كتاب المكاسب - ج ٤

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٤
ISBN: 964-5662-14-1
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٤١٦

الإسلام بعد اليوم ، ولمن لم يخلق بعدُ. فقلنا : أنشتريه من الدهاقين؟ قال : لا يصلح ، إلاّ أن تشتريها منهم على أن تصيّرها للمسلمين ، فإن شاء وليّ الأمر أن يأخذها أخذها. قلت : فإن أخذها منه؟ قال : يردّ عليه رأس ماله ، وله ما أكل من غلّتها بما عمل» (١).

٤ ـ رواية ابن شريح

ورواية ابن شريح : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شراء الأرض من أرض الخراج ، فكرهه و (٢) قال : إنّما أرض الخراج للمسلمين. فقالوا له : فإنّه يشتريها الرجل وعليه خراجها؟ فقال : لا بأس ، إلاّ أن يستحيي من عيب ذلك» (٣).

٥ ـ رواية اسماعيل ابن الفضل

ورواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي‌ ، ففيها : «وسألته عن رجل اشترى أرضاً من أرض الخراج ، فبنى بها أو لم يبنِ ، غير أنّ أُناساً من أهل الذمّة نزلوها ، له أن يأخذ منهم اجرة البيوت إذا أدّوا جزية رؤوسهم؟ قال : يشارطهم ، فما أخذ بعد الشرط فهو حلال (٤)» (٥).

٦ ـ خبر أبي الربيع

وفي خبر أبي الربيع : «لا تشتر من أرض السواد شيئاً ، إلاّ من (٦) كانت له ذمّة فإنّما هي في‌ء للمسلمين» (٧).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٢٧٤ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٤.

(٢) الواو» من «ص» والمصدر.

(٣) الوسائل ١٢ : ٢٧٥ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٩.

(٤) في غير «ش» زيادة : «أخذها» ، ولم ترد في المصادر الحديثية.

(٥) الوسائل ١٢ : ٢٧٥ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ١٠.

(٦) في مصحّحة «ن» : ممّن.

(٧) الوسائل ١٢ : ٢٧٤ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٥.

٢١

إلى غير ذلك .. (١).

ظاهر الأخبار عدم جواز البيع

وظاهره (٢) كما ترى عدم جواز بيعها‌ حتّى تبعاً للآثار المملوكة فيها على أن تكون جزءاً من المبيع ، فيدخل في ملك المشتري.

ثبوت حق الأولوية فيها للمشتري

نعم ، يكون للمشتري على وجه كان للبائع ، أعني مجرّد الأولويّة وعدم جواز مزاحمته إذا كان التصرّف وإحداث تلك الآثار بإذن الإمام عليه‌السلام أو بإجازته ولو لعموم الشيعة ، كما إذا كان التصرّف بتقبيل السلطان الجائر أو بإذن الحاكم الشرعي ، بناءً على عموم ولايته لأُمور المسلمين ونيابته عن الإمام عليه‌السلام.

ظاهر عبارة المبسوط عدم جواز التصرّف فيها مطلقاً

لكن‌ ظاهر عبارة المبسوط إطلاق المنع عن التصرّف فيها ، قال : لا يجوز التصرّف فيها (٣) ببيعٍ ولا شراءٍ ولا هبةٍ ولا معاوضةٍ ، ولا يصحّ أن يبني دوراً ومنازل ومساجد وسقايات ، ولا (٤) غير ذلك من أنواع التصرّف الذي يتبع الملك ، ومتى فعل شيئاً من ذلك كان التصرّف باطلاً ، وهو على حكم الأصل (٥).

ويمكن حمل كلامه على صورة عدم الإذن من الإمام عليه‌السلام حال‌

__________________

(١) راجع الوسائل ١٢ : ٢٧٣ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، و ١٧ : ٣٣٠ ، الباب ٤ من أبواب إحياء الموات.

(٢) كذا في النسخ ، والمناسب : «ظاهرها» ؛ لأنّ الضمير يرجع إلى جميع الأخبار المتقدّمة كما هو ظاهر.

(٣) عبارة «قال : لا يجوز التصرّف فيها» لم ترد في «ش».

(٤) لم ترد «لا» في «ع» و «ش».

(٥) المبسوط ٢ : ٣٤.

٢٢

حضوره. ويحتمل إرادة التصرّف بالبناء على وجه الحيازة والتملّك.

كلام الشهيد في الدروس

وقال في الدروس : لا يجوز التصرّف في المفتوحة عنوة إلاّ بإذن الإمام ، سواء كان بالبيع أو الوقف أو غيرهما. نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك ، وأطلق في المبسوط : أنّ التصرّف فيها لا ينفذ. وقال ابن إدريس : إنّما نبيع ونوقف تحجيرنا (١) وبناءنا وتصرّفنا ، لا نفس الأرض (٢) ، انتهى.

