دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٣

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-037-4
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٣٥٩

وتستوفى من الجاني خلال سنوات ثلاث.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان دية القتل الشبيه بالعمد هي احد الافراد الستة أيضا‌ فباعتبار اطلاق صحيحة عبد الرحمن المتقدمة.

٢ ـ واما انه يعتبر في الابل ما ذكر من الاوصاف‌ فهو رأي معروف. وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان : «سمعت ابا عبد الله عليه‌السلام يقول : قال امير المؤمنين عليه‌السلام في الخطأ شبه العمد ان يقتل بالسوط او بالعصا او بالحجر ان دية ذلك تغلظ وهي مائة من الابل : منها اربعون خلفة من بين ثنية الى بازل عامها ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنت لبون» (١).

وهي اذا كانت ضعيفة السند ببعض طرقها ففي بعضها الآخر كفاية فلاحظ.

٣ ـ واما انها تستوفى من الجاني دون العاقلة‌ فهو المشهور بين الاصحاب. ويدل عليه اطلاق الآية الكريمة : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) (٢) ، فانها ظاهرة في ان‌

__________________

والبازل من الابل هو ما دخل في التاسعة. يقال : هو بازل ، اي طلع نابه. واذا دخل في العاشرة قيل هو بازل عام.

وعلى هذا يكون المقصود انه تجب اربعون من الابل الحامل التي عمرها بين ست الى عشر سنوات.

والحقة هي الناقة الداخلة في الرابعة. سميت بذلك لأنها استحقت ان يحمل عليها.

وبنت اللبون هي الناقة الداخلة في الثالثة. سميت بذلك لان امها قد وضعت وصار لها لبن.

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ١٤٦ الباب ٢ من ابواب ديات النفس الحديث ١.

(٢) النساء : ٩٢.

٣٤١

الدية ثابتة على الجاني ، وباطلاقها تشمل كلا قسمي الخطأ ، غايته خرج الخطأ المحض ـ الذي تجب فيه الدية على العاقلة ـ بالدليل الخاص.

٤ ـ واما انها تستوفى في سنين ثلاث‌ فلصحيحة ابي ولاد المتقدمة.

هذا ولكن المشهور انها تستوفى في سنتين لا ثلاث ، الا انه لا دليل على ذلك سوى الاجماع المدعى من بعض. وعليه فالمناسب العمل بالصحيحة بناء على ان اعراض المشهور عن رواية لا يوجب سقوطها عن الاعتبار.

دية الخطأ المحض‌

دية الخطأ المحض احد الامور الستة المتقدمة ـ غايته يلزم في الابل ان تكون ثلاثون منها حقة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض (١) وعشرون ابن لبون ـ وتستوفى من العاقلة خلال سنين ثلاث.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان دية الخطأ المحض احد الامور الستة السابقة أيضا‌ فلنفس ما تقدم في القتل الشبيه بالعمد.

٢ ـ واما انه تلزم في الابل الاوصاف السابقة‌ فهو المشهور بين الاصحاب. وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان : «سمعت ابا عبد الله عليه‌السلام يقول : ... والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة وثلاثون ابنة لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر» (٢).

__________________

(١) بنت المخاض هي الناقة التي دخلت في الثانية. وسميت بذلك لان امها قد حملت.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ١٤٦ الباب ٢ من ابواب ديات النفس الحديث ١.

٣٤٢

٣ ـ واما انها تستوفى من العاقلة‌ فأمر لا خلاف فيه. وتدل عليه صحيحة الحلبي : «سألت ابا عبد الله عليه‌السلام ... والاعمى جنايته خطأ تلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما ...» (١).

واما انها تستوفى في سنوات ثلاث فللصحيحة المذكورة وصحيحة ابي ولاد المتقدمة.

دية الجوارح‌

في الجناية على العين الواحدة نصف الدية وعلى كلتيهما الدية كاملة.

وهكذا الحال في الجناية على الاذن الواحدة والأذنين والشفة الواحدة والشفتين واليد الواحدة واليدين والرجل الواحدة والرجلين. وفي استئصال اللسان الدية كاملة.

