دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-036-6
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٩١

٤ ـ واما اعتبار ضبط العوضين‌ فلا خلاف فيه بين الأصحاب ، وتدلّ عليه روايات كثيرة من قبيل :

أ ـ صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سئل عن الجوز لا نستطيع ان نعدّه فيكال بمكيال ثمّ يعدّ ما فيه ثم يكال ما بقي على حساب ذلك العدد ، قال : لا بأس به» (١) ، فانّها تدلّ على ارتكاز عدم جواز بيع المعدود بلا عدّ ، والامام عليه‌السلام قد أمضى الارتكاز المذكور. وموردها وان كان هو المعدود إلاّ ان الخصوصية له غير محتملة فيتعدّى إلى غيره.

ب ـ صحيحة محمد بن حمران : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اشترينا طعاما فزعم صاحبه انّه كاله فصدّقناه وأخذناه بكيله ، فقال : لا بأس ، فقلت : أيجوز ان أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال : لا ، اما انت فلا تبعه حتى تكيله» (٢).

واما حديث نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن بيع الغرر (٣) فهو ضعيف سندا ـ للإرسال ـ ودلالة باعتبار ان الجهل بالمقدار لا يلازم الغرر بمعنى الخطر ، فمن باع شيئا مردّدا بين كونه مثقال ذهب أو نصف مثقال بدرهم صدق عليه الجهل بمقدار المبيع من دون صدق الغرر بمعنى المخاطرة.

هذا كلّه بالنسبة إلى المبيع.

واما اعتبار ضبط الثمن فيمكن ان يستفاد من الروايات السابقة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٢٥٩ الباب ٧ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٢٥٦ الباب ٥ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٣٠ الباب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٢.

٤١

بعد تنقيح المناط والغاء العرف خصوصية المورد حيث يفهم ان المعلومية معتبرة في العوضين بلا خصوصية للمبيع.

٥ ـ واما كفاية المشاهدة فيما ينضبط بها‌ فلأنّ المستفاد من النصوص السابقة اعتبار معلومية العوضين فإذا تحقّقت بالمشاهدة كفت ، ولا دليل على اعتبار ما هو أكثر منها.

٦ ـ واما اعتبار ضبط الجنس والصفات‌ فلأنّ مورد النصوص السابقة وان كان هو المقدار إلاّ ان المفهوم منها اعتبار المعلومية الرافعة للجهالة ، وذلك لا يتحقّق بضبط المقدار دون الجنس والصفات.

٧ ـ واما اعتبار ان يكون المبيع عينا وعدم صحّة كونه منفعة أو عملا‌ فلأنّ ذلك ان لم يكن هو المتبادر من لفظ البيع على خلاف الاجارة ـ التي يتبادر منها التعلّق بالمنفعة أو العمل ـ فلا أقلّ من الشك في اعتبار ذلك ، ومعه لا يصحّ التمسّك بالعمومات لأنّه تمسّك بالعام في الشبهة المصداقية ، وهو لا يجوز لأنّ الحكم لا يتكفّل باثبات موضوعه.

أجل يصح أن لا يكون الثمن عينا لعدم احتمال اعتبار ذلك في المفهوم العرفي للبيع.

٨ ـ واما القول باشتراط المالية‌ فقد يستدلّ له بما في المصباح من كون البيع مبادلة مال بمال (١).

وفيه : ان الاطلاقات العرفية أعم من ذلك ، فالورقة الصغيرة ليست مالا ولكن باعتبار اشتمالها على دعاء خاص لي كامل الاعتقاد به أقدم على شرائها ويصدق البيع والشراء على ذلك من دون تشكيك.

__________________

(١) المصباح المنير ١ : ٧٧.

٤٢

ومع تحقّق الصدق في زماننا فباستصحاب القهقرى ـ أو اصالة عدم النقل ـ يثبت الوضع للمعنى الوسيع عصر صدور النصوص.

وإذا قيل : مع عدم المالية تقع المعاملة باطلة لكونها سفهية.

قلنا : سفهية المعاملة أوّل الكلام لفرض وجود غرض عقلائي خاص بالمشتري.

ولو تنزّلنا فبالامكان أن نقول : لم يقم دليل على اشتراط صحّة المعاملة بعدم كونها سفهية بالبيان المتقدّم.

