دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٢

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-036-6
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٩١

لا يمكن الترجيح به وما يمكن الترجيح به ليس مفادا له.

٤ ـ واما اعتبار كون القبض باذن الواهب‌ فهو المشهور. وهو جيد لانصراف ما دل على اعتبار القبض في صحة الهبة إلى ذلك. بل ان من المحتمل ان تكون كلمة «يقبضها» من باب الافعال.

ومنه يتضح النظر فيما اختاره السيّد اليزدي قدس‌سره من عدم اعتبار الاذن تمسكا بالاطلاق وان الأصل عدم شرطية ذلك وان القدر المتيقن اعتبار وصول المال إلى يد المتهب ، ولذا لو كان بيده كفى (١).

٥ ـ واما عدم اعتبار القبض في هبة ما في يد الغير‌ فلتحققه من دون حاجة إلى تجديده.

٦ ـ واما عدم لزوم الفورية في القبض ولا كونه في مجلس العقد‌ فلإطلاق الصحيحة الدالة على اعتبار القبض.

٧ ـ واما عدم صحة هبة المنافع‌ فلأنها موجود تدريجي متصرم لا يمكن تحقق القبض فيه.

واما صحة هبة الدين على غير من هو عليه فلانه بعد امكان قبضه بقبض فرد منه لا يعود مانع من التمسك باطلاق دليل شرعيتها.

ودعوى ان ما في الذمة ـ الذي تعلقت به الهبة ـ لا يمكن قبضه ، وما يمكن قبضه وهو الفرد الخارجي ليس الكلي نفسه ، مدفوعة بان الكلي الطبيعي موجود بوجود افراده في نظر العرف أيضا ويمكن قبضه واقباضه من خلال الفرد.

واما عدم صحة هبة الدين على من هو عليه فلان ذلك ابراء لا هبة‌

__________________

(١) ملحقات العروة الوثقى ٢ : ١٦٥.

٢٦١

ويترتب عليه احكامه دون احكامها فلا يجوز الرجوع في الموهوب ، كما دلت عليه صحيحة معاوية بن عمار : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم فيهبها له ، أله ان يرجع فيها؟ قال : لا» (١).

٨ ـ واما جواز الرجوع في الهبة وكونها عقدا جائزا بالرغم من اقتضاء اصالة اللزوم لعكس ذلك‌ فلصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «اذا كانت الهبة قائمة بعينها فله ان يرجع وإلاّ فليس له» (٢) وغيرها.

٩ ـ واما استثناء الهبة المعوضة‌ فلصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا عوّض صاحب الهبة فليس له ان يرجع» (٣) وغيرها.

واما استثناء الهبة لذي الرحم فلصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «الهبة والنحلة يرجع فيها صاحبها ان شاء ، حيزت أو لم تحز الا لذي رحم فانه لا يرجع فيها» (٤) وغيرها.

واما استثناء الهبة التي قصد بها القربة فلصحيحة محمد بن مسلم الاخرى عن ابي جعفر عليه‌السلام : «لا يرجع في الصدقة اذا أبتغي وجه الله» (٥) وغيرها.

واما استثناء حالة التلف أو التصرف الذي لا يصدق معه قيام العين فلصحيحة الحلبي المتقدمة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٣٢ الباب ١ من أحكام الهبات الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٤١ الباب ٨ من أحكام الهبات الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٤١ الباب ٩ من أحكام الهبات الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٣٨ الباب ٦ من أحكام الهبات الحديث ٢.

(٥) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٣٤ الباب ٣ من أحكام الهبات الحديث ٢.

٢٦٢

ثم انه يوجد في المقابل روايات اخرى معارضة ، كموثقة داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... واما الهبة والنحلة فانه يرجع فيها حازها او لم يحزها وان كانت لذي قرابة» (١) وغيرها.

ويمكن ان يقال : ما دام لا يمكن الجمع فتتحقق المعارضة ويلزم ترجيح الطائفة الاولى لموافقتها لإطلاق الكتاب الدال على وجوب الوفاء بالعقود (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢).

