دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-036-6
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٩١

١ ـ ما دلّ على استقلال الاب. وهو روايات متعددة تبلغ ستا أو اكثر وفيها الصحاح ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ فقال : ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيّب» (١) وغيرها.

٢ ـ ما دلّ على اعتبار اذن الاب من دون دلالة على الاستقلالية ، وهو روايات متعددة تبلغ ستا أو أكثر وفيها الصحاح أيضا ، كصحيحة ابن ابي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تنكح ذوات الآباء من الابكار الا باذن آبائهن» (٢) وغيرها.

٣ ـ ما دلّ على اعتبار اذن البكر وعدم استقلال الاب‌ ، وهو روايتان :

احداهما : صحيحة منصور بن حازم عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح الا بامرها» (٣).

ثانيتهما : صحيحة صفوان : «استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر عليه‌السلام في تزويج ابنته لابن أخيه فقال : افعل ويكون ذلك برضاها ، فان لها في نفسها نصيبا. قال : واستشار خالد بن داود موسى بن جعفر عليه‌السلام في تزويج ابنته علي بن جعفر فقال : افعل ويكون ذلك برضاها فان لها في نفسها حظّا» (٤).

٤ ـ ما دلّ على استقلال البكر في امرها. ولا توجد رواية صريحة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ٢٠٣ الباب ٣ من أبواب عقد النكاح الحديث ١١.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ٢٠٨ الباب ٦ من أبواب عقد النكاح الحديث ٥.

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ٢١٤ الباب ٩ من أبواب عقد النكاح الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة ١٤ : ٢١٤ الباب ٩ من أبواب عقد النكاح الحديث ٢.

٣٠١

تدل على ذلك سوى رواية سعدان بن مسلم : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت بغير اذن أبيها» (١).

ولا بدّ من اسقاط هذه الرواية من الحساب لان الروايات الدالة على اعتبار اذن الاب استقلالا أو في الجملة هي الجملة هي اثنتا عشرة رواية بل أكثر ، ولكثرتها تشكّل عنوان السنة القطعية ، ويلزم طرح المخالف للسنة القطعية لان المخالف للكتاب العزيز انما وجب طرحه من جهة انه ـ الكتاب العزيز ـ يمثّل حكما قطعيا وليس لخصوصية فيه ، والمخالف للسنة القطعية حيث انه مخالف للحكم القطعي فيلزم طرحه أيضا.

هذا مضافا إلى ان الرواية ضعيفة السند في نفسها لا فقط لان سعدان لم تثبت وثاقته الا بناء على تمامية كبرى وثاقة كل من ورد في كامل الزيارات أو تفسير القمي بل اضافة إلى ذلك هي مبتلاة بالاشكال من ناحية اخرى ، فان الشيخ رواها مرّة بسنده إلى محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن سعدان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ... واخرى رواها عن محمد بن أحمد بن يحيى عن العباس عن سعدان عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ... (٢) ، وبما ان من البعيد سماع سعدان الرواية من الامام عليه‌السلام مرتين فلا يمكن الجزم بعدم وجود واسطة مجهولة بين سعدان والامام عليه‌السلام فتسقط من الاعتبار.

وعليه فالأمر يبقى دائرا بين الطوائف الثلاث الأول.

والجميع يشترك في الدلالة على اعتبار اذن الاب في الجملة ، ولا معارضة فيما بينها من هذه الناحية ، وانما المعارضة بلحاظ الزائد ،

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ٢١٤ الباب ٩ من أبواب عقد النكاح الحديث ٤.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ٤٥٩ الباب ١١ من أبواب المتعة الحديث ٨.

٣٠٢

وهو اعتبار موافقتها أيضا ، وتتساقط بلحاظ هذا الزائد ويلزم الرجوع إلى الأصل. والنتيجة على ذلك اعتبار موافقة الطرفين : الأب ، والبنت.

اما الأب فلفرض دلالة الروايات على اعتبار اذنه بلا معارضة.

واما البنت فباعتبار اننا نشك في ترتب الاثر على العقد من دون موافقتها ، والاصل يقتضي عدم ترتبه.

