دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-035-8
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٧٦

ويدلّ على حرمة الدخول لا بنحو الاجتياز قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ... وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ) (١).

ثم ان المستثنى في غير المسجدين عنوان الاجتياز الذي لا يتحقّق الا بالدخول من باب والخروج من آخر ، ولكن الوارد في رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «للجنب ان يمشي في المساجد كلّها ولا يجلس فيها الا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٢) ، وعنوان المشي لا يتوقّف على افتراض بابين والدخول من واحد والخروج من آخر.

الا ان السند يشتمل على سهل بن زياد الذي فيه كلام.

وعلى فرض صحة السند والتعارض بينها وبين صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم فالترجيح مع الصحيحة لموافقتها للكتاب الكريم الدال على ان المدار على عنوان العبور الذي هو عبارة اخرى عن الاجتياز.

٤ ـ واما حرمة دخول المسجدين ولو اجتيازا‌ فلصحيح جميل بن دراج : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال : لا ، ولكن يمر فيها كلّها إلاّ المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣).

٥ ـ واما حرمة قراءة آيات العزائم‌ فلصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قلت له : «الحائض والجنب هل يقرآن من القرآن شيئا؟ قال : نعم ما شاءا إلاّ السجدة ...» (٤). والسجدة ان لم تكن ظاهرة في الآية‌

__________________

(١) النساء : ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب الجنابة الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب الجنابة الحديث ٢.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١٩ من أبواب الجنابة الحديث ٤.

٦١

ـ دون السورة ـ فهي مجملة يؤخذ بالقدر المتيقّن منها ويرجع في الزائد إلى إطلاق ما دل على جواز قراءة الجنب للقرآن أو إلى الأصل.

٦ ـ واما المشاهد المشرفة‌ فقد قيل بإلحاقها بالمساجد اما :

لان روح المسجدية ـ وهي شرافة المكان وكونه محلا للعبادة ـ متحقّقة فيها بنحو أتمّ.

أو لان ترك مكث الجنب ودخوله فيها نحو من تعظيم لشعائر الله سبحانه التي هي من تقوى القلوب.

أو لصحيحة بكر بن محمد : «خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله عليه‌السلام فلحقنا ابو بصير خارجا من زقاق وهو جنب ونحن لا نعلم حتى دخلنا على ابي عبد الله عليه‌السلام قال : فرفع رأسه إلى ابي بصير فقال : يا ابا محمد أما تعلم انه لا ينبغي لجنب ان يدخل بيوت الأنبياء؟! قال : فرجع ابو بصير ودخلنا» (١).

والكل كما ترى.

اما الاول فلاحتمال الخصوصية لعنوان المسجدية.

واما الثاني فلان تعظيم شعائر الله سبحانه بجميع مراتبه ليس واجبا.

واما الثالث فلعدم ظهور جملة : «لا ينبغي» في الحرمة.

وعليه فالالحاق لا بدّ وان يكون مبنيا على الاحتياط دون الفتوى. كيفية الغسل‌

الغسل على نحوين : ارتماسي يغمس فيه جميع البدن في الماء دفعة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب الجنابة الحديث ١.

٦٢

عرفية ، وترتيبي يغسل فيه الرأس والرقبة أوّلا ثم الطرف الأيمن ثم الأيسر.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما جواز الارتماس‌ فلصحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ولو ان رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة اجزأه ذلك وان لم يدلك جسده» (١) وغيرها.

٢ ـ واما كفاية الدفعة العرفية وعدم لزوم الدفعة الدقية‌ فلان ذلك هو المفهوم عرفا من قوله عليه‌السلام : «ارتماسة واحدة».

٣ ـ واما جواز الترتيبي‌ فلصحيحة زرارة الاخرى «قلت : كيف يغتسل الجنب؟ فقال : ان لم يكن أصاب كفّه شي‌ء غمسهما في الماء ثمّ صب على رأسه ثلاث أكف ثمّ صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» (٢).