ومن خلال هذا يتّضح امكان تصحيح بيع الدم والعذرة والحشرات وما شاكل ذلك على تقدير التسليم بعدم ماليّتها.

٩ ـ واما وجه ما ذكر أخيرا‌ فباعتبار ان جواز التصرّف منوط بالرضا وطيب النفس كما دلّ عليه حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله إلاّ بطيبة نفسه» (١).

٤ ـ الخيارات‌

الخيار الثابت في المعاملات على أقسام :

خيار المجلس‌

١ ـ وهو ثابت لخصوص المتبايعين في مجلس البيع ويستمر ما دام لم يتم التفرّق بينهما.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٩ : ٣ الباب ١ من أبواب القصاص في النفس الحديث ٣.

٤٣

ولا يثبت للوكيل في مجرّد اجراء الصيغة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما اصل ثبوت خيار المجلس في الجملة‌ فممّا لا إشكال فيه ، وقد دلّت عليه الروايات المستفيضة ، من قبيل صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : البيّعان بالخيار حتى يفترقا ، وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيّام» (١).

وفي مقابل ذلك موثق غياث بن ابراهيم : «قال علي عليه‌السلام : إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب وان لم يفترقا» (٢).

وهو ان أمكن توجيهه بحمل التصفيق المذكور فيه على ما قصد به اسقاط الخيار فلا اشكال وإلاّ يلزم طرحه لمخالفته لإجماع الأصحاب والضرورة الثابتة بينهم ، بل ان كثرة الروايات الدالة على ثبوته يمكن ان تشكّل عنوان السنّة القطعية ، والمخالف لها يلزم طرحه ، لأن المخالف للكتاب انّما لزم طرحه لا لمخالفة الكتاب بعنوانها بل لأن الكتاب الكريم يمثّل دليلا قطعيّا فيلزم طرح كل ما يخالف الدليل القطعي.

٢ ـ واما اختصاصه بالمتبايعين وعدم شموله لمطلق المتعاقدين‌ فللقصور في المقتضي.

٣ ـ واما التعبير ب «مجلس البيع» فهو من باب ذكر الفرد الغالب وإلاّ فلو جرى العقد حالة المشي ثبت الخيار أيضا لعدم تعبير النص بالمجلس.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٥ الباب ١ من أبواب الخيار الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٧ الباب ١ من أبواب الخيار الحديث ٧.

٤٤

٤ ـ واما ان الغاية افتراقهما دون الافتراق عن المجلس‌ فلتعبير الصحيحة ب «حتى يفترقا» الظاهر في الافتراق بينهما دون افتراقهما عن المجلس.

٥ ـ واما عدم ثبوته للوكيل في اجراء الصيغة فقط‌ فلانصراف عنوان «البيّع» عنه ، بل لا يحتمل ثبوته له بعد ما كان الغرض من الخيار هو التروي والارفاق اللذين لا معنى لهما في حقّه.

وقد يضاف إلى ذلك : ان الوكيل المذكور وكيل في اجراء الصيغة فقط وليس في الفسخ عن المالك ، لكنّه قابل للتأمّل ، فان عدم ثبوت حق الفسخ له من المالك لا ينافي ثبوته له بما هو عاقد من قبل الشرع تعبّدا.

ومن خلال ما ذكرناه يتّضح الحال في الوكيل في تمام شئون المعاملة وان المناسب ثبوت الخيار له لعدم انصراف عنوان «البيّع» عنه.

خيار الحيوان‌

٢ ـ وهو ثابت لمشتري الحيوان ثلاثة أيّام ، وقيل : بثبوته لبايعه أيضا.

وإذا كان الثمن حيوانا ثبت لبايعه أيضا.

ومبدأ الثلاثة من حين العقد دون التفرّق.

ويكفي التلفيق لو كان العقد أثناء النهار.

وتدخل الليلتان المتوسّطتان في مدّة الخيار ، وهكذا الليلة الثالثة عند التلفيق.

والمستند في ذلك :

١ ـ امّا ان خيار الحيوان ثلاثة أيّام‌ فلا خلاف فيه في الجملة ،

٤٥

والروايات به مستفيضة ، ففي صحيحة ابن مسلم المتقدّمة : «وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيّام».

