كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

[صور جواز بيع الوقف] (١)

إذا عرفت جميع ما ذكرنا ، فاعلم أنّ الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور :

١ ـ اذا خرب الوقف بحيث لا ينتفع به

الاولى : أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ، كالحيوان المذبوح والجذع البالي والحصير الخَلِق.

الأقوى جواز البيع والاستدلال عليه

والأقوى جواز بيعه ، وفاقاً لمن عرفت ممّن تقدّم نقل كلماتهم ؛ لعدم جريان أدلّة المنع.

أمّا الإجماع ، فواضح.

وأمّا قوله عليه‌السلام : «لا يجوز شراء الوقف» (٢) فلانصرافه إلى غير هذه الحالة.

وأمّا قوله عليه‌السلام : «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» (٣) فلا يدلّ على المنع هنا ؛ لأنّه مسوق لبيان وجوب مراعاة الكيفيّة المرسومة في إنشاء الوقف ، وليس منها عدم بيعه ، بل عدم جواز البيع من أحكام الوقف وإن ذكر في متن العقد ؛ للاتفاق على أنّه لا فرق بين ذكره فيه وتركه ؛ وقد تقدّم ذلك (٤) وتضعيف (٥) قول من قال ببطلان العقد إذا‌

__________________

(١) العنوان منّا.

(٢) الوسائل ١٣ : ٣٠٣ ، الباب ٦ من أبواب الوقوف ، الحديث الأوّل.

(٣) الوسائل ١٣ : ٢٩٥ ، الباب ٢ من أبواب الوقوف ، الحديث ١ و ٢.

(٤) يعني كون عدم جواز البيع من أحكام الوقف ، وتقدّم في الصفحة ٢٩ و ٣٠.

(٥) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي مصحّحة «خ» : «ضعف» ، وفي سائر النسخ : يضعف.

٦١

حكم بجواز بيعه.

ولو سلّم أنّ المأخوذ في الوقف إبقاء العين ، فإنّما هو مأخوذ فيه من حيث كون المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العين ، والمفروض تعذّره هنا.

عدم منافاة جواز البيع لما قصده الواقف

والحاصل : أنّ جواز بيعه هنا غير منافٍ لما قصده الواقف في وقفه ، فهو ملك للبطون يجوز لهم البيع إذا اجتمع إذن البطن الموجود مع أولياء سائر البطون ، وهو الحاكم أو المتولي.

حاصل الاستدلال على جواز البيع

والحاصل : أنّ الأمر دائر بين تعطيله (١) حتّى يتلف بنفسه ، وبين انتفاع البطن الموجود به بالإتلاف ، وبين تبديله بما يبقى وينتفع به الكلّ.

والأوّل تضييعٌ منافٍ لحقّ الله وحقّ الواقف وحقّ الموقوف عليه ، وبه يندفع استصحاب المنع ، مضافاً إلى كون المنع السابق في ضمن وجوب العمل بمقتضى الوقف ، وهو انتفاع جميع البطون بعينه ، وقد ارتفع قطعاً ، فلا يبقى ما كان في ضمنه.

وأمّا الثاني فمع منافاته لحقّ (٢) سائر البطون يستلزم جواز بيع البطن الأوّل ؛ إذ لا فرق بين إتلافه ونقله.

والثالث هو المطلوب.

نعم ، يمكن أن يقال : إذا كان الوقف ممّا لا يبقى بحسب استعداده العادي إلى آخر البطون ، فلا وجه لمراعاتهم بتبديله بما يبقى لهم ، فينتهي‌

__________________

(١) في «ف» : تعطّله.

(٢) في «ف» ونسخة بدل «ن» : لتعلّق حقّ.

٦٢

ملكه إلى من أدرك آخر أزمنة بقائه ، فتأمّل.

وكيف كان ، فمع فرض ثبوت الحقّ للبطون اللاحقة ، فلا وجه (١) لترخيص البطن الموجود في إتلافه.

عدم اختصاص الثمن ـ على تقدير البيع ـ بالبطن الموجود

الدليل على عدم الاختصاص

وممّا ذكرنا يظهر : أنّ الثمن على تقدير البيع لا يخصّ به البطن الموجود ، وفاقاً لمن تقدّم ممّن يظهر منه ذلك كالإسكافي (٢) والعلاّمة (٣) وولده (٤) والشهيدين (٥) والمحقّق الثاني (٦) ، وحكي عن التنقيح (٧) والمقتصر (٨) ومجمع الفائدة (٩) لاقتضاء البدليّة ذلك ، فإنّ المبيع إذا كان ملكاً للموجودين بالفعل وللمعدومين بالقوّة كان الثمن كذلك ، فإنّ الملكيّة اعتبار عرفي أو شرعي يلاحظها المعتبر عند تحقّق أسبابها ، فكما أنّ الموجود مالك له فعلاً ما دام موجوداً بتمليك الواقف ، فكذلك المعدوم مالك له شأناً بمقتضى تمليك الواقف. وعدمُ تعقّل الملك للمعدوم إنّما هو في الملك الفعلي ، لا الشأني.

__________________

(١) في مصحّحة «ن» : لا وجه.