نسبة التفصيل إلى الدروس والمناقشة في النسبة

وقد ينسب إلى الدروس التفصيل بين زماني الغيبة والحضور ، فيجوز التصرّف في الأوّل ولو بالبيع والوقف ، لا في الثاني إلاّ بإذن الإمام عليه‌السلام (٣) ، وكذا إلى جامع المقاصد (٤).

وفي النسبة نظر ، بل الظاهر موافقتهما لفتوى جماعة (٥) : من جواز التصرّف فيه في زمان الغيبة بإحداث الآثار وجواز نقل الأرض تبعاً للآثار ، فيفعل ذلك بالأرض تبعاً للآثار ، والمعنى : أنّها مملوكة ما دام الآثار موجودة.

ظهور كلام الشهيد الثاني في جواز البيع تبعا للآثار

قال في المسالك في شرح قول المحقّق : «ولا يجوز بيعها ولا‌

__________________

(١) في «ف» ، «م» ، «ع» و «ص» : بحجرنا.

(٢) الدروس ٢ : ٤١.

(٣) نسبه إليه المحقّق الثاني في رسالة قاطعة اللجاج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٥٣ ، وانظر الدروس ٢ : ٤١.

(٤) نسبه إليه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٤١ ، وانظر جامع المقاصد ٧ : ١٠.

(٥) منهم الحلّي في السرائر ١ : ٤٧٨ ، والعلاّمة في التذكرة ١ : ٤٦٥ ، وراجع تفصيل الأقوال في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٤٠ ، والجواهر ٢٢ : ٣٤٩.

٢٣

هبتها ولا وقفها» : إنّ المراد : لا يصحّ ذلك في رقبة الأرض مستقلّة ، أمّا (١) فعل ذلك بها تبعاً لآثار التصرّف من بناء وغرس وزرع ونحوها فجائز على الأقوى.

قال : فإذا باعها بائع مع شي‌ء من هذه الآثار دخل في المبيع (٢) على سبيل التبع ، وكذا الوقف وغيره ، ويستمرّ كذلك ما دام شي‌ء من الآثار باقياً ، فإذا ذهبت أجمع انقطع حقّ المشتري والموقوف عليه وغيرهما عنها ، هكذا ذكره جمع ، وعليه العمل (٣) ، انتهى.

ظهور كلام الشيخ الطوسي في جواز بيع نفس الرقبة

نعم ، ربما يظهر من عبارة الشيخ في التهذيب جواز البيع والشراء في نفس الرقبة ، حيث قال :

إن قال قائل : إنّ ما ذكرتموه إنّما دلّ على إباحة التصرّف في هذه الأرضين ، ولا يدلّ على صحّة تملّكها بالشراء والبيع ، ومع عدم صحّتها (٤) لا يصحّ ما يتفرّع عليها (٥).

قلنا : إنّا قد قسّمنا الأرضين على ثلاثة أقسام : أرض أسلم أهلها عليها فهي ملك لهم يتصرّفون فيها ، وأرض تؤخذ عنوة أو يصالح أهلها عليها ، فقد أبحنا شراءَها وبيعها ؛ لأنّ لنا في ذلك قسماً ؛ لأنّها‌

__________________

(١) في «ص» والمصدر زيادة : لو.

(٢) كذا في النسخ ، والصواب : «دخلت في البيع» ، كما في المصدر.

(٣) المسالك ٣ : ٥٦.

(٤) في مصحّحة «ن» : «عدم صحّتهما» ، والصواب : «عدم صحّته» ؛ لرجوع الضمير إلى «التملّك».

(٥) في «ش» ومصحّحة «ن» : عليهما ، والصواب : «عليه» ؛ للسبب المتقدّم.

٢٤

أراضي المسلمين ، وهذا القسم أيضاً يصحّ الشراء والبيع فيه على هذا الوجه. وأمّا الأنفال وما يجري مجراها فلا يصحّ تملّكها بالشراء وإنّما أُبيح لنا التصرّف فيها حسب (١).

ثمّ استدلّ على أراضي الخراج برواية أبي بردة السابقة (٢) الدالّة على جواز بيع آثار التصرّف دون رقبة الأرض. ودليله قرينة على توجيه كلامه.

المتيقن ثبوت حق الاختصاص للمتصرف لا الملك

وكيف كان ، فما ذكروه من حصول الملك تبعاً للآثار ممّا لا دليل عليه إن أرادوا الانتقال. نعم ، المتيقّن هو ثبوت حقّ الاختصاص للمتصرّف ما دام شي‌ء من الآثار موجوداً.

فالذي ينبغي أن يصرف الكلام إليه هو بيان الوجه الذي يجوز التصرّف معه حتّى يثبت حقّ الاختصاص ، فنقول :

توقّف التصرّف على إذن الامام عليه السلام في زمان الحضور

أمّا‌ في زمان الحضور والتمكّن من الاستئذان ، فلا ينبغي الإشكال في توقّف التصرّف على إذن الإمام عليه‌السلام ؛ لأنّه وليّ المسلمين فله نقلها عيناً ومنفعة. ومن الظاهر أنّ كلام الشيخ (٣) المطلق في المنع عن التصرّف محمول على صورة عدم إذن الإمام عليه‌السلام مع حضوره.