٥ ـ واما ان المعتبر اذن ابيها أو جدّها‌ فباعتبار ان الجد للأب أب حقيقة فيشمله ما دلّ على اعتبار اذن الأب.

٦ ـ واما ان الثيب تستقل في امرها‌ فالنصوص والفتاوى متفقة عليه. وقد تقدمت الاشارة إلى بعض تلك النصوص ضمن الحديث عن البكر.

٣ ـ أحكام النظر‌

لا يجوز للرجل النظر إلى بدن الاجنبية ولو من دون تلذذ. واستثنى جمع من الفقهاء من ذلك الوجه والكفين.

وفي جواز نظر المرأة إلى الرجل خلاف.

ويجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى بدن مماثله ما عدا العورة.

ويستثنى من حرمة النظر إلى الاجنبية مقام المعالجة وحالة الضرورة كالإنقاذ من الغرق أو الحرق ونحوهما فانه يجوز النظر بل اللمس أيضا.

كما يستثنى النظر إلى القواعد من النساء والصبية غير البالغة.

ولا يلزم المرأة التحجب من الصبي غير البالغ وان كان ذلك أفضل.

ويجوز لمن أراد التزوّج بامرأة النظر إلى وجهها وكفيها وشعرها‌

٣٠٣

ومحاسنها.

وفي نظر المرأة إلى من تريد الزواج به قول بالجواز.

ويجوز النظر إلى غير المسلمة وكل امرأة لا تنتهي إذا نهيت بشرط عدم التلذذ.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة النظر إلى بدن الاجنبية في الجملة ولو لم يكن بتلذذ‌ فهو من واضحات الفقه. ويمكن استفادته من قوله تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ) (١) ، والروايات الآتية التي تستثني الوجه والكفين من حرمة الابداء ، وغير ذلك من الروايات الواردة في الموارد المتفرقة.

بل قد يستفاد ذلك من قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ...) (٢) ، فان حرمة الابداء امام الغير تستلزم حرمة نظره عرفا. والمراد بالزينة ان كان مواضعها فالأمر واضح ، وان كان نفسها فحرمة ابدائها تستلزم حرمة ابداء موضعها بالاولوية العرفية.

واما الاستدلال بقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ...) (٣) فقابل للتأمّل لان غض البصر ليس بمعنى تركه رأسا بل بمعنى عدم الطمع في الشي‌ء وجعله مغفولا عنه.

على انه قد يقال : بان المراد غضّ البصر عن خصوص الفروج بقرينة السياق.

٢ ـ واما استثناء الوجه والكفين لدى جمع من الفقهاء‌ فلعدّة وجوه‌

__________________

(١) (٢) النور : ٣١.

(٣) النور : ٣٠.

٣٠٤

نذكر منها :

أ ـ التمسك بصحيحة الفضيل : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ)؟ قال : نعم ، وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين» (١) ، فان الوجه لا يستره الخمار ، والكف فوق السوار لا دونه فتكون الصحيحة دالة على جواز ابدائهما.

الا ان الاستدلال بها يحتاج إلى ضم مقدمة اخرى ، وهي ان جواز الابداء يستلزم جواز نظر الغير ، وقد ترفض الملازمة المذكورة ، ولذا يجوز للرجل عدم ستر بدنه من دون استلزام ذلك لجواز نظر المرأة اليه.

ب ـ التمسك برواية زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : (إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها) قال : الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم (٢).

ودلالتها على جواز ابداء الوجه والكفين في الجملة واضحة.

الا انه يرد عليها ما يرد على الصحيحة السابقة. مضافا الى اشتمال سندها على القاسم بن عروة الذي لم تثبت وثاقته.

ج ـ التمسك بقوله تعالى : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ) ، فان تخصيص الجيوب بوجوب الستر يدل على عدم وجوب ستر الوجه والا كان اولى بالذكر من الجيب لان الخمار لا يستر الوجه عادة بل الجيب.

