كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

توجيه الحكم بالاستحباب

ويمكن توجيه كلامهم بإرادة التفقّه الكامل ليطّلع على مسائل الربا الدقيقة والمعاملات الفاسدة كذلك ، ويطّلع على موارد الشبهة والمعاملات الغير الواضحة الصحّة فيجتنب عنها في العمل ، فإنّ القدر الواجب هو معرفة المسائل العامّة البلوى ، لا الفروع الفقهيّة المذكورة في المعاملات.

ويشهد للغاية الأُولى قوله عليه‌السلام في مقام تعليل وجوب التفقّه : «إنّ الربا أخفى من دبيب النملة على الصفا» (١) ، وللغاية الثانية قول الصادق عليه‌السلام في الرواية المتقدّمة : «من لم يتفقّه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات» (٢) ، لكن ظاهر صدره الوجوب ، فلاحظ.

وقد حكي توجيه كلامهم بما ذكرنا عن غير واحد (٣). ولا يخلو عن وجهٍ في مقام التوجيه.

كفاية التقليد في مسائل التجارات

ثمّ إنّ التفقّه في مسائل التجارة لمّا كان مطلوباً للتخلّص عن المعاملات الفاسدة التي أهمّها الربا الجامعة بين أكل المال بالباطل وارتكاب الموبقة الكذائيّة لم يعتبر فيه كونه عن اجتهاد ، بل يكفي فيه التقليد الصحيح ، فلا تعارض بين أدلّة التفقّه هنا ، وأدلّة تحصيل المعاش.

توهّم التعارض بين أدلّة طلب العلم وأدلّة طلب الاكتساب

نعم ، ربما أُورد (٤) في هذا المقام وإن كان خارجاً عنه التعارض‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٢٨٢ ، الباب الأوّل من أبواب آداب التجارة ، الحديث الأوّل.

(٢) تقدّمت في الصفحة ٣٣٨.

(٣) لم نعثر على حكاية هذا التوجيه بعينه في كلام الفقهاء ، نعم يظهر ممّا قاله المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٨ : ١١٦ وصاحب الجواهر في الجواهر ٢٢ : ٤٥١ ، وراجع مفتاح الكرامة ٤ : ١٣٢ ، وفيه : بل قد يجب كما في إيضاح النافع.

(٤) أورده صاحب الحدائق في الحدائق ١٨ : ٩ و ١٥ وغيره.

٣٤١

بين أدلّة طلب مطلق العلم ، الشامل لمعرفة مسائل العبادات وأنواع المعاملات المتوقّف على الاجتهاد ، وبين أدلّة طلب الاكتساب والاشتغال في تحصيل المال لأجل الإنفاق على من ينبغي أن ينفق عليه ، وترك إلقاء كَلِّه على الناس الموجب لاستحقاق اللعن ، فإنّ الأخبار من الطرفين كثيرة.

أخبار طلب الاكتساب

يكفي في طلب الاكتساب ما ورد : من أنّه «أوحى الله تعالى إلى داود على نبيّنا وآله وعليه السلام : يا داود إنّك نِعْم العبد لولا أنّك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئاً. فبكى عليه‌السلام أربعين صباحاً ثمّ ألان الله تعالى له الحديد ، وكان يعمل كلّ يوم درعاً ويبيعه بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستّين درعاً فباعها واستغنى عن بيت المال .. الحديث» (١). وما أرسله في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام : «ليس منّا من ترك دنياه لآخرته ، أو آخرته لدنياه» (٢) ، وأنّ «العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال» (٣).

أخبار طلب العلم

وأمّا الأخبار في طلب العلم وفضله فهي أكثر من أن تذكر ، وأوضح من أن تحتاج إلى الذكر.

ما ذكره في الحدائق في وجه الجمع بينهما

وذكر في الحدائق : أنّ الجمع بينهما بأحد وجهين :

أحدهما وهو الأظهر بين علمائنا ـ : تخصيص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم ، ويقال بوجوب ذلك على‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٢٢ ، الباب ٩ من أبواب مقدّمات التجارة ، الحديث ٣.

(٢) الفقيه ٣ : ١٥٦ ، الحديث ٣٥٦٨ ، والوسائل ١٢ : ٤٩ ، الباب ٢٨ من أبواب مقدّمات التجارة ، الحديث الأوّل.

(٣) الوسائل ١٢ : ١١ ، الباب ٤ من أبواب مقدّمات التجارة ، الحديث ٦.

