دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-035-8
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٧٦

وبذلك يتّضح عدم تعلّق الزكاة بالذهب والفضة في مثل زماننا.

وإذا هجرت السكة لم ينتف الوجوب للاستصحاب التعليقي بناء على حجّيته فيستصحب الوجوب على تقدير مرور الحول الثابت قبل الهجران وإلاّ فالمرجع البراءة.

٤ ـ واما اعتبار مضي حول‌ فلصحيحة ابن يقطين المتقدّمة.

٥ ـ واما وجه ما ذهب اليه المشهور‌ فلانه بعد بلوغ الخالص مقدار النصاب يكون موضوع الوجوب ثابتا.

والمناسب دوران الأمر مدار صدق عنوان الذهب والفضة ، فمتى ما كان مقدار الغش كبيرا بحيث لا يصدق العنوان فلا وجوب حتى مع بلوغ الخالص مقدار النصاب ، ومع صدقه تجب حتى مع عدم بلوغ الخالص ذلك ما دام المجموع بمقدار النصاب لأنّ ذلك لازم كون مصب الحكم عنوان الذهب والفضة.

٦ ـ واما انه لا يجب الاختبار‌ ـ بناء على كون المدار على بلوغ الخالص مقدار النصاب ـ فلان الشبهة موضوعية ، والمشهور عدم وجوب الفحص فيها لإطلاق أدلّة البراءة. وإنّما لم يتمسّك به في الشبهة الحكمية للمقيد ، وهو أدلّة وجوب التفقه وغيرها.

٥ ـ شرائط الوجوب في الغلات

يلزم لوجوب الزكاة في الغلات الأربع ـ مضافا الى الشرائط العامّة ـ توفّر :

أ ـ النصاب. وهو خمسة أوسق ـ ٦٠ صاعا ـ التي تساوي ٨٤٧ كيلوغراما تقريبا.

٣٤١

والفريضة نصف العشر فيما يستقي بالوسائل المعدّة من المالك كالماكنة ونحوها ، والعشر فيما يستقي لا كذلك.

ووقت تعلّق الوجوب ـ لدعوى المشهور ـ اشتداد الحب في الحنطة والشعير والاحمرار والاصفرار في ثمر النخل والانعقاد حصرما في العنب.

والأوجه جعل المدار على صدق العنوان.

ويلزم الدفع حين التصفية والاقتطاف.

ب ـ ثبوت الملكية عند تعلّق الوجوب ولو بغير الزراعة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما بالنسبة الى مقدار النصاب‌ فقد دلّت عليه روايات كثيرة قد تتجاوز العشر ، ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «ما أنبتت الأرض من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ما بلغ خمسة أوساق ، والوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع ففيه العشر. وما كان منه يسقى بالرشا والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر. وما سقت السماء أو السيح أو كان بعلا ففيه العشر تامّا. وليس فيما دون الثلاثمائة صاع شي‌ء. وليس فيما أنبتت الأرض شي‌ء إلاّ في هذه الأربعة أشياء» (١).

هذا وفي مقابل ذلك موثق الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته في كم تجب الزكاة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر؟ قال : في ستّين صاعا» (٢). ومثله حديثان آخران يدلاّن على مقدار أقلّ ممّا دلّت عليه صحيحة زرارة.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب زكاة الغلات الحديث ٥.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب زكاة الغلات الحديث ١٠.

٣٤٢

وإذا أمكن الجمع العرفي بحمل الثانية على الاستحباب تعيّن المصير إليه وإلاّ استقر التعارض وتعيّن طرح الثانية لأنّ الاولى لكثرتها تكوّن سنّة قطعية ، والمخالف لها مطروح لنفس نكتة طرح المخالف للكتاب الكريم.

وإذا لم يتم ما ذكر أيضا تعيّن كذلك الأخذ بمضمون الاولى لأنه عند بلوغ المقدار النصاب الذي دلّت عليه الاولى يقطع بتعلّق الوجوب بخلاف ما إذا بلغ ما دلّت عليه الثانية فإنّه حيث لا يقطع بالوجوب يجري أصل البراءة لنفيه.

٢ ـ واما ان مقدار الفريضة ما ذكر‌ فللصحيحة السابقة وغيرها.