٢ ـ واما ان الخيار للمشتري بالرغم من عدم دلالة الصحيحة السابقة عليه‌ فللتصريح بذلك في جملة من الروايات الاخرى ، كصحيحة علي بن رئاب : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل اشترى جارية لمن الخيار ، للمشتري أو للبائع أو لهما كلاهما (١)؟ فقال : الخيار لمن اشترى ثلاثة أيّام نظرة» (٢).

وفي موثقة ابن فضال : «سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : صاحب الحيوان المشترى بالخيار بثلاثة أيّام» (٣).

٣ ـ واما القول بثبوته للبائع أيضا‌ فيمكن الاستدلال له بصحيحة اخرى لمحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المتبايعان بالخيار ثلاثة أيّام في الحيوان ، وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا» (٤).

وفيه : ان بالإمكان الجمع بحمل الصحيحة المذكورة على حالة كون كلا العوضين حيوانا لصراحة صحيحة ابن رئاب في اختصاص الخيار بالمشتري.

ومع التنزّل يستقرّ التعارض بين الصحيحتين ويتعيّن الحكم بالاختصاص بالمشتري أيضا ، امّا لترجيح صحيحة ابن رئاب باعتبار موافقتها للكتاب الكريم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) الدال على لزوم كل عقد من‌

__________________

(١) المناسب : كليهما.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٠ الباب ٣ من أبواب الخيار الحديث ٩.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٩ الباب ٣ من أبواب الخيار الحديث ٢.

(٤) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٩ الباب ٣ من أبواب الخيار الحديث ٣.

٤٦

طرف البائع ما عدا فترة خيار المجلس الخارجة بالتخصيص ، أو لأنه بعد استقرار التعارض يتساقطان ويلزم الرجوع للقاعدة ، وهي تقتضي اللزوم من طرف البائع ، فإن قوله عليه‌السلام في روايات خيار المجلس : «البيّعان بالخيار حتى يفترقا» (١) يدل بإطلاقه على اللزوم بعد الافتراق في الحيوان وغيره ومن طرف البائع والمشتري ، ويقتصر في الخروج عنه على القدر المتيقّن ، وهو ثبوت خيار الحيوان لمشتري الحيوان.

٤ ـ وامّا ثبوته للبائع إذا كان الثمن حيوانا‌ فللتمسّك بإطلاق عنوان «صاحب الحيوان» الوارد في صحيحة ابن مسلم المتقدّمة ، فإنه كما يشمل المشتري حالة كون المثمن حيوانا كذلك يشمل البائع حالة كون الثمن حيوانا.

ولا موجب لرفع اليد عن الاطلاق المذكور سوى أحد امور ثلاثة : اما انصراف عنوان «صاحب الحيوان» لخصوص المشتري لكون ذلك الحالة الغالبة ، أو التصريح في صحيحة ابن رئاب بثبوت الخيار للمشتري فقط ، أو تقييد صاحب الحيوان في موثقة ابن فضال بالمشتري.

والكل كما ترى.

اما الأوّل فلعدم كون الغلبة الوجودية موجبة لتقييد اطلاق المطلق.

واما الثاني فلأنّ الصحيحة صرّحت بثبوته للمشتري فقط من جهة فرض كون المبيع حيوانا فقط.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٥ الباب ١ من أبواب الخيار الحديث ١.

٤٧

واما الثالث فلأنّ تقييد صاحب الحيوان بالمشتري يمكن أن يكون : اما لدفع احتمال كون المقصود منه الصاحب الأوّل للحيوان ، وهو البائع.

أو لوروده مورد الغالب من كون صاحب الحيوان مشتريا ، فان الغلبة قد يصحّ تنزيل التقييد عليها دون اطلاق المطلق.

أو لوصف الحيوان ـ دون صاحبه ـ بانه مشترى ، بان تكون كلمة «المشترى» بصيغة المبني للمفعول دون الفاعل.

٥ ـ واما ان مبدأ الثلاثة هو العقد دون التفرّق ـ خلافا لجماعة ـ فلظاهر صحيحة ابن مسلم المتقدّمة ، فإنها دالّة على ان الخيار الذي ينتهي بالتفرّق يستمر في الحيوان إلى ثلاثة أيّام ، ومن الواضح ان خيار المجلس الذي ينتهي بالتفرّق يبتدئ من حين العقد فيلزم أن يكون الأمر كذلك في خيار الحيوان.

