دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-035-8
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٧٦

ولو مع تركها عمدا ـ غايته قد تجب على ذلك كفارة خاصة ـ وانما هي واجبات استقلالية مطلوبة بعد الفراغ منه ، كما هو الحال في طواف النساء وأعمال منى بعد اليوم العاشر.

والوجه في ذلك بالنسبة الى طواف النساء قد تقدّم.

واما بالنسبة الى أعمال منى فلصحيحة معاوية بن عمّار المبيّنة لأعمال مكة عند العودة اليها حيث ورد فيها : «... فإذا أتيت البيت يوم النحر طف بالبيت سبعة أشواط ... ثم اخرج الى الصفا ... فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شي‌ء أحرمت منه الا النساء. ثم ارجع الى البيت وطف به اسبوعا آخر ثم تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ، ثم قد احللت من كل شي‌ء وفرغت من حجّك كلّه وكل شي‌ء أحرمت منه» (١).

٢ ـ اما ان المبيت واجب في الليلتين المذكورتين فممّا انعقدت عليه السيرة القطعية المتوارثة. وتدل عليه أيضا صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تبت ليالي التشريق الا بمنى ، فان بت في غيرها فعليك دم. فان خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل الا وأنت في منى الا ان يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكة ، وان خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك ان تصبح في غيرها» (٢) وغيرها.

بل يمكن استفادة ذلك في الجملة من قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ ، مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) (٣) ، فان المقصود من الأيّام المعدودات أيّام التشريق ،

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب زيارة البيت الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب العود الى منى الحديث ٨.

(٣) البقرة : ٢٠٣.

٥٠١

كما ورد في النصوص (١).

٣ ـ واما لزوم المبيت ليلة الثالث عشر على من لم يتق الصيد‌ فلصحيحة حمّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا أصاب المحرم الصيد فليس له ان ينفر في النفر الأوّل ... وهو قول الله عزّ وجلّ : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ... لِمَنِ اتَّقى) ، فقال : اتقى الصيد» (٢) وغيرها.

والرواية صحيحة لان محمّد بن يحيى الذي يروي عن حمّاد وإن كان في هذه الطبقة مردّدا بين الخزاز والخثعمي الثقتين والصيرفي الذي لم يوثق الا أنّه منصرف الى الخزاز لأنه صاحب الكتاب المشهور.

ثم انه لا إشكال في اختصاص الحكم بمن اتقى غير انه وقع الخلاف في ان المقصود الاتقاء من الصيد بخصوصه أو يعمّ الاتقاء من النساء أيضا بل قيل من مطلق محرمات الاحرام بل ذكر الشيخ النائيني في مناسكه : ان الأحوط المبيت ليلة الثالث عشر لمن اقترف كبيرة من الكبائر وان لم تكن من محرمات الاحرام (٣). بل قيل بوجوب المبيت المذكور على مطلق الصرورة وان اتقى.

وهذه الأقوال اما ذات مستند ضعيف أو لا يعرف لها مستند أصلا.

٤ ـ واما ان من اتقى إذا أراد النفر الأوّل يلزمه ذلك بعد زوال اليوم الثاني عشر‌ فلصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «من تعجل في‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب العود الى منى.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب العود الى منى الحديث ٣.

(٣) دليل الناسك : ٤٣١ ، منشورات مدرسة دار الحكمة.

٥٠٢

يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فإن أدركه المساء بات ولم ينفر» (١) وغيرها.

وهي كما تدل على المطلوب تدل على جواز النفر الثاني قبل الزوال.

ولا تعارض الصحيحة برواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «لا بأس ان ينفر الرجل في النفر الأوّل قبل الزوال» (٢) لضعفها سندا بسليمان بن أبي زينبة فانه مجهول وبعدم عمل الأصحاب بها.

٥ ـ واما وجوب المبيت ليلة الثالث عشر لمن دخل عليه الليل في اليوم الثاني عشر‌ وهو في منى فلصحيحة السابقة.

٦ ـ واما عدم وجوب المبيت تمام الليلة والاكتفاء بأحد النصفين فلم يقع فيه خلاف وانما الخلاف في ان أي واحد من النصفين يلزم اختياره. والمشهور لزوم اختيار النصف الأوّل.

ولعل ذلك باعتبار ان عنوان البيتوتة المأمور به في النصوص لا يصدق عرفا الا على من بات من بداية الليل.

