كتاب المكاسب - ج ٥

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-15-X
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤٤٨

البدل. وفي اعتبار القيمة يوم التلف أو يوم الفسخ قولان ، ظاهر الأكثر الأوّل.

ولكن صرّح في الدروس (١) والمسالك (٢) ومحكيّ حاشية الشرائع (٣) للمحقّق الثاني وصاحب الحدائق (٤) وبعضٌ آخر (٥) : أنّه لو اشترى عيناً بعينٍ فقبض أحدهما دون الأُخرى فباع المقبوضَ ثمّ تلف غير المقبوض : أنّ البيع الأوّل ينفسخ بتلف متعلّقه قبل القبض بخلاف البيع الثاني ، فيغرم البائع الثاني قيمةَ ما باعه يوم تلف غير المقبوض.

وهذا ظاهرٌ بل صريحٌ في أنّ العبرة بقيمة يوم الانفساخ دون تلف العين. والفرق بين المسألتين مشكلٌ ، وتمام الكلام في باب الإقالة إن شاء الله تعالى.

ولو تلف بإتلاف الأجنبيّ رجع المغبون بعد الفسخ إلى الغابن ؛ لأنّه الذي يُردّ إليه العوض فيؤخذ منه المعوَّض أو بدله ، ولأنه مَلِكَ القيمةَ على المُتلِف. ويحتمل الرجوع إلى المُتلِف ؛ لأنّ المال في ضمانه وما لم يدفع العوض فنفس المال في عهدته ؛ ولذا صرّح في الشرائع (٦)

__________________

(١) الدروس ٣ : ٢١١.

(٢) المسالك ٣ : ٢٥٧.

(٣) لم نعثر على الحاكي ، ولا توجد لدينا حاشية الشرائع في هذا الموضوع.

(٤) الحدائق ١٩ : ١٨٩ ١٩٠.

(٥) كالمحقّق في الشرائع ٢ : ٣٢ ، والعلاّمة في القواعد ٢ : ٨٧ ، والإرشاد ١ : ٣٨١ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٧١٨.

(٦) راجع الشرائع ٢ : ١٢٢.

٢٠١

بجواز المصالحة على ذلك المتلَف بما لو صالح به على قيمته لزم الربا ، وصرّح العلاّمة (١) بأنّه لو صالحه على نفس المتلَف بأقلّ من قيمته لم يلزم الربا ، وإن صالحه على قيمته بالأقلّ لزم الربا ، بناءً على جريانه في الصلح. ويحتمل التخيير أمّا الغابن فلأنه ملك البدل ، وأمّا المتلِف فلأنّ المال المتلَف في عهدته قبل أداء القيمة.

وإن كان بإتلاف المغبون فإن لم يفسخ غرم بدله ، ولو أبرأه الغابن من بدل المتلَف فظهر الغبن ففسخ ، ردّ الثمن وأخذ قيمة المتلف ؛ لأنّ المبرإ منه كالمقبوض.

هذا قليلٌ من كثير ما يكون هذا المقام قابلاً له من الكلام ، وينبغي إحالة الزائد على ما ذكروه في غير هذا المقام ، والله العالم بالأحكام ورسوله وخلفاؤه الكرام صلوات الله عليه وعليهم إلى يوم القيام.

__________________

(١) راجع التحرير ١ : ٢٢٩ ٢٣٠.

٢٠٢

مسألة

هل يثبت خيار الغبن في غير البيع؟

الظاهر ثبوت خيار الغبن في كلّ معاوضةٍ ماليّةٍ ؛ بناءً على الاستناد في ثبوته في البيع إلى نفي الضرر. نعم ، لو استُند إلى الإجماعات المنقولة أمكن الرجوع في غير البيع إلى أصالة اللزوم.

وممّن حكي عنه التصريح بالعموم فخر الدين قدس‌سره في شرح الإرشاد (١) وصاحب التنقيح (٢) وصاحب إيضاح النافع (٣) ، وعن إجارة جامع المقاصد : جريانه فيها مستنداً إلى أنّه من توابع المعاوضات (٤).

نعم ، حكي عن المهذّب البارع عدم جريانه في الصلح (٥). ولعلّه لكون الغرض الأصلي فيه قطع المنازعة ، فلا يشرع فيه الفسخ. وفيه ما لا يخفى.

__________________

(١) حكاه عنه وعمّن بعده السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٠ ٥٧١.

(٢) التنقيح الرائع ٢ : ٤٧.

(٣) إيضاح النافع (مخطوط) لا يوجد لدينا.

(٤) جامع المقاصد ٧ : ٨٦.

(٥) المهذّب البارع ٢ : ٥٣٨.

