دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي على المذهب الجعفري - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: برهان
الطبعة: ٢
ISBN: 964-499-035-8
ISBN الدورة:
964-499-048-X

الصفحات: ٥٧٦

١ ـ اما وجوب الفاتحة في الأوليتين‌ فلارتكاز المتشرعة والتسالم وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام : «سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته ، قال : لا صلاة له إلاّ أن يقرأ بها في جهر أو إخفات» (١) وغيرها.

واما سيرة المتشرّعة المنعقدة على التزام قراءة الفاتحة فهي لا تدلّ على الوجوب إلاّ إذا رجعت إلى الارتكاز.

ثم ان الصحيحة لا تدل على وجوب ذلك في كلتا الركعتين فلا بد من ضمّ الارتكاز.

٢ ـ واما وجوبها في النافلة أيضا‌ فللإطلاق.

٣ ـ واما قراءة سورة كاملة بعد الحمد‌ فقد وقع الاختلاف في وجوبها بسبب اختلاف الروايات فقد روى الكليني عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الحميد عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر» (٢).

ويمكن أن يقال : هي لا تدل على وجوب قراءة السورة بل ان من أراد قراءتها فليقرأ واحدة بلا زيادة ولا نقيصة. على ان سندها اشتمل على محمّد بن عبد الحميد ، وقد قال النجاشي : «محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطار أبو جعفر. روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى ، وكان ثقة من أصحابنا الكوفيين. له كتاب النوادر ...» (٣). ومن المحتمل رجوع‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٢.

(٣) رجال النجاشي : ٢٣٩ ، منشورات مكتبة الداوري.

٢٢١

الضمير في «وكان» الى عبد الحميد لا إلى محمّد ، ويكفي الاجمال في عدم ثبوت وثاقته إلاّ أن يستظهر بقرائن رجوعه إليه.

على أن أحمد بن محمد بن يحيى مشترك لم يوثق سوى من هو شيخ للصدوق بناء على كفاية شيخوخة الإجازة.

ثمّ انه مع تمامية الرواية دلالة وسندا تعارضها صحيحة علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ان فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة» (١).

ويتحقّق الجمع بحمل الاولى على الاستحباب. ولا معنى بعد امكانه لحمل الثانية على التقيّة.

واحتمال حمل الثانية على حالة الضرورة والاستعجال بقرينة صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوليتين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شيئا» (٢) حمل للإطلاق على الفرد النادر وهو مستهجن.

٤ ـ واما جزئية البسملة‌ فينبغي أن تكون من المسلّمات بالنسبة إلى الفاتحة. وتدل عليه صحيحة محمّد بن مسلم : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السبع المثاني والقرآن العظيم أهي الفاتحة؟ قال : نعم. قلت : بسم الله الرحمن الرحيم من السبع؟ قال : نعم ، هي أفضلهن» (٣).

واما جزئيتها من بقيّة السور ـ عدا براءة ـ فقد ادعي عليها الاجماع بل ربما عدّ ذلك من المسلّمات ، وقد يستدلّ له بصحيحة‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٢.

٢٢٢

معاوية بن عمّار : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إذا قمت للصلاة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال : نعم. قلت : فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة؟ قال : نعم» (١) ، بتقريب ان السؤال عن الاستحباب بعد عدم المعنى له لوضوحه فلا بدّ وان يكون عن الوجوب ، وهو ملازم للجزئية لعدم احتمال إرادة الوجوب النفسي.

وفيه : ان الثابت أصل الوجوب وهو الذي يمكن دعوى الاجماع عليه وكونه من المسلّمات دون الجزئية. ودعوى عدم احتمال إرادة الوجوب النفسي في الصحيحة عهدتها على مدّعيها.

وعليه فالحكم بالجزئية بحيث تترتّب آثارها ـ التي منها عدّها آية في صلاة الآيات أو لزوم تعيين السورة عند قراءتها ـ مشكل.