وهذا جيد لو لم تدل النصوص نفسها على التخيير ، ولكنها قد دلّت على ذلك ، كما في صحيحة معاوية بن عمار السابقة وغيرها.

٧ ـ واما استثناء الأوّل‌ فلقاعدة : «ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر» (٣) التي قال عنها الامام الصادق عليه‌السلام : «هذا من الأبواب التي يفتح‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٠ من أبواب العود الى منى الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٩ من أبواب العود الى منى الحديث ١١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب قضاء الصلوات الحديث ١٣.

٥٠٣

كل باب منها ألف باب» (١).

هذا مضافا الى امكان تطبيق قاعدة نفي الحرج المستفادة من قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢).

٨ ـ واما استثناء الثاني‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر ، فقال : ليس عليه شي‌ء ، كان في طاعة الله عزّ وجلّ» (٣).

وهي صحيحة بكلا طريقيها. وتدلّ على ان المدار على الاشتغال بمطلق الطاعة لا خصوص الطواف والسعي.

واما استثناء الخارج من منى بعد دخول الليل إذا اشتغل بالمناسك بقيتها فلصحيحة معاوية المذكورة في الرقم ٢ ، حيث ورد فيها : «فان خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل الا وأنت في منى الا ان يكون شغلك نسكك» (٤).

٩ ـ واما الاستثناء الثالث‌ فلصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «من زار فنام في الطريق فان بات بمكة فعليه دم ، وان كان قد خرج منها فليس عليه شي‌ء وان أصبح دون منى» (٥) وغيرها.

وهي تدل على جواز المبيت في الطريق بشرط زيارة البيت أوّلا ،

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب قضاء الصلوات الحديث ٩.

(٢) الحج : ٧٨.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب العود الى منى الحديث ١٣.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب العود إلى منى الحديث ٨.

(٥) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب العود إلى منى الحديث ١٦.

٥٠٤

وان يكون الخروج من البيت بقصد التوجّه الى منى ، وان يكون المبيت وسط الطريق الى منى لا في شقة السكن المتداولة يومنا هذا ، فانها ليست في الطريق الى منى.

ثم ان الصحيحة قد رواها الشيخ بسند صحيح كما يلي : محمّد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام. ورواها الكليني مع الإرسال كما يلي : علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن بعض أصحابنا.

وحيث لا نحتمل ان جميلا قد سمعها مرّتين : مرّة مباشرة من الامام عليه‌السلام ومرّة بالواسطة بل سمعها بأحد الشكلين فتسقط عن الحجيّة لاحتمال انه سمعها بالواسطة ، وحيث نجهل الواسطة فلا تكون حجّة.

الا ان ما ذكر غير مهم بعد ورود المضمون المذكور بالألفاظ نفسها في بعض الروايات الصحيحة الاخرى (١).

ثم انه ورد في صحيحة محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه‌السلام : «الرجل يزور فينام دون منى ، فقال : إذا جاز عقبة المدنيين فلا بأس ان ينام» (٢) اشتراط تجاوز عقبة المدنيين. وقد يتصوّر كونه تقييدا إضافيا زائدا على المضمون المذكور في صحيحة جميل.

الا ان الأمر ليس كذلك فان عقبة المدنيين حد لمكّة القديمة ، والخروج من مكة المأخوذ في صحيحة جميل لا يتحقّق الا بتجاوزها ،

__________________

(١) ولا يبعد ان يكون التعبير الوارد في ذيل صحيحة معاوية المذكورة في الرقم ٢ : «أو قد خرجت من مكة» اشارة الى هذا الاستثناء أيضا.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب العود إلى منى الحديث ١٥.

٥٠٥

فالمعتبر فيهما على هذا الأساس واحد.

رمي الجمار‌

يجب في اليوم الحادي والثاني عشر رمي الجمار الثلاث : الأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة بالكيفية نفسها المذكورة في رمي جمرة العقبة يوم العاشر.

وقيل بلزوم الرمي يوم الثالث عشر لمن بات في منى ليلته.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب الرمي في اليومين المذكورين‌ فقد لا نعثر على نص صحيح يدل بالمطابقة عليه الا انّه تكفينا السيرة القطعية المتوارثة على فعل ذلك بنحو الوجوب من قبل جميع المسلمين.

وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ارم في كل يوم عند زوال الشمس وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة» (١).

ويمكن التشكيك في استفادة الوجوب منها باعتبار اشتمال السياق على بعض المستحبات الا بناء على مسلك حكم العقل في استفادة الوجوب.

وفي صحيحة عبد الله بن سنان : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى الى منى فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت الشمس ، قال : يرمي إذا أصبح مرّتين : مرّة لما فاته والاخرى ليومه الذي يصبح فيه ، وليفرّق بينهما يكون أحدهما بكرة وهي للأمس‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٢ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ١.

٥٠٦

والاخرى عند زوال الشمس» (١) وهي وان دلّت على الوجوب في اليوم الحادي عشر ولكن لا يستفاد منها الوجوب لليوم الثاني عشر.

وعليه ينحصر المدرك بالسيرة المتوارثة.

٢ ـ واما ان الرمي في اليومين المذكورين يلزم ان يكون بالترتيب المذكور‌ فلا يستفاد من الروايات السابقة بل من صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «الرجل يرمي الجمار منكوسة ، قال : يعيدها على الوسطى وجمرة العقبة» (٢) وغيرها.

٣ ـ واما ان الكيفية واحدة‌ فلإطلاق النصوص المتقدّمة عند البحث عن كيفية رمي جمرة العقبة.

٤ ـ واما وجوب الرمي في اليوم الثالث عشر لمن بات‌ فهو المشهور ، ولكن لا دليل عليه الا رواية دعائم الإسلام عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام : «يرمى في أيّام التشريق الثلاثة الجمرات ، كل يوم يبتدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى» (٣).

ورواية الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : «ترمي يوم الثاني والثالث والرابع في كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة ...» (٤).

وصحيحة معاوية بن عمّار الحاكية لقصّة حجّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانه أقام بمنى حتى كان اليوم الثالث من آخر أيّام التشريق ثم رمى الجمار (٥).

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب العود الى منى الحديث ١.

(٣) مستدرك الوسائل ١٠ : ١٥٢ الحديث ١١٧٣٢.

(٤) مستدرك الوسائل ١٠ : ١٥٢ الحديث ١١٧٣٣.

(٥) وسائل الشيعة الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الحديث ٤.

٥٠٧

والكل قابل للتأمّل.

اما الأوّلى فلان روايات القاضي نعمان المصري في الكتاب المذكور ـ الذي ألّفه للدولة الفاطمية وأمر الخليفة الوعّاظ بالوعظ به وجعل لمن يحفظه مالا (١) ـ مراسيل. على ان الرواية المذكورة تدل على وجوب الرمي في اليوم الثالث حتى في حق من لم يبت في منى ، وذلك ممّا لا قائل به.

واما الثانية فلان نسبة الكتاب الى الامام الرضا عليه‌السلام غير ثابتة وان أصرّ على ذلك بعض أعلامنا (٢). على ان الرواية تدلّ على وجوب الرمي في اليوم الثالث بل الرابع بشكل مطلق ، وهذا لا قائل به من جهتين.

واما الثالثة فلان أقصى ما يدل عليه فعل المعصوم عليه‌السلام الرجحان دون الالزام.

وعليه فلا دليل على الوجوب المذكور بل مقتضى أصل البراءة عدمه.

ويبقى الاحتياط أمرا لازما تحفّظا من مخالفة رأي المشهور الذي كاد يكون مجمعا عليه.

٥ ـ محرّمات الاحرام‌

إذا انعقد الاحرام حرمت جملة من الأشياء ، بعضها على مطلق المحرم ، وبعضها على خصوص الرجال ، وبعضها على خصوص النساء ، فالأقسام على هذا ثلاثة :

__________________

(١) الذريعة ٨ : ١٩٧.

(٢) كالشيخ يوسف البحراني في حدائقه في مواضع متعددة منها ١ : ٢٥ ـ ٢٦.

٥٠٨

القسم الأوّل

صيد البر‌

لا يجوز للمحرم الصيد البري اصطيادا وذبحا وأكلا وإمساكا واعانة ولو بالإشارة ، بخلاف البحري فإنّه يجوز فيه ذلك.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة الصيد البري بمختلف الأساليب المذكورة‌ فمتسالم عليها. ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (١) ، فإنّه بإطلاقه يشمل جميع ما ذكر. ودلّ على حرمة القتل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (٢).