١٠ ـ واما عدم لزوم ان يكون الرجوع امام الموهوب له‌ فلإطلاق ما دلّ على جواز الرجوع وعدم تقييده بما إذا كان امامه.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٣ : ٣٣٩ الباب ٦ من أحكام الهبة الحديث ٣.

(٢) المائدة : ١.

٢٦٣
٢٦٤

كتاب الوديعة‌

١ ـ حقيقة الوديعة‌

٢ ـ من أحكام الوديعة‌

٢٦٥
٢٦٦

١ ـ حقيقة الوديعة‌

الوديعة عقد يتضمن استئمان الغير في حفظ المال. ويصطلح على الغير بالودعي والمستودع ، وعلى الآخر بالمودع.

وهي مشروعة بلا اشكال.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان الوديعة عقد‌ فواضح ، إذ لا يكفي مجرد إيجاب المودع في تحققها بل لا بدّ من قبول الودعي والا لم يكن له السلطنة على نفسه ، وهو خلف قانون السلطنة.

٢ ـ واما انها عقد يتضمن ما ذكر‌ فهو من واضحات الفقه ، ويقتضيه الفهم العرفي.

٣ ـ واما مشروعية عقد الوديعة‌ فمن البديهيات لانعقاد سيرة العقلاء والمتشرعة عليه ، وللكتاب العزيز الصريح في ذلك في موارد‌

٢٦٧

متعددة ، كقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (١) ، (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) (٢).

والروايات في ذلك كثيرة ، كرواية أبي كهمس : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : عبد الله بن أبي يعفور يقرئك السلام قال : وعليك وعليه‌السلام ، إذا أتيت عبد الله فاقرئه السلام وقل له : ان جعفر بن محمد يقول لك : انظر ما بلغ به علي عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالزمه ، فان عليّا عليه‌السلام انما بلغ ما بلغ به عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصدق الحديث واداء الأمانة» (٣) وغيره.

٢ ـ من أحكام الوديعة‌

يعتبر في تحقق الوديعة الايجاب من المودع والقبول من الودعي بكل ما يدل عليهما ولو بالمعاطاة.

ويجب ردّ الوديعة إلى صاحبها عند المطالبة بها ولو لم يكن مؤمنا ما دام ليس غاصبا.

ومن طلب من الغير ان يكون ماله وديعة لديه ولم يقبل الغير ذلك ولم يتسلمه ومع ذلك تركه المالك عنده فلا يضمنه لو تلف أو تعيّب.

وعقد الوديعة جائز من الطرفين وان كان مؤجلا بأجل محدّد الا مع اشتراط عدم فسخه إلى ذلك الأجل ولو ضمن عقد الوديعة نفسه ، فانه يلزم الوفاء آنذاك ، ولكن مع الفسخ ينفسخ ويكون الفاسخ بذلك آثما.

__________________

(١) النساء : ٥٨.

(٢) البقرة : ٢٨٣.

(٣) وسائل الشيعة ١٣ : ٢١٨ الباب ١ من أحكام الوديعة الحديث ١.

٢٦٨

ولو فسخ الودعي لزمه ايصال المال إلى صاحبه فورا ، وإذا لم يفعل ذلك من دون عذر شرعي وتلف يكون ضامنا.

ويجب على الودعي الحفاظ على الوديعة بما هو المتعارف في الحفظ لأمثالها ، وإذا لم يفعل ذلك يكون مفرّطا.

والودعي لا يضمن تلف الوديعة وتعيّبها الا مع التعدي أو التفريط.

ولا يحق للودعي التصرف في الوديعة.

ومن أحسّ بامارات الموت يلزمه ايصال الوديعة إلى صاحبها أو وكيله ، وإذا لم يمكنه ذلك يلزمه الايصاء بها والعمل بما يضمن به وصولها إلى صاحبها بعده.