٥ ـ واما وجوب تعيين السورة عند قراءتها‌ فهو محل للخلاف.

وقد استدل الشيخ الأعظم ـ ووافقه جمع من المتأخّرين ـ على ذلك بأنّ البسملة بعد ما كانت جزءا من كلّ سورة فلا تتحقّق قراءة سورة التوحيد مثلا إلاّ بقراءة جميع آياتها ـ التي منها البسملة ـ بعنوان كونها سورة التوحيد وبقصدها (٢).

والاستدلال المذكور مبني ـ كما ترى ـ على جزئية البسملة من كل سورة ، وقد تقدّم التأمّل فيه.

أحكام القراءة‌

قيل يجب حذف همزة الوصل في الدرج وإثبات همزة القطع. وترك‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٥.

(٢) مستمسك العروة الوثقى ٦ : ١٨١.

٢٢٣

الوقوف بالحركة والوصل بالسكون. ويجب المد في الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها والألف المفتوح ما قبلها إذا كان بعدها سكون لازم أو همزة وان لم تكن ساكنة. والادغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف يرملون. وادغام لام التعريف إذا دخلت على الشين أو احدى أخواتها واظهارها مع بقيّة الحروف.

ويجب الجهر بالقراءة على الرجال في الصبح والأوّليتين من المغرب والعشاء والاخفات في غير ذلك إلاّ البسملة وصلاة الجمعة بل الظهر يومها فيستحب في الاولى والأخيرة ويجب في الثانية. والمكلّف بالخيار في غير القراءة.

ومناط الجهر والاخفات الصدق العرفي.

ومن جهر في موضع الاخفات أو عكس ناسيا أو جاهلا لم يعد.

ومن نسي القراءة حتى ركع مضى.

والمصلّي بالخيار في ثالثة المغرب وأخيرتي الرباعية بين الفاتحة والتسبيح.

وتجب الموالاة العرفية بين حروف الكلمة وكلمات الآية الواحدة وآي السورة الواحدة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما بالنسبة إلى همزة الوصل والقطع‌ فيتّضح الحال فيهما بعد الالتفات إلى ان خصوصيّات القراءة على نحوين : خصوصيات للمقروء وخصوصيّات للقراءة. والاولى يرجع بعضها إلى المادة ـ كزيادة حرف ونقصانه وتبديله ـ وبعضها الآخر إلى الصورة كالحركة الخاصة للحرف وتقدّمه وتأخّره.

٢٢٤

والثانية ترتبط بالقراءة نفسها كمدّ الحرف وادغامه.

والذي يجب مراعاته خصوصيّات المقروء بنحويها لا خصوصيات القراءة إذ الواجب على المكلف قراءة القرآن النازل منه سبحانه وذلك يتوقّف على ملاحظة خصوصيّات المقروء دون القراءة إذ هي غالبا تجويدية لا دليل على اعتبارها في صحّة القراءة وانّما هي من محسناتها.

أجل إذا فرض أن فقدان بعضها يوجب استهجانها بحيث تنصرف عنها أوامر القراءة كانت مراعاتها لازمة.

وبذلك يتّضح أن حذف همزة الوصل عند الدرج أمر غير لازم إذا أمكن الاتيان بها بدون استهجان.

ودعوى ان الاتيان يعدّ من الغلط من غير خلاف بين علماء الأدب مدفوعة بعدم الدليل على حجّيّة اتفاقهم بعد فرض عدم الاستهجان.

نعم بالنسبة إلى همزة القطع يلزم اثباتها لأنها جزء من الكلمة واسقاطها كإسقاط بقيّة الحروف أمر غير جائز.

٢ ـ واما الوقوف بالسكون والوصل بالحركة‌ فقد اتّضح عدم الدليل على لزومه بعد رجوع الخصوصيّة الى القراءة وعدم الاستهجان في المخالفة. أجل لا بأس بالتنزل إلى الاحتياط الاستحبابي مراعاة لجانب المشهور.