والمستند في ذلك :

ان ما ذكر لا خلاف فيه. وتقتضيه قاعدة «ان كل ما كان منه في الجسد واحد ففيه الدية كاملة وما كان فيه اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية وفيهما معا الدية كاملة» المستفادة من صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية ، مثل اليدين والعينين. قلت : رجل فقئت عينه ، قال : نصف الدية. قلت : فرجل قطعت يده ، قال : فيه نصف الدية ...» (٢) وغيرها.

ومن ذلك يتضح الوجه في حكم البقية.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٣٠٦ الباب ١٠ من ابواب العاقلة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٢١٤ الباب ١ من ابواب ديات الاعضاء الحديث ١.

٣٤٣

دية الاصابع‌

في قطع كل واحد من اصابع اليد عشر دية اليد ، وفي قطع كل اصبع من اصابع الرجل عشر دية الرجل.

والمستند في ذلك :

ان ما ذكر هو المشهور. وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «اصابع اليدين والرجلين سواء في الدية في كل اصبع عشر من الابل» (١) وغيرها.

وفي مقابل ذلك صحيحة ظريف عن امير المؤمنين عليه‌السلام : «... ففي الابهام اذا قطع ثلث دية اليد ... وفي الاصابع في كل اصبع سدس دية اليد ...» (٢).

الا ان الصحيحة المذكورة لاعراض المشهور عنها ساقطة عن الاعتبار بناء على تمامية كبرى سقوط الرواية عن الحجية باعراض المشهور عنها وتعود الصحيحة الاولى بناء على ذلك سالمة من المعارض ويتم رأي المشهور.

دية الضرب‌

دية اللطمة على الوجه اذا احمرّ دينار ونصف ، واذا اخضرّ فثلاثة دنانير ، واذا اسودّ ستة دنانير (٣). واذا كان ذلك في البدن فالدية نصف ما‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٩٤ الباب ٣٩ من ابواب ديات الاعضاء الحديث ٤.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٢٩ الباب ١٢ من ابواب ديات الاعضاء الحديث ١.

(٣) مرّ المقصود من الدينار تحت عنوان «دية القتل عمدا».

٣٤٤

في الوجه.

والمستند في ذلك :

ان ما ذكر هو المشهور. وتدل عليه موثقة اسحاق بن عمار ـ برواية الشيخ الصدوق ـ عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «قضى امير المؤمنين عليه‌السلام في اللطمة يسود اثرها في الوجه ان ارشها ستة دنانير ، فان لم تسود واخضرّت فان ارشها ثلاثة دنانير ، فان احمارّت ولم تخضارّ فان ارشها دينار ونصف. وفي البدن نصف ذلك» (١) وغيرها.

والوارد في الموثقة وان كان هو كلمة «اللطمة» الظاهرة في الضرب باليد الا ان المناسب هو التعدي الى غير الضرب والى غير ما كان باليد للقطع بعدم الخصوصية لذلك.

دية الحمل‌

في اسقاط الحمل اذا كان نطفة عشرون دينارا ، واذا كان علقة أربعون دينارا ، واذا كان مضغة ستون دينارا ، واذا كان فيه عظم ثمانون دينارا ، واذا كسي لحما مائة دينار ، واذا ولجته الروح ألف دينار ان كان ذكرا وخمسمائة ان كان أنثى.

والحكم المذكور يعم ما اذا زاولت الام نفسها عملية الاسقاط ولو بشرب دواء ونحوه.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان دية الحمل ما ذكر‌ فهو المعروف بين الاصحاب. وتدل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٩٥ الباب ٤ من ابواب ديات الشجاج والجراح الحديث ١.

٣٤٥

عليه صحيحة ظريف عن امير المؤمنين عليه‌السلام : «جعل دية الجنين مائة دينار ، وجعل مني الرجل الى ان يكون جنينا خمسة أجزاء ، فاذا كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار ، وذلك ان الله عز وجل خلق الانسان من سلالة (١) وهي النطفة فهذا جزء ثم علقة فهو جزءان ثم مضغة فهو ثلاثة أجزاء ثم عظما فهو اربعة أجزاء ثم يكسى لحما فحينئذ تمّ جنينا فكملت لخمسة أجزاء مائة دينار ، والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين دينارا ، وللعلقة خمسي المائة أربعين دينارا ، وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين دينارا ، وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين دينارا ، فاذا كسي اللحم كانت له مائة كاملة فاذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة ان كان ذكرا ، وان كان انثى فخمسمائة دينار ...» (٢) وغيرها.