٢٠٣

وفي غاية المرام : التفصيل بين الصلح الواقع على وجه المعاوضة فيجري فيه ، وبين الواقع على إسقاط دعوى قبل ثبوتها ثمّ ظهر حقّية ما يدّعيه وكان مغبوناً فيما صالح به ، والواقع على ما في الذمم وكان مجهولاً ثمّ ظهر بعد عقد الصلح وظهر غبن أحدهما على تأمّلٍ (١). ولعلّه للإقدام في هذين على رفع اليد عمّا صالح عنه كائناً ما كان ، فقد أقدم على الضرر.

التفصيل المحكيّ عن بعض والمناقشة فيه

وحكي عن بعضٍ (٢) التفصيل بين كلّ عقدٍ وقع شخصه على وجه المسامحة وكان الإقدام على المعاملة فيه مبنيّاً على عدم الالتفات إلى النقص والزيادة بيعاً كان أو صلحاً أو غيرهما فإنّه لا يصدق فيه اسم الغبن ، وبين غيره.

وفيه مع أنّ منع صدق الغبن محلّ نظرٍ ـ : أنّ الحكم بالخيار لم يعلَّق في دليلٍ على مفهوم لفظ «الغبن» حتّى يتّبع مصاديقه ، فإنّ الفتاوى مختصّةٌ بغبن البيع ، وحديث نفي الضرر عامٌّ لم يخرج منه إلاّ ما استُثني في الفتاوى من صورة الإقدام على الضرر عالماً به. نعم ، لو استدلّ بآية التجارة عن تراضٍ أو النهي عن أكل المال بالباطل أمكن اختصاصهما بما إذا أقدم على المعاملة محتمِلاً للضرر مسامِحاً في دفع ذلك الاحتمال.

الاشكال ، المسألة

والحاصل : أنّ المسألة لا تخلو عن إشكالٍ‌

__________________

(١) انظر غاية المرام (مخطوط) ١ : ٢٩٦ ، وفيه تصريح بعدم ثبوت الخيار في الفرضين الأخيرين.

(٢) لم نعثر عليه.

٢٠٤

من جهة أصالة اللزوم ، واختصاص معقد الإجماع والشهرة بالبيع ، وعدم تعرّض الأكثر لدخول هذا الخيار في غير البيع كما تعرّضوا لجريان خيار الشرط (١) ، وتعرّضهم لعدم جريان خيار المجلس في غير البيع لكونه محلّ خلافٍ لبعض العامّة في بعض أفراد ما عدا البيع (٢) ، فلا يدلّ على عموم غيره لما عدا البيع.

ومن دلالة حديث نفي الضرر على عدم لزوم المعاملة المغبون فيها ولو في صورة امتناع الغابن عن بذل التفاوت (٣) ، وقد استدلّ به الأصحاب على إثبات كثيرٍ من الخيارات ، فدخوله فيما عدا البيع لا يخلو عن قوّة.

ثبوته في غير البيع لا يخلو عن قوّة

نعم ، يبقى الإشكال في شموله للصورة المتقدّمة ، وهي ما إذا علم من الخارج بناء شخص تلك المعاملة بيعاً كان أو غيره على عدم المغابنة والمكايسة من حيث الماليّة ، كما إذا احتاج المشتري إلى قليلٍ من شي‌ءٍ مبتذلٍ لحاجةٍ عظيمة دينيّةٍ أو دنيويّةٍ ، فإنّه لا يلاحظ في شرائه مساواته للثمن المدفوع بإزائه ، فإنّ في شمول الأدلّة لمثل هذا خفاءً ، بل منعاً (٤) ، والله العالم.

__________________

(١) كما تقدّم عنهم في الصفحة ١٤٧ ١٤٨.

(٢) راجع الشرح الكبير (المطبوع ضمن المغني لابن قدامة) ٤ : ٦١ ، وفيه : «أحدها خيار المجلس ويثبت في البيع والصلح بمعناه والإجارة ويثبت في الصرف والسلم» ، وراجع الخلاف ٣ : ١٤ ، المسألة ١٤ من كتاب البيوع.

(٣) في «ش» زيادة : «بعد إلحاق غيرها بظهور عدم الفصل عند الأصحاب».

(٤) في «ش» زيادة : «إلاّ أن يتمّ بعدم القول بالفصل».

٢٠٥

مسألة

هل هذا الخيار على الفور أو التراخي؟

اختلف أصحابنا في كون هذا الخيار على الفور أو على التراخي‌ على قولين :

الاستدلال للفور بآية (أوفوا بالعقود)

واستند للقول الأوّل وهو المشهور ظاهراً إلى كون الخيار على خلاف الأصل (١) ، فيقتصر فيه على المتيقّن. وقرّره في جامع المقاصد بأنّ العموم في أفراد العقود يستتبع عموم الأزمنة ، وإلاّ لم ينتفع بعمومه (٢) ، انتهى.