٣ ـ واما المد في الموارد المذكورة‌ فحيث انه من خصوصيات القراءة ولا استهجان في تركه بل انه في نفسه قضيّة غير مألوفة في الكلام العادي فلا تجب مراعاته إلاّ إذا توقف إظهار الحرف عليه ، كما في‌

٢٢٥

كلمة «ضالين» حيث لا تظهر الألف أو اللام بدونه.

واما حديث الخطاف المروي في الكافي عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن أبي عبد الله جميعا عن الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن محمّد بن يوسف التميمي عن محمّد بن جعفر عن أبيه قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : استوصوا بالصنينات خيرا ـ يعني الخطاف ـ فانّهنّ آنس طير الناس بالناس. ثم قال : وتدرون ما تقول الصنينية إذا هي مرّت وترنّمت تقول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين حتى قرأ أمّ الكتاب فإذا كان في آخر ترنّمها قالت ولا الضالين مدّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا الضالين» (١) فضعيف سندا من جهات ودلالة لاختصاصه بالضالين وعدم دلالة الفعل على الوجوب.

٤ ـ واما الادغام في المورد الأوّل‌ فقد نقل عن ابن الحاجب والرضي لزومه (٢) إلاّ أنّ ذلك لا يصلح للحجيّة بعد عدم لزوم الاستهجان من تركه. أجل ادغام اللام إذا دخلت على الشين واخواتها لازم لا لتصريح علماء الأدب بذلك بل للاستهجان بدونه.

٥ ـ واما وجوب الجهر بالقراءة على الرجال فيما ذكر والاخفات في غيره‌ فهو المشهور. ونسب الخلاف الى السيّد المرتضى وابن الجنيد وصاحب المدارك والذخيرة فاختاروا الاستحباب (٣). ويقع الكلام تارة في أصل الوجوب واخرى في تعيين موضعه.

أما أصل الوجوب فقد يستدل له تارة بالسيرة المتصلة بزمن‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣٩ من أبواب الصيد الحديث ٤.

(٢) مستمسك العروة الوثقى ٦ : ٢٤١.

(٣) مستمسك العروة الوثقى ٦ : ٢٠٠.

٢٢٦

المعصوم عليه‌السلام على مراعاة الجهر فيما ذكر. ولكن الفعل ـ كما نعرف ـ أعم من الوجوب.

واخرى برواية الفضل بن شاذان عن الامام الرضا عليه‌السلام الواردة في بيان علل بعض الأحكام : «ان الصلوات التي يجهر فيها انما هي في أوقات مظلمة فوجب ان يجهر فيها ليعلم المار ان هناك جماعة فان أراد أن يصلّي صلّى ... والصلاتان اللّتان لا يجهر فيهما إنّما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيها الى السماع» (١). لكنها تختص بالجماعة ولا تدل على لزوم الاخفات في صلوات النهار. على ان سند الصدوق الى الفضل محل للتأمّل كما يظهر من مراجعة المشيخة.

والمناسب الاستدلال بصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه ، فقال : أي ذلك فعل متعمّدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة. فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمّت صلاته» (٢).

وسند الصدوق والشيخ إلى زرارة صحيح. ويكفي صحّة أحدهما. والدلالة واضحة.

إلاّ انها قد تعارض بصحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام : «سألته عن الرجل يصلّي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن لا يجهر؟ قال : إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل» (٣). ولأجلها رفع صاحب المدارك اليد عن ظهور الاولى في الوجوب وحملها على الاستحباب.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٥ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٦ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٢٥ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٦.

٢٢٧

وما افيد وجيه لو لم تكن الثانية مضطربة المتن اما بعد اضطرابها ـ حيث فرض أن الفريضة يجهر فيها ولا معنى لان يسأل بعد ذلك هل عليه أن لا يجهر ـ فلا بدّ من طرحها أو حملها على غير القراءة كالتشهّد والاذكار ويكون السؤال عن وجوب أن لا يجهر فيها.

