الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام

الشيخ محمد مهدي الآصفي

الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام

المؤلف:

الشيخ محمد مهدي الآصفي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وصلىٰ علیٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سل تعط » (١).

وعن أبي كهمس عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : « دخل رجل المسجد فابتدأ قبل الثناء علىٰ الله والصّلاة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عجل العبد ربه ، ثم دخل آخر فصلىٰ ، واثنىٰ علىٰ الله عزّوجلّ ، فصلىٰ علىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سل تعطه » (٢).

وعن صفوان الجمّال عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : « كل دعاء يدعىٰ الله عزّوجلّ به محجوب عن السماء حتىٰ يصلّیٰ علىٰ محمّد وآل محمّد » (٣).

وعن ابي عبدالله الصادق أيضاً : « لا يزال الدعاء محجوباً عن السماء حتىٰ يصلى علىٰ محمّد وآل محمّد » (٤).

١٥ ـ دعوة الله باسمائه الحسنیٰ :

إن الله يحب أن يدعوه عباده باسمائه الحسنىٰ.

( قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ) (٥).

فإن كل واحد من اسماء الله الحسنىٰ مفتاح لباب من أبواب رحمة الله وفضله.

وقد ورد في النصوص الاسلامية تأكيد كثير علیٰ الدعاء باسماء الله الحسنیٰ ، وورد في نصوص عديدة أن المؤمن إذا دعا الله باسمائه الحسنىٰ عشراً لبّاه الله تعالىٰ.

__________________

(١) أصول الكافي : ٥٢٤ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٢٦ ، ح : ٨٧٨٦.

(٢) وسائل الشيعة ٤ : ١١٢٧ ، ح : ٨٧٨٨ ، أصول الكافي : ٥٢٥.

(٣) أصول الكافي : ٥٢٨ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٣٥ ، ح : ٨٨٢٦.

(٤) مجالس المفيد : ٦٠ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٣٧ ، ح : ٨٨٣٧.

(٥) الاسراء : ١١٠.

٨١
 &

عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : « من قال : يا الله ، عشر مرات قيل له : لبيك ما حاجتك ؟ » (١).

وعن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام : « إذا قال العبد وهو ساجد : يا الله ، يا ربّاه ، يا سيداه ، ثلاث مرات ، اجابه الله تبارك وتعالیٰ : لبيك عبدي سل حاجتك » (٢).

وروى عبدالله بن جعفر في قرب الاسناد عن مسعدة بن صدقة قال : « حدثني جعفر قال : اشتكیٰ بعض ولد أبي فمرّ به ، فقال له : قل عشر مرات : يا الله ، يا الله ، فإنه لم يقله أحد من المؤمنين قط إلّا قال له الربّ تبارك وتعالىٰ : لبيك عبدي سل حاجتك » (٣).

وعن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : « سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً يقول : يا أرحم الراحمين ، فأخذ بمنكب الرجل ، فقال : هذا أرحم الراحمين قد استقبلك بوجهه ، سل حاجتك » (٤).

١٦ ـ بث الحاجات بين يدي الله :

والله تعالىٰ يعلم ما نريد وما نحتاج وما نطلب ويغنيه علمه عن سؤالنا ، ولكن الله تعالىٰ يحب أن نبث إليه حاجاتنا ، بل يحوجنا حتىٰ نبث إليه حاجاتنا.

وقد يمقت الله عبداً فيكفيه ويغنيه ، حتىٰ لا يسأله ولا يرفع يديه إليه تعالىٰ.

فإن الانسان عند ما يبث حاجاته بين يديه تعالىٰ ، يتقرب منه ، ويتعلق به ، ويأنس إليه ، ويحس بفقره وحاجته إليه وكل ذلك يحبه الله تعالىٰ.

__________________

(١) أصول الكافي : ٥٤١ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٣٠ ، ح : ٨٧٩٨.

(٢) وسائل الشيعة ٤ : ١١٣١ ، ح : ٨٨٠٢.