٣٤٢

كلام الشهيد في وجه الجمع

غير طالب العلم المشتغل بتحصيله (١) واستفادته وتعليمه وإفادته. قال : وبهذا الوجه صرّح الشهيد الثاني رحمه‌الله في رسالته المسمّاة ب «منية المريد في آداب المفيد والمستفيد» حيث قال في جملة شرائط العلم :

وأن يتوكّل على الله ويفوّض أمره إليه ، ولا يعتمد على الأسباب فيوكل إليها (٢) وتكون (٣) وبالاً عليه ، ولا على أحدٍ من خلق الله تعالى ، بل يلقي مقاليد أمره إلى الله تعالى ، يظهر له من نفحات قدسه ولحظات أُنسه ما به يحصل مطلوبه ويصلح به مراده. وقد ورد في الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الله تعالى قد تكفّل لطالب العلم برزقه عمّا ضمنه لغيره» بمعنى : أنّ غيره يحتاج إلى السعي على الرزق حتّى يحصل له ، وطالب العلم لا يُكلَّف بذلك بل بالطلب ، وكفاه مئونة الرزق إن أحسن النيّة ، وأخلص القربة. وعندي في ذلك من الوقائع ما لو جمعته [بلغ (٤)] ما لا يعلمه إلاّ الله من حسن صنع الله تعالى [وجميل معونته منذ (٥)] ما اشتغلت بالعلم ، وهو مبادي عشر الثلاثين وتسعمائة إلى يومنا هذا ، وهو منتصف شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة. وبالجملة ، ليس الخبر كالعيان. وروى شيخنا المقدّم محمّد بن يعقوب الكليني قدس‌سره بإسناده إلى الحسين بن علوان ، قال : كنّا في مجلسٍ نطلب‌

__________________

(١) في «ف» : «المستقلّ بتحصيله» ، وفي سائر النسخ : «المستقل تحصيله» ، وما أثبتناه من المصدر ومصحّحة «ن».

(٢) في النسخ : فيتوكّل عليها ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.

(٣) كذا في «ن» والمصدر ، وفي سائر النسخ : «ويكون» ، وفي بعضها : فيكون.

(٤) من المصدر.

(٥) من المصدر.

٣٤٣

فيه العلم ، وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار ، فقال لي بعض أصحابي : من تؤمّل لما قد نزل بك؟ فقلت : فلاناً ، فقال : إذاً والله لا تسعف بحاجتك ولا تبلغ أملك ولا تنجح طلبتك! قلت : وما عِلمُك رحمك الله؟ قال : إنّ أبا عبد الله عليه‌السلام حدّثني : أنّه قرأ في بعض كتبه : «إنّ الله تبارك وتعالى يقول : وعزّتي وجلالي ومجدي وارتفاعي (١) على عرشي لأقطعنّ أمل كلِّ مؤمّل غيري باليأس ، ولأكسونَّه ثوب المذلّة عند الناس ، ولأُنحينّه من قربي ، ولأُبعّدنّه من وصلى ، أيُؤَمِّلُ غيري في الشدائد والشدائد بيدي؟! ويرجو غيري ويقرع باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلّقة ، وبابي مفتوح لمن دعاني ، فمن ذا الذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟ ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه منّي؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة ، فلم يرضوا بحفظي ، وملأت سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي ، وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي ، فلم يثقوا بقولي. ألم يعلم من طَرَقَتْه نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلاّ مِن بعد إذني ، فما لي أراه لاهياً عنّي؟ أعطيته بجودي ما لم يسألني ، ثمّ انتزعته عنه (٢) فلم يسألني ردّه وسأل غيري ، أفتراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة ثمّ اسأل فلا أُجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخّلني عبدي؟ أوَليس الجود والكرم لي؟ أوَليس العفو والرحمة بيدي؟ أوَليس أنا محلّ الآمال ، فمن يقطعها دوني؟

__________________

(١) كذا في «ص» والحدائق ومنية المريد والكافي ، وفي النسخ : «وارتفاع مكاني».

(٢) في غير «ف» : منه.

٣٤٤

أفلا يخشى (١) المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري؟ فلو أنّ أهل سماواتي وأهل أرضي أمّلوا جميعاً ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرّة ، وكيف ينقص مُلْكٌ أنا قيّمه؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي! ويا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني!» انتهى الحديث الشريف ، وانتهى كلام شيخنا الشهيد رحمه‌الله (٢).

كلام صاحب الحدائق

قال في الحدائق : ويدلّ على ذلك بأصرح دلالة ما رواه في الكافي بإسناده إلى أبي إسحاق السبيعي عمّن حدّثه ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : «أيّها الناس ، إنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، ألا وإنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إنّ المال مقسوم مضمون لكم قد قسّمه عادل بينكم وضمنه لكم ، وسَيَفي لكم ، والعلم مخزون عند أهله ، وقد أُمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه .. الخبر» (٣).

قال : ويؤكّده ما رواه في الكافي بسنده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يقول الله عزّ وجلّ : وعزّتي وجلالي وكبريائي ونوري ، وعظمتي وعُلُوِّي وارتفاع مكاني (٤) لا يؤثر عبد هواي على هواه إلاّ استحفظته ملائكتي ، وكفّلت السماوات والأرضين‌

__________________

(١) كذا في «ف» و «خ» ونسخة بدل بعض النسخ ، وفي سائر النسخ : أفلا يستحي.