واما بالنسبة الى تعيين مورد الجهر والاخفات فلم ترد رواية تامّة الدلالة والسند فيه.

وبالإمكان الاستدلال له بالتلفيق بين صحيح زرارة المتقدّم وسيرة المتشرّعة فان الصحيح يدلّ على لزوم الجهر في بعض أفراد الصلاة ولزوم الاخفات في بعض آخر ، وهو وان كان مجملا من حيث المصداق إلاّ انه بضمّ السيرة القطعيّة يتشخّص ذلك.

٦ ـ واما عدم وجوب الجهر على المرأة‌ فلأصل البراءة بعد قصور المقتضي عن اثبات الوجوب لاختصاص صحيح زرارة المتقدّم بالرجل. وقاعدة الاشتراك المستندة إلى الاجماع لا يمكن تطبيقها في مورد عدم تحقّقه. على ان الجهر لو كان واجبا لاشتهر وذاع لشدّة الابتلاء.

ويؤيّد ذلك خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام : «وسألته عن النساء هل عليهنّ الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال : لا ...» (١).

واما الاستدلال على ذلك بكون صوت المرأة عورة فضعيف لعدم الدليل على ذلك بل الدليل على عدمه لتحدّث الأئمة عليهم‌السلام مع النساء على ما يظهر من روايات كثيرة مع عدم الضرورة (٢). بل قد يستفاد ذلك من‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣١ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٣.

(٢) ورد في موثّقة أبي بصير : «كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ دخلت عليه أم خالد التي‌

٢٢٨

قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (١) ومع التنزّل فلازم ذلك الاختصاص بحالة سماع الرجال. كما ان لازمه الحرمة دون عدم الوجوب.

٧ ـ واما الجهر بالبسملة‌ فهو في الجهرية واجب لكونها جزءا من القراءة ، واما في الإخفاتية فالمشهور استحبابه ـ وقيل بوجوبه ـ ويدل عليه صحيح صفوان : «صلّيت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام أيّاما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخفى ما سوى ذلك» (٢) فان الاحتمالات في جهر الإمام عليه‌السلام ثلاثة ، والمتعيّن هو الاستحباب إذ الإباحة منفية بالمواظبة أيّاما والوجوب منفي لكون الفعل أعمّ منه.

وقد يستدلّ على الوجوب برواية سليم بن قيس الهلالي : «خطب أمير المؤمنين فقال : ... وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ...» (٣) لكنّه ضعيف دلالة لاحتمال النظر الى الصلاة الجهرية في مقابل العامة الذين يخفتون بها ، وسندا لا من جهة سليم لإمكان توثيقه بل من جهة الإرسال فيها لبعد رواية إبراهيم بن عثمان الذي‌

__________________

كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : أيسرك ان تسمع كلامها؟

فقلت : نعم ، قال فاذن لها قال : واجلسني معه على الطنفسة قال : ثم دخلت فتكلمت فاذا هي امرأة بليغة ...». وسائل الشيعة الباب ١٠٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث ١.

(١) الاحزاب : ٣٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٣٨ من أبواب الوضوء الحديث ٣.

٢٢٩

هو من أصحاب الصادق عليه‌السلام عنه.

وبهذا يتّضح عدم إمكان الاستدلال للاستحباب بما رواه الشيخ عن الامام العسكري عليه‌السلام : «علامات المؤمن خمس ... والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (١) لضعفه سندا بالإرسال ودلالة لاحتمال النظر الى الصلاة الجهرية.

٨ ـ واما لزوم الجهر في صلاة الجمعة‌ فلروايات متعدّدة كصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «ليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقراءة» (٢) وغيره.

٩ ـ واما الظهر يوم الجمعة‌ فيظهر من عدّة روايات لزوم الجهر فيها كصحيح الحلبي : «سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلّي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة؟ قال : نعم» (٣) وغيره إلاّ أنّ في مقابلها صحيح جميل : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال : يصنعون كما يصنعون في غير الجمعة في الظهر ولا يجهر الامام فيها بالقراءة انّما يجهر إذا كانت خطبة» (٤) وغيره.

