دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-035-8
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٧٦

ومن كلّ هذا يتّضح ان الحكم بوجوب الحضور من بداية طلوع الفجر مبني على الاحتياط تحفّظا من مخالفة المشهور والا فأصل البراءة ينفي ذلك.

٤ ـ واما القول بوجوب المبيت‌ فقد يستدلّ له بالتأسي ، وبصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة» (١) ، حيث يدل على لزوم المبيت غايته لا يجوز تجاوز الحياض التي هي حدّ من حدود المزدلفة ، وبصحيح معاوية المتقدّم الآمر بالاصباح على طهر ، فان ذلك يلازم المبيت في المزدلفة والا فكيف يتحقّق الاصباح فيها؟

والكل كما ترى.

إمّا الاول فلان التأسي يعني الاتيان بالفعل على النحو الذي أتى به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ان واجبا فواجب وان مستحبا فمستحب ، وحيث لا يعلم انّه أتى به بنحو الوجوب ـ بل أقصى ما يدل عليه الفعل هو عدم الحرمة أو مطلق الرجحان ـ فلا يثبت لزوم فعله بنحو الوجوب.

واما الثاني فلان أقصى ما يدلّ عليه النهي هو ان من كان في المزدلفة لا يحقّ له تجاوز الحياض ليلا ولا يدلّ على لزوم التواجد فيها ليلا.

واما الثالث فلان الاصباح على طهر على تقدير وجوبه يتحقّق امتثاله بدخول المزدلفة قبل طلوع الفجر بدقيقة أو أكثر.

وعليه فالحكم بوجوب المبيت في المزدلفة ليلة العاشر لا يمكن اثباته بدليل بل الدليل ـ وهو أصل البراءة ـ يقتضي العدم.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٣.

٤٨١

٥ ـ واما ان الركن هو المسمّى ما بين الطلوعين‌ فلصحيحة الحلبي السابقة : «... فان لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج» (١) وغيرها ، فان الادراك يتحقّق بالمسمّى في فترة الوقوف الواجب.

٦ ـ واما امتداد الركن الى المسمّى ليلا في حق الجاهل‌ فلصحيحة مسمع بن عبد الملك عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : «رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل ان يفيض الناس ، قال : ان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه ، وان كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة» (٢).

وسندها إذا كان قابلا للتأمّل بطريق الكليني من ناحية سهل فبطريق الشيخ الصدوق ليس فيها ذلك.

٧ ـ واما الترخيص في الافاضة ليلا لمن ذكر‌ فلصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء والضعفاء ان يفيضوا عن جمع بليل ، وان يرموا الجمرة بليل ، فإذا أرادوا ان يزوروا البيت وكلوا من يذبح عنهن» (٣) وغيرها.

٨ ـ واما امتداد الموقف الاضطراري‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «من أفاض من عرفات الى منى فليرجع وليأت جمعا وليقف بها وان كان قد وجد الناس قد أفاضوا من جمع» (٤) وغيرها.

وهي وان لم تقيد امتداد الموقف الى الزوال الا ان ذلك ورد في من‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٢ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٦.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٢١ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ١.

٤٨٢

لم يدرك كلا الموقفين ، وهو كاف ، ففي صحيحة عبد الله بن المغيرة : «جاءنا رجل بمنى فقال : اني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا ... فدخل إسحاق بن عمّار على أبي الحسن عليه‌السلام فسأله عن ذلك فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل ان تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج» (١).

رمي جمرة العقبة‌

بعد الافاضة من المزدلفة إلى منى يلزم رمي جمرة العقبة في اليوم العاشر بين طلوع الشمس وغروبها ـ الا لمن استثني كما تقدّم فإنّه يجوز له الرمي ليلة العيد ـ بسبع حصيات عن قربة واحدة تلو الاخرى لا دفعة مع احراز وصولها إليها بالرمي.