وبها يقيد اطلاق قوله عليه‌السلام الوارد في بيان الغسل الترتيبي في صحيحة زرارة الاولى : «ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك».

ولا يضرّها الاضمار بعد كون المضمر زرارة بل قد يقال لا يضرّ الاضمار مطلقا لبيان تقدّمت الإشارة إليه سابقا.

والصحيحة واضحة في اعتبار الترتيب بالشكل المتقدّم إلاّ انّه قد يقال بعدم اعتباره بين الجانبين لموثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل ولم تنقض شعرها كم يجزيها من الماء؟ قال : مثل الذي يشرب شعرها وهو ثلاث حفنات على رأسها.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٦ من أبواب الجنابة الحديث ٥.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٦ من أبواب الجنابة الحديث ٢.

٦٣

وحفنتان على اليمين وحفنتان على اليسار ثم تمرّ يدها على جسدها كلّه» (١) بتقريب ان حفنتين من الماء لا تكفيان لغسل تمام الأيمن من دون امرار اليد والمفروض انّه عليه‌السلام ذكر الامرار بعد الصبّ على الأيسر.

وعليه يلزم حمل الصحيحة على الاستحباب.

أحكام خاصّة بغسل الجنابة‌

لا تعتبر الموالاة ولا عدم النكس في غسل الجنابة بل في كل غسل. كما وانه يجزئ عن الوضوء.

وإذا كان على المكلف أسباب متعدّدة للغسل جاز له الإتيان بغسل واحد بنيّة الجميع أو الإتيان بخصوص غسل الجنابة فانه مجزئ عن الغير.

والمحدث اثناء غسل الجنابة يعيده على قول.

وإذا شكّ المكلف في صدور غسل الجنابة منه أعاده.

وإذا شكّ في صحّته بعد الفراغ منه بنى على صحّته.

وإذا شكّ في صدوره بعد الصلاة حكم بصحّتها ولزمه فعله لما يأتي ان لم يصدر منه حدث أصغر بعد الصلاة وإلاّ جمع بين الغسل والوضوء بل يلزم إعادة الصلاة إذا كان الشكّ في الوقت.

وإذا علم إجمالا اما بنقصان ركن في صلاته أو ببطلان غسله وجبت عليه إعادة الصلاة دون الغسل.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما عدم اعتبار الموالاة بين الأجزاء في الترتيبي‌ فلإطلاق ما ورد في بيان كيفية الغسل كقوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : «ثم تغسل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٨ من أبواب الجنابة الحديث ٦.

٦٤

جسدك من لدن قرنك إلى قدميك» (١).

بل ورد ما يدلّ على عدم اعتبارها كصحيحة إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ان عليّا عليه‌السلام لم ير بأسا ان يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة» (٢).

٢ ـ واما عدم وجوب البدأة بالأعلى‌ فهو المعروف. ويمكن استفادة ذلك من موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ثمّ ليصبّ على رأسه ثلاث مرّات مل‌ء كفّيه ، ثم يضرب بكفّ من ماء على صدره ، وكفّ بين كتفيه» (٣) ، بتقريب ان إطلاق الصبّ على الصدر يصدق ولو من دون صبّ من أعلى نقطة فيه.

٣ ـ واما عدم اعتبار الموالاة ولا عدم النكس في كلّ غسل‌ فيكفي في إثباته عدم ورود كيفية خاصة في غير غسل الجنابة ، فانه يدل على وحدة الكيفية في الجميع.

ولأنه لو كانا معتبرين شرعا لذاع ذلك واشتهر بعد كثرة الابتلاء بغير غسل الجنابة أيضا.

٤ ـ واما اجزاؤه عن الوضوء‌ فلقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٤) الدال على ان وظيفة الجنب هي الغسل ووظيفة غيره الوضوء والتفصيل قاطع للشركة.