(٢) منية المريد : ٦٢ ٦٣ ، وراجع الكافي ٢ : ٦٦ ، الحديث ٧.

(٣) الكافي ١ : ٣٠ ، الحديث ٤.

(٤) في الحدائق والكافي بعد القسم : لا يؤثر عبد هواه على هواي إلاّ شتّتّ عليه أمره ، ولبّست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ، ولم اوته منها إلاّ ما قدّرت له ، وعزّتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوّي وارتفاع مكاني .. إلخ.

٣٤٥

رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر ، فتأتيه الدنيا وهي راغمة (١) (٢). انتهى كلامه (٣).

المناقشة فيما أفاده صاحب الحدائق

وأنت خبير بأنّ ما ذكره من كلام الشهيد رحمه‌الله وما ذكره من الحديث القدسي لا ارتباط له بما ذكر من دفع التنافي بين أدلّة الطرفين ؛ لأنّ ما ذكر (٤) من التوكّل على الله وعدم ربط القلب بغيره (٥) لا ينافي الاشتغال بالاكتساب ؛ ولذا كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى أخيه وزوجته وولديه وذرّيته جامعاً بين أعلى مراتب التوكّل وأشدّ مشاقّ الاكتساب ، وهو الاستقاء لحائط اليهودي (٦) ، وليس الشهيد أيضاً في مقام أنّ طلب العلم أفضل من التكسّب وإن كان أفضل ، بل في مقام أنّ طالب العلم إذا اشتغل بتحصيل العلم فليكن منقطعاً عن الأسباب الظاهرة الموجودة غالباً لطلاّب العلوم من الوظائف المستمرّة‌

__________________

(١) كذا في المصدر ، ولكن في النسخ : «زاعمة» ، وقال المامقاني بعد أن أثبتها بالزاي والعين المهملة ـ : في نسخة من الحدائق وفي الوسائل المصحّحة على خطّ المؤلف «راغمة» بالراء المهملة والعين المعجمة ، ومعنى الكلمة حينئذٍ : «ذليلة منقادة» (غاية الآمال : ٤٧٨).

(٢) في النسخ زيادة : «الحديث» ، والظاهر أنّه لا وجه لها ، لأنّ الحديث مذكور بتمامه ، راجع الكافي ٢ : ٣٣٥ ، الحديث ٢.

(٣) الحدائق ١٨ : ٩ ١٢.

(٤) في «ص» : ما ذكره.

(٥) في غير «ص» ومصحّحة «ن» : لغيره.

(٦) كما نقله ابن أبي الحديد في مقدّمة شرحه لنهج البلاغة ١ : ٢٢ ، وعنه البحار ٤١ : ١٤٤.

٣٤٦

من السلاطين ، والحاصلة من الموقوفات للمدارس وأهل العلم ، والموجودة الحاصلة غالباً للعلماء والمشتغلين من معاشرة السلطان وأتباعه والمراودة مع التجار والأغنياء والعلماء الذين لا ينتفع منهم إلاّ بما في أيديهم من وجوه الزكوات وردّ المظالم والأخماس وشبه ذلك ، كما كان ذلك (١) متعارفاً في ذلك الزمان ، بل في كلّ زمان ، فربما جعل الاشتغال بالعلم بنفسه سبباً للمعيشة من الجهات التي ذكرناها.

وبالجملة ، فلا شهادة فيما ذكر من كلام الشهيد رحمه‌الله من أوّله إلى آخره وما أضاف إليه من الروايات في الجمع المذكور ، أعني : تخصيص أدلّة طلب الحلال بغير طالب العلم.

رأي المصنّف في وجه الجمع

ثمّ إنّه لا إشكال في أنّ كلاّ من طلب العلم وطلب الرزق ينقسم إلى الأحكام الأربعة أو الخمسة.

ولا ريب أنّ المستحبّ من أحدهما لا يزاحم الواجب ، ولا الواجب الكفائي الواجب العيني. ولا إشكال أيضاً في أنّ الأهمّ من الواجبين العينيّين (٢) مقدّم على غيره ؛ وكذا الحكم في الواجبين الكفائيّين مع ظنّ قيام الغير به. وقد يكون كسب الكاسب مقدّمة لاشتغال غيره بالعلم ، فيجب أو يستحبّ مقدّمة.

ما هو المستحبّ من الامرين عند عدم امكان الجمع بينهما

بقي الكلام في المستحبّ من الأمرين عند فرض عدم إمكان الجمع بينهما ، ولا ريب في تفاوت الحكم بالترجيح باختلاف الفوائد المرتّبة على الأمرين.

__________________

(١) لم ترد «ذلك» في غير «ف».

(٢) في غير «ف» : المعينين.