ودلالتها لا تتم الا بضم الملازمة السابقة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ١٤٥ الباب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ١٤٦ الباب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

٣٠٥

د ـ التمسك بصحيحة ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه‌السلام : «سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما كسر واما جرح في مكان لا يصلح النظر إليه يكون الرجل ارفق بعلاجه من النساء أيصلح له النظر إليها؟ قال : إذا اضطرت إليه فليعالجها ان شاءت» (١) ، فانها تدل بوضوح على ان بعض جسد المرأة يصلح النظر إليه ، وحيث لا يحتمل انحصاره بغير الوجه والكفين فيكونان القدر المتيقن للموضع الذي يجوز النظر إليه.

هذه وجوه أربعة لاستثناء الوجه والكفين من حرمة النظر.

وقد اتضح ان الملازمة المتقدمة ان لم تتم فلا بدّ من التفصيل بين الابداء من قبل المرأة فيجوز وبين نظر الأجنبي فلا يجوز. أجل إذا تمت دلالة صحيحة الثمالي فيمكن ان يستفاد منها جواز النظر أيضا.

هذا ويمكن ان يقال : ان غاية ما يقتضيه انكار الملازمة فقدان الدليل على جواز نظر الرجل الا ان هذا وحده لا يكفي للحكم بحرمته إذا لم يكن لدليل حرمة النظر إلى بدن الاجنبية اطلاق يشمل الوجه والكفين لإمكان التمسك آنذاك بأصل البراءة.

وقد يتمسك لإثبات حرمة النظر بما يأتي من الروايات الدالة على جواز النظر لمريد التزوج إلى وجه وكفي المرأة ، فانه يدل على عدم جواز النظر في غير حالة ارادة التزوج.

أو بصحيحة محمد بن الحسن الصفار : «كتبت إلى الفقيه عليه‌السلام في‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ١٧٢ الباب ١٣٠ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٣٠٦

رجل أراد ان يشهد على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له ان يشهد عليها وهي من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد رجلان عدلان انها فلانة بنت فلان التي تشهدك وهذا كلامها أو لا يجوز له الشهادة عليها حتى تبرز ويثبتها بعينها؟ فوقع عليه‌السلام : تتنقب وتظهر للشهود ان شاء الله» (١) ، فانها تدل على عدم جواز النظر إلى وجه المرأة لو لا الحاجة إلى ذلك للشهادة والا لم يكن حاجة للأمر بالتنقب.

واما ما دل على ان النظر سهم من سهام ابليس وانه زنا العين (٢) فلا دلالة له على التحريم كما هو واضح.

ومن خلال هذا يتضح ان القائل بجواز النظر لا بدّ له اما من دعوى القصور في المقتضي لحرمة النظر أو دعوى الملازمة العرفية بين جواز الابداء وجواز النظر.

٣ ـ واما نظر المرأة إلى الرجل‌ فقد ادعي الاجماع على مساواته لنظر الرجل في محل المنع والجواز.

وفيه : ان الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه‌السلام لم يتضح ثبوته ، بل السيرة القطعية للمتشرعة المتصلة بزمن المعصوم عليه‌السلام على خلاف ذلك ، فالرجال يخرجون ورءوسهم وأعناقهم مكشوفة ، والنساء يختلطن معهم في الازقة والأسواق فلو كان نظر المرأة إلى ما تعارف للرجل كشفه حين خروجه من بيته محرّما لزم القول اما بوجوب تستر الرجال أو عدم جواز الاختلاط أو جواز الاختلاط والتحدث مع حرمة النظر. والكل غير محتمل.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٦ : ٢٥٥.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ١٣٨ الباب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح.

٣٠٧

وبهذا يثبت جواز نظر النساء إلى ما تعارف للرجال ابرازه.

وقد يستدل على الجواز ـ مضافا إلى ما تقدم ـ بعدم وجود روايات يسأل فيها الاصحاب عن حكم نظر النساء إلى الرجال. والسبب في ذلك يعود اما إلى وضوح الحرمة لديهم أو الشك في ذلك أو وضوح الجواز. والمتعين هو الاخير ، لبطلان الاول لعدم احتمال أوضحية حرمة نظر النساء إلى الرجال من حرمة نظر الرجال إلى النساء ، والثاني لان المناسب له صدور السؤال من الأصحاب.