(٢) راجع الصفحة ٣٩.

(٣) راجع كلام العلاّمة في الصفحة ٤٨.

(٤) راجع الصفحة ٤٠.

(٥) راجع كلامهما في الصفحة ٤٩ ، ٥٠ و ٥٢.

(٦) راجع الصفحة ٥١.

(٧) التنقيح الرائع ٢ : ٣٣٠.

(٨) المقتصر : ٢١٢.

(٩) مجمع الفائدة ٨ : ١٦٩ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ٢٥٩ و ٩ : ٨٨ ٨٩ ، ومقابس الأنوار : ١٥٨.

٦٣

ودعوى : أنّ الملك الشأني ليس شيئاً محقَّقاً موجوداً ، يكذّبها إنشاء الواقف له كإنشائه لملك الموجود. فلو جاز أن تخرج العين الموقوفة إلى ملك الغير بعوض لا يدخل في ملك المعدوم على نهج دخول المعوّض ، جاز أن تخرج بعوض لا يدخل في ملك الموجود. وإليه أشار الشهيد قدس‌سره في الفرع الآتي ، حيث قال : إنّه يعني الثمن صار مملوكاً على حدّ الملك الأوّل ؛ إذ يستحيل أن يملك لا على حدّه (١).

ظاهر بعض العبائر المتقدّمة الاختصاص

وجه الاختصاص

خلافاً لظاهر بعض العبائر المتقدّمة (٢) ، واختاره المحقّق في الشرائع في دية العبد الموقوف المقتول (٣). ولعلّ وجهه : أنّ الوقف ملك للبطن الموجود ، غاية الأمر تعلّق حقّ البطون اللاحقة به ، فإذا فرض جواز بيعه انتقل الثمن إلى من هو مالك له فعلاً ، ولا يلزم من تعلّق الحقّ بعين المبيع تعلّقه بالثمن ، ولا دليل عليه. ومجرّد البدليّة لا يوجب ترتّب جميع اللوازم ؛ إذ لا عموم لفظي يقتضي البدليّة والتنزيل ، بل هو بدل له في الملكيّة وما يتبعها من حيث هو ملك.

المناقشة في الوجه المذكور

وفيه : أنّ ما ينقل (٤) إلى المشتري إن كان هو الاختصاص الموقّت الثابت للبطن الموجود ، لزم منه رجوع المبيع بعد انعدام البطن السابق (٥)

__________________

(١) غاية المراد : ١٤٣ ، ويأتي في الصفحة ٦٦.

(٢) يعني به عبارة المفيد والسيّد المتقدّمتين في الصفحة ٤٣ ٤٥.

(٣) الشرائع ٢ : ٢١٩.

(٤) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : أنّ النقل.

(٥) في «ف» : البطن البائع.

٦٤

إلى البطن اللاحق ، فلا يملكه المشتري ملكاً مستمرّاً. وإن كان هو مطلق الاختصاص المستقرّ الذي لا يزول إلاّ بالناقل ، فهو لا يكون إلاّ بثبوت (١) جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون له ، فالثمن لهم على نحو المثمن.

وممّا ذكرنا تعرف أنّ اشتراك البطون في الثمن أولى من اشتراكهم في دية العبد المقتول ؛ حيث إنّه بدل شرعيّ يكون الحكم به متأخّراً عن تلف الوقف ، فجاز عقلاً منع سراية حقّ البطون اللاحقة إليه ، بخلاف الثمن ، فإنّه يملكه من يملكه بنفس خروج الوقف عن ملكهم على وجه المعاوضة (٢) الحقيقيّة ، فلا يعقل اختصاص العوض بمن لم يختصّ بالمعوّض.

ومن هنا اتّضح أيضاً أنّ هذا أولى بالحكم من بدل الرهن الذي حكموا بكونه رهناً ؛ لأنّ حقّ الرهنيّة متعلّق بالعين من حيث إنّه ملك لمالكه الأوّل ، فجاز أن يرتفع ، لا (٣) إلى بدل بارتفاع ملكيّة المالك الأوّل ، بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم ، فإنّه ليس قائماً بالعين من حيث إنّه ملك البطن الموجود ، بل اختصاصٌ موقّت نظير اختصاص البطن الموجود ، مُنشَأٌ بإنشائه ، مقارنٌ له بحسب الجعل ، متأخّرٌ عنه في الوجود.

__________________

(١) في غير «ش» ومصحّحة «ن» : ثبوت.

(٢) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : «المعاوضيّة» ، لكن صحّحت في أكثرها بما أثبتناه.

(٣) كلمة «لا» ساقطة من «ش».

٦٥

الثمن حكمه حكم الوقف

وقد تبيَّن ممّا ذكرنا : أنّ الثمن حكمه حكم الوقف في كونه ملكاً لجميع البطون على ترتيبهم ، فإن كان ممّا يمكن أن يبقى وينتفع به البطون على نحو المبدل وكانت مصلحة البطون في بقائه ابقي ، وإلاّ أُبدل مكانه ما هو أصلح.