والروايات كثيرة ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ، ولا أنت حلال في الحرم ، ولا تدلنّ عليه محلا ولا محرما فيصطاده ، ولا تشر إليه فيستحل من أجلك فإن فيه فداء لمن تعمّده» (٣) وغيرها.

والصحيحة تدل على ان حرمة الصيد ليست من شئون الاحرام فقط بل هي من شئون الحرم أيضا.

٢ ـ واما حلية صيد البحر‌ فيدلّ عليها قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ) (٤).

__________________

(١) المائدة : ٩٦.

(٢) المائدة : ٩٥.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

(٤) المائدة : ٩٦.

٥٠٩

بل لا حاجة الى ذلك ويكفي تقييد الصيد في الآية الأولى ـ لو قصرنا النظر عليها ـ بالبر ، فإنّه يدل بالمفهوم على حليّة غير البري اما مطلقا أو في الجملة على الخلاف في مفهوم الوصف.

بل لا حاجة الى ذلك ، ويكفينا أصل البراءة ـ لو قصرنا النظر على الآية الاولى ـ بعد توجه التحريم إلى خصوص صيد البر.

الاستمتاع‌

يحرم على المحرم من النساء : الجماع ، والتقبيل ولو بدون شهوة ، والمسّ بشهوة ، والنظر المؤدي الى الامناء. ولا يحرم غير ذلك.

ويحرم على المرأة مثل ذلك.

ويحرم أيضا الاستمناء واجراء عقد الزواج ويقع باطلا.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة الجماع‌ فلقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) (١) ، فان الرفث هو الجماع لصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : «... الرفث : جماع النساء ، والفسوق : الكذب والمفاخرة. والجدال : قول الرجل لا والله وبلى والله» (٢) وغيره.

بيد انّه لا يشمل احرام العمرة المفردة للتعبير ب (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) وب (الْحَجِّ).

أجل يمكن التمسك بإطلاق كلمة الاحرام الواردة في الروايات ، كصحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «الرجل إذا تهيّأ للإحرام فله ان‌

__________________

(١) البقرة : ١٩٧.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣٢ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٤.

٥١٠

يأتي النساء ما لم يعقد التلبية» (١) وغيرها.

٢ ـ واما حرمة التقبيل ولو بدون شهوة‌ ، فلصحيحة مسمع أبي سيّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «يا أبا سيّار : ان حال المحرم ضيّقة ، فمن قبّل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة. ومن قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر ربه» (٢) ، فان ثبوت الكفارة يفهم منه عرفا التحريم خصوصا بعد ملاحظة قوله عليه‌السلام : «حال المحرم ضيقة».

وسند الكليني الى ابن محبوب إذا كان ضعيفا بسهل فطريقه الثاني إليه صحيح فراجع.

٣ ـ واما حرمة المس بشهوة‌ فلصحيحة مسمع السابقة حيث ورد في ذيلها : «ومن مسّ امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة. ومن نظر الى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور. ومن مسّ امرأته أو لازمها عن غير شهوة فلا شي‌ء عليه» (٣) بالتقريب السابق.

٤ ـ واما حرمة النظر المؤدي الى الامناء‌ فللصحيحة السابقة.

واما النظر بلا شهوة فلا إشكال في عدم حرمته لان المسّ من غير شهوة إذا لم يكن محرّما فبالاولى لا يكون النظر من غير شهوة محرّما.

وإذا قيل : ان الصحيحة نفت ثبوت شي‌ء ـ وهو الكفارة ـ عند المس من غير شهوة وهذا لا ينافي ثبوت التحريم غايته من دون كفارة.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٨ من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٧ من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث ٣.

٥١١

قلنا : هذا صحيح ولكنها بالتالي لا تدلّ على ثبوت التحريم أيضا بل هي ساكتة من الناحية المذكورة فتجري البراءة.

٥ ـ واما النظر مع الشهوة من دون امناء‌ فلا دليل على تحريمه.

وإذا قيل : ورد ان المحرم يقول حالة الاحرام : «احرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب ...» (١) ، وهو يدل على حرمة مطلق الاستمتاع على المحرم لا خصوص الجماع.