حكم التصرّف في زمان الغيبة

وأمّا في زمان الغيبة ، ففي :

عدم جواز التصرّف إلاّ فيما أعطاه السلطان الذي حلّ قبولَ الخراج والمقاسمة منه.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٤٥ ١٤٦ ، ذيل الحديث ٤٠٥.

(٢) راجع التهذيب ٤ : ١٤٦ ، الحديث ٤٠٦ ، والوسائل ١١ : ١١٨ ، الباب ٧١ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث الأوّل ، وتقدّمت في الصفحة ١٩.

(٣) تقدّم نقله عن المبسوط في الصفحة ٢٢.

٢٥

أو جوازه مطلقاً ؛ نظراً إلى عموم ما دلّ على تحليل مطلق الأرض للشيعة (١) ، لا خصوص الموات التي هي مال الإمام عليه‌السلام ، وربما يؤيّده جواز قبول الخراج الذي هو كاجرة الأرض ، فيجوز التصرّف في عينها مجّاناً.

أو عدم جوازه إلاّ بإذن الحاكم الذي هو نائب الإمام عليه‌السلام.

أو التفصيل بين من يستحقّ اجرة هذه الأرض ، فيجوز له التصرّف فيها ؛ لما (٢) يظهر من قوله عليه‌السلام للمخاطب في بعض أخبار حِلِّ الخراج : «وإنّ لك نصيباً في بيت المال» (٣) ، وبين غيره الذي يجب عليه حقّ الأرض ، ولذا أفتى غير واحد على ما حكي (٤) بأنّه لا يجوز حبس الخراج وسرقته عن (٥) السلطان الجائر والامتناع عنه ، واستثنى بعضهم (٦) ما إذا دفعه إلى نائب الإمام عليه‌السلام.

__________________

(١) يدلّ عليه خصوصاً ما في الوسائل ٦ : ٣٨٢ ، الباب ٤ من أبواب الأنفال ، الحديث ١٢ وغيره.

(٢) في «ن» و «خ» ونسخة بدل «ع» : كما.

(٣) الوسائل ١٢ : ١٥٧ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٦.

(٤) حكاه المحقّق الكركي عن كثير ممّن عاصره ، في قاطعة اللجاج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٨٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ٣ : ٥٥ ٥٦ عن الأصحاب ، وانظر المناهل : ٣١٢ ، التنبيه السادس عشر ، وراجع تفصيل ذلك في المكاسب ٢ : ٢١٤ وما بعدها.

(٥) كذا في «ف» و «خ» ونسخة بدل «ش» ، وفي سائر النسخ : على.

(٦) راجع الرياض (الطبعة الحجرية) ١ : ٤٩٦ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ٢٤٥ ، والمناهل : ٣١٣ ، والجواهر ٢٢ : ١٩٤ ١٩٥.

٢٦

أو بين ما عرض له الموت من الأرض المحياة حال الفتح ، وبين الباقية على عمارتها من حين الفتح فيجوز إحياء الأوّل ؛ لعموم أدلّة الإحياء (١) وخصوص رواية سليمان بن خالد (٢) ونحوها.

الأوفق بالقواعد عدم جواز التصرّف إلّا بإذن الحاكم

وجوه ، أوفقها بالقواعد الاحتمال الثالث ، ثمّ الرابع ، ثمّ الخامس.

حكم ما ينفصل من المفتوح عنوة

وممّا ذكرنا يعلم حال ما ينفصل من المفتوح عنوة ، كأوراق الأشجار وأثمارها ، وأخشاب الأبنية والسقوف الواقعة ، والطين المأخوذ من سطح الأرض ، والجَصّ والحجارة ونحو ذلك ، فإنّ مقتضى القاعدة كون ما يحدث بعد الفتح من الأُمور المنقولة ملكاً للمسلمين ؛ ولذا صرّح جماعة ، كالعلاّمة (٣) والشهيد (٤) والمحقّق الثاني (٥) وغيرهم (٦) على ما حكي عنهم بتقييد جواز رهن أبنية الأرض المفتوحة عنوة بما (٧) إذا لم تكن الآلات من تراب الأرض. نعم الموجودة فيها حال الفتح للمقاتلين ؛ لأنّه ممّا ينقل.

وحينئذٍ ، فمقتضى القاعدة : عدم صحّة أخذها إلاّ من السلطان الجائر أو من حاكم الشرع ، مع إمكان أن يقال : لا مدخل لسلطان‌

__________________

(١) الوسائل ١٧ : ٣٢٦ ، الباب الأوّل من أبواب إحياء الموات.

(٢) الوسائل ١٧ : ٣٢٦ ، الباب الأوّل من أبواب إحياء الموات ، الحديث ٢.