٢ ـ واما ان الحكم المذكور يعمّ ما اذا زاولت الام نفسها عملية الاسقاط‌ فباعتبار اطلاق الصحيحة المتقدمة. وتدفع الدية ـ كما هو واضح ـ الى الاب.

٣ ـ من احكام القتل والديات‌

تجب على القاتل عمدا ـ مضافا الى الدية لو تمّ التراضي عليها ـ كفارة الجمع.

__________________

(١) السلالة : ما استل من الشي‌ء. وتطلق على النسل والولد ، يقال : هو سلالة طيبة ومن سلالة طيبة ، اي من نسل طيب.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٣٧ الباب ١٩ من ابواب ديات الاعضاء الحديث ١.

٣٤٦

وتجب أيضا في القتل الشبيه بالعمد والخطأ المحض ولكنها مرتبة ، فيجب العتق ، فان لم يمكن فصيام شهرين متتابعين ، فان لم يمكن فاطعام ستين مسكينا.

والجناية تارة يكون لديتها مقدّر شرعي واخرى لا يكون. ويصطلح على الاول بالدية وعلى الثاني بالارش او الحكومة. ويتمّ تعيين الارش بواسطة الحاكم الشرعي بعد استعانته بذوي عدل.

ودية المرأة نصف دية الرجل في القتل. واما في غيره فديتها تساوي دية الرجل ـ فيما اذا كان لها مقدّر شرعي ـ ما لم تبلغ الثلث والا رجعت الى نصف دية الرجل.

ومن حفر حفيرة فوقع فيها شخص او وضع حجرا فعثر به شخص فجرح او مات فان كان ذلك في ملكه فلا ضمان ، وان كان في الطريق العام ضمن الا اذا كان ذلك لمصلحة العابرين. والكلام نفسه يأتي في من القى قشر موز او بطيخ ونحو ذلك فزلق بسببه شخص فجرح او مات.

والعاقلة التي يلزمها تحمّل دية الجناية في الخطأ المحض هي عصبة الجاني ، اي الرجال المتقربون اليه بالاب ، كالاخوة والاعمام وأولادهم وان نزلوا. وليس من العاقلة الصبي والمجنون والمرأة.

والتقسيم على افراد العاقلة يتم بالتساوي ومن دون فرق بين الغني والفقير والقريب والبعيد.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما انه تجب على القاتل عمدا ـ مضافا الى الدية اذا تمّ التراضي عليها ـ كفارة الجمع‌ فهو مما لا خلاف فيه بين الاصحاب. وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان : «قال ابو عبد الله عليه‌السلام : كفارة الدم‌

٣٤٧

اذا قتل الرجل المؤمن متعمدا فعليه ان يمكّن نفسه من اوليائه ، فان قتلوه فقد ادّى ما عليه اذا كان نادما على ما كان منه عازما على ترك العود. وان عفا عنه فعليه ان يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكينا وان يندم على ما كان منه ويعزم على ترك العود ...» (١) وغيرها.

٢ ـ واما ان الكفارة مرتبة في قتل الخطأ بكلا قسميه‌ فلصحيحة عبد الله بن سنان أيضا : «قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ... واذا قتل خطأ ادى ديته الى اوليائه ثم اعتق رقبة فان لم يجد صام شهرين متتابعين فان لم يستطع اطعم ستين مسكينا مدا مدا. وكذلك اذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه وبين ربه لازمة» (٢).

الارش او الحكومة‌

٣ ـ واما ان الدية قد لا يكون لها مقدّر شرعي‌ فيجب دفع ما يصطلح عليه بالارش او الحكومة فهو من المسلمات فانه لا يحتمل عدم ثبوت دية في الموارد التي ليس فيها مقدّر شرعي والا يلزم اما ذهاب دم المسلم هدرا أو نقصان الإسلام في تشريعه ، وكلاهما غير محتمل.