٣ ـ واما ان وقت تعلق الوجوب لدى المشهور ما ذكر‌ فقد استدل له بعدّة وجوه ضعيفة كالإجماع ، وان الحنطة والشعير يصدقان عند اشتداد الحب والتمر عند الاحمرار أو الاصفرار ، وبان الزكاة لو كانت مقصورة على التمر والزبيب لأدّى ذلك الى ضياع الزكاة لأنه يحتال بجعل العنب والرطب دبسا وخلاّ.

والمناسب أن يقال : إن المدار على صدق العنوان تمسّكا بظاهر قوله عليه‌السلام : «ما أنبتت الأرض من الحنطة والشعير والتمر والزبيب ...».

على ان ذلك مقتضى أصل البراءة في بعض الحالات لا جميعها ، إذ من اشترى كميّة من الرطب وجفّفه وكان بمقدار النصاب فعلى القول الثاني تجب الزكاة على المشتري ، وذلك مخالف لأصل البراءة.

وتظهر الثمرة بين القولين أيضا في الفترة ما بين الاشتداد مثلا وصدق العنوان فإنّه على المشهور لا يجوز التصرّف إلاّ بعد الخرص وضمان الزكاة بخلافه على الثاني.

٣٤٣

٤ ـ واما ان الدفع لا يجب إلاّ فيما ذكر‌ فلأن سكوت النصوص عن تحديد وقت الدفع كاشف عن لزومه في الوقت الذي يتعارف فيه الاقتطاف. مضافا الى قضاء السيرة القطعية المستمرة على ذلك.

٥ ـ واما اشتراط التملّك وقت الوجوب فهو بديهي‌ لأنّ الوجوب يتعلّق بالمالك دون غيره.

واما عدم اشتراط التملك بالزراعة فلان النصوص وان كانت قاصرة عن إثبات التعميم لعدم كونها في مقام البيان من الجهة المذكورة إلاّ ان اتّفاق المسلمين على ذلك كاف في إثبات المطلوب.

٦ ـ المستحقّون للزكاة‌

مصرف الزكاة كما يلي :

١ ، ٢ ـ الفقير والمسكين. والثاني أسوأ حالا من الأوّل.

والمراد منه من لا يملك مئونة السنة له ولعياله فعلا وقوّة.

ويعطى حتى يغنى بحسب شأنه في الحاجة.

ومدّعي الفقر يصدّق مع الوثوق أو عدم العلم بكون حالته السابقة هي الغنى.

٣ ـ العاملون عليها. وهم المنصوبون لأخذ الزكاة وضبطها وايصالها وسائر شئونها. ولا يلزم فيهم الفقر.

٤ ـ المؤلفة قلوبهم. وهم ضعيفو الإسلام يدفع لهم من الزكاة ليحسن إسلامهم. وقيل بعموم ذلك للكفّار فيدفع لهم من الزكاة لاستمالتهم الى الإسلام أو الدفاع عن المسلمين أو جهاد الكفّار.

٣٤٤

٥ ـ الرقاب. وهم العبيد يدفع لهم من الزكاة ليعتقوا اما لأنهم مكاتبون مكاتبة مطلقة أو مشروطة وبحاجة الى اداء مال الكتابة أو لأنهم تحت الشدّة أو لأجل عتقهم ولو لم يكونوا كذلك.

٦ ـ الغارمون. وهم من أثقلتهم الديون وعجزوا عن ادائها بشرط عدم صرفها في المعصية. ولا يلزم عدم ملكهم لمئونة السنة.

ومن عليه الزكاة إذا كان له دين على غارم يجوز له احتسابه من الزكاة. كما يجوز وفاؤه إذا كان لغيره ولو بدون اطلاع الغارم.

٧ ـ سبيل الله. وهو جميع سبل الخير لا خصوص الجهاد.

٨ ـ ابن السبيل. وهو المسافر الذي نفدت نفقته. ولربما اشترط عدم تمكّنه من الاستدانة وبيع بعض أمواله في بلده وعدم كون السفر للمعصية.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما تحديد المصرف بمن ذكر‌ فلم ينسب فيه خلاف لأحد ـ أجل وقع الكلام في ان عدده سبعة بجعل الفقير والمسكين صنفا واحدا كما فعل في الشرائع (١) أو ثمانية ـ ويكفي لإثبات ذلك قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢).

٢ ـ واما ان الثاني أسوأ حالا‌ فلصحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام انه سأله عن الفقير والمسكين فقال : «الفقير الذي لا يسأل‌

__________________

(١) شرايع الإسلام ١ : ١٢٠ انتشارات استقلال.