والجمع بينهما يقتضي حمل الاولى على الاستحباب والثانية على نفي الوجوب لأنها واردة مورد توهّم الوجوب فلا تفيد التحريم.

١٠ ـ واما كون المكلّف بالخيار في غير القراءة‌ فيكفي لإثباته أصل البراءة بعد عدم الدليل على الإلزام بشي‌ء إلاّ ان النوبة لا تصل إليه‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٥٦ من أبواب المزار الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٧٣ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٤.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٧٣ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٧٣ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٨.

٢٣٠

بعد وجود الدليل الاجتهادي على التخيير وهو صحيح علي بن يقطين : «سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن الرجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت؟ فقال : إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر» (١) وغيره.

١١ ـ واما ان المناط في الجهر والاخفات على العرف‌ فلعدم تحديد الشارع لهما المستلزم لإيكالهما إليه. وبه يتّضح بطلان تحديد الجهر باسماع الغير أو ظهور جوهر الصوت والاخفات باسماع النفس أو عدم ظهور جوهر الصوت فان ذلك لا وجه له إلاّ أن يقصد تحديدهما العرفي بذلك.

١٢ ـ واما عدم الاعادة في من جهر موضع الاخفات أو عكس‌ فلاقتضاء قاعدة لا تعاد لذلك في الناسي بل الجاهل أيضا بناء على عموميّتها له ـ خلافا للشيخ النائيني ـ لإطلاق لسان دليلها وهو صحيح زرارة (٢). هذا مضافا إلى التصريح بذلك في صحيح زرارة المتقدّم في الرقم ٥.

١٣ ـ واما ان نسيان القراءة لا يضرّ بالصلاة‌ فلإطلاق حديث لا تعاد لذلك بل صريحه ، واما التحديد بالركوع فلان التذكر قبله تذكر في المحل فيلزم الاتيان بها. والحكم المذكور منصوص عليه في أحاديث اخرى فراجع (٣).

١٤ ـ واما التخيير في غير الأوليتين‌ فلموثق علي بن حنظلة عن‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٠ من أبواب القنوت الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٥.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩ ، من أبواب القراءة في الصلاة.

٢٣١

أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال : ان شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وان شئت فاذكر الله فهو سواء. قال : قلت فأي ذلك أفضل؟ فقال : هما والله سواء إن شئت سبحت وإن شئت قرأت» (١) وغيره. ولا إشكال في السند الا من ناحية ابن حنظلة لعدم توثيقه.

وقد يدفع ذلك تارة بورود ابن فضال في السند الذي قيل عن روايات عائلته : «خذوا ما رووا وذروا ما رأوا» (٢) أو بورود ابن بكير الذي هو من أصحاب الاجماع.

إلاّ ان كلا الطريقين قابل للمناقشة.

اما الأوّل فلما تقدّم عند البحث عن وقت الظهرين.

واما الثاني فلاحتمال كون المراد من الاجماع صحّة الرواية من ناحية أصحاب الإجماع أنفسهم لا أكثر.

هذا ويمكن التغلب على المشكلة بتوثيق ابن حنظلة نفسه استنادا الى ما رواه الصفار بسند صحيح عن عبد الأعلى بن أعين من ان الامام الصادق عليه‌السلام خاطبه بقوله : «لا تقل هكذا يا أبا الحسن فانك رجل ورع» (٣).

وعليه فالموثق حجّة ويدل على التخيير. إلاّ انه توجد في المقام طائفتان متعارضتان من الروايات.

احداهما صحيحة معاوية بن عمّار : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١١ من أبواب صفات القاضي الحديث ١٣.

(٣) بصائر الدرجات : ٣٢٨.

٢٣٢

القراءة خلف الامام في الاخيرتين فقال : الامام يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبّح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وان شئت فسبّح» (١).