(٣) قرب الاسناد : ٢ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٣٢ ، ح : ٨٨٠٩.

(٤) محاسبة النفس : ١٤٨ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٣٢ ، ح : ٨٨١٥.

٨٢
 &

فإذا دعونا الله تعالىٰ في شؤوننا احب الله تعالىٰ أن نسهب في الدعاء وتفصل فيه ، ولا نوجز ، ولا نختزل الكلام ، كما يتحدث النّاس إلىٰ الزعماء.

عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام :

« إن الله تعالىٰ يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، ولكن يحب أن يبث إليه الحوائج ، فإذا دعوت فسمّ حاجاتك » (١).

١٧ ـ الالحاح في الدعاء :

والالحاح في الدعاء يكشف عن عمق ثقة العبد ورجائه في الله تعالىٰ وعمق تعلقه به تعالىٰ ، وكلّما كانت ثقة الانسان بالله تعالىٰ اكثر كانت الحاحه في الدعاء اكثر. وبالعكس إذا كانت ثقة الانسان بالله ضعيفة فإنه ينقطع عن الدعاء وييأس إذا لم يجد لدعائه استجابة.

وكما يكشف الالحاح في الدعاء عن عمق الثقة والعلاقة بالله ، كذلك الالحاح في الدعاء يعمق الثقة والعلاقة بالله ويثبتها.

وعلىٰ قدر ثقة الانسان بالله تعالىٰ وعلاقته بالله يكون قربه من الله.

وقد ورد في النصوص الاسلامية تأكيدات كثيرة علىٰ الالحاح في الدعاء ، وعدم اليأس عن الاستجابة في كل الاحوال.

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إن الله يحب الملحين في الدعاء » (٢).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) أصول الكافي : ٥٢٠ ، وسائل الشيعة ٤ : ١٠٩١ ، ح : ٨٦٤٢.

(٢) بحار الأنوار ٩٣ : ٣٠٠.

٨٣
 &

« إن الله يحب السائل اللحوح » (١).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« الدعاء ترس المؤمن ، ومتىٰ تكثر قرع الباب يفتح لك » (٢).

وعن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام :

« الدعاء يرد القضاء بعد ما اُبرم ابراماً ، فأكثر من الدعاء ، فإنه مفتاح كل رحمة ، ونجاح كل حاجة ، ولا ينال ما عند الله عزّوجلّ إلّا بالدعاء ، وإنه ليس باب يكثر قرعه إلّا أوشك أن يفتح لصاحبه » (٣).

وعن الباقر عليه‌السلام : « إن الله كره الحاح الناس بعضهم علىٰ بعض في المسألة ، وأحب ذلك لنفسه » (٤).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « فألحح عليه في المسألة يفتح لك أبواب الرحمة » (٥).

وعن الوليد بن عقبة الهجري قال : « سمعت ابا جعفر عليه‌السلام يقول : والله لا يلح عبد مؤمن علىٰ الله في حاجته إلّا قضاها له » (٦).

عن الصادق عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال :

« رحم الله عبداً طلب من الله عزّوجلّ حاجة فألح في الدعاء ، استجيب له أو لم يستجب ، ثم تلا هذه الآية : ( وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ) (٧).

__________________

(١) بحار الأنوار ٩٣ : ٣٧٤.

(٢) وسائل الشيعة ٤ : ١٠٨٥ ، ح : ٨٦١٢.

(٣) وسائل الشيعة ٤ : ١٠٨٦ ، ح : ٨٦١٦.

(٤) بحار الأنوار ٩٣ : ٣٧٤.

(٥) بحار الأنوار ٧٧ : ٢٠٥.

(٦) أصول الكافي : ٥٢٠.

(٧) المصدر السابق.

٨٤
 &

وعن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام : « لا والله لا يلح عبد علىٰ الله عزّوجلّ إلّا استجاب له » (١).