ويعتبر ان تكون من الحرم. واعتبر المشهور ان تكون ابكارا.

ومع الشك في الاصابة يبنى على العدم الا إذا حصل بعد الدخول في واجب آخر أو بعد الليل.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب رمي جمرة العقبة يوم العاشر‌ فممّا تقتضيه السيرة القطعية المتوارثة على فعل ذلك بنحو الوجوب. ويمكن ان يستفاد ذلك من صحيحة أبي بصير المتقدّمة الدالّة على ترخيص الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنساء في الافاضة بليل ورمي الجمرة ، فان المقصود من الجمرة المعرّفة بلام العهد جمرة العقبة. والترخيص المذكور يدل على وجوب ذلك نهارا ولأجل خوف الزحام نهارا رخّص‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٦.

٤٨٣

في ذلك ليلا.

والنصوص الاخرى التي يستفاد منها ذلك بالدلالة الالتزامية كثيرة. ولعلّه لا يوجد ما يدل على ذلك بالمطابقة الا صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «خذ حصى الجمار ثم آت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ...» (١) ، بيد انه لاشتمال سياقها على المستحبّات لا ينعقد لها ظهور في الوجوب ولا يصح الاستدلال بها الا على مسلك حكم العقل في استفادة الوجوب.

٢ ـ واما انه بين طلوع الشمس وغروبها‌ فلصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «رمي الجمار من طلوع الشمس الى غروبها» (٢) وغيرها.

والصحيحة قد رواها الكليني بسند صحيح إلى صفوان. وصفوان يرويها عن الامام عليه‌السلام بطريقين أحدهما موثق بإسحاق والآخر صحيح.

٣ ـ وامّا انه بسبع حصيات‌ فمتسالم عليه بين المسلمين. ويمكن استفادته من صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى بها فزادت واحدة فلم يدر أيّهن نقص. قال : فليرجع وليرم كلّ واحدة بحصاة ...» (٣) وغيرها ، بتقريب انها وان كانت واردة في رمي ما بعد اليوم العاشر الا اننا لا نحتمل الفرق بين رمي جمرة العقبة مستقلاّ يوم العاشر وبين رميها مع الجمرتين الآخريتين ما بعد العاشر.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ١.

(٢) المصدر السابق باب ١٣ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ٦.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب العود الى منى الحديث ١.

٤٨٤

٤ ـ واما اعتبار القربة‌ فلما تقدّم في الطواف.

٥ ـ واما اعتبار التوالي‌ فلا يمكن استفادته من النصوص بشكل صريح الا أنّه يكفي لإثباته السيرة القطعيّة المتوارثة على فعل ذلك بنحو اللزوم.

وتؤيّد ذلك الروايات الدالّة على استحباب التكبير عند رمي كل واحدة من الحصيات (١) ورميها خذفا (٢).

٦ ـ واما اعتبار احراز الاصابة‌ فلان المطلوب رمي الجمرة لا مطلق الرمي ، والاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

٧ ـ واما اعتبار كون الاصابة بالرمي دون الوضع‌ فلان أحدهما مغاير للآخر ، وبالوضع لا يصدق عنوان الرمي المطلوب.

٨ ـ واما اعتبار ان تكون من الحرم‌ فممّا لا إشكال فيه ، ويدل عليه صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «حصى الجمار ان أخذته من الحرم أجزأك ، وان أخذته من غير الحرم لم يجزئك» (٣) وغيره.

٩ ـ واما اعتبار ان تكون أبكارا‌ فقد ادعي عليه الاجماع. وقد دلّت عليه رواية عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تأخذ من حصى الجمار» (٤) ، ومثلها رواية حريز (٥).

بيد ان الاولى ضعيفة بسهل والثانية بياسين الضرير والارسال.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب رمي جمرة العقبة.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ٢.

(٥) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ١.

٤٨٥

والاجماع على تقدير تحقّقه لا عبرة به لاحتمال مدركيته.