ولموثقة عمّار : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل إذا اغتسل من‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٦ من أبواب الجنابة الحديث ٥.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٩ من أبواب الجنابة الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٢٦ من أبواب الجنابة الحديث ٨.

(٤) المائدة : ٦.

٦٥

جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد ، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال : لا ، ليس عليه قبل ولا بعد قد أجزأه الغسل ...» (١).

٥ ـ واما كفاية الاتيان بغسل واحد بنيّة الجميع‌ فلصحيحة زرارة : «إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والحجامة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة فاذا اجتمعت عليك حقوق (الله) أجزأها غسل واحد. قال : ثم قال : وكذلك المرأة ...» (٢).

٦ ـ واما اجزاء غسل الجنابة لو قصده عن غيره‌ فللصحيحة المذكورة أيضا لأنه المتيقن ، بل قد يستفاد منها اجزاء أي غسل قصد عن غيره.

٧ ـ واما القول بوجوب إعادته لو أحدث في أثنائه‌ فاستدل له بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ...) (٣). حيث دل على ان المحدث القائم الى الصلاة على قسمين اما جنب وظيفته الغسل ، أو غيره ووظيفته الوضوء ، وحيث ان المحدث بالأصغر أثناء الغسل يصدق عليه انه محدث قام إلى الصلاة والمفروض انه جنب لعدم اتمامه الغسل فوظيفته الغسل ، أي مخاطب ب (فَاطَّهَّرُوا) ، والخطاب المذكور ظاهر في إيجاد ـ الغسل ـ بتمامه لا اتمامه فيلزم اعادة الغسل من رأس. وبضم قاعدة «التفصيل قاطع للشركة» ينتفي احتمال وجوب ضم الوضوء.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب الجنابة الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤٣ من أبواب الجنابة الحديث ١.

(٣) المائدة : ٦.

٦٦

ثم ان الأقوال في المسألة ثلاثة. وما تقدم احدها.

والقول الثاني هو اتمام الغسل مع الوضوء.

اما اتمامه فلسكوت الاخبار المبيّنة لكيفية الغسل عن اشتراط عدم الحدث في أثنائه.

واما وجوب الوضوء فلإطلاق ما دلّ على ان الحدث موجب للوضوء كما في موثقة بكير : «قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : إذا استيقنت انك قد أحدثت فتوضأ» (١) وغيرها.

والقول الثالث هو اتمام الغسل لما تقدم مع عدم الحاجة إلى الوضوء لان اطلاق ما دلّ على وجوب الوضوء عند الحدث مقيّد بموثقة عمار المتقدمة الدالة على ان غسل الجنابة ليس بعده ولا قبله وضوء.

٨ ـ واما وجوب الإعادة لو شك في صدور الغسل‌ فلاستصحاب عدمه.

٩ ـ واما البناء على صحّة الغسل لو شك فيه بعد الفراغ منه‌ فلقاعدة الفراغ المستفادة من موثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» (٢).

١٠ ـ واما صحّة الصلاة لو شك بعدها في صدور الغسل‌ فلقاعدة الفراغ بالنسبة للصلاة ، وهي مانعة من جريان استصحاب عدم الغسل وإلاّ يلزم لغوية تشريع القاعدة ، إذ ما من مورد تجري فيه الا والاستصحاب واقف إلى جنبها.

١١ ـ واما لزوم إعادته لما يأتي‌ فلاستصحاب عدم الغسل.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء الحديث ٧.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب الخلل الحديث ٣.

٦٧

وصحّة الصلاة بقاعدة الفراغ لا تستلزم ثبوت لوازمها التي منها كونه مغتسلا.

١٢ ـ واما وجوب الجمع بين الغسل والوضوء على تقدير صدور الحدث الأصغر‌ فللعلم الإجمالي بوجوب اما الغسل أو الوضوء.