وعن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام :

« سل حاجتك وألح في الطلب ؛ فإن الله يحب الحاح الملحين من عباده المؤمنين » (٢).

١٨ ـ الدعاء للآخرين ومن الآخرين :

سوف نتحدث عن هذه النقطة في فصل قادم من هذا الكتاب فيما ينبغي وما لا ينبغي من الدعاء. ونتحدث الآن عن هذا الموضوع بقدر ما يتعلق بآداب وشروط الدعاء ، فإن الانسان إذا انفتح علىٰ اخوانه بين يدي الله تعالىٰ ، وازال من نفسه ما بينه وبينهم من ضغن ونفور فتح الله تعالىٰ عليه أبواب رحمته ؛ فإن انفتاح المؤمنين بعضهم علىٰ بعض وتعميق حالة التحابب والتعاطف والمودة فيما بينهم ، من مفاتيح رحمة الله تعالىٰ للداعي وللمدعو له.

اما (الداعي) فقد روي عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : « الدعاء لأخيك بظهر الغيب يسوق الىٰ الداعي الرزق ، ويصرف عنه البلاء ، ويقول الملك : ولك مثل ذلك » (٣).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من دعا لمؤمن بظهر الغيب قال الملك : فلك بمثل ذلك » (٤).

وعن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام : « دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) قرب الاسناد : ٥٢٠.

(٣) امالي الطوسي ٢ : ٢٩٠ ، وبحار الأنوار ٩٣ : ٣٨٧.

(٤) امالي الطوسي ٢ : ٩٥ ، وبحار الأنوار ٩٣ : ٣٨٤.

٨٥
 &

ويدفع المكروه » (١).

وعن ابن خالد القمّاط قال : « قال أبو جعفر عليه‌السلام : اسرع الدعاء نجحاً للاجابة دعاء الاخ لاخيه بظهر الغيب. يبدأ بالدعاء لاخيه ، فيقول له ملك موكّل به : آمين ، ولك مثلاه » (٢).

وأما (المدعو له) فقد روي أن الله تعالىٰ قال لموسىٰ بن عمران عليه‌السلام : « ادعني علیٰ لسان لم تعصني به.

قال : يا رب ، أنیٰ لي بذلك ؟ قال : ادعني علىٰ لسان غيرك » (٣).

١٩ ـ الدعاء عند نزول الرحمة :

بالدعاء يستنزل الانسان رحمة الله تعالىٰ.

ولذلك فإن افضل اوقات الدعاء هي الاوقات التي تنزل فيها الرحمة ، فيكون الانسان قريباً من رحمة الله ، ويتعرض لرحمة الله.

وساعات هبوط الرحمة كثيرة منها :

ساعة قراءة القرآن ، واوقات الاذان ، وساعة نزول المطر ، وساعة التقاء الصفين ومصارع الشهداء.

وهذه الساعة الاخيرة من أفضل الساعات تنفتح فيها أبواب رحمة الله علیٰ الارض.

عن السكوني عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام :

اغتنموا الدعاء عند اربع : عند قراءة القرآن ، وعند الاذان ، وعند نزول

__________________

(١) أصول الكافي : ٤٣٥ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٤٥ ، ح : ٨٨٦٧.

(٢) المصدران السابقان.

(٣) بحار الأنوار ٩٣ : ٣٤٢ ، عدة الداعي : ١٢٨.

٨٦
 &

الغيث ، وعند التقاء الصفين للشهادة » (١).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن : عند قراءة القرآن ، وعند الاذان ، وعند نزول الغيث ، وعند التقاء الصفين للشهادة ، وعند دعوة المظلوم فإنها ليس لها حجاب دون العرش » (٢).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « من قرأ مئة آية من القرآن ، من أيّ القرآن شاء ، ثم قال : يا الله سبع مرات ، فلو دعا علىٰ الصخرة لقلعها إن شاء الله » (٣).

عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس ، فإذا أراد ذلك قدم شيئاً فتصدق به وشم شيئاً من طيب ، وراح الىٰ المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله » (٤).

٢٠ ـ الدعاء في جوف الليل :

إن لخلوة الليل تأثيراً عظيماً في اقبال النفس علىٰ الله ، واستقبال رحمة الله تعالىٰ ، وما يجده الانسان في نفسه في الساعات المتأخرة من الليل من الاقبال علىٰ الله ، والقدرة علىٰ استقبال رحمة الله تعالىٰ قلما يجدها في وقت آخر. وقد جعل الله تعالىٰ في هذه الساعات المتأخرة من الليل من البركة والرّحمة ما لم يجعله في الساعات الاخرىٰ من الليل والنهار.

وليس من شك ، لمن يتأمل النصوص الاسلامية ، أن الاوقات ليست سواءً ، فمن الاوقات ما تنفتح فيها أبواب الرحمة علىٰ الانسان أكثر من غيرها ، ومن الاوقات ما تستنزل رحمة الله تعالىٰ أكثر من غيرها ، ومن أفضل هذه الاوقات ،

__________________

(١) أصول الكافي : ٥٢١ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١١٤ ، ح : ٨٧٣٩.

(٢) وسائل الشيعة ٤ : ١١١٥ ، ح : ٨٧٤٢.

(٣) ثواب الاعمال للصدوق : ٥٨.

(٤) أصول الكافي : ٥٢١.

٨٧
 &

واكثرها حظاً من رحمة الله ساعات النصف الأخير من الليل.

يقول تعالیٰ : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ) (١).

روى المفضل بن عمرو عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : « كان فيما ناجىٰ الله به موسیٰ بن عمران عليه‌السلام أن قال له : يا بن عمران ، كذب من زعم انه يحبني ، فإذا جنّه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا بن عمران مطلع علىٰ احبائي ، إذا جنّهم الليل حولت ابصارهم في قلوبهم ومثلت عقوبتي بين اعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور.

يا بن عمران ، هب لي من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع ، وادعني في الظلمات فإنك تجدني قريباً مجيباً » (٢).

وفي هذا النص مواضع للتأمل لا نريد أن نقف عندها طويلا. إن الليل يجن اولياء الله ، ويسترهم عن زحمة الحياة وشواغلها ، وكأنما الليل ينترع الانسان انتزاعاً من وسط شواغل الدنيا التي تشغله عن الانصراف والانقطاع الىٰ الله ، وتستره ، وتجنّه ، وهذه هي فرصة خلوة الليل ، حيث يخلو للانسان وجه الله عن كل شاغل وصارف ، ويتمكن من الانقطاع إلىٰ الله في هذه الخلوة.

ويكذب من يزعم أنه يحب الله ، فإذا جنّه الليل نام عن مناجاة من يحب والقيام بين يديه ، والتضرع عنده. أليس كل حبيب يحب الخلوة بحبيبه ؟

إن زحمة النهار وشواغله الكثيرة والمتعددة تشتت ابصارنا واسماعنا ، فإذا جننا الليل ، وانتزعنا من زحمة الحياة تجمّع شتات ابصارنا واسماعنا (التي شتتها

__________________

(١) المزمل : ١ ـ ٦.

(٢) المجالس للمفيد : ٢١٤ ، وسائل الشيعة ٤ : ١١٢٥ ، ح : ٨٧٨١.