(٣) التذكرة ٢ : ١٧.

(٤) حكاه عن الدروس وجامع المقاصد السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٥ : ٨٢ ، لكن لم نعثر عليه فيهما.

(٥) حكاه عن الدروس وجامع المقاصد السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٥ : ٨٢ ، لكن لم نعثر عليه فيهما.

(٦) كالمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٩ : ١٤٥.

(٧) لم ترد «بما» في غير «ش» ، ولكنّها استدركت في أكثر النسخ.

٢٧

الجور ؛ لأنّ القدر المأذون في تناوله منه منفعة الأرض ، لا أجزاؤها ، إلاّ أن يكون الأخذ على وجه الانتفاع لا التملّك ، فيجوز.

ويحتمل كون ذلك بحكم المباحات ؛ لعموم «من سبق إلى ما لم يسبقه (١) إليه مسلم فهو أحقّ به» (٢). ويؤيّده ، بل يدلّ عليه : استمرار السيرة خلفاً عن سلف على بيع الأُمور المعمولة (٣) من تربة أرض العراق من الآجر والكوز والأواني وما عمل (٤) من التربة الحسينية ، ويقوى هذا الاحتمال بعد انفصال هذه الأجزاء من الأرض.

__________________

(١) كذا في «ف» والمصدر ، وفي سائر النسخ : لم يسبق.

(٢) عوالي اللآلي ٣ : ٤٨٠ ، الحديث ٤ ، وعنه المستدرك ١٧ : ١١٢ ، الباب الأوّل من أبواب إحياء الموات ، الحديث ٤.

(٣) في «ف» : المنقولة.

(٤) في «ف» : نقل.

٢٨

[مسألة]

[من شروط العوضين : كونه طِلْقاً] (١)

واعلم أنّه ذكر الفاضلان (٢) وجمع ممّن تأخّر عنهما (٣) في شروط العوضين بعد الملكية : كونه طِلْقاً. وفرّعوا عليه : عدم جواز بيع الوقف إلاّ فيما استثني ، ولا الرهن إلاّ بإذن المرتهن أو إجازته ، ولا أُمّ الولد إلاّ في المواضع المستثناة.

المراد من «الطلْق»

والمراد ب «الطلْق» تمام السلطنة على الملك‌ بحيث يكون للمالك أن يفعل بملكه ما شاء ، ويكون مطلق العنان في ذلك.

مرجع هذا الشرط

لكن هذا المعنى في الحقيقة راجع إلى كون الملك ممّا يستقلّ المالك بنقله ويكون نقله ماضياً فيه ؛ لعدم تعلّق حقٍّ به مانعٍ عن نقله‌

__________________

(١) العنوان منّا.

(٢) الشرائع ٢ : ١٧ ، القواعد ١ : ١٢٦ ، وفيه : ويشترط في الملك التمامية.

(٣) منهم الشهيدان في اللمعة وشرحها (الروضة البهيّة) ٣ : ٢٥٣ ، والمحقّق السبزواري في الكفاية : ٨٩ ، والمحدّث البحراني في الحدائق ١٨ : ٤٣٨.

٢٩

عدم كون هذا العنوان في نفسه شرطاً

بدون إذن ذي الحقّ ، فمرجعه (١) إلى : أنّ من شرط البيع أن يكون متعلّقه ممّا يصحّ للمالك بيعه مستقلا ، وهذا ممّا (٢) لا محصّل له ، فالظاهر أنّ هذا العنوان ليس في نفسه شرطاً ليتفرّع عليه عدم جواز بيع الوقف والمرهون وأُمّ الولد ، بل الشرط في الحقيقة انتفاء كلٍّ من تلك الحقوق الخاصّة وغيرها ممّا ثبت منعه عن تصرّف المالك كالنذر والخيار ونحوهما وهذا العنوان منتزع من انتفاء تلك الحقوق.

فمعنى «الطلْق» : أن يكون المالك مطلق العنان في نقله غير محبوس عليه لأحد الحقوق التي ثبت منعها للمالك عن التصرّف في ملكه ، فالتعبير بهذا المفهوم (٣) المنتزع تمهيد لذكر الحقوق المانعة عن التصرّف ، لا تأسيس لشرط ليكون ما بعده فروعاً ، بل الأمر في الفرعيّة والأصالة بالعكس.

الحقوق المانعة عن تصرف المالك في ملكه

ثمّ إنّ أكثر من تعرّض لهذا الشرط لم يذكر من الحقوق إلاّ الثلاثة المذكورة ، ثمّ عنونوا حقّ الجاني (٤) واختلفوا في حكم بيعه.

وظاهرٌ أنّ الحقوق المانعة أكثر من هذه الثلاثة أو الأربعة ، وقد أنهاها بعض من عاصرناه (٥) إلى أزيد من عشرين ، فذكر بعد الأربعة‌

__________________

(١) في غير «ف» : «لمرجعه» ، وفي مصحّحة «ص» : «ومرجعه» ، وصُحّحت في «ن» بما أثبتناه.