وفي مقابل هذا قد يستدل على الحرمة :

اما بقوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ...) (١).

أو بما رواه أحمد بن أبي عبد الله البرقي : «استأذن ابن أم مكتوم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده عائشة وحفصة فقال لهما : قوما فادخلا البيت فقالتا : انه أعمى فقال : ان لم يركما فانكما تريانه» (٢).

أو بما رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ان فاطمة قالت له في حديث : خير للنساء ان لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فاطمة مني» (٣).

أو بما رواه الطبرسي أيضا عن أم سلمة قالت : «كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد ان أمر بالحجاب فقال : احتجبا فقلنا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال :

__________________

(١) النور : ٣١.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ١٧١ الباب ١٢٩ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ١٧٢ الباب ١٢٩ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

٣٠٨

أفعمياوان انتما ألستما تبصرانه» (١).

والكل كما ترى.

اما الاول فلما تقدم من عدم مساوقة غضّ البصر لترك النظر رأسا.

واما الثاني فلأنه على تقدير تمامية دلالته على التحريم هو ضعيف السند بالارسال لبعد عصر البرقي عن عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

واما الاخيران فلضعفهما بالارسال على تقدير تمامية دلالتهما.

٤ ـ واما جواز النظر إلى بدن المماثل ما عدا العورة‌ فهو من الضروريات ، وتقتضيه سيرة المسلمين ، وروايات باب الحمام الناهية عن دخول الحمام الا بمئزر (٢).

بل لا حاجة إلى دليل على الجواز بعد كونه مقتضى الاصل الذي خرج منه خصوص النظر الى العورة بالدليل الشرعي ، كصحيحة حريز عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه» (٣) وغيرها.

٥ ـ واما استثناء مقام المعالجة‌ فلصحيحة الثمالي المتقدمة.

واما قاعدة نفي الضرر وقوله عليه‌السلام : «وليس شي‌ء مما حرّم الله الا وقد أحلّه لمن اضطر إليه» (٤) فيدلان على جواز تكشف المرأة لدى الاجنبي ولا يدلان على جواز نظر الطبيب ، فانه ليس مضطرا ولا متضررا.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ١٧٢ الباب ١٢٩ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.

(٢) وسائل الشيعة ١ : ٣٦٧ الباب ٩ من أبواب آداب الحمام.

(٣) وسائل الشيعة ١ : ٣٦٣ الباب ٣ من أبواب آداب الحمام الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة ٤ : ٦٩٠ الباب ١ من أبواب القيام الحديث ٧.

٣٠٩

ان قلت : ان اثبات الجواز في حق المرأة دون الطبيب المعالج تلزم منه اللغوية.

قلت : انها تلزم لو كان الدليل على جواز تكشف المرأة دليلا خاصا دون ما لو كان اطلاقا ، كما هو المفروض في المقام ، إذ لا يلزم الغاء الدليل رأسا بل الغاء اطلاقه ، وهو لا محذور فيه.

٦ ـ واما استثناء حالة الضرورة‌ فلدخول المورد تحت باب التزاحم المقتضي لتقديم الأهم.

ومنه يتضح ان الحكم بالجواز يعمّ كل حالة مزاحمة تكون مراعاتها أهم في نظر الشارع من مراعاة حرمة النظر أو اللمس.

٧ ـ واما استثناء النظر إلى القواعد من النساء‌ فلقوله تعالى : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) (١).

٨ ـ واما جواز النظر إلى الصبية غير البالغة‌ فللقصور في المقتضي ، فان حرمة النظر ان كانت مستفادة من الضرورة الفقهية فالقدر المتيقن منها النظر إلى البالغة. وان كانت مستفادة من آية حرمة ابداء الزينة فهي خاصة بالبالغة أيضا. وان كانت مستفادة مما دلّ على استثناء الوجه والكفين من حرمة الابداء فهو خاص بالبالغة أيضا.

واما ما دلّ على ان النظر سهم من سهام ابليس فقد تقدم قصور دلالته عن افادة حرمة النظر.