وثانيتهما : صحيحة سالم بن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا كنت امام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأولتين وعلى الذين خلفك أن يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر وهم قيام ، فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرءوا فاتحة الكتاب وعلى الامام أن يسبّح مثل ما يسبّح القوم في الركعتين الأخيرتين» (٢).

وقد يجمع بينهما بحمل الأمر في الاولى على الاستحباب بقرينة الثانية أو يحمل الأمر في كلّ منهما على التخيير بقرينة الاخرى ولكنهما كما ترى.

والمناسب الحكم باستقرار التعارض بينهما والتساقط والرجوع الى موثق ابن حنظلة لأنه بمنزلة المطلق الفوقاني. وعلى تقدير ضعف سنده يرجع إلى البراءة من خصوصيّة التعيين والنتيجة واحدة.

١٥ ـ واما اعتبار الموالاة العرفية‌ فلتوقف صدق عنوان السورة أو الآية أو الكلمة على ذلك عرفا.

الركوع‌

وهو واجب في كل ركعة مرّة عدا صلاة الآيات. كما انه ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمدا وسهوا عدا صلاة الجماعة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما أصل وجوب الركوع في الصلاة‌ فهو من ضروريات الدين‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ١٣.

٢٣٣

ومورد تسالم المسلمين. وتدل عليه روايات كثيرة ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود» (١) وغيرها.

٢ ـ واما انه مرّة في كل ركعة‌ فهو من ضروريات الدين أيضا. ويمكن استفادته من الروايات المبيّنة لكيفية الصلاة (٢) وغيرها.

٣ ـ واما استثناء صلاة الآيات‌ فللروايات الكثيرة الواردة في بيان كيفيتها (٣).

٤ ـ واما انه ركن تبطل الصلاة بزيادته العمدية والسهوية‌ فلقاعدة لا تعاد المستفادة من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود. ثم قال : القراءة سنّة والتشهّد سنّة ولا تنقض السنّة الفريضة» (٤) ، فإنّه باطلاقه يشمل الزيادة. ومجرّد عدم تصوّرها في بعض افراد المستثنى لا يمنع من انعقاد الاطلاق بلحاظ ما أمكن.

٥ ـ واما استثناء الجماعة‌ فلصحيحة علي بن يقطين : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يركع مع الامام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الامام ، قال : يعيد بركوعه معه» (٥) وغيرها.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٩ من أبواب الركوع الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة الحديث ١ ، ١٠.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٧ من أبواب صلاة الكسوف والآيات.

(٤) وسائل الشيعة الباب ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة الحديث ٥.

(٥) وسائل الشيعة الباب ٤٨ من أبواب صلاة الجماعة الحديث ٣.

٢٣٤

واجبات الركوع‌

ويلزم فيه الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين ، والطمأنينة بقدر الذكر الواجب ، ورفع الرأس منه حتى الانتصاب التام.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما لزوم الانحناء بقصد الخضوع‌ فلتقوّم مفهوم الركوع لغة بذلك.

٢ ـ واما التحديد بذلك‌ فلصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك ...» (١).

وللكليني إلى حماد ثلاث طرق يكفي صحّة بعضها لمن تأمّل في محمّد بن إسماعيل.

وإذا قيل بأن بعض الروايات دلّ على لزوم الانحناء بمقدار وصول الراحة (٢).

كان الجواب : يلزم حملها على الاستحباب بقرينة الاولى.

٣ ـ واما لزوم الطمأنينة في الركوع‌ فلصحيحة بكر بن محمّد الأزدي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... فإذا ركع فليتمكن ...» (٣) بناء على تفسير التمكن بالطمأنينة.

واما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلّي فلم يتم ركوعه ولا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٢٨ من أبواب الركوع الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٨ من أبواب اعداد الفرائض الحديث ١٤.

٢٣٥

سجوده فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني» (١) فيدل على عدم جواز النقر دون اعتبار الطمأنينة.