ومعه يعود الحكم باعتبار البكارة مبنيّا على الاحتياط تحفّظا من مخالفة الاجماع المدعى.

١٠ ـ واما عدم الاعتداد مع الشكّ في الاصابة‌ فللاستصحاب وقاعدة الاشتغال.

واما عدم الاعتداد بالشكّ مع الدخول في واجب آخر فلقاعدة التجاوز المستفادة من صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... إذا خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء» (١).

وانما لم تطبق قاعدة الفراغ المستندة الى موثقة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «كل ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» (٢) والتي ليست مشروطة بالدخول في الغير باعتبار ان صدق المضي فرع احراز تحقّق العمل والفراغ منه والشك في صحّته بنحو مفاد كان الناقصة ، والمفروض في المقام الشكّ في أصل التحقّق الذي هو مفاد كان التامّة.

واما عدم الاعتناء بالشكّ بعد خروج الوقت فلقاعدة الحيلولة المستفادة من صحيحة زرارة وفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : «متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها ... صلّيتها. وان شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك ...» (٣) ، فان الخصوصية للصلاة غير محتملة.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب الخلل في الصلاة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب رمي جمرة العقبة الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٦٠ من أبواب المواقيت للصلاة الحديث ١.

٤٨٦

الذبح أو النحر‌

يجب في حج التمتع ـ بعد الرمي ـ ذبح واحد من الغنم أو البقر أو نحر واحد من الإبل في منى عن قربة.

والمشهور اعتبار ايقاعه في اليوم العاشر ونهارا الا للخائف فيجوز ليلا.

وفي كيفية تقسيم الهدي بعد ذبحه خلاف.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب ما ذكر‌ فممّا لا خلاف فيه لقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (١) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام الوارد في المتمتع : «... وعليه الهدي. قلت : وما الهدي؟ فقال : فضله بدنة وأوسطه بقرة وآخره شاة» (٢) وغيره.

نعم اختار الشيخ في المبسوط والخلاف عدم وجوبه على المتمتع المكي باعتبار رجوع اسم الاشارة : «ذلك لمن لم يكن ...» المذكور بعد ذلك الى الهدي (٣).

وهو كما ترى لان ظاهر الآية الكريمة رجوع ذلك الى التمتع دون الهدي ، على ان الروايات المفسّرة لها (٤) واضحة في ذلك.

٢ ـ واما انه بعد الرمي‌ فلصحيح معاوية بن عمار عن أبي‌

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٠ من أبواب الذبح الحديث ٥.

(٣) المبسوط ١ : ٢٠٧ ، والخلاف ٢ : ٢٧٢.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٦ من أبواب أقسام الحج.

٤٨٧

عبد الله عليه‌السلام : «إذا رميت الجمرة فاشتر هديك ...» (١) وصحيح أبي بصير المتقدّم في من يفيض من المشعر ليلا من النساء والضعفاء ، وغير ذلك من النصوص.

أجل إذا قدم على الرمي جهلا أو نسيانا اجتزأ به لصحيح جميل بن دراج : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يزور البيت قبل ان يحلق ، قال : لا ينبغي الا ان يكون ناسيا. ثم قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاه اناس يوم النحر فقال بعضهم : يا رسول الله اني حلقت قبل ان أذبح ، وقال بعضهم : حلقت قبل ان أرمي ، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي ان يؤخروه الا قدّموه ، فقال : لا حرج» (٢) وغيرها.

والرواية صحيحة بطرقها الثلاث.

٣ ـ واما التخيير بين الحيوانات الثلاثة‌ فلصحيح زرارة المتقدّم وغيره.

٤ ـ واما ان محلّه منى‌ فلم يعرف فيه خلاف. ويمكن استفادته من قوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (٣) ، حيث يدل ان للهدي محلا خاصّا معهودا ، ولا محل يمكن عهده الا منى.