وبهذا يتّضح التأمّل فيما استدل به على كون البداية هي التفرّق من استصحاب عدم حدوث الخيار قبل انقضاء المجلس ، أو استصحاب عدم ارتفاعه بانقضاء ثلاثة من حين العقد ، أو بانّه يلزم اجتماع سببين على مسبب واحد.

ووجه التأمّل :

اما بالنسبة إلى الاستصحابين فلأن النوبة لا تصل إلى الدليل الفقاهتي مع وجود الدليل الاجتهادي.

على ان الاستصحاب الأوّل مثبت لأنّ المطلوب اثبات عدم ارتفاعه بانقضاء ثلاثة من حين العقد ، وهو لازم غير شرعي لعدم حدوثه قبل‌

٤٨

انقضاء المجلس.

واما بالنسبة إلى الأخير فلأن قياس الامور الاعتبارية على الامور التكوينية قياس مع الفارق.

٦ ـ واما دخول الليلتين‌ فلأن اليوم وان كان ظاهرا في خصوص بياض النهار إلاّ ان المستفاد من الروايات استمرار الخيار الواحد ، ولازمه دخول الليلتين.

٧ ـ واما كفاية التلفيق‌ فلأن ذلك هو المفهوم عرفا من التحديد بثلاثة أيّام ونحوه ، فهو يفهم ان العقد لو وقع بداية بياض النهار استمر ثلاثة من دون تكسير ، ولو وقع أثناء بياض النهار استمر إلى أثناء بياض اليوم الرابع.

وهذا البيان نفسه يأتي في عشرة الاقامة وثلاثة الحيض وعشرته.

٨ ـ واما دخول الليلة الثالثة حالة التلفيق‌ فلما تقدّم في دخول الليلتين.

خيار الشرط‌

٣ ـ وهو الثابت بسبب اشتراطه في العقد للمتعاقدين أو لأحدهما أو لأجنبي.

ويلزم لدى المشهور ضبط المدّة المجعول فيها الخيار وعدم تردّدها بين الزيادة والنقصان.

ومن أفراد الخيار المذكور بيع العين على أن يكون للبائع الخيار في استرجاعها عند ردّ الثمن نفسه ـ على تقدير وجوده ـ أو مثله ـ على تقدير‌

٤٩

عدمه ـ خلال فترة معيّنة. ويصطلح عليه ببيع الخيار.

كما يجوز للمشتري أيضا اشتراط الخيار عند ردّ العين خلال فترة معينة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان الخيار يثبت باشتراطه‌ فلعدّة وجوه نذكر منها :

أ ـ التمسّك بقاعدة «المسلمون عند شروطهم» المستفادة من صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المسلمون عند شروطهم الا كل شرط خالف كتاب الله عزّ وجلّ فلا يجوز» (١).

ونوقش ذلك بأن شرط الخيار مخالف للكتاب الكريم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) الدال على لزوم كل عقد ، وللسنّة الشريفة ـ فإذا افترقا فلا خيار ـ الدالّة على لزوم البيع بعد الافتراق.

ويمكن الجواب بانّ اللزوم ووجوب الوفاء ليسا بمعنى وجوب ابقاء العقد بعد الافتراق تعبّدا بل هما بمعنى حرمة التخلّف عمّا تمّت عليه المعاقدة ، وهو لا يتنافى مع اشتراط الخيار في بداية المعاقدة.

ب ـ التمسّك بإطلاق قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٢) الشامل للبيع المشتمل على الخيار.

ج ـ التمسّك بصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «في الحيوان كله شرط ثلاثة أيّام للمشتري. وهو بالخيار فيها ان شرط أو لم يشترط» (٣) ، فانّها تدلّ على ان ثبوت الخيار في غير الحيوان يمكن أن يتمّ من خلال الشرط.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٣ الباب ٦ من أبواب الخيار الحديث ٢.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٤٩ الباب ٣ من أبواب الخيار الحديث ١.

٥٠

٢ ـ واما جواز اشتراطه للأجنبي‌ فلإطلاق الوجوه المتقدّمة كلا أو جلا.