٨٨
 &

النهار) وتحولت من الخارج الىٰ الداخل ، ومن زحمة الحياة في النهار الىٰ داخل القلب ، مصدر البصيرة والنور في حياة الانسان ، فيجتمع شتات الابصار ، ويتحول من الخارج الىٰ الداخل ، ويفتح الله علىٰ قلب الانسان حينئذٍ أبواب البصيرة والنور « إذا جنّهم الليل حولت ابصارهم في قلوبهم » ، وعندئذ يرى الانسان نفسه ماثلاً بحضرة الله ، ويرى غضب الله تعالىٰ ورحمته ماثلة امامه ، فإذا خاطب الله خاطبه عن مشاهدة وحضور لا عن بعد وغياب « يخاطبوني عن المشاهدة » ، وإذا كلم الله يكلمه عن حضور ، وليس عن غياب (ويكلموني عن الحضور) وتتمثل عقوبة الله تعالىٰ وعذابه وغضبه بين عينيه (ومثلت عقوبتي بين اعينهم) فيسلبهم انس حضور الحبيب والخلوة به ومخافة العقوبة الماثلة بين اعينهم راحة النوم ، وكيف ينام من يری نفسه في خلوة الليل بحضور حبيبه ، يناجيه ، وبخاطبه ؟ وكيف يغلب عليه النعاس وهو يرى عذاب الله ماثلاً بين عينيه ؟

وهذه الحالة نتيجة طبيعية لتحول الابصار من الخارج الىٰ الداخل وتركزه وتجمعه في الليل بعد تشتته في النهار.

يقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في الخطبة المعروفة بخطبة المتقين في وصف هذه الحالة من انقلاب الابصار من الخارج الىٰ القلب : « اما الليل فصافون اقدامهم تالين لاجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً ، يحزنون به انفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم اليها شوقاً ، وظنوا أنها نصب اعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول اذانهم ، فهم حانون علىٰ اوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم واطراف اقدامهم ، يطلبون إلیٰ الله تعالیٰ فكاك

٨٩
 &

رقابهم. وأما النهار فحلباء علماء ابرار اتقياء ... » (١).

وفي نهج البلاغة ، قال أمير المؤمنين لنوف البكالي في صفة الليل : « يا نوف ، إن داود عليه‌السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل ، فقال : إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له » (٢).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا كان آخر الليل يقول الله عزّوجلّ : هل من داع فاُجيبه ؟ وهل من سائل فاُعطيه سؤله ؟ وهل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ ».

٢١ ـ المسح علىٰ الوجه والرأس بعد الدعاء :

عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام :

« ما أبرز عبد يده إلىٰ الله العزيز الجبار إلا استحيا الله عزّوجلّ أن يردها صفراً ، حتىٰ يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء ، فإذا دعا احدكم فلا يرد يده حتىٰ يمسح علیٰ وجهه ورأسه (٣) ».

__________________

(١) نهج البلاغة ، خطبة رقم ١٩٣.

(٢) نهج البلاغة القسم الثاني ص ١٦٥.

(٣) أصول الكافي ٢ : ٣٤٢ ، من لا يحضره الفقيه ١ : ١٠٧ ، بحار الأنوار ٩٣ : ٣٠٧.

٩٠
 &

الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام ـ الشيخ محمّد مهدي الآصفي

٩١
 &

الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام ـ الشيخ محمّد مهدي الآصفي

٩٢
 &



ما هي العوائق والعقبات التي تحبس الدعاء عن الصعود إلىٰ الله ؟

هذا ما نحاول أن نجيب عليه إن شاء الله في هذه النقطة من هذا المقال.

فإن الدعاء ، كما يقولون ، قرآن صاعد في مقابل القرآن النازل من الله تعالىٰ ؛ وفي القرآن النازل دعوة الىٰ العبودية ، واللجوء والاقبال علىٰ الله والانقطاع الىٰ الله ، وفي القرآن الصاعد تلبية لهذه الدعوة.

والدعوة من الله تعالىٰ الىٰ العباد ؛ والتلبية من العباد الىٰ الله.

لكن هناك طائفة من العوائق والعقبات تحبس الدعاء من الصعود الىٰ الله ؛ ومن اهم هذه العوائق التي تحبس الدعاء عن الصعود إلىٰ الله الذنوب والمعاصي.

وقد ورد في دعاء كميل : « اللّهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء ».