١٣ ـ واما اعادة الصلاة أيضا إذا كان الشكّ في الوقت‌ فلعدم جريان قاعدة الفراغ لتشكل علم إجمالي بعد صدور الحدث الأصغر بوجوب إعادة الصلاة السابقة بعد الغسل ـ على تقدير عدم الاغتسال ـ أو الوضوء للصلاة اللاحقة ـ على تقدير الاغتسال ـ فيجب الجمع بين الأطراف.

١٤ ـ واما عدم وجوب إعادة الصلاة إذا كان الشكّ خارج الوقت‌ فللشكّ في صدق فوت الصلاة ـ لاحتمال الاغتسال قبلها ـ الذي هو موضوع وجوب القضاء فتجري البراءة عن وجوبه.

١٥ ـ واما وجوب إعادة الصلاة دون الغسل في الفرض الأخير‌ فللعلم ببطلان الصلاة على كل حال فتجري قاعدة الفراغ بلحاظ الغسل بلا معارض.

الحيض‌

ما هو الحيض؟

هو الدم الخارج من المرأة في كل شهر غالبا. وهو أسود أو أحمر حار عبيط يخرج بدفق وحرقة في الغالب.

وأقلّه ثلاثة وأكثره عشرة. ويعتبر فيه الاستمرار العرفي في الثلاثة الأولى وان يكون بعد البلوغ وقبل اليأس.

٦٨

والمستند في ذلك :

١ ـ اما تفسيره‌ بما ذكر فلقضاء الواقع الخارجي بذلك.

٢ ـ والتقييد ب «غالبا» احتراز عن بعض الحالات‌ ، كما في المضطربة ونحوها.

٣ ـ واما انه بالصفات المذكورة‌ فلعدّة روايات كصحيحة حفص بن البختري : «دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام امرأة فسألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري حيض هو أو غيره. قال : فقال لها : ان دم الحيض حار عبيط أسود له دفع وحرارة ، ودم الاستحاضة اصفر بارد فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة. قال : فخرجت وهي تقول : والله ان لو كان امرأة ما زاد على هذا» (١). والمراد بالسواد الحمرة الشديدة وإلاّ فلم ير دم بلون الفحم.

٤ ـ وامّا التقييد ب «الغالب» فللاحتراز عن الحالات التي يحكم فيها بالحيض من دون وجود الصفات ، كالصفرة في أيّام العادة أو قبلها بيوم أو يومين.

٥ ـ واما تحديده قلّة وكثرة بما ذكر‌ فلعدّة روايات كصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «أقلّ ما يكون الحيض ثلاثة أيّام وأكثره ما يكون عشرة أيّام» (٢).

وأما مثل موثقة سماعة : «سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدّة أيّام سواء. قال : فلها ان تجلس وتدع الصلاة ما‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب الحيض الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٠ من أبواب الحيض الحديث ١.

٦٩

دامت ترى الدم» (١) فمحمول على بيان الحكم الظاهري وانها تعمل ظاهرا بوظيفة الحائض فان انقطع قبل الثلاثة انكشف كونه استحاضة وإلاّ انكشف كونه حيضا واقعا.

وإذا لم يتم هذا ونحوه طرحناها لمخالفتها السنّة القطعيّة باعتبار ان تلك متواترة إجمالا.

٦ ـ واما اعتبار الاستمرار في الثلاثة‌ فلاقتضاء الحكم بكون أقلّه ثلاثة لذلك ، فان ظاهره ان الدم الواحد لا يقلّ عن ذلك ، ومع تقطّعه لا يكون واحدا فان الوحدة مساوقة للاتصال عرفا أيضا.

ومع غضّ النظر عن ذلك فمقتضى إطلاق أدلة الأحكام كوجوب الصلاة و ... ترتّبها ما لم يثبت المقيّد ، والقدر المتيقن منه حالة الاتصال في الثلاثة ، فإن الاطلاق كما يتمسّك به عند الشك في أصل التقييد كذلك يتمسّك به عند الشك في زيادته.