٣ ـ واما اعتبار ضبط المدّة‌ فلا وجه له سوى صيرورة البيع نفسه غرريا لدى جهالة الشرط ، وقد نهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن بيع الغرر (١).

بيد انه قد تقدّم ضعف سند الحديث ، ويبقى الحكم مبنيا على الاحتياط تحفّظا من مخالفة الاجماع المدعى في المسألة.

٤ ـ واما بيع الخيار فالوجه في صحّته :

أ ـ التمسّك بالبيان المتقدّم في خيار الشرط حيث انه من مصاديقه.

ب ـ التمسّك بالروايات الخاصّة من قبيل موثقة إسحاق بن عمّار : «حدّثني من سمع أبا عبد الله عليه‌السلام وسأله رجل وأنا عنده فقال : رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى أخيه فقال : ابيعك داري هذه وتكون لك أحبّ إليّ من ان تكون لغيرك على ان تشترط لي ان انا جئتك بثمنها إلى سنة ان تردّ عليّ ، فقال : لا بأس بهذا ...» (٢).

ودلالة الموثقة وان كانت واضحة إلاّ ان سندها قابل للتأمّل ، فإن الشيخ الطوسي نقلها كما ذكر (٣) ، في حين ان الشيخ الصدوق نقلها عن إسحاق هكذا : «سأله رجل وأنا عنده فقال : ...» (٤) ، والشيخ الكليني نقلها عن إسحاق هكذا : «أخبرني من سمع أبا عبد الله عليه‌السلام قال : سأله رجل وأنا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٣٠ الباب ٤٠ من أبواب آداب التجارة الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٥ الباب ٨ من أبواب الخيار الحديث ١.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٣.

(٤) الفقيه ٣ : ١٢٨.

٥١

عنده فقال له ...» (١).

وهي بالنقلين الأوّلين لا إشكال فيها إلاّ انها بالنقل الثالث محل اشكال لأن السامع من الامام عليه‌السلام الذي ينقل إسحاق الرواية عنه مجهول ، ولعلّه غير ثقة ، ومعه يحصل التعارض في النقل ، إذ من البعيد تعدّد النقل الحاصل من إسحاق بل هو اما قال : سمعت ممّن سمع الامام عليه‌السلام أو قال : سمعت الامام عليه‌السلام وقد سأله رجل وأنا عنده ، وحيث لا مرجّح للثاني فتسقط الرواية عن الاعتبار.

ولكن لئن لم يمكنّا تصحيح سند الموثقة المذكورة فبالامكان التعويض عنها بروايات اخرى ، كموثقة معاوية بن ميسرة (٢).

٥ ـ واما انه يلزم ردّ الثمن نفسه على تقدير وجوده وبدله على تقدير عدمه‌ فلأن ذلك من لوازم الفسخ المقتضي لرجوع كل واحد من العوضين إلى صاحبه عند وجوده وبدله على تقدير عدمه.

٦ ـ واما جواز اشتراط الخيار المذكور للمشتري أيضا‌ فلأن الروايات الخاصّة وان لم تشمل ذلك الا انه يكفي اقتضاء القاعدة بالبيان المتقدّم.

خيار تخلّف الشرط‌

٤ ـ كل من اشترط شرطا في العقد صريحا أو ضمنا وكان غير مخالف للشرع ولا لمقتضى العقد يلزم الوفاء به. وعند تخلّف المشروط عليه عن القيام به يثبت للشارط الخيار.

__________________

(١) الكافي ٥ : ١٧١.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٥ الباب ٨ من أبواب الخيار الحديث ٣.

٥٢

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان الشرط الذي يجب الوفاء به هو ما كان مذكورا في العقد بأحد النحوين‌ فباعتبار انه عبارة عن الالتزام ضمن الالتزام ، فإذا لم يكن ضمن العقد يكون التزاما ابتدائيّا وليس شرطا ليشمله عموم «المسلمون عند شروطهم».

٢ ـ واما اعتبار ان لا يكون مخالفا للشرع فلوجهين :

أ ـ عدم احتمال الزام الشارع بالوفاء لما كان مخالفا له.

ب ـ تقييد وجوب الوفاء في صحيحة ابن سنان السابقة بذلك.