(٢) التوبة : ٦٠.

٣٤٥

والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل» (١) وغيره.

وقيل بافتراقهما عند الاجتماع وباجتماعهما عند الافتراق.

وتحقيق الحال في ذلك غير مثمر بعد عدم وجوب البسط. نعم تظهر الثمرة في غير المقام ، كما إذا نذر شخص أو وقف أو أوصى للفقراء والمساكين مع قصده لمعنى اللفظ إجمالا.

٣ ـ واما ان المراد من الفقير ما ذكر‌ فهو المشهور. ويدل عليه صحيح أبي بصير : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره. قلت : فان صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة؟ قال : زكاته صدقة على عياله ولا يأخذها إلاّ أن يكون اذا اعتمد على السبعمائة أنفذها في أقل من سنة فهذا يأخذها ...» (٢) وغيره.

واما ما ورد في صحيح زرارة : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : فإن كان بالمصر غير واحد؟ قال : فاعطهم ان قدرت جميعا. ثم قال : لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده أن يأخذها» (٣) فهو على تقدير وروده في الزكاة يمكن حمله على من لم يكن بحاجة الى ما زاد عن الأربعين.

٤ ـ واما ملاحظة مئونة العيال أيضا‌ فلاستفادة ذلك من صحيح أبي بصير المتقدّم ، بل ان نفقة العيال جزء من نفقة الشخص فلا تحتاج ملاحظتها الى ورود دليل خاص.

٥ ـ واما كفاية ملك مقدار النفقة بالقوّة‌ فلانه مضافا الى وضوح‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث ١.

(٣) تهذيب الأحكام ٤ : ٥١ الحديث ١٣١.

٣٤٦

الأمر ـ والا يلزم استحقاق أكثر الناس للزكاة ـ يدل على ذلك صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سويّ ولا لمحترف ولا لقوي. قلنا : ما معنى هذا؟ قال : لا يحل له أن يأخذها وهو يقدر على أن يكفّ نفسه عنها» (١) وغيره.

ومنه يتّضح الحال في طالب العلم ، فإنّه لا يجوز له الأخذ من سهم الفقراء ما دام يمكنه العمل بما لا يتنافى وطلبه العلم ويليق بشأنه. وقيل بأن ذلك خاص بحالة عدم الوجوب وإلاّ استحق مطلقا لأنّ الوجوب مانع من تحقّق القدرة على التكسب. ولعل الأوّل أنسب.

٦ ـ واما ان الفقير يعطى من الزكاة حتى يغنى‌ فهو ممّا تقتضيه القاعدة مضافا الى موثق عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «كم يعطى الرجل من الزكاة؟ قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إذا أعطيت فاغنه» (٢) وغيره.

ومنه يتّضح الوجه في مراعاة الشأنية فإنّه بدون ملاحظتها لا يصدق الاغناء.

هذا مضافا إلى إمكان استفادة ذلك من روايات اخرى (٣).

٧ ـ واما ان مدّعي الفقر يصدّق مع الوثوق‌ فلحجّية الاطمئنان بالسيرة العقلائيّة الممضاة بعدم الردع.

واما العمل بالحالة السابقة مع عدم الوثوق فلاستصحابها.

واما مع الجهل بالحالة السابقة وعدم الوثوق فيمكن الحكم بجواز تصديقه لاستصحاب عدم غناه اما بنحو استصحاب العدم النعتي لو‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث ٨.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٤ من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٩ من أبواب المستحقّين للزكاة الحديث ٢ ، ٣ ، ...

٣٤٧

أمكن ـ لأنّ الحالة السابقة لكل إنسان عادة هي الفقر ـ أو بنحو استصحاب العدم الأزلي بناء على جريانه وعدم جريان الأوّل.

٨ ـ واما تفسير العاملين بما ذكر‌ فهو من باب الأخذ بظاهر اللفظ في الاطلاق. وبه يتّضح الوجه في عدم اشتراط الفقر ، مضافا الى التمسّك بقرينة المقابلة.