الاستدلال للتراخي بالاستصحاب

وللقول الثاني [إلى (٣)] الاستصحاب. وذكر في الرياض ما حاصله : أنّ المستند في هذا الخيار إن كان الإجماع المنقول اتّجه التمسّك بالاستصحاب ، وإن كان نفي الضرر وجب الاقتصار على الزمان الأوّل ، إذ به يندفع الضرر (٤).

__________________

(١) راجع الحدائق ١٩ : ٤٣ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ١٠٤ ، والمناهل : ٣٢٧.

(٢) جامع المقاصد ٤ : ٣٨.

(٣) لم يرد في «ق».

(٤) راجع الرياض ١ : ٥٢٥.

٢٠٦

المناقشة في الوجوه المذكورة

أقول : ويمكن الخدشة في جميع الوجوه المذكورة.

أمّا في وجوب الاقتصار على المتيقّن ، فلأنه غير متّجهٍ مع الاستصحاب.

المناقشة في الاستدلال بآية (أوفوا بالعقود) للفور

وأمّا ما ذكره في جامع المقاصد من عموم الأزمنة فإن أراد به عمومها المستفاد من إطلاق الحكم بالنسبة إلى زمانه الراجع بدليل الحكمة إلى استمراره في جميع الأزمنة ، فلا يخفى أنّ هذا العموم في كلّ فردٍ من موضوع الحكم تابعٌ لدخوله تحت العموم ، فإذا فرض خروج فردٍ منه ، فلا يفرق فيه بين خروجه عن حكم العامّ دائماً أو في زمانٍ ما ؛ إذ ليس في خروجه دائماً زيادة تخصيصٍ في العامّ حتّى يقتصر عند الشكّ فيه على المتيقّن ، نظير ما إذا ورد تحريم فعلٍ بعنوان العموم وخرج منه فردٌ خاصٌّ من ذلك الفعل ، لكن وقع الشكّ في أنّ ارتفاع الحرمة عن ذلك الفرد مختصٌّ ببعض الأزمنة أو عامٌّ لجميعها ، فإنّ اللازم هنا استصحاب حكم الخاصّ أعني الحلّية لا الرجوع فيما بعد الزمان المتيقّن إلى عموم التحريم ، وليس هذا من معارضة العموم للاستصحاب ؛ والسرّ فيه ما عرفت : من تبعيّة العموم الزماني للعموم الأفرادي ، فإذا فرض خروج بعضها فلا مقتضي للعموم الزماني فيه حتّى يقتصر فيه من حيث الزمان على المتيقّن ، بل الفرد الخارج واحدٌ ، دام زمان خروجه أو انقطع.

نعم ، لو فرض إفادة الكلام للعموم الزماني على وجهٍ يكون الزمان مكثِّراً لأفراد العامّ ، بحيث يكون الفرد في كلّ زمانٍ مغايراً له في زمانٍ آخر ، كان اللازم بعد العلم بخروج فردٍ في زمانٍ ما [الاقتصار (١)]

__________________

(١) لم يرد في «ق».

٢٠٧

على المتيقّن ؛ لأنّ خروج غيره من الزمان مستلزمٌ لخروج فردٍ آخر من العامّ غير ما عُلم خروجه ، كما إذا قال المولى لعبده : «أكرم العلماء في كلّ يوم» بحيث كان إكرام كلِّ عالمٍ في كلّ يومٍ واجباً مستقلا غير إكرام ذلك العالم في اليوم الآخر ، فإذا علم بخروج زيدٍ العالم وشُكّ في خروجه عن العموم يوماً أو أزيد ، وجب الرجوع في ما بعد اليوم الأوّل إلى عموم وجوب الإكرام ، لا إلى استصحاب عدم وجوبه ، بل لو فرضنا عدم وجود ذلك العموم لم يجز التمسّك بالاستصحاب ، بل يجب الرجوع إلى أصلٍ آخر ؛ كما أنّ في الصورة الاولى لو فرضنا عدم حجّية الاستصحاب لم يجز الرجوع إلى العموم ، فما أوضح الفرق بين الصورتين!

ثمّ لا يخفى أنّ مناط هذا الفرق ليس كون عموم الزمان في الصورة الاولى من الإطلاق المحمول على العموم بدليل الحكمة وكونه في الصورة الثانية عموماً لغويّاً ، بل المناط كون الزمان في الأُولى ظرفاً للحكم وإن فُرض عمومه لغويّاً ، فيكون الحكم فيه حكماً واحداً مستمرّاً لموضوعٍ واحد ، فيكون مرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في استمرار حكمٍ واحدٍ وانقطاعه فيستصحب. والزمان في الثانية مكثّرٌ لأفراد موضوع الحكم ، فمرجع الشكّ في وجود الحكم في الآن الثاني إلى ثبوت حكم الخاصّ لفردٍ من العامّ مغايرٍ للفرد الأوّل ، ومعلومٌ أنّ المرجع فيه إلى أصالة العموم ، فافهم واغتنم.