ويدل عليه أيضا صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «رجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره ، فقال : ان كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وان كان نحره في غير منى لم‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب الذبح الحديث ٤.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣٩ من أبواب الذبح الحديث ٤.

(٣) البقرة : ١٩٦.

٤٨٨

يجزئ عن صاحبه» (١) وغيره.

بل ان السيرة القطعيّة المتوارثة على تعين ذلك خير دليل عليه.

وهل يلزم الحاج مباشرته الذبح بنفسه؟ كلا ، لان المستفاد من دليل وجوب الهدي وهو الآية الكريمة وصحيح زرارة المتقدّمان اعتبار تحقّق الهدي من المكلّف خارجا ، وذلك لا يتوقّف على تحقّق المباشرة ، فيتمسّك بالإطلاق ان فرض ، والا بالبراءة من شرطية المباشرة.

هذا مضافا الى ان العادة قد جرت على عدم تصدي كل فرد للذبح ، وهذا نفسه قرينة على إرادة الأعمّ.

وهل يكفي الذبح في المذابح المستحدثة فعلا التي يقال بكونها خارج منى؟ والجواب : اذا فرض انها في وادي محسر ـ الذي هو الحدّ بين منى والمشعر ـ فينبغي الحكم بالجواز لاتساع منى إليه إذا ضاقت بالناس ، ففي موثق سماعة : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال : يرتفعون إلى وادي محسر ...» (٢).

واذا فرض انها خارجه فمع التمكن من الذبح في أيّام التشريق أو الى نهاية ذي الحجّة يلزم تأخير الذبح إليها لعدم ثبوت تعين الذبح يوم العيد كما سيأتي بل ذلك مقتضى الاحتياط لا أكثر ، ومعه فإذا أمكن الذبح فيها الى آخر ذي الحجة تعيّن لما يستفاد من صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال : يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه ، فان‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٨ من أبواب الذبح الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة الحديث ٤.

٤٨٩

مضى ذو الحجّة أخّر ذلك الى قابل من ذي الحجّة» (١) من امتداد وقت الذبح طيلة شهر ذي الحجة لغير المتمكّن.

وإذا لم يمكن الذبح فيها مع التأخير اكتفي بالذبح في المذابح الفعلية بعد عدم احتمال سقوط أصل الهدي عن الوجوب.

٥ ـ واما اشتراط القربة‌ فلما تقدّم في الطواف.

٦ ـ واما اعتبار ان يكون الهدي يوم العيد‌ فقد يستدلّ له بالتأسي ، وبما دلّ على تأخّر الحلق عن الذبح كقوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (٢) بعد كون زمان الحلق يوم العيد.

وكلاهما قابل للتأمّل.

اما الأوّل فلما تقدّم عند البحث عن وجوب المبيت بمنى ليلة العيد.

واما الثاني فلعدم ثبوت تعين الحلق يوم العيد كما سيأتي.

وعليه فلا دليل على تعين يوم العيد للذبح بل قد يستفاد من صحيحة كليب الأسدي : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن النحر ، فقال : اما بمنى فثلاثة أيّام واما في البلدان فيوم واحد» (٣) وغيرها الامتداد ثلاثة أيّام.

هذا ولكن الاحتياط تحفّظا عن مخالفة المشهور لا ينبغي تركه.

٧ ـ واما اعتبار ان يكون في النهار‌ فهو المشهور. وقد يستدل له بالسيرة القطعية المتوارثة على الذبح نهارا ، وبالتعبير عن يوم العاشر بيوم النحر ، وبصحيح معاوية بن عمار السابق : «إذا رميت الجمرة فاشتر‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤٤ من أبواب الذبح الحديث ١.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٦ من أبواب الذبح الحديث ٦.