٧ ـ واما ان المدار على الاستمرار العرفي‌ ـ الذي يتحقق مع الانقطاع اليسير أيضا ـ دون الدقي فلأنه مقتضى لزوم حمل الألفاظ على مفاهيمها العرفية.

٨ ـ واما اعتبار كونه بعد البلوغ فمتسالم عليه. وتدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ثلاث يتزوجن على كل حال ـ إلى ان قال ـ والتي لم تحض ومثلها لا تحيض. قلت : ومتى يكون ذلك؟ قال : ما لم تبلغ تسع سنين ...» (٢).

٩ ـ واما اعتبار كونه قبل اليأس فمتسالم عليه أيضا‌ ، وتدلّ عليه‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب الحيض الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب العدد الحديث ٥.

٧٠

جملة من الروايات عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «حدّ التي يئست من المحيض خمسون سنة» (١).

متى يحكم بالتحيض؟

وتتحيض المرأة بمجرّد رؤية الدم إذا كان بالصفات أو في العادة أو قبلها بيوم أو يومين.

والمبتدأة التي تراه أوّل مرّة والمضطربة التي لم تستقرّ لها عادة تحكم عليه بذلك بشرط الصفات.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما تحيض ذات العادة إذا رأته بالصفات‌ فلإطلاق ما دل على «ان دم الحيض حار أسود ...» للمرئي في العادة وغيرها. ومع الشك في استمراره ثلاثا يحكم بذلك للاستصحاب الاستقبالي.

٢ ـ واما التحيض برؤيته في العادة وان لم يكن بالصفات‌ فلصحيحة محمّد بن مسلم : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيّامها؟ فقال : لا تصلّي حتى تقضي أيّامها» (٢) ، وغيرها.

٣ ـ واما الحاق التقدّم بيوم أو يومين‌ فلموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في المرأة ترى الصفرة فقال : «ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض» (٣).

٤ ـ واما تحيض المبتدأة والمضطربة بالقيد المذكور‌ فلإطلاق ما‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣١ من أبواب الحيض الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب الحيض الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب الحيض الحديث ٢.

٧١

دل على ان دم الحيض حار أسود ... منضما الى الاستصحاب الاستقبالي.

تجاوز العادة‌

إذا تجاوز الدم العادة فمع تجاوزه العشرة يحكم بالتحيض بمقدار العادة وإلاّ حكم على الجميع بذلك وان لم يكن الزائد بصفة الحيض. وقيل باشتراط ذلك.

وكلّ دم حكم عليه بالحيض فالدم الثاني لا يمكن الحكم عليه بذلك إلاّ مع تخلّل أقل الطهر.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما انه مع التجاوز عن العشرة يحكم بالتحيض بمقدار العادة‌ فلصحيحة يونس عن غير واحد سألوا أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحيض والسنة في وقته فقال : «ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ في الحيض ثلاث سنن ... اما إحدى السنن فالحائض التي لها أيّام معلومة قد أحضتها بلا اختلاط عليها ثم استحاضت فاستمر بها الدم وهي في ذلك تعرف أيّامها ومبلغ عددها ... تدع الصلاة قدر اقرائها أو قدر حيضها ...» (١).

ولا تضرّ رواية يونس عن غير واحد اما لأنه من أصحاب الاجماع أو ان أقل ذلك ثلاثة ولا يحتمل اجتماعهم على الكذب خصوصا مع افتراضهم من مشايخ يونس.

٢ ـ واما انه مع عدم التجاوز يحكم على جميعه بذلك وان لم يكن بالصفات‌ فلقاعدة الامكان ـ المدعى عليها الاجماع والتصيّد من‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب الحيض الحديث ١.

٧٢

الروايات ـ القائلة ب «ان كل دم يمكن ان يكون حيضا فهو حيض» ، وحيث فرض عدم التجاوز فبالامكان ذلك فيحكم عليه بالحيض.