وبذلك يظهر فساد دفع كلام جامع المقاصد : بأنّ آية (أَوْفُوا ..) وغيرها مطلقةٌ لا عامّةٌ ، فلا تنافي الاستصحاب (١) إلاّ أن يدّعى أنّ‌

__________________

(١) الدافع هو صاحب الجواهر في الجواهر ٢٣ : ٤٤.

٢٠٨

العموم الإطلاقي لا يرجع إلاّ إلى العموم الزماني على الوجه الأوّل.

وقد (١) ظهر أيضاً ممّا ذكرنا من تغاير موردي الرجوع إلى الاستصحاب والرجوع إلى العموم ـ : فساد ما قيل في الأُصول : من أنّ الاستصحاب قد يخصّص العموم ، ومثّل له بالصورة الأُولى ، زعماً منه أنّ الاستصحاب قد خَصّص العموم (٢). وقد عرفت أنّ مقام جريان الاستصحاب لا يجوز فيه الرجوع إلى العموم ولو على فرض عدم الاستصحاب ، ومقام جريان العموم لا يجوز فيه الرجوع إلى الاستصحاب ولو على فرض عدم العموم ، فليس شي‌ءٌ منهما ممنوعاً بالآخر في شي‌ءٍ من المقامين.

إذا عرفت هذا فما نحن فيه من قبيل الأوّل ؛ لأنّ العقد المغبون فيه إذا خرج عن عموم وجوب الوفاء فلا فرق بين عدم وجوب الوفاء به في زمانٍ واحدٍ وبين عدم وجوبه رأساً ، نظير العقد الجائز دائماً ، فليس الأمر دائراً بين قلّة التخصيص وكثرته حتّى يتمسّك بالعموم فيما عدا المتيقّن ، فلو فرض عدم جريان الاستصحاب في الخيار على ما سنشير إليه لم يجز التمسّك بالعموم أيضاً. نعم ، يتمسّك فيه حينئذٍ بأصالة اللزوم الثابتة بغير العمومات.

المناقشة في الاستدلال بالاستصحاب للتراخي

وأمّا استناد القول بالتراخي إلى الاستصحاب ، فهو حسنٌ على ما اشتهر من المسامحة في تشخيص الموضوع في استصحاب الحكم الشرعي الثابت بغير الأدلّة اللفظيّة المشخِّصة للموضوع ، مع كون الشكّ‌

__________________

(١) في «ش» : «فقد».

(٢) راجع فرائد الأُصول ٣ : ٢٧٣ ، التنبيه العاشر من تنبيهات الاستصحاب.

٢٠٩

من حيث استعداد الحكم للبقاء. وأمّا على التحقيق من عدم إحراز الموضوع في مثل ذلك على وجه التحقيق ، فلا يجري فيما نحن فيه الاستصحاب ؛ فإنّ المتيقّن سابقاً ثبوت الخيار لمن لم يتمكّن من تدارك ضرره بالفسخ ، فإذا فرضنا ثبوت (١) الحكم من الشرع على هذا الوجه (٢) فلا معنى لانسحابه في الآن اللاحق مع كون الشخص قد تمكّن من التدارك ولم يفعل ؛ لأنّ هذا موضوعٌ آخر يكون إثبات الحكم له من القياس المحرّم.

نعم ، لو أُحرز الموضوع من دليلٍ لفظيٍّ على المستصحب أو كان الشكّ في رافع الحكم حتّى لا يحتمل أن يكون الشكّ لأجل تغيّر الموضوع اتّجه التمسّك بالاستصحاب.

ابتناء الاستصحاب وعدمه على المبنيين في موضوع الاستصحاب

وأمّا ما ذكره في الرياض (٣) ، ففيه : أنّه إن بنى الأمر على التدقيق في موضوع الاستصحاب كما أشرنا هنا وحقّقناه في الأُصول فلا يجري الاستصحاب وإن كان المدرك للخيار الإجماع. وإن بنى على المسامحة فيه كما اشتهر جرى الاستصحاب وإن استند في الخيار إلى قاعدة الضرر ، كما اعترف به ولده قدس‌سرهما في المناهل (٤) مستنداً‌

__________________

(١) في «ش» زيادة : «هذا».

(٢) لم ترد «على هذا الوجه» في «ش».

(٣) المتقدّم عنه في الصفحة ٢٠٦.

(٤) قاله فيما لو بذل الغابن التفاوت ، في تقوية ما اختاره من عدم سقوط الخيار بالبذل وتعرّض لمسألة الفور والتراخي ، لكن لم يتعرّض لهذا المستند ، راجع المناهل : ٣٢٧.