٩ ـ واما تكشف المرأة لدى غير البالغ‌ فمقتضى المفهوم في قوله‌

__________________

(١) النور : ٦٠.

٣١٠

تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ ... أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) (١) عدم جوازه الا ان مقتضى صحيحة البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : «يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين. ولا تغطّي المرأة شعرها منه حتى يحتلم (٢) الجواز. ولا بدّ من تقييد اطلاق مفهوم الآية الكريمة بها.

١٠ ـ واما جواز النظر إلى المرأة التي يراد التزوج بها‌ فهو محل وفاق في الجملة لجملة من النصوص ، كصحيح هشام بن سالم وحماد بن عثمان وحفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا بأس بان ينظر الى وجهها ومعاصمها إذا أراد ان يتزوجها» (٣) ، وموثقة غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام : «رجل ينظر إلى محاسن امرأة يريد ان يتزوجها قال : لا بأس انما هو مستام فان يقض أمر يكون» (٤).

وذهب بعض الفقهاء إلى جواز النظر إلى جميع بدنها ما عدا العورة تمسكا باطلاق بعض الروايات ، كصحيحة محمد بن مسلم : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يريد ان يتزوج المرأة أينظر إليها؟ قال : نعم ، انما يشتريها بأغلى الثمن» (٥).

وانما استثنيت العورة للتسالم على عدم جواز النظر إليها.

ودعوى الشيخ الاعظم ان تخصيص جواز النظر في صحيحة‌

__________________

(١) النور : ٣١.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ١٦٩ الباب ١٢٦ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ٥٩ الباب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٢.

والمعاصم : جمع معصم ، وهو موضع السوار من الساعد.

(٤) وسائل الشيعة ١٤ : ٦٠ الباب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٨.

(٥) وسائل الشيعة ١٤ : ٥٩ الباب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٣١١

الفضلاء بالوجه والمعاصم لا يظهر له وجه الا اختصاصهما بجواز النظر فيكون ذلك مقيدا لإطلاق صحيحة ابن مسلم (١) ، مدفوعة بان تخصيص ذلك بالذكر لا يوجب صلاحيته لتقييد غيره الا بناء على ثبوت المفهوم للقلب ، وهو محل رفض.

١١ ـ واما نظر المرأة إلى من تريد الزواج به‌ فقد اختار الشيخ الأعظم جوازه لأنه إذا جاز نظر الرجل إلى من يريد الزواج بها لأنه يبذل أغلى الثمن فيجوز نظر المرأة إليه بالاولى لأنها تبذل أغلى المثمن خصوصا وان بامكان الرجل التخلص بالطلاق بخلاف المرأة فانها لا تتمكن من ذلك (٢).

وفيه : ان بذلها لأغلى المثمن يقتضي جواز معرفتها بالثمن ، وهو المهر لا بالزوج ، فانه ليس هو الثمن للبضع المبذول.

١٢ ـ واما جواز النظر إلى غير المسلمة‌ فلموثقة السكوني عن ابي عبد الله عليه‌السلام : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا حرمة لنساء أهل الذمة ان ينظر إلى شعورهن وأيديهن» (٣).

والتقييد بنساء أهل الذمة لا خصوصية له بل يجوز النظر إلى مطلق غير المسلمة ، فان تخصيص نساء أهل الذمة بالذكر هو من باب دفع توهم ان عقد الذمام يمنحهن نحوا من الاحترام.

على انه بقطع النظر عن ذلك يمكن التمسك باطلاق صحيحة عباد بن صهيب : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا بأس بالنظر إلى رءوس أهل‌

__________________

(١) كتاب النكاح للشيخ الأعظم : ٣٩.

(٢) كتاب النكاح : ٤٣.

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ١٤٩ الباب ١١٢ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

٣١٢

تهامة والاعراب وأهل السواد والعلوج لأنهم إذا نهوا لا ينتهون» (١).

ومنه يتضح جواز النظر إلى كل من لا تنتهي إذا نهيت.

واما اعتبار عدم التلذذ بالنظر فللتسالم الفقهي عليه ، ولولاه كان مقتضى الاطلاق الجواز مطلقا.