٣٤٧

فربّ من لا يحصل له باشتغاله بالعلم إلاّ شي‌ء قليل لا يترتّب عليه كثير فائدة ، ويترتّب على اشتغاله بالتجارة فوائد كثيرة ، منها : تكفّل أحوال المشتغلين من ماله أو مال أقرانه من التجار المخالطين معه على وجه الصلة أو الصدقة الواجبة والمستحبّة ، فيحصل بذلك ثواب الصدقة وثواب الإعانة الواجبة أو المستحبّة على تحصيل العلم.

وربّ من يحصّل بالاشتغال مرتبةً عاليةً من العلم يُحيي بها فنون علم الدين ، فلا يحصل له من كسبه إلاّ قليل من الرزق ؛ فإنّه لا إشكال في أنّ اشتغاله بالعلم والأكل من وجوه الصدقات أرجح. وما ذكر من حديث داود على نبيّنا وآله وعليه السلام (١) فإنّما هو لعدم مزاحمة اشتغاله بالكسب لشي‌ء من وظائف النبوّة والرياسة العلميّة.

وبالجملة ، فطلب كلٍّ من العلم والرزق إذا لوحظ المستحبّ منهما من حيث النفع العائد إلى نفس الطالب كان طلب العلم أرجح ، وإذا لوحظ من جهة النفع الواصل إلى الغير كان اللازم ملاحظة مقدار النفع الواصل.

فثبت من ذلك كلّه : أنّ تزاحم هذين المستحبّين كتزاحم سائر المستحبّات المتنافية ، كالاشتغال بالاكتساب أو طلب العلم الغير الواجبين مع المسير إلى الحجّ (٢) أو إلى مشاهد الأئمة عليهم‌السلام ، أو مع السعي في قضاء حوائج الإخوان الذي لا يجامع طلب العلم أو المال الحلال ، إلى غير ذلك ، ممّا لا يحصى.

__________________

(١) ذكره في الصفحة ٣٤٢.

(٢) في «ش» كتب فوق «الحجّ» : المستحبّ.

٣٤٨

مسألة

حكم تلقي الركبان تكليفا

لا خلاف في مرجوحيّة تلقّي الركبان بالشروط الآتية ، واختلفوا في حرمته وكراهته ، فعن التقي (١) والقاضي (٢) والحلّي (٣) والعلاّمة في المنتهي (٤) : الحرمة ، وهو المحكي عن ظاهر الدروس (٥) وحواشي المحقّق الثاني (٦).

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف ٥ : ٤٢ ولكن لم نعثر في الكافي إلاّ على هذه العبارة : «ويكره تلقّي الركبان» ، انظر الكافي في الفقه : ٣٦٠.

(٢) حكاه عنه أيضاً العلاّمة في المختلف ، ولكن لم نعثر عليه في ما بأيدينا من كتبه قدس‌سره.

(٣) السرائر ٢ : ٢٣٧.

(٤) المنتهى ٢ : ١٠٠٥.

(٥) حكاه السيّد الطباطبائي في الرياض (الطبعة الحجرية) ١ : ٥٢١ ، وانظر الدروس ٣ : ١٧٩ ، ولكن كلامه صريح في الحرمة كما قاله السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٠٢.

(٦) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٠٢ عن حواشيه الثلاثة.

٣٤٩

وعن الشيخ وابن زهرة : لا يجوز (١). وأوَّلَ في المختلف عبارة الشيخ بالكراهة (٢).

مذهب الاكثر الكراهة

وهي أي الكراهة (٣) مذهب الأكثر ، بل عن إيضاح النافع : أنّ الشيخ ادّعى الإجماع على عدم التحريم (٤). وعن نهاية الإحكام : تلقّي الركبان مكروه عند أكثر علمائنا ، وليس حراماً إجماعاً (٥).

ومستند التحريم ظواهر الأخبار :

الاستدلال على التحريم بظواهر الاخبار

منها : ما عن منهال القصّاب ، قال : «قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا تلقّ (٦) ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن التلقّي. قلت : وما حدّ التلقّي؟ قال : ما دون غدوة أو روحة ، قلت : وكم الغدوة والروحة؟ قال : أربعة فراسخ. قال ابن أبي عمير : وما فوق ذلك فليس بتلقٍّ» (٧).

__________________

(١) حكاه عن الشيخ العلاّمة في المختلف ٥ : ٤٣ ، والسيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٠٢ ، وأمّا عن ابن زهرة فلم نعثر على الحكاية عنه بلفظ «لا يجوز» ، بل حكى السيّد العاملي عنه في مفتاح الكرامة ٤ : ١٠١ بلفظ «نهى». راجع المبسوط ٢ : ١٦٠ ، والخلاف ٣ : ١٧٢ ، كتاب البيوع ، المسألة ٢٨٢ ، والغنية : ٢١٦ ، وفيه : «ونهى عن تلقّي الركبان» كما حكاه السيّد العاملي عنه.

(٢) المختلف ٥ : ٤٣.