٣ ـ واما اعتبار ان لا يكون مخالفا‌ لمقتضى العقد ـ كالبيع بلا ثمن ـ فلوجهين :

أ ـ ان الوفاء بالعقد حيث يتنافى مع مضمون الشرط فيلزم أحد أمرين : اما عدم وجوب الوفاء بالعقد ومن ثمّ بطلانه ، أو عدم وجوب الوفاء بالشرط ومن ثمّ بطلانه ، وعلى كلا التقديرين يلزم بطلان الشرط وعدم وجوب الوفاء به.

ب ـ ان الشرط إذا كان مخالفا لمقتضى العقد فهو مخالف للكتاب الكريم الدال على ترتّب مقتضى العقد عليه.

٤ ـ واما وجوب الوفاء بالشرط تكليفا فلوجوه :

أ ـ التمسّك بقوله عليه‌السلام : «المسلمون عند شروطهم» (١) ، فانه يدل على ان الوفاء بالشرط لا ينفك عن الإسلام ، وعدمه لا ينفك عن عدمه ، ولازم ذلك وجوب الوفاء بالشرط.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٣ الباب ٦ من أبواب الخيار الحديث ٢.

٥٣

ب ـ التمسّك بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، اما بتقريب ان المقصود من العقود هو العهود ـ كما روى ذلك عبد الله بن سنان عن الامام الصادق عليه‌السلام (٢) ، والعهد صادق على الشرط ـ أو بتقريب ان العقد إذا وجب الوفاء به فيلزم الوفاء بالشرط أيضا لأنه جزء ممّا تمّ التعاقد عليه.

ج ـ التمسّك بالروايات الخاصّة ، من قبيل موثقة إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام ان علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يقول : «من شرط لامرأته شرطا فليف لها به ، فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرّم حلالا أو أحل حراما» (٣) ، فانها واضحة في وجوب الوفاء.

وموردها وان كان عقد النكاح الا انه يتعدّى إلى غيره اما لعدم القول بالفصل أو لأن التعليل ينفي احتمال الخصوصية.

وبهذا يتّضح ان ما أفاده الشهيد في اللمعة ـ من عدم وجوب الوفاء بالشرط وان فائدته تنحصر في جواز الفسخ عند تخلّفه (٤) ـ قابل للتأمّل.

٥ ـ واما ثبوت الخيار عند تخلّف الشرط‌ فلأن مرجع الاشتراط عرفا إلى تعليق الالتزام بالعقد على تحقّق الشرط خارجا ، فعند عدم تحقّقه لا التزام بالعقد الذي هو عبارة اخرى عن جعل الشارط الخيار لنفسه عند تخلّف الشرط.

__________________

(١) المائدة : ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٦ : ٢٤٨ الباب ٢٥ من كتاب النذر والعهد الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٤ الباب ٦ من أبواب الخيار الحديث ٥.

(٤) اللمعة الدمشقية كتاب التجارة الفصل ٩ الخيار ١٠.

٥٤

ووجّه الشيخ الأعظم ثبوت الخيار بقوله : «إذا امتنع المشروط عليه عنه فقد نقض العقد فيجوز للمشروط له أيضا نقضه» (١).

خيار الغبن‌

٥ ـ وهو ثابت من حين العقد للمغبون ـ بايعا كان أو مشتريا ـ مع جهله بالحال لا على الفورية بل يجوز التأخير لغرض عقلائي.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ثبوت الخيار عند الغبن‌ فلا إشكال فيه وانما الاشكال في تخريجه الفني.

وقد ذكرت عدّة تقريبات ، أوجهها التمسّك بفكرة الشرط الضمني بتقريب ان كل عاقد عاقل يشترط ضمن العقد لنفسه الخيار ـ اشتراطا ضمنيّا ـ على تقدير كونه مغبونا وكون التفاوت فاحشا.

٢ ـ واما انه من حين العقد‌ ـ خلافا للقول بكونه عند ظهور الغبن ـ فلأن المشترط ضمنا ثبوت الخيار عند ثبوت الغبن واقعا وان لم يظهر ، وعليه إذا فسخ المغبون قبل ظهور غبنه وقع صحيحا.

٣ ـ واما التعميم للبائع والمشتري‌ فلاشتراك النكتة.

٤ ـ واما اعتبار الجهل‌ فلاختصاص نكتة الخيار المتقدّمة بحالة الجهل.