وفي نفس الدعاء :

« فاسألك بعزتك ان لا يحجب عنك دعائي سوء عملي ».

وفيما يلي سوف نحاول إن شاء الله تحليل هذه العوائق.

دور الذنوب في حجب الانسان عن الله

للذنوب في حياة الانسان دوران :

الدور الأوّل : تحجب الانسان عن الله ، وتقطعه عنه تعالىٰ فلا يتمكن الانسان من الاقبال علىٰ الله والتوجّه إليه ، ولا يتمكن من الدعاء ، فإن الدعاء من الاقبال علىٰ الله.

وإذا حجبت الذنوب صاحبها عن الله فقد حجبته عن الدعاء أيضاً.

٩٣
 &

الدور الثاني : الذنوب تحجب الدعاء عن الصعود إلىٰ الله ، لأن الدعاء إذا صعد الىٰ الله تتم الاجابة من عند الله ، فليس في ساحة الله تعالىٰ عجز أو شح إذا صعد دعاء العبد ، وإنّما العجز في الدعاء عن الصعود الىٰ الله.

اذن فإن الذنوب قد تحبس الانسان عن الدعاء ، وقد تحبس الدعاء عن الصعود الىٰ الله.

ولابد لهذا الاجمال من توضيح ، واليکم هذا التوضيح.

الدور المزدوج للقلوب في الأخذ والعطاء :

إن القلب (الجانحة) جهاز ارتباط يأخذ ويتلقی من الله تعالىٰ من جانب ، ويعطى من جانب آخر. كالقلب (الجارحة) الذي يقوم بدور مزدوج في ضخ الدم واستعادته وتجميعه من خلال الشرايين والاوردة.

فإذا فقد القلب (الجانحة) هذه الخاصة في وصل الانسان وربطه بالله تعالىٰ فقد كلَّ قيمته ، ولم يعد له نفع ولا جدوى ، واصبح ميتاً ، كالقلب الجارحة تماماً.

والقلوب في هذا الأخذ والعطاء ، تأخذ من الله تعالىٰ الهدى والنور والبصيرة من جانب ، وتمنح الانسان في حركته وكلامه ومواقفه واعماله وعلاقاته هذا الهدی والنور من جانب آخر.

ولنتأمل في كتاب الله ، لنعرف هذا الدور المزدوج للقلوب من خلال القرآن.

في الجانب الأوّل (التلقي والاخذ من عند الله) يقول الله تعالىٰ :

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ

٩٤
 &

فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) (١).

فالقرآن اذن يتنزل علىٰ القلوب جملة واحدة ونجوماً ، ويثبت الافئدة ، وتأخذ القلوب منه النور والهدىٰ.

ويقول تعالىٰ :

( اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ ) (٢).

إن القلوب تأخذ من القرآن فتخشع وتلين ، وتتفاعل مع هدیٰ الله ونوره الذي ارسل الىٰ عباده. فإن القرآن هدى الله ونوره الذي أرسله الىٰ عباده ، وبرهانه وحجته الىٰ خلقه.

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) (٣).

وقلوب المؤمنين والمتقين دون غيرهم تختص بهذا النور والهدىٰ ، وتأخذ منه ، وتتفاعل معه.

( هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ) (٤).

( هَـٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (٥).

وهذا هو الدور الأول للقلوب ، تتلقى الهدیٰ والنور والبصيرة والبرهان من عند الله ، وتختص بما انزل الله تعالىٰ الىٰ عباده من النور والهدىٰ ، وتتفاعل معه وتلين له.

__________________

(١) الفرقان : ٣٢.

(٢) الزمر : ٢٣.

(٣) النساء : ١٧٤.

(٤) آل عمران : ١٣٨.

(٥) الأعراف : ٢٠٣.