٣ ـ واما وجه القول الآخر فهو ان الدم ما بعد العادة ما دام لم يكن بالصفات‌ فهو مشمول لما ورد من ان الصفرة في غير أيّامها ليست بحيض ، كما في صحيحة محمّد بن مسلم (١) ولإطلاق ما دلّ على ان دم الاستحاضة أصفر كما في صحيحة حفص بن البختري (٢).

٤ ـ واما اعتبار فصل أقل الطهر‌ فلصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «لا يكون القرء في أقل من عشرة أيّام فما زاد. أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى ان ترى الدم» (٣) وغيرها.

أحكام الحيض‌

لا تصح الصلاة والصوم والطواف والاعتكاف من الحائض إلاّ بعد الانقطاع والاغتسال. وتقضي الصوم دون الصلاة.

ويحرم عليها ما يحرم على الجنب ، ويحرم وطؤها قبل انقطاع الدم. وقيل باختصاصه بالقبل. وكيفية غسلها كغسل الجنابة.

ولا يصحّ طلاقها على تفصيل مذكور في باب الطلاق.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما عدم صحّة الثلاثة منها‌ فأمر متسالم عليه بل هو في بعضها ضروري ويستفاد من الروايات ، كصحيحة زرارة عن أبي‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب الحيض الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب الحيض الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب الحيض الحديث ١.

٧٣

جعفر عليه‌السلام : «إذا كانت المرأة طامثا فلا تحلّ لها الصلاة ...» (١). وموثقة سماعة : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستحاضة قال : تصوم شهر رمضان إلاّ الأيام التي كانت تحيض فيها ثم تقضيها بعد» (٢) وموثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستحاضة أيطؤها زوجها وهل تطوف بالبيت؟ قال : تقعد قرأها الذي كانت تحيض فيه ـ الى ان قال ـ وكل شي‌ء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت» (٣) فانها ظاهرة في انه متى ما حلّت لها الصلاة جاز لزوجها إتيانها وطوافها بالبيت.

واما عدم صحّة الاعتكاف منها فباعتبار اشتراطه بالصوم.

٢ ـ واما اعتبار الانقطاع والاغتسال‌ فلأنها قبل الانقطاع حائض وقبل الاغتسال محدثة فلا تصح تلك منها لاشتراطها بالطهارة.

٣ ـ واما انها تقضي الصوم دون الصلاة‌ فلصحيحة زرارة : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصيام ، قال : ليس عليها ان تقضي الصلاة وعليها ان تقضي صوم شهر رمضان» (٤) وغيرها.

٤ ـ واما انه يحرم عليها ما يحرم على الجنب‌ فلان معظم الروايات الواردة في محرّمات الجنابة ذكر عنوان الحائض أيضا أو ذكرها بما انها أحكام لمطلق المحدث كحرمة المسّ.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٩ من أبواب الحيض الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣٩ من أبواب الحيض الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ٨.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٤١ من أبواب الحيض الحديث ٢.

٧٤

٥ ـ واما حرمة وطئها‌ فأمر مسلم وتدل عليه الآية الكريمة : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ) (١).

٦ ـ واما كفاية انقطاع الدم في جواز الوطء‌ فلصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «المرأة ينقطع عنها الدم دم الحيض في آخر أيّامها قال إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسّها ان شاء قبل ان تغتسل» (٢) وغيرها.

واما ما دل على المنع وانه «لا ، حتى تغتسل» (٣) فمحمول على الكراهة بقرينة ما دل على الجواز طبقا لقاعدة الجمع العرفي بين الظاهر والصريح.

ولو لا الروايات المجوّزة كان المناسب الحكم ببقاء الحرمة للاستصحاب بناء على جريانه في الشبهات الحكمية وعدم معارضته باصالة عدم الجعل الزائد.