٤٩٠

هديك» (١) بعد ضمّ ما تقدّم من لزوم ايقاع الرمي في النهار ، وبما دلّ على ان الخائف مرخص له في الذبح ليلا ، كما ورد في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «في الخائف ، انه لا بأس ان يضحي بالليل» (٢) وغيرها ، فان الترخيص لخصوص الخائف بذلك يدلّ على ان غيره يلزمه الذبح نهارا.

والكل كما ترى.

اما الأوّل فلان السيرة لم يحرز انعقادها على تعين ذلك.

واما الثاني فلان التعبير بذلك لأجل جواز ايقاع النحر يوم العاشر ولا يلزم افتراض تعيّن ذلك فيه.

واما الثالث فأقصى ما يستفاد من الصحيح جواز الذبح بعد الرمي في مقابل عدم جوازه قبل ذلك. ولا أقل من اجماله من هذه الناحية واحتمال كون المقصود ما ذكرناه فيسقط عن صلاحية الاستدلال به.

واما الرابع فلان أقصى ما يدل عليه الترخيص في الذبح للخائف ليلة العيد ان الذبح لغيره لا يجوز ايقاعه في الليل بل لا بد من ايقاعه في اليوم التالي ، ولكن هل يلزم ان يكون ذلك في نهار اليوم التالي فقط؟ ان ذلك لا يستفاد منه.

أجل ما ذكر يتم بناء على كون المقصود من الليل مطلق الليل لا خصوص ليلة العاشر ولكنه كما ترى.

وعليه فلا دليل على لزوم ايقاع الذبح في نهار اليوم العاشر وان‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب الذبح الحديث ٤.

(٢) وسائل الشيعة باب ٧ من أبواب الذبح الحديث ٢.

٤٩١

كان الاحتياط أمرا لا ينبغي تركه.

٨ ـ واما مصرف الهدي‌ فقيل بتقسيمه أثلاثا : ثلثا لصاحبه وثلثا للفقراء وثلثا هدية للمؤمنين.

وقد يقرّب ذلك بقوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) (١) بعد ضمّه الى قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ...) (٢) ، فان الآيتين الكريمتين تشتركان في الدلالة على وجوب الأكل ، وتدل الاولى على وجوب اطعام البائس الذي هو الفقير غير المتمكن من الخروج والطواف بالأبواب ، والثانية على وجوب اطعام القانع ـ الذي يقنع بما اعطي ـ والمعتر ، وهو المار الذي يتوقع اطعامه. وحيث ان القانع والمعتر لم يؤخذ في مفهومهما عنوان الفقر فيكون المستفاد من مجموع الآيتين لزوم التقسيم إلى ثلاث حصص : حصة للحاج نفسه وحصة للفقراء وحصة هدية للمؤمنين.

ويمكن استفادة التقسيم الثلاثي من الروايات أيضا ، كصحيحة شعيب العقرقوفي : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟ قال : بمكة. قلت : أي شي‌ء أعطي منها؟ قال : كل ثلثا واهد ثلثا وتصدّق بثلث» (٣) وغيرها. وهي وان كانت واردة في سياق البدنة الذي هو مستحب في العمرة الا انه لا يحتمل الاختصاص بذلك.

هذا وقد ذهب البعض الى ان القانع والمعتر قسمان من الفقير ، وبذلك يكون المستفاد من الآيتين لزوم التقسيم الى قسمين لا ثلاثة :

__________________

(١) الحج : ٢٨.

(٢) الحج : ٣٦.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٤٠ من أبواب الذبح الحديث ١٨.

٤٩٢

قسم للحاج وقسم للفقراء.

هذا ويمكن ان يقال : ان الأمر بالأكل لا يقصد منه وجوب ذلك بل هو عرفا في أمثال المقام يقصد منه الإباحة ورفع الحظر ـ نظير ما إذا دفع لشخص مبلغ من المال وقيل له خذ مقدارا منه وادفع الباقي الى الفقراء ـ ومعه لا تكون الآيتان دالتين على وجوب أخذ الحاج وأكله بل على وجوب الدفع الى الفقراء لا أكثر.