ويمكن استفادة ذلك من النصوص ، كصحيحة ابي بصير عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «... ان عندنا الجامعة. قلت : وما الجامعة؟ قال : صحيفة فيها كل حلال وحرام وكل شي‌ء يحتاج اليه الناس حتى الارش في الخدش ، وضرب بيده إليّ فقال : أتأذن يا أبا محمد؟ قلت : جعلت فداك انما انا لك‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٥٧٩ الباب ٢٨ من ابواب الكفارات الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة ١٥ : ٥٥٩ الباب ١٠ من ابواب الكفارات الحديث ١.

٣٤٨

فاصنع ما شئت فغمزني بيده وقال : حتى ارش هذا» (١) ، فان ارش الخدش لم يرد فيه مقدّر شرعي فلا بدّ وان يكون المقصود الاشارة الى الارش.

ومن ذلك صحيحة ابي عبيدة : «سألت ابا جعفر عليه‌السلام عن أعمى فقأ عين صحيح فقال : ان عمد الاعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية في ماله فان لم يكن له مال فالدية على الامام ولا يبطل حق امرئ مسلم» (٢) ، فان التعليل يدل على ان حق المسلم لا يذهب هدرا حتى فيما لا يكون هناك مقدر شرعي ، فلو لم يحكم بالارش يلزم ذهابه هدرا.

وأوضح من ذلك صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «دية اليد اذا قطعت خمسون من الابل. وما كان جروحا دون الاصطلام (٣) فيحكم به ذوا عدل منكم» (٤).

٤ ـ واما انه يتم تعيين الارش بواسطة الحاكم الشرعي بعد الاستعانة بذوي عدل‌

فيمكن استفادته من صحيحة ابن سنان المتقدمة فانها وان لم تصرح بان المتصدي لتعيين الارش هو الحاكم الا ان ذلك هو المقصود جزما ، «فانه لا بدّ من وجود شخص يتصدى هو لتعيين العدول واتخاذ القرار بعد ذلك. بل من دون افتراض مثل الشخص المذكور يلزم ازدياد المشاكل تعقيدا ، والقدر المتيقن من ذلك الشخص هو الحاكم الشرعي. ولا اطلاق في الصحيحة من هذه الناحية ليمكن‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٧١ الباب ٤٨ من ابواب ديات الاعضاء الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٦٥ الباب ٣٥ من ابواب القصاص في النفس الحديث ١.

(٣) الاصطلام : الاستئصال.

(٤) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٩٩ الباب ٩ من ابواب ديات الشجاج والجراح الحديث ١.

٣٤٩

التمسك به لا ثبات الاكتفاء بتصدي اي شخص عادل لذلك.

يبقى شي‌ء ، وهو ان اي طريق يسلكه العدلان لتعيين الارش؟ ان ذلك لم تتعرض له الروايات. والمعروف في كلمات الاصحاب ـ كما في الشرائع (١) وغيرها ـ ان المجروح يفترض مملوكا ثم يقوّم صحيحا تارة ومعيبا بالجرح اخرى ويؤخذ من دية النفس بحساب التفاوت بين القيمتين.

ولعل الاولى من ذلك ان يقال : ان الحكمين يلحظان اولا الديات المقدّرة شرعا للنفس والاطراف وغيرهما ثم ينسب غير المنصوص الى المنصوص ويعيّن مقدار الارش في ضوء ذلك حسبما يتوصل اليه اجتهادهما.

دية المرأة‌

٥ ـ واما ان دية المرأة نصف دية الرجل في القتل‌ فلا خلاف فيه بين الاصحاب. وتدل عليه صحيحة عبد الله بن مسكان عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «اذا قتلت المرأة رجلا قتلت به. واذا قتل الرجل المرأة فان أرادوا القود ادّوا فضل دية الرجل على دية المرأة وأقادوه بها ، وان لم يفعلوا قبلوا الدية دية المرأة كاملة. ودية المرأة نصف دية الرجل» (٢) وغيرها.