(٢) كلمة «ممّا» من «ف».

(٣) في «ف» : العموم.

(٤) أي الحقّ المتعلّق بالعبد الجاني ، وقد أُضيف الحقّ إلى من عليه الحقّ.

(٥) هو المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٣٩ ٢١٢.

٣٠

المذكورة في عبارة الأكثر ـ : النذر المتعلّق بالعين قبل البيع ، والخيارَ المتعلّق به ، والارتدادَ ، والحلفَ على عدم بيعه ، وتعيينَ الهدي للذبح ، واشتراطَ عتق العبد في عقدٍ لازم ، والكتابة المشروطة أو المطلقة بالنسبة إلى ما لم يتحرّر منه ؛ حيث إنّ المولى ممنوع عن التصرّف بإخراجه عن ملكه قبل الأداء ، والتدبير المعلَّق على موت غير المولى ، بناءً على جواز ذلك ، فإذا مات المولى ولم يمت من عُلِّق عليه العتق كان مملوكاً للورثة ممنوعاً من التصرّف فيه ، وتعلّقَ حقّ الموصى له بالموصى به بعد موت الموصي وقبل قبوله ، بناءً على منع الوارث من التصرّف قبله (١) ، وتعلّقَ حقّ الشفعة بالمال ؛ فإنّه مانع من لزوم التصرّفات الواقعة من المالك ، فللشفيع بعد الأخذ بالشفعة إبطالها ، وتغذيةَ الولد المملوك بنطفة سيّده فيما إذا اشترى أمةً حُبلى فوطأها فأتت بالولد ، بناءً على عدم (٢) جواز بيعها (٣) ، وكونَه مملوكاً ولد (٤) من حرّ شريك في أُمّة (٥) حال الوطء ، فإنّه مملوك له ، لكن ليس له التصرّف فيه إلاّ بتقويمه وأخذ قيمته ،

__________________

(١) كذا في «ف» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : فيه ، والأولى الجمع بينهما كما في المصدر.

(٢) كلمة «عدم» من «ش» ، ولم ترد في سائر النسخ ، ولم يثبتها المامقاني في شرحه غاية الآمال ، انظر غاية الآمال : ٤٣٠.

(٣) كذا في النسخ ، والظاهر : «بيعه» ، كما في مصحّحة «خ».

(٤) كذا صحّح في «ن» ، وفي أكثر النسخ : ولو.

(٥) عبارة «في امّه» من «ش».

٣١

وتعارضَ السبب المملِّك والمزيل للملك ، كما (١) لو قَهَرَ حربيٌّ أباه (٢) ، والغنيمةَ قبل القسمة ، بناءً على حصول الملك بمجرّد الاستيلاء دون القسمة ؛ لاستحالة بقاء الملك بلا مالك. وغيرَ ذلك ممّا سيقف عليه المتتبّع ، لكنّا نقتصر على ما اقتصر عليه الأصحاب من ذكر الوقف ، ثمّ أُمّ الولد ، ثمّ الرهن ، ثمّ الجناية ، إن شاء الله.

__________________

(١) في «ف» : فيما.

(٢) في بعض النسخ : «إيّاه» ، وهو تصحيف.

٣٢

مسألة

لا يجوز بيع الوقف إجماعاً محقّقاً في الجملة ومحكيّاً‌ (١).

عدم جواز بيع الوقف والاستدلال عليه

ولعموم قوله عليه‌السلام : «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» (٢).

ورواية أبي علي بن راشد ، قال : «سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، قلت : جعلت فداك إنّي اشتريت أرضاً إلى جنب ضيعتي فلمّا عمّرتها خُبِّرت أنّها (٣) وقف. فقال : لا يجوز شراء الوقف ، ولا تدخل الغلّة في ملكك ، ادفعها إلى مَن (٤) أُوقفت عليه. قلت : لا أعرف لها ربّاً. قال : تصدّق بغلّتها» (٥).

__________________

(١) راجع الانتصار : ٢٢٦ ، والسرائر ٣ : ١٥٣ ، والمسالك ٥ : ٣٩٩ ، والمستند ٢ : ٣٧١.

(٢) الوسائل ١٣ : ٢٩٥ ، الباب ٢ من أبواب أحكام الوقوف ، الحديث ٢ ، بتفاوت يسير.

(٣) كذا في النسخ ، والموجود في الكافي والوسائل : «اشتريت أرضاً إلى جنب ضيعتي بألفي درهم ، فلمّا وفّيت المال خبّرت أنّ الأرض ..».

(٤) كذا في الكافي والوسائل و «ف» و «ص» ونسخة بدل «ن» ، وفي سائر النسخ : ما.

(٥) الوسائل ١٣ : ٣٠٣ ، الباب ٦ من أحكام الوقوف والصدقات ، الحديث الأوّل ، وانظر الكافي ٧ : ٣٧.