(٣) لم ترد «أي الكراهة» في «ف».

(٤) لا يوجد الإيضاح عندنا ، وحكاه عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١٠١.

(٥) نهاية الإحكام ٢ : ٥١٧.

(٦) لم ترد «لا تلقّ» في النسخ ، واستدركت في «ش» و «ص» من المصدر.

(٧) الوسائل ١٢ : ٣٢٦ ، الباب ٣٦ من أبواب آداب التجارة ، الحديث الأوّل.

٣٥٠

وفي خبر عروة : «لا يتلقّى (١) أحدكم تجارةً خارجاً من المصر ، ولا يبيع (٢) حاضرٌ لبادٍ ، والمسلمون يرزق الله بعضَهم من بعضٍ» (٣).

وفي روايةٍ أُخرى : «لا تلقِّ ولا تشترِ ما يتلقّى ولا تأكل منه» (٤).

وظاهر النهي عن الأكل كونه لفساد المعاملة ، فيكون أكلاً بالباطل ، ولم يقل به إلاّ الإسكافي (٥).

وعن ظاهر المنتهي : الاتّفاق على خلافه (٦) ، فتكون الرواية مع ضعفها مخالفة لعمل الأصحاب ، فتقصر عن إفادة الحرمة والفساد.

الاخبار محمولة على الكراهة

نعم لا بأس بحملها على الكراهة لو وجد القول بكراهة الأكل ممّا يُشترى من المتلقّى ، ولا بأس به حسماً لمادّة التلقّي.

وممّا ذكرنا يعلم : أنّ النهي في سائر الأخبار أيضاً محمولٌ على الكراهة ، الموافقة (٧) للأصل مع ضعف الخبر ومخالفته للمشهور.

__________________

(١) في «ن» ونسخة بدل «خ» : لا يتلقّ.

(٢) كذا في «ش» وفي «ن» و «ص» : «ولا يَبع» ، وفي سائر النسخ : ولا بيع.

(٣) أورد صدره في الوسائل ١٢ : ٣٢٦ ، الباب ٣٦ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٥ ، وذيله في الصفحة ٣٢٧ ، الباب ٣٧ من الأبواب ، الحديث الأوّل.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٢٦ ، الباب ٣٦ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٣.

(٥) لا يوجد لدينا كتابه ، نعم حكاه عنه العلاّمة في المختلف ٥ : ٤٤ ، والشهيد في الدروس ٣ : ١٧٩ ، وغيرهما.

(٦) حكاه المحدّث البحراني في الحدائق ١٨ : ٥٨ ، وراجع المنتهي ٢ : ١٠٠٥ ، وفيه : فالبيع صحيح في قول عامّة العلماء.

(٧) في «ش» : لموافقته.

٣٥١

حدّ التلقّي أربعة فراسخ

ثمّ إنّ حدّ التلقّي أربعة فراسخ ، كما في كلام بعض (١). والظاهر أنّ مرادهم خروج الحدّ عن المحدود ؛ لأنّ الظاهر زوال المرجوحيّة إذا كان أربعة فراسخ. وقد تبعوا بذلك مرسلة الفقيه.

هل الحدّ داخلٌ في المحدود أم خارج عنه؟

وروى : «أنّ حدّ التلقّي روحة ، فإذا بلغ إلى أربعة فراسخ فهو جَلب» (٢) ، فإنّ الجمع بين صدرها وذيلها لا يكون إلاّ بإرادة خروج الحدّ عن المحدود. كما أنّ ما في الرواية السابقة : أنّ حدّه «ما دون غدوة أو روحة» (٣) محمولٌ على دخول الحدّ في المحدود.

لكن قال في المنتهي : حدَّ علماؤنا التلقّي بأربعة فراسخ ، فكرهوا التلقّي إلى ذلك الحدّ ، فإن زاد على ذلك كان تجارةً وجلباً ، وهو ظاهرٌ ، لأنّ بمضيّه ورجوعه يكون مسافراً ، ويجب عليه القصر فيكون سفراً حقيقيّا إلى أن قال : ولا نعرف بين علمائنا خلافاً فيه (٤) ، انتهى.

والتعليل بحصول السفر الحقيقي يدلّ على مسامحة في التعبير ، ولعلّ الوجه في التحديد بالأربعة : أنّ الحصول (٥) على الأربعة بلا زيادة ونقيصة نادر ، فلا يصلح أن يكون ضابطاً لرفع الكراهة ؛ إذ لا يقال : إنّه وصل إلى الأربعة إلاّ إذا تجاوز عنها ولو يسيراً.

__________________

(١) نسبه في المنتهي (٢ : ١٠٠٦) إلى علمائنا كما سيأتي عنه ، وقال في الحدائق : «الظاهر أنّه لا خلاف بين أصحابنا» ، وراجع لسائر التعابير مفتاح الكرامة ٤ : ١٠٥.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٧٤ ، الحديث ٣٩٩٠ ، والوسائل ١٢ : ٣٢٧ ، الباب ٣٦ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٦.