٢١٠

إلى احتمال أن يكون الضرر علّةً محدِثةً يكفي في بقاء الحكم وإن ارتفع. إلاّ أن يدّعى أنّه إذا استند الحكم إلى الضرر فالموضوع للخيار هو المتضرّر العاجز عن تدارك ضرره وهو غير محقَّقٍ في الزمان اللاحق ، كما أشرنا.

ما ذكره بعض المعاصرين في المسألة

ثمّ إنّه بنى المسألةَ بعضُ المعاصرين (١) على ما لا محصَّل له ، فقال ما لفظه : إنّ المسألة مبتنية على أنّ لزوم العقد معناه : أنّ أثر العقد مستمرٌّ إلى يوم القيامة وأنّ عموم الوفاء بالعقود عمومٌ زمانيٌّ ؛ للقطع بأن ليس المراد بالآية الوفاء بالعقود آناً ما ، بل على الدوام ، وقد فهم المشهور منها ذلك ، و (٢) باعتبار أنّ الوفاء بها العمل بمقتضاها ولا ريب أنّ مفاده عرفاً وبحسب قصد المتعاقدين الدوام ، فإذا دلّ دليلٌ على ثبوت خيارٍ : من ضررٍ ، أو إجماعٍ ، أو نصٍّ في ثبوته في الماضي أو مطلقاً بناءً على الإهمال لا الإطلاق في الأخبار فيكون استثناءً من ذلك العامّ ويبقى العامّ على عمومه ، كاستثناء أيّام الإقامة والثلاثين ووقت المعصية ونحوها من حكم السفر.

أو أنّ اللزوم ليس كالعموم وإنّما يُثبت مِلكاً سابقاً ويبقى حكمه مستصحَباً إلى المزيل ، فتكون المعارضة بين استصحابين ، والثاني واردٌ على الأوّل ، فيقدّم عليه ، والأوّل أقوى ؛ لأنّ حدوث الحادث مع زوال علّته السابقة يقضي بعدم اعتبار السابق ، أمّا مع بقائها فلا يلغو اعتبار‌

__________________

(١) وهو الشيخ علي آل كاشف الغطاء في تعليقته على اللمعة (مخطوط) ، مبحث خيار التأخير.

(٢) لم ترد «و» في «ش».

٢١١

السابق ، انتهى.

المناقشة في ما ذكره بعض المعاصرين

ولا يخفى أنّ ما ذكره من المبنى للرجوع إلى العموم وهو استمرار اللزوم مبنيٌّ لطرح العموم والرجوع إلى الاستصحاب.

وأمّا ما ذكره أخيراً لمبنى الرجوع إلى الاستصحاب ، وحاصله : أنّ اللزوم إنّما يثبت بالاستصحاب ، فإذا ورد عليه استصحاب الخيار قُدّم عليه.

ففيه : أنّ الكلّ متّفقون على الاستناد في أصالة اللزوم إلى عموم آية الوفاء وإن أمكن الاستناد فيه إلى الاستصحاب أيضاً ، فلا وجه للإغماض عن الآية وملاحظة الاستصحاب المقتضي للّزوم مع استصحاب الخيار.

الأقوى الفور والدليل عليه

ثمّ إنّه قد علم من تضاعيف ما أوردناه على كلمات الجماعة : أنّ الأقوى كون الخيار هنا على الفور ؛ لأنّه لمّا لم يجز التمسّك في الزمان الثاني بالعموم لما عرفت سابقاً : من أنّ مرجع العموم الزماني في هذا المقام إلى استمرار الحكم في الأفراد فإذا انقطع الاستمرار فلا دليل على العود إليه ، كما في جميع الأحكام المستمرّة إذا طرأ عليها الانقطاع ولا باستصحاب الخيار لما عرفت : من أنّ الموضوع غير محرَزٍ ؛ لاحتمال كون موضوع الحكم عند الشارع هو من لم يتمكّن من تدارك ضرره بالفسخ ، فلا يشمل الشخصَ المتمكّن منه التارك له ، بل قد يُستظهر ذلك من حديث نفي الضرر تَعيَّنَ (١) الرجوع إلى أصالة فساد فسخ المغبون وعدم ترتّب الأثر عليه وبقاء آثار العقد ، فيثبت اللزوم من‌

__________________

(١) جواب لقوله : «لمّا لم يجز».

٢١٢

هذه الجهة. وهذا ليس كاستصحاب الخيار ؛ لأنّ الشكّ هنا في الرافع ، فالموضوع محرَزٌ كما في استصحاب الطهارة بعد خروج المذي ، فافهم واغتنم ، والحمد لله.

هذا ، مضافاً إلى ما قد يقال هنا وفيما يشبهه من إجازة عقد الفضولي ونكاحه وغيرهما ـ : من أنّ تجويز التأخير فيها ضررٌ على من عليه الخيار ، وفيه تأمّلٌ.