والامانة على قسمين : مالكية وشرعية ، والحكم في كليهما واحد.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان الوديعة لا تتحقق الا بالايجاب والقبول‌ فهو مقتضى كونها عقدا.

واما الاكتفاء بكل ما يدل عليهما ولو بالمعاطاة فلإطلاق دليل شرعيتها بعد صدق عنوانها.

٢ ـ واما وجوب ردّ الوديعة الى صاحبها عند مطالبته بها ولو لم يكن مؤمنا‌ فلإطلاق قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (١).

وفي الحديث عن الامام الصادق عليه‌السلام : «ادّوا الامانة ولو إلى قاتل الحسين بن علي عليهما السّلام» (٢).

__________________

(١) النساء : ٥٨.

(٢) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٢٤ الباب ٢ من أحكام الوديعة الحديث ١٢.

٢٦٩

٣ ـ واما التقييد بعدم كون صاحب الوديعة غاصبا‌ فلان الواجب هو ردّ الامانة إلى أهلها ، وذلك لا يتحقق بالدفع إلى الغاصب بل فعل ذلك موجب للضمان لأنه تعدّ على الامانة.

واما عدم ضمان من ترك عنده شي‌ء وقد تلف أو تعيب من دون قبوله لذلك ولا تسلمه إيّاه فلعدم صدق عنوان الوديعة ـ الموقوف على تحقق القبول ـ كي يجب التحفّظ عليه بعد وضوح ان أموال الغير لا يجب التحفظ عليها ابتداء.

٤ ـ واما ان عقد الوديعة جائز‌ فذلك واضح بلحاظ المودع لأنه من ناحيته لا يعدو الاذن في حفظ ماله ، وللآذن حق التراجع عن اذنه متى شاء.

واما بلحاظ الودعي فلا وجه لجواز تراجعه قبل انتهاء الاجل ـ ما دام العقد قد حدّد به ـ سوى التسالم على ذلك.

قال صاحب الجواهر : «وهو ـ التسالم ـ الحجّة في تخصيص الآية وغيرها من أدلّة اللزوم» (١).

٥ ـ واما عدم جواز الفسخ ما دام قد اشترط عدم الفسخ‌ فلعموم قوله عليه‌السلام : «المسلمون عند شروطهم» (٢).

ودعوى ان الوديعة عقد جائز فيكون الشرط المذكور فيها جائزا أيضا مدفوعة بان عموم وجوب الوفاء بالشروط لا يختص بالشرط المذكور في العقد اللازم.

واما تحقق الفسخ مع مخالفة الشرط فلان العموم السابق ليس‌

__________________

(١) جواهر الكلام ٢٧ : ١٠٦.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٣٥٣ الباب ٦ من أبواب الخيار الحديث ٢.

٢٧٠

بناظر الى الأثر الوضعي بل التكليفي فقط.

٦ ـ واما ان الودعي يلزمه ايصال الوديعة إلى صاحبها لو فسخ‌ فلوجوب ردّ الامانات إلى أهلها كما دلّ عليه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (١).

واما الضمان لو فسخ الودعي ولم يوصل الوديعة إلى صاحبها وتلفت أو تعيبت فلان ذلك من التفريط في أمر الوديعة.

٧ ـ واما وجوب التحفظ على الوديعة بما هو المتعارف في أمثالها‌ فلاستبطان قبول الودعي الوديعة تعهّده بذلك.

على ان ردّ الامانة إلى أهلها واجب ، والتحفظ المذكور مقدّمة له فيكون واجبا.

٨ ـ واما عدم ضمان الودعي التلف والتعيب لو حصل من دون تعدّ أو تفريط‌ فللحديث الصحيح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ليس لك ان تتهم من قد ائتمنته ولا تأتمن الخائن وقد جربته» (٢).

على ان بالامكان ان يقال : ان التعاقد على الاستيداع يستبطن عرفا التعاقد على ذلك أيضا.