٤ ـ من يحرم العقد عليها‌

يحرم على الرجل العقد على مجموعة من النساء.

ومنشأ التحريم اما النسب أو السبب.

والحرمة الثابتة بسبب ما ذكر على نحوين : دائمة ومؤقتة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما النسب‌ فانه تحرم به سبعة أصناف : الام وان علت ، والبنت وان سفلت ، والاخت لأب أو لأم أو لهما ، والعمة وان علت ، والخالة وان علت ، وبنت الاخ وان نزلت ، وبنت الاخت وان نزلت.

قال تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ) (٢).

وتعميم التحريم للبنت النازلة ليس الا لصدق عنوان البنت عليها فيشملها اطلاق الآية الكريمة ، وهكذا الحال بالنسبة إلى بقية التعميمات المذكورة في بقية الاصناف فانها ليست الا لأجل التمسك بالاطلاق.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ١٤٩ الباب ١١٣ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١.

والمراد من العلوج : الكفار.

(٢) النساء : ٢٣.

٣١٣

والحرمة كما لا يخفى ثابتة من الطرفين ، فمثل الاصناف السبعة من الرجال يحرم على النساء أيضا ، فيحرم الاب وان علا على البنت ، والولد وان سفل على الام ، وهكذا.

وحرمة الاصناف السبعة بالنسب لا تختص بالنسب الشرعي بل تعم ما يحصل بالزنا أيضا ، فيحرم الولد من الزنا على الزانية وامها واختها وعلى أم الزاني واخته وهكذا ، فان المراد من الاصناف السبعة المشار إليها في الآية الكريمة هو عناوينها اللغوية والا فالشريعة لم تأت بمصطلح جديد في هذا المجال ، فبنت الرجل مثلا هي من تولدت من مائه سواء كان ذلك بنكاح شرعي أم لا ، وأم الابن هي من ولدته سواء كان ذلك بنكاح شرعي أم لا. والشريعة لا تدخّل لها في هذا المجال سوى انها نفت التوارث في فرض الزنا والا فبقية الاحكام تترتب تمسكا بالاطلاق بعد عدم تقييد الاصناف السبعة بما إذا كان صدقها من طريق النكاح الشرعي.

وأيضا لا فرق في النسب المتولد من النكاح الشرعي بين ان يكون بسبب العقد أو وطء الشبهة ، تمسكا بالاطلاق.

٢ ـ واما السبب‌ فالمراد به غير النسب من مناشئ التحريم ، وهي : المصاهرة وما يلحق بها من الرضاع ، والاعتداد ، واستيفاء العدد ، والكفر ، والاحرام ، واللعان.

ويأتي الحديث عن المناشئ المذكورة إن شاء الله تعالى.

٣ ـ واما انقسام الحرمة إلى دائمة ومؤقتة‌ فواضح ، فالدائمة كحرمة الاصناف السبعة النسبية مثلا ، والمؤقتة كحرمة اخت الزوجة ، وبنت الزوجة غير المدخول بها ، والمطلقة ثلاثا ، وبنت اخ او اخت‌

٣١٤

الزوجة وغير ذلك.

مناشئ التحريم بالسبب‌

أ ـ المصاهرة وما يلحق بها‌

للمصاهرة وما بحكمها عدة احكام :

١ ـ تحرم زوجة كل من الاب وان علا والابن وان نزل على الاخر بمجرد العقد ولو منقطعا ، ومن دون فرق بين كون الابوة والبنوة بالنسب أو بالرضاع.

٢ ـ تحرم على الزوج أم زوجته وان علت بمجرد العقد وابنتها وان نزلت بشرط الدخول بالام سواء كانت في حجره أم لا. اما مع عدم الدخول فتحرم ما دامت الام في عقده.

٣ ـ تحرم على الزوج اخت زوجته جمعا لا عينا.

٤ ـ يحرم على الزوج العقد على بنت اخ او اخت زوجته الا باذنها. واما العكس فجائز بلا حاجة إلى اذن.

٥ ـ من زنى بخالته حرم عليه العقد على بنتها. وقيل بالحاق العمة بذلك ، بل قيل بتعميم الحكم لمطلق المزني بها.