عدم الحاجة إلى صيغة الوقف في البدل

ومن هنا ظهر عدم الحاجة إلى صيغة الوقف في البدل ، بل نفس البدليّة تقتضي (١) كونه كالمبدل ؛ ولذا علّله الشهيد قدس‌سره في غاية المراد بقوله : لأنّه صار مملوكاً على حدّ الملك الأوّل ؛ إذ يستحيل أن يملك لا على حدّه (٢).

جواز التصرّف في البدل بحسب المصلحة

ثمّ إنّ هذه (٣) العين حيث صارت ملكاً للبطون ، فلهم أو لوليّهم أن ينظر فيه ويتصرّف فيه بحسب مصلحة جميع البطون ولو بالإبدال بعين أُخرى أصلح لهم ، بل قد يجب إذا كان تركه يعدّ تضييعاً للحقوق (٤). وليس مثل الأصل ممنوعاً عن بيعه إلاّ لعذر ؛ لأنّ ذلك كان حكماً من أحكام الوقف الابتدائي ، وبدل الوقف إنّما هو بدل له في كونه ملكاً للبطون ، فلا يترتّب عليه جميع أحكام الوقف الابتدائي.

عدم وجوب شراء المماثل للوقف

وممّا ذكرنا أيضاً يظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف كما هو‌

__________________

(١) في النسخ : «يقضي» ، والمناسب ما أثبتناه كما في مصحّحة «ص».

(٢) غاية المراد : ١٤٣.

(٣) في غير «ص» : هذا.

(٤) في «ف» زيادة : وليس حكمه حكمه.

٦٦

ظاهر التذكرة (١) والإرشاد (٢) وجامع المقاصد (٣) والتنقيح (٤) والمقتصر (٥) ومجمع الفائدة (٦) بل قد لا يجوز إذا كان غيره أصلح ؛ لأنّ الثمن إذا صار ملكاً للموقوف عليهم الموجودين والمعدومين فاللازم ملاحظة مصلحتهم ، خلافاً للعلاّمة (٧) وولده (٨) والشهيد (٩) وجماعة (١٠) فأوجبوا المماثلة مع الإمكان ؛ لكون المثل أقرب إلى مقصود الواقف.

دليل القول بوجوب شراء المماثل والمناقشة فيه

وفيه مع عدم انضباط غرض الواقف ، إذ قد يتعلّق غرضه بكون الموقوف عيناً خاصّة ، وقد يتعلّق بكون منفعة الوقف مقداراً معيّناً من دون تعلّق غرض بالعين ، وقد يكون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته ، كما لو وقف بستاناً لينتفعوا بثمرته فبيع ، فدار الأمر بين أن يُشترى بثمنه بستان (١١) في موضع لا يصل إليهم إلاّ قيمة الثمرة ، وبين أن‌

__________________

(١) راجع التذكرة ٢ : ٤٤٤.

(٢) إرشاد الأذهان ١ : ٤٥٥.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ٩٧ ، و ٩ : ٧١.

(٤) التنقيح الرائع ٢ : ٣٣٠.

(٥) المقتصر : ٢١٢.

(٦) مجمع الفائدة ٨ : ١٦٩.

(٧) راجع المختلف ٦ : ٢٨٩.

(٨) إيضاح الفوائد ٢ : ٤٠٧.

(٩) غاية المراد : ١٤٣.

(١٠) منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٩٧ و ٩ : ٧١ ، والشهيد الثاني في المسالك ٣ : ١٧٠ ، والروضة البهيّة ٣ : ٢٥٥.

(١١) كذا في «ف» ، «ن» و «خ» ، وفي سائر النسخ : بستاناً.

٦٧

يُشترى ملك (١) آخر يصل إليهم اجرة منفعته ، فإنّ الأوّل وإن كان مماثلاً إلاّ أنّه ليس أقرب إلى غرض الواقف ـ : أنّه (٢) لا دليل على وجوب ملاحظة الأقرب إلى مقصوده ، إنّما اللازم ملاحظة مدلول كلامه في إنشاء الوقف ؛ ليجري الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها.

حاصل الكلام في المسألة

فالحاصل : أنّ الوقف ما دام موجوداً بشخصه لا يلاحظ فيه إلاّ مدلول كلام الواقف ، وإذا بيع وانتقل الثمن إلى الموقوف عليهم لم يلاحظ فيه إلاّ مصلحتهم.

كلام العلّامة في المسألة

هذا [و] قال العلاّمة في محكيّ التذكرة : كلّ مورد جوَّزنا بيع الوقف فإنّه يباع ويصرف الثمن إلى جهة الوقف ، فإن أمكن شراء مثل تلك العين ممّا ينتفع به كان أولى ، وإلاّ جاز شراء كلّ ما يصحّ وقفه ، وإلاّ صرف الثمن إلى الموقوف عليه يعمل به (٣) ما شاء ؛ لأنّ فيه جمعاً بين التوصّل إلى غرض الواقف من نفع الموقوف عليه على الدوام ، وبين النصّ الدالّ على عدم جواز مخالفة الواقف ؛ حيث (٤) شرط التأبيد ، فإذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص وأمكن بحسب النوع وجب ؛ لأنّه موافق لغرض الواقف وداخل تحت الأوّل الذي وقع العقد عليه ، ومراعاة الخصوصيّة الكلّية تُفضي إلى فوات الغرض بأجمعه ، ولأنّ قصر الثمن على البائعين يقتضي خروج باقي البطون عن الاستحقاق بغير وجه ، مع‌

__________________

(١) كذا في «ف» ، «ن» و «خ» ، وفي سائر النسخ : ملكاً.