٩ ـ واما تفسير المؤلفة قلوبهم بخصوص المسلمين المذكورين‌ فيستند الى دلالة بعض الروايات على ذلك ، ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «سألته عن قول الله عزّ وجلّ : والمؤلفة قلوبهم. قال : هم قوم وحدوا الله عزّ وجلّ وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشهدوا ان لا إله إلاّ الله وان محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم في ذلك شكّاك في بعض ما جاء به محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر الله عزّ وجلّ نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتألفهم بالمال والعطاء لكي يحسن إسلامهم ...» (١).

واستظهار الاختصاص لو تم تكون الصحيحة بسببه مقيّدة لإطلاق الآية الكريمة إلاّ أن ذلك قد يتأمّل فيه فيكون الإطلاق محكّما.

١٠ ـ واما تفسير الرقاب بالسعة المذكورة‌ فيكفي لإثباته التمسّك بإطلاق الآية الكريمة.

١١ ـ واما اعتبار العجز عن اداء الدين في الغارمين بالرغم من إطلاق الآية الكريمة‌ فللجزم بالقيد المذكور من الخارج.

١٢ ـ واما اعتبار عدم الصرف في المعصية‌ فلم ينسب فيه الخلاف إلى أحد. وقد دلّت عليه روايتان كلتاهما ضعيفة السند :

__________________

(١) اصول الكافي ٢ : ٤١١ الحديث ٢.

٣٤٨

احداهما : ما رواه القمي في تفسيره بشكل مرسل : «فسّر العالم عليه‌السلام فقال : ... والغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله ...» (١).

ثانيتهما : ما رواه الكليني عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن سليمان عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمّد قال : «سأل الرضا عليه‌السلام رجل وأنا أسمع ـ الى أن قال عليه‌السلام ـ فيقضى عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عزّ وجلّ ، فإن كان أنفقه في معصية الله عزّ وجلّ فلا شي‌ء له ...» (٢).

ولئن كان هناك إجماع فلا يمكن الاعتماد عليه لأنه محتمل المدرك. وكبرى انجبار ضعف السند باعتماد المشهور ان سلمت فالصغرى لا يجزم بتحقّقها.

ودعوى ان مستند الاجماع ان كان هو الروايتين تثبت حجّيتهما بالانجبار والا كان تعبّديا وحجّة مدفوعة باحتمال استناد بعض المجمعين الى احداهما والبعض الآخر الى الاخرى.

والمناسب أن يقال في توجيه الاشتراط المذكور : اننا لا نحتمل جواز الدفع من سهم الغارمين لمن استدان للمعصية ، إذ لازم ذلك التشجيع على صدورها. أجل هذا يتم في غير من تاب ، واما التائب فالحكم بعدم جواز اعطائه مبني على الاحتياط تحفّظا من مخالفة الاجماع المحتمل.

١٣ ـ واما عدم اعتبار العجز عن مئونة السنة‌ فلإطلاق الآية‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٧.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٩ من أبواب الدين الحديث ٣.

٣٤٩

الكريمة. واما ما ورد من انه «لا تحلّ الصدقة لغني» (١) فلا ينافي ما ذكرناه لأنّ المالك لمئونة السنة مع عجزه عن وفاء دينه ليس غنيا.

١٤ ـ واما جواز احتساب الدين من الزكاة‌ فلصحيح عبد الرحمن بن الحجاج : «سألت أبا الحسن الأوّل عليه‌السلام عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فاحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال : نعم» (٢) وصحيحه الآخر : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل عارف فاضل توفي وترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد ولا بمسرف ولا معروف بالمسألة هل يقضى عنه من الزكاة الألف والألفان؟ قال : نعم» (٣). ومورده وان كان هو الميّت ولكن لا خصوصيّة له.

١٥ ـ واما تفسير سبيل الله بما ذكر فهو للإطلاق‌. وتفسيره بخصوص الجهاد ـ كما عن بعض ـ اما للانصراف أو لبعض الأخبار الضعيفة (٤) غير سديد.

١٦ ـ واما تفسير ابن السبيل بما ذكر‌ فهو لكونه المعنى اللغوي له.

واما اشتراط عدم التمكن من الاستدانة وبيع بعض الأموال فهو مختار المشهور.

وقد يناقش بإطلاق الآية الكريمة.

ويمكن أن يقال انه مع التمكّن ممّا ذكر بسهولة فلا يصدق عنوان‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٨.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤٦ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٤٦ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب الوصايا الحديث ٤.

٣٥٠

ابن السبيل أو هو منصرف عنه على الأقل.