٦ ـ إذا لاط البالغ بغلام وتحقق منه الدخول حرمت عليه مؤبدا بنت الملوط به واخته وامه فيما إذا كان اللواط سابقا على العقد دون ما لو كان لاحقا.

٧ ـ من تزوّج بذات البعل عالما بذلك حرمت عليه مؤبدا ، ومع الجهل تحرم مؤبدا أيضا بشرط الدخول بها.

٨ ـ من زنى بذات البعل حرمت عليه مؤبدا لدى المشهور.

٣١٥

٩ ـ إذا زنت المرأة ففي جواز الزواج بها قبل توبتها خلاف.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة زوجة كل من الابن والاب على الآخر‌ فمما لا خلاف فيها ، وهي من ضروريات الفقه بل الدين. وقد دلّ عليها قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) (١) ، (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) (٢).

وقد ورد في صحيح محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام : «لو لم تحرم على الناس أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقول الله عز وجل : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ...) حرمن على الحسن والحسين بقول الله عز وجل : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ...) ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده» (٣).

واما كفاية مجرد العقد ولو من دون دخول أو مع افتراض كونه منقطعا فلإطلاق ما تقدم.

واما تعميم الحكم للأب وان علا والابن وان نزل فللإطلاق المتقدم ، مضافا إلى خصوص صحيحة ابن مسلم المتقدمة الواردة في الجد.

واما التعميم للرضاع فلقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (٤).

__________________

(١) النساء : ٢٢.

(٢) النساء : ٢٢.

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ٣١٣ الباب ٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة ١٤ : ٢٨٠ الباب ١ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١.

٣١٦

٢ ـ واما حرمة أمّ الزوجة مطلقا وبنتها بشرط الدخول‌ فمما لا اشكال فيه لقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ... وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) (١).

ومقتضى اطلاق فقرة «وامهات نسائكم» ثبوت حرمة أمّ الزوجة ولو من دون دخول بها بخلاف الربيبة حيث قيدت حرمتها بالدخول بامها.

واحتمال رجوع قيد (مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي ...) إلى قوله : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) أيضا بعيد جدا لطول الفصل ، ولزوم التكرار في كلمة النساء ، ولزوم استعمال كلمة «من» في معنيين ـ إذ على تقدير تعلقها بالربائب تكون نشوية وعلى تقدير تعلقها بالنساء تكون بيانية ـ وهو مخالف للظاهر حتى على تقدير فرض امكانه.

٣ ـ واما التعميم لام الزوجة وان علت‌ فللتمسك بالاطلاق.

واما التعميم لبنت الزوجة وان نزلت فقد يستشكل استفادته من الآية الكريمة الا ان في اطلاق الروايات كفاية حيث استعانت بكلمة «البنت» مطلقة ، كما في موثقة غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه‌السلام قال : «إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالام فإذا لم يدخل بالام فلا بأس ان يتزوج بالابنة. وإذا تزوج بالابنة فدخل بها أو لم يدخل فقد حرمت عليه الام. وقال : الربائب عليكم حرام كنّ في الحجر أو لم يكنّ» (٢) وغيرها.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ٣٥٢ الباب ١٨ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٤.

٣١٧

على ان المسألة متسالم عليها.

واما التعميم لكون الربيبة في الحجر وعدمه فلان التقييد به في الآية الكريمة لا موضوعية له بل اشارة إلى الحالة الغالبة تنبيها على انها كبنت الزوج حيث تربت في حجره فكيف يتزوج بها.

على ان الموثقة المتقدمة وغيرها قد صرحت بالتعميم ، والمسألة متسالم عليها.

٤ ـ واما عدم جواز العقد على بنت الزوجة ما دام قد فرض العقد على امها مسبقا ولو من دون دخول بها‌ فلانه مع العقد عليها ـ البنت ـ يصدق على الام عنوان «امهات نسائكم» ، وهو يوجب التحريم متى ما صدق بمقتضى اطلاق الآية الكريمة ، فالجمع بينهما بنحو يكون عقدهما صحيحا معا غير ممكن فيتعين بطلان احدهما ، وحيث ان العقد على الام قد فرض وقوعه صحيحا وانقلابه الى البطلان يحتاج إلى دليل فيتعين بطلان العقد على البنت.