٤ ـ واما لزومه بقدر الذكر الواجب‌ فلأن الذكر الواجب يلزم الاتيان به حين الركوع الواجب دون مطلق الركوع ، وحيث ان الواجب من الركوع هو ما كان مع الطمأنينة فيثبت لزوم الاتيان بالذكر اثناء الركوع مع الطمأنينة.

٥ ـ واما وجوب رفع الرأس منه مع الانتصاب التام‌ فلما ورد في تعليم الامام الصادق عليه‌السلام الصلاة لحماد : «... ثم ركع ... ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام قال : سمع الله لمن حمده ... ثم قال : يا حمّاد هكذا صلّ» (٢). وبالذيل لا يبقى مجال للإشكال بأن الفعل لا يدلّ على الوجوب.

وفي صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «... وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك ...» (٣).

والاشتمال على بعض الآداب لا يمنع من استفادة الوجوب بناء على مسلك حكم العقل في باب الدلالة على الوجوب.

أحكام الركوع‌

ومن نسي الركوع وذكره قبل السجود رجع إلى القيام وركع. وكذلك إذا ذكره قبل الدخول في السجدة الثانية.

والذكر الواجب فيه : «سبحان ربي العظيم وبحمده» أو «سبحان الله» ثلاثا‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٣ من أبواب الركوع الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب افعال الصلاة الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة الحديث ٩.

٢٣٦

بل مطلق الذكر إذا كان بقدر الثلاث الصغريات.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما لزوم تدارك الركوع‌ لمن تذكره قبل السجود فلاقتضاء القاعدة ذلك حيث لا يلزم سوى زيادة الهوي والقيام وهما غير مضرين بصحة الصلاة لحديث لا تعاد. هذا مضافا إلى دلالة صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة» (١) بالمفهوم على ذلك. والمراد بالركعة الركوع كما هو واضح.

٢ ـ واما اعتبار الرجوع الى القيام‌ فلأنه بدونه لا يتحقّق الركوع إذ هو الانحناء بعد القيام.

٣ ـ واما لزوم التدارك قبل الدخول في السجدة الثانية‌ فلاقتضاء القاعدة ذلك فان زيادة سجدة واحدة غير مضرة بصحة الصلاة لعدم كونها ركنا ، مضافا إلى استفادة ذلك من صحيحة أبي بصير المتقدّمة.

ثمّ ان الوجه في عدم ركنية السجدة الواحدة صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن رجل صلّى فذكر انه زاد سجدة. قال : لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ركعة» (٢) وغيرها.

٤ ـ واما بالنسبة إلى ذكر الركوع‌ فقد ورد فيه أربع طوائف من الأخبار ، ففي بعضها : «سبحان ربي العظيم وبحمده» ثلاثا ـ كما في صحيحة حمّاد (٣) ـ وفي ثان الاكتفاء بواحدة ـ كما في صحيحة هشام‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١٠ من أبواب الركوع الحديث ٣.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب الركوع الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة الحديث ١.

٢٣٧

بن سالم (١) ـ وفي ثالث الاكتفاء بجملة : «سبحان الله» ثلاثا ـ كما في صحيحة معاوية (٢) ـ وفي رابع الاكتفاء بقدر ذلك ، كما في صحيح مسمع (٣).

والجمع العرفي يقتضي الحمل على التخيير ، غايته قد يكون البعض أفضل من الآخر كالأوّل بالنسبة الى الثاني.

السجود‌

تجب في كل ركعة سجدتان ، وهما ركن تبطل الصلاة بنقصانهما أو زيادتهما العمدية والسهوية ، ولا تبطل بزيادة أو نقص واحدة سهوا.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما وجوب سجدتين في كل ركعة‌ فللضرورة مضافا إلى طوائف من النصوص يستفاد منها ذلك ، منها ما ورد في من نسي الثانية وتذكرها قبل أو بعد الركوع ، كصحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم انه لم يسجد ، قال : فليسجد ما لم يركع ، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض في صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء» (٤).