المراد من الفوريّة

ثمّ إنّ مقتضى ما استند إليه للفوريّة عدا هذا المؤيّد الأخير هي الفوريّة العرفيّة ؛ لأنّ الاقتصار على الحقيقيّة حرجٌ على ذي الخيار ، فلا ينبغي تدارك الضرر به ، والزائد عليها لا دليل عليه عدا الاستصحاب المتسالَم على ردّه بين أهل هذا القول.

لكن الذي يظهر من التذكرة في خيار العيب على القول بفوريّته ما هو أوسع من الفور العرفي ، قال : خيار العيب ليس على الفور على ما تقدّم ، خلافاً للشافعي ، فإنّه اشترط الفوريّة والمبادرة بالعادة ، فلا يؤمر بالعَدْو ولا الركض ليردّ ، وإن كان مشغولاً بصلاةٍ أو أكلٍ أو قضاء حاجةٍ فله الخيار إلى أن يفرغ ، وكذا لو اطّلع حين دخل وقت هذه الأُمور فاشتغل بها فلا بأس إجماعاً ، وكذا لو لبس ثوباً أو أغلق باباً. ولو اطّلع على العيب ليلاً فله التأخير إلى أن يُصبح وإن لم يكن عذر (١) ، انتهى.

وقد صرّح في الشفعة على القول بفوريّتها بما يقرب من ذلك وجعلها من الأعذار. وصرّح في الشفعة بأنّه لا يجب المبادرة على‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٢٩.

٢١٣

خلاف العادة ، ورجع (١) في ذلك كلّه إلى العرف ، فكلّ ما لا يُعدّ تقصيراً لا يبطل به الشفعة ، وكلّ ما يُعدّ تقصيراً وتوانياً في الطلب فإنّه مسقطٌ لها (٢) ، انتهى.

والمسألة لا تخلو عن إشكالٍ ، لأنّ جعل حضور وقت الصلاة أو دخول الليل عذراً في ترك الفسخ المتحقّق بمجرّد قوله : «فسخت» لا دليل عليه. نعم ، لو توقّف الفسخ على الحضور عند الخصم أو القاضي أو على الإشهاد ، توجّه ما ذكر في الجملة ، مع أنّ قيام الدليل عليه مشكلٌ ، إلاّ أن يُجعل الدليل على الفوريّة لزوم الإضرار لمن عليه الخيار ، فدفع (٣) ذلك بلزوم المبادرة العرفيّة بحيث لا يُعدّ متوانياً فيه ، فإنّ هذا هو الذي يضرّ بحال من عليه الخيار من جهة عدم استقرار ملكه وكون تصرّفاته فيه في معرض النقض (٤). لكنّك عرفت التأمّل في هذا الدليل.

رأي المصنّف في المسألة

فالإنصاف : أنّه إن تمّ الإجماع الذي تقدّم (٥) عن العلاّمة على عدم البأس بالأُمور المذكورة وعدم قدح أمثالها في الفوريّة ، فهو ، وإلاّ وجب الاقتصار على أوّل مراتب إمكان إنشاء الفسخ ، والله العالم.

معذوريّة الجاهل بالخيار في ترك المبادرة

ثمّ إنّ الظاهر أنّه لا خلاف في معذوريّة الجاهل بالخيار في ترك‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، والصواب : «يُرجع» ، كما في المصدر.

(٢) التذكرة ١ : ٦٠٤.

(٣) في «ش» : «فيدفع».

(٤) في «ش» : «النقص».

(٥) المتقدّم عنه في الصفحة الماضية.

٢١٤

المبادرة ، لعموم نفي الضرر ؛ إذ لا فرق بين الجاهل بالغبن والجاهل بحكمه ، وليس ترك الفحص عن الحكم الشرعي منافياً لمعذوريّته ، كترك الفحص عن الغبن وعدمه.

لو جهل الفوريّة

ولو جهل الفوريّة فظاهر بعضٍ الوفاق على المعذوريّة. ويشكل بعدم جريان نفي الضرر هنا ؛ لتمكّنه من الفسخ وتدارك الضرر ، فيرجع إلى ما تقدّم من أصالة بقاء آثار العقد وعدم صحّة فسخ المغبون بعد الزمان الأوّل. وقد حكي عن بعض الأساطين عدم المعذوريّة في خيار التأخير (١) ، والمناط واحدٌ.

لو ادّعى الجهل بالخيار

ولو ادّعى الجهل بالخيار فالأقوى القبول ، إلاّ أن يكون ممّا لا يخفى عليه هذا الحكم الشرعي إلاّ لعارضٍ ، ففيه نظرٌ.

وقال في التذكرة في باب الشفعة : إنّه لو قال : «لم أعلم ثبوت حقّ الشفعة» أو قال : «أخّرت لأني لم أعلم أنّ الشفعة على الفور» فإن كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ في بريّةٍ لا يعرفون الأحكام قُبل قوله وله الأخذ بالشفعة ، وإلاّ فلا (٢) ، انتهى.