والرواية ان لم تكن مختصة بموردها هي محمولة على جواز التقسيم كذلك وليس على لزومه لان الآيتين الكريمتين دلتا على وجوب اطعام الثلاثة الذين هم مصاديق للفقير حسب الفرض ولم تشر الى الاهداء.

هذا ولكن الاحتياط بالتقسيم اثلاثا للرواية المذكورة وغيرها وخروجا عن شبهة الخلاف أمر حسن.

الحلق أو التقصير‌

يجب ـ بعد الرمي والذبح ـ الحلق عن قربة في منى. والمشهور اعتبار ان يكون في اليوم العاشر نهارا.

وعلى المرأة التقصير ، والرجل بالخيار بينه وبين الحلق في غير حجّه الأوّل ، واما فيه فمورد خلاف.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب الحلق أو التقصير في الجملة‌ فمما تقتضيه السيرة القطعية المتوارثة على الاتيان بذلك بنحو الوجوب.

والروايات الدالّة على ذلك كثيرة ، كصحيحة جميل المتقدّمة عند‌

٤٩٣

البحث عن لزوم تأخر الذبح عن الرمي.

وقد يستفاد ذلك أيضا من قوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ...) (١) ، (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ...) (٢).

٢ ـ واما ان ذلك بعد الرمي والذبح‌ فهو المشهور. ويمكن استفادته من صحيحة جميل المتقدّمة وغيرها ، فانها تدل على ان وظيفة الحلق بعد الذبح ، وحيث ان الذبح بعد الرمي على ما تقدّم فيكون الحلق متأخّرا عن كليهما.

أجل ورد في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محله ، فان أحببت ان تحلق فاحلق» (٣) جواز الحلق بعد شراء الهدي وان لم يذبح. ولا محذور في العمل بها ـ بعد صحّة سندها بطريق الشيخ دونه بطريق الكليني والصدوق لورود البطائني فيه الذي وقع محلاّ للكلام ـ وان كان الاحتياط بتأخيره عن الذبح حسنا.

٣ ـ واما اعتبار القربة‌ فلما تقدّم في الطواف.

٤ ـ واما اعتبار ان يكون في منى‌ فلما ورد من ان الناسي يرجع الى منى للحلق فيها أو القاء شعره فيها ، كما في صحيحة الحلبي :

__________________

(١) الفتح : ٢٧.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣٩ من أبواب الذبح الحديث ٧.

٤٩٤

«سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي ان يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال : يرجع الى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا» (١) وغيرها ، فانها تدل على المطلوب.

٥ ـ واما اعتباره يوم العيد نهارا‌ فاستدل له بالتأسي والسيرة المتوارثة.

وكلاهما قابل للتأمّل.

اما الأوّل فلما تقدّم أكثر من مرّة.

واما الثاني فلان السيرة انعقدت على أصل لزوم الحلق وليس على تعينه في النهار.

وعليه فلا دليل على اعتبار الايقاع في النهار من يوم العيد.

ومقتضى البراءة نفي ذلك وان كان الاحتياط حسنا.

٦ ـ واما تعين التقصير على النساء‌ فتقتضيه السيرة القطعية المتوارثة على ذلك واستنكار الحلق. وتدل عليه أيضا صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ليس على النساء حلق وعليهنّ التقصير ...» (٢).

واما ان الرجل بالخيار في غير حجّه الأوّل فيكفي لإثباته البراءة من الخصوصية. على ان الروايات الآتي بعضها متّفقة على ذلك.

واما بالنسبة الى الحج الأوّل فقيل بالخيار أيضا. واستدل له بقوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ...) (٣) ، بتقريب‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢١ من أبواب أقسام الحج الحديث ٣.

(٣) الفتح : ٢٧.