قلنا : ان ذلك تعليم لأدب إسلامي ولا يمكن ان يستفاد منه حكم شرعي الزامي. كيف ولازم ما ذكر حرمة مطلق الاستمتاع كالاستمتاع بالصوت أو التحدّث ، والتزام حرمة مثل ذلك بعيد جدّا.

٦ ـ واما عدم حرمة غير ذلك‌ فللبراءة بعد عدم الدليل.

واستفادة ذلك من جملة «احرم لك شعري ...» قد تقدّم ما فيها.

وإذا قيل : ان المستفاد من مجموع النصوص المتقدّمة تحريم الشارع لمطلق الاستمتاع.

قلنا : نعم يستفاد ذلك إذا كان الاستمتاع على مستوى الجماع أو التقبيل أو المسّ بشهوة أو النظر المؤدي الى الامناء ، واما ما كان دون هذا المستوى فلا يستفاد تحريمه.

٧ ـ واما حرمة مثل ذلك على المرأة أيضا‌ فلان المستفاد من النصوص المتقدّمة ان حرمة ما تقدّم هو من شئون الاحرام والحج وليست من شئون خصوص الرجل المحرم.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب الاحرام الحديث ١.

٥١٢

٨ ـ واما الاستمناء‌ فهو محرم في نفسه لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) (١) بتقريب ان الفرج كناية عن الاستمتاع الجنسي وان المؤمن ينحصر استمتاعه الجنسي بزوجته وملك اليمين ، وإذا تجاوز ذلك كان عاديا.

ولكن إذا رفضنا التقريب المذكور وهكذا النصوص الدالة على تحريمه في نفسه (٢) فبالامكان الحكم بتحريمه في خصوص المقام لصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يعبث بأهله وهو محرم حتى يمني من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ قال : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع» (٣) فإنّه يفهم منه ان الكفارة لخصوصية الامناء دون العبث بالأهل ، واللازم العرفي للكفارة كما قلنا التحريم.

٩ ـ واما حرمة العقد‌ وبطلانه فممّا لا خلاف فيهما لصحيحة عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ليس للمحرم ان يتزوّج ولا يزوّج. وان تزوّج أو زوّج محلا فتزويجه باطل» (٤) وغيرها.

واما الشهادة عليه والتعرض للخطبة فقد ورد تحريمهما في رواية الشيخ الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المحرم لا ينكح‌

__________________

(١) المؤمنون : ٥ ـ ٧.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٨ من أبواب النكاح المحرم.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

٥١٣

ولا ينكح ولا يخطب ولا يشهد النكاح ...» (١) ، ولكن لأجل الإرسال لا يصلح التمسّك بها الا للحكم بحسن الاحتياط بتركهما.

الطيب‌

يحرم على المحرم استعمال الطيب شمّا أو أكلا أو مسّا. وفي عموم الحكم لكل طيب أو خصوص الزعفران والعود والمسك والورس والعنبر خلاف.

ولا يمسك المحرم أنفه عن الرائحة الكريهة ويمسك عن الرائحة الطيبة.

ويحرم شمّ الرياحين التي تفوح منها رائحة طيبة الا بعض أقسامها البرية كالأذخر والخزامى ونحوهما.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة الطيب في الجملة‌ فممّا لا خلاف فيها ، وانّما الخلاف في عمومها لمطلق الطيب أو خصوص بعض أقسامه.

والروايات على طائفتين طائفة تعمّ كل طيب وطائفة تختص ببعض أفراده.

مثال الاولى : صحيحة الحلبي ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المحرم يمسك على أنفه من الريح الطيبة ولا يمسك على أنفه من الريح الخبيثة» (٢). وهي صحيحة بطرقها الثلاث أو الأربع.

ومثال الثانية : صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تمسّ شيئا من الطيب وأنت محرم ولا من الدهن وأمسك على أنفك من الريح الطيبة ولا تمسك عليها من الريح المنتنة فإنّه لا ينبغي للمحرم ان يتلذّذ بريح طيبة واتق الطيب في زادك ... وانما يحرم عليك من الطيب‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٧.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

٥١٤

أربعة أشياء : المسك والعنبر والورس والزعفران ...» (١).

وفي صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «الطيب : المسك والعنبر والزعفران والعود» (٢).

والجمع العرفي يقتضي تخصيص الطائفة الاولى المطلقة بالطائفة الثانية المصرّحة بأن الطيب المحرّم يختص بالافراد المذكورة.