٣٣

صورة وقف أمير المؤمنين عليه‌السلام

وما ورد من حكاية وقف أمير المؤمنين عليه‌السلام وغيره من الأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين ، مثل : ما عن ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في صورة وقف أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ : «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تصدّق به عليّ بن أبي طالب وهو حيٌّ سويٌّ : تصدّق بداره التي في بني زُريق ، صدقةً لا تباع ولا توهب حتّى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض ، وأسكن فلاناً هذه الصدقة ما عاش وعاش عقبه (١) ، فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين .. الخبر (٢)» (٣). فإنّ الظاهر من الوصف كونها صفة لنوع الصدقة لا لشخصها ، ويبعد كونها شرطاً خارجاً عن (٤) النوع مأخوذاً في الشخص ، مع أنّ سياق الاشتراط يقتضي تأخّره عن ركن العقد ، أعني الموقوف عليهم ، خصوصاً مع كونه اشتراطاً عليهم.

مع أنّه لو جاز البيع في بعض الأحيان كان اشتراط عدمه على الإطلاق فاسداً ، بل مفسداً ؛ لمخالفته للمشروع من جواز بيعه في بعض‌

__________________

(١) في الفقيه والتهذيب والوسائل : «وأسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن وعاش عقبهن» ، وكلمة «فلاناً» إنّما وردت في الاستبصار ، ولفظه ما يلي : وأنّه قد أسكن صدقته هذه فلاناً وعقبه ، فإذا انقرضوا ..

(٢) في الفقيه زيادة : «وشهد الله ..» ، ولعلّ كلمة : «الخبر» بالنظر إلى تتمّة في الحديث على بعض النسخ.

(٣) الوسائل ١٣ : ٣٠٤ ، الباب ٦ من أبواب الوقوف والصدقات ، الحديث ٤ ، وانظر الكافي ٧ : ٣٩ ، الحديث ٤٠ ، والفقيه ٤ : ٢٤٨ ، الحديث ٥٥٨٨ ، والتهذيب ٩ : ١٣١ ، الحديث ٥٥٨ ، والاستبصار ٤ : ٩٨ ، الحديث ٣٨٠.

(٤) في «ف» : من.

٣٤

الموارد : كدفع الفساد بين الموقوف عليهم أو رفعه ، أو طروء الحاجة ، أو صيرورته ممّا لا ينتفع به أصلاً.

إلاّ أن يقال : إنّ هذا الإطلاق نظير الإطلاق المتقدّم في رواية ابن راشد في انصرافه إلى البيع لا لعذر ، مع أنّ هذا التقييد ممّا لا بدّ منه على تقدير كون الصفة فصلاً للنوع أو شرطاً خارجيّاً.

مع احتمال علم الإمام عليه‌السلام بعدم طروء هذه الأُمور المبيحة ، وحينئذٍ يصحّ أن يستغنى بذلك عن التقييد على تقدير كون الصفة شرطاً ، بخلاف ما لو جعل وصفاً داخلاً في النوع ؛ فإنّ العلم بعدم طروء مسوّغات البيع في الشخص لا يغني عن تقييد إطلاق الوصف في النوع ، كما لا يخفى.

فظهر : أنّ التمسّك بإطلاق المنع عن البيع على كون الوصف داخلاً في أصل الوقف كما صدر عن بعض من عاصرناه (١) لا يخلو عن نظر ، وإن كان الإنصاف ما ذكرنا : من ظهور سياق الأوصاف في كونها أوصافاً للنوع.

المانع عن بيع الوقف أُمور ثلاثة

وممّا ذكرنا ظهر‌ أنّ المانع عن بيع الوقف أُمور ثلاثة :

حقّ الواقف ، حيث جعلها بمقتضى صيغة الوقف صدقة جارية ينتفع بها.

وحقّ البطون المتأخّرة عن بطن البائع‌ (٢).

__________________

(١) هو المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٤٤.

(٢) كذا في أكثر النسخ ، وفي «ف» و «خ» : «البطن السابق» ، والصواب : البطن البائع.

٣٥

والتعبّد الشرعي المكشوف عنه بالروايات ؛ فإنّ الوقف متعلّق لحقّ الله ؛ حيث يعتبر فيه التقرّب ويكون لله تعالى عمله وعليه عوضه.

وقد يرتفع بعض هذه الموانع فيبقى الباقي ، وقد يرتفع كلّها ، وسيجي‌ء التفصيل.

هل الوقف يبطل بنفس البيع أو بجوازه

ثمّ إنّ جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف إلى أن يباع ، فالوقف يبطل بنفس البيع لا بجوازه ، فمعنى جواز بيع العين الموقوفة : جواز إبطال وقفها إلى بدل أو لا إليه ؛ فإنّ مدلول صيغة الوقف وإن أُخذ فيه الدوام والمنع عن المعاوضة عليه ، إلاّ أنّه قد يعرض ما يجوِّز مخالفة هذا الإنشاء ، كما أنّ مقتضى العقد الجائز كالهبة تمليك المتّهَب المقتضي لتسلّطه المنافي لجواز انتزاعه من يده ، ومع ذلك يجوز مخالفته وقطع سلطنته عنه ، فتأمّل.