(٢) في غير «ش» : «إذ» ، إلاّ أنّها صحّحت في «ن» و «ص» بما أثبتناه.

(٣) كذا في «ف» ، «ن» و «خ» ، وفي سائر النسخ : فيه.

(٤) في «ف» بدل «حيث» : من.

٦٨

أنّه يستحقّون من الوقف (١) كما يستحقّ البطن الأوّل ، ويقدّر (٢) وجودهم حال الوقف.

وقال بعض علمائنا والشافعيّة : إنّ ثمن الوقف كقيمة الموقوف إذا تلف فيصرف الثمن على الموقوف عليهم (٣) على رأي (٤) ، انتهى.

ولا يخفى عليك مواقع الردّ والقبول في كلامه قدس‌سره.

من هو المتولّي للبيع؟

ثمّ إنّ المتولّي للبيع هو البطن الموجود بضميمة الحاكم القيّم من قبل سائر البطون. ويحتمل أن يكون هذا إلى الناظر إن كان ؛ لأنّه المنصوب لمعظم الأُمور الراجعة إلى الوقف ، إلاّ أن يقال بعدم انصراف وظيفته المجعولة من قبل الواقف إلى التصرّف في نفس العين. والظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف. ويحتمل بقاؤه ؛ لتعلّق حقّه بالعين الموقوفة ، فيتعلّق ببدلها (٥).

لو لم يمكن شراء بدل الوقف

ثمّ إنّه لو لم يمكن شراء بدله ، ولم يكن الثمن ممّا ينتفع به مع بقاء عينه كالنقدين فلا يجوز دفعه إلى البطن الموجود ؛ لما عرفت من كونه كالمبيع مشتركاً بين جميع البطون ، وحينئذٍ فيوضع عند أمين حتّى يتمكّن من شراء ما ينتفع به ولو مع الخيار إلى مدّة. ولو طلب ذلك البطنُ الموجود فلا يبعد وجوب إجابته ، ولا يعطّل الثمن حتّى يوجد (٦)

__________________

(١) في «ن» ، «خ» و «م» والمصدر : الواقف.

(٢) كذا في مصحّحة «ن» والمصدر ، وفي النسخ : تعذّر.

(٣) في «ش» والمصدر زيادة : ملكاً.

(٤) التذكرة ٢ : ٤٤٤ ، مع تفاوت واختلاف في الألفاظ.

(٥) في غير «ن» و «ش» : بمبدلها.

(٦) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي غيرهما : يؤخذ.

٦٩

ما يشترى به من غير خيار.

لو رضي البطن الموجود بالاتّجار بالثمن

نعم ، لو رضي الموجود بالاتّجار به وكانت المصلحة في التجارة ، جاز مع المصلحة إلى أن يوجد البدل.

والربح تابع للأصل ولا يملكه الموجودون ؛ لأنّه جزء من المبيع ، وليس كالنماء الحقيقي.

عدم الفرق في جواز البيع بين خراب كلّ الوقف أو بعضه

ثمّ لا فرق في جميع ما ذكرنا من جواز البيع مع خراب الوقف بين عروض الخراب لكلّه أو بعضه ، فيباع البعض المخروب ويجعل بدله ما يكون وقفاً. ولو كان صرف ثمنه في باقيه بحيث يوجب زيادة منفعةٍ (١) جاز مع رضا الكلّ ؛ لما عرفت من كون الثمن ملكاً للبطون ، فلهم التصرّف فيه على ظنّ المصلحة.

ومنه يعلم جواز صرفه في وقف آخر عليهم على نحو هذا الوقف ، فيجوز صرف ثمن ملك مخروب في تعمير وقف آخر عليهم.

ولو خرب بعض الوقف وبقي بعضه محتاجاً إلى العمارة

ولو خرب بعض الوقف وخرج عن الانتفاع وبقي بعضه محتاجاً إلى عمارة لا يمكن بدونها انتفاع البطون اللاحقة ، فهل يصرف ثمن المخروب إلى عمارة الباقي وإن لم يرض البطن الموجود؟ وجهان آتيان فيما إذا احتاج إصلاح الوقف بحيث لا يخرج عن قابلية انتفاع البطون اللاحقة إلى صرف منفعته الحاضرة التي يستحقّها البطن الموجود إذا لم يشترط الواقف إخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته (٢) في الموقوف عليهم.

وهنا فروع أُخر يستخرجها الماهر بعد التأمّل.

__________________

(١) في «ش» : منفعته.

(٢) كذا ، والمناسب : قسمتها.

٧٠

٢ ـ إذا خرب الوقف بحيث يسقط عن الانتفاع المعتدّ به

الصورة الثانية : أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتدّ به ، بحيث يصدق عرفاً أنّه لا منفعة فيه ، كدارٍ انهدمت فصارت عَرَصَةً تؤجر للانتفاع بها بأُجرة لا تبلغ شيئاً معتدّاً به.