أجل اشتراط عدم المعصية قابل للتأمّل بعد إطلاق الآية الكريمة. والاحتياط أمر مناسب تحفّظا من مخالفة دعوى عدم الخلاف على الاشتراط.

٧ ـ أوصاف المستحقّين‌

يلزم في المستحقّ للزكاة توفر :

١ ـ الايمان ، فلا يعطى الكافر ولا المخالف إلاّ من سهم المؤلفة قلوبهم وسبيل الله في الجملة. وإذا استبصر المخالف أعاد الزكاة فقط إذا لم يضعها في محلّها.

٢ ـ أن لا يكون من أهل المعاصي بحيث يوجب الدفع إليه التشجيع على ذلك.

٣ ـ ان لا يكون واجب النفقة على المزكي فإنّه لا يجوز الدفع إليه إلاّ في المجال الذي لا يجب فيه الإنفاق. أجل يجوز له أخذها من غير من تجب عليه نفقته إذا لم يكن قادرا عليها أو ممتنعا منها مع عدم إمكان اجباره.

ويجوز لمن تجب نفقته على غيره دفع زكاته إليه مع فقره.

٤ ـ ان لا يكون هاشميّا إذا كانت الزكاة من غيره إلاّ مع الاضطرار.

والمحرّم من الصدقة خصوص الزكاة الواجبة دون غيرها.

والهاشمي هو المنتسب الى هاشم بالأب دونه بالامّ.

ولا يثبت الانتساب بمجرّد الدعوى بل لا بد من البينة أو الاطمئنان.

والمستند في ذلك :

٣٥١

١ ـ اما عدم جواز دفع الزكاة إلى الكافر‌ فهو متسالم عليه. ويمكن التمسّك له بالروايات الدالّة على عدم جواز دفعها إلى المخالف بعد ضمّ الأولويّة ، ففي صحيح بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثمّ منّ الله عليه وعرّفه الولاية فإنّه يؤجر عليه إلاّ الزكاة لأنه يضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية ، واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء» (١).

واما جواز دفعها من سهم المؤلفة قلوبهم فلما تقدّم عند البحث عن المؤلفة قلوبهم.

واما جواز دفعها من سهم سبيل الله في الجملة ، فكما لو كان الصرف على المخالف أو الكافر لمصلحة المؤمن فان ذلك يرجع في حقيقته الى الصرف على المؤمن ، وفي غير ذلك لا يجوز الصرف حتى من السهم المذكور لإطلاق النص المانع للصرف من سهم سبيل الله أيضا.

واما عدم وجوب الإعادة مع الصرف في المحل المناسب فلعدم الموجب لذلك بل النص السابق لبريد يدل بوضوح على ذلك.

٢ ـ واما اعتبار ان لا يكون من أهل المعاصي فقد يقال بأن الوجه فيه شرطية العدالة.

وفيه ان شرطية العدالة وان نسبت الى جماعة ـ اما لدعوى الإجماع أو للنهي عن الركون الى الظالمين أو لقاعدة الاشتغال أو لأنّ الفاسق ليس بمؤمن ـ إلاّ انها غير ثابتة لعدم تمامية ما استدل به‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ١.

٣٥٢

عليها كما هو واضح.

وقد يقال بأن العدالة وان لم تكن شرطا إلاّ انه يلزم تجنب الكبائر كشرب الخمر والزنا لما رواه أبو خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا تعط من الزكاة أحدا ممّن تعول ... ، وان لم يكن له عيال وكان وحده فليقسمها في قوم ليس بهم بأس اعفاء عن المسألة ...» (١) ، بتقريب ان المراد من «ليس بهم بأس» عدم صدور الكبائر لو لم تستفد شرطية العدالة.

أو لما رواه داود الصّرمي مضمرا : «سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا؟ قال : لا» (٢).

وفيه : ان حديث أبي خديجة وان أمكن تصحيح سنده ـ باعتبار ان طريق الشيخ الى ابن فضال وان كان فيه الزبيري إلاّ انه يمكن توثيقه من خلال شيخوخة الإجازة. وسالم بن مكرم وان تعارض فيه توثيق النجاشي بتضعيف الشيخ إلاّ ان توثيق النجاشي مقدّم اما لما قيل من أضبطيته أو لأنّ كلام الشيخ متعارض في نفسه لما نقله العلاّمة من توثيقه له في موضع آخر ـ إلاّ أنّه قابل للتأمّل دلالة لاحتمال إرادة معنى آخر من نفي البأس ككونه غير مخالف للحقّ.