٩٥
 &

الدور الثاني للقلوب البث والعطاء :

تبث فيه القلوب النور والهدىٰ الذي تلقته من عند الله ، وتمنح النور لحركة الانسان ومنطقه وموقفه ، وعلاقاته ، واهتماماته. وعند ذاك يتحرك الانسان بنور الله وهداه ، ويتكلم بنور الله وهداه ، ويحدد مواقفه بنور الله وهداه ، ويمشي في الناس بنور الله وهداه.

( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ) (١).

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٢).

وهذا النور الذي يقيم به المؤمنون علاقاتهم مع الناس ويتحركون به في صفوف الناس ، في السياسة ، أو في التجارة ، أو في سائر شؤون الحياة هو من نور الله تعالىٰ الذي أرسله لعباده.

( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّـهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ) (٣).

وهذا النور يتلقاه القلب من عند الله ثم يوجه القلب به بصبر الانسان وسمعه واعضاءه وجوارحه.

ودور القلب في هذا الاخذ والعطاء دور الوسيط ، يتلقی النور من عند الله ويوجه به سلوك الانسان وتحركه وكلامه ومواقفه.

وهذه امارة سلامة القلب وصحته يتلقیٰ القرآن ، ويعطي القرآن ، كالتربة الخصبة تتلقیٰ النور والهواء والماء وتعطي الثمار الطيبة.

يقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في صفة القرآن :

__________________

(١) الانعام : ١٢٢.

(٢) الحديد : ٢٨.

(٣) النور : ٤٠.

٩٦
 &

« كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به ».

فإذا فقد القلب سلامته فقد خاصية الاستقبال والتوجيه ، فلا يتمكن من استقبال القرآن (النازل) من عند الله.

وإذا فقد القلب القدرة علىٰ استقبال القرآن (النازل) فقد القدرة علىٰ توجيه صاحبه وعلىٰ رفع القرآن (الصاعد) الىٰ الله بالصلاة والدعاء.

وتلك الحالة هي حالة (انغلاق القلب). يقول تعالىٰ : ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) (١).

والاصم الاعمىٰ لا يستطيع أن يستقبل نداءً ولا نوراً ، ومن ثمّ لا يستطيع أن ينطق أيضاً ، فيكون أبكم بطبيعة الحال.

ويقول تعالىٰ عن بني اسرائيل : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) (٢).

إن الحجارة لا تتمكن من أن تستقبل نوراً ولا هواءً ولا ماءً ، وترد كل ما يتوجه اليها من النور والهواء والماء ، وبطبيعة الحال لا تستطيع أن تعطي ثمرة ، فإن الثمرة التي تعطيها التربة الخصبة هي مما تستقبل من النور والهواء والماء.

والقلب إذا فقد سلامته يكون كذلك لا يستقبل النور ولا يمنح النور ، وهي حالة الانغلاق الكامل ، وحالة (موت القلب) يفقد فيها القلب كل حيويته ، فإن حياة القلب بما يأخذ ، ويعطي ، فإذا فقد هذه الخاصية فقد الحياة.

يقول تعالىٰ في موت القلب : ( إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) (٣).

__________________

(١) البقرة ١٨.

(٢) البقرة : ٧٤.

(٣) فاطر : ٢٢.

٩٧
 &

ويقول تعالىٰ : ( إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ ) (١).

ويقول تعالیٰ : ( وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) (٢).

وليس العجز في قوة النداء والاداء ، ولكن العجز في قابلية الميت علىٰ السمع.

تلك هى حالة موت القلب وانغلاقه وانقطاعه عن الله تعالىٰ.

فما هو سبب هذا الانقطاع والانغلاق ؟

العوامل التي تؤدي الىٰ انغلاق القلوب :

النصوص الاسلامية تؤكد أن أهم عوامل انغلاق القلوب وانقطاعها عن الله اثنان :

١ ـ الاعراض عن آيات الله وتكذيبها.

٢ ـ ارتكاب الذنوب والمعاصي.

يقول تعالىٰ :

( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ) (٣).

والتكذيب بآيات الله ، في هذه الآية الكريمة ، سبب الصمم والاستقرار في الظلمات في حياة الناس.