هكذا يمكن ان يقال بادئ الأمر.

وأوجه من ذلك ان يقال : ان تخصيص الأربعة المتقدّمة بالذكر هو لأجل كونها الافراد المتعارفة للطيب تلك الفترة والا فهناك أنواع أحسن طيبا في زماننا ، ولا نحتمل حليتها وحرمة تلك بالخصوص بعد وضوح ان حرمة الأربعة ليست الا من باب منافاة رائحتها الطيبة لروح الاحرام. ولعلّ تعبير الإمام عليه‌السلام في صحيحة معاوية : «فإنّه لا ينبغي للمحرم ان يتلذّذ بريح طيبة» واضح في ذلك.

يبقى شي‌ء ، وهو ان روايات الطائفة الثانية اختلفت في الفرد الرابع وانه العود أو الورس ، وقد يتخيّل ـ بناء على تخصيص التحريم بالمذكورات ـ التعارض والتساقط من هذه الناحية.

والمناسب ان يقال : بحرمتهما معا اما ببيان ان رواية الورس صريحة في حرمته وظاهرة بإطلاق مفهومها في نفي حرمة العود ، في حين ان رواية العود بعكس ذلك ، فيقيد إطلاق مفهوم كل واحدة بصراحة الأخرى طبقا لقاعدة الجمع العرفي التي تقول : إذا اجتمع‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٨ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٨.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٨ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١٥.

٥١٥

صريح وظاهر متنافيان كانت صراحة الصريح قرينة على تأويل الظاهر.

أو ببيان انه بعد التعارض يحصل العلم إجمالا بحرمة أحد الفردين ، وحيث لا يمكن تشخيصه فتلزم الفقيه الفتوى بوجوب الاحتياط بتركهما.

٢ ـ واما حرمة جميع انحاء الاستعمال‌ فلإطلاق التعليل في صحيحة معاوية : «فإنّه لا ينبغي للمحرم ان يتلذّذ بريح طيبة» ، بل وللتصريح بحرمة الأكل في بعض النصوص المتقدمة.

٣ ـ واما حرمة الإمساك عن الرائحة الكريهة ووجوبه عن الرائحة الطيبة‌ فللتصريح بذلك في الروايات السابقة.

٤ ـ واما حرمة شمّ الرياحين‌ فلصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تمس ريحانا وأنت محرم ، ولا شيئا فيه زعفران ، ولا تطعم طعاما فيه زعفران» (١) وغيرها ، فان النهي عن المس كناية عن تحريم الشم والا فلا يحتمل ان المسّ بما هو مسّ محرم. كما لا بدّ ان يكون المقصود من الرياحين ما كان منها ذا رائحة طيبة والا فما ليس كذلك لا تحتمل حرمته أيضا.

واما استثناء الافراد البرية فلصحيح معاوية بن عمّار : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا بأس ان تشمّ الاذخر والقيصوم والخزامى والشيح وأشباهه وأنت محرم» (٢).

والمقصود من الاشباه كل نبات بري ذي رائحة طيبة من دون‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٨ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٥ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

٥١٦

اتخاذ مادة الطيب منه.

التزين‌

يحرم على المحرم مطلق التزين ، والمشهور عدم اختصاص ذلك بصورة قصد الزينة به ، ويستثنى الخاتم لا بقصد التزين به ، وحلي المرأة المعتادة لها قبل الاحرام بشرط عدم إظهارها للرجال.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة مطلق التزين‌ فلإطلاق التعليل في صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تنظر في المرآة وأنت محرم لأنه من الزينة» (١) وغيرها والرواية صحيحة بطريق الكليني وبكلا طريقي الصدوق.

٢ ـ واما اطلاق الحرمة‌ فلإطلاق النصّ السابق وغيره. بيد ان بالإمكان دعوى الاختصاص بما إذا كان ذلك بقصد التزين لما يستفاد من بعض روايات الخاتم ، ففي رواية مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «وسألته أيلبس المحرم الخاتم؟ قال : لا يلبسه للزينة» (٢) ، فإنّ قوله : «للزينة» يفهم منه ان لبس الزينة لغرض الزينة محرم دون مطلق ما يصدق عليه ذلك.

واختصاص المورد بالخاتم لا يؤثر على الفهم المذكور.

واحتمال ان المقصود : لا يلبسه لأنه يصدق عليه الزينة بعيد.