وحديث الصّرمي وان أمكن التغلّب على اضماره بالبيان العام في جميع المضمرات إلاّ ان الصّرمي نفسه لم يثبت توثيقه إلاّ بناء على تمامية كبرى وثاقة جميع من ورد في أسانيد كامل الزيارات.

وبهذا يتّضح عدم تمامية دليل على الشرط المذكور إلاّ إذا فرض ان الدفع له موجب لتشجيعه على المعصية فلا يجوز ، لا لكون ذلك‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٦.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٧ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ١.

٣٥٣

مستلزما للإعانة على الإثم ـ ليقال بعدم الدليل على حرمة ذلك ، فإن الثابت حرمته بقوله تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) (١) حرمة التعاون ـ بل لأنّ ذلك خلف وجوب النهي عن المنكر أو لأنّ التشجيع على المعصية تعلم مبغوضيّته بعنوانه شرعا.

٣ ـ واما اعتبار الشرط الثالث‌ فمتسالم عليه. ويدل عليه صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا : الأب والامّ والولد والمملوك والمرأة ، وذلك أنّهم عياله ولازمون له» (٢) وغيره.

وقد يعارض ذلك بمكاتبة عمران بن إسماعيل القمّي : «كتبت الى أبي الحسن الثالث عليه‌السلام : «ان لي ولدا رجالا ونساء أفيجوز أن أعطيهم من الزكاة شيئا؟ فكتب عليه‌السلام : ان ذلك جائز لك» (٣) ونحوه مرسل محمد بن جزك (٤).

إلاّ انهما ضعيفان بالقمّي في الأوّل حيث لم يوثق وبالإرسال في الثاني. مضافا الى هجرانهما لدى الأصحاب المسقط عن الحجّية.

٤ ـ واما وجه الاستثناء ـ كالإنفاق لقضاء دين من تجب نفقته‌ فللتمسّك بالمطلقات بعد اختصاص المانع بالنفقة اللازمة.

٥ ـ واما جواز أخذها من غير من تجب عليه النفقة‌ فلانه فقير ولا يشمله الدليل المانع ما دام لا قدرة على الانفاق أو مع الامتناع وعدم‌

__________________

(١) المائدة : ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٣ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٣.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٤.

٣٥٤

امكان الاجبار على البذل.

ومن ذلك يتّضح الوجه في جواز دفعها الى من تجب عليه النفقة فإنّه مع فرض فقره لا يعود مانع من دفعها إليه.

٦ ـ واما اشتراط ان لا يكون هاشميّا إذا كانت الزكاة من غير هاشمي‌ فمتسالم عليه. ويدلّ عليه موثق زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «قلت له : صدقات بني هاشم بعضهم على بعض تحل لهم؟ فقال : نعم ، ان صدقة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحلّ لجميع الناس من بني هاشم وغيرهم ، وصدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم ، ولا تحلّ لهم صدقات انسان غريب» (١) وغيره من الروايات الكثيرة.

٧ ـ واما جوازها مع الاضطرار‌ فيكفي لإثباته حديث الرفع عمّا اضطروا إليه (٢) ، مضافا الى دلالة بعض النصوص الخاصّة عليه (٣).

٨ ـ واما ان المحرم خصوص الزكاة دون الصدقة المندوبة بل والواجبة كالكفارات وردّ المظالم واللقطة‌ فلموثق إسماعيل بن الفضل الهاشمي : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصدقة التي حرّمت على بني هاشم ما هي؟ فقال : هي الزكاة» (٤) وغيره.

وسند الحديث بطريق الشيخ وان كان قابلا للتأمّل باعتبار القاسم بن محمّد ـ أي الجوهري ، فإنّه لم تثبت وثاقته إلاّ بناء على تمامية كبرى وثاقة كل من ورد في أسانيد كامل الزيارات ـ إلاّ انه بطريق الشيخ‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٢ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٦.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣٣ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٣٢ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٥.

٣٥٥

الكليني معتبر فإنّه رواه عن حميد بن زياد عن ابن سماعة عن غير واحد عن ابان بن عثمان عن إسماعيل ، ولا مشكلة إلاّ من ناحية تخيّل الإرسال عن غير واحد ، لكنّه غير مهم بعد عدم اطلاق التعبير المذكور عرفا على الأقلّ من ثلاثة ، واستبعاد اجتماع ثلاثة على الكذب بنحو يحصل الاطمئنان بالعدم. بل قد يقال ان التعبير المذكور ظاهر عرفا في أن المنقول عنهم الحديث مشهورون لا حاجة الى التصريح بأسمائهم.