٥ ـ واما فورية خيار الغبن‌ فمحل خلاف.

واستدل لها بان الخيار على خلاف الأصل فيقتصر فيه على‌

__________________

(١) كتاب المكاسب ٣ : ٣٣ ، انتشارات إسماعيليان.

٥٥

المتيقن. وأوضح المحقّق الثاني الأصل بان «العموم في أفراد العقود يستتبع عموم الأزمنة والا لم ينتفع به» (١).

واستدل للتراخي بالاستصحاب ، وهو يتم بناء على تمامية أمرين :

أ ـ جريان الاستصحاب في موارد الشك في المقتضي وعدم اختصاصه بموارد الشك في الرافع خلافا للشيخ الأعظم والنائيني.

ب ـ جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية وعدم معارضة أصالة بقاء المجعول بأصالة عدم الجعل الزائد.

والمناسب ان يقال : ان التأخير إذا كان لغرض عقلائي ـ كانتظار حضور الغابن ـ فلا يسقط به الخيار وانما يسقط إذا كان في التأخير دلالة على الاغماض عن الخيار ، فان النكتة المتقدّمة لثبوت الخيار تقتضي ما ذكرناه.

خيار العيب‌

٦ ـ كل من انتقل إليه بالبيع أو الشراء ما فيه عيب كان له ردّه. والمشهور جواز المطالبة بالارش أيضا الا مع احداث حدث فيه فيتعيّن الارش.

ويسقطان مع العلم بالعيب او البراءة من العيوب.

ولا فورية في اعمال الخيار المذكور.

والخيار في الردّ يعمّ جميع المعاملات وان كان الارش خاصا بالبيع.

والمستند في ذلك :

__________________

(١) كتاب المكاسب ٢ : ٢٩٢ ، انتشارات إسماعيليان.

٥٦

١ ـ اما جواز ردّ المعيب‌ فقد دلّت عليه عدّة روايات ، ولكنّها خاصّة بموردها من قبيل صحيحة ميسر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «رجل اشترى زق زيت فوجد فيه درديا (١) قال : فقال : ان كان يعلم ان ذلك يكون في الزيت لم يردّه ، وان لم يكن يعلم ان ذلك يكون في الزيت ردّه على صاحبه» (٢).

الا ان الحكم يمكن اثباته على طبق القاعدة بلا حاجة إلى رواية ، وذلك بالتمسّك بفكرة الشرط الضمني ، فان كل من يقدم على معاملة يشترط ضمنا السلامة والخيار لنفسه على تقدير عدمها.

٢ ـ واما التعميم للبائع والمشتري‌ فلعدم اختصاص فكرة الشرط الضمني بالمشتري.

٣ ـ واما التخيير بين الردّ والارش الذي صار له المشهور‌ فلا رواية تدلّ عليه وانما الوارد ثبوت الارش عند حصول بعض التصرّفات المانعة من الرد. ويجوز ان يكون ذلك من باب تعيّن الرد حالة عدم التصرف ، والارش حالة التصرّف وليس من باب تعين أحد طرفي التخيير بتعذّر الآخر.

أجل ورد في الفقه الرضوي : «فان خرج في السلعة عيب وعلم المشتري فالخيار إليه ان شاء ردّه وان شاء أخذه أو ردّ عليه بالقيمة ارش العيب» (٣).

__________________

(١) الدردي في الزيت ونحوه : ما يبقى في اسفله.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٤١٩ الباب ٧ من أبواب أحكام العيوب الحديث ١.

(٣) مستدرك الوسائل الباب ١٢ من أبواب الخيار الحديث ٣.

والظاهر زيادة الالف في (أو).

٥٧

بيد ان الكتاب المذكور ساقط عن الاعتبار لعدم ثبوت نسبته إلى الامام الرضا عليه‌السلام وان أصرّ على ذلك بعض الأصحاب كصاحب الحدائق (١).

نعم من يرى حجية الشهرة الفتوائية والاجماعات المنقولة فبامكانه الاستناد إليها ، والا فالمناسب اختصاص الارش بحالة عدم امكان الردّ بسبب التصرّف لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «أيما رجل اشترى شيئا وبه عيب وعوار لم يتبرأ إليه ولم يبيّن له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار وبذلك الداء انه يمضي عليه البيع ويرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به» (٢).