٧ ـ واما وجه القول باختصاص التحريم بالقبل‌ فلموثقة عبد الملك بن عمرو : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ما لصاحب المرأة الحائض منها فقال : كل شي‌ء ما عدا القبل منها بعينه» (٤) وغيرها فانها بإطلاقها تشمل الدبر.

وإذا عورض الاطلاق المذكور بإطلاق صحيحة عبد الله بن سنان‌

__________________

(١) البقرة : ٢٢٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٧ من أبواب الحيض الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٢٧ من أبواب الحيض الحديث ٧.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٢٥ من أبواب الحيض الحديث ١.

٧٥

عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... ولا بأس ان يأتيها بعلها إذا شاء إلاّ أيّام حيضها فيعتزلها زوجها» (١) حيث يدل على المنع حتى من الدبر.

كان الجواب : ان دلالة الأوّل بالعموم والثاني بالاطلاق وعند التعارض يقدم العموم.

ومع تسليم التساوي يتساقطان ويرجع إلى أصل البراءة أو مطلقات جواز الوطء في الدبر إن كانت.

وكل هذا ـ كما تعلم ـ مبني على جواز الوطء في الدبر في غير حالة الحيض.

٨ ـ واما وجه وحدة الغسل‌ فيكفي لإثباته عدم الدليل على كيفية اخرى مغايرة لغسل الجنابة إذ مع عدم الوحدة ، لا بدّ من البيان خصوصا بعد كثرة الابتلاء.

على أنه قد ورد في موثقة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «غسل الجنابة والحيض واحد» (٢).

الاستحاضة‌

ما هى الاستحاضة؟

الاستحاضة دم يخرج في غير وقت العادة الشهرية والولادة ، وليس من جرح أو بكارة.

ويكون في الغالب أصفر باردا رقيقا ، لا حرقة فيه ، عكس دم الحيض ، ولا حدّ لقليله ولا لكثيره ، ولا يلزم فصل أقل الطهر بين أفراده.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٤ من أبواب الحيض الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب الحيض الحديث ١.

٧٦

والمستند في ذلك :

١ ـ اما تحديد دم الاستحاضة‌ بما ذكر : فهو من القضايا الواضحة الوجدانية.

٢ ـ واما كونه بما ذكر من الصفات‌ فلصحيحة حفص بن البختري ـ التي أشرنا إليها في صفات الحيض ـ وغيرها.

٣ ـ واما انه لا حدّ لقليله ولا لكثيره‌ فلإطلاق الأخبار والتسالم على ذلك.

٤ ـ واما عدم اعتبار فصل أقل الطهر بين أفراده‌ فلإطلاق الأخبار أيضا.

أقسام الاستحاضة‌

دم الاستحاضة على ثلاثة أقسام : قليل لا يغمس القطنة ، وكثير يغمسها ولا يسيل ، وأكثر يغمسها ويسيل.

والمشهور ان حكم الأوّل وجوب الوضوء لكل صلاة مع تبديل القطنة.

وحكم الثاني مضافا إلى ما ذكر الاغتسال مرّة واحدة. والمعروف كونه قبل صلاة الصبح.

وحكم الثالث مضافا الى ما ذكر الاغتسال ثلاث مرّات لصلاة الصبح والظهرين والعشاءين. وقيل بعدم وجوب الوضوء في القسم المذكور.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما انقسامها إلى الأقسام الثلاثة بالشكل المتقدم‌ فهو المشهور. ويمكن استفادته من صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المستحاضة تنظر أيامها ... وان كان الدم لا يثقب الكرسف‌

٧٧

توضّأت ودخلت المسجد وصلّت كلّ صلاة بوضوء» (١) بضميمة صحيحة زرارة : «... فان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلّت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وان لم يجز الدم الكرسف ، صلّت بغسل واحد» (٢).

ويمكن استفادة الأقسام الثلاثة أيضا من صحيحة الحسين بن نعيم الصحاف المطولة المعقدة (٣).