فإن كان ثمنه على تقدير البيع لا يعطى به إلاّ ما كان منفعته كمنفعة العَرَصَة ، فلا ينبغي الإشكال في عدم الجواز. وإن كان يُعطى بثمنه ما يكون منفعته أكثر من منفعة (١) العرصة ، بل يساوي (٢) منفعة الدار ، ففي جواز البيع وجهان :

وجه عدم جواز البيع في هذه الصورة

من عدم دليلٍ على الجواز مع قيام المقتضي للمنع ، وهو ظاهر المشهور ، حيث قيّدوا الخراب المسوّغ للبيع بكونه بحيث لا يجدي نفعاً ، وقد تقدّم التصريح من العلاّمة في التحرير بأنّه : لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة من الوقف ، ولم يجز بيعها (٣).

وجه جواز البيع

اللهمّ إلاّ أن يحمل النفع المنفيّ في كلام المشهور على النفع المعتدّ به بحسب حال العين ، فإنّ الحمّام الذي يستأجر كلّ سنة مائة دينار إذا صارت عرصة تؤجر كلّ سنة خمسة دراهم أو عشرة لغرضٍ جزئي كجمع الزبائل ونحوه يصدق عليه أنّه لا يجدي نفعاً ؛ وكذا القرية‌

__________________

(١) لم ترد «منفعة» في «ف».

(٢) في غير «ن» و «ش» : ساوى.

(٣) تقدّم في الصفحة ٤٨ ، ثمّ إنّ المؤلّف لم يبيّن الوجه الثاني الّذي هو عِدل لقوله : «من عدم الدليل» ولعلّه لوضوحه ، ويشير إليه قوله : «اللهم إلاّ أن يحمل ..».

٧١

الموقوفة ، فإنّ خرابها بغور أنهارها وهلاك أهلها ، ولا تكون بسلب (١) منافع أراضيها رأساً ؛ ويشهد لهذا ما تقدّم عن التحرير : من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتاً لا ينتفع بها بالكليّة (٢) مع أنّها كثيراً ما تُستأجر للأغراض الجزئيّة.

الاشكال في الجواز

فالظاهر دخول الصورة المذكورة في إطلاق كلام كلّ من سوّغ البيع عند خرابه بحيث لا يجدي نفعاً ، ويشمله الإجماع المدّعى في الانتصار (٣) والغنية (٤) ، لكن الخروج بذلك عن عموم أدلّة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف (٥) الذي هو حبس العين ، وعموم قوله عليه‌السلام : «لا يجوز شراء الوقف» (٦) مشكل.

ما يؤيّد المنع

ويؤيّد المنع (٧) حكم أكثر من تأخّر عن الشيخ بالمنع عن بيع النخلة المنقلعة (٨) ، بناءً على جواز الانتفاع بها في وجوهٍ أُخر ، كالتسقيف‌

__________________

(١) في غير «ف» : تسلب.

(٢) تقدّم في الصفحة ٤٨.

(٣) الانتصار : ٢٢٦ ٢٢٧.

(٤) الغنية : ٢٩٨.

(٥) راجع الصفحة ٢٧.

(٦) الوسائل ١٣ : ٣٠٣ ، الباب ٦ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات ، الحديث الأوّل.

(٧) في «ف» : البيع.

(٨) منهم المحقّق في الشرائع ٢ : ٢٢١ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ٢٦٩ ، والتحرير ١ : ٢٩٠ ، والشهيد في الدروس ٢ : ٢٧٩ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٩ : ٧٢ ، وراجع تفصيل ذلك في مفتاح الكرامة ٩ : ٩٢.

٧٢

وجعلها جسراً ونحو ذلك.

بل ظاهر المختلف حيث جعل النزاع بين الشيخ والحلّي رحمهما الله لفظيّاً ، حيث نزّل تجويز الشيخ على صورة عدم إمكان الانتفاع به في منفعة أُخرى الاتّفاق على المنع إذا حصل فيه انتفاع ولو قليلاً ، كما يظهر من التمثيل بجعله جسراً (١).

جواز البيع لو كان النفع قليلاً بحيث يلحق بالمعدوم

نعم ، لو كان قليلاً في الغاية بحيث يلحق بالمعدوم أمكن الحكم بالجواز ، لانصراف قوله عليه‌السلام : «لا يجوز شراء الوقف» إلى غير هذه الحالة.

وكذا حبس العين وتسبيل المنفعة ، إنّما يجب الوفاء به ما دام المنفعة المعتدّ بها موجودة ، وإلاّ فمجرّد حبس العين وإمساكه ولو من دون منفعة ، لو وجب الوفاء به لمنع عن البيع في الصورة الاولى.

إذا صارت منفعة الوقف قليلة لعارض آخر غير الخراب

ثمّ إنّ الحكم المذكور جارٍ فيما إذا صارت منفعة الموقوف (٢) قليلة لعارضٍ آخر غير الخراب ؛ لجريان ما ذكرنا فيه.