واما ان دية المرأة في غير القتل تساوي دية الرجل ما لم تبلغ الثلث والا رجعت الى نصف دية الرجل فتدل عليه صحيحة ابان بن‌

__________________

(١) شرائع الإسلام ٤ : ١٠٤٥ ، انتشارات استقلال.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٥٩ الباب ٣٣ من ابواب القصاص في النفس الحديث ٢.

٣٥٠

تغلب : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في رجل قطع اصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشرة من الابل. قلت : قطع اثنتين؟ قال : عشرون. قلت : قطع ثلاثا ، قال : ثلاثون. قلت : قطع اربعا ، قال : عشرون. قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ويقطع اربعا فيكون عليه عشرون! ان هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول : الذي جاء به شيطان فقال : مهلا يا ابان هذا حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ان المرأة تعاقل (١) الرجل الى ثلث الدية فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف. يا ابان انك اخذتني بالقياس ، والسنة اذا قيست محق الدين» (٢) وغيرها من الروايات الكثيرة.

حكم الحفيرة ونحوها‌

٦ ـ واما ان من حفر حفيرة او وضع حجرا ووقع او عثر بذلك شخص فجرح او مات ضمن ان كان ذلك في غير ملكه‌ فلصحيحة زرارة عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «قلت له : رجل حفر بئرا في غير ملكه فمرّ عليها رجل فوقع فيها فقال : عليه الضمان لان كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان» (٣) ، وصحيحة الحلبي عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن الشي‌ء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره‌

__________________

(١) كلمة «تعاقل» مشتقة من العقل بمعنى الدية ـ سميت بذلك اما لان من معاني العقل المنع ، والدية تمنع صاحبها من الجرأة على الجناية او باعتبار ان الدية كانت ابلا تعقل عند ولي المقتول ـ والمقصود ان المرأة تستحق العقل وهو الدية بمقدار دية الرجل وتساويه في ذلك الى حدّ الثلث.

(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٦٨ الباب ٤٤ من ابواب ديات الاعضاء الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة ١٩ : ١٧٩ الباب ٨ من ابواب موجبات الضمان الحديث ١.

٣٥١

فقال : كل شي‌ء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه» (١) وغيرهما.

واما تقييد الضمان بما اذا لم يكن ذلك لمصلحة العابرين فيمكن استفادته من صحيحة الحلبي حيث اخذت قيد الاضرار. وموردها وان كان وضع شي‌ء لكنه لا مدخلية له جزما فتعم حفر الحفيرة أيضا.

٧ ـ واما تعميم التفصيل المتقدم لقشر البطيخ والموز ونحوهما‌ فلصحيحة الحلبي المتقدمة حيث ان الوارد فيها كلمة «شي‌ء» ، وهي مطلقة تشمل ما ذكر. بل ان قوله عليه‌السلام : «كل شي‌ء يضر بطريق ...» يمكن ان يستفاد منه ذلك أيضا حتى لو قطعنا النظر عن اطلاق كلمة «شي‌ء».

العاقلة‌

٨ ـ واما تفسير العاقلة بالعصبة‌ فهو المعروف في كلمات الفقهاء. ويمكن استفادته من صحيحة محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه‌السلام : «قضى امير المؤمنين عليه‌السلام على امرأة اعتقت رجلا واشترطت ولاءه ولها ابن فالحق ولاءه بعصبتها الذين يعقلون عنه (٢) دون ولدها» (٣). وقريب من ذلك ما جاء في صحيحة الآخر عن ابي جعفر عليه‌السلام : «... فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه إذا احدث حدثا يكون فيه عقل» (٤).

٩ ـ واما ان العصبة تختص بالمتقربين بالاب‌ ولا تشمل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ١٨١ الباب ٩ من ابواب موجبات الضمان الحديث ١.

(٢) المناسب : عنها ، كما جاء ذلك عند ذكر الحديث في جواهر الكلام ٤٣ : ٤١٥.

(٣) وسائل الشيعة ١٦ : ٥٢ الباب ٣٩ من ابواب العتق الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة ١٦ : ٥٣ الباب ٤٠ من ابواب العتق الحديث ١.