هذا ما تقتضيه القاعدة وان كان الاحتياط يقتضي الحكم ببطلان كلا العقدين وتجديد العقد على الام من جديد. ولو أراد العقد على البنت فعليه بطلاق الام اولا ثم العقد عليها بعد ذلك.

٥ ـ واما حرمة اخت الزوجة جمعا لا عينا‌ فلا خلاف فيه بين المسلمين لدلالة صريح الكتاب العزيز : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) (١) على ذلك. والروايات في المسألة كثيرة (٢).

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٤ وما بعده من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٣١٨

٦ ـ واما حرمة العقد على بنت اخ او اخت الزوجة الا باذنها وجواز العكس مطلقا‌ فلموثقة محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه‌السلام : «لا تزوّج ابنة الاخ ولا ابنة الاخت على العمة ولا على الخالة الا باذنهما ، وتزوّج العمة والخالة على ابنة الاخ وابنة الاخت بغير اذنهما» (١) وغيرها.

وإذا قيل : قد روى علي بن جعفر في كتابه عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام : «سألته عن امرأة تزوج على عمتها وخالتها قال : لا بأس» (٢) ، وهي باطلاقها تدل على الجواز بلا حاجة إلى اذن.

وفي مقابلها صحيحة ابي عبيدة : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على اختها من الرضاعة» (٣) ، وهي تدل على عدم الجواز مطلقا فكيف التوفيق بينهما؟

قلنا : انه بقرينة موثقة محمد بن مسلم المتقدمة يمكن الجمع العرفي بحمل الاولى على فرض الاذن والثانية على فرض عدمه وينحل بذلك التعارض.

٧ ـ واما ان الزنا بالخالة يوجب تحريم بنتها‌ فهو المشهور لصحيحة محمد بن مسلم : «سأل رجل ابا عبد الله عليه‌السلام وانا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع يتزوج ابنتها؟ قال : لا. قلت : انه لم يكن افضى إليها انما كان شي‌ء دون شي‌ء فقال : لا يصدق‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ٣٧٥ الباب ٣٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ٣٧٥ الباب ٣٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٣.

وفي تهذيب الاحكام ٧ : ٣٣٣ : تزوجت على ....

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ٣٧٦ الباب ٣٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٨.

٣١٩

ولا كرامة» (١).

وقد يتوقف في الحكم تارة من جهة متن الرواية واخرى من جهة سندها.

اما من جهة المتن فلان تكذيب الامام عليه‌السلام الفاعل في اخباره مناقشة صغروية لا تتناسب ومقام الامامة وغير لائق به.

واما من جهة السند فباعتبار ان الشيخ الكليني روى بسنده إلى ابي ايوب عن محمد بن مسلم انه : «سأل رجل ابا عبد الله عليه‌السلام وانا جالس عن رجل ... (٢) في حين ان الشيخ الطوسي روى الرواية نفسها بسنده إلى ابي ايوب ان محمد بن مسلم هو الذي سأل الامام عليه‌السلام عن رجل نال ... (٣).

وكلتا المناقشتين لا وجه لها.

اما الاولى فلاحتمال وجود مصلحة في المناقشة الصغروية قد اطلع عليها الامام عليه‌السلام.

واما الثانية فلان مثل الاختلاف المذكور لا يضر بصحة الرواية.

٨ ـ واما العمة‌ فلا نص يدل على الحاقها بالخالة ، والحاقها مبني على عدم القول بالفصل أو الاولوية القطعية. وكلاهما محل تأمّل.

وعلى هذا فلا تمكن الفتوى بالالحاق ولا بدّ من التنزل الى الاحتياط لاحتمال عدم الفصل.

٩ ـ واما تعميم الحكم بحرمة الزواج ببنت مطلق المزني بها‌ فتدل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٤ : ٣٢٩ الباب ١٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ١.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) وسائل الشيعة ١٤ : ٣٢٩ الباب ١٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٢.

٣٢٠