٩ ـ واما ان المدار في الانتساب على الأب‌ فقد نسب فيه الخلاف الى السيّد المرتضى وصاحب الحدائق فقالا بكفاية الانتساب بالام استنادا الى ان ولد البنت ولد أيضا (١).

وفيه : ان ذلك وان كان صادقا ـ ولذا كان أولاد فاطمة صلوات الله عليها أولادا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعيسى من ذريّة إبراهيم عليهما السّلام ـ إلاّ ان المدار ليس على ذلك بل على صدق عنوان بني هاشم ، وهو كعنوان قبيلة بني تميم الذي لا يكفي فيه الانتساب بالامّ.

على ان لازم ذلك استحقاق أكثر الناس للخمس وحرمة الزكاة عليهم لقلّة وجود شخص لا تكون إحدى جدّاته هاشميّة ، وهو بعيد.

١٠ ـ واما عدم كفاية الدعوى في ثبوت الانتساب‌ فقد نسب الخلاف في ذلك الى الشيخ كاشف الغطاء قدس‌سره قياسا على الفقر حيث تقبل دعواه (٢).

لكنه قياس مع الفارق لأن استصحاب عدم الغنى بنحو العدم النعتي أو الأزلي جار في صالح دعوى الفقر بخلافه في دعوى‌

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ : ٣٩٠.

(٢) مستمسك العروة الوثقى ٩ : ٣١١.

٣٥٦

الانتساب ، فان استصحاب العدم الأزلي للانتساب الى هاشم ينفي صحّة دعوى الانتساب.

ولا يعارض ذلك باصالة عدم الانتساب الى غير هاشم لعدم الأثر لها ، فان الموضوع لاستحقاق الزكاة عدم الانتساب الى هاشم دون الانتساب الى غيره.

وعليه فلا بدّ من طريق شرعي لإثبات الانتساب اما بالبينة ـ لما تقدّم في ابحاث سابقة من ان دليل حجّيّتها وان كان خاصّا بباب القضاء إلاّ انه يمكن التعدّي الى سائر الأبواب ببعض التقريبات ـ أو بالاطمئنان لانعقاد السيرة العقلائيّة على العمل به ، وهي حيث لم يردع عنها فيستكشف امضاؤها.

ودعوى ان السيرة قد انعقدت أيضا على الحكم بانتساب من هو مشهور بين أهل البلد بذلك وان لم يحصل اطمئنان ، وحيث انه لم يردع عنها فهي ممضاة مدفوعة بأن انعقاد مثل هذه السيرة زمن المعصوم عليه‌السلام غير معلوم لانعقادها تلك الفترة ـ جزما أو احتمالا ـ على دفع الخمس والزكاة الى المعصوم عليه‌السلام أو حاكم البلاد.

٨ ـ أحكام عامة‌

يجوز للمالك عزل الزكاة والتصرّف في الباقي ويصير المعزول ملكا للمستحقين ويكون أمانة بيده لا يضمنه إلاّ مع التفريط. ولا يجوز تبديله بعد العزل.

ويجوز اخراج الزكاة من غير العين بالنقود. وفي جوازه من غيرها تأمّل.

٣٥٧

ومع دفع الزكاة باعتقاد الفقر واتضاح العدم يلزم استرجاعها مع تعينها بالعزل ، ومع تلفها لا يكون ضمان مع عدم التفريط بل يضمنها المدفوع إليه إذا كان يعلم بواقع الحال.

وكل ما ذكر يأتي مع اتضاح عدم استحقاق المدفوع إليه من جهة اخرى غير عدم الفقر.

ومن دفع باعتقاد وجوب الزكاة عليه وبان العدم لم يجزه ذلك وجاز له الاسترجاع مع بقاء العين والمطالبة ببدلها مع علم المدفوع إليه بواقع الحال.

ولا يجب البسط على الأصناف الثمانية بل يجوز دفعها لصنف واحد بل لفرد واحد منه.

ولا يجب دفعها الى الفقيه إلاّ إذا طلبها.

ويجوز نقلها الى بلد آخر حتّى مع وجود المستحق.