وإذا نوقش بضعف سند الرواية بصالح بن السندي حيث لم تثبت وثاقته الا بناء على كبرى وثاقة جميع رجال كامل الزيارات التي هي قابلة للمناقشة فبالإمكان التعويض بصحيحة معاوية بن عمار عن أبي‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤٦ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٤.

٥١٧

عبد الله عليه‌السلام : «لا بأس ان يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه ، واما للزينة فلا» (١) وغيرها.

ومنه يتضح ان الحكم بحرمة مطلق الزينة وان لم يكن بقصدها مبني على الاحتياط تحفّظا من مخالفة المشهور.

٣ ـ واما استثناء الخاتم لا بقصد الزينة‌ فلموثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «تلبس المرأة المحرمة الخاتم من ذهب» (٢). وهي بإطلاقها تشمل ما إذا كان معدودا من الزينة ، كما هو الغالب.

واما اشتراط ان لا يكون بقصد الزينة فلرواية مسمع المتقدّمة ان تمّت سندا أو لصحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة.

٤ ـ واما استثناء حلي المرأة المعتادة بالشرط المذكور‌ فلصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن المرأة يكون عليها الحلي والخلخال ... تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجّها أتنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله؟ قال : تحرم فيه وتلبسه من غير ان تظهره للرجال في مركبها ومسيرها» (٣).

النظر الى المرآة‌

لا يجوز للمحرم النظر الى المرآة للزينة. ويستحب لمن نظر فيها لزينة تجديد التلبية.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة النظر الى المرآة في الجملة‌ فلا ينبغي الاشكال فيها‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤٦ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٥.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٤٩ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

٥١٨

لصحيحة حمّاد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تنظر في المرآة وأنت محرم فإنّه من الزينة» (١) وغيرها.

وهل يحرم ذلك مطلقا أو فيما إذا كان بقصد الزينة؟ المشهور هو الأوّل واختاره الشيخ النائيني في مناسكه (٢).

ويمكن توجيهه بأن قوله : «فإنّه من الزينة» يدل على تنزيل كل نظر الى المرآة منزلة الزينة فيكون محرما ، وليس المقصود : فيما إذا قصدت الزينة.

وفيه : ان المقصود تنزيل الافراد المتعارفة من النظر الى المرآة منزلة ذلك دون مثل النظر للتأكّد من عدم وجود حاجب على البشرة مثلا منزلة ذلك ، فإنّ التنزيل المذكور في مثل ذلك غير مستساغ عرفا.

وبقطع النظر عن ذلك تكفينا صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تنظر المرأة المحرمة في المرآة للزينة» (٣).

٢ ـ واما رجحان تجديد التلبية‌ فلصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا ينظر المحرم في المرآة لزينة فان نظر فليلب» (٤). وانما لم يحكم بوجوب ذلك مع انه ظاهرها لعدم قائل من الأصحاب بذلك. على ان المسألة ابتلائية فلو كان ذلك ثابتا لاشتهر مع انه لا يعرف قائل به.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

(٢) دليل الناسك : ١٥٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٢.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٣٤ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٤.

٥١٩

الاكتحال‌

لا يجوز الاكتحال بالكحل الأسود للزينة ، ولا يجوز بغيره أيضا بقصدها.

هذا في غير حالة الضرورة والا جاز بلا تأمّل.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما حرمة الاكتحال‌ فلا إشكال فيها في الجملة ، وإنّما الإشكال في حدودها لأجل اختلاف النصوص ، إذ بعضها دلّ على الحرمة مطلقا ، وبعضها دلّ على الحرمة في خصوص الأسود ، وبعضها دلّ على الجواز إذا لم يكن للزينة ، وبعضها دلّ على الحرمة إذا كان بالأسود وبقصد الزينة.

مثال الأوّل : صحيحة الحلبي : «سألت أبا عبد الله عن المرأة تكتحل وهي محرمة؟ قال : لا تكتحل ...» (١).

ومثال الثاني : صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد ، ان السواد زينة» (٢).

ومثال الثالث : صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا بأس ان يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه ، فامّا للزينة فلا» (٣).

ومثال الرابع : صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... وتكتحل المرأة المحرمة بالكحل كلّه الا كحل أسود لزينة» (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١٤.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب تروك الاحرام الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب تروك الاحرام الحديث ١٣.

٥٢٠