٤٩٥

ان الله سبحانه قد وعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه بدخول المسجد الحرام بعد عام الحديبية بعضهم حالقا وبعضهم مقصّرا. والمشهور ان ذلك كان لأداء عمرة مفردة تعرف بعمرة القضاء ، الا ان حمل الآية الكريمة على ذلك ـ وهكذا على حج الافراد أو القران أو عمرة التمتّع ـ غير ممكن لان المكلف لا يدخل وهو حالق أو مقصّر بل يكون كذلك بعد الدخول ، ويختص ذلك بالداخل لحجّ التمتع بعد فراغه من أعمال منى ، وحيث ان حجّ التمتّع المذكور يلزم فرضه صرورة ـ لان المسلمين لم يحجّوا بعد الإسلام حجّا قبل ذلك ـ فيثبت تخير الحاج فيه بين الحلق والتقصير.

وفيه : لعل دخول البعض مقصرين من باب وجود أذى في رأسه يمنعه من الحلق وليس من باب تصدي بعض المسلمين له كوظيفة تخييرية.

هذا مضافا الى ان دخول البيت بعد اعمال منى في حجّ التمتّع مسبوق بالدخول له في عمرة التمتّع الذي هو ليس مقرونا بالحلق أو التقصير ، وغضّ النظر عن ذلك الدخول بالرغم من سبقه أمر مستهجن.

على ان بالامكان ان يكون مع المسلمين الداخلين نساء ، والتعبير ب «مقصرين» بلحاظهن.

وعليه فالآية الكريمة لا دلالة لها على التخيير.

وإذا رجعنا الى الروايات وجدنا خمسا أو أكثر تدلّ على التعيين ، كصحيحة معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ينبغي للصرورة ان يحلق ، وان كان قد حجّ فإن شاء قصر وإن شاء حلق. فاذا لبد شعره أو عقصه فان‌

٤٩٦

عليه الحلق وليس له التقصير» (١) وغيرها ، فانها تدل على ان الصرورة يحلق وغيره بالخيار الا إذا كان قد لبّد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمل أو عقصه وعقده بعد جمعه.

وإذا قيل : ان معاوية نفسه قد روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد وجب عليك الحلق وليس لك التقصير ، وان أنت لم تفعل فمخير لك التقصير ، والحلق في الحج أفضل ...» (٢). وهو دال بإطلاقه على ان غير الملبد والمعقص بالخيار ولو في الحج الأوّل.

قلنا : المقصود بقرينة روايته الاولى انه بالخيار في غير الصرورة.

والنتيجة : المناسب تعين الحلق في الحج الأوّل. ولا أقل من التنزّل الى الاحتياط.

طواف الحج وصلاته والسعي وطواف النساء‌

يجب ـ بعد الحلق أو التقصير ـ العود الى مكّة المكرّمة لأداء مناسك ثلاثة : طواف الحج وصلاته ، والسعي ، وطواف النساء وصلاته. وكيفية ذلك كما تقدّم في عمرة التمتع.

والمشهور عدم جواز تأخير الأعمال المذكورة عن اليوم الحادي عشر.

وطواف النساء واجب مستقل عن الحج لا يوجب تركه ولو عمدا فساده غايته تبقى النساء محرمة ، وهو واجب على النساء أيضا.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٨.

٤٩٧

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب الأعمال الثلاثة‌ فممّا تقتضيه السيرة القطعية المتوارثة على فعلها بنحو اللزوم ، وعلى ذلك إجماع المسلمين ، والروايات المطبقة على ذلك فوق حدّ الاحصاء.

٢ ـ واما انها متأخّرة عن الحلق والتقصير‌ فمن المسلّمات. وتدل عليه صحيحة جميل المتقدّمة عند البحث عن تأخّر الذبح عن الرمي.

أجل مع تقديمها جهلا أو نسيانا لا تلزم الإعادة لنفس الصحيحة المتقدمة.