(٣) تقدّمت في الصفحة ٣٥٠ ، وهي رواية منهال القصّاب.

(٤) المنتهي ٢ : ١٠٠٦.

(٥) في «ش» : الوصول.

٣٥٢

فالظاهر أنّه لا إشكال في أصل الحكم وإن وقع اختلافٌ في التعبير في النصوص والفتاوى.

اشتراط الكراهة بقصد المعاملة معهم

ثمّ إنّه لا إشكال في اعتبار القصد ؛ إذ بدونه لا يصدق عنوان التلقّي ، فلو تلقّى الركب في طريقه ذاهباً أو جائياً لم يكره المعاملة معهم. وكذا في اعتبار قصد المعاملة من المتلقّى ، فلا يكره لغرضٍ آخر ولو اتّفقت المعاملة.

هل يشترط في الكراهة جهل الركب بسعر البلد؟

قيل : ظاهر التعليل في رواية عروة المتقدّمة (١) اعتبار جهل الركب بسعر البلد (٢).

وفيه : أنّه مبنيٌّ على عدم اختصاص القيد بالحكم الأخير ، فيحتمل أن تكون العلّة في كراهة التلقي مسامحة الركب في الميزان بما لا يتسامح به المتلقي ، أو مظنّة حبس المتلقّين ما اشتروه ، أو ادّخاره عن أعين الناس وبيعه تدريجاً. بخلاف ما إذا أتى الركب وطرحوا أمتعتهم في الخانات والأسواق ، فإنّ له أثراً بيّناً في امتلاء أعين الناس خصوصاً الفقراء وقت الغلاء إذا اتي بالطعام.

عدم الفرق بين الاخذ بصيغة البيع أو الصلح أو غيرهما

وكيف كان ، فاشتراط الكراهة بجهلهم بسعر البلد محلّ مناقشة.

ثمّ إنّه لا فرق بين أخذ المتلقّى بصيغة البيع أو الصلح أو غيرهما. نعم ، لا بأس باستيهابهم ولو بإهداء شي‌ءٍ إليهم.

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة ٣٥١.

(٢) لم نعثر على هذا التعبير بعينه ، نعم قال في المسالك بعد أن ذكر قيد جهل الركب ـ : «كما يشعر به التعليل» ، وقال مثله في الجواهر ، وقال في الحدائق بعد أن ذكر القيد ـ : «أقول : وإليه يشير التعليل في رواية عروة ..» ، انظر المسالك ٣ : ١٨٩ ، والجواهر ٢٢ : ٤٧٣ ، والحدائق ١٨ : ٥٧.

٣٥٣

لو تلقّاهم لمعاملاتٍ غير شراء متاعهم

ولو تلقّاهم لمعاملات أُخر غير شراء متاعهم ، فظاهر الروايات عدم المرجوحيّة.

نعم ، لو جعلنا المناط ما يقرب من قوله عليه‌السلام : «المسلمون يرزق الله بعضهم من بعض» (١) قوي سراية الحكم إلى بيع شي‌ءٍ منهم وإيجارهم المساكن والخانات.

كما أنّه إذا جعلنا المناط في الكراهة كراهة غبن الجاهل ، كما يدلّ عليه النبويّ العاميّ : «لا تلقّوا الجَلَب ، فمن تلقّاه واشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار» (٢) قوي سراية الحكم إلى كلّ معاملة توجب غبنهم ، كالبيع والشراء منهم متلقّياً (٣) ، وشبه ذلك. لكن الأظهر هو الأوّل.

ثبوت الخيار لهم عند الغبن الفاحش

وكيف كان ، فإذا فرض جهلهم بالسعر فثبت (٤) لهم الغبن الفاحش كان لهم الخيار. وقد يحكى عن الحلّي ثبوت الخيار وإن لم يكن غبن (٥) ، ولعلّه لإطلاق (٦) النبويّ المتقدّم المحمول على صورة تبيّنِ الغبن بدخول السوق والاطّلاع على القيمة.

واختلفوا في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي على قولين ، سيجي‌ء ذكر الأقوى منهما في مسألة خيار الغبن إن شاء الله.

__________________

(١) في حديث عروة المتقدّم في الصفحة ٣٥١.

(٢) السنن الكبرى ٥ : ٣٤٨ ، باب النهي عن تلقّي السلع.

(٣) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : متلقّى.

(٤) في غير «ش» : «فيثبت» ، لكن صحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٥) حكاه في الجواهر ٢٢ : ٤٧٤ ، عن ظاهر المحكي عنه ، وراجع السرائر ٢ : ٢٣٨.

(٦) العبارة في غير «ف» و «ش» هكذا : وإن لم يكن غبن كإطلاق .. إلخ.

٣٥٤

مسألة

حكم النجش تكليفاً

يحرم النجش‌ على المشهور ، كما في الحدائق (١) ، بل عن المنتهي وجامع المقاصد : أنّه محرّم (٢) إجماعاً (٣).