رجوعٌ إلى كلام صاحب الجواهر

ثمّ إنّك قد عرفت فيما سبق أنّه ذكر بعض (٣) : أنّ جواز بيع الوقف لا يكون إلاّ مع بطلان الوقف وعرفت وجه النظر فيه ثمّ وجّه بطلان الوقف في الصورة الأُولى بفوات (٤) شرط الوقف المراعى في‌

__________________

(١) راجع المختلف ٦ : ٣١٦ ، والخلاف ٣ : ٥٥١ ، كتاب الوقف ، المسألة ٢٣ ، والسرائر ٣ : ١٦٧.

(٢) في «ف» : الموقوفة.

(٣) هو صاحب الجواهر ، وتقدّم كلامه في الصفحة ٣٦.

(٤) في «ف» : «بعنوان» ، وهي مصحّفة «بفقدان» كما في الجواهر.

٧٣

المناقشة في كلام صاحب الجواهر

الابتداء والاستدامة ، وهو كون العين ممّا ينتفع بها مع بقاء عينها.

وفيه : ما عرفت سابقاً (١) من أنّ بطلان الوقف بعد انعقاده صحيحاً لا وجه له في الوقف المؤبّد ، مع أنّه لا دليل عليه. مضافاً إلى أنّه لا دليل على اشتراط الشرط المذكور في الاستدامة ، فإنّ الشروط في العقود الناقلة يكفي وجودها حين النقل ، فإنّه قد يخرج المبيع عن الماليّة ولا يخرج بذلك عن ملك المشتري. مع أنّ جواز بيعه لا يوجب الحكم بالبطلان ، بل يوجب خروج الوقف عن اللزوم إلى الجواز ، كما تقدّم.

كلام صاحب الجواهر فيما لو انعدم عنوان الوقف

ثمّ ذكر (٢) : أنّه قد يقال بالبطلان أيضاً بانعدام عنوان الوقف فيما إذا وقف بستاناً مثلاً ملاحظاً في عنوان وقفه البستانيّة ، فخربت حتّى خرجت عن قابليّة ذلك ، فإنّه وإن لم تبطل منفعتها أصلاً لإمكان الانتفاع بها داراً مثلاً لكن ليس من عنوان الوقف. واحتمال بقاء العرصة على الوقف باعتبار أنّها جزء من الوقف وهي باقية ، وخراب غيرها وإن اقتضى بطلانه فيه (٣) لا يقتضي بطلانه فيها ، يدفعه : أنّ العرصة كانت جزءاً من الموقوف من حيث كونه بستاناً ، لا مطلقاً ، فهي حينئذٍ جزء عنوان الوقف الذي فرض خرابه ، ولو فرض إرادة وقفها لتكون بستاناً أو غيره لم يكن إشكال في بقائها ، لعدم ذهاب عنوان الوقف. وربما يؤيّد ذلك في الجملة ما ذكروه في باب الوصيّة : من أنّه‌

__________________

(١) راجع الصفحة ٣٧.

(٢) أي : صاحب الجواهر.

(٣) كلمة «فيه» لم ترد في غير «ش» ، لكنّها استدركت في بعض النسخ.

٧٤

لو أوصى بدار فانهدمت قبل موت الموصي بطلت الوصيّة لانتفاء موضوعها. نعم ، لو لم تكن «الداريّة» و «البستانيّة» ونحو ذلك مثلاً عنواناً للوقف وإن قارنت وقفه ، بل كان المراد به الانتفاع به في كلّ وقتٍ على حسب ما يقبله ، لم يبطل الوقف بتغيّر أحواله.

ثمّ ذكر : أنّ في عود الوقف إلى ملك الواقف أو وارثه بعد البطلان أو الموقوف عليه وجهين (١).

المناقشة فيما أفاده صاحب الجواهر

أقول : يرد على (٢) ما قد يقال (٣) بعد الإجماع على أنّ انعدام العنوان لا يوجب بطلان الوقف ، بل ولا جواز البيع وإن اختلفوا فيه عند الخراب أو خوفه ، لكنّه غير تغيّر العنوان كما لا يخفى ـ : أنّه لا وجه للبطلان بانعدام العنوان ؛ لأنّه :

إن أُريد ب «العنوان» ما جعل مفعولاً في قوله : «وقفت هذا البستان» ، فلا شكّ في (٤) أنّه ليس إلاّ كقوله : «بعت هذا البستان» أو «وهبته» ، فإنّ التمليك المعلّق بعنوانٍ ، لا يقتضي دوران الملك مدار العنوان ، فالبستان إذا صار ملكاً فقد مُلك منه كلّ جزءٍ خارجي وإن لم يكن في ضمن عنوان «البستان» ، وليس التمليك من قبيل الأحكام الجعليّة المتعلّقة بالعنوانات.

__________________

(١) إلى هنا تمّ ما أفاده صاحب الجواهر قدس‌سره ، انظر الجواهر ٢٢ : ٣٥٨ ٣٥٩.

(٢) في «ش» ومصحّحة «ن» زيادة : «ذلك» ، ولا حاجة إليها كما لا يخفى.

(٣) يعني : يرد على ما تقدّم في الصفحة السابقة من قوله : ثمّ ذكر أنّه قد يقال ..