٩ ـ واما عدم جواز التصرف في الوديعة‌ فلان ذلك مقتضى عدم جواز التصرف في مال الغير بدون إذنه ، بل لا معنى للأذن في التصرّف والا كان المورد عارية لا وديعة.

١٠ ـ واما ان من أحسّ بامارات الموت يلزمه ما ذكر‌ فلان ذلك مقتضى التحفظ الواجب في أمر الامانة ، ومن دونه يصدق التفريط.

__________________

(١) النساء : ٥٨.

(٢) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٢٩ الباب ٤ من أحكام الوديعة الحديث ١٠.

٢٧١

١١ ـ واما انقسام الامانة إلى مالكية وشرعية‌ فواضح إذ المودع تارة هو المالك فتكون الامانة مالكية ، واخرى هو الشارع فتكون شرعية ، كما في باب اللقطة ، حيث اذن الشارع بالالتقاط والتحفظ على المال كأمانة.

واما وحدة حكم القسمين فلانه بعد صدق عنوان الامانة في كليهما ينبغي تطبيق جميع أحكامه عليهما.

٢٧٢

كتاب العارية‌

١ ـ حقيقة العارية‌

٢ ـ من أحكام العارية‌

٢٧٣
٢٧٤

١ ـ حقيقة العارية‌

العارية عقد يتضمن تسليط شخص غيره على عين للانتفاع بها مجانا.

وهي مشروعة بلا اشكال.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان العارية عقد‌ فينبغي عدّه من الواضحات ، فان جواز الانتفاع بملك الغير يتحقق تارة من خلال اذن الشخص بالتصرف في ملكه ، وهو بهذا اللحاظ ايقاع لا يتوقف على قبول الطرف الثاني ، واخرى من خلال العارية ، وهو بهذا اللحاظ عقد يتوقف على القبول.

٢ ـ واما ان عقد العارية يتضمن التسليط المجاني على الانتفاع‌ فمما لا كلام فيه. ويقتضيه فهم العرف منها ذلك.

وفرق العارية عن الاجارة ان الثانية تمليك للمنفعة بعوض والاولى تمليك للانتفاع مجانا.

٣ ـ واما شرعية العارية‌ فمن واضحات الفقه ، وتدل على ذلك سيرة العقلاء والمتشرعة والروايات الكثيرة ، كصحيح أبي بصير عن‌

٢٧٥

أبي عبد الله عليه‌السلام : «بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى صفوان بن امية فاستعار منه سبعين درعا باطراقها (باطرافها) فقال : أغصبا يا محمّد؟ فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل عارية مضمونة» (١) وغيره.

٢ ـ من أحكام العارية‌

لا تتحقق الاعارة الا بايجاب من المعير وقبول من المستعير بكل ما يدل عليهما ولو بالمعاطاة.

ولا يلزم في المعير ان يكون مالكا للعين بل تكفي ملكيته للمنفعة باجارة ونحوها فيما إذا لم يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه.

ويعتبر في العين المعارة امكان الانتفاع بها مع بقاء عينها ، اما إذا لم يمكن ذلك فلا تصح الاعارة ، كما هو الحال في مثل الخبز والدهن.

ويلزم المستعير ان لا يستفيد من العين المعارة الا في حدود ما جرت عليه العادة ، فان تجاوز ضمن. وإذا نقصت بسبب الاستعمال المأذون فيه فلا ضمان.

والعين المعارة لا يضمنها المستعير ما دام لم يتحقق منه التعدي أو التفريط الا اذا اشترط عليه الضمان أو فرضت العين من الذهب أو الفضة. والعارية جائزة من الطرفين وان كانت مؤجلة الا مع اشتراط عدم فسخها إلى أجل معين فيجب الوفاء الا انه لو خولف الشرط تحقق الفسخ وان كان الفاسخ آثما بذلك.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٣٦ الباب ١ من أحكام العارية الحديث ١.