٣٥٢

المتقربين بالام فهو المشهور بين الاصحاب. ووجهه : ان ذلك هو معنى العصبة لغة كما تقدمت الاشارة الى ذلك سابقا (١).

١٠ ـ واما ان الصبي والمجنون ليس من العاقلة‌ فهو مما لا خلاف فيه. ويدل عليه حديث رفع القلم حتى بناء على اختصاصه بقلم التكليف ، فان ثبوت الدية على العاقلة تكليف محض ومن البعيد ان يكون حكما وضعيا.

واما ان المرأة ليست من العاقلة فباعتبار اختصاص العاقلة لغة بالذكور.

١١ ـ واما ان التقسيم يتم بالتساوي‌ فباعتبار ان ما دلّ على كون الدية على العاقلة يدل بنفسه على ذلك ، فان التقسيط بشكل آخر يحتاج الى دليل ، وهو مفقود.

وقيل : ان امر التقسيم بيد الامام عليه‌السلام أو نائبه.

وقيل : ان على الغني نصف دينار وعلى الفقير ربعه.

وكلاهما لا دليل عليه. والمناسب ما تقدم.

١٢ ـ واما عدم الفرق بين الغني والفقير‌ فلعدم الدليل على الاختصاص بالغني. اجل اذا كان الفقير عاجزا عن الدفع اختص العقل بغيره لان ثبوت الدية على العاقلة ـ كما تقدم ـ تكليف محض ، وهو لا يعم العاجز.

١٣ ـ واما عدم اختصاص العقل بالقريب‌ فلأن لفظ العاقلة يشمل البعيد أيضا ، ولا دليل على التقييد.

__________________

(١) لاحظ مبحث العول والتعصيب من كتاب الارث.

٣٥٣

تمّ بتوفيق الله سبحانه ورعاية حجّته في ارضه ـ روحي وارواح العالمين له الفداء ـ كتابي هذا الموسوم ب «دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي» في مدينة قم المشرّفة جوار كريمة اهل البيت عليهم‌السلام السيدة فاطمة المعصومة عليها وعلى آبائها الكرام افضل التحية والسلام في صباح يوم الاثنين ٢٧ / صفر المظفر / ١٤١٩ ه‍. وكان آخر ما كتبته كتاب الانفال والمشتركات.

اللهم اني اشكرك على هذه النعمة وعلى جميع نعمك عليّ وأسألك بحق محمد وآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان تجعله موردا لاستفادة اخوتي الاعزاء طلبة الحوزات العلمية انك كريم جواد سميع الدعاء.

باقر الايرواني‌

٣٥٤

الفهرس

الاحكام........................................................................ ٧

كتاب القضاء................................................................... ٩

١ ـ القضاء في الشريعة........................................................ ١١

٢ ـ الشروط اللازمة في القاضي................................................ ١٩

٣ ـ كيفية القضاء............................................................ ٢٣

٤ ـ شروط سماع الدعوى...................................................... ٢٧

٥ ـ وسائل الاثبات........................................................... ٣١

٦ ـ قسمة المال المشترك....................................................... ٣٧

٧ ـ احكام عامة في باب القضاء............................................... ٤٠

كتاب الشهادات............................................................... ٥١

١ ـ شرائط الشاهد........................................................... ٥٣

٢ ـ اختلاف الحقوق في الاثبات............................................... ٦٢

٣ ـ احكام عامة في باب الشهادات............................................ ٧٤

٣٥٥

كتاب اللقطة.................................................................. ٨٧

١ ـ اللقطة وأقسامها.......................................................... ٨٩

٢ ـ من احكام اللقطة بالمعنى الاخص........................................... ٩٠

٣ ـ من احكام اللقيط....................................................... ١٠٠

٤ ـ من احكام الضالة....................................................... ١٠١

٥ ـ من احكام مجهول المالك................................................. ١٠٣

كتاب الاقرار................................................................. ١٠٧

١ ـ حقيقة الاقرار ومدرك حجيته............................................. ١٠٩

٢ ـ من احكام الاقرار....................................................... ١١١

كتاب الاطعمة والاشربة....................................................... ١١٥

افراد ما يحرم تناوله....................................................... ١١٧

١ ـ حيوان البحر........................................................... ١١٧

٢ ـ حيوان البر............................................................. ١٢١

٣ ـ الطيور................................................................. ١٢٨

٤ ـ ما يحرم من الحيوان المذبوح................................................ ١٣٣