كلام صاحب الجواهر في أن الوقف يبطل بمجرد جواز البيع

كلام كاشف الغطاء في ذلك أيضاً

إلاّ أنّه ذكر بعضٌ في هذا المقام : أنّ الذي يقوى في النظر بعد إمعانه : أنّ الوقف ما دام وقفاً لا يجوز بيعه ، بل لعلّ جواز بيعه مع كونه وقفاً من التضادّ. نعم ، إذا بطل الوقف اتّجه حينئذٍ جواز بيعه ، ثمّ ذكر بعض مبطلات الوقف المسوّغة لبيعه (١). وقد سبقه إلى ذلك بعض الأساطين في شرحه على القواعد ، حيث استدلّ على المنع عن بيع الوقف بعد النصّ والإجماع ، بل الضرورة ـ : بأنّ البيع وأضرابه ينافي حقيقة الوقف ؛ لأخذ الدوام فيه ، وأنّ نفي المعاوضات مأخوذ فيه ابتداءً (٢).

__________________

(١) الجواهر ٢٢ : ٣٥٨.

(٢) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٨٥.

٣٦

المناقشة فيما أفاده صاحب الجواهر وكاشف الغطاء

وفيه : أنّه إن أُريد من بطلانه انتفاء بعض آثاره وهو جواز البيع المسبَّب عن سقوط حقّ الموقوف عليهم عن شخص العين أو عنها وعن بدلها ، حيث قلنا بكون الثمن للبطن الذي يبيع فهذا لا محصَّل له ، فضلاً عن أن يحتاج إلى نظر ، فضلاً عن إمعانه.

وإن أُريد به انتفاء أصل الوقف كما هو ظاهر كلامه حيث جعل المنع من البيع من مقوّمات مفهوم الوقف ، ففيه مع كونه خلاف الإجماع ؛ إذ لم يقل أحد ممّن أجاز بيع الوقف في بعض الموارد ببطلان الوقف وخروج الموقوف عن ملك الموقوف عليه إلى ملك الواقف ـ : أنّ المنع عن البيع ليس مأخوذاً في مفهومه ، بل هو في غير المساجد وشبهها قسم من التمليك ؛ ولذا يطلق عليه الصدقة (١) ، ويجوز إيجابه بلفظ «تصدّقت» ، إلاّ أنّ المالك له بطون متلاحقة ، فإذا جاز بيعه مع الإبدال كان البائع وليّاً عن جميع الملاّك في إبدال مالهم بمالٍ آخر ، وإذا جاز لا معه كما إذا بيع لضرورة البطن الموجود على القول بجوازه فقد جعل الشارع لهم حقّ إبطال الوقف ببيعه لأنفسهم ، فإذا لم يبيعوا لم يبطل ؛ ولذا (٢) لو فرض اندفاع الضرورة بعد الحكم بجواز البيع أو لم يتّفق البيع ، كان الوقف على حاله ؛ ولذا صرّح في جامع المقاصد بعدم جواز رهن الوقف وإن بلغ حدّا يجوز بيعه ؛ معلّلاً باحتمال طروّ اليسار للموقوف عليهم عند إرادة بيعه في دَين المرتهن (٣).

__________________

(١) انظر الوسائل ١٣ : ٢٩٢ ، الباب الأوّل من أبواب أحكام الوقوف.

(٢) في «خ» ، «ع» و «ص» ومصحّحة «م» : وكذا.

(٣) جامع المقاصد ٥ : ٥١.

٣٧

[الأقوال في الخروج عن عموم منع بيع الوقف] (١)

الأقوال في بيع الوقف

إذا عرفت (٢) أنّ مقتضى العمومات (٣) في الوقف عدم جواز البيع ، فاعلم أنّ لأصحابنا في الخروج عن عموم المنع في الجملة أقوالاً :

القول الأوّل : المنع مطلقاً

كلام ابن إدريس

أحدها : عدم الخروج عنه أصلاً ، وهو الظاهر من كلام الحلّي ، حيث قال في السرائر بعد نقل كلام المفيد قدس‌سره ـ : والذي يقتضيه مذهبنا أنّه بعد وقفه وتقبيضه (٤) لا يجوز الرجوع فيه ، ولا تغييره عن وجوهه وسُبُله ، ولا بيعه ، سواء كان بيعه أدرّ (٥) عليهم أم لا ، وسواء خرب الوقف ولا يوجد من يراعيه بعمارة من سلطان وغيره ، أو يحصل بحيث لا يجدي نفعاً ، أم لا (٦).

قال الشهيد رحمه‌الله بعد نقل أقوال المجوّزين ـ : وابن إدريس سدَّ الباب ، وهو نادر مع قوّته (٧).