٢٧٦

والمستند في ذلك :

١ ـ اما توقف تحقق العارية على الايجاب والقبول‌ فهو مقتضى كونها عقدا.

واما انها تتحقق بكل ما يدل عليهما ولو بالمعاطاة فللتمسك باطلاق دليل شرعيتها بعد فرض صدق عنوانها.

٢ ـ واما انه لا يلزم في المعير ان يكون مالكا للعين بل يكفي كونه مالكا للمنفعة‌ فباعتبار ان التسليط على الانتفاع لا يتوقف على ملكية العين بل تكفي فيه ملكية المنفعة ما دام لم يشترط استيفاؤها بالمباشرة.

٣ ـ واما اعتبار بقاء العين المعارة عند الانتفاع بها‌ فلانه بدون ذلك لا يمكن تمليك الانتفاع.

٤ ـ واما عدم جواز الاستفادة من العين المعارة الا في حدود ما جرت عليه العادة‌ فلانصراف الاذن في الانتفاع بالعين ـ الذي تتضمنه الاعارة ـ إلى الانتفاعات المتعارفة فيها.

٥ ـ واما عدم ضمان النقصان الطارئ على العين بسبب استعمالها‌ فلان ذلك من لوازم الاذن في الانتفاع بها مجانا.

٦ ـ واما عدم ضمان المستعير للعين المعارة ما دام لم يحصل منه تعدّ أو تفريط الا مع اشتراط الضمان‌ فهو مقتضى قاعدة عدم ضمان الامين. مضافا إلى الروايات الخاصة ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا ان يكون‌

٢٧٧

اشترط عليه» (١).

٧ ـ واما ضمان عارية الذهب والفضة‌ فلموثقة اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله أو أبي إبراهيم عليهما السّلام : «العارية ليس على مستعيرها ضمان الا ما كان من ذهب أو فضة فانهما مضمونان اشترطا أو لم يشترطا» (٢).

ان قلت : لا بدّ من تقييد الذهب والفضة بخصوص الدنانير والدراهم لصحيحة عبد الله بن سنان : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تضمن العارية الا ان يكون قد اشترط فيها ضمان الا الدنانير فانها مضمونة وان لم يشترط فيها ضمانا (٣)» (٤) ، وصحيحة عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ليس على صاحب العارية ضمان الا ان يشترط صاحبها الا الدراهم فانها مضمونة اشترط صاحبها أو لم يشترط» (٥).

قلت : ان التقييد المذكور ليس عرفيا لان لازمه الحمل على الفرد النادر ، إذ شرط صحة العارية على ما تقدم امكان الانتفاع بالعين مع بقائها ، وهذا لا يتحقق عادة في الدنانير والدراهم وان كان يتحقق نادرا كما في اعارتها للتزيّن بها او لرهنها كما ذكر صاحب الجواهر.

وعليه فتكون النتيجة ان العارية ليس فيها ضمان الا مع الاشتراط أو كونها من قبيل الذهب والفضة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٣٦ الباب ١ من أحكام العارية الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٤٠ الباب ٣ من أحكام العارية الحديث ٤.

(٣) المناسب : ضمان بالرفع كما في تهذيب الاحكام ٧ : ١٨٣ والاستبصار ٣ : ١٢٦.

(٤) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٣٩ الباب ٣ من أحكام العارية الحديث ١.

(٥) وسائل الشيعة ١٣ : ٢٤٠ الباب ٣ من أحكام العارية الحديث ٣.

٢٧٨

٨ ـ واما ان العارية جائزة من الطرفين بالرغم من كون المناسب لزومها ـ طبقا لأصالة اللزوم‌ ـ فللتسالم على ذلك. وهو جيد ، فان العارية في روحها ترجع إلى الاذن في التصرف ، وللآذن التراجع عن اذنه متى أحب.

واما انه مع اشتراط عدم الفسخ لا يجوز فسخها تكليفا وان ترتّب الاثر وضعا فلما تقدم عند البحث عن الوديعة.

٢٧٩
٢٨٠