لرواية ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الواشمة والمؤتشمة والناجش والمنجوش ملعونون على لسان محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٤).

كلام الصدوق في معنى النجش

وفي النبوي المحكيّ عن معاني الأخبار : «لا تناجشوا ولا تدابروا» ، قال : ومعناه : أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ؛ ليسمع غيره فيزيد بزيادته ، والناجش خائن ، والتدابر : الهجران (٥) ، انتهى كلام الصدوق.

__________________

(١) الحدائق ١٨ : ٤٤.

(٢) في «ف» : يحرم.

(٣) المنتهي ٢ : ١٠٠٤ ، وجامع المقاصد ٤ : ٣٩.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٣٧ ، الباب ٤٩ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٢.

(٥) معاني الأخبار : ٢٨٤ ، والوسائل ١٢ : ٣٣٨ ، الباب ٤٩ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٤.

٣٥٥

والظاهر أنّ المراد بزيادة الناجش : مؤاطاة البائع المنجوش له (١).

__________________

(١) قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط : النجشُ أن تُواطِئَ رجلاً إذا أراد بيعاً أن تمدحه ، أو أن يُريد الإنسان أن يبيع بياعه فتساومه فيها بثمنٍ كثيرٍ لينظر إليك ناظرٌ فيقع فيها .. القاموس المحيط ٢ : ٢٨٩ ، مادّة «نجش».

وقال الجوهري في الصحاح : النَّجْش : أن تزايد في المبيع ليقع غيرك وليس من حاجتك. الصحاح ٣ : ١٠٢١ ، مادّة «نجش».

وقال الفيّومي في المصباح المنير : نجش الرجل نجشاً من باب قتل إذا زاد في سِلعةٍ أكثر من ثمنها وليس قصده أن يشتريها ، بل لِيَغُرَّ غيره فيوقعه فيه ، وكذلك في النكاح وغيره ، والإسم النَّجَشُ. المصباح المنير : ٥٩٤ ، مادّة «نجش».

٣٥٦

إذا دفع إنسان إلى غيره مالاً ليصرفه في قبيل

مسألة إذا دفع إنسان إلى غيره مالاً ليصرفه في قَبيلٍ يكون المدفوع إليه منهم ، ولم يحصل للمدفوع إليه ولاية على ذلك المال من دون الدافع ك‍ : مال الإمام ، أو ردّ المظالم المدفوع إلى الحاكم فله صور :

صور المسألة

١ ـ أن تظهر قرينة على عدم رضاه بالاخذ

إحداها : أن تظهر (١) قرينة على عدم جواز (٢) رضاه بالأخذ منه ، كما إذا عيّن له منه مقداراً قبل الدفع أو بعده. ولا إشكال في عدم الجواز ؛ لحرمة التصرّف في مال الناس على غير الوجه المأذون فيه.

٢ ـ أن تظهر قرينة على جواز الاخذ

الثانية : أن تظهر (٣) قرينة حاليّة أو مقاليّة على جواز أخذه منه مقداراً مساوياً لما يدفع إلى غيره أو أنقص أو أزيد. ولا إشكال في الجواز حينئذٍ.

__________________

(١) في غير «ف» : «يظهر» ، وهذا أيضاً صحيح من باب الإفعال ، والضمير المستتر يرجع إلى الدافع.

(٢) الظاهر زيادة كلمة «جواز» ، ولذا شطب عليها في «ن».

(٣) في غير «ف» : «يظهر» ، وهذا أيضاً صحيح كما تقدّم في الهامش السابق.

٣٥٧

إلاّ أنّه قد يشكل الأمر فيما لو اختلف مقدار المدفوع إلى الأصناف المختلفة ، كأن عيّن للمجتهدين مقداراً ، وللمشتغلين مقداراً ، واعتقده (١) الدافع بعنوان يخالف مُعْتَقَد المدفوع إليه.

والتحقيق هنا : مراعاة معتقد المدفوع إليه إن كان عنوان الصنف على وجه الموضوعيّة ، كأن يقول : ادفع إلى كلّ مشتغل كذا وإلى كلّ مجتهد كذا ، وخذ أنت ما يخصّك. وإن كان على وجه الداعي بأن كان عنوان الصنف داعياً إلى تعيين ذلك المقدار ، كان المتّبع اعتقاد الدافع ؛ لأنّ الداعي إنّما يتفرّع على الاعتقاد لا الواقع.

٣ ـ عدم قرينة على أحد الأمرين

المحكيّ عن جماعة تحريم الاخذ مطلقاً

الثالثة : أن لا تقوم قرينة على أحد الأمرين ، ويطلق المتكلّم. وقد اختلف فيه كلماتهم بل كلمات واحد منهم ، فالمحكيّ عن وكالة المبسوط (٢) وزكاة السرائر (٣) ومكاسب النافع (٤) وكشف الرموز (٥) والمختلف (٦) والتذكرة (٧) وجامع المقاصد (٨) : تحريم الأخذ مطلقاً.