(٤) كلمة «في» من «ف» فقط.

٧٥

وإن أُريد ب «العنوان» شي‌ءٌ آخر ، فهو خارجٌ عن مصطلح أهل العرف والعلم ، ولا بدّ من بيان المراد منه ، هل يراد ما اشترط لفظاً ، أو قصداً في الموضوع زيادة على عنوانه؟

وأمّا تأييد ما ذكر بالوصيّة (١) ، فالمناسب أن يقايس ما نحن فيه بالوصيّة بالبستان بعد تمامها وخروج البستان عن ملك الموصي بموته وقبول الموصى له ، فهل يرضى أحدٌ بالتزام بطلان الوصيّة بصيرورة البستان عرصة؟

نعم ، الوصيّة قبل تمامها يقع الكلام في بقائها وبطلانها من جهات أُخر.

ثمّ ما ذكره من الوجهين ، ممّا لا يعرف له وجه بعد إطباق كلّ من قال بخروج الوقف المؤبّد عن ملك الواقف على عدم عوده إليه أبداً.

٣ ـ إذا خرب الوقف بحيث تقلّ منفعته

الصورة الثالثة : أن يخرب بحيث يقلّ منفعته ، لكن لا إلى حدٍّ يلحق بالمعدوم.

الأقوى المنع

والأقوى هنا المنع ، وهو الظاهر من الأكثر في مسألة النخلة المنقلعة ، حيث جوّز الشيخ رحمه‌الله في محكيّ الخلاف بيعها ، محتجّاً بأنّه لا يمكن الانتفاع بها إلاّ على هذا الوجه ؛ لأنّ الوجه الذي شرطه الواقف قد بطل ولا يُرجى عوده (٢) ، ومنعه الحليّ قائلاً : ولا يجوز بيعها ، بل‌

__________________

(١) المتقدّم في الصفحة ٧٤ بقوله : وربما يؤيّد ذلك في الجملة.

(٢) الخلاف ٣ : ٥٥١ ٥٥٢ ، كتاب الوقف ، المسألة ٢٣.

٧٦

ينتفع بها بغير البيع ، مستنداً إلى وجوب إبقاء الوقف على حاله مع إمكان الانتفاع ، وزوال بعض المنافع لا يستلزم زوال جميعها ، لإمكان التسقيف بها ونحوه (١) ، وحكي موافقته عن الفاضلين (٢) والشهيدين (٣) ، والمحقّق الثاني (٤) وأكثر المتأخّرين (٥).

وحكى في الإيضاح عن والده قدس‌سرهما : أنّ النزاع بين الشيخ والحليّ لفظيّ ، واستحسنه (٦) ؛ لأنّ في تعليل الشيخ اعترافاً بسلب جميع منافعها ، والحليّ فرض وجود منفعة ومنع لذلك بيعها.

قيل : ويمكن (٧) بناء نزاعهما على رعاية المنفعة المعدّ لها الوقف كما هو الظاهر من تعليل الشيخ (٨) ، ولا يخلو عن تأمّل.

لو قلّت منفعة الوقف من دون خراب

وكيف كان ، فالأقوى هنا المنع ، وأولى منه بالمنع ما لو قلّت منفعة الوقف من دون خراب ، فلا يجوز بذلك البيع إلاّ إذا قلنا بجواز بيعه إذا كان أعود ، وسيجي‌ء تفصيله (٩).

__________________

(١) السرائر ٣ : ١٦٧.

(٢) الشرائع ٢ : ٢٢١ ، والقواعد ١ : ٢٦٩ ، والتحرير ١ : ٢٩٠.

(٣) الدروس ٢ : ٢٧٩ ، والمسالك ٥ : ٤٠٠.

(٤) جامع المقاصد ٩ : ٧٢.

(٥) حكاه عنهم وعن قبلهم جميعاً المحقّق التستري في المقابس : ١٥٥.

(٦) إيضاح الفوائد ٢ : ٣٩٣.

(٧) في «ش» : وقيل يمكن.

(٨) قاله المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٥٥ ، ذيل الصورة الخامسة.

(٩) يجي‌ء في الصورة الرابعة الآتية.

٧٧

٤ ـ إذا كان بيع الوقف أنفع للموقوف عليه

الصورة الرابعة : أن يكون بيع الوقف أنفع وأعود للموقوف عليه. وظاهر المراد منه : أن يكون ثمن الوقف أزيد نفعاً من المنفعة الحاصلة تدريجاً مدّة وجود الموقوف عليه.

وقد نسب جواز البيع هنا إلى المفيد ، وقد تقدّم عبارته ، فراجع (١).

وزيادة النفع قد تلاحظ بالنسبة إلى البطن الموجود ، وقد تلاحظ بالنسبة إلى جميع البطون إذا قيل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه.

الأقوى المنع والاستدلال عليه

والأقوى المنع مطلقاً ، وفاقاً للأكثر ، بل الكلّ ، بناءً على ما تقدّم : من عدم دلالة قول المفيد على ذلك ، وعلى تقديره فقد تقدّم عن التحرير : أنّ كلام المفيد متأوّل (٢).