ويقول تعالىٰ : ( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ) (٤).

ونلاحظ في هذه الآية الكريمة العلاقة المتبادلة بين الاعراض عن آيات الله

__________________

(١) النمل : ٨.

(٢) يس : ١٠.

(٣) الانعام : ٣٩.

(٤) لقمان : ٧.

٩٨
 &

والاستكبار عنها والوقر في الآذان.

وهذا هو العامل الأول (الاعراض).

وعن العامل الثاني (الذنوب) يقول تعالىٰ :

( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (١).

والآية الكريمة واضحة في أنّ الذنوب التي يكسبها الانسان تتحول إلىٰ رين وصدأ علىٰ القلوب ، تغلق القلب وتقطعه عن الله.

بالذنوب تنتكس القلوب :

وإن الانسان يمارس الذنب حتىٰ ينقطع قلبه عن الله ، فإذا انقطع قلبه عن الله انتكس القلب ، فكان اعلاه اسفله ، واسفله اعلاه ، وفقد كل خصائصه.

عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام :

« كان أبي يقول : ما من شيء أفسد للقلب من خطيئته. إن القلب ليواقع الخطيئة ، فلا تزال به حتىٰ تغلب عليه ، فيصير اعلاه اسفله » (٢).

وعن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام أيضاً :

« إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب انمحت ، وان زاد زادت ، حتىٰ تغلب علىٰ قلبه ، فلا يفلح بعدها ابداً » (٣).

بالذنوب يفقد الانسان حلاوة الذكر :

ولذكر الله حلاوة في القلوب المؤمنة ، ليس فوقها حلاوة ، فإذا انتكس القلب فقد هذه الحلاوة ، ولم يعد يتذوق حلاوة الذكر ، كالمريض الذي تنتكس

__________________

(١) المطففين : ١٤.

(٢) بحار الانوار ج ٧٣ ص ٤١٢.

(٣) بحار الانوار ج ٧٣ ص ٣٢٧.

٩٩
 &

سلامته فيفقد شهيّة الطيبات ، لا لأن الطيبات فقدت طيبها ، ولكن لأن المريض فقد الشهية إليها ، كذلك القلوب إذا انتكست فقدت حلاوة ذكر الله ، ولم يعد لذكر الله تعالىٰ لديها حلاوة وجاذبية.

في الحديث : « إن الله أوحىٰ الىٰ داود أن ادنىٰ ما أنا صانع بعبد غير عامل بعلمه من سبعين عقوبة باطنية أن انزع من قلبه حلاوة ذكري » (١).

وجاء رجل الىٰ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : « يا أمير المؤمنين ، إني قد حرمت الصلاة بالليل.

فقال عليه‌السلام : أنت رجل قد قيدتك ذنوبك » (٢).

وعن الامام الصادق عليه‌السلام :

« إن الرجل يذنب الذنب ، فيحرم صلاة الليل ، وإن العمل السيئ اسرع في صاحبه من السكين في اللحم » (٣).

الذنوب التي تحبس الدعاء :

اذن انقطاع القلب عن الله من المردودات المباشرة للذنوب ، وإذا انقطع القلب عن الله فلا يأخذ ولا يعطي.

و (الدعاء) مما يرفعه الانسان الىٰ الله تعالىٰ. ولذلك قلنا : إنه (القرآن الصاعد) الذي يرفعه العبد الىٰ الله ، بعدما يستقبل من عند الله (القرآن النازل) ، فإذا انقطع الانسان عن القرآن النازل انقطع بالضرورة عن القرآن الصاعد ، فيحبس عن الدعاء ، ولا يتوفق له. وحتىٰ إذا ألحّت عليه الضرورات ودعا الله

__________________

(١) دار السّلام للشيخ النوري ٣ : ٢٠٠.

(٢) علل الشرائع ٢ : ٥١.

(٣) أصول الكافي ٢ : ٢٧٢.

١٠٠