__________________

(١) في «ص» : «واعتقد» ، وعلى فرض صحّة ما أثبتناه من سائر النسخ ، فالضمير راجع إلى «مقدار المدفوع» أو راجع إلى «غيره» المتقدّم في أوّل المسألة.

(٢) المبسوط ٢ : ٤٠٣.

(٣) السرائر ١ : ٤٦٣.

(٤) المختصر النافع : ١١٨.

(٥) كشف الرموز ١ : ٤٤٣ ٤٤٤.

(٦) المختلف ٥ : ٢٤.

(٧) التذكرة ١ : ٥٨٣.

(٨) جامع المقاصد ٤ : ٤٣.

٣٥٨

وعن النهاية (١) ومكاسب السرائر (٢) والشرائع (٣) والتحرير (٤) والإرشاد (٥) والمسالك (٦) والكفاية (٧) : أنّه يجوز له الأخذ منه إن أطلق من دون زيادة على غيره. ونسبه في الدروس إلى الأكثر (٨) ، وفي الحدائق إلى المشهور (٩) ، وفي المسالك : هكذا شرط كلّ من سوّغ له الأخذ (١٠).

وعن نهاية الإحكام (١١) والتنقيح (١٢) والمهذّب البارع (١٣) والمقتصر (١٤) : الاقتصار على نقل القولين.

تفصيل ابن فهد بين لفظة «ضعه» ولفظة «ادفعه»

وعن المهذّب البارع : حكاية التفصيل بالجواز (١٥) إن كانت الصيغة‌

__________________

(١) النهاية : ٣٦٦.

(٢) السرائر ٢ : ٢٢٣.

(٣) الشرائع ٢ : ١٢.

(٤) التحرير ١ : ١٦٢.

(٥) إرشاد الأذهان ١ : ٣٥٨.

(٦) المسالك ٣ : ١٣٨.

(٧) الكفاية : ٨٨.

(٨) الدروس ٣ : ١٧١.

(٩) الحدائق ١٨ : ٢٣٧.

(١٠) المسالك ٣ : ١٣٨.

(١١) نهاية الإحكام ٢ : ٥٢٦.

(١٢) التنقيح الرائع ٢ : ٢٠.

(١٣) المهذّب البارع ٢ : ٣٥٣ ٣٥٤.

(١٤) في غير «ف» : المقنعة ، والصواب ظاهراً ما أثبتناه ، راجع المقتصر : ١٦٥.

(١٥) في غير «ف» و «ش» : «الجواز» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.

٣٥٩

بلفظ «ضعه فيهم» أو ما أدّى معناه ، والمنع إن كانت بلفظ «ادفعه» (١).

تفصيل بعض بين قوله «هو للفقراء» و «أعطه للفقراء»

وعن التنقيح عن بعض الفضلاء : أنّه إن قال : «هو للفقراء» جاز ، وإن قال : «أعطه للفقراء» ، فإن علم فقره لم يجز ؛ إذ لو أراده لخصّه ، وإن لم يعلم جاز (٢).

استدلال القائل بالتحريم

احتجّ القائل بالتحريم مضافاً إلى ظهور اللفظ في مغايرة المأمور بالدفع (٣) للمدفوع إليهم ، المؤيّد بما قالوه فيمن وكّلته امرأة أن يزوّجها من شخصٍ فزوّجها من نفسه ، أو وكّله في شراء شي‌ءٍ فأعطاه من عنده بصحيحة (٤) ابن الحجّاج المسندة في التحرير إلى مولانا الصادق عليه‌السلام وإن أُضمرت في غيره ، قال : «سألته عن رجلٍ أعطاه رجلٌ مالاً ليصرفه في محاويج أو في مساكين ، وهو يحتاج ، أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه هو؟ قال : لا يأخذ شيئاً حتّى يأذن له صاحبه» (٥).

استدلال القائل بالجواز

واحتجّ المجوّزون (٦) : بأنّ العنوان المدفوع إليه شامل له ، والغرض (٧) الدفع إلى هذا العنوان من غير ملاحظة لخصوصيّة الغير ، واللفظ وإن‌

__________________

(١) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١١٠ ، وراجع المهذّب البارع ٢ : ٣٥٣ ٣٥٤.

(٢) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١١٠ ، وراجع التنقيح ٣ : ٢١.

(٣) في غير «ش» : «المأمور الدافع» ، وصحّحت في «خ» بما أثبتناه.

(٤) كذا في «ف» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : مصحّحة.

(٥) الوسائل ١٢ : ٢٠٦ ، الباب ٨٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٣.

(٦) راجع الكتب المنقولة عنها أقوال الفقهاء في الصفحة السابقة.

(٧) في غير «ف» : الفرض.

٣٦٠