وهي من العبادات التي تحتاج الى قصد القربة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما جواز العزل‌ فهو وان كان على خلاف القاعدة إلاّ انه بعد ثبوت الدليل على ولاية المالك يؤخذ به ، وهو مثل صحيح يونس بن يعقوب : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : زكاتي تحلّ عليّ في شهر أيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجي‌ء من يسألني؟ فقال : إذا حال الحول فاخرجها من مالك لا تخلطها بشي‌ء ثمّ اعطها كيف شئت ...» (١) وغيره.

ومع ثبوت الولاية على العزل وتحقّقه تترتّب عليه ثمراته‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٥٢ من أبواب المستحقين للزكاة الحديث ٢.

٣٥٨

المذكورة في المتن وغيرها بخلاف ما إذا لم تثبت فإنّه لا يجوز التصرّف ويوزع التالف لكونه لازم الإشاعة.

وهذه الولاية ثبتت في باب الزكاة فقط ولم تثبت في باب الخمس فبالعزل فيه لا يتعيّن الحق.

٢ ـ واما جواز الاخراج من غير العين بالنقود‌ فلم ينسب فيه الخلاف لأحد في الغلات والنقدين. ويدلّ عليه صحيح محمّد بن خالد البرقي : «كتبت الى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : هل يجوز ان أخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة أو الشعير وما يجب على الذهب دراهم قيمة ما يسوى أم لا يجوز إلاّ أن يخرج من كلّ شي‌ء ما فيه؟ فأجاب : ايّما تيسر يخرج» (١) وغيره.

وهو وان كان خاصّا ببعض ما يجب فيه الزكاة وبالاخراج بخصوص الدراهم إلاّ انه بعد عدم احتمال الخصوصية يمكن الحكم بالتعميم ـ وان نسب الى المقنعة عدم جواز ذلك في الأنعام ـ خصوصا بعد الالتفات الى قوله : «الا أن يخرج من كل شي‌ء ما فيه» الظاهر في السؤال عن مطلق الاعيان الزكوية دون خصوص ما ذكر في صدر السؤال.

٣ ـ واما وجه التأمّل في جواز الاخراج من غير النقود‌ فباعتبار عدم الدليل على ذلك سوى أحد أمرين :

أحدهما : التمسّك بما دلّ على جواز احتساب الدين من الزكاة بعد الالتفات الى ان الدين قد لا يكون من النقود.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب زكاة الذهب والفضة الحديث ١.

٣٥٩

ثانيهما : صحيحة يونس بن يعقوب : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : عيال المسلمين أعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا وطعاما وأرى ان ذلك خير لهم فقال : لا بأس» (١).

ويمكن المناقشة باحتمال لزوم ملاحظة حال الفقير ، وهو يستفيد من النقود أكثر.

والأمر الأوّل لا ينافي ما ذكرناه لأنه بالاحتساب يحصل تفريغ ذمّة الفقير ، وذلك أمر هو في صالحه ، ولا يمكن استفادة التعدّي منه.

والأمر الثاني خاص بفرض عملية هي خير للفقير ولا يمكن استفادة جواز الاخراج من غير النقود إذا لم يكن ذلك خيرا للفقير ، على ان من المحتمل كون المقصود اشتري لهم ذلك بعد دفع الزكاة لهم لا قبل ذلك.

٤ ـ واما وجوب استرجاعها مع تعيّنها بالعزل واتضاح عدم الفقر‌ فواضح بعد تعيّنها للزكاة واشتغال الذمّة بدفعها بالخصوص. أجل مع عدم تعيّنها بالعزل لا يلزم استرجاعها بل يجوز دفع البديل عنها فيما إذا أمكن وإلاّ لزم استرجاعها أيضا مقدّمة لأداء الواجب.

٥ ـ واما انه لا ضمان مع تلفها لو لم يكن تفريط‌ فلانه بعد عزلها تتعيّن حقّا للجهة وتبقى أمانة بيد المالك لا يضمنها إلاّ مع التفريط ، كما لو دفعها من دون حجّة معتبرة.

واما ان المدفوع إليه يضمنها مع اطلاعه على واقع الحال فلقاعدة على اليد.

ثم ان المناسب مع عدم تفريط المالك وعدم اطلاع المدفوع إليه‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب زكاة الذهب والفضة الحديث ٤.

٣٦٠