والسند يشتمل على موسى بن بكر الواسطي ، وهو لم يوثق في كتب الرجال الابناء على كبرى وثاقة كل من ورد في أسانيد تفسير القمي.

أجل ورد في الحديث ان أبا الحسن عليه‌السلام أرسل خلفه وقال له : «مالي أراك مصفرّا ألم آمرك بأكل اللحم؟ فأجاب ما أكلت غيره منذ أمرتني ، فقال عليه‌السلام : كيف تأكله؟ فقال : طبيخا ، قال : كله كبابا. وبعد جمعة أرسل خلفه الامام عليه‌السلام فإذا الدم قد عاد في وجهه وأرسله إلى الشام في بعض حوائجه» (٣).

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٥.

وللشيخ النوري في مستدركه ١٩ : ٢٣٠ ـ ٣٢٢ بحث مفصّل عن الكتاب المذكور.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٦٢ الباب ١٦ من أبواب الخيار الحديث ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٣١٩.

٥٨

ولكن الحديث ضعيف سندا لان الراوي له الواسطي نفسه ، ودلالة لان اعتناء الامام عليه‌السلام بصحّته وارساله في بعض حوائجه لا يلازم الوثاقة.

والاولى الاستدلال على قبول رواياته بما رواه الشيخ الكليني بطريق معتبر عن الحسن بن محمد بن سماعة : «دفع إليّ صفوان كتابا لموسى بن بكر فقال لي : هذا سماعي من موسى بن بكر وقرأته عليه فإذا فيه : موسى بن بكر عن علي بن سعيد عن زرارة. قال صفوان : هذا ممّا ليس فيه اختلاف عند أصحابنا» (١).

٤ ـ واما سقوط الرد والارش حالة العلم أو البراءة‌ فلقصور فكرة الشرط الضمني والنصوص المتقدّمة عن الشمول لمثل ذلك.

٥ ـ واما انه لا فورية في الخيار المذكور‌ فذلك واضح بالنسبة إلى الرد لان الاشتراط الضمني لم تؤخذ فيه الفورية في اعمال الخيار.

واما بالنسبة الى الارش فعدم فوريته مقتضى اطلاق صحيحة زرارة ، ومع التنزّل والتسليم بدعوى انها في مقام بيان أصل الخيار دون خصوصياته فلا أقلّ من اطلاقها المقامي.

٦ ـ واما ان الرد بالعيب يعمّ جميع المعاملات‌ فلعدم اختصاص فكرة الشرط الضمني بالبيع بل تعم غيره.

اجل يختص الارش بالبيع لاختصاص صحيحة زرارة ـ التي هي مدركه ـ به.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٩٧.

٥٩

خيار التأخير‌

٧ ـ من باع من دون قبض العوضين ولا أحدهما فالبيع عليه لازم ثلاثة ايام وله الفسخ بعدها ما دام لم يشترط تأخير قبضهما أو أحدهما. ويصطلح عليه بخيار التأخير.

ومتى ما تمّت المعاملة يلزم تسليم العوضين بعدها فاذا امتنع احدهما كان للآخر الفسخ ، ولا يختص هذا بالبيع بخلاف ما سبق.

ومن باع ما يسرع إليه الفساد ـ كبعض الفواكه ـ فالامهال ليس إلى ثلاثة ، بل الى ما قبل طروه.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ثبوت الخيار بالتأخير‌ فلا إشكال فيه في الجملة. وتدلّ عليه عدّة روايات ، كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده فيقول حتى آتيك بثمنه. قال : ان جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيّام والا فلا بيع له» (١).

ولا يضر ضعفها بعلي بن حديد في أحد طريقي الكليني بعد سلامة بقيّة طرقها من ذلك.

وقد يستفاد من نفي الإمام عليه‌السلام البيع بقوله : «والا فلا بيع له» بطلان البيع اما من الأساس أو بعد الثلاثة دون ثبوت الخيار للبائع ، وبذلك لا تكون دالّة على ما ذهب إليه المشهور.

الا ان ذلك ضعيف باعتبار ان المقصود تسهيل الأمر على البائع‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٦ الباب ٩ من أبواب الخيار الحديث ١.

٦٠