فإن أراد بالتقييد المذكور تخصيص السماع بمن يحتمل في حقّه الجهل ، فلا حاجة إليه ؛ لأنّ أكثر العوامّ وكثيراً من الخواصّ لا يعلمون مثل هذه الأحكام. وإن أراد تخصيص السماع بمن يكون الظاهر في حقّه عدم العلم ، ففيه : أنّه لا داعي إلى اعتبار الظهور ، مع أنّ الأصل العدم.

الناسي في حكم الجاهل

والأقوى : أنّ الناسي في حكم الجاهل. وفي سماع دعواه النسيان‌

__________________

(١) لم نعثر عليه ، ولا على الحاكي.

(٢) التذكرة ١ : ٦٠٥ ، مع تقديم وتأخير في بعض العبارات.

٢١٥

نظرٌ : من أنّه مدّعٍ ، ومن تعسّر إقامة البيّنة عليه وأنّه لا يُعرف إلاّ من قِبَله.

الظاهر معذوريّة الشاكّ

وأمّا الشاكّ في ثبوت الخيار فالظاهر معذوريّته. ويحتمل عدم معذوريّته ؛ لتمكّنه من الفسخ بعد الاطّلاع على الغبن ثمّ السؤال عن صحّته شرعاً ، فهو متمكّنٌ من الفسخ العرفي ، إذ الجهل بالصحّة لا يمنع عن الإنشاء ، فهو مقصّرٌ بترك الفسخ لا لعذرٍ ، فافهم ، والله العالم.

٢١٦

الخامس

خيار التأخير‌

كلام التذكرة في خيار التأخير

قال في التذكرة : من باع شيئاً ولم يسلّمه إلى المشتري ولا قبض الثمن ولا شرط تأخيره ولو ساعةً لزم البيع ثلاثة أيّام ، فإن جاء المشتري بالثمن في هذه الثلاثة فهو أحقّ بالعين. وإن مضت الثلاثة ولم يأتِ بالثمن تخيّر البائع بين فسخ العقد والصبر والمطالبة بالثمن عند علمائنا أجمع (١).

الدليل على هذا الخيار

والأصل في ذلك قبل الإجماع المحكيّ (٢) عن الانتصار والخلاف والجواهر وغيرها (٣) المعتضد بدعوى الاتّفاق المصرَّح بها في التذكرة (٤)

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٢٣.

(٢) حكاه عنهم السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٦ ، وراجع الانتصار : ٤٣٧ ، المسألة ٢٤٩ ، والخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٤ ، وجواهر الفقه : ٥٤ ، المسألة ١٩٣.

(٣) مثل : الحدائق ١٩ : ٤٤ ، والرياض ١ : ٥٢٥ ، ومستند الشيعة ١٤ : ٣٩٧ ، والجواهر ٢٣ : ٥١.

(٤) تقدّم التخريج عنها آنفاً ، وراجع تفصيل ذلك في مفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٦ ٥٧٧.

٢١٧

والظاهرة من غيرها ، وبما ذكره في التذكرة : من أنّ الصبر أبداً مظنّة الضرر المنفيّ بالخبر (١) ، بل الضرر هنا أشدّ من الضرر في الغبن ؛ حيث إنّ المبيع هنا في ضمانه وتلفه منه وملكٌ لغيره لا يجوز له التصرّف فيه الأخبار المستفيضة ، منها :

الروايات الواردة في المقام

رواية عليّ بن يقطين ، قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يبيع البيع ولا يقبضه صاحبه ولا يقبض الثمن ، قال :

الأجل بينهما ثلاثة أيّام ، فإن قبض (٢) بيعه ، وإلاّ فلا بيع بينهما» (٣).

ورواية إسحاق بن عمّار عن العبد الصالح ، قال : «من اشترى بيعاً فمضت ثلاثة أيّامٍ ولم يجي‌ء ، فلا بيع له» (٤).

ورواية ابن الحجّاج قال : «اشتريت محمِلاً وأعطيت بعض الثمن وتركته عند صاحبه ، ثمّ احتبست أيّاماً ، ثمّ جئت إلى بائع المحمِل لآخذه ، فقال : قد بعته ، فضحكت ، ثمّ قلت : لا والله! لا أدعك أو أُقاضيك ، فقال : أترضى بأبي بكر بن عيّاش؟ قلت : نعم ، فأتيناه فقصصنا عليه قصّتنا ، فقال أبو بكر : بقول من تحبّ أن يُقضى (٥) بينكما ، بقول صاحبك أو غيره؟ قلت : بقول صاحبي ، قال : سمعته يقول : من اشترى شيئاً فجاء بالثمن ما بينه وبين ثلاثة أيّام ، وإلاّ فلا بيع له» (٦).

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٢٣.