٥ ـ التحريم الطارئ......................................................... ١٣٥

كتاب الصيد والذباحة (وسائل التذكية)......................................... ١٤١

١ ـ وسائل تحقق التذكية..................................................... ١٤٣

ب ـ النحر.............................................................. ١٥٩

ج ـ الاصطياد........................................................... ١٦٢

الاصطياد بالسلاح...................................................... ١٧١

السمك والجراد.......................................................... ١٧٣

٣٥٦

٢ ـ ما يقبل التذكية واثرها................................................... ١٧٨

كتاب الانفال والمشتركات...................................................... ١٨١

١ ـ الانفال (مليكة الامام عليه السلام أو الدولة)............................... ١٨٣

٢ ـ إنحاء الملكية ووسائل تحصيلها............................................. ١٩٢

٣ ـ من احكام المشتركات.................................................... ٢٠٣

كتاب الارث................................................................. ٢١٥

١ ـ ما يوجب الارث........................................................ ٢١٧

٢ ـ فروض الارث.......................................................... ٢١٩

٣ ـ الارث بالفرض وبالقرابة.................................................. ٢٢٣

٤ ـ الحجب............................................................... ٢٢٧

٥ ـ العول والتعصب........................................................ ٢٣٣

٦ ـ من تفاصيل ارث الطبقات................................................ ٢٤٠

ارث الطبقة الثانية....................................................... ٢٤٨

ارث الطبقة الثالثة....................................................... ٢٥٤

٧ ـ من تفاصيل الارث الزوجية............................................... ٢٥٦

كتاب الحدود................................................................ ٢٦١

١ ـ موجبات الحد........................................................... ٢٦٢

الاول: الزنا............................................................. ٢٦٣

حد الزنا................................................................ ٢٦٨

الاحصان............................................................... ٢٧٤

شرائط ثبوت حدّ الزنا.................................................... ٢٧٦

الوسائل المثبتة للزنا....................................................... ٢٧٨

٣٥٧

كيفية اقامة الحد......................................................... ٢٨٠

الثاني: اللواط........................................................... ٢٨٥

الثالث: حد التفخيذ..................................................... ٢٨٨

الرابع: السحق.......................................................... ٢٨٩

الخامس: القذف........................................................ ٢٩١

السادس: شرب المسكر.................................................. ٢٩٤

السابع: السرفة.......................................................... ٢٩٦

الثامن : المحاربة والافساد.................................................. ٢٩٩

٢ ـ التعزير................................................................. ٣٠٠

٣ ـ اقامة الحدود في عصر الغيبة.............................................. ٣٠٢

كتاب القصاص.............................................................. ٣٠٥

١ ـ القصاص واقسامه....................................................... ٣٠٧

٢ ـ قصاص النفس......................................................... ٣٠٩

متى يصدق القتل متعمداً؟................................................ ٣١١

اقسام القتل............................................................. ٣١٢

٣ ـ وسائل اثبات القتل عمداً................................................ ٣١٦

٤ ـ من احكام قصاص النفس................................................ ٣٢١

٥ ـ قصاص ما دون النفس.................................................. ٣٣٩

كتاب الديات................................................................ ٣٣٣

١ ـ الدية وأقسامها......................................................... ٣٣٥

٢ ـ مقادير الديات......................................................... ٣٣٧

دية الشبية بالعمد....................................................... ٣٤٠

٣٥٨

دية الخطأ المحض......................................................... ٣٤٢

دية الجوارح............................................................. ٣٤٣

دية الاصابع............................................................ ٣٤٤

دية الضرب............................................................. ٣٤٤

دية الحمل.............................................................. ٣٤٥

٣ ـ من احكام القتل والديات................................................ ٣٤٦

الارض او الحكومة....................................................... ٣٤٨

دية المرأة................................................................ ٣٥٠

حكم الحقيرة ونحوها...................................................... ٣٥١

العاقلة................................................................. ٣٥٢

٣٥٩