٣ ـ واما ان الكيفية واحدة‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... فإذا أتيت البيت يوم النحر ... طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة ثم صلّ عند مقام إبراهيم ركعتين ... ثم اخرج الى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكّة ...» (١) وغيرها.

ومنه يتّضح عدم جواز تأخير السعي عن طواف الحج إلى غد لان المستند المتقدّم في عمرة التمتّع مطلق فراجع.

٤ ـ واما انه لا يجوز تأخير الأعمال عن اليوم الحادي عشر‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال : يوم النحر أو من الغد ولا يؤخّر ...» (٢) وغيرها.

هذا ولكن ما ذكر يلزم حمله على الاستحباب بقرينة موثقة إسحاق بن عمّار : «سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن زيارة البيت ، تؤخّر الى‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب زيارة البيت الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب زيارة البيت الحديث ٨.

٤٩٨

يوم الثالث؟ قال : تعجيلها أحبّ إليّ وليس به بأس ان أخّرها» (١) وغيرها.

بل ان ما ذكر محمول على الأفضلية أيضا حيث يجوز التأخير عن أيّام التشريق لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن رجل نسي ان يزور البيت حتى أصبح ، قال : لا بأس ، انا ربّما أخرته حتى تذهب أيّام التشريق ولكن لا تقرب النساء والطيب» (٢).

يبقى الى متى يجوز التأخير عن أيّام التشريق؟ ان الصحيحة ساكتة عن ذلك ، ومقتضى البراءة جواز التأخير الى آخر ذي الحجّة دون ما زاد على ذلك لان الحج ـ الذي هو عبارة عن مجموع أفعاله التي منها طواف الحج ـ يلزم تحقيقه في أشهره لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (٣) ، وآخرها نهاية ذي الحجة.

هذا والاحتياط بالاسراع في الاتيان بها أمر لا ينبغي تركه.

٥ ـ واما ان طواف النساء ليس جزءا من الحج‌ فلصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... وطواف بعد الحج وهو طواف النساء ...» (٤) وغيرها. وهي وان كانت واردة في حج القران الا انه لا يحتمل الفرق بينه وبين التمتّع.

٦ ـ واما انه لا يختص بالرجال‌ فلإطلاق دليل وجوبه كالصحيحة السابقة. هذا مضافا الى دلالة نصوص خاصّة على ذلك كصحيحة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب زيارة البيت الحديث ١٠.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب زيارة البيت الحديث ٢.

(٣) البقرة : ١٩٧.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٢ من أبواب أقسام الحج الحديث ١.

٤٩٩

الفضلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية ، فإن طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة. وان لم تطهر الى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا والمروة ثم خرجت الى منى فإذا قضت المناسك وزارت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج. ثم خرجت فسعت فإذا فعلت ذلك فقد أحلت من كل شي‌ء يحل منه المحرم الا فراش زوجها ، فاذا طافت طوافا آخر حل لها فراش زوجها» (١) وغيرها.

المبيت بمنى والنفر‌

يجب على الحاج المبيت بمنى ليلة الحادي والثاني عشر والنفر بعد الزوال من اليوم الثاني عشر ان أراد النفر الأوّل. ولا يجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر الا إذا لم يتق الصيد أو دخل عليه الليل في اليوم الثاني عشر وهو في منى.

والمبيت الواجب ليس بلحاظ تمام الليلة بل في أحد نصفيها.

ويستثنى من المبيت الواجب : المعذور لمرض أو خوف ، والمشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو الباقي منها إذا خرج من منى بعد دخول الليل ، ومن زار البيت وخرج من مكة إلى منى وتجاوز عقبة المدنيين فانه يجوز له المبيت في الطريق قبل ان يصل الى منى.

والمستند في ذلك :

١ ـ هناك امور تجب في الحج من دون ان تعدّ أجزاء له ولا يبطل‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨٤ من أبواب الطواف الحديث ١.

٥٠٠