__________________

(١) العنوان منّا.

(٢) وقع تقديم وتأخير في نسخة «ف» بين «إذا عرفت ..» هنا ، وقوله : «إذا عرفت» الآتي في الصفحة ٥٣.

(٣) المتقدّمة في الصفحة ٣٣ ٣٤.

(٤) كذا في المصدر و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : قبضه.

(٥) كذا في المصدر و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي «ص» ونسخة بدل أكثر النسخ : «أعود» ، وفي سائر النسخ : أردّ.

(٦) السرائر ٣ : ١٥٣.

(٧) الدروس ٢ : ٢٧٩.

٣٨

وقد ادّعى في السرائر عدم الخلاف في المؤبَّد ، قال : إنّ الخلاف الذي حكيناه بين أصحابنا إنّما هو إذا كان الوقف على قوم مخصوصين وليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى غيرهم ، وأمّا إذا كان الوقف على قوم ومِن بعدهم على غيرهم وكان الواقف قد اشترط رجوعه إلى غيره إلى أن يرث الله الأرض ، لم يجز بيعه على وجهٍ ، بغير خلاف بين أصحابنا (١) ، انتهى.

وفيه نظر يظهر ممّا سيأتي من ظهور أقوال كثيرٍ من المجوّزين في المؤبّد.

وحكي المنع مطلقاً عن الإسكافي (٢) وفخر الإسلام (٣) أيضاً إلاّ في آلات الموقوف (٤) وأجزائه التي انحصر طريق الانتفاع بها في البيع.

كلام ابن الجنيد

قال الإسكافي فيما (٥) حكى عنه في المختلف ـ : إنّ الموقوف (٦) رقيقاً أو غيره لو بلغ حاله إلى زوال ما سبّله من منفعته فلا بأس ببيعه وإبدال مكانه بثمنه إن أمكن ، أو صرفه فيما كان يصرف (٧) إليه منفعته ، أو ردّ ثمنه على منافع ما بقي من أصل ما حبس معه إذا كان‌

__________________

(١) السرائر ٣ : ١٥٣.

(٢) حكاه عنه العلاّمة في المختلف ٦ : ٢٨٧.

(٣) حكاه عنه وعن الإسكافي بهذه العبارة المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٤٠.

(٤) كذا في مصحّحة «ن» ، وفي «ش» : «لموقوف» ، وفي سائر النسخ : الوقوف.

(٥) في «ش» ومصحّحة «ن» : على ما.

(٦) في غير «ش» زيادة : «عليه» ، وشطب عليها في «خ» و «ص» ، واستظهر مصحّح «ن» أن تكون تصحيفاً عن : «عينه».

(٧) في غير «ش» : «ينصرف» ، لكن صحّحت في «ن» و «ص» بما أثبتناه.

٣٩

في ذلك صلاح (١) ، انتهى.

كلام فخر الدين

وقال فخر الدين في الإيضاح في شرح قول والده قدس‌سرهما : «ولو خَلِقَ حصير المسجد ، وخرج عن الانتفاع به ، أو انكسر الجذع بحيث لا ينتفع به في غير الإحراق ، فالأقرب جواز بيعه» ، قال بعد احتمال المنع ، بعموم النصّ في المنع ـ :

والأصحّ عندي جواز بيعه وصرف ثمنه في المماثل إن أمكن ، وإلاّ ففي غيره (٢) ، انتهى.

القول الثاني : الجواز في الوقف المنقطع في الجملة دون المؤبّد

ونسبة المنع إليهما على الإطلاق لا بدّ أن تُبنى على خروج مثل هذا عن محلّ الخلاف ، وسيظهر هذا من عبارة الحلبي في الكافي أيضاً ، فلاحظ (٣).

كلام القاضي ابن البرّأج قدّس سرّه

الثاني الخروج عن عموم المنع في المنقطع في الجملة‌ (٤) خاصّة دون المؤبّد ، وهو المحكيّ عن القاضي ، حيث قال في محكيّ المهذّب : إذا كان الشي‌ء وقفاً على قوم ومن بعدهم على (٥) غيرهم وكان الواقف قد‌

__________________

(١) المختلف ٦ : ٣١٦.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٤٠٧.

(٣) قال المامقاني قدس‌سره : «ظاهر هذا الكلام هو أنّه يذكر عبارته فيما يأتي ، ولكن لم يذكرها ، والظاهر أنّه بدا له حيث وصل إلى محلّ ذكرها» (غاية الآمال : ٤٣٨) ، وقال الشهيدي قدس‌سره أيضاً : «ولم يذكرها المصنّف فيما بعد» (هداية الطالب : ٣٤٨).

(٤) كذا في النسخ ، والأولى تقديم «في الجملة» على «في المنقطع» كما في مصحّحة «خ».

(٥) كذا في المصدر ومصحّحة «ص» ، وفي النسخ : إلى.

٤٠