دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-035-8
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٧٦

نعم ورد في رواية داود الصير في جواز السجود على القطن والكتان ، فقد سئل أبو الحسن الثالث عليه‌السلام : «هل يجوز السجود على القطن والكتّان من غير تقية؟ فقال : جائز» (١). والجمع بالتقييد غير ممكن بعد انحصار الملبوس النباتي عادة بالقطن والكتان ، كما لا يمكن الجمع بالحمل على الكراهة لتساويهما في درجة الظهور.

والمناسب أن يقال ان رواية داود معارضة في نفس موردها برواية أبي العباس الفضل بن عبد الملك : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا يسجد إلاّ على الأرض أو ما أنبت الأرض إلاّ القطن والكتّان» (٢). وبعد التساقط نرجع الى عموم صحيحة هشام المقتضي للمنع.

هذا كلّه بناء على غض النظر عن ضعف رواية داود به ـ لعدم ثبوت وثقاته إلاّ من خلال كامل الزيارة ـ ورواية أبي العباس بالقاسم وإلاّ فلا حاجة إلى ملاحظتهما رأسا.

٢ ـ واما جواز السجود على القرطاس‌ فلصحيحة علي بن مهزيار قال : «سأل داود بن فرقد أبا الحسن عليه‌السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا؟ فكتب : يجوز» (٣) وغيرها.

وهل يجوز السجود عليه مطلقا أو بشرط عدم اتخاذه من غير النبات كالحرير والصوف أو بشرط اتخاذه من النبات غير المأكول‌

__________________

والخمرة كما في هامش الصحيح المذكور هي السجادة التي يضع عليها الرجل جزء وجهه حالة سجوده من حصير أو نسيجة من خوص.

(١) وسائل الشيعة الباب ٢ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ٦.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ٦.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ٢.

٢٤١

والملبوس؟ أقوال ثلاثة. وما يمكن التمسّك بإطلاقه هو الصحيحة المذكورة ولكن قد يشكك فيه بأن نظر الصحيحة إلى عدم مانعية الكتابة من جواز السجود على القرطاس وليست بصدد إثبات جواز السجود عليه لينعقد لها إطلاق.

٣ ـ واما اعتبار السجود على الأعضاء الستّة‌ مضافا للجبهة فلصحيح زرارة : «قال أبو جعفر عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : السجود على سبعة أعظم : الجبهة واليدين والركبتين والابهامين من الرجلين» (١).

٤ ـ واما وجه الأفضليّة على ما ذكر‌ فلما رواه معاوية بن عمار : «كان لأبي عبد الله عليه‌السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله عليه‌السلام فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجادته وسجد عليه ، ثم قال عليه‌السلام : ان السجود على تربة أبي عبد الله عليه‌السلام يخرق الحجب السبع» (٢).

وروى الشيخ الصدوق رحمه‌الله عن الامام الصادق عليه‌السلام : «السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام ينوّر إلى الأرضين السبعة ، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليه‌السلام كتب مسبحا ، وان لم يسبح بها» (٣).

على اننا في غنى عمّا ذكر ويكفينا كونها التربة التي انسال عليها ـ في سبيل إرجاع الحياة إلى خط الإسلام ـ دم فلذة كبد الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن فاز بنصرته من أهل بيته وأصحابه الكرام : «طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم».

٥ ـ واما عدم اعتبار المماسة بلحاظ بقية الأعضاء‌ فلصحيحة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب السجود الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ١.

٢٤٢

الفضيل وبريد عن أحدهما عليهما السّلام : «لا بأس بالقيام على المصلّى من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الأرض ، وان كان من نبات الأرض فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه» (١). هذا مضافا الى القصور في المقتضي لاعتبار مماستها فان الأمر بالسجود على الأرض ونباتها منصرف الى وضع الجبهة بخصوصها ومعه يتمسّك بالبراءة من اعتبارها بلحاظ الباقي.