هذا ولكن عن الآخوند الخراساني تقسيم دم الاستحاضة على أساس اللون والكمية ، فان كان أحمر فمع ثقبه الكرسف ـ مع التجاوز أو بدونه ـ تجب أغسال ثلاثة ، ومع عدم ثقبه يجب غسل واحد.

وان كان أصفر فمع كثرته العرفية ـ دون الاصطلاحية التي هي بمعنى تجاوز الدم عن الكرسف ـ تجب أغسال ثلاثة ، ومع قلّته العرفية يجب الوضوء لكل صلاة. واستند في ذلك إلى الجمع بين الروايات (٤).

٢ ـ وأما وجوب الوضوء لكل صلاة على المستحاضة القليلة‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة : «وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضّأت ودخلت المسجد وصلّت كل صلاة بوضوء» (٥).

٣ ـ واما لزوم تبديلها القطنة‌ فمشهور وقد يمكن استفادته ممّا ورد في المتوسطة في موثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله : «سألت أبا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٩٥ باب الحبلى ترى الدم الحديث ١.

(٤) مستمسك العروة الوثقى ٣ : ٣٨٦.

(٥) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ١.

٧٨

عبد الله عليه‌السلام عن المستحاضة ... فان ظهر عن الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا آخر» (١) ، بضميمة عدم الفصل أو استفادته ممّا ورد في منع حمل النجس في الصلاة خصوصا أحد الدماء الثلاثة.

٤ ـ واما وجوب الغسل قبل صلاة الصبح على المستحاضة المتوسطة‌ فلصحيحة زرارة : «وان لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد» (٢) فانها وان لم تصرّح بكون الغسل لصلاة الصبح إلاّ ان ذلك ـ على ما قيل ـ ممّا انعقد عليه الإجماع بل الضرورة ، كما عن طهارة الشيخ.

هذا مضافا إلى ان الغسل حيث لا يحتمل كون وجوبه نفسيّا بل للصلاة فمن المناسب كونه قبل صلاة الصبح لأنها أوّل صلاة في اليوم.

٥ ـ واما وجوب الوضوء عليها لكل صلاة‌ فلموثقة سماعة : «المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف ، اغتسلت لكل صلاتين ، وللفجر غسلا ، وان لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرّة والوضوء لكل صلاة ...» (٣).

٦ ـ واما تبديل القطنة أو تطهيرها‌ فلموثقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله المتقدّمة.

ثم ان التبديل حيث انه ملحوظ بنحو الطريقية للطهارة فمن المناسب قيام الغسل مقامه.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ٨.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ٥.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ٦.

٧٩

٧ ـ واما وجوب اغسال ثلاثة على المستحاضة الكثيرة‌ فلصحيحة زرارة المتقدّمة : «فان جاز الدم الكرسف تعصبت ، واغتسلت ثمّ صلّت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل ...» (١).

٨ ـ واما وجوب تبديلها القطنة‌ فلفحوى ما دل على وجوبه في المتوسطة لأنها تزيد على المتوسطة دما.

٩ ـ وامّا توجيه القول بعدم وجوب الوضوء عليها‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة حيث قالت : «المستحاضة تنظر أيامها ... فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر ... وللمغرب والعشاء غسلا ... وتغتسل للصبح ... وان كان الدم لا يثقب الكرسف توضّأت ودخلت المسجد وصلّت كل صلاة بوضوء ...» (٢) فانه بضم قاعدة «التفصيل قاطع للشركة» تدل على المطلوب.

ولعل أوضح منها موثقة سماعة المتقدّمة.

كما ويمكن التمسّك بموثقة عمّار الساباطي : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل إذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده فقال : لا ، ليس عليه قبل ولا بعد ، قد أجزأه الغسل. والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد قد أجزأها الغسل» (٣). فانها تدلّ على إجزاء كلّ غسل عن الوضوء ، وقد خرجنا عن ذلك في‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ٥.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الاستحاضة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب الجنابة الحديث ٣.

٨٠