٢ ـ واما بطلان الصلاة بنقصانها عمدا‌ فهو متسالم عليه ، ويقتضيه افتراض الجزئية فانه من مقتضياتها ، واما عدمه في فوات‌

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٤ من أبواب الركوع الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب الركوع الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ٥ من أبواب الركوع الحديث ٤.

(٤) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب السجود الحديث ١.

٢٣٨

السجدة الواحدة وغيرها من الأجزاء غير الركنية فهو يختصّ بالنسيان للدليل الخاصّ ، كالصحيحة السابقة.

٣ ـ واما بطلانها بنقصانهما سهوا‌ فلكونهما أحد أفراد المستثنى في صحيحة لا تعاد المتقدّمة في الركوع. ويقتضيه أيضا صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود» (١) حيث عد السجود من مقوّمات الصلاة المقتضي لانتفائها بانتفاء أحدها.

٤ ـ واما بطلانها بزيادتهما عمدا أو سهوا‌ فلإطلاق صحيحة أبي بصير : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (٢) ولقاعدة لا تعاد بناء على شمولها للزيادة كما يقتضيه اطلاق الحديث. ومجرّد عدم تصوّرها في بعضها لا يقتضي الاختصاص بلحاظ الباقي الممكن فيه ذلك.

٥ ـ واما عدم بطلانها بزيادة سجدة واحدة‌ فلصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «سألته عن رجل صلّى فذكر انه زاد سجدة ، قال : لا يعيد صلاته من سجدة ويعيدها من ركعة» (٣) المقيّدة لإطلاق صحيحة أبي بصير المتقدمة.

٦ ـ واما عدم بطلانها بنقصانها‌ فلصحيحة إسماعيل بن جابر المتقدّمة وغيرها.

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ٢٨ من أبواب السجود الحديث ٢.

(٢) وسائل الشيعة الباب ١٩ من أبواب الخلل الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة الباب ١٤ من أبواب الركوع الحديث ٢.

٢٣٩

واجبات السجود‌

ويلزم ان يكون السجود على الأرض أو ما أنبتته ـ من غير المأكول أو الملبوس ـ أو القرطاس. والأفضل أن يكون على التربة الحسينية على مشرّفها آلاف التحية والسلام.

ويعتبر ـ إضافة إلى وضع الجبهة على الأرض ونحوها ـ السجود على ستة أعضاء : الكفّين والركبتين وابهامي القدمين.

ولا يلزم في غير الجبهة مماسة ما يصح السجود عليه.

ويلزم فيه الذكر ، بالنحو المتقدّم في الركوع ، والطمأنينة ورفع الرأس من السجدة الاولى منتصبا ، وتساوي موضع الجبهة والموقف إلاّ إذا كان الاختلاف بمقدار أربع أصابع مضمومة.

والمستند في ذلك :

١ ـ اما لزوم كون السجود على ما ذكر‌ فلصحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «أخبرني عمّا يجوز السجود عليه وعمّا لا يجوز ، قال : السجود لا يجوز إلاّ على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلاّ ما اكل أو لبس» (١). والسند إلى هشام صحيح في المشيخة.

وهكذا كانت سيرة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما حدث البخاري عن ميمونة : «كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي على الخمرة» (٢) ، ومسلم عن عائشة ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لها : «ناوليني الخمرة من المسجد ، قالت فقلت : اني حائض ، فقال : ان حيضتك ليست في يدك» (٣).

__________________

(١) وسائل الشيعة الباب ١ من أبواب ما يسجد عليه الحديث ١.

(٢) صحيح البخاري ، كتاب الصلاة ، الباب ٢١ في الصلاة على الخمرة ، الحديث ٣٨١.

(٣) صحيح مسلم ، كتاب الحيض ، باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد ، الحديث ١١.

٢٤٠