقوطه ، وما تقدّم من سقوط الخيارات المتقدّمة بما يدلّ على الرضا فإنّما هو حيث يكون نفس العقد سبباً للخيار ولو من جهة التضرّر بلزومه ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، مع أنّ سقوط تلك الخيارات بمجرّد مطالبة الثمن أيضاً محلّ نظرٍ ؛ لعدم كونه تصرّفاً ، والله العالم.

٢٣٦

مسألة

هل هذا الخيار على الفور أو التراخي؟

في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان ، وقد تقدّم ما يصلح أن يستند إليه لكلٍّ من القولين في مطلق الخيار مع قطع النظر عن خصوصيّات الموارد ، وقد عرفت أنّ الأقوى الفور (١).

ويمكن أن يقال في خصوص ما نحن فيه : إنّ ظاهر قوله عليه‌السلام : «لا بيع له» (٢) نفي البيع رأساً ، والأنسب بنفي الحقيقة بعد عدم إرادة نفي الصحّة هو نفي لزومه رأساً ، بأن لا يعود لازماً أبداً ، فتأمّل.

ثمّ على تقدير إهمال النصّ وعدم ظهوره في العموم يمكن التمسّك بالاستصحاب هنا ؛ لأنّ اللزوم إذا ارتفع عن البيع في زمانٍ ، فعوده يحتاج إلى دليل. وليس الشكّ هنا في موضوع المستصحب نظير ما تقدّم في استصحاب الخيار لأنّ الموضوع مستفادٌ من النصّ ، فراجع.

القول بالتراخي لا يخلو عن قوّة

وكيف كان ، فالقول بالتراخي لا يخلو عن قوّة ، إمّا لظهور النصّ وإمّا للاستصحاب.

__________________

(١) راجع الصفحة ٢١٢.

(٢) في رواية ابن عمّار المتقدّمة في الصفحة ٢١٨.

٢٣٧

مسألة

تلف المبيع بعد الثلاثة من البائع

لو تلف المبيع بعد الثلاثة كان من البائع إجماعاً مستفيضاً ، بل متواتراً كما في الرياض (١). ويدلّ عليه النبويّ المشهور وإن كان في كتب روايات أصحابنا غير مسطور ـ : «كلّ مبيعٍ تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» (٢) ، وإطلاقه كمعاقد الإجماعات [يعمّ (٣)] ما لو تلف في حال الخيار أم تلف بعد بطلانه ، كما لو قلنا بكونه على الفور فبطل بالتأخير ، أو بذل المشتري الثمن فتلف العين في هذا الحال.

وقد يُعارض النبويّ بقاعدة «الملازمة بين النماء والدَّرَك» المستفادة من النصّ (٤) والاستقراء والقاعدة المجمَع عليها : «بأنّ (٥) التلف في زمان الخيار ممّن لا خيار له».

__________________

(١) الرياض ٨ : ١٩٥.

(٢) عوالي اللآلي ٣ : ٢١٢ ، الحديث ٥٩١.

(٣) لم يرد في «ق».

(٤) مثل «الخراج بالضمان» الوارد في عوالي اللآلي ١ : ٢١٩ ، الحديث ٨٩.

(٥) في «ش» : «من أنّ».

٢٣٨

لكن النبويّ أخصّ من القاعدة الاولى فلا معارضة ، والقاعدة الثانية لا عموم فيها يشمل جميع أفراد الخيار ولا جميع أحوال البيع حتّى قبل القبض ، بل التحقيق فيها كما سيجي‌ء (١) إن شاء الله اختصاصها بخيار المجلس والشرط والحيوان مع كون التلف بعد القبض.

لو تلف في الثلاثة

ولو تلف في الثلاثة ، فالمشهور كونه من مال البائع أيضاً ، وعن الخلاف : الإجماع عليه (٢).

خلافاً لجماعةٍ من القدماء منهم المفيد (٣) والسيّدان (٤) مدّعين عليه الإجماع ، وهو مع قاعدة «ضمان المالك لماله» يصحّ حجّةً لهذا القول.

لكن الإجماع معارَضٌ بل موهونٌ. والقاعدة مخصَّصةٌ بالنبويّ المذكور (٥) المنجبر من حيث الصدور ، مضافاً إلى رواية عقبة بن خالد : «في رجلٍ اشترى متاعاً من رجلٍ وأوجبه غير أنّه ترك المتاع عنده ولم يقبضه ، قال : آتيك غداً إن شاء الله ، فسُرق المتاع ، من مال مَن يكون؟ قال : من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتّى يُقبض‌

__________________

(١) انظر الجزء السادس ، الصفحة ١٧٩ ١٨١.

(٢) حكاه السيّد الطباطبائي في الرياض ١ : ٥٢٦ ، والسيّد بحر العلوم في المصابيح (مخطوط) : ١٣٠ ، وصاحب الجواهر في الجواهر ٢٣ : ٥٨ ، لكنّ الموجود في الخلاف الذي بأيدينا : «أنّ التلف في الثلاثة من المبتاع» راجع الخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٤ من البيوع.

(٣) المقنعة : ٥٩٢.

(٤) الانتصار : ٤٣٧ ، المسألة ٢٤٩ ، والغنية : ٢١٩ ٢٢٠.

(٥) المذكور في الصفحة السابقة.

٢٣٩

المال ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامنٌ لحقّه حتّى يردّ إليه حقّه (١).

لو مكّنه البائع من القبض فلم يتسلّم

ولو مكّنه من القبض فلم يتسلّم ، فضمان البائع مبنيٌّ على ارتفاع الضمان بذلك ، وهو الأقوى.

قال الشيخ في النهاية : إذا باع الإنسان شيئاً ولم يقبض المتاع ولا قبض الثمن ومضى المبتاع ، فإنّ العقد موقوفٌ ثلاثة أيّام ، فإن جاء المبتاع في مدّة ثلاثة أيّامٍ كان المبيع له ، وإن مضت ثلاثة أيّامٍ كان البائع أولى بالمتاع ، فإن هلك المتاع في هذه الثلاثة أيّام ولم يكن قبّضه إيّاه كان من مال البائع دون المبتاع ، وإن كان قبّضه إيّاه ثمّ هلك في مدّة الثلاثة أيّام كان من مال المبتاع ، وإن هلك بعد الثلاثة أيّام كان من مال البائع على كلّ حالٍ (٢) ، انتهى المحكيّ في المختلف ، وقال بعد الحكاية : وفيه نظرٌ ، إذ مع القبض يلزم البيع (٣) ، انتهى.

أقول : كأنه جعل الفِقرة الثالثة مقابلةً للفِقْرتين ، فيشمل ما بعد القبض وما قبله ، خصوصاً مع قوله : «على كلّ حال» لكنّ التعميم مع أنّه خلاف الإجماع منافٍ لتعليل الحكم بعد ذلك بقوله : «لأنّ الخيار له بعد الثلاثة أيّام» فإنّ من المعلوم أنّ الخيار إنّما يكون له مع عدم القبض ، فيدلّ ذلك على أنّ الحكم المعلّل مفروضٌ فيما قبل القبض.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٥٨ ، الباب ١٠ من أبواب الخيار ، وفيه حديثٌ واحد.

(٢) النهاية : ٣٨٥ ٣٨٦. وفي «ش» والمصدر زيادة : «لأنّ الخيار له بعدها».

(٣) المختلف ٥ : ٦٩ ٧٠.

٢٤٠