رواية جعفر بن حنّان على جواز البيع في هذه الصورة

وكيف كان ، فلا إشكال في المنع ؛ لوجود مقتضي المنع ، وهو وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف ، وقوله عليه‌السلام : «لا يجوز شراء الوقف» (٣) ، وغير ذلك. وعدم ما يصلح للمنع عدا رواية ابن محبوب عن علي بن رئاب عن جعفر بن حنّان (٤) ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلٍ وقف غلّةً له على قرابته (٥) من أبيه ، وقرابته (٦) من امّه ،

__________________

(١) نسبه إليه الشهيد في الدروس ٢ : ٢٧٩ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٩ : ٦٨ ، وانظر المقنعة : ٦٥٢ ، وراجع الصفحة ٤٣ ٤٤.

(٢) تقدّم في الصفحة ٤٥.

(٣) الوسائل ١٣ : ٣٠٣ ، الباب ٦ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات ، الحديث الأوّل.

(٤) في «ف» و «ص» والكافي : جعفر بن حيّان.

(٥) و (٦) في «ص» : قرابة.

٧٨

وأوصى لرجل ولعقبه من تلك الغلّة (١) ليس بينه وبينه قرابة بثلاثمائة درهم في كلّ سنة ، ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وقرابته من امّه ، فقال عليه‌السلام : جائز للذي اوصي له بذلك. قلت : أرأيت إن لم يخرج من غلّة تلك (٢) الأرض التي أوقفها (٣) إلاّ خمسمائة درهم؟ فقال : أليس في وصيّته أن يُعطى الذي اوصي له من الغلّة ثلاثمائة درهم ، ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأُمّه؟ قلت : نعم. قال : ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلّة شيئاً حتّى يُوفي الموصى له ثلاثمائة درهم ، ثمّ لهم ما يبقى بعد ذلك. قلت : أرأيت إن مات الذي اوصي له؟ قال : إن مات كانت (٤) الثلاثمائة (٥) درهم لورثته يتوارثونها ما بقي أحد منهم ، فإن انقطع ورثته ولم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميّت ، يردّ إلى ما يخرج من الوقف ، ثمّ يقسّم بينهم ، يتوارثون ذلك ما بقوا وبقيت الغلّة. قلت : فللورثة من قرابة الميّت أن يبيعوا الأرض إذا احتاجوا ولم يكفهم ما يخرج من الغلّة؟ قال : نعم ، إذا رضوا كلّهم وكان البيع خيراً لهم ، باعوا» (٦).

رواية الحميري في الجواز أيضاً

والخبر المرويّ عن الاحتجاج : أنّ الحميري كتب إلى صاحب الزمان جعلني الله فداه ـ : «أنّه روي عن الصادق عليه‌السلام خبر مأثور‌

__________________

(١) عبارة «من تلك الغلّة» لم ترد في غير «ص» و «ش».

(٢) لم ترد «تلك» في «ص».

(٣) في «ص» : وقفها.

(٤) في «ش» زيادة : له.

(٥) كذا في المصادر الحديثية ومصحّحة «ن» ، وفي النسخ : ثلاثمائة.

(٦) الوسائل ١٣ : ٣٠٦ ، الباب ٦ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات ، الحديث ٨.

٧٩

أنّ الوقف إذا كان (١) على قومٍ بأعيانهم وأعقابهم فاجتمع أهل الوقف على بيعه وكان ذلك أصلح ، لهم أن يبيعوه. فهل يجوز أن يشترى من (٢) بعضهم إن لم يجتمعوا كلّهم على البيع ، أم لا يجوز إلاّ أن يجتمعوا كلّهم على ذلك؟ وعن الوقف الذي لا يجوز بيعه؟ فأجاب عليه‌السلام : إذا كان الوقف على إمام المسلمين فلا يجوز بيعه ، وإذا كان على قوم من المسلمين فليبع كلّ قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين ومتفرّقين ، إن شاء الله» (٣).

دلالة هذه الرواية على الجواز

دلّت على جواز البيع ، إمّا في خصوص ما ذكره الراوي وهو كون البيع أصلح وإمّا مطلقاً ؛ بناءً على عموم الجواب ، لكنّه مقيّد بالأصلح ؛ لمفهوم رواية جعفر (٤). كما أنّه يمكن حمل اعتبار رضا الكلّ في رواية جعفر على صورة بيع تمام الوقف ، لا اعتباره (٥) في بيع كلّ واحد ، بقرينة رواية الاحتجاج.

ويؤيّد المطلب صدر رواية ابن مهزيار الآتية (٦) لبيع حصّة ضيعة‌

__________________

(١) في «ص» والمصدر : إذا كان الوقف.

(٢) كذا في المصدر ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : عن.

(٣) الاحتجاج ٢ : ٣١٢ ٣١٣ ، والوسائل ١٣ : ٣٠٦ ٣٠٧ ، الباب ٦ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات ، الحديث ٩.

(٤) في «ش» : الجعفري ، والصواب ما أثبتناه ، والمراد به جعفر بن حنان الراوي للخبر السابق.

(٥) في غير «ف» زيادة : «بما» ، وشطب عليها في «ن».

(٦) ستأتي في الصفحة ٩٣ ٩٤.

٨٠