(٢) كذا في «ش» ، وفي «ق» : «قبضه» ، وهو من سهو القلم.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٥٧ ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٣.

(٤) نفس المصدر ، الحديث ٤.

(٥) كذا في «ق» ، وفي «ش» والمصدر : «أن أقضي».

(٦) الوسائل ١٢ : ٣٥٦ ٣٥٧ ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث ٢.

٢١٨

وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «قلت له : الرجل يشتري من الرجل المتاع ثمّ يدعه عنده ، فيقول : آتيك بثمنه؟ قال : إن جاء ما بينه وبين ثلاثة أيّام ، وإلاّ فلا بيع له» (١).

ظاهر الروايات بطلان البيع

وظاهر هذه الأخبار بطلان البيع ، كما فهمه في المبسوط حيث قال : روى أصحابنا أنّه إذا اشترى شيئاً بعينه بثمنٍ معلومٍ وقال للبائع أجيئك بالثمن ومضى ، فإن جاء في مدّة الثلاثة كان البيع له ، وإن لم يرتجع بطل البيع (٢) ، انتهى.

وربما يُحكى (٣) عن ظاهر الإسكافي (٤) المعبِّر بلفظ الروايات ، وتوقّف فيه المحقّق الأردبيلي (٥) ، وقوّاه صاحب الكفاية (٦) ، وجزم به في الحدائق طاعناً على العلاّمة في المختلف ، حيث إنّه اعترف بظهور الأخبار في خلاف المشهور ثمّ اختار المشهور مستدلا بأنّ الأصل بقاء صحّة العقد ، وحَمَل الأخبار على نفي اللزوم (٧).

أقول : ظهور الأخبار في الفساد في محلّه ، إلاّ أنّ فهم العلماء‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٥٦ ، الباب ٩ من أبواب الخيار ، الحديث الأوّل.

(٢) المبسوط ٢ : ٨٧ ، وفيه بدل «وإن لم يرتجع» : «وإن لم يجي‌ء».

(٣) في «ش» وهامش «ف» زيادة : «هذا».

(٤) حكاه الشهيد في الدروس ٣ : ٢٧٤ ، وراجع المختلف ٥ : ٧٠.

(٥) راجع مجمع الفائدة ٨ : ٤٠٥ ٤٠٦.

(٦) الكفاية : ٩٢ ، وفيه بعد نقل الخيار عن جماعة ـ : «وعن ظاهر ابن الجنيد والشيخ بطلان البيع ، ولعلّ الأقرب الثاني».

(٧) الحدائق ١٩ : ٤٧ ٤٨ ، وراجع المختلف ٥ : ٧١.

٢١٩

فهم العلماء ممّا يقرّب نفي اللزوم

وحَمَلَةِ الأخبار نفيَ اللزوم (١) ممّا يقرّب هذا المعنى ؛ مضافاً إلى ما يقال : من أنّ قوله عليه‌السلام في أكثر تلك الأخبار : «لا بيع له» ظاهرٌ في انتفاء البيع بالنسبة إلى المشتري فقط ، ولا يكون إلاّ نفي اللزوم من طرف البائع ، إلاّ أنّ في رواية ابن يقطين : «فلا بيع بينهما».

وكيف كان ، فلا أقلّ من الشكّ فيرجع إلى استصحاب الآثار المترتّبة على البيع.

وتوهّم : كون الصحّة سابقاً في ضمن اللزوم ، فترتفع بارتفاعه ، مندفعٌ : بأنّ اللزوم ليس من قبيل الفصل للصحّة ، وإنّما هو حكمٌ مقارنٌ له في خصوص البيع الخالي من الخيار.

ثمّ إنّه يشترط في هذا الخيار أُمور :

شرائط خيار التأخير :

١ ـ عدم قبض المبيع

أحدها : عدم قبض المبيع ، ولا خلاف في اشتراطه ظاهراً ، ويدلّ عليه من الروايات المتقدّمة قوله عليه‌السلام في صحيحة عليّ بن يقطين المتقدّمة : «فإن قبض بيعه ، وإلاّ فلا بيع بينهما» (٢) بناءً على أنّ «البيع» هنا بمعنى المبيع.

لكن في الرياض : إنكار دلالة الأخبار على هذا الشرط (٣) ، وتبعه بعض المعاصرين (٤). ولا أعلم له وجهاً غير سقوط هذه الفقرة عن‌

__________________

(١) في «ش» : «وحملهم الأخبار على نفي اللزوم».

(٢) تقدّمت في الصفحة ٢١٨.

(٣) راجع الرياض ١ : ٥٢٥.

(٤) وهو صاحب الجواهر ، انظر الجواهر ٢٣ : ٥٣ ، وجاء في المستند ١٤ : ٣٩٨ : «وأكثر تلك الأخبار وإن كانت مطلقة بالنسبة إلى إقباض المبيع وعدمه ..».

٢٢٠