٦ ـ واما لزوم الذكر فيه بالنحو المتقدّم في الركوع‌ فلوحدة النصوص فيهما ، ففي صحيحة هشام : «... وفي السجود : سبحان ربي الأعلى ...» (٢) وفي صحيح مسمع عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «يجزيك من القول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسلا وليس له ولا كرامة ان يقول : سبح ، سبح سبح» (٣) ، والجمع يقتضي التخيير.

٧ ـ واما لزوم الطمأنينة فيه‌ فلصحيحة بكر بن محمّد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سأله أبو بصير وأنا جالس عنده ـ إلى أن قال ـ وإذا سجد فلينفرج وليتمكّن» (٤) ، بتقريب ان الأمر فيها للإرشاد الى شرطية التمكن والاستقرار في تحقق السجود الشرعي ، وبالالتزام تدل على اشتراطه اثناء الذكر الواجب للزوم ايقاع الذكر المأمور به أثناء السجود الشرعي ، بل قد تدلّ على اشتراطه في الذكر المستحب أيضا للتقريب بعينه.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ٥.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب الركوع الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب الركوع الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها الحديث ١٤.

٢٤٣

٨ ـ وأمّا لزوم رفع الرأس من السجدة الاولى والجلوس منتصبا‌ فلصحيحة أبي بصير قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «... وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك ، وإذا سجدت فاقعد مثل ذلك» (١).

٩ ـ واما اعتبار التساوي فيما ذكر :

فلحسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن السجود على الأرض المرتفع فقال : إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس» (٢) ، ومقدار اللبنة ذاك الزمان على ما قيل أربع أصابع مضمومة.

ولموثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن المريض أيحل له أن يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ قال : فقال : إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض ، وان كان أكثر من ذلك فلا» (٣) ، والاولى تدل على اغتفار الارتفاع والثانية على اغتفار الانخفاض.

بعض أحكام السجود‌

ومن نسي السجدتين وتذكرهما قبل الركوع عاد إليهما ، وإذا تذكرهما بعده بطلت.

ومن نسي سجدة واحدة وتذكرها قبل الركوع رجع إليها ، وإذا كان بعده مضى وقضاها بعد السلام.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة الحديث ٩.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب السجود الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب السجود الحديث ٢.

٢٤٤

والمستند في ذلك :

١ ـ اما لزوم الاتيان بالسجدتين لو نسيهما وتذكر قبل الركوع‌ فلمقتضى القاعدة ، لبقاء محل التدارك بعد عدم الدخول في ركن آخر. هذا مضافا إلى انه لو جاز العود لتدارك السجدة الواحدة ـ كما سيأتي ـ مع انها ليست ركنا فجوازه في السجدتين أولى.

٢ ـ واما بطلان الصلاة مع التذكر بعد الركوع‌ فلمقتضى القاعدة أيضا لنقص الركن لو استمر وزيادته ـ بزيادة الركوع ـ لو تداركهما.

٣ ـ واما الحكم في نسيان السجدة الواحدة‌ فلصحيحة إسماعيل بن جابر المتقدّمة أول بحث السجود.

التشهد‌

وهو واجب في الثنائية مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الثانية في الركعة الثانية. وفي الثلاثية والرباعية مرّتين ثانيتهما بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الأخيرة.

وتركه السهوي لا يبطل الصلاة. ومن ذكره قبل الركوع أتى به وإلاّ مضى في صلاته وسجد سجدتي السهو بعد تمامها والأولى قضاؤه أيضا.

وكيفيته «أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمّدا عبده ورسوله اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد».

والمستند في ذلك :

١ ـ أما وجوبه في المواضع المذكورة‌ فهو متسالم عليه بل كاد يكون ضروريا ، أجل قد يعسر استفادة محله الواجب من النصوص إلاّ في الثانية من الظهر وغيرها ، ففي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا قمت في الركعتين من الظهر أو غيرها فلم تتشهّد فيهما فذكرت ذلك‌

٢٤٥

في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس فتشهد وقم فأتم صلاتك ...» (١).

وقد يتوهّم أن صحيحة عبيد بن زرارة : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير؟ فقال : تمّت صلاته وانما التشهّد سنّة في الصلاة فيتوضّأ ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهّد» (٢). تدل على استحبابه.

والجواب : ان السنّة في مصطلح النصوص بمعنى ما سنّه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مقابل الفرض بمعنى ما أوجبه الله تعالى.

٢ ـ واما عدم بطلان الصلاة بتركه سهوا‌ فلقاعدة لا تعاد المستفادة من صحيح زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ، ثم قال : القراءة سنّة والتشهّد سنّة ولا تنقض السنّة الفريضة» (٣) ، فإنّه يدل في موضعين منه على ذلك.

٣ ـ واما وجوب تداركه لمن ذكره قبل الركوع‌ فلصحيحة الحلبي المتقدّمة آنفا.

٤ ـ واما لزوم سجود السهو على الناسي‌ فلصحيحة أبي بصير : «سألته عن الرجل ينسى أن يتشهّد قال : يسجد سجدتين يتشهّد فيهما» (٤) وغيرها.

٥ ـ واما عدم وجوب قضائه‌ فلان بعض النصوص وان كان‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٩ من أبواب التشهد الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٣ من أبواب التشهد الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب التشهد الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب التشهد الحديث ٦.

٢٤٦

ظاهرها وجوبه كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام : «في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال : إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد وإلاّ طلب مكانا نظيفا فتشهّد فيه ، وقال : انما التشهّد سنّة في الصلاة» (١). إلاّ أنّه لأجل صحيحة أبي بصير السابقة وغيرها يحمل ذلك على الرجحان أو التشهد الأخير.

٦ ـ وأمّا كيفيّته بما تقدّم‌ فهو المشهور ـ ونسب إلى بعض الاكتفاء بالشهادة الاولى في التشهّد الأوّل ، والى الصدوق رحمه‌الله الاكتفاء بجملة «بسم الله وبالله» بدل الشهادتين ـ ولا توجد رواية تدل عليها بكاملها بل هي ثابتة بالجمع بين الروايات كصحيحة محمّد بن مسلم : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام التشهّد في الصلوات؟ قال : مرّتين. قلت : كيف مرّتين؟ قال : إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمّدا عبده ورسوله. ثم تنصرف ...» (٢) ، وصحيحة أبي بصير وزرارة : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تمام الصلاة إذا تركها متعمّدا فلا صلاة له» (٣).

وهي وان لم تدل على تعيين الموضع إلاّ أنه تكفي لذلك السيرة القطعية ، أجل لا يستفاد من الصحيحة تعيين الكيفية الخاصّة للصلاة بل قد يستفاد من اطلاقها جواز غيرها. والاعتماد على السيرة ان تمّ وإلاّ فيجري أصل البراءة من خصوصيّة التعيين ، بل قد يجتزأ بمطلق الشهادتين تمسّكا بإطلاق بعض النصوص ، كصحيح سورة بن كليب :

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب التشهد الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب التشهد الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٠ من أبواب التشهد الحديث ١.

٢٤٧

«سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن أدنى ما يجزي من التشهد قال : الشهادتان» (١) إلاّ أنّه مقيّد بما تقدّم.

التسليم‌

وهو آخر أجزاء الصلاة. وبه يتحقّق الخروج منها وتحلّ منافياتها.

وله صيغتان : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّا.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب التسليم‌ فهو المشهور ـ ونسب إلى بعض الاستحباب ـ ويدل عليه موثق أبي بصير : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في رجل صلّى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل أن يتشهد رعف. قال : فليخرج فليغسل أنفه ثم ليرجع فليتمّ صلاته فان آخر الصلاة التسليم» (٢) وغيره.

واما ما رواه الصدوق بقوله : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» (٣) فهو ضعيف بالإرسال إلاّ بناء على حجيّة مراسيله التي هي بلسان قال. وهكذا الروايات الاخرى التي هي بهذا المضمون ضعيفة السند.

ثم انه قيل باستحباب التسليم استنادا الى بعض النصوص من قبيل صحيح ابن مسلم المتقدّم في كيفية التشهد حيث ورد في ذيله : «ثم تنصرف».

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب التشهد الحديث ٦.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب التسليم الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب التسليم الحديث ٨.

٢٤٨

وفيه : ان طريق الانصراف ما دام قد عيّن شرعا بالتسليم فينحصر به ولا يحمل على الانصراف العادي.

٢ ـ وأمّا التخيير في صيغة التسليم‌ فهو المشهور بين المتأخرين ، ويقتضيه الجمع بين صحيحة الحلبي : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كل ما ذكرت الله عزّ وجلّ به والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو من الصلاة. وان قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت» (١). وموثقة الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «قلت له إني اصلّي بقوم. فقال : تسلّم واحدة ولا تلتفت. قل : السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكم ...» (٢) كما ان مقتضى ذلك اتّصاف الأوّل بالوجوب والثاني بالاستحباب لدى الجمع بينهما.

منافيات الصلاة‌

للصلاة منافيات تبطل بها ، وهي : الحدث بكلا قسميه ولو سهوا ، والالتفات الفاحش عن القبلة ، وما كان ماحيا لصورتها لدى المتشرّعة ، والتكلّم العادي عمدا ، والقهقهة ، وتعمّد البكاء إذا كان لأمور الدّنيا أو لذكر ميّت ، والتكفير بقصد الجزئيّة ، وقول آمين بعد الفاتحة بقصد الجزئية.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما مبطلية الحدث‌ فللتسالم عليها وضرورة الفقه. وامّا شرطية الطهارة فهي وان كانت مسلمة إلاّ أن الصلاة اسم للاجزاء دون الاكوان المتخللة فلا يمكن التمسّك بها لإثبات بطلانها إذا أحدث المصلي‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب التسليم الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب التسليم الحديث ٣.

٢٤٩

في كون منها وتطهر بسرعة بحيث لم يقع جزء منها مع الحدث. وكذلك لا يمكن التمسّك بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : «وسألته عن رجل وجد ريحا في بطنه فوضع يده على أنفه وخرج من المسجد حتى أخرج الريح من بطنه ثم عاد الى المسجد فصلّى فلم يتوضّأ هل يجزيه ذلك؟ قال : لا يجزيه حتى يتوضّأ ولا يعتدّ بشي‌ء ممّا صلّى» (١) إذ لعل عدم الاعتداد بما مضى من جهة كثرة الفعل الماحية لصورة الصلاة. أجل لا بأس بالتمسّك بصحيحة الاخرى : «سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيعلم ان ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها ، قال : يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتدّ بشي‌ء ممّا صلّى إذا علم ذلك يقينا» (٢).

ثم ان في بعض النصوص (٣) ما يدل بظاهره على عدم مبطلية الحدث أثناء الصلاة وان بالامكان الوضوء والبناء على ما مضى ، ولكنه لمخالفته لما سبق لا بدّ من حمله على بعض المحامل أو طرحه.

٢ ـ واما التعميم‌ لحالة السهو فلإطلاق معقد الضرورة والتسالم والصحيحة المتقدّمة.

٣ ـ واما مبطلية الالتفات الفاحش‌ فلصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا ، وان كنت قد تشهدت فلا تعد» (٤) ، واما صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «سألته عن الرجل يلتفت في صلاته‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٨.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٧.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٩ ، ١١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٢.

٢٥٠

قال : لا» (١) فلا بدّ من حملها على الفاحش لما تقدّم.

وهل يلزم أن يكون الالتفات بكل البدن؟ لا يبعد ذلك لصحيحة زرارة : «سمع أبا جعفر عليه‌السلام يقول : الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله» (٢) فان الظاهر كون المقصود : بكل البدن وليس بكل الالتفات كما قيل.

٤ ـ واما ما كان ماحيا للصورة‌ فهو مبطل من باب ان المطلوب هو الصلاة ، ومع الفعل الماحي تنعدم بنحو السالبة بانتفاء الموضوع. اما ما لم يكن ماحيا فلا دليل على مبطليته كابتلاع بقايا الطعام الموجودة في الفم أو السكر الذائب تدريجا.

وبهذا يتّضح ان ما ورد في صحيحة سعيد الاعرج : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك اني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم فأكون في الدعاء وأخاف الفجر فأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون القلّة امامي قال : فقال لي : فاخط اليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع الى مكانك ولا تقطع على نفسك الدعاء» (٣). يمكن توجيهه على مقتضى القاعدة. وطريق ابن بابويه إلى الأعرج صحيح في المشيخة إذ ليس فيه إلاّ عبد الكريم بن عمرو الذي قال عنه النجاشي : «ثقة ثقة» (٤) ، ولا ينافي ذلك قول الشيخ في حقّه :

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٣.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٢.

(٤) رجال النجاشي : ١٧٢ ، منشورات مكتبة الداوري.

٢٥١

«واقفي خبيث» (١) ، لقرب كون المقصود خبيث العقيدة من جهة الوقف.

٥ ـ واما مبطلية التكلّم عمدا‌ فقد تمّ التسالم عليها. وتدلّ عليها صحيحة الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام : «ابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمّدا. وان تكلّمت ناسيا فلا شي‌ء عليك» (٢) وغيرها.

٦ ـ واما التقييد بالعادي‌ فللانصراف عن غيره كالذكر والدعاء ، ومع عدم الدليل على البطلان به يتمسّك بالبراءة من مانعيته ، بل في جملة من النصوص التصريح بعدم مانعيته كصحيحة علي بن مهزيار : «سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل يتكلّم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه ، قال : نعم» (٣) وغيرها.

٧ ـ واما التقييد بالعمد‌ فللتصريح بالعفو عن السهوي في الصحيحة المتقدّمة. بل لا حاجة إلى ذلك بعد وجود قاعدة لا تعاد.

٨ ـ واما مبطلية القهقهة‌ فلصحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة» (٤) وغيرها. ولا بدّ من التقييد بحالة العمد لقاعدة لا تعاد.

٩ ـ واما مبطلية البكاء‌ فيمكن الاستدلال له برواية أبي حنيفة : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة؟ فقال : إن بكى لذكر جنّة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة ، وإن كان ذكر‌

__________________

(١) رجال الشيخ الطوسي : ٣٥٤.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٥ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٥.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٣ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ١.

٢٥٢

ميّتا له فصلاته فاسدة» (١) لكنها ضعيفة بأبي حنيفة والنعمان بن عبد السلام إلاّ بناء على تمامية كبرى الانجبار بعمل المشهور. ولا بدّ من حمل ذكر الميت على المثال لمطلق امور الدنيا بقرينة المقابلة.

وبالجملة ان تمّت الرواية وإلاّ فالحكم محل إشكال فيما إذا لم يكن ـ البكاء ـ ماحيا للصورة لعدم الدليل والمرجع البراءة.

١٠ ـ واما تقييده بالتعمّد‌ فلقاعدة لا تعاد.

١١ ـ واما مبطلية التكفير‌ فقد يستدل لها بصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام : «الرجل يضع يده في الصلاة وحكى اليمنى على اليسرى فقال : ذلك التكفير لا يفعل» (٢) أو بصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «... ولا تكفّر فانّما يصنع ذلك المجوس» (٣) إلاّ انهما لا تدلاّن على الحكم الوضعي بل التكليفي خصوصا لو ضممنا إليهما ما رواه علي بن جعفر في كتابه : «سألته عن الرجل يكون في صلاته أيضع إحدى يديه على الاخرى بكفه أو ذراعه؟ قال : لا يصلح ذلك فان فعل فلا يعود له» (٤) فان عدم الأمر بالإعادة يدل على ما ذكرناه.

وعليه فلا موجب للبطلان بالتكفير إلاّ إذا قصد به الجزئية فيكون زيادة عمدية وقد دلّت صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (٥) على بطلان الصلاة بها.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٢.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١٥ من أبواب قواطع الصلاة الحديث ٥.

(٥) وسائل الشيعة الباب ١٩ من أبواب الخلل الحديث ٢.

٢٥٣

١٢ ـ واما التأمين‌ فان كان بقصد الجزئية فبمطليته على القاعدة لما تقدّم. وان لم يكن بالقصد المذكور ولا بقصد الدعاء فمبطليته على القاعدة أيضا لأنه تكلّم عمدي. واما إذا كان بقصد الدعاء فلا وجه لمبطليته لأنه كسائر الأدعية. إلاّ أنّه قد يقال بمبطليته في الحالة المذكورة أيضا لإطلاق صحيحة جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا كنت خلف امام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت الحمد لله ربّ العالمين ولا تقل آمين» (١) وغيرها إلاّ انه لا يبعد انصرافها إلى الحالة الاولى. وعلى تقدير التنزل لا تدلّ على الحكم الوضعي بل على الحكم التكليفي وهو لا يلازم فساد مجموع القراءة أو الصلاة.

أحكام الشكوك‌

من شك في ادائه الصلاة لزمه فعلها في الوقت دون خارجه.

والشاك في جزء أو شرط بعد الفراغ لا يلتفت.

وكثير الشك لا يعتني ويبني على وقوع المشكوك فيما إذا لم يكن مفسدا وإلاّ بنى على عدمه.

والمرجع في صدق عنوان كثير الشك العرف. ومع الشك في حدوثه أو بقائه يبني على الحالة السابقة.

والامام يرجع عند شكّه إلى المأموم وبالعكس.

ومن شك في فعل بعد الدخول في غيره يبني على تحقّقه ، وإذا كان قبله يأتي به.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٧ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

٢٥٤

ومن شك في صحّة المأتي به يبني على ذلك وان لم يدخل في غيره.

والظن في عدد الركعات كاليقين بخلاف الظن في الأفعال فان حكمه حكم الشك.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما ان الشاك في اداء الصلاة يلزمه فعلها في الوقت‌ فلاستصحاب عدم الاداء. وبقطع النظر عن ذلك تكفي قاعدة «الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني» للزوم الاحراز. على إنّا في غنى عن ذلك بعد صحيحة زرارة وفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : «متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها أو في وقت فوتها انك لم تصلها صلّيتها. وان شككت بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن ، فان استيقنت فعليك أن تصلّيها في أي حالة كنت» (١).

٢ ـ واما عدم وجوب القضاء على الشاك خارج الوقت‌ فلسقوط الأمر بالاداء بخروج الوقت اما بالامتثال أو بالعصيان ، والأمر بالقضاء تكليف جديد موضوعه الفوت ـ لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «أربع صلوات يصليها الرجل في كلّ ساعة : صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها ، وصلاة ركعتي طواف الفريضة ...» (٢) وغيرها (٣) ـ واذا شك في صدقه ومن ثم في وجوب القضاء امكن التمسك بالبراءة لنفي ذلك.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٦٠ من أبواب المواقيت الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٣٩ من أبواب مواقيت الصلاة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب قضاء الصلاة.

٢٥٥

ولا يمكن التمسّك باستصحاب عدم الاتيان في الوقت لإثباته إلاّ بنحو الأصل المثبت ، ومعه يتمسّك بالبراءة لنفيه.

هذا كلّه بقطع النظر عن ذيل صحيحة زرارة وفضيل المتقدّمة وإلاّ فهو كالصريح في المدعى ، ويدل على تأسيس قاعدة الحيلولة.

٣ ـ واما ان الشاك في جزء أو شرط لا يلتفت بعد الفراغ‌ فلقاعدة الفراغ المستفادة من موثقة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «كل ما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» (١) ، وموثقة بكير بن أعين : «قلت له : الرجل يشك بعد ما يتوضّأ. قال : هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٢) وغيرهما. والتعليل يعمّ جميع موارد الشكّ بعد الفراغ.

٤ ـ واما عدم اعتناء كثير الشكّ‌ فلصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فإنّه يوشك أن يدعك ، إنّما هو من الشيطان» (٣).

والمراد من السهو في استعمال كثير من الروايات الشك ، وفي موثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا ، ويشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا ، فقال عليه‌السلام : لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا» (٤) وغير ذلك.

ومقتضى الأمر بالمضي والتعليل ان ذلك من الشيطان لزوم‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤٢ من أبواب الوضوء الحديث ٧.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب الخلل الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب الخلل الحديث ٥.

٢٥٦

البناء على ما تصحّ معه الصلاة فقد يكون ذلك بالبناء على فعل المشكوك وقد يكون بالبناء على عدمه كما إذا احتمل زيادة ركن.

٥ ـ واما الرجوع الى العرف‌ فلكونه المرجع في تحديد مفاهيم الألفاظ ـ فإنّ اللفظ أمر عرفي من إنسان عرفي إلى إنسان عرفي فلا بدّ من حمله على مفهومه العرفي ـ إلاّ مع ورود تحديد شرعي على الخلاف ، وهو لم يرد ، فإنّ صحيحة محمّد بن أبي حمزة عن الامام الصادق عليه‌السلام : «إذا كان الرجل ممّن يسهو في كل ثلاث فهو ممّن كثر عليه السهو» (١) لا تدلّ على الحصر في ذلك بقرينة كلمة «من» الظاهرة في التبعيض.

٦ ـ واما ان الشاكّ في الحدوث أو البقاء يرجع إلى الحالة السابقة‌ فللاستصحاب.

٧ ـ واما رجوع كل من الامام والمأموم إلى الآخر‌ فلصحيحة حفص بن البختري عن الامام الصادق عليه‌السلام : «ليس على الامام سهو ولا على من خلف الامام سهو» (٢) وغيرها فإنّه لا معنى للنفي إلاّ إرادة رجوع كلّ إلى الآخر مع حفظه.

٨ ـ واما البناء على تحقّق المشكوك بعد الدخول في غيره‌ فلقاعدة التجاوز المستفادة من صحيحة زرارة : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في الاذان وقد دخل في الإقامة ، قال : يمضي. قلت : رجل شك في الاذان والإقامة وقد كبّر ، قال : يمضي. قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ ، قال : يمضي. قلت : شكّ في القراءة وقد ركع ، قال : يمضي. قلت : شك‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٦ من أبواب الخلل في الصلاة الحديث ٧.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٤ من أبواب الخلل في الصلاة الحديث ٣.

٢٥٧

في الركوع وقد سجد ، قال : يمضي على صلاته. ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شي‌ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء» (١) وغيرها.

٩ ـ واما لزوم الاتيان بالمشكوك قبل ذلك‌ فلمفهوم الشرط في ذيل الصحيحة المتقدّمة. مضافا إلى اقتضاء الاستصحاب وقاعدة لزوم الفراغ اليقيني بعد الاشتغال اليقيني لذلك.

١٠ ـ واما ان الشاك في صحّة المأتي به يبني عليها وان لم يدخل في غيره‌ فلموثقة محمّد بن مسلم المتقدّمة في رقم (٣) وغيرها.

١١ ـ واما ان الظنّ في عدد الركعات كاليقين‌ فلصحيحة أبي العباس عن الصادق عليه‌السلام : «إذا لم تدر ثلاثا صلّيت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وان وقع رأيك على الأربع فابن على الأربع فسلّم وانصرف ، وان اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس» (٢) وغيرها ، فإنّ موردها وان كان هو الشك بين الثلاث والأربع إلاّ أن الفقيه يمكن أن يفهم ـ بعد ملاحظة بقيّة الروايات ـ عدم الخصوصيّة له.

١٢ ـ واما ان حكم الظن في الأفعال حكم الشك‌ فلاختصاص ما سبق بالركعات ولا موجب للتعدّي إلى غيره ، ومعه يلزم التمسّك بمقتضى قاعدة التجاوز فإنّ عنوان الشك الوارد فيها يراد به لغة خلاف اليقين لا خصوص حالة تساوي الطرفين فإنّ ذلك مصطلح منطقي حادث متأخّرا لا ينبغي تحميله على الروايات.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٣ من أبواب الخلل الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب الخلل في الصلاة الحديث ١.

٢٥٨

الشكّ في عدد الركعات‌

الشك في عدد الركعات من الثنائية والثلاثية والأوّليتين من الرباعية مبطل لها.

والشاك بين الاثنتين والثلاث بعد إتمام الذكر الواجب للسجدة الأخيرة يبني على الثلاث ويحتاط بركعة قائما أو بركعتين جالسا.

والشاك بين الثلاث والأربع يبني على الأربع ويحتاط على المشهور كذلك.

والشاك بين الثنتين والأربع بعد إتمام الذكر الواجب للسجدة الأخيرة يبني على الأربع ويحتاط بركعتين من قيام.

والشاك بين الثنتين والثلاث والأربع بعد إتمام الذكر الواجب للسجدة الأخيرة يبني على الأربع ويحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس. والشاك بين الأربع والخمس بعد ذكر السجدة الأخيرة يبني على الأربع ويسجد سجدتي السهو.

والشاك بين الأربع والخمس حال القيام يهدمه ويكون كالشاك بين الثلاث والأربع.

والمستند في ذلك :

١ ـ ان الأصل الأوّلي بمقتضى اطلاق دليل الاستصحاب وان اقتضى لزوم البناء على الأقلّ عند الشك في عدد الركعات ولكنّه قد طرأ عليه التقييد في المقام‌ بما دل على لزوم البناء على الأكثر والاتيان بما يحتمل نقصانه بعد التسليم. ففي موثقة عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «يا عمّار اجمع لك السهو كلّه في كلمتين. متى ما شككت فخذ بالأكثر‌

٢٥٩

فإذا سلّمت فأتم ما ظننت أنّك نقصت» (١). وطريق ابن بابويه إلى عمّار صحيح.

وعليه فلا بدّ بمقتضى الأصل الثانوي المذكور من الحكم بصحّة كل صلاة يحتمل فيها النقصان مع البناء على الأكثر عند الشك إلاّ إذا دلّ الدليل الخاصّ على العكس فيلتزم بتخصيصه كما سوف نرى ذلك في الثنائية وغيرها.

٢ ـ اما البطلان بالشكّ في الأوّليتين‌ فلم ينسب فيه الخلاف إلاّ إلى الصدوق حيث حكم بالتخيير بين الإعادة والبناء على الاقل (٢). وقد دلّ على رأي المشهور ما يتجاوز عن خمس عشرة رواية كصحيحة زرارة : «قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات وفيهنّ القراءة وليس فيهن وهم ـ يعني سهوا ـ فزاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعا وفيهنّ الوهم وليس فيهنّ قراءة. فمن شك في الأوّليتين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شكّ في الأخيرتين عمل بالوهم» (٣) وغيرها.

وفي مقابل ذلك أربع روايات دلّت على البناء على الأقلّ كصحيحة ابي يعفور : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل لا يدري أركعتين صلّى أم واحدة؟ قال : يتمّ بركعة» (٤).

ولا يمكن الجمع بالحمل على التخيير لإباء مثل صحيحة زرارة عن ذلك.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ١.

(٢) جواهر الكلام ١٢ : ٣٢٩.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الخلل الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب الخلل في الصلاة الحديث